- الثلاثاء يونيو 07, 2011 9:09 pm
#38959
العدو الحقيقي
بقلم: نير بومبس - خبير في الشؤون السورية
(معاريف - مقال - 6/6/2011)
الرحلة نحو الحدود، تلك التي "ألغيت" حسب التقارير من أول أمس – ولعلها هي ايضا جزءا من خطة المعركة – استؤنفت امس بقوة عندما حاول بضع مئات من النشطاء السوريين والفلسطينيين اجتياز السياج الفاصل على مقربة من تلة الصياح في هضبة الجولان. هذه المرة كان الجيش الاسرائيلي مستعدا أكثر بقليل ونجح في احباط التسلل، ولكن في ظل استخدام القوة التي أوقعت غير قليل من الخسائر.
محطة التلفزيون المؤيدة لسوريا "الدنيا"، كرست بثها ليوم النكسة الذي قتل فيه، حسب التقرير السوري، نحو 22 سوريا بنار جنود الجيش الاسرائيلي واصيب اكثر من 350. "هم يطلقون النار نحو البطن، نحو الرأس وبدم بارد"، هتف السوريون المخلصون نحو كاميرات التلفزيون، وسارع الناطقون الرسميون الى توجيه اصبع الاتهام الى جهة القمع الحقيقية في المنطقة، ولكن، الحقيقة، لم يؤثر هذا في أحد.
محطتا "الجزيرة" و"العربية" وإن تحدثتا عن الشهداء السوريين الذين قتلهم الاسرائيليون، الا انهما بثا أيضا صورا عن ضباط اسرائيليين لم يترددوا في المقارنة بين موقف الجيش الاسرائيلي من هذه المهمة – التسلل عبر الحدود من دولة معادية – وموقف الجيش السوري من المظاهرات داخل بلاده، المظاهرات التي جبت امس فقط حياة 35 شخصا، لم تكلف محطة التلفزيون السورية عناء التبليغ عنهم.
رامي عبدالرحمن، ممثل منظمة حقوق الانسان السورية "المرصد"، تحدث عن عدد القتلى هذا فقط في مدينتي جسر وخان شيمون شمالي حماة، وهذا دون صلة بـ 65 قتيلا في مدينة حماة شخصوا يوم الجمعة. لماذا، يسأل، لا تحصل بالذات هذه المظاهرات على تغطية وسائل الاعلام السورية؟
آخرون في المعارضة السورية كانوا أكثر فظاظة بقليل وبعض من ناطقيها تحدثوا صراحة عن المؤامرة السورية التي تحاول صرف الانتباه عن مظاهرات الشعب الى مظاهرات مرتزقة محليين تم شراؤهم لتنفيذ الحدث. دفعوا لهم، قال لي أحد رجال المعارضة. نشيط آخر ذكر أنه في جولة المظاهرات الاخيرة في يوم النكبة التقط في افلام الفيديو مسلحون بالبزات مع بنادق كلاشينكوف الامر الذي كشف النقاب منذ حينه وبوضوح عن دور النظام – لديه مصلحة واضحة لصرف الانتباه عن المجريات الداخلية. "صحيح أنه ليس واضحا ما هو مدى دور النظام السوري وهل نظم هو المظاهرات أم شجعها فقط، ولكن الواضح أن اصبع الحكم كان هناك على مدى الزمن". نشيطة سورية اخرى كتبت في الفيس بوك بانه في الطرف الاسرائيلي كان ممكنا على الاقل رؤية سيارات الاسعاف بينما جرحانا نحن نضطر الى تهريبهم الى تركيا.
تحقيقات وتحليلات ستستمر اليوم وفي الايام القريبة القادمة، وستستخلص استنتاجات وتفحص سيناريوهات، ولكن عند تحليل أحداث اليوم على الحدود من المجدي أن نتذكر مقابلة رامي مخلوف، رجل الرئيس السوري، في "نيويورك تايمز" قبل ثلاثة أسابيع. فقد حذر من أن "عدم الاستقرار في سوريا، معناه عدم الاستقرار في اسرائيل". بين ايام النكبة والنكسة وبين ايلول المقترب – يجدر بنا أن نتذكر أيضا هذه الكلمات. فمن يطلب بلطف يفي بلطف.
