(( الثوره الفرنسيه ))
مرسل: الجمعة أكتوبر 07, 2011 7:16 am
(( الثوره الفرنسيه ))
تم إعدام لويس السادس عشر في الحادي والعشرين من يناير 1793م، وأصبحت الثورة أكثر تطرفًا. وبعد حوالي سبعة أشهر من ذلك أحرق حشد في باريس تاجًا وعرشًا كانا يخصان الملك، (في الجانب الأيسر).
الثورة الفرنسية (1789-1799م). أحدثت الثورة الفرنسية تغييرات كبيرة في المجتمع الغربي بشكلٍ عام وفي نظام الحكم الفرنسي بشكل خاص. وكانت لها آثار بعيدة المدى على بقية أوروبا أيضًا. وقد أدخلت الثورة الفرنسية المُثُل الديمقراطية إلى فرنسا لكنها لم تجعل الدولة ديمقراطية. ومع ذلك فقد أنهت الحكم المطلق للملوك الفرنسيين، وجعلت الطبقة المتوسطة قوية. وبعد قيام الثورة ماكان لأحد من ملوك أوروبا أو نبلائها أو أي جماعة مميزة أخرى، أن تنظر إلى سلطاتها كشيء مطلق أو أن تتجاهل مُثُل الحرية والمساواة.
بدأت الثورة بأزمة اقتصادية حكومية، ولكنها سرعان ما أصبحت حركة للتغيير العنيف. فقام الجمهور في باريس باحتلال الباستيل، وهو حصن وسجن ملكي كان قد أصبح رمزًا للقهر. وبعدها تقلد زمام الحكم سلسلة من الهيئات التشريعية المنتخبة. وتم إعدام الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت. ولاقى آلاف آخرون نفس المصير في فترة عرفت بعهد الإرهاب. وانتهت الثورة عندما استولى الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت على الحكم.
الخلفية والأسباب. أدت أوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية متعددة إلى الثورة. فقد أدى تردي الأوضاع الاقتصادية إلى درجة كبيرة من الاستياء بين الطبقات الدنيا والمتوسطة، والميل إلى الأفكار الجديدة حول الحكم.
كما سبَّبتْ التقسيمات القانونية وسط فئات المجتمع ـ التي ظلت قائمة لمئات السنين ـ سخطًا شديدًا. وطبقًا للقانون كان المجتمع الفرنسي يتكون من ثلاث فئات عرفت بـاسم الطبقات الثلاث. وكان رجال الدين الأكليروس (القساوسة) يشكلون الطبقة الأولى، ويمثل النبلاء الثانية، بينما كوّنت الطبقة الثالثة أو الطبقة العامة بقية الشعب. ومنها الفلاحون والعمال وفئة متوسطة كبيرة وموسرة كانت تتكون بدرجة رئيسية من التجار والمحامين وموظفي الحكومة.
وكانت الطبقة الثالثة مستاءة من الامتيازات الخاصة للطبقتين الأخريين. فقد أعفي رجال الدين والنبلاء من دفع معظم الضرائب. وكان على الطبقة الثالثة أن تكون مصدرًا لمعظم الدخل الضريبي للبلاد. وكان الكثيرون من الفئة المتوسطة غير راضين عن وضعهم الاجتماعي. فبالرغم من كونهم يشكلون العمود الفقري من الناحية الاقتصادية في المجتمع الفرنسي إلا أنهم لم يجدوا اعترافًا بهذه الأهمية لأنهم كانوا من الطبقة الثالثة.
كانت الأفكار الجديدة حول الحكم تمثل تحديًا للحكم المطلق في فرنسا. وفي ظل هذا النظام كان للملك سلطة غير محدودة تقريبًا. وكان يحكم استنادًا إلى ما كان يوصف بأنه الحق الملكي المقدس ـ ادعاء بأن حق الملك في الحكم إنما هو تفويض إلهي. وخلال القرن الثامن عشر الميلادي أثار كتّاب فرنسيون وآخرون من خارج فرنسا آراء جديدة حول الحرية، فكان هؤلاء، ومنهم جان جاك روسو، يرون أن الحق في الحكم إنما يستمد من الشعب.
تطورت الأزمة المالية لأن فرنسا كانت قد غرقت في الديون لتمويل القتال في حرب السنوات السبع (1756- 1763م) والثورة الأمريكية (1775 – 1783م). وبحلول عام 1788م كانت الحكومة قد أفلست تقريبًا. وأصر برلمان (مجلس) باريس على الموافقة للملك لويس السادس عشر باقتراض مال إضافي، أو أن يكون جمعه للضرائب مشروطًا بالدعوة لاجتماع مجلس الطبقات (مجلس طبقات الأمة)، وهو هيئة كانت تتكون من ممثلي الطبقات الثلاث، وكان قد اجتمع آخر مرة في عام 1614م. وكانت دعوة الملك لهذا الاجتماع دون رغبة منه.
