صفحة 1 من 1

مؤتمر فيينا 1815

مرسل: الأربعاء أكتوبر 05, 2011 6:26 pm
بواسطة سلطان المحماد4 3
مؤتمر فيينا 1815
عبارة عن مؤتمر لسفراء الدول الأوروبية ترأسه رجل الدولة النمساوي كليمنس فينتزل فون ميترنيخ عقد المؤتمر في فيينا في الفترة من أيلول / سبتمبر 1814 إلى حزيران / يونيو 1815 كان هدفه تسوية العديد من القضايا الناشئة عن حروب الثورة الفرنسية والحروب النابليونية وتفكك الإمبراطورية الرومانية المقدسة. أسفر هذا المؤتمر عن إعادة رسم الخريطة السياسية للقارة، ووضع حدود لفرنسا ودوقية نابليون في وارسو وهولندا وولايات نهر الراين والمقاطعة الألمانية في ساكسونيا وعلى الأراضي الإيطالية المختلفة وإنشاء مناطق نفوذ لكل من فرنسا والنمسا وروسيا وبريطانيا تتوسط فيها تلك الدول في حل المشاكل المحلية والإقليمية. كان مؤتمر فيينا نموذجاً لعصبة الأمم والأمم المتحدة بسبب هدفها في إحلال السلام من جانب جميع الأطراف.

كانت الخلفية المباشرة هزيمة فرنسا النابليونية واستسلامها في مايو/ أيار 1814 الأمر الذي وضع حداً لـ 25 عاماً من الحرب المتواصلة تقريباً. استمرت المفاوضات على الرغم من اندلاع القتال الناجم عن عودة نابليون من المنفى واستعادته للحكم في فرنسا خلال مئة يوم من آذار / مارس إلى تموز / يوليو 1815 الوثيقة الختامية للمؤتمر وقعت قبل تسعة أيام من هزيمته النهائية في واترلو في 18 يونيو/ حزيران 1815

الأمر المثير للاهتمام في مؤتمر فيينا هو أنه لم يكن مؤتمراً بالمعنى الحرفي للكلمة حيث لم تعقد جلسة عامة أبداً كما جرت معظم النقاشات بصفة غير رسمية، ووجهاً لوجه بين القوى العظمى مثل فرنسا والمملكة المتحدة والنمسا وروسيا وفي بعض الأحيان بروسيا، مع مشاركة محدودة أو معدومة من قبل المندوبين الآخرين. من ناحية أخرى كان الكونغرس المحاولة الأولى في التاريخ حيث تجتمع القوى على نطاق القاري بهدف الوصول إلى معاهدة، بدلا من الاعتماد أساسا على الرسل والرسائل بين العواصم المختلفة. أدت التسوية في نهاية مؤتمر فيينا - على الرغم من التغييرات اللاحقة – لتشكيل إطار للسياسة الدولية الأوروبية حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914

مقدمة
وقعت تسويات جزئية بالفعل خلال معاهدة باريس بين فرنسا والتحالف السادس وخلال معاهدة كيل التي شملت القضايا التي أثيرت حول الدول الاسكندنافية قررت معاهدة باريس وجوب انعقاد مؤتمر عام في فيينا وأنه سيتم توجيه الدعوات إلى جميع القوى الفاعلة في الحرب الحالية قرر الافتتاح في يوليو / تموز 1814

المشاركون
شكلت القوى الأربع العظمى سابقاً قلب التحالف السادس ومع اقتراب هزيمة نابليون حددوا مواقفهم المشتركة والمذكورة في معاهدة شومو ‏ (آذار / مارس 1814)، وتفاوضوا على معاهدة باريس مع آل بوربون في فرنسا خلال إعادة تنصيبهم:
* النمسا ومثلها الأمير ميترنيخ وزير الخارجية ونائبه البارون يوهان فون فيسينبيرغ
*المملكة المتحدة ممثلة من قبل دوق ولينغتون
* روسيا وزير الخارجية الكونت كارل روبرت نيسيلرود
*بروسيا مثلت من طرف الأمير كارل أوغست فون هاردينبيرغ المستشار، والدبلوماسي والباحث فيلهلم فون همبولت.
*كانت فرنسا القوة الخامسة ممثلة بوزير خارجيتها تشارلز موريس دو تاليران - بيريغو

الموقعون الثلاثة الآخرون على معاهدة باريس (1814):
إسبانيا البرتغال النرويج والسويد وآخرون مثل دنمارك وهولندا وسويسرا والولايات الباباوية

