- الأحد يونيو 05, 2011 6:25 pm
#38558
مما لاشك فيه أن لوحدة الكلمة أهمية كبرى في تسيير أمور الأمة. والدول المختلفة تتفاخر فيما بينها بقوة الوحدة الوطنية وحرص جميع المواطنين على المصلحة العليا للوطن ومقدراته واستعدادهم للدفاع عنه بكل ما أوتوا من قوة ويدخل في ذلك الالتزام بالنظام في الأقوال والأفعال، فكلما كان هناك انسجام وتناغم بينهما كلما دل ذلك على وعي وإدراك فلا يقال شيء ويفعل شيء آخر حيث ان ذلك ممقوت جملة وتفصيلاً وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك في قوله {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} لذلك فإن دين الإسلام حرص في كل أركانه وسننه وتشريعاته على التناغم والانسجام وقد أثبت المسلمون أنهم أمة حضارة وتقدم خلال المراحل المختلفة لتكوين الدولة الإسلامية ولم يضعفوا إلا عندما تفرقوا وأخذوا بالمنافسة غير الشريفة وشقوا عصى الطاعة على مركز الخلافة حيث تفرقوا فسهل أمرهم على عدوهم.
وعلى أية حال فإن الجميع يعرف أن الإسلام دين ودولة وهذا يعني أن الإسلام لم يقتصر فقط على بيان ما هو ديني بالمفهوم الضيق وإنما شمل إلى جانب ذلك كل ما يتعلق بأوجه التعامل بين الأشخاص العاديين وكذلك بين الكيانات القانونية الدولية والتي يمثل القانون الدولي والعلاقات الدولية والدبلوماسية أبرز وأهم ملامحها أي ان الإسلام ليس مجرد ديانة تقتصر على بيان حقوق وواجبات العباد تجاه الله سبحانه وتعالى وحقوقه تجاههم وإنما بالاضافة إلى ذلك بين أسس وقواعد التعامل في المجتمع سواء على النطاق الداخلي أو في اطار المجتمع الدولي وفي مقدمة ذلك العلاقات الدبلوماسية لذلك يؤكد كثير ممن كتب عن الدبلوماسية في الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم سلك من ضروب السياسة ما يهيئ له أسباب النجاح، ولا يترك أموره تجرى كيف تشاء بل تخير لها السبل والأسباب حتى يصل إلى الغاية التي يقصدها من أقرب طريق كما أنه لا يترك نفسه للأحداث تصرفه وتأخذه قبل أن يأخذها. ولذلك فإن منهج الدبلوماسية الإسلامية تعنى بذل الوسع في استخدام مختلف الكفاءات لمعالجة الأمور الطارئة بالوسائل السلمية استخداماً يهدف إلى نشر الدعوة في العالم شريطة أن يكون هذا الاستخدام في نطاق الأخلاق والمثل الإسلامية العليا وليس من خلال الأسلوب الغاشم والتخريب والإرهاب الذي يعود على صاحبه وأهله وأمته بالضرر خصوصاً إذا كان هو الطرف الأضعف وتجدر الاشارة هنا إلى أن القرآن لم يتطرق لكل المسائل الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية بالتفصيل بل بين القواعد العامة الواجبة التطبيق تاركاً التفصيلات والجزئيات للنبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأئمة المسلمين وعلمائهم حيث يسيرون الأمور حسب الظروف والامكانات في حدود الخطوط والمبادئ العامة وبما لا يتعارض معها وهذا من معجزات الشريعة الإسلامية التي رشحتها بإذن الله للخلود.
لذلك فإننا إذا قارنا الإسلام الذي ظهر في القرن السابع الميلادي أي منذ أكثر من أربعة عشر قرناً وقواعده وتشريعاته بالقواعد القانونية التي تحكم العلاقات الدولية المعاصرة والتي لم تتبلور بصورة جلية إلا في بداية القرن العشرين خصوصاً في النصف الثاني منه فإننا سنجد أنه رغم الفارق الزمني الكبير الذي يفصل بين كل من النظامين فإن الإسلام قد سبق إلى سن القواعد والمعاملات التي تحكم بين الأفراد والدول بصورة تجعلنا نجزم أن كل شيء جميل ومدون في القانون الدولي تم اقتباسه من قواعد الإسلام واحكامه مما يشير إلى عمومية القواعد التي قررها الإسلام وكذلك مرونة الإسلام ونظامه الشرعي على مر العصور والأزمان لذلك فإن الإسلام وهو المنهج الرباني للبشر قد وضع أسس المعاملات الدولية في القرن السابع الميلادي (الأول الهجري) عندما كان العالم يغط في سبات عميق وجهل مظلم.
