By سالم علي القحطاني - الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 8:45 pm
- الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 8:45 pm
#39149
اختيار الدول للانضمام إلى الشراكات الاستراتيجية والتحالفات الإقليمية لا يخضع للأهواء الدولية والعواطف السياسية، بل ينبع من حرص هذه التكتلات على حماية مصالحها الحيوية وبراعة استغلالها لقواعد وأحكام النظام العالمي الجديد.
والمفاضلة بين الدول الراغبة في الانضمام للشراكة الاستراتيجية لا تعتمد فقط على طموحات هذه الدول وأحلام شعوبها، بل تصب في المقام الأول على مدى التوافق السياسي بين أنظمة هذه الدول وتصميمها على المضي قدماً في تعميق قاعدة توافقها ورفع مستوى علاقاتها الدولية وترسيخ أهدافها لتحقيق الشراكة الاستراتيجية المثلى.
قبل منحهم الموافقة المبدئية وقبل المضي قدماً في حسم الأمر لصالح شريك دون الآخر، كانت الخيارات المتاحة أمام الدول الخليجية تتمحور حول أهمية البعد الاستراتيجي مع الشريك المناسب، وقدرته على التعاون المشترك تجاه القضايا المصيرية التي تواجه أطراف الشراكة.
كانت أنظار الدول الخليجية تتجه أحياناً إلى الصين والهند وأمريكا والمجموعة الأوروبية، وأحياناً أخرى إلى اليابان والباكستان وأستراليا وماليزيا وتركيا وجنوب أفريقيا. إلا أن الشراكة الاستراتيجية جاءت من نصيب الأردن والمغرب، لتستفيد كافة الأطراف من الاستثناء المشمول بمبدأ حق الدولة الأولى بالرعاية، الذي يسمح بحجب مزايا هذه الاتفاقية عن الدول الأخرى. كما استفادت كافة الأطراف من هذه الشراكة بحكم عضويتها في منظمة التجارة العالمية، التي منحتها الحق في تطبيق أحكام المادة 24 من اتفاقية "جات" المعنية بتجارة السلع، وقواعد المادة 5 من اتفاقية "جاتس" المعنية بتجارة الخدمات.
كما هو متعارف عليه في مثل هذه الاتفاقات، من المتوقع أن تحتوي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الدول الخليجية والأردن والمغرب على حوالي 1,400 صفحة قانونية مدونة في 21 فصلا و5 ملاحق. وتحدد بنود الاتفاقية المزايا المتبادلة بين أطراف الشراكة، التي من أهمها تخفيض الرسوم الجمركية وإلغاء العوائق غير الجمركية أمام واردات وصادرات التجارة البينية وفتح قطاعات كافة أنشطة الخدمات التجارية والزراعية والصناعية والمالية والصحية والتعليمية والهندسية والاتصالات والنقل بمقدار أكبر مما التزمت به هذه الدول في منظمة التجارة العالمية. كما ترسّخ الاتفاقية مبادئ تمنح المستثمرين في هذه الشراكة مزايا تفوق تلك الممنوحة للمستثمرين القادمين من دول أخرى، إلى جانب توفير سبل تبادل المعلومات في المواصفات والمقاييس. ومن المتوقع أيضاً أن تحقق دول الشراكة الاستراتيجية المكاسب التالية:
1. رفع مستوى التنسيق السياسي بين الدول من خلال أنظمتها التشريعية المتجانسة وروابط قضاياها المتقاربة، مما يساهم في الوصول بالشراكة الاستراتيجية إلى مستوى الترتيب الإقليمي العربي الموحد، وذلك لمواجهة تحديات الترتيبات الإقليمية الأخرى.
2. تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية الإقليمية المتوفرة لدى هذه الدول بهدف زيادة التبادل التجاري بينها في قطاعي السلع والخدمات، وذلك ضمن المزايا التفضيلية وتحت المظلة القانونية لاتفاقات منظمة التجارة العالمية.
3. تعميق الاستفادة من التكامل الشامل للمدن الاقتصادية الناشئة بهدف الاستغلال الأمثل للميزايا النسبية والتنافسية التي تتمتع بها الدول الخليجية والأردن والمغرب، والرامية لاستقطـاب الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التقنية وتوطين الوظائف.
4. تعزيز القدرات الذاتية لقواعد المنشأ الخليجية لزيادة تدفق صادرات دول الشراكة الاستراتيجية في الأسواق العالمية، خاصة أن الأردن والمغرب من الدول العربية الوحيدة التي تتمتع باتفاقيات ثنائية مزدوجة للتجارة الحرة مع أمريكا والمجموعة الأوروبية.
في العقدين الماضيين بدأ الشك في نوايا مثل هذه الشراكات الاستراتيجية (الأقلمة) يساور العديد من خبراء التحالفات التعددية (العولمة)، بل قام البعض باتهام هذه الشراكات لكونها تسعى إلى تقويض أحكام النظام التجاري العالمي، وتحويل دفة اتجاهاته من (العولمة) إلى (الأقلمة).
في نهاية العام الجاري ارتفع عدد الشراكات الاستراتيجية بين الدول إلى 235 اتفاقاً، استأثر الاتحاد الأوروبي بنصيب الأسد منها، لتأتي دول شرق آسيا (اتحاد آسيان) في المرتبة الثانية، تلتها إسرائيل ثم أمريكا الشمالية (تكتل نافتا)، التي أبرمت 32 شراكةً استراتيجية كان آخرها مع جنوب كوريا في العام الماضي وقبلها مع الأردن والمغرب والبحرين وعمان في عام 2005.
الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة هو أكثـر التكتـلات الاقتصادية نجاحـاً في مجال (الأقلمة)، حيث قفزت التجارة البينية للدول الأعضاء فيه من 40% في الستينات إلى 75% في نهاية العام الماضي. أما دول تكتل (نافتا) في إقليم أمريكا الشمالية المكون من أمريكا وكندا والمكسيك، فلقد أنجزت خطوات مهمة في قطاع الخدمات مع بداية الألفية الثالثة لتصل مساهمتها إلى 70% من حجم تجارتها مع دول العالم الأخرى. وكذلك دول مجموعة (ميركوسور) المكونة من 6 دول نامية في إقليم جنوب أمريكا وهي الأرجنتين، والبرازيل، وباراغواي، وأوروجواي، وشيلي، وبوليفـيا، التي أصبحت من أفضل التكتلات الاقتصادية المتخصصة في إزالة جميع العوائق الجمركية والكّمية عن كافة السلع المتبادلة بين هذه الدول. أما اتحاد (آسيان) المكون من 10 دول في إقليم جنوب شرق آسيا، التي من ضمنها سنغافورة، فلقد غدت من أفضل الترتيبات الإقليمية في تبادل المنافع وقامـت برفـع مسـتوى هذا التكتل مؤخراً ليشمل الخدمات والاستثمار أيضاً وبهذا يصبح هذا الاتحاد سوقاً مشتركة مماثلة للسوق الخليجية المشتركة.
لا شك أن الشراكة الاستراتيجية بين الدول الخليجية والأردن والمغرب ستمنح كافة الأطراف الفرصة المثالية لدخول مضمار (الأقلمة) الاقتصادية من أوسع أبوابه وتعظيم الاستفادة من أحكام (العولمة) في فتح أسواق الدول الأوروبية والأمريكية والأفريقية أمام صادرات أسواقنا المشتركة.
الأردن والمغرب.. شراكة خليجية رابحة الشراكة
الاستراتيجية بين الدول الخليجية والأردن والمغرب ستمنح كافة الأطراف الفرصة المثالية لدخول مضمار "الأقلمة" الاقتصادية من أوسع أبوابهاختيار الدول للانضمام إلى الشراكات الاستراتيجية والتحالفات الإقليمية لا يخضع للأهواء الدولية والعواطف السياسية، بل ينبع من حرص هذه التكتلات على حماية مصالحها الحيوية وبراعة استغلالها لقواعد وأحكام النظام العالمي الجديد.
والمفاضلة بين الدول الراغبة في الانضمام للشراكة الاستراتيجية لا تعتمد فقط على طموحات هذه الدول وأحلام شعوبها، بل تصب في المقام الأول على مدى التوافق السياسي بين أنظمة هذه الدول وتصميمها على المضي قدماً في تعميق قاعدة توافقها ورفع مستوى علاقاتها الدولية وترسيخ أهدافها لتحقيق الشراكة الاستراتيجية المثلى.
قبل منحهم الموافقة المبدئية وقبل المضي قدماً في حسم الأمر لصالح شريك دون الآخر، كانت الخيارات المتاحة أمام الدول الخليجية تتمحور حول أهمية البعد الاستراتيجي مع الشريك المناسب، وقدرته على التعاون المشترك تجاه القضايا المصيرية التي تواجه أطراف الشراكة.
كانت أنظار الدول الخليجية تتجه أحياناً إلى الصين والهند وأمريكا والمجموعة الأوروبية، وأحياناً أخرى إلى اليابان والباكستان وأستراليا وماليزيا وتركيا وجنوب أفريقيا. إلا أن الشراكة الاستراتيجية جاءت من نصيب الأردن والمغرب، لتستفيد كافة الأطراف من الاستثناء المشمول بمبدأ حق الدولة الأولى بالرعاية، الذي يسمح بحجب مزايا هذه الاتفاقية عن الدول الأخرى. كما استفادت كافة الأطراف من هذه الشراكة بحكم عضويتها في منظمة التجارة العالمية، التي منحتها الحق في تطبيق أحكام المادة 24 من اتفاقية "جات" المعنية بتجارة السلع، وقواعد المادة 5 من اتفاقية "جاتس" المعنية بتجارة الخدمات.
كما هو متعارف عليه في مثل هذه الاتفاقات، من المتوقع أن تحتوي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الدول الخليجية والأردن والمغرب على حوالي 1,400 صفحة قانونية مدونة في 21 فصلا و5 ملاحق. وتحدد بنود الاتفاقية المزايا المتبادلة بين أطراف الشراكة، التي من أهمها تخفيض الرسوم الجمركية وإلغاء العوائق غير الجمركية أمام واردات وصادرات التجارة البينية وفتح قطاعات كافة أنشطة الخدمات التجارية والزراعية والصناعية والمالية والصحية والتعليمية والهندسية والاتصالات والنقل بمقدار أكبر مما التزمت به هذه الدول في منظمة التجارة العالمية. كما ترسّخ الاتفاقية مبادئ تمنح المستثمرين في هذه الشراكة مزايا تفوق تلك الممنوحة للمستثمرين القادمين من دول أخرى، إلى جانب توفير سبل تبادل المعلومات في المواصفات والمقاييس. ومن المتوقع أيضاً أن تحقق دول الشراكة الاستراتيجية المكاسب التالية:
1. رفع مستوى التنسيق السياسي بين الدول من خلال أنظمتها التشريعية المتجانسة وروابط قضاياها المتقاربة، مما يساهم في الوصول بالشراكة الاستراتيجية إلى مستوى الترتيب الإقليمي العربي الموحد، وذلك لمواجهة تحديات الترتيبات الإقليمية الأخرى.
2. تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية الإقليمية المتوفرة لدى هذه الدول بهدف زيادة التبادل التجاري بينها في قطاعي السلع والخدمات، وذلك ضمن المزايا التفضيلية وتحت المظلة القانونية لاتفاقات منظمة التجارة العالمية.
3. تعميق الاستفادة من التكامل الشامل للمدن الاقتصادية الناشئة بهدف الاستغلال الأمثل للميزايا النسبية والتنافسية التي تتمتع بها الدول الخليجية والأردن والمغرب، والرامية لاستقطـاب الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التقنية وتوطين الوظائف.
4. تعزيز القدرات الذاتية لقواعد المنشأ الخليجية لزيادة تدفق صادرات دول الشراكة الاستراتيجية في الأسواق العالمية، خاصة أن الأردن والمغرب من الدول العربية الوحيدة التي تتمتع باتفاقيات ثنائية مزدوجة للتجارة الحرة مع أمريكا والمجموعة الأوروبية.
في العقدين الماضيين بدأ الشك في نوايا مثل هذه الشراكات الاستراتيجية (الأقلمة) يساور العديد من خبراء التحالفات التعددية (العولمة)، بل قام البعض باتهام هذه الشراكات لكونها تسعى إلى تقويض أحكام النظام التجاري العالمي، وتحويل دفة اتجاهاته من (العولمة) إلى (الأقلمة).
في نهاية العام الجاري ارتفع عدد الشراكات الاستراتيجية بين الدول إلى 235 اتفاقاً، استأثر الاتحاد الأوروبي بنصيب الأسد منها، لتأتي دول شرق آسيا (اتحاد آسيان) في المرتبة الثانية، تلتها إسرائيل ثم أمريكا الشمالية (تكتل نافتا)، التي أبرمت 32 شراكةً استراتيجية كان آخرها مع جنوب كوريا في العام الماضي وقبلها مع الأردن والمغرب والبحرين وعمان في عام 2005.
الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة هو أكثـر التكتـلات الاقتصادية نجاحـاً في مجال (الأقلمة)، حيث قفزت التجارة البينية للدول الأعضاء فيه من 40% في الستينات إلى 75% في نهاية العام الماضي. أما دول تكتل (نافتا) في إقليم أمريكا الشمالية المكون من أمريكا وكندا والمكسيك، فلقد أنجزت خطوات مهمة في قطاع الخدمات مع بداية الألفية الثالثة لتصل مساهمتها إلى 70% من حجم تجارتها مع دول العالم الأخرى. وكذلك دول مجموعة (ميركوسور) المكونة من 6 دول نامية في إقليم جنوب أمريكا وهي الأرجنتين، والبرازيل، وباراغواي، وأوروجواي، وشيلي، وبوليفـيا، التي أصبحت من أفضل التكتلات الاقتصادية المتخصصة في إزالة جميع العوائق الجمركية والكّمية عن كافة السلع المتبادلة بين هذه الدول. أما اتحاد (آسيان) المكون من 10 دول في إقليم جنوب شرق آسيا، التي من ضمنها سنغافورة، فلقد غدت من أفضل الترتيبات الإقليمية في تبادل المنافع وقامـت برفـع مسـتوى هذا التكتل مؤخراً ليشمل الخدمات والاستثمار أيضاً وبهذا يصبح هذا الاتحاد سوقاً مشتركة مماثلة للسوق الخليجية المشتركة.
لا شك أن الشراكة الاستراتيجية بين الدول الخليجية والأردن والمغرب ستمنح كافة الأطراف الفرصة المثالية لدخول مضمار (الأقلمة) الاقتصادية من أوسع أبوابه وتعظيم الاستفادة من أحكام (العولمة) في فتح أسواق الدول الأوروبية والأمريكية والأفريقية أمام صادرات أسواقنا المشتركة.