By محمدالبداح(9 11) - الاثنين يونيو 06, 2011 6:12 pm
- الاثنين يونيو 06, 2011 6:12 pm
#38695
في الميثولوجيا اليونانية كان آريس Ares "إله" الحرب يهوى المعارك، ويعشق العنف ولون الدم، وقد كرهه البشر لسلوكه هذا، بل وكرهه أبواه. أما شقيقته إريس Eris، فقد كانت "ربة" الشقاق والنزاع،
وعندما لم تُدعَ إلى أحد الأعراس، خوفاً من أن تسبب الشقاق بين العروسين، عمدت إلى إثارة فتنة أدت بالنتيجة إلى نشوب حرب طروادة التي دامت أكثر من عشرة أعوام على ذمة الملاحم الإغريقية.
ولو سمحنا لعلم النفس أن يتطفل على الميثولوجيا (والعلاقة بينهما عضوية على أي حال) لوجدنا أن اللاوعي الجمعي الذي صاغ هذه الأسطورة أعطى للذكورة الشريرة مهمة شن الحروب وخوض القتال، في حين أعطى للشر الأنثوي دور الإيقاع بين البشر والسعي لمنع الوفاق، وهو ما يعكس بواقع الحال نظرة اللاوعي الجمعي البشري بشكلٍ عام لطبيعة الدورين الأنثوي والذكوري.
ولو أسقطنا هذا البعد السيكولوجي للميثولوجيا اليونانية على الواقع السياسي الراهن، لوجدنا أن إدارة بوش تمر بمرحلة "خنثوية" من الشر وفق المعيار سابق الذكر. فهي، وعلى الرغم من تراجع قدرتها على شن الحروب على النمط "الآريسي" الذكوري، ما زالت تتوعد بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، أما في الأماكن التي استنفدت فيها الإدارة خيار العنف، وسفكت ما يكفي من الدم، فإنها تعمل الشر وترتكب المعاصي وفق النموذج "الإريسي" الأنثوي، فلا يغمض لها جفن ولا تقر لها عين قبل أن تتأكد من أنها دبت الشقاق ومنعت الوفاق في كل مكان، وكأنها تريد أن لحمام الدم أن يستمر بأية وسيلة كانت، سواء أكان ذلك بيدها أم بيد عمرو.
ففي لبنان على سبيل المثال، دفعت إدارة بوش إسرائيل لكي تخوض حرباً ضد حزب الله بالنيابة عنها، بهدف "قصقصة أجنحة إيران" الإقليمية حسب اعتقادها، وعندما أدرك الإسرائيليون أن حرب تموز فقدت جدواها، وبات استمرارها يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الجيش الإسرائيلي، وقفت الإدارة الأمريكية عائقاً بوجه الحل، وعملت على تأخير صدور قرار مجلس الأمن لأطول مدة ممكنة، وتسبب ذلك باستمرار القتل الإسرائيلي الذي أتى على أرواح المئات من المدنيين والأطفال الأبرياء في مجزرة قانا الثانية، وسواها من المجازر الإسرائيلية التي لم يرَ فيها الأمريكيون أكثر من آلام مخاض تطهرية لولادة شرق أوسط جديد خالٍ من شرور أهله، بل وخالٍ من الأهل أنفسهم لو تيسر ذلك.
لو كان للجنة فينوغراد أن تضع يدها على لب الموضوع، لحاسبت المسؤولين الإسرائيليين لا على أدائهم العسكري الفاشل فحسب، بل على ارتهان إرادتهم السياسية لأجندة إدارة المحافظين الجدد التي دأبت على إحراج حلفاءها أكثر بكثير مما تسبب الضرر لأعدائها.