إيتان غليكمان وآخرون، إسرائيل تعلمت الدرس من قصور يوم النكبة فصدت المتظاهرين على الجدار
يديعوت أحرونوت، 6-6-2011
الكثير من عدم اليقين لف الحدود الشمالية صباح أمس: قوات الجيش الاسرائيلي استعدت بقوات معززة ليوم النكسة دون قدرة على التقدير كيف سينتهي هذا اليوم. ولكن شيئا واحدا كان واضحا: قصور يوم النكبة قبل شهر لن يتكرر ثانية.
هذه المرة، قرروا في الجيش الاسرائيلي بان السوريين لن يكونوا على الجدران – وهكذا كان. ولكن الثمن كان باهظا. حسب التقارير في التلفزيون السوري كان هناك 22 قتيلا، بينهم امرأة وفتى و350 جريحاً. في الجيش الاسرائيلي يدعون بان الاعداد مبالغ فيها وأن عدد المصابين أقل.
الالغام تتفجر
في الجيش الاسرائيلي لم يأخذوا جانب المخاطرة: فقد رابطت في قرية مجدل شمس منذ ساعات الصباح المبكر وحدة كبيرة بقيادة قائد المنطقة الشمالية غادي آيزنكوت. وبعد الساعة 12 بقليل اطلقت الاشارة. مئات اللاجئين الفلسطينيين بدأوا ينزلون من تلة الصياح السورية باتجاه مجدل شمس. ولا بد أنهم أملوا بان يكون هذا سهلا مثلما في المرة السابقة، ولكن هذه المرة كانت بانتظارهم مفاجأة: سياج معيق ("متلوي")، قناة بعرض 20 متر عن السياج وقوات غفيرة. بالضبط ما كان ينبغي ان ينتظرهم هناك في المرة السابقة. من حاول اجتياز القناة اطلقت النار عليه فورا من قناص باتجاه الارجل. ومن نجح في اجتياز هذه المرحلة ايضا – وصل الى حقل الالغام. وفي الخلفية اطلق الجيش الاسرائيلي كل الوقت تحذيرات بالعربية بمكبرات الصوت. بعد أن صدت الموجة الاولى حل هدوء قصير، ولكن ليس لزمن طويل. وفي اثناء اليوم جرب المتظاهرون حظهم بضع مرات ولكنهم صدوا. ومع ذلك، فقد نجح ثلاثة متظاهرين من اجتياز الحدود، اعتقلوا واعيدوا فورا الى الاراضي السورية.
واندلعت مواجهات اخرى خلف الحدود في القنيطرة. واستخدم الجنود هنا ايضا وسائل تفريق المظاهرات لمنع المتظاهرين من الوصول الى الجدار. وعلى مسافة بضع مئات من الامتار عن الحدود انفجرت في الاراضي السورية اربعة الغام واوقعت اصابات. وتقول مصادر في الجيش الاسرائيلي ان الانفجارات جاءت في أعقاب رشق المتظاهرين زجاجات حارقة أحدثت حريقا أدى الى تفجير الالغام – ومن هنا أيضا أدت الى الاصابات. وحسب هذه المصادر توقف المتظاهرون عند السياج ولم يتمكنوا من الدخول الى حقل الالغام. وفي الجيش الاسرائيلي يدعون بان نار القناصة كانت دقيقة جدا وأن استخدام وسائل تفريق المظاهرات مثل قنابل الغاز والصوت لم يكن ممكنا بسبب المسافة الطويلة التي بين القوات والمتظاهرين.
في ساعات ما بعد الظهر طلب الصليب الاحمر السوري من الجيش الاسرائيلي وقف النار لزمن قصير لاخلاء الجرحى. فاستجاب الجيش الاسرائيلي، واخلي قسم كبير من الجرحى.
وفي ساعات المساء عاد الهدوء الى الحدود ولكنه كان هدوءا متوترا. ويقول محمود فوزي، الذي وقف كل اليوم على تلة الصياح: "اذا كان شك لاحد ما فان الاحتجاج سيتصاعد فقط. اذا كان يظن أحد أن الجلبة انتهت، فهو مخطئ. أعرف أن الشباب هنا يخططون لمزيد من المفاجآت في الايام القريبة القادمة.