مسار المؤتمر:
في البداية اجتمع ممثلوا القوى الأربع المنتصرة آملين في استبعاد الفرنسيين من المشاركة في مفاوضات جدية. استطاع تاليران بمهارته السياسية إدراج نفسه في المجالس الداخلية في الأسابيع الأولى من المفاوضات. حيث تحالف مع ثمانية من القوى الأوروبية الأصغر (بما في ذلك إسبانيا والسويد والبرتغال) في لجنة للسيطرة على المفاوضات حالما نجح تاليران في إقحام اللجنة في المفاوضات الداخلية انسحب منها متخلياً عن حلفائه أدى تردد الحلفاء الكبير حول كيفية إدارة شؤون المؤتمر دون إثارة احتجاج موحد من القوى الأقل شأناً إلى الدعوة لعقد مؤتمر تمهيدي حول البروتوكول. دعي إلى هذا المؤتمر كل من تاليران وماركيز لابرادور ممثل إسبانيا، في 30 سبتمبر/ أيلول 1814.

المرسوم الأخير:
وقع المرسوم النهائي الذي ضم كافة الاتفاقيات في 9 حزيران/ يونيو 1815 تشمل بنوده:

تمنح روسيا أغلب دوقية وارسوعلى أن تحتفظ بفنلندا (التي كانت قد ضمتها من السويد عام 1809 حتى عام 1917).
تمنح بروسيا خمسي ساكسونيا وأجزاء من دوقية وارسو ودانتزغ وأرض الراين وستفاليا.
تم إنشاء اتحاد ألماني من 38 دويلة من أصل 360 كانت تشكل بمجملها الإمبراطورية الرومانية المقدسة برئاسة الإمبراطور النمساوي. أدرجت أجزاء فقط من أراضي النمسا وبروسيا في الاتحاد.
وحدت هولندا وجنوب هولندا في نظام ملكي دستوري يحكمه ملك للتعويض عن خسارة آل أورانج ناساو لأراضي ناساو لصالح بروسيا، تشكل المملكة المتحدة الهولندية ودوقية لوكسمبورغ اتحاداً شخصياً بحكم آل أورانج - ناساو حيث تكون لوكسمبورغ (ولكن ليس هولندا) ضمن الاتحاد الألماني
بوميرانيا السويدية التي استولت عليها الدنمارك في العام السابق تسلم لبروسيا.
ضمان حيادية سويسرا.
تتنازل هانوفر عن دوقية لاونبيرغ للدنمارك، ولكن تتوسع أراضيها بضم الأراضي الخاضعة سابقاً لأسقف مونستر ‏ والأراضي البروسية في فريزيا الشرقية ‏.
يعترف بمعظم المكاسب الإقليمية لكل من بافاريا وفورتمبيرغ وبادن ‏ وهيسه - دارمشتات وناساو ‏ خلال عمليات الاستيعاب بين عامي 1801 - 1806. ضمت بافاريا أيضاً راينيشه بالاتينيت وأجزاء من دوقية نابليون في فورتسبورغ ‏ ودوقية فرانكفورت الكبرى منحت هيسه - دارمشتات مدينة ماينتس مقابل التخلي عن دوقية ويستفاليا لبروسيا.
تستعيد النمسا السيطرة على تيرول ‏‏ وسالزبورغ من المحافظات الإيليرية السابقة ‏ ومقاطعة ترنوبل من روسيا. كما تمنح لومبارديا والبندقية ‏ في إيطاليا ودوبروفنيك ‏ في دالماسيا. تبقى الأراضي النمساوية السابقة في جنوب غرب ألمانيا تحت سيطرة بادن وفورتمبيرغ كما فقدت ممتلكاتها في هولندا.
يستعاد أمراء هابسبورغ إلى عرشي دوقية توسكانا الكبرى ودوقية مودينا.
الدولة البابوية تحت حكم البابا وتستعيد حدودها السابقة باستثناء أفينيون وكومتا فينايسي ‏ والتي بقيت جزءاً من فرنسا.
تم تثبيت سيطرة المملكة المتحدة على مستعمرة كيب ‏ في جنوب أفريقيا وتوباغو وسيلان وغيرها من مختلف المستعمرات في أفريقيا وآسيا. كما أعيدت المستعمرات الأخرى وأبرزها جزر الهند الشرقية الهولندية والمارتينيك إلى أصحابها السابقين.
استعيد ملك سردينيا في بيدمونت ونيس وسافوي ومنح السيطرة على جنوى (مما وضع نهاية للجمهورية في المدينة).
أعطيت دوقيات بارما وبياتشينزا وغاستالا لماري لويز زوجة نابليون.
أنشئت دوقية لوكا لصالح آل بوربون - بارما حيث تعود حقوقها لبارما بعد وفاة ماري لويز ‏.
فرديناند الرابع من البوربون، ملك صقلية يستعيد السيطرة على مملكة نابولي بعد أن قام يواكيم مورات (الملك المنصب من طرف بونابرت)، بدعم نابليون في المائة يوم وإعلان الحرب على النمسا.
أدينت تجارة الرقيق. تكفل حرية الملاحة في العديد من الأنهار بما فيها الراين.