أما القانون الدولي الحديث وكل ما تفرع عنه من منظمات دولية لا يعدو أن يكون أدوات تختفي وراءها بعض الأطماع الدولية وكان سبب إنشائها في المقام الأول المنازعات بين قوى متكافئة. إلا أنه كلما اختل ذلك التكافؤ نجد أن القوانين الدولية والمنظمات الدولية لم يعد لعملها وقراراتها قيمة تذكر وخير مثال على ذلك وجود دولة إسرائيل وعربدتها وكذلك انفراد قطب واحد في الهيمنة والسطوة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي القطب المنافس والأمثلة في هذا المجال عديدة.
وعلى أية حال فإن الدبلوماسية الإسلامية تعتمد على مجموعة من المبادئ والأطر التي تنتهجها والتي من أهمها مبدأ التراضي ومبدأ عدم التمييز والمعاملة بالمثل ومبدأ حرية الاتصال فيما يتعلق بالأغراض الرسمية ومبدأ احترام القانون الدولي وقوانين الدولة المضيفة ومبدأ حسن النية وعدم الخيانة للطرف الآخر وعدم موالاة الأعداء، والعدالة، وضرورة الوفاء بالعهد واحترام عادات وتقاليد الدولة المعتمد لديها وعدم جواز التجسس من قبل الممثلين الدبلوماسيين ومبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدولة المضيفة وغير ذلك من المبادئ الكثيرة والتي ينص عليها القانون الدولي الحديث الذي استمدها أساساً من الإسلام كما قلنا سابقاً.
@ لذلك فإن المتتبع للحضارة الإسلامية يجد أن الإسلام قد أثرى الحضارة الإنسانية وأثر فيها في مجالات عديدة ونواحي شتى مثل التربية والطب والهندسة والفلسفة والتاريخ والجغرافيا والعلاقات الإنسانية وكذلك في الفلك والرياضيات ناهيك عن الدبلوماسية التي نعبر عن الحوار والمجادلة والدفاع عن مصالح الدولة المختلفة من خلال القنوات الدبلوماسية واستخدام الحوار البناء والمنطق والكلمة الطيبة التي تصل إلى القلوب وهذا الأسلوب يدخل في التعامل الفردي والجماعي، فالكتابة مطلوبة في كل وقت. وفي ذلك يقول الله تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} (سورة ابراهيم: الآيات 24- 27).
وعلى أية حال فإن الإسلام كما هو معروف ليس دين تشدد وتطرف بل دينا يحث على التوسط في كل شيء وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك ناهيك عن الأحاديث النبوية الشريفة وحض الإسلام على التعامل بين الناس بدبلوماسية واحترام لبعضهم البعض وحض على عدم التسرع والاندفاع بل حض على الروية والتعقل في القول والعمل ناهيك عن التفكر فيما يريد الإنسان أن يقوله أو يفعله وأن يأخذ بالحسبان مردود فعله أو قوله ليس على شخصه فقط بل على الآخرين سواء كانوا أفرادا أو جماعات ودولة، فالإسلام يرفض الأنانية ويحض على اختيار ما فيه مصلحة الفرد والمجتمع والأمة لذلك فإن التطرف يعتبر عملاً غير شرعي يرفضه الإسلام جملة وتفصيلاً كما أن الإسلام ينهي عن الانتقائية وأقصد من ذلك كون الإنسان يختار ما يتوافق مع هواه من الأدلة دون الرجوع إلى الأدلة الأخرى التي ربما تكون أقوى منها وأقرب إلى الصواب ناهيك عن التأكد من المعنى المقصود ذلك، إن بعض الناس هداهم الله وإن كانوا قلة يغالط في طرحه ومناقشته مع قلة عمله وصغر سنه احياناً وهم بذلك يعتمدون في كثير من الأحيان على رأي الأصدقاء والأقران أو بعض من يجتهد فيأخذ بالأشد من الأحكام مع أن الشباب يحتاج إلى أن يتدرج في تلقيه وفهمه بحيث تتوافق الطروحات مع السن والمرحلة ناهيك عن البعد عن قاعدة اسمع ولا تناقش التي يتبعها بعض الناس فاليوم تحتاج الأمة إلى تعديل في أسلوب الطرفين، المعلم والتلميذ فالمعلم يجب أن يكون أرحب صدراً وأكثر علماً وأقدر على الحوار والتلميذ يجب أن يكون أكثر طاعة لمعلمه ومن هم أكثر منه علماً وأكبر منه سناً ناهيك عن التزامه بالأدب وحسن الاستماع والسؤال فهي أهم مفاتيح الفهم والتفقه والعلم، فالدبلوماسية ليست في السياسة والعلاقات الدولية فقط بل هي في مجال الحوار والعلم والتعلم أمراً ضرورياً يحسن أن يلتفت إليه في كل الأحوال إلا انها عند الأزمات نكون إليها أحوج.