واليوم لا تزال إستراتيجية الإدارة الأمريكية في لبنان تعزف على المنوال ذاته، فهي تعمل بكل دأب على إفشال أي حل يحظى بإجماع لبناني أو عربي، حتى وإن هدد ذلك بدفع لبنان إلى حافة الحرب الأهلية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة جاءت إلى المنطقة بجيوشها وأساطيلها بداعي نشر الديمقراطية، إلا أنها لا تجد اليوم حرجاً في وضع كل ثقلها بغية الحفاظ، ولو شكلياً، على بقاء حكومة غير ميثاقية تفتقر إلى ممثلين عن أكثر من نصف الشعب اللبناني، فضلاً عن افتقارها لممثلي طائفة كاملة تعتبر الأكبر في لبنان، وحتى لو تسبب ذلك بإفشال الوساطة السعودية التي حظيت بالترحيب السوري.
وعلى الساحة الفلسطينية أيضاً لم ينجُ الدور السعودي من النزعة "الإريسية" للإدارة الأمريكية التي راق لها مشهد الاقتتال الحمساوي – الفتحاوي في شوارع غزة، ولربما "استحت" الإدارة الأمريكية (على غير عادة) من المجاهرة بمسعاها لدفن اتفاق مكة، فأوكلت المهمة المحرجة للحليف الأردني، دافعةً به إلى إطلاق إعلان يقود عملياً باتجاه عودة الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني، وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على الأردن قبل سواه.
أما على المسار السوري – الإسرائيلي، فقد منعت رايس في زيارتها الأخيرة حكومة أولمرت من السعي لجس النبض السوري حول إمكانية استئناف محادثات السلام، وهددت بالويل والثبور وعظائم الأمور فيما لو فكر الإسرائيليون بذلك مجرد تفكير، وأجبرت أولمرت بذلك على صمّ أذنيه عن نصائح وزير دفاعه ووزيرة خارجيته، فضلاً عن تحليلات قادة أجهزته الأمنية المختلفة.
لطالما كانت الحجة الأمريكية في تجميد المسار التفاوضي السوري – الإسرائيلي هي أنها لا تريد أن تمد "خشبة الخلاص" لسورية قبل أن "تغير سلوكها"، إلا أن هذه الحجة لم تعد تنطبق بأية صورة على الواقع، بل إن العكس يبدو صحيحاً، وعليه فإن هدف الإدارة الأمريكية من الحجر على تقدم السلام على المسار السوري - الإسرائيلي هو ابتزاز سورية لتحصيل أكبر دعم سوري ممكن لتعويم سياسة بوش الغارقة في العراق.
وقياساً على ذلك تستمر الإدارة الأمريكية أيضاً في الحجر على مسار الحل على الساحتين اللبنانية والفلسطينية، وترهن تحقيق أي تقدم على هاتين الساحتين بإنجاح مغامرتها الفاشلة في العراق ضمن مقاربة ابتزازية تذكر بالأساليب المافيوزية الصقلية.
الإدارة الأمريكية الحالية لا تستطيع أن تتصور نفسها إلا ممارسةً للقتال أو محرضةً عليه، وفي مواسم الكساد تكتفي بتكريس الشقاق ومنع الوفاق وتعطيل احتمالات السلام، ويبدو أن
هذه الإدارة قد أدمنت الدم البشري حتى باتت تعيش عليه، وإذا لم يتوفر لها الـ fresh blood الذي يعد خيارها المفضّل، فلا بد أنها ستحاول الحصول على قميص مشبع بدماء أي طفل لبناني أو فلسطيني أو عراقي لتحله في ماء مغلي، وتشربه على طريقة ظروف شاي ليبتون.
وبلغة تحليلية، فإن مفهوم الممارسة السياسية لدى إدارة بوش يعطي الأولوية للبعد العنفي – العسكري، أما وعي هذه الإدارة بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الملازمة لأية ظاهرة سياسية فيبدو شبه معدوم، وبالتالي فإن تعاملها مع أية أزمة سياسية محدود بالأدوات والخيارات والبدائل التي يوفرها البعد العنفي - العسكري، فالتفاوض يُستبدل بالفرض، والتحاور يُستبدل بالرفض، والتبادلية في ضمان مصالح الأطراف المختلفة تُستبدل بصنوف الضغط والحصار والعزل، وكل ذلك يعرّض سـياسة الولايات المتحدة إلى شتى أشكال الإخفاق والمحدودية والعجز التي يمكن أن تنجم عن أحادية البعد العنفي - العسكري. فغياب البعد الدبلوماسي على سبيل المثال يمنع قطف ثمار الجهد العسـكري، ولطالما اعتمدت سـياسة الولايات المتحدة الخارجية في السـابق على دبلوماسـية "البارجة المدفع"، أو The Gunboat diplomacy، وتعتمد هذه السياسة على التدخل العسكري لفرض الحل السياسي، بحيث يتدخل البعد الدبلوماسي الأمريكي في قمة الإنجاز العسكري (الأمريكي أو الحليف) ليحصد النتائج التي حققها على الأرض، ويفرض الشروط بناءً على الواقع الميداني، وقد اعتمدت الولايات المتحدة في السابق هذا المبدأ لأنها تدرك حق الإدراك أنها خاسرة في إطار أية مواجهة مزمنة، وعليه يتوجب قطف الثمار السياسية للتدخل العسكري بالسرعة الممكنة، أما في حالة إدارة بوش فقد حرمها غياب البعد الدبلوماسي من إمكانية استثمار الإنجاز العسكري عبر عملية تفاوضية، ومن حيث النتيجة فإن هذه الإدارة اتبعت مبدأ "دبلوماسية الفرض" بدلاً من مبدأ "فرض الدبلوماسية".
إن موقع الولايات المتحدة الاستراتيجي على الصعيد العالمي يبدو أكبر المتضررين من سياسة الإدارة الحالية، فالمارد الروسي يتمطى في القمقم الذي دخله مكرهاً عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، أما العملاق الصيني فيتأهب للوثوب الاقتصادي والعسكري، في حين تبدو الإدارة الأمريكية غارقةً في المستنقع العراقي – الشرق الأوسطي دون ضوء في نهاية النفق.
وبالعودة إلى البداية، فإن الأسطورة اليونانية جعلت لآريس ابنين هما ديموس ( الرعب) وفوبوس (الخوف)، فهل سيكون بإمكان أحد أن يتنبأ بما ستخلفه السياسات الأمريكية الدموية من أبناءٍ مسوخ في المنطقة وفي العالم.
وعندما لم تُدعَ إلى أحد الأعراس، خوفاً من أن تسبب الشقاق بين العروسين، عمدت إلى إثارة فتنة أدت بالنتيجة إلى نشوب حرب طروادة التي دامت أكثر من عشرة أعوام على ذمة الملاحم الإغريقية.
ولو سمحنا لعلم النفس أن يتطفل على الميثولوجيا (والعلاقة بينهما عضوية على أي حال) لوجدنا أن اللاوعي الجمعي الذي صاغ هذه الأسطورة أعطى للذكورة الشريرة مهمة شن الحروب وخوض القتال، في حين أعطى للشر الأنثوي دور الإيقاع بين البشر والسعي لمنع الوفاق، وهو ما يعكس بواقع الحال نظرة اللاوعي الجمعي البشري بشكلٍ عام لطبيعة الدورين الأنثوي والذكوري.
ولو أسقطنا هذا البعد السيكولوجي للميثولوجيا اليونانية على الواقع السياسي الراهن، لوجدنا أن إدارة بوش تمر بمرحلة "خنثوية" من الشر وفق المعيار سابق الذكر. فهي، وعلى الرغم من تراجع قدرتها على شن الحروب على النمط "الآريسي" الذكوري، ما زالت تتوعد بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، أما في الأماكن التي استنفدت فيها الإدارة خيار العنف، وسفكت ما يكفي من الدم، فإنها تعمل الشر وترتكب المعاصي وفق النموذج "الإريسي" الأنثوي، فلا يغمض لها جفن ولا تقر لها عين قبل أن تتأكد من أنها دبت الشقاق ومنعت الوفاق في كل مكان، وكأنها تريد أن لحمام الدم أن يستمر بأية وسيلة كانت، سواء أكان ذلك بيدها أم بيد عمرو.