بداية الثورة. افتتح مجلس الطبقات (مجلس طبقات الأمة) في الخامس من مايو 1789م، في فرساي بالقرب من باريس. وكان معظم أعضاء الطبقتين الأوليين يرغبون في أن تناقش كل طبقه الأمور، وأن يكون التصويت عليها منفصلاً. وكان عدد ممثلي الطبقة الثالثة يساوي عدد ممثلي الطبقتين الأخريين مجتمعتين. فأصرت الطبقة الثالثة على دمج الطبقات الثلاث في مجلس وطني واحد، وأن يكون لكل ممثل صوت واحد. كذلك رأت الطبقة الثالثة أن يكتب المجلس دستورًا.
ورفض الملك والطبقتان الأوليان مطالب الطبقة الثالثة. وفي يونيو 1789م، أعلن ممثلو الطبقة الثالثة أنهم هم المجلس الوطني لفرنسا. وتجمعوا عند ملعب للتنس وأقسموا بألا يتفرقوا إلا بعد أن يفرغوا من كتابة الدستور، وأصبح هذا القسم معروفًا بقسم ملعب التنس. وبعد ذلك سمح الملك لويس السادس عشر للطبقات الثلاث بالاجتماع معًا ممثلين للمجلس الوطني لفرنسا. لكنه بدأ في تجميع القوات حول باريس ليفضّ المجلس.
وفي تلك الأثناء بدأت جماهير فرنسا تتحرك. ففي 14 يوليو 1789م اندفع جمع عظيم من الباريسيين نحو الباستيل، وظنوا أنهم سيجدون الأسلحة والذخيرة هناك، ليستخدموها في الدفاع عن أنفسهم أمام جيش الملك، واستولوا على الباستيل وبدأوا في تحطيمه. وفي ذات الوقت؛ كوّن الزعماء في باريس حكومة مدنية ثورية. كذلك انفجرت ثورات الفلاحين ضد النبلاء في الريف. وقرر عدد قليل من النبلاء الهرب من فرنسا، وتبعهم الكثيرون خلال السنوات الخمس التالية. وسُمي هؤلاء الناس بالنازحين لأنهم نزحوا لظروف سياسية. وأنقذت الثورات في المدن وفي الريف الجمعية الوطنية من حل الملك لها.
الجمعية الوطنية. تبنَّت الجمعية الوطنية في أغسطس 1789م، مراسيم الرابع من أغسطس وإعلان حقوق الإنسان والمواطن. وألغت المراسيم بعض الرسوم الإقطاعية التي كان الفلاحون مدينين بها لملاك الأرض، كما ألغت الميزات الضريبية التي كانت ممنوحة لرجال الكنيسة والامتيازات الإقليمية، وتكفل الإعلان بمنح الحقوق الأساسية لكل المواطنين، بما في ذلك الحرية، والملكية، والأمن ومقاومة الظلم بالإضافة إلى ضمان وجود حكم نيابي.
واستولت الجمعية على ممتلكات الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وقد بلغ حجم الأرض المملوكة للكنيسة نحو عُشْر أراضي البلاد مجتمعة، وبيع جزء كبير من أراضي الكنيسة للأثرياء من الفلاحين ولأعضاء الطبقة المتوسطة؛ واستخدمت حصيلة مبيعات الأرض لتسديد جزء من ديون البلاد الضخمة. وبعد ذلك اعترفت الجمعية بالكنيسة الكاثوليكية في فرنسا، واشترطت انتخاب القساوسة والأساقفة من قبل الناخبين، وأغلقت أديرة الكنيسة وأماكن تجمعات رجالها، وبُسِط التسامح الديني الكامل ليشمل البروتستانت واليهود، وأصلحت الجمعية نظام المحاكم أيضًا باشتراط انتخاب القضاة. وبحلول سبتمبر 1791م رأت الجمعية أن الثورة قد انتهت وانفضَّت في نهاية الشهر لتفسح الطريق أمام المجلس التشريعي المنتخب حديثًا.
الجمعية التشريعية. افتتحت الجمعية التشريعية، في الأول من أكتوبر عام 1791م. وعكست قوة الطبقة الوسطى في المجتمع. وبعد فترة قصيرة واجهتها تحديات عديدة. واعتمد استقرار الحكومة على التعاون بين الملك والهيئة التشريعية، لكن لويس السادس عشر ظل مناوئًا للثورة. وطلب من حكام آخرين، مساعدته لوقفها. وتآمر مع الأرستقراطيين والنازحين بهدف الإطاحة بالحكومة الجديدة، وبالإضافة إلى ذلك أصبح الرأي العام منقسمًا بدرجة كبيرة. وأغضبت السياسة الدينية للثورة الكثير من الكاثوليك. وطالب قسم آخر من الناس باتخاذ إجراءات أشد ضد المناوئين للثورة.
كذلك واجهت الحكومة الجديدة تهديدًا خارجيًا، ففي أبريل عام 1792م دخلت في حرب ضد النمسا وبروسيا، وكانت هاتان الدولتان ترغبان في استعادة سلطات الملك والنازحين. وهزمت الجيوش الأجنبية القوات الفرنسية في المراحل الأولى من القتال، وغزت فرنسا. وكان من الواضح أن لويس السادس عشر ومؤيديه يتمنون انتصار الغزاة. ونتيجة لذلك طالب الثوار الغاضبون في باريس وفي مناطق أخرى بتنحية الملك.
وفي أغسطس 1792م قام أهل باريس بسجن لويس السادس عشر وعائلته، وانتهى بذلك حكم الملكية الدستورية، وبعد ذلك دعت الجمعية إلى مؤتمر قومي يتم انتخابه على أساس حق الاقتراع العام للبالغين من الرجال، والذي أدى إلى إقرار دستور جديد.
وفي تلك الأثناء، عانت الجيوش الفرنسية من هزائم عسكرية إضافية، وخشى الباريسيون أن يصل الغزاة إلى المدينة في زمن قصير. كذلك خشى الباريسيون من ثورة تقوم بها الأعداد الكبيرة من المحتجزين في سجون المدينة. وخلال الأسبوع الأول من سبتمبر طبّق بعض الناس القانون بأيديهم، حيث قاموا بإعدام أكثر من 1000 شخص، وقد أثارت هذه الإعدامات ـ والتي يشار إليها بمذابح سبتمبر ـ استياء الكثير من الناس في فرنسا وأوروبا، وجعلتهم معادين للثورة. وساعد نصرٌ للجيش الفرنسي عند فالمي في 20 سبتمبر في إنهاء الأزمة.
موت مارا أدى إلى ما عرف بعهد الإرهاب. كانت شارلوت كوردي، المتعاطفة مع الجيرونديين، قد طعنت ذلك الزعيم اليعقوبي طعنة قاتلة وهو في الحمام.
المؤتمر الوطني. أفضت تنحية الملك إلى مرحلة جديدة للثورة. وكانت المرحلة الأولى حركة إصلاح متحررة للطبقة الوسطى مبنية على الملكية الدستورية. أما المرحلة الثانية فقد كانت من أجل المبادئ الديمقراطية. وافتتح المؤتمر الوطني الذي اختير أعضاؤه بانتخابات، كان الاقتراع فيها متاحًا لذكور فرنسا البالغين جميعهم تقريبًا، وأعلنت فرنسا جمهورية في 21 سبتمبر عام 1792م، وكان شعارها الرسمي الحرية والمساواة والإخاء.
قدم لويس السادس عشر للمحاكمة لخيانته للدولة، وأدانه المؤتمر الوطني بجريمة الخيانة، وأيدت أغلبية ضئيلة عقوبة الإعدام. وتم إعدامه بالمقصلة في 21 يناير 1793م. وبالتدريج أخذت الثورة منحنى أكثر تطرفًا وأصبح القادة المتطرفون أكثر شهرة، وعرفوا في المؤتمر بالجبليين لأنهم كانوا في المؤتمر، يجلسون في مقاعد عالية في مؤخرة القاعة. وكان قادة الجبليين هم ماكسمليان روبسبيير، وجورج جاك دانتون، وجان بول مارا. وكان معارضوهم الألداء يعرفون بالجيرونديين لأن العديد منهم كان ينتمي إلى إقليم من البلاد يحمل هذا الاسم. وكانت أغلبية النواب في المؤتمر تعرف باسم السُّهل. هيمن الجبليون على منتدى سياسي على قدر كبير من النفوذ عرف باسم نادي اليعاقبة.
وأدت النزاعات المتزايدة بين الجبليين والجيرونديين إلى صراع على السلطة، وانتصر الجبليون في نهاية الأمر. وفي يونيو 1793م، طرد المؤتمر قادة الجيرونديين من المؤتمر واعتقلهم. وكان رد الفعل على ذلك أن ثار مؤيدو الجيرونديين ضد المؤتمر. وقامت شارلوت كوردي، إحدى المتعاطفات مع الجيرونديين، باغتيال جان بول مارا في يوليو 1793م. وفي الوقت نفسه هزمت قوات المؤتمر مؤيدي الجيرونديين. وأنشأ القادة اليعاقبة جيشًا جديدًا من المواطنين الجدد لقمع التمرد في فرنسا ولمحاربة دول أوروبية أخرى. توفرت الخدمة العسكرية الإلزامية للجنود كما وفرت الترقية السريعة للجنود الموهوبين، لقيادة هذا الجيش القومي.
الرعب والمساواة. كانت حكومة اليعاقبة دكتاتورية وديمقراطية في الوقت نفسه، كانت دكتاتورية لأنها علّقت الحقوق المدنية والحرية السياسية خلال فترة الطوارئ. واستولت لجنة المؤتمر للأمن العام على الحكم الفعلي لفرنسا، بسيطرتها على الحكومات المحلية، والقوات المسلحة والمؤسسات الأخرى.