بقلم: نير بومبس - خبير في الشؤون السورية
(معاريف - مقال - 6/6/2011)
الرحلة نحو الحدود، تلك التي "ألغيت" حسب التقارير من أول أمس – ولعلها هي ايضا جزءا من خطة المعركة – استؤنفت امس بقوة عندما حاول بضع مئات من النشطاء السوريين والفلسطينيين اجتياز السياج الفاصل على مقربة من تلة الصياح في هضبة الجولان. هذه المرة كان الجيش الاسرائيلي مستعدا أكثر بقليل ونجح في احباط التسلل، ولكن في ظل استخدام القوة التي أوقعت غير قليل من الخسائر.
محطة التلفزيون المؤيدة لسوريا "الدنيا"، كرست بثها ليوم النكسة الذي قتل فيه، حسب التقرير السوري، نحو 22 سوريا بنار جنود الجيش الاسرائيلي واصيب اكثر من 350. "هم يطلقون النار نحو البطن، نحو الرأس وبدم بارد"، هتف السوريون المخلصون نحو كاميرات التلفزيون، وسارع الناطقون الرسميون الى توجيه اصبع الاتهام الى جهة القمع الحقيقية في المنطقة، ولكن، الحقيقة، لم يؤثر هذا في أحد.
محطتا "الجزيرة" و"العربية" وإن تحدثتا عن الشهداء السوريين الذين قتلهم الاسرائيليون، الا انهما بثا أيضا صورا عن ضباط اسرائيليين لم يترددوا في المقارنة بين موقف الجيش الاسرائيلي من هذه المهمة – التسلل عبر الحدود من دولة معادية – وموقف الجيش السوري من المظاهرات داخل بلاده، المظاهرات التي جبت امس فقط حياة 35 شخصا، لم تكلف محطة التلفزيون السورية عناء التبليغ عنهم.
رامي عبدالرحمن، ممثل منظمة حقوق الانسان السورية "المرصد"، تحدث عن عدد القتلى هذا فقط في مدينتي جسر وخان شيمون شمالي حماة، وهذا دون صلة بـ 65 قتيلا في مدينة حماة شخصوا يوم الجمعة. لماذا، يسأل، لا تحصل بالذات هذه المظاهرات على تغطية وسائل الاعلام السورية؟
آخرون في المعارضة السورية كانوا أكثر فظاظة بقليل وبعض من ناطقيها تحدثوا صراحة عن المؤامرة السورية التي تحاول صرف الانتباه عن مظاهرات الشعب الى مظاهرات مرتزقة محليين تم شراؤهم لتنفيذ الحدث. دفعوا لهم، قال لي أحد رجال المعارضة. نشيط آخر ذكر أنه في جولة المظاهرات الاخيرة في يوم النكبة التقط في افلام الفيديو مسلحون بالبزات مع بنادق كلاشينكوف الامر الذي كشف النقاب منذ حينه وبوضوح عن دور النظام – لديه مصلحة واضحة لصرف الانتباه عن المجريات الداخلية. "صحيح أنه ليس واضحا ما هو مدى دور النظام السوري وهل نظم هو المظاهرات أم شجعها فقط، ولكن الواضح أن اصبع الحكم كان هناك على مدى الزمن". نشيطة سورية اخرى كتبت في الفيس بوك بانه في الطرف الاسرائيلي كان ممكنا على الاقل رؤية سيارات الاسعاف بينما جرحانا نحن نضطر الى تهريبهم الى تركيا.
تحقيقات وتحليلات ستستمر اليوم وفي الايام القريبة القادمة، وستستخلص استنتاجات وتفحص سيناريوهات، ولكن عند تحليل أحداث اليوم على الحدود من المجدي أن نتذكر مقابلة رامي مخلوف، رجل الرئيس السوري، في "نيويورك تايمز" قبل ثلاثة أسابيع. فقد حذر من أن "عدم الاستقرار في سوريا، معناه عدم الاستقرار في اسرائيل". بين ايام النكبة والنكسة وبين ايلول المقترب – يجدر بنا أن نتذكر أيضا هذه الكلمات. فمن يطلب بلطف يفي بلطف.