ففي لبنان على سبيل المثال، دفعت إدارة بوش إسرائيل لكي تخوض حرباً ضد حزب الله بالنيابة عنها، بهدف "قصقصة أجنحة إيران" الإقليمية حسب اعتقادها، وعندما أدرك الإسرائيليون أن حرب تموز فقدت جدواها، وبات استمرارها يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الجيش الإسرائيلي، وقفت الإدارة الأمريكية عائقاً بوجه الحل، وعملت على تأخير صدور قرار مجلس الأمن لأطول مدة ممكنة، وتسبب ذلك باستمرار القتل الإسرائيلي الذي أتى على أرواح المئات من المدنيين والأطفال الأبرياء في مجزرة قانا الثانية، وسواها من المجازر الإسرائيلية التي لم يرَ فيها الأمريكيون أكثر من آلام مخاض تطهرية لولادة شرق أوسط جديد خالٍ من شرور أهله، بل وخالٍ من الأهل أنفسهم لو تيسر ذلك.
لو كان للجنة فينوغراد أن تضع يدها على لب الموضوع، لحاسبت المسؤولين الإسرائيليين لا على أدائهم العسكري الفاشل فحسب، بل على ارتهان إرادتهم السياسية لأجندة إدارة المحافظين الجدد التي دأبت على إحراج حلفاءها أكثر بكثير مما تسبب الضرر لأعدائها.
واليوم لا تزال إستراتيجية الإدارة الأمريكية في لبنان تعزف على المنوال ذاته، فهي تعمل بكل دأب على إفشال أي حل يحظى بإجماع لبناني أو عربي، حتى وإن هدد ذلك بدفع لبنان إلى حافة الحرب الأهلية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة جاءت إلى المنطقة بجيوشها وأساطيلها بداعي نشر الديمقراطية، إلا أنها لا تجد اليوم حرجاً في وضع كل ثقلها بغية الحفاظ، ولو شكلياً، على بقاء حكومة غير ميثاقية تفتقر إلى ممثلين عن أكثر من نصف الشعب اللبناني، فضلاً عن افتقارها لممثلي طائفة كاملة تعتبر الأكبر في لبنان، وحتى لو تسبب ذلك بإفشال الوساطة السعودية التي حظيت بالترحيب السوري.
وعلى الساحة الفلسطينية أيضاً لم ينجُ الدور السعودي من النزعة "الإريسية" للإدارة الأمريكية التي راق لها مشهد الاقتتال الحمساوي – الفتحاوي في شوارع غزة، ولربما "استحت" الإدارة الأمريكية (على غير عادة) من المجاهرة بمسعاها لدفن اتفاق مكة، فأوكلت المهمة المحرجة للحليف الأردني، دافعةً به إلى إطلاق إعلان يقود عملياً باتجاه عودة الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني، وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على الأردن قبل سواه.
أما على المسار السوري – الإسرائيلي، فقد منعت رايس في زيارتها الأخيرة حكومة أولمرت من السعي لجس النبض السوري حول إمكانية استئناف محادثات السلام، وهددت بالويل والثبور وعظائم الأمور فيما لو فكر الإسرائيليون بذلك مجرد تفكير، وأجبرت أولمرت بذلك على صمّ أذنيه عن نصائح وزير دفاعه ووزيرة خارجيته، فضلاً عن تحليلات قادة أجهزته الأمنية المختلفة.
لطالما كانت الحجة الأمريكية في تجميد المسار التفاوضي السوري – الإسرائيلي هي أنها لا تريد أن تمد "خشبة الخلاص" لسورية قبل أن "تغير سلوكها"، إلا أن هذه الحجة لم تعد تنطبق بأية صورة على الواقع، بل إن العكس يبدو صحيحاً، وعليه فإن هدف الإدارة الأمريكية من الحجر على تقدم السلام على المسار السوري - الإسرائيلي هو ابتزاز سورية لتحصيل أكبر دعم سوري ممكن لتعويم سياسة بوش الغارقة في العراق.