وحكمت اللجنة خلال أكثر فترات الثورة فظاعة. وكان من بين قادتها روبسبيير ولازار كارنو وبيرتران بارير. وأعلن المؤتمر بداية عهد سياسة إرهاب ضد المتمردين المؤيدين للمَلك أو الجيرونديين، وأي شخص آخر يختلف مع السياسة الرسمية علنًا.
وفي الحال امتلأت سجون البلاد بمئات الآلاف من المشتبه فيهم، وأصدرت المحاكم نحو 18,000 حكم بالإعدام في ما كان يعرف بعهد الإرهاب. واعتادت باريس على صوت ضجيج العربات ذات العجلتين التي كانت تعرف بعربات نقل السجناء، وهي تنقل الناس في طريقها إلى المقصلة. وكان من بين ضحايا هذه الفترة ماري أنطوانيت أرملة لويس السادس عشر.
ومع ذلك، فقد اتبع اليعاقبة أيضًا مبادئ ديمقراطية ووسعوا منافع الثورة إلى مدى أبعد من الطبقة الوسطى. فقد شارك أصحاب المتاجر والفلاحون والعمال الآخرون بنشاط في الحياة السياسية لأول مرة، وأقر المؤتمر مساعدة الدولة للفقراء، والتعليم الابتدائي المجاني للبنين والبنات، ومراقبة الأسعار لحماية المستهلكين من التضخم السريع، والضرائب على أساس الدخل. كذلك نادى بإلغاء الرِّق في مستعمرات فرنسا. ومع ذلك فإن معظم هذه الإصلاحات لم تحظ بالتنفيذ الكامل أبدًا، للتغييرات التي حدثت في الحكومة لاحقًا.
نهاية الثورة. بمرور الزمن بدأ المتشددون في التصارع من أجل السلطة. ونجح روبسبيير في إعدام دانتون مع بعض القادة السابقين الآخرين. ورغب الناس في إنهاء عهد الإرهاب؛ أي الاستبداد اليعقوبي، والثورة الديمقراطية. وفي النهاية قام أعداء روبسبيير في المؤتمر بمهاجمته باعتباره طاغية في 27 يوليو (9 تيرميدور بالتقويم الفرنسي الجديد) 1794م. وتم إعدامه في اليوم التالي، وانتهى عهد الإرهاب بعد موت روبسبيير. وسيطر المحافظون على المؤتمر وأبعدوا اليعاقبة عن السلطة. وتم سريعًا إلغاء معظم الإصلاحات الديمقراطية التي حدثت في السنتين الماضيتين، فيما عرف بالارتداد التيرميدوري.
وقام المؤتمر الذي تبنى دستورًا ديمقراطيًا في عام 1793م بإقرار دستور بديل في عام 1795م. وعرفت الحكومة التي تم إنشاؤها طبقًا لهذا الدستور الجديد باسم حكومة الإدارة، إشارة إلى الإدارة التنفيذية التي تكونت من خمسة أعضاء، وتولت الحكم مع مجلسين تشريعيين، وظلت فرنسا جمهورية، لكن للمرة الثانية لم يكن مسموحًا بالاقتراع إلا لأولئك المواطنين الذين يدفعون قدرًا محددًا من الضريبة.
وفي أثناء ذلك كانت فرنسا تحقق الانتصارات في ساحة الحرب، وقامت الجيوش الفرنسية برد الغازين على أعقابهم، وعبرت إلى داخل بلجيكا وألمانيا وإيطاليا.
وبدأت حكومة الإدارة اجتماعاتها في أكتوبر 1795م. لكنها كانت تواجه صعوبات بسبب الحرب، والمشاكل الاقتصادية، والمعارضة من جانب مؤيدي الملكية ومن اليعاقبة السابقين. وفي أكتوبر 1799م، تآمر عدد من القادة السياسيين على الإطاحة بحكومة الإدارة، وكانوا يحتاجون إلى السند العسكري، فلجأوا إلى نابليون بونابرت، الجنرال الفرنسي الذي أصبح بطلاً في غزوه لإيطاليا فـي عامي 1796م و 1797م. واستولى بونابرت على الحكم في التاسع من نوفمبر (18 تيرميدور بالتقويم الثوري)، 1799م، منهيًا بذلك الثورة.
تسببت الثورة في تكوين معارضة جزء كبير من أوروبا لفرنسا. وتوجس الحكام في الدول الأخرى خيفة من انتشار الأفكار الديمقراطية إليها. وتركت الثورة الشعب الفرنسي في اختلاف شديد حول شكل الحكم الأفضل لبلادهم. وبحلول عام 1799م كان معظم الناس تقريبًا قد سئموا الخلاف السياسي برمته. لكن الثورة كونت الأسس الراسخة لدولة متحدة، كما أنها كوَّنت حكومة مركزية قوية، ومجتمعًا حرًا تهيمن عليه الطبقة الوسطى وملاك الأراضي.