التغييرات الأخرى:
كانت نتائج المؤتمر الرئيسية فضلاً عن تأكيده خسارة فرنسا للأراضي التي ضمتها بين عامي 1795-1810 والتي سبق أن اتفق عليها في معاهدة باريس توسيع روسيا التي حصلت على أغلب دوقية وارسو وبروسيا التي اكتسبت وستفاليا وأراضي شمال الراين. كما تم تأكيد توحيد ألمانيا مما يقرب من 300 دويلة نجمت عن انهيار الإمبراطورية الرومانية المقدسة (المنحلة في 1806) في 38 ولاية مما يسهل إدارتها (كان منها 4 مدن حرة). شكلت هذه الدول اتحاداً ألمانياً فضفاضاً بقيادة بروسيا والنمسا.
وافق النواب في المؤتمر على العديد من التغييرات الإقليمية الأخرى. نقلت النرويج من سيادة الدنمارك إلى السويد الأمر الذي أشعل الحركة القومية في النرويج وتشكيل مملكة النرويج يوم 17 مايو/ أيار 1814. حصلت النمسا على لومبارديا والبندقية في شمال إيطاليا بينما ذهبت أغلبية الأراضي الإيطالية في الشمال والوسط إلى سلالات هابسبورغ (دوقية توسكانا ودوقية مودينا ودوقية بارما). وأعيدت الولايات البابوية للبابا. أعيد لمملكة سردينيا بيدمونت ممتلكاتها في البر الرئيسي وحصلت أيضاً على جمهورية جنوة. في جنوب إيطاليا سمح لصهر نابليون يواكيم مورات بالاحتفاظ بمملكة نابولي ولكن تأييده لنابليون في المائة يوم أدى إلى استعادة آل بوربون للعرش عبر فرديناند الرابع.
أنشئت المملكة المتحدة الهولندية نقلت دوقية لاونبيرغ من هانوفر إلى الدنمارك وضمت بوميرانيا السويدية إلى بروسيا وسعت سويسرا وأعلنت دولة محايدة أثناء الحروب فقدت البرتغال مدينة أولايفينزا لصالح إسبانيا وفي مؤتمر فيينا أرادت استعادتها البرتغال تاريخياً أقدم حليف للمملكة المتحدة وبدعم منها نجحت في إدراج حقها في استعادة أولايفينزا

الانتقادات ( التقييم ) :
تعرض المؤتمر لانتقادات متكررة في القرن التاسع عشر والمؤرخين الأكثر حداثة بتجاهل الدوافع الوطنية والليبرالية وفرض رجعية خانقة في القارة. كان جزءاً لا يتجزأ في ما أصبح يعرف باسم النظام المحافظ حيث نزعت الشرعية عن الحريات والحقوق المدنية المرتبطة بالثورتين الأمريكية والفرنسية وتم شراء السلام والاستقرار بدلاً من ذلك.

في القرن العشرين مع ذلك أعجب العديد من المؤرخين برجال الدولة في المؤتمر الذي عمل على منع حرب أخرى أوروبية أخرى واسعة النطاق لما يقرب من مائة عام (1815-1914). من بين هؤلاء هنري كسنجر، الذي كتب في أطروحته للدكتوراه العالم المسترد (1957) حول ذلك. قبل افتتاح مؤتمر السلام في باريس عام 1918 دعت وزارة الخارجية البريطانية للعودة إلى تاريخ مؤتمر فيينا ليكون بمثابة المثال لمندوبيها لكيفية تحقيق سلام ناجح. بالإضافة إلى أن قرارات المؤتمر وضعتها القوى العظمى الأربع (النمسا وبروسيا وروسيا والمملكة المتحدة)، ولم تستطع كل بلدان أوروبا إيصال حقوقهم للمؤتمر. على سبيل المثال أصبحت إيطاليا مجرد "تعبير جغرافي" وقسمت إلى ثمانية أجزاء (بارما ومودينا وتوسكانا ولومبارديا والبندقية وبيدمونت وسردينيا والدولة البابوية ونابولي وصقلية) الخاضعة لسيطرة القوى المختلفة في حين أن بولندا كانت تحت نفوذ روسيا بعد المؤتمر. بالتالي الترتيبات التي وصلت إليها القوى العظمى الأربعة أدت في النهاية إلى نزاعات مستقبلية. حافظ مؤتمر فيينا على توازن القوى في أوروبا لكنه لم يحد من انتشار الحركات الثورية في القارة.