إن تدريس المواد الدينية في المراحل المختلفة يحتاج إلى معلمين أكفاء ذوي قدرات خاصة تستطيع أن توصل المعلومة وتفسرها وتعطي القدوة الحسنة دون تشدد ممل أو تسيب مخل ناهيك عن ثقافة عالية تعتمد على أمثلة ملموسة من واقع الحياة المعاصرة في الشرح والتدليل من حيث الأسلوب أو السياق حتى يكون أقرب للمحاكاة في التطبيق والممارسة.
إن هناك كثيرا من المهارات التي اهتم بها إلإسلام في تعاليمه تأخذ بعين الاعتبار النواحي النفسية والفوارق الفردية ناهيك عن كون التعاليم واضحة تبعد الخلط بين التعاليم المختلفة والتي تؤدي إلى أن يصبح النفل مقدماً على الواجب أو الفرض وبيان المعنى المفيد لبعض النصوص التي ربما يتم تطبيقها حرفياً من قبل صغار السن فيلقى فيها مجابهة مما ينعكس سلباً عليه وعلى غيره. ومن ناحية أخرى نجد أن الإسلام لم يغفل حب الوطن والدفاع عنه وعن مقدراته ومنجزاته لذلك فإن فهم الشباب وغيرهم للمصلحة العليا للوطن أمر مهم يدخل في صلب فهمه لشريعة الإسلام ولذلك فإن ثقافته الفكرية والسياسية يجب أن ترتفع إلى مستوى يستطيع معها أن يفهم الغث من السمين وأن لا يذهب ضحية حماس غير مدروس أو تشدد غير مبرر وكذلك ربما يذهب ضحية لآراء وأفكار تبث إليه بوسائل وطرق متعددة لا يمكن التحكم بها إلا انه يمكن تحصينه ضدها على أن تلك الأفكار والآراء المتشددة يزرعها من يكسب على حساب الأمة ومصالحها وفي هذا الصدد يقول المثل "ليس كل ما يعلم يقال" بل يجب أن يكون هناك ترشيد وتفتح وفهم لمتطلبات المرحلة لكل من الملقي والمتلقي، فالدبلوماسية في الإسلام لها دور مهم في كل من السياسة والتعليم وإعداد الرأي العام ناهيك عن أن تلك الدبلوماسية تحتاج إلى عدد وعدة تتمثل في وسائل الإعلام والتربية والتعليم ومنهجية كل منها في صياغة فكر الشباب وثقافته وتوجهاته التي يجب أن تتجلى عن افراز جيل ملؤه المحبة والحكمة والقدرة على التمييز والبعد عن منحدرات المزايدة المبنية على قليل من العلم وكثير من التشويش الذي تزيده اللامبالاة والمباهاة بأطروحات ظاهرها مضحك لأنه لا يفهمها وباطنها محزن لأنها تضر أكثر مما تنفع على المدى البعيد ومن البديهي ان الوطن ومصلحة الأمة يأتي أولاً وقبل كل شيء لذلك فإن وحدة الكلمة وعدم خلق ثغرات يلج منها الأعداء يأتي في المقدمة في كل الأوقات لكنها وقت الأزمات والظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقتنا نكون إليها أحوج وتفعيلها يكون أبرز حتى لا ينزلق في دروب الخطر من لا يعي خطاه أو من تغلب عاطفته عقله، فالقرار الصائب هو قرار العقل لا قرار العاطفة والحماس.
الدبلوماسية في الإسلام
مما لاشك فيه أن لوحدة الكلمة أهمية كبرى في تسيير أمور الأمة. والدول المختلفة تتفاخر فيما بينها بقوة الوحدة الوطنية وحرص جميع المواطنين على المصلحة العليا للوطن ومقدراته واستعدادهم للدفاع عنه بكل ما أوتوا من قوة ويدخل في ذلك الالتزام بالنظام في الأقوال والأفعال، فكلما كان هناك انسجام وتناغم بينهما كلما دل ذلك على وعي وإدراك فلا يقال شيء ويفعل شيء آخر حيث ان ذلك ممقوت جملة وتفصيلاً وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك في قوله {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} لذلك فإن دين الإسلام حرص في كل أركانه وسننه وتشريعاته على التناغم والانسجام وقد أثبت المسلمون أنهم أمة حضارة وتقدم خلال المراحل المختلفة لتكوين الدولة الإسلامية ولم يضعفوا إلا عندما تفرقوا وأخذوا بالمنافسة غير الشريفة وشقوا عصى الطاعة على مركز الخلافة حيث تفرقوا فسهل أمرهم على عدوهم.
وعلى أية حال فإن الجميع يعرف أن الإسلام دين ودولة وهذا يعني أن الإسلام لم يقتصر فقط على بيان ما هو ديني بالمفهوم الضيق وإنما شمل إلى جانب ذلك كل ما يتعلق بأوجه التعامل بين الأشخاص العاديين وكذلك بين الكيانات القانونية الدولية والتي يمثل القانون الدولي والعلاقات الدولية والدبلوماسية أبرز وأهم ملامحها أي ان الإسلام ليس مجرد ديانة تقتصر على بيان حقوق وواجبات العباد تجاه الله سبحانه وتعالى وحقوقه تجاههم وإنما بالاضافة إلى ذلك بين أسس وقواعد التعامل في المجتمع سواء على النطاق الداخلي أو في اطار المجتمع الدولي وفي مقدمة ذلك العلاقات الدبلوماسية لذلك يؤكد كثير ممن كتب عن الدبلوماسية في الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم سلك من ضروب السياسة ما يهيئ له أسباب النجاح، ولا يترك أموره تجرى كيف تشاء بل تخير لها السبل والأسباب حتى يصل إلى الغاية التي يقصدها من أقرب طريق كما أنه لا يترك نفسه للأحداث تصرفه وتأخذه قبل أن يأخذها. ولذلك فإن منهج الدبلوماسية الإسلامية تعنى بذل الوسع في استخدام مختلف الكفاءات لمعالجة الأمور الطارئة بالوسائل السلمية استخداماً يهدف إلى نشر الدعوة في العالم شريطة أن يكون هذا الاستخدام في نطاق الأخلاق والمثل الإسلامية العليا وليس من خلال الأسلوب الغاشم والتخريب والإرهاب الذي يعود على صاحبه وأهله وأمته بالضرر خصوصاً إذا كان هو الطرف الأضعف وتجدر الاشارة هنا إلى أن القرآن لم يتطرق لكل المسائل الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية بالتفصيل بل بين القواعد العامة الواجبة التطبيق تاركاً التفصيلات والجزئيات للنبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأئمة المسلمين وعلمائهم حيث يسيرون الأمور حسب الظروف والامكانات في حدود الخطوط والمبادئ العامة وبما لا يتعارض معها وهذا من معجزات الشريعة الإسلامية التي رشحتها بإذن الله للخلود.
لذلك فإننا إذا قارنا الإسلام الذي ظهر في القرن السابع الميلادي أي منذ أكثر من أربعة عشر قرناً وقواعده وتشريعاته بالقواعد القانونية التي تحكم العلاقات الدولية المعاصرة والتي لم تتبلور بصورة جلية إلا في بداية القرن العشرين خصوصاً في النصف الثاني منه فإننا سنجد أنه رغم الفارق الزمني الكبير الذي يفصل بين كل من النظامين فإن الإسلام قد سبق إلى سن القواعد والمعاملات التي تحكم بين الأفراد والدول بصورة تجعلنا نجزم أن كل شيء جميل ومدون في القانون الدولي تم اقتباسه من قواعد الإسلام واحكامه مما يشير إلى عمومية القواعد التي قررها الإسلام وكذلك مرونة الإسلام ونظامه الشرعي على مر العصور والأزمان لذلك فإن الإسلام وهو المنهج الرباني للبشر قد وضع أسس المعاملات الدولية في القرن السابع الميلادي (الأول الهجري) عندما كان العالم يغط في سبات عميق وجهل مظلم.
