- السبت أكتوبر 08, 2011 4:09 pm
#39488
خالد السرجاني
الحديث الذي تناول الربيع الديمقراطي العربي، والثورات التي وقعت في أكثر من بلد عربي، امتد للحديث عن تنظيم القاعدة وهل خرج خاسراً أم منتصراً من هذا الربيع، خاصة وأن بعض النظم الساقطة، وعلى رأسها نظام العقيد معمر القذافي، اتهمت القاعدة بالوقوف وراء الانتفاضات التي حدثت داخلها، بما يعني أن نجاح هذه الانتفاضات يعد نجاحاً للقاعدة ذاتها.
على الجانب الآخر، هناك رؤى ترى أن حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تصيب الدول العربية في أعقاب سقوط الأنظمة الاستبدادية، أعطت للقاعدة فرصة للتمدد، حيث رأى أصحاب هذه الرؤية أن القاعدة وجدت لها أرضاً صلبة داخل المجتمعات العربية الجديدة.
من ناحية أخرى، فإن المتخصصين في الشأن العربي، وعلى رأسهم المتخصصون في تنظيم القاعدة ذاته، يرون أن القاعدة خرجت خاسرة من هذا الربيع العربي. ويحددون عدة أسباب لهذة الخسارة، في مقدمتها أن الأوضاع التي مثلت تربة صالحة للتنظيم لكي يقوم بتجنيد الشباب الغاضب في المجتمعات العربية، هي أوضاع في طريقها إلى الزوال. وهذه الأوضاع تتمثل في الفساد والاستبداد وانعدام تكافؤ الفرص.
حيث أن المجتمعات العربية وهي تعيد بناء نظمها، ستسعى إلى القضاء على هذه المظاهر السيئة من نظمها، أو على الأقل ستجعلها في حدها الأدنى. كذلك فإن المتخصصين في القاعدة، يرون أن تدني مستوى التعليم وأحاديته واعتماده على التلقين، كانت من أسباب تأثر الشباب العربي بتنظيم القاعدة، وعملية إعادة البناء في الدول العربية ستضع التعليم كأولوية، حسب تصريحات معظم المسؤولين الجدد، وهو ما ينزع من القاعدة ورقة مهمة من أوراقها التقليدية.
فضلاً عن كل ذلك، فإن الثورات العربية وسقوط الأنظمة غير الديمقراطية، نزعت الشرعية عن تنظيم القاعدة، الذي كان خطابه الدعائي يقوم على تعرية هذه النظم عبر اتهامها بالفساد والاستبداد. أما الآن فإن الفرصة متاحة حتى للقوى الإسلامية لأن تشارك في الحكم الجديد، بما يعني أن المعارضة من خارج النظم لم تعد مفيدة ولا مجدية ولا منطقية.
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن تنظيمات كانت من المصادر الأساسية للقاعدة، مثل الجماعة الإسلامية في مصر وتنظيم الجهاد الإسلامي، أصبحت لهما تعبيراتهما السياسية الواضحة، بما أخرجهما من العمل السري إلى العلني، وهو ما يعني أن رحلة السلفية التي تنتمى إليها القاعدة، قد بدأت في المرحلة العكسية، ذلك أنها بدأت كسلفية علمية، ثم تحولت إلى الجهادية التي تعد القاعدة أفضل تعبيراتها. لكنها عادت الآن عبر العمل العلني إلى السلفية العلمية مرة أخرى، وهو ما يعني في التحليل الأخير تراجع تنظيم القاعدة.
وفضلاً عن تراجع شرعية القاعدة كتنظيم، كنتيجة مباشرة للربيع الديمقراطي العربي، فإن التيار الإسلامي بكامله اهتزت شرعيته في الربيع الديمقراطي العربي، خاصة في كل من مصر وتونس، بعد مشاركته المتأخرة في الثورات الشