السياسة الأمريكية تجاه العرب بعد ثورة 25 يناير
مرسل: الاثنين يونيو 06, 2011 11:27 pm
Suite101.com: المصدر
المحلل: جيرالد جرين
ترجمة :رشا عبد المنعم
ننشر هنا عرضا لهذا التحليل نظراً لأهميته بالنسبة لأي مراقب عربي يحاول توقع ما ستكون عليه السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي بعد ثورة 25 يناير في مصر.
توقع العديد من المحلليين والخبراء السياسيين حدوث إضطرابات واسعة النطاق في العالم العربي ولكنهم لم يتوقعوا أبداً أن تلك الإضطرابات ستؤدي إلى ثورات ناجحة ضد الحكومات القمعية والدول البوليسية التى رسخت وجودها فى العالم العربي.
لا عجب أن تهتز السياسة الخارجية الأمريكية أثناء وبعد ثورة 25 يناير. فقد مضى ما يقرب من 30 عاماً من الاستبداد والديكتاتورية في عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، كانت الحكومة الامريكية ترى فى تلك الفترة استقرار و أمن (للحفاظ على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل)، فقد اتجهت الحكومة الأمريكية ضد مبادئها وأهدافها المعلنة وبدلا من دعم الحرية وتعزيز الديمقراطية إذا بها تدعم الحكام العرب الديكتاتوريين.
لقد أستطاعت الثورتان المصرية والتونسية أن تشككا في حكمة السياسة الخارجية الأمريكية خلال ال30 عاماً الأخيرة ، وأتضح أن الولايات المتحدة الأمريكية، التى تتحدث دائما باعتبارها بطلة الحرية والديمقراطية، قصيرة النظر للغاية.
الشبكات الاجتماعية أثبتت أنها أكثر قوة من القوى السياسية:
لقد كشفت الثورة المصرية للعالم قوة الشبكات الاجتماعية فى الآونة الأخيرة، وكيف أصبحت المواقع الإلكترونية الاجتماعية مثل الفيس بوك وتويتر مواقع للتعبير عن الحرية، ونظراً لشيخوخة الحكام العرب سياسياً فقد استغل الشباب دهاء الإنترنت وأجهزة الحاسب الآلى وتكنولوجيا الهواتف المحمولة فى قيادة ثورة ناجحة، بحيث أصبح تطور تكنولوجيا الإتصالات في الدول العربية كابوساً للحكام العرب.
لقد أظهرت تجربة ثورة 25 يناير المصرية إرادة الشعب المصرى التى لا تلين ولا يستطيع احد الإستهانة بها ، فإذا أراد هذا الشعب التجمع مرة أخرى فسيتمكن من ذلك وبشكل سريع. ونرى الآن الحكام العرب في باقي الدول العربية يتخوفون من تكرار تجربة 25 يناير داخل بلادهم.
السياسة الخارجية الامريكية بحاجة إلى مراجعة:
والآن نستطيع أن نُقر بقدرة وقوة الشعب المصري في إنجاح ثورتهم، كما نُقر بأن السياسة الخارجية الأمريكية بحاجة إلى مراجعة وذلك لسبب واحد وهو أنه قد بدا واضحاً أن كل أهداف الولايات المتحدة تصب في بقاء مبارك فى الحكم ( حسب قوله فإن البيض الامريكي كله فى سلة مبارك). فقد شاهدنا خلال ثمانية عشر يوماً من الإضطرابات والمظاهرات تصريحات متضاربة لأوباما وكلينتون و جون بايدن ....وغيرهم بشأن الثورة المصرية.
وهذه الثورة العظيمة قد كشفت حقيقة الولايات المتحدة أنها ضعيفة، عاجزة، متحيرة، مترددة، و أنها في بعض الأحيان تنحاز للجانب الخطأ. ونأمل أن تكون الحكومة الأمريكية قد أدركت الآن أنه مهما كانت الحكومات العربية صلبة ومترسخة كما كانت تظن فى حكومة مبارك، فإن هذه الحكومات يمكن أن يتم انهاء وجودها خلال ثمانية عشر يوماً من خلال الإنترنت، وهذا ما بدت ملامحه واضحة في الثورة المصرية ومن الممكن أن يحدث فى أى بلد عربي أخر.
واثبتت سياسة دعم الحكومة الامريكية للحكام الديكتاتوريين وسياسة القمع الوحشية أنها سياسة فاشلة فى حالة إذا أراد شعباً أن يُسقط حكومة بثورته. وفى الواقع فإن الثورة المصرية أجبرت القوى العظمى ولاسيما الولايات المتحدة الامريكية أن تعيد النظر في سياستها الخارجية ومراجعتها بشكل كامل؛ نظراً للطفرة والدهاء، الذي تشهده تكنولوجيا الإتصالات، والتى استغلها الشباب في الآونة الأخيرة.
وعلى جميع الحكومات فى شتى بقاع الارض أن يدركوا أن سياسة التهدئة الكلامية لن تنفعهم إذا رغب الشعوب في التغيير و الديمقراطية.