أما القانون الدولي الحديث وكل ما تفرع عنه من منظمات دولية لا يعدو أن يكون أدوات تختفي وراءها بعض الأطماع الدولية وكان سبب إنشائها في المقام الأول المنازعات بين قوى متكافئة. إلا أنه كلما اختل ذلك التكافؤ نجد أن القوانين الدولية والمنظمات الدولية لم يعد لعملها وقراراتها قيمة تذكر وخير مثال على ذلك وجود دولة إسرائيل وعربدتها وكذلك انفراد قطب واحد في الهيمنة والسطوة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي القطب المنافس والأمثلة في هذا المجال عديدة.
وعلى أية حال فإن الدبلوماسية الإسلامية تعتمد على مجموعة من المبادئ والأطر التي تنتهجها والتي من أهمها مبدأ التراضي ومبدأ عدم التمييز والمعاملة بالمثل ومبدأ حرية الاتصال فيما يتعلق بالأغراض الرسمية ومبدأ احترام القانون الدولي وقوانين الدولة المضيفة ومبدأ حسن النية وعدم الخيانة للطرف الآخر وعدم موالاة الأعداء، والعدالة، وضرورة الوفاء بالعهد واحترام عادات وتقاليد الدولة المعتمد لديها وعدم جواز التجسس من قبل الممثلين الدبلوماسيين ومبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدولة المضيفة وغير ذلك من المبادئ الكثيرة والتي ينص عليها القانون الدولي الحديث الذي استمدها أساساً من الإسلام كما قلنا سابقاً.
@ لذلك فإن المتتبع للحضارة الإسلامية يجد أن الإسلام قد أثرى الحضارة الإنسانية وأثر فيها في مجالات عديدة ونواحي شتى مثل التربية والطب والهندسة والفلسفة والتاريخ والجغرافيا والعلاقات الإنسانية وكذلك في الفلك والرياضيات ناهيك عن الدبلوماسية التي نعبر عن الحوار والمجادلة والدفاع عن مصالح الدولة المختلفة من خلال القنوات الدبلوماسية واستخدام الحوار البناء والمنطق والكلمة الطيبة التي تصل إلى القلوب وهذا الأسلوب يدخل في التعامل الفردي والجماعي، فالكتابة مطلوبة في كل وقت. وفي ذلك يقول الله تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} (سورة ابراهيم: الآيات 24- 27).
وعلى أية حال فإن الإسلام كما هو معروف ليس دين تشدد وتطرف بل دينا يحث على التوسط في كل شيء وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك ناهيك عن الأحاديث النبوية الشريفة وحض الإسلام على التعامل بين الناس بدبلوماسية واحترام لبعضهم البعض وحض على عدم التسرع والاندفاع بل حض على الروية والتعقل في القول والعمل ناهيك عن التفكر فيما يريد الإنسان أن يقوله أو يفعله وأن يأخذ بالحسبان مردود فعله أو قوله ليس على شخصه فقط بل على الآخرين سواء كانوا أفرادا أو جماعات ودولة، فالإسلام يرفض الأنانية ويحض على اختيار ما فيه مصلحة الفرد والمجتمع والأمة لذلك فإن التطرف يعتبر عملاً غير شرعي يرفضه الإسلام جملة وتفصيلاً كما أن الإسلام ينهي عن الانتقائية وأقصد من ذلك كون الإنسان يختار ما يتوافق مع هواه من الأدلة دون الرجوع إلى الأدلة الأخرى التي ربما تكون أقوى منها وأقرب إلى الصواب ناهيك عن التأكد من المعنى المقصود ذلك، إن بعض الناس هداهم الله وإن كانوا قلة يغالط في طرحه ومناقشته مع قلة عمله وصغر سنه احياناً وهم بذلك يعتمدون في كثير من الأحيان على رأي الأصدقاء والأقران أو بعض من يجتهد فيأخذ بالأشد من الأحكام مع أن الشباب يحتاج إلى أن يتدرج في تلقيه وفهمه بحيث تتوافق الطروحات مع السن والمرحلة ناهيك عن البعد عن قاعدة اسمع ولا تناقش التي يتبعها بعض الناس فاليوم تحتاج الأمة إلى تعديل في أسلوب الطرفين، المعلم والتلميذ فالمعلم يجب أن يكون أرحب صدراً وأكثر علماً وأقدر على الحوار والتلميذ يجب أن يكون أكثر طاعة لمعلمه ومن هم أكثر منه علماً وأكبر منه سناً ناهيك عن التزامه بالأدب وحسن الاستماع والسؤال فهي أهم مفاتيح الفهم والتفقه والعلم، فالدبلوماسية ليست في السياسة والعلاقات الدولية فقط بل هي في مجال الحوار والعلم والتعلم أمراً ضرورياً يحسن أن يلتفت إليه في كل الأحوال إلا انها عند الأزمات نكون إليها أحوج.