تم إعدام لويس السادس عشر في الحادي والعشرين من يناير 1793م، وأصبحت الثورة أكثر تطرفًا. وبعد حوالي سبعة أشهر من ذلك أحرق حشد في باريس تاجًا وعرشًا كانا يخصان الملك، (في الجانب الأيسر).
الثورة الفرنسية (1789-1799م). أحدثت الثورة الفرنسية تغييرات كبيرة في المجتمع الغربي بشكلٍ عام وفي نظام الحكم الفرنسي بشكل خاص. وكانت لها آثار بعيدة المدى على بقية أوروبا أيضًا. وقد أدخلت الثورة الفرنسية المُثُل الديمقراطية إلى فرنسا لكنها لم تجعل الدولة ديمقراطية. ومع ذلك فقد أنهت الحكم المطلق للملوك الفرنسيين، وجعلت الطبقة المتوسطة قوية. وبعد قيام الثورة ماكان لأحد من ملوك أوروبا أو نبلائها أو أي جماعة مميزة أخرى، أن تنظر إلى سلطاتها كشيء مطلق أو أن تتجاهل مُثُل الحرية والمساواة.
بدأت الثورة بأزمة اقتصادية حكومية، ولكنها سرعان ما أصبحت حركة للتغيير العنيف. فقام الجمهور في باريس باحتلال الباستيل، وهو حصن وسجن ملكي كان قد أصبح رمزًا للقهر. وبعدها تقلد زمام الحكم سلسلة من الهيئات التشريعية المنتخبة. وتم إعدام الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت. ولاقى آلاف آخرون نفس المصير في فترة عرفت بعهد الإرهاب. وانتهت الثورة عندما استولى الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت على الحكم.
الخلفية والأسباب. أدت أوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية متعددة إلى الثورة. فقد أدى تردي الأوضاع الاقتصادية إلى درجة كبيرة من الاستياء بين الطبقات الدنيا والمتوسطة، والميل إلى الأفكار الجديدة حول الحكم.
كما سبَّبتْ التقسيمات القانونية وسط فئات المجتمع ـ التي ظلت قائمة لمئات السنين ـ سخطًا شديدًا. وطبقًا للقانون كان المجتمع الفرنسي يتكون من ثلاث فئات عرفت بـاسم الطبقات الثلاث. وكان رجال الدين الأكليروس (القساوسة) يشكلون الطبقة الأولى، ويمثل النبلاء الثانية، بينما كوّنت الطبقة الثالثة أو الطبقة العامة بقية الشعب. ومنها الفلاحون والعمال وفئة متوسطة كبيرة وموسرة كانت تتكون بدرجة رئيسية من التجار والمحامين وموظفي الحكومة.
وكانت الطبقة الثالثة مستاءة من الامتيازات الخاصة للطبقتين الأخريين. فقد أعفي رجال الدين والنبلاء من دفع معظم الضرائب. وكان على الطبقة الثالثة أن تكون مصدرًا لمعظم الدخل الضريبي للبلاد. وكان الكثيرون من الفئة المتوسطة غير راضين عن وضعهم الاجتماعي. فبالرغم من كونهم يشكلون العمود الفقري من الناحية الاقتصادية في المجتمع الفرنسي إلا أنهم لم يجدوا اعترافًا بهذه الأهمية لأنهم كانوا من الطبقة الثالثة.
كانت الأفكار الجديدة حول الحكم تمثل تحديًا للحكم المطلق في فرنسا. وفي ظل هذا النظام كان للملك سلطة غير محدودة تقريبًا. وكان يحكم استنادًا إلى ما كان يوصف بأنه الحق الملكي المقدس ـ ادعاء بأن حق الملك في الحكم إنما هو تفويض إلهي. وخلال القرن الثامن عشر الميلادي أثار كتّاب فرنسيون وآخرون من خارج فرنسا آراء جديدة حول الحرية، فكان هؤلاء، ومنهم جان جاك روسو، يرون أن الحق في الحكم إنما يستمد من الشعب.
تطورت الأزمة المالية لأن فرنسا كانت قد غرقت في الديون لتمويل القتال في حرب السنوات السبع (1756- 1763م) والثورة الأمريكية (1775 – 1783م). وبحلول عام 1788م كانت الحكومة قد أفلست تقريبًا. وأصر برلمان (مجلس) باريس على الموافقة للملك لويس السادس عشر باقتراض مال إضافي، أو أن يكون جمعه للضرائب مشروطًا بالدعوة لاجتماع مجلس الطبقات (مجلس طبقات الأمة)، وهو هيئة كانت تتكون من ممثلي الطبقات الثلاث، وكان قد اجتمع آخر مرة في عام 1614م. وكانت دعوة الملك لهذا الاجتماع دون رغبة منه.