وقياساً على ذلك تستمر الإدارة الأمريكية أيضاً في الحجر على مسار الحل على الساحتين اللبنانية والفلسطينية، وترهن تحقيق أي تقدم على هاتين الساحتين بإنجاح مغامرتها الفاشلة في العراق ضمن مقاربة ابتزازية تذكر بالأساليب المافيوزية الصقلية.
الإدارة الأمريكية الحالية لا تستطيع أن تتصور نفسها إلا ممارسةً للقتال أو محرضةً عليه، وفي مواسم الكساد تكتفي بتكريس الشقاق ومنع الوفاق وتعطيل احتمالات السلام، ويبدو أن
هذه الإدارة قد أدمنت الدم البشري حتى باتت تعيش عليه، وإذا لم يتوفر لها الـ fresh blood الذي يعد خيارها المفضّل، فلا بد أنها ستحاول الحصول على قميص مشبع بدماء أي طفل لبناني أو فلسطيني أو عراقي لتحله في ماء مغلي، وتشربه على طريقة ظروف شاي ليبتون.
وبلغة تحليلية، فإن مفهوم الممارسة السياسية لدى إدارة بوش يعطي الأولوية للبعد العنفي – العسكري، أما وعي هذه الإدارة بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الملازمة لأية ظاهرة سياسية فيبدو شبه معدوم، وبالتالي فإن تعاملها مع أية أزمة سياسية محدود بالأدوات والخيارات والبدائل التي يوفرها البعد العنفي - العسكري، فالتفاوض يُستبدل بالفرض، والتحاور يُستبدل بالرفض، والتبادلية في ضمان مصالح الأطراف المختلفة تُستبدل بصنوف الضغط والحصار والعزل، وكل ذلك يعرّض سـياسة الولايات المتحدة إلى شتى أشكال الإخفاق والمحدودية والعجز التي يمكن أن تنجم عن أحادية البعد العنفي - العسكري. فغياب البعد الدبلوماسي على سبيل المثال يمنع قطف ثمار الجهد العسـكري، ولطالما اعتمدت سـياسة الولايات المتحدة الخارجية في السـابق على دبلوماسـية "البارجة المدفع"، أو The Gunboat diplomacy، وتعتمد هذه السياسة على التدخل العسكري لفرض الحل السياسي، بحيث يتدخل البعد الدبلوماسي الأمريكي في قمة الإنجاز العسكري (الأمريكي أو الحليف) ليحصد النتائج التي حققها على الأرض، ويفرض الشروط بناءً على الواقع الميداني، وقد اعتمدت الولايات المتحدة في السابق هذا المبدأ لأنها تدرك حق الإدراك أنها خاسرة في إطار أية مواجهة مزمنة، وعليه يتوجب قطف الثمار السياسية للتدخل العسكري بالسرعة الممكنة، أما في حالة إدارة بوش فقد حرمها غياب البعد الدبلوماسي من إمكانية استثمار الإنجاز العسكري عبر عملية تفاوضية، ومن حيث النتيجة فإن هذه الإدارة اتبعت مبدأ "دبلوماسية الفرض" بدلاً من مبدأ "فرض الدبلوماسية".
إن موقع الولايات المتحدة الاستراتيجي على الصعيد العالمي يبدو أكبر المتضررين من سياسة الإدارة الحالية، فالمارد الروسي يتمطى في القمقم الذي دخله مكرهاً عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، أما العملاق الصيني فيتأهب للوثوب الاقتصادي والعسكري، في حين تبدو الإدارة الأمريكية غارقةً في المستنقع العراقي – الشرق الأوسطي دون ضوء في نهاية النفق.
وبالعودة إلى البداية، فإن الأسطورة اليونانية جعلت لآريس ابنين هما ديموس ( الرعب) وفوبوس (الخوف)، فهل سيكون بإمكان أحد أن يتنبأ بما ستخلفه السياسات الأمريكية الدموية من أبناءٍ مسوخ في المنطقة وفي العالم.