إن تدريس المواد الدينية في المراحل المختلفة يحتاج إلى معلمين أكفاء ذوي قدرات خاصة تستطيع أن توصل المعلومة وتفسرها وتعطي القدوة الحسنة دون تشدد ممل أو تسيب مخل ناهيك عن ثقافة عالية تعتمد على أمثلة ملموسة من واقع الحياة المعاصرة في الشرح والتدليل من حيث الأسلوب أو السياق حتى يكون أقرب للمحاكاة في التطبيق والممارسة.
إن هناك كثيرا من المهارات التي اهتم بها إلإسلام في تعاليمه تأخذ بعين الاعتبار النواحي النفسية والفوارق الفردية ناهيك عن كون التعاليم واضحة تبعد الخلط بين التعاليم المختلفة والتي تؤدي إلى أن يصبح النفل مقدماً على الواجب أو الفرض وبيان المعنى المفيد لبعض النصوص التي ربما يتم تطبيقها حرفياً من قبل صغار السن فيلقى فيها مجابهة مما ينعكس سلباً عليه وعلى غيره. ومن ناحية أخرى نجد أن الإسلام لم يغفل حب الوطن والدفاع عنه وعن مقدراته ومنجزاته لذلك فإن فهم الشباب وغيرهم للمصلحة العليا للوطن أمر مهم يدخل في صلب فهمه لشريعة الإسلام ولذلك فإن ثقافته الفكرية والسياسية يجب أن ترتفع إلى مستوى يستطيع معها أن يفهم الغث من السمين وأن لا يذهب ضحية حماس غير مدروس أو تشدد غير مبرر وكذلك ربما يذهب ضحية لآراء وأفكار تبث إليه بوسائل وطرق متعددة لا يمكن التحكم بها إلا انه يمكن تحصينه ضدها على أن تلك الأفكار والآراء المتشددة يزرعها من يكسب على حساب الأمة ومصالحها وفي هذا الصدد يقول المثل "ليس كل ما يعلم يقال" بل يجب أن يكون هناك ترشيد وتفتح وفهم لمتطلبات المرحلة لكل من الملقي والمتلقي، فالدبلوماسية في الإسلام لها دور مهم في كل من السياسة والتعليم وإعداد الرأي العام ناهيك عن أن تلك الدبلوماسية تحتاج إلى عدد وعدة تتمثل في وسائل الإعلام والتربية والتعليم ومنهجية كل منها في صياغة فكر الشباب وثقافته وتوجهاته التي يجب أن تتجلى عن افراز جيل ملؤه المحبة والحكمة والقدرة على التمييز والبعد عن منحدرات المزايدة المبنية على قليل من العلم وكثير من التشويش الذي تزيده اللامبالاة والمباهاة بأطروحات ظاهرها مضحك لأنه لا يفهمها وباطنها محزن لأنها تضر أكثر مما تنفع على المدى البعيد ومن البديهي ان الوطن ومصلحة الأمة يأتي أولاً وقبل كل شيء لذلك فإن وحدة الكلمة وعدم خلق ثغرات يلج منها الأعداء يأتي في المقدمة في كل الأوقات لكنها وقت الأزمات والظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقتنا نكون إليها أحوج وتفعيلها يكون أبرز حتى لا ينزلق في دروب الخطر من لا يعي خطاه أو من تغلب عاطفته عقله، فالقرار الصائب هو قرار العقل لا قرار العاطفة والحماس.