إيتان غليكمان وآخرون، إسرائيل تعلمت الدرس من قصور يوم النكبة فصدت المتظاهرين على الجدار
يديعوت أحرونوت، 6-6-2011
الكثير من عدم اليقين لف الحدود الشمالية صباح أمس: قوات الجيش الاسرائيلي استعدت بقوات معززة ليوم النكسة دون قدرة على التقدير كيف سينتهي هذا اليوم. ولكن شيئا واحدا كان واضحا: قصور يوم النكبة قبل شهر لن يتكرر ثانية.
هذه المرة، قرروا في الجيش الاسرائيلي بان السوريين لن يكونوا على الجدران – وهكذا كان. ولكن الثمن كان باهظا. حسب التقارير في التلفزيون السوري كان هناك 22 قتيلا، بينهم امرأة وفتى و350 جريحاً. في الجيش الاسرائيلي يدعون بان الاعداد مبالغ فيها وأن عدد المصابين أقل.
الالغام تتفجر
في الجيش الاسرائيلي لم يأخذوا جانب المخاطرة: فقد رابطت في قرية مجدل شمس منذ ساعات الصباح المبكر وحدة كبيرة بقيادة قائد المنطقة الشمالية غادي آيزنكوت. وبعد الساعة 12 بقليل اطلقت الاشارة. مئات اللاجئين الفلسطينيين بدأوا ينزلون من تلة الصياح السورية باتجاه مجدل شمس. ولا بد أنهم أملوا بان يكون هذا سهلا مثلما في المرة السابقة، ولكن هذه المرة كانت بانتظارهم مفاجأة: سياج معيق ("متلوي")، قناة بعرض 20 متر عن السياج وقوات غفيرة. بالضبط ما كان ينبغي ان ينتظرهم هناك في المرة السابقة. من حاول اجتياز القناة اطلقت النار عليه فورا من قناص باتجاه الارجل. ومن نجح في اجتياز هذه المرحلة ايضا – وصل الى حقل الالغام. وفي الخلفية اطلق الجيش الاسرائيلي كل الوقت تحذيرات بالعربية بمكبرات الصوت. بعد أن صدت الموجة الاولى حل هدوء قصير، ولكن ليس لزمن طويل. وفي اثناء اليوم جرب المتظاهرون حظهم بضع مرات ولكنهم صدوا. ومع ذلك، فقد نجح ثلاثة متظاهرين من اجتياز الحدود، اعتقلوا واعيدوا فورا الى الاراضي السورية.
واندلعت مواجهات اخرى خلف الحدود في القنيطرة. واستخدم الجنود هنا ايضا وسائل تفريق المظاهرات لمنع المتظاهرين من الوصول الى الجدار. وعلى مسافة بضع مئات من الامتار عن الحدود انفجرت في الاراضي السورية اربعة الغام واوقعت اصابات. وتقول مصادر في الجيش الاسرائيلي ان الانفجارات جاءت في أعقاب رشق المتظاهرين زجاجات حارقة أحدثت حريقا أدى الى تفجير الالغام – ومن هنا أيضا أدت الى الاصابات. وحسب هذه المصادر توقف المتظاهرون عند السياج ولم يتمكنوا من الدخول الى حقل الالغام. وفي الجيش الاسرائيلي يدعون بان نار القناصة كانت دقيقة جدا وأن استخدام وسائل تفريق المظاهرات مثل قنابل الغاز والصوت لم يكن ممكنا بسبب المسافة الطويلة التي بين القوات والمتظاهرين.
في ساعات ما بعد الظهر طلب الصليب الاحمر السوري من الجيش الاسرائيلي وقف النار لزمن قصير لاخلاء الجرحى. فاستجاب الجيش الاسرائيلي، واخلي قسم كبير من الجرحى.
وفي ساعات المساء عاد الهدوء الى الحدود ولكنه كان هدوءا متوترا. ويقول محمود فوزي، الذي وقف كل اليوم على تلة الصياح: "اذا كان شك لاحد ما فان الاحتجاج سيتصاعد فقط. اذا كان يظن أحد أن الجلبة انتهت، فهو مخطئ. أعرف أن الشباب هنا يخططون لمزيد من المفاجآت في الايام القريبة القادمة.