بداية الثورة. افتتح مجلس الطبقات (مجلس طبقات الأمة) في الخامس من مايو 1789م، في فرساي بالقرب من باريس. وكان معظم أعضاء الطبقتين الأوليين يرغبون في أن تناقش كل طبقه الأمور، وأن يكون التصويت عليها منفصلاً. وكان عدد ممثلي الطبقة الثالثة يساوي عدد ممثلي الطبقتين الأخريين مجتمعتين. فأصرت الطبقة الثالثة على دمج الطبقات الثلاث في مجلس وطني واحد، وأن يكون لكل ممثل صوت واحد. كذلك رأت الطبقة الثالثة أن يكتب المجلس دستورًا.
ورفض الملك والطبقتان الأوليان مطالب الطبقة الثالثة. وفي يونيو 1789م، أعلن ممثلو الطبقة الثالثة أنهم هم المجلس الوطني لفرنسا. وتجمعوا عند ملعب للتنس وأقسموا بألا يتفرقوا إلا بعد أن يفرغوا من كتابة الدستور، وأصبح هذا القسم معروفًا بقسم ملعب التنس. وبعد ذلك سمح الملك لويس السادس عشر للطبقات الثلاث بالاجتماع معًا ممثلين للمجلس الوطني لفرنسا. لكنه بدأ في تجميع القوات حول باريس ليفضّ المجلس.
وفي تلك الأثناء بدأت جماهير فرنسا تتحرك. ففي 14 يوليو 1789م اندفع جمع عظيم من الباريسيين نحو الباستيل، وظنوا أنهم سيجدون الأسلحة والذخيرة هناك، ليستخدموها في الدفاع عن أنفسهم أمام جيش الملك، واستولوا على الباستيل وبدأوا في تحطيمه. وفي ذات الوقت؛ كوّن الزعماء في باريس حكومة مدنية ثورية. كذلك انفجرت ثورات الفلاحين ضد النبلاء في الريف. وقرر عدد قليل من النبلاء الهرب من فرنسا، وتبعهم الكثيرون خلال السنوات الخمس التالية. وسُمي هؤلاء الناس بالنازحين لأنهم نزحوا لظروف سياسية. وأنقذت الثورات في المدن وفي الريف الجمعية الوطنية من حل الملك لها.
الجمعية الوطنية. تبنَّت الجمعية الوطنية في أغسطس 1789م، مراسيم الرابع من أغسطس وإعلان حقوق الإنسان والمواطن. وألغت المراسيم بعض الرسوم الإقطاعية التي كان الفلاحون مدينين بها لملاك الأرض، كما ألغت الميزات الضريبية التي كانت ممنوحة لرجال الكنيسة والامتيازات الإقليمية، وتكفل الإعلان بمنح الحقوق الأساسية لكل المواطنين، بما في ذلك الحرية، والملكية، والأمن ومقاومة الظلم بالإضافة إلى ضمان وجود حكم نيابي.
واستولت الجمعية على ممتلكات الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وقد بلغ حجم الأرض المملوكة للكنيسة نحو عُشْر أراضي البلاد مجتمعة، وبيع جزء كبير من أراضي الكنيسة للأثرياء من الفلاحين ولأعضاء الطبقة المتوسطة؛ واستخدمت حصيلة مبيعات الأرض لتسديد جزء من ديون البلاد الضخمة. وبعد ذلك اعترفت الجمعية بالكنيسة الكاثوليكية في فرنسا، واشترطت انتخاب القساوسة والأساقفة من قبل الناخبين، وأغلقت أديرة الكنيسة وأماكن تجمعات رجالها، وبُسِط التسامح الديني الكامل ليشمل البروتستانت واليهود، وأصلحت الجمعية نظام المحاكم أيضًا باشتراط انتخاب القضاة. وبحلول سبتمبر 1791م رأت الجمعية أن الثورة قد انتهت وانفضَّت في نهاية الشهر لتفسح الطريق أمام المجلس التشريعي المنتخب حديثًا.
الجمعية التشريعية. افتتحت الجمعية التشريعية، في الأول من أكتوبر عام 1791م. وعكست قوة الطبقة الوسطى في المجتمع. وبعد فترة قصيرة واجهتها تحديات عديدة. واعتمد استقرار الحكومة على التعاون بين الملك والهيئة التشريعية، لكن لويس السادس عشر ظل مناوئًا للثورة. وطلب من حكام آخرين، مساعدته لوقفها. وتآمر مع الأرستقراطيين والنازحين بهدف الإطاحة بالحكومة الجديدة، وبالإضافة إلى ذلك أصبح الرأي العام منقسمًا بدرجة كبيرة. وأغضبت السياسة الدينية للثورة الكثير من الكاثوليك. وطالب قسم آخر من الناس باتخاذ إجراءات أشد ضد المناوئين للثورة.
كذلك واجهت الحكومة الجديدة تهديدًا خارجيًا، ففي أبريل عام 1792م دخلت في حرب ضد النمسا وبروسيا، وكانت هاتان الدولتان ترغبان في استعادة سلطات الملك والنازحين. وهزمت الجيوش الأجنبية القوات الفرنسية في المراحل الأولى من القتال، وغزت فرنسا. وكان من الواضح أن لويس السادس عشر ومؤيديه يتمنون انتصار الغزاة. ونتيجة لذلك طالب الثوار الغاضبون في باريس وفي مناطق أخرى بتنحية الملك.
وفي أغسطس 1792م قام أهل باريس بسجن لويس السادس عشر وعائلته، وانتهى بذلك حكم الملكية الدستورية، وبعد ذلك دعت الجمعية إلى مؤتمر قومي يتم انتخابه على أساس حق الاقتراع العام للبالغين من الرجال، والذي أدى إلى إقرار دستور جديد.
وفي تلك الأثناء، عانت الجيوش الفرنسية من هزائم عسكرية إضافية، وخشى الباريسيون أن يصل الغزاة إلى المدينة في زمن قصير. كذلك خشى الباريسيون من ثورة تقوم بها الأعداد الكبيرة من المحتجزين في سجون المدينة. وخلال الأسبوع الأول من سبتمبر طبّق بعض الناس القانون بأيديهم، حيث قاموا بإعدام أكثر من 1000 شخص، وقد أثارت هذه الإعدامات ـ والتي يشار إليها بمذابح سبتمبر ـ استياء الكثير من الناس في فرنسا وأوروبا، وجعلتهم معادين للثورة. وساعد نصرٌ للجيش الفرنسي عند فالمي في 20 سبتمبر في إنهاء الأزمة.
موت مارا أدى إلى ما عرف بعهد الإرهاب. كانت شارلوت كوردي، المتعاطفة مع الجيرونديين، قد طعنت ذلك الزعيم اليعقوبي طعنة قاتلة وهو في الحمام.
المؤتمر الوطني. أفضت تنحية الملك إلى مرحلة جديدة للثورة. وكانت المرحلة الأولى حركة إصلاح متحررة للطبقة الوسطى مبنية على الملكية الدستورية. أما المرحلة الثانية فقد كانت من أجل المبادئ الديمقراطية. وافتتح المؤتمر الوطني الذي اختير أعضاؤه بانتخابات، كان الاقتراع فيها متاحًا لذكور فرنسا البالغين جميعهم تقريبًا، وأعلنت فرنسا جمهورية في 21 سبتمبر عام 1792م، وكان شعارها الرسمي الحرية والمساواة والإخاء.
قدم لويس السادس عشر للمحاكمة لخيانته للدولة، وأدانه المؤتمر الوطني بجريمة الخيانة، وأيدت أغلبية ضئيلة عقوبة الإعدام. وتم إعدامه بالمقصلة في 21 يناير 1793م. وبالتدريج أخذت الثورة منحنى أكثر تطرفًا وأصبح القادة المتطرفون أكثر شهرة، وعرفوا في المؤتمر بالجبليين لأنهم كانوا في المؤتمر، يجلسون في مقاعد عالية في مؤخرة القاعة. وكان قادة الجبليين هم ماكسمليان روبسبيير، وجورج جاك دانتون، وجان بول مارا. وكان معارضوهم الألداء يعرفون بالجيرونديين لأن العديد منهم كان ينتمي إلى إقليم من البلاد يحمل هذا الاسم. وكانت أغلبية النواب في المؤتمر تعرف باسم السُّهل. هيمن الجبليون على منتدى سياسي على قدر كبير من النفوذ عرف باسم نادي اليعاقبة.
وأدت النزاعات المتزايدة بين الجبليين والجيرونديين إلى صراع على السلطة، وانتصر الجبليون في نهاية الأمر. وفي يونيو 1793م، طرد المؤتمر قادة الجيرونديين من المؤتمر واعتقلهم. وكان رد الفعل على ذلك أن ثار مؤيدو الجيرونديين ضد المؤتمر. وقامت شارلوت كوردي، إحدى المتعاطفات مع الجيرونديين، باغتيال جان بول مارا في يوليو 1793م. وفي الوقت نفسه هزمت قوات المؤتمر مؤيدي الجيرونديين. وأنشأ القادة اليعاقبة جيشًا جديدًا من المواطنين الجدد لقمع التمرد في فرنسا ولمحاربة دول أوروبية أخرى. توفرت الخدمة العسكرية الإلزامية للجنود كما وفرت الترقية السريعة للجنود الموهوبين، لقيادة هذا الجيش القومي.
الرعب والمساواة. كانت حكومة اليعاقبة دكتاتورية وديمقراطية في الوقت نفسه، كانت دكتاتورية لأنها علّقت الحقوق المدنية والحرية السياسية خلال فترة الطوارئ. واستولت لجنة المؤتمر للأمن العام على الحكم الفعلي لفرنسا، بسيطرتها على الحكومات المحلية، والقوات المسلحة والمؤسسات الأخرى.
وحكمت اللجنة خلال أكثر فترات الثورة فظاعة. وكان من بين قادتها روبسبيير ولازار كارنو وبيرتران بارير. وأعلن المؤتمر بداية عهد سياسة إرهاب ضد المتمردين المؤيدين للمَلك أو الجيرونديين، وأي شخص آخر يختلف مع السياسة الرسمية علنًا.
وفي الحال امتلأت سجون البلاد بمئات الآلاف من المشتبه فيهم، وأصدرت المحاكم نحو 18,000 حكم بالإعدام في ما كان يعرف بعهد الإرهاب. واعتادت باريس على صوت ضجيج العربات ذات العجلتين التي كانت تعرف بعربات نقل السجناء، وهي تنقل الناس في طريقها إلى المقصلة. وكان من بين ضحايا هذه الفترة ماري أنطوانيت أرملة لويس السادس عشر.
ومع ذلك، فقد اتبع اليعاقبة أيضًا مبادئ ديمقراطية ووسعوا منافع الثورة إلى مدى أبعد من الطبقة الوسطى. فقد شارك أصحاب المتاجر والفلاحون والعمال الآخرون بنشاط في الحياة السياسية لأول مرة، وأقر المؤتمر مساعدة الدولة للفقراء، والتعليم الابتدائي المجاني للبنين والبنات، ومراقبة الأسعار لحماية المستهلكين من التضخم السريع، والضرائب على أساس الدخل. كذلك نادى بإلغاء الرِّق في مستعمرات فرنسا. ومع ذلك فإن معظم هذه الإصلاحات لم تحظ بالتنفيذ الكامل أبدًا، للتغييرات التي حدثت في الحكومة لاحقًا.
نهاية الثورة. بمرور الزمن بدأ المتشددون في التصارع من أجل السلطة. ونجح روبسبيير في إعدام دانتون مع بعض القادة السابقين الآخرين. ورغب الناس في إنهاء عهد الإرهاب؛ أي الاستبداد اليعقوبي، والثورة الديمقراطية. وفي النهاية قام أعداء روبسبيير في المؤتمر بمهاجمته باعتباره طاغية في 27 يوليو (9 تيرميدور بالتقويم الفرنسي الجديد) 1794م. وتم إعدامه في اليوم التالي، وانتهى عهد الإرهاب بعد موت روبسبيير. وسيطر المحافظون على المؤتمر وأبعدوا اليعاقبة عن السلطة. وتم سريعًا إلغاء معظم الإصلاحات الديمقراطية التي حدثت في السنتين الماضيتين، فيما عرف بالارتداد التيرميدوري.
وقام المؤتمر الذي تبنى دستورًا ديمقراطيًا في عام 1793م بإقرار دستور بديل في عام 1795م. وعرفت الحكومة التي تم إنشاؤها طبقًا لهذا الدستور الجديد باسم حكومة الإدارة، إشارة إلى الإدارة التنفيذية التي تكونت من خمسة أعضاء، وتولت الحكم مع مجلسين تشريعيين، وظلت فرنسا جمهورية، لكن للمرة الثانية لم يكن مسموحًا بالاقتراع إلا لأولئك المواطنين الذين يدفعون قدرًا محددًا من الضريبة.
وفي أثناء ذلك كانت فرنسا تحقق الانتصارات في ساحة الحرب، وقامت الجيوش الفرنسية برد الغازين على أعقابهم، وعبرت إلى داخل بلجيكا وألمانيا وإيطاليا.
وبدأت حكومة الإدارة اجتماعاتها في أكتوبر 1795م. لكنها كانت تواجه صعوبات بسبب الحرب، والمشاكل الاقتصادية، والمعارضة من جانب مؤيدي الملكية ومن اليعاقبة السابقين. وفي أكتوبر 1799م، تآمر عدد من القادة السياسيين على الإطاحة بحكومة الإدارة، وكانوا يحتاجون إلى السند العسكري، فلجأوا إلى نابليون بونابرت، الجنرال الفرنسي الذي أصبح بطلاً في غزوه لإيطاليا فـي عامي 1796م و 1797م. واستولى بونابرت على الحكم في التاسع من نوفمبر (18 تيرميدور بالتقويم الثوري)، 1799م، منهيًا بذلك الثورة.
تسببت الثورة في تكوين معارضة جزء كبير من أوروبا لفرنسا. وتوجس الحكام في الدول الأخرى خيفة من انتشار الأفكار الديمقراطية إليها. وتركت الثورة الشعب الفرنسي في اختلاف شديد حول شكل الحكم الأفضل لبلادهم. وبحلول عام 1799م كان معظم الناس تقريبًا قد سئموا الخلاف السياسي برمته. لكن الثورة كونت الأسس الراسخة لدولة متحدة، كما أنها كوَّنت حكومة مركزية قوية، ومجتمعًا حرًا تهيمن عليه الطبقة الوسطى وملاك الأراضي.