منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By محمدالبداح(9 11)
#38721
ثمة تغيير يأتينا من أوروبا..‏
بالتأكيد ليس هو التغيير الذي تطمح إليه شعوب المنطقة, وهو ليس التغيير الذي يليق بالمبادىء والقيم التي تنادي بها أوروبا, إلا أنه تغيير ايجابي, يمنحنا الكثير من الايحاء بأن بعض الدول الأوروبية تمتلك حساسية خاصة لما يجري هنا, تمكنها من فهم بعض ما يحدث.. وتوقع ما سيحدث.‏
لاشك أن أوروبا لاحظت أن الولايات المتحدة أفسدت (كعكة الشرق الأوسط ) بل وذهبت في جنونها أبعد من ذلك ليس إلى مرحلة ( عدم النفع ) .. بل أيضا إلى حتمية الضرر.‏
إن عوامل كثيرة تلزم أوروبا بالتغيير , وهي وإن تأخرت في إيجاد صيغة إعلان هذا (التصحيح) إلا أنها تعي أن الحاجة فرضت نفسها لتتبنى صيغة يكون فيه التدخل الأوروبي فاعلاً.‏
بدايات التغيير جاءت من خلال الاعتراف بدور سورية, إلا أننا الآن بدأنا نلمس الاعتراف بفشل السياسات السابقة, التي حاولت أن تتطابق مع السياسة الأميركية.‏
هذه السياسات التي راهنت وحاولت عزل سورية, أثبتت فشلها, فها هي نائبة أوروبية تقول إن (سورية بلد كبير ذو ثقافة عميقة يجب أن تعامل باحترام) وإن (عزل دمشق لن يولّد إلا المزيد من عدم الاستقرار).‏
وثمة تصريحات أخرى أكثر وضوحاً من وجوه أوروبية, ذات قيمة ووزن سياسي مرموق, ومنهم الآن مسؤولون في حكومات دول أوروبية لها ثقلها التاريخي المعروف.‏
وبالمقابل هناك بعض حكومات أوروبية ما زالت تصرّ على مواقفها الخاطئة, والمتعنتة.. حتى أن بريطانيا منعت نواباً من زيارة سورية, هذا ناهيك عن الموقف الفرنسي الشخصي.‏
إلا أن الموقف الأوروبي الجديد هو اعتراف حقيقي بصوابية المواقف السورية, التي تم تبنيها خلال السنوات السابقة في قضايا بالغة الحساسية والتعقيد, بدليل أن سورية لم تغير أياً من مواقفها, وحافظت على رؤية واضحة حيال كل القضايا في المنطقة.‏
لذلك يبدو السؤال الذي يفرض نفسه الآن?!.‏
هل بداية التغير الأوروبي جدي أم أنه مجرد بالونات اختبار أو مناورات سياسية?!‏
الإجابة على هذا السؤال تستوجب الانتظار إلى أن يتبلور الموقف الأوروبي بشكل أكثر قوة.‏
لكن الواضح أن فشل إدارة بوش في كل من العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان جعل أوروبا تعيد التفكير بسياساتها, وخاصة أنه جرى توريطها في هذه المشكلات, وتم استخدامها في خدمة المشروع الأميركي بطريقة أساءت أكثر ما أساءت لأوروبا نفسها.‏
أضف إلى ذلك أن دول الاتحاد الأوروبي أصبحت أكثر وعياً بحقيقة ما جرى للمنطقة وأن السياسات الخاطئة لن تؤدي إلا إلى نتائج كارثية, وقد تأثرت دول المنطقة بهذه السياسات.‏
فقد تم التأثير بشكل كبير على مشاريع الإصلاح, وبالتحديد على الإصلاح في سورية.‏
إذ إن المخططات الأميركية ساهمت بشكل كبير في تأخير عملية الإصلاح. كما أن دول الاتحاد الأوروبي لم تقدم صدق النية والإرادة في السير قدماً لتنفيذ اتفاقية الشراكة, التي تم توقيعها بالأحرف الأولى.‏
وهذا كان رضوخاً للطلبات الأميركية, ولبعض الأطراف الأوروبية, التي خلطت الأفكار السياسية بالمصالح الشخصية.‏
ويبقى مستقبل الموقف الأوروبي رهينة لقدرة دول الاتحاد الأوروبي باتخاذ اتجاه متمايز عن الموقف الأميركي, على الرغم أن بعض الأصوات الأميركية بدأت تعي الدور السوري.‏
وخاصة بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به القوات الأميركية في العراق, وما آلت إليه سياسات القوة التي اتبعتها إدارة بوش.‏
وفي أوقات لن تكون بعيدة.. سنجد من يتحدث بوضوح أكبر للعودة الى دمشق كأساس ومصدر الحل.‏
إن سورية وهي تستمع إلى هذه الأصوات الأوروبية وتراقب جيداً هذه التغيرات تعرف أن الحكمة السياسية هي التي قادتها الى هذه النتائج, وإن الدول التي تعرف كيف تحافظ على كرامتها وحقوقها تحصل بالنهاية على الاعتراف بدورها المتميز.‏
وبالنسبة لأوروبا فإننا نأمل أن يكون تغير اللهجة هو مقدمة لتغير اللغة..بحيث تستفيد أوروبا من معرفتها للمنطقة وشعوبها, للعب دور يليق بسمعة أوروبا ومبادئها.‏
ربما لن يأخذنا التفاؤل الى مرحلة نعتقد فيها حدوث تغيير جوهري في الموقف الأوروبي خاصة إذا علمنا أن الحديث عن مواقف أوروبية أكثر دقة من الحديث عن موقف أوروبي إلا أن إعادة التوازن إلى المواقف الأوروبية مؤشر جيد ومريح.‏
عبد الفتاح العوض / رئيس تحرير صحيفة الثورة