تداول السلطة في المفهوم الإسلامي
مرسل: الاثنين أكتوبر 03, 2011 7:38 pm
بقلم / أحمد أحمد عبد الجواد
الأمة هي مصدر السلطات بمعنى أنها هى التى تولى السلطان أو الحاكم متى رأت فيه الشروط المؤهلة للولاية والحكم ، وللأمة الحق في عزل هذا الحاكم إذا خالف شروط عقد الإمامة أو الإمارة أو الولاية أو الحكم فكلها مصطلحات متقاربة .
والسؤال الآن هو : هل يجوز أن يكون عقد البيعة أو التولية محددا من البداية ؟
والجواب أن الاصل في عقد الإمامة أن الإمام ما دام قائماً بحق ربه ودينه وأمته ولم يخالف ولم يخرق بنود عقد الولاية فله أن يبقى فإذا ظهر ما يدعو لعزله عزلته الامة .
ومع هذا فإن من العلماء من أجاز مبدأ تقييد البيعة ولم يروه غريباً على قواعد السياسة الشرعية مستدلاً بفعل الأنصار ، فقد بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحماية والنصرة داخل المدينة فقط ، ولهذا لما جاءت غزوة بدر استشارهم في الخروج بعد أن استشار المهاجرين وعرف سعد بن معاذ أنه يعنيهم باعتبار الاتفاق المقيد فبادر وأبلغ الرسول باستعدادهم للخوض معه في أي ميدان وأي مكان حتى استبشر وجه الرسول وتهلل من الفرح .
واستدل من أجاز التقييد بفعل عبدالرحمن بن عوف ، فقد قيد عقد البيعة بأن يحذو من يأتي بعد الشيخين حذوهما وأن يلتزم اجتهادهما السياسي في إدارة الدولة ، فلما عرض على عليّ رضي الله عنه قال : " أجتهد رأيي ولا آلو " ولما عرض على عثمان رضى الله عنه قبل وقال : أفعل إن شاء الله ، فعقد الولاية له علي أساس هذا القيد .
يقول الدكتور صلاح الصاوى في كتابه الوجيز في فقه الخلافة : " وقد تمهد في قواعد السياسة الشرعية كذلك أن الامة هي مستقر السلطة ومستودعها , فاذا كانت السيادة حقاً خالصاً لله جل وعلا فإن السلطة – في إطار سيادة الشريعة - حق خالص لجماعة المسلمين فـللأمة في هذا الاطار حق الهيمنة علي حكامها تولية ورقابة وعزلاَ ، ولا ينازعها في ذلك الا ظلوم ، وإذا كان الحق في السلطة ابتداءً هو لجماعة المسلمين وهي التي تنيب الأئمة (الرؤساء او الحكام ) في ممارسة هذا السلطة تحقيقاً لمصالح المسلمين العامة ، فإن لها بمقتضي القواعد العامة للشريعة أن تبذل هذه السلطة مطلقة او مقيدة حسب ما يترجح لديها من المصلحة في ذلك " .
فلها أن تقيدها من حيث الموضوع ومن حيث الزمن ، والمقصود بالموضوع ما يتخده الحاكم من قرارات وقضايا مصيرية ، فـللأمة اشتراط رجوعه اليها ممثلة في أهل الحل والعقد (مجلس الشعب أو الشوري) مثلاً . وأما الزمن أن تحدد ولايته بمدة زمنية محددة .
] شبهة وجوابها [ :
ربما قال قائل : هذا الأمر لم يفعله السلف الصالح وبالتالي هو بدعة وشر لأن الخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف ، ولأن خير القرون لم يفعلوا ذلك ، فكيف يسوغ لنا أن نفعله ؟!
والجواب : أن التحديد من عدمه داخل في باب السياسة الشرعية وهي أن السياسة الشرعية - كما نسب لابن العقيل وكما ذكر ابن القيم في الظُرف الحكميه – هي كل فعل يكون معه الناس أقرب إلي الصلاح وأبعد عن الفساد ، وإن لم يأت فيه دليل خاص ولا جري عليه عمل من سبق من أهل العلم , لكنه ملائم لـجنس تصرفات الشارع ومندرج تحت مقاصد الشريعة العامة .
وفلسفة التقييد لها جانب نفسي مهم , فإن الحاكم حين يبقي علي كرسي الحكم وهو يعلم أن بقاءه غير محدد بزمن يدخل عليه طغيان النفس واستبدادها ، وبل قد يصل إلى حد الفرعونية ، وقد أثبتت الأيام صدق هذا البعد النفسي كما حدث في تونس ومصر وليبيا علي الرغم من ظهور الفساد في تلك البلاد وغيرها ، وأن هؤلاء الحكام خالفوا المشروع والمعروف والمألوف واستأسدوا علي شعوبهم بينما كانوا على الأعداء نعاماً رقيقاً ، ومع ذلك فلم يرحل بن علي ومبارك إلا تحت ضغط شعبي عام ولا زال المجرم الليبي يقتل الآلاف من شعبه ليحافظ علي هذا الكرسي ، فلو كان العقد من بدايته محدداً ، أحسب أنه كان سينضبط إلى حد ما خوفاً من المحاسبة والمراقبة إذا لم يكن من الله فمن الأمة الواعية .
الأمة هي مصدر السلطات بمعنى أنها هى التى تولى السلطان أو الحاكم متى رأت فيه الشروط المؤهلة للولاية والحكم ، وللأمة الحق في عزل هذا الحاكم إذا خالف شروط عقد الإمامة أو الإمارة أو الولاية أو الحكم فكلها مصطلحات متقاربة .
والسؤال الآن هو : هل يجوز أن يكون عقد البيعة أو التولية محددا من البداية ؟
والجواب أن الاصل في عقد الإمامة أن الإمام ما دام قائماً بحق ربه ودينه وأمته ولم يخالف ولم يخرق بنود عقد الولاية فله أن يبقى فإذا ظهر ما يدعو لعزله عزلته الامة .
ومع هذا فإن من العلماء من أجاز مبدأ تقييد البيعة ولم يروه غريباً على قواعد السياسة الشرعية مستدلاً بفعل الأنصار ، فقد بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحماية والنصرة داخل المدينة فقط ، ولهذا لما جاءت غزوة بدر استشارهم في الخروج بعد أن استشار المهاجرين وعرف سعد بن معاذ أنه يعنيهم باعتبار الاتفاق المقيد فبادر وأبلغ الرسول باستعدادهم للخوض معه في أي ميدان وأي مكان حتى استبشر وجه الرسول وتهلل من الفرح .
واستدل من أجاز التقييد بفعل عبدالرحمن بن عوف ، فقد قيد عقد البيعة بأن يحذو من يأتي بعد الشيخين حذوهما وأن يلتزم اجتهادهما السياسي في إدارة الدولة ، فلما عرض على عليّ رضي الله عنه قال : " أجتهد رأيي ولا آلو " ولما عرض على عثمان رضى الله عنه قبل وقال : أفعل إن شاء الله ، فعقد الولاية له علي أساس هذا القيد .
يقول الدكتور صلاح الصاوى في كتابه الوجيز في فقه الخلافة : " وقد تمهد في قواعد السياسة الشرعية كذلك أن الامة هي مستقر السلطة ومستودعها , فاذا كانت السيادة حقاً خالصاً لله جل وعلا فإن السلطة – في إطار سيادة الشريعة - حق خالص لجماعة المسلمين فـللأمة في هذا الاطار حق الهيمنة علي حكامها تولية ورقابة وعزلاَ ، ولا ينازعها في ذلك الا ظلوم ، وإذا كان الحق في السلطة ابتداءً هو لجماعة المسلمين وهي التي تنيب الأئمة (الرؤساء او الحكام ) في ممارسة هذا السلطة تحقيقاً لمصالح المسلمين العامة ، فإن لها بمقتضي القواعد العامة للشريعة أن تبذل هذه السلطة مطلقة او مقيدة حسب ما يترجح لديها من المصلحة في ذلك " .
فلها أن تقيدها من حيث الموضوع ومن حيث الزمن ، والمقصود بالموضوع ما يتخده الحاكم من قرارات وقضايا مصيرية ، فـللأمة اشتراط رجوعه اليها ممثلة في أهل الحل والعقد (مجلس الشعب أو الشوري) مثلاً . وأما الزمن أن تحدد ولايته بمدة زمنية محددة .
] شبهة وجوابها [ :
ربما قال قائل : هذا الأمر لم يفعله السلف الصالح وبالتالي هو بدعة وشر لأن الخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف ، ولأن خير القرون لم يفعلوا ذلك ، فكيف يسوغ لنا أن نفعله ؟!
والجواب : أن التحديد من عدمه داخل في باب السياسة الشرعية وهي أن السياسة الشرعية - كما نسب لابن العقيل وكما ذكر ابن القيم في الظُرف الحكميه – هي كل فعل يكون معه الناس أقرب إلي الصلاح وأبعد عن الفساد ، وإن لم يأت فيه دليل خاص ولا جري عليه عمل من سبق من أهل العلم , لكنه ملائم لـجنس تصرفات الشارع ومندرج تحت مقاصد الشريعة العامة .
وفلسفة التقييد لها جانب نفسي مهم , فإن الحاكم حين يبقي علي كرسي الحكم وهو يعلم أن بقاءه غير محدد بزمن يدخل عليه طغيان النفس واستبدادها ، وبل قد يصل إلى حد الفرعونية ، وقد أثبتت الأيام صدق هذا البعد النفسي كما حدث في تونس ومصر وليبيا علي الرغم من ظهور الفساد في تلك البلاد وغيرها ، وأن هؤلاء الحكام خالفوا المشروع والمعروف والمألوف واستأسدوا علي شعوبهم بينما كانوا على الأعداء نعاماً رقيقاً ، ومع ذلك فلم يرحل بن علي ومبارك إلا تحت ضغط شعبي عام ولا زال المجرم الليبي يقتل الآلاف من شعبه ليحافظ علي هذا الكرسي ، فلو كان العقد من بدايته محدداً ، أحسب أنه كان سينضبط إلى حد ما خوفاً من المحاسبة والمراقبة إذا لم يكن من الله فمن الأمة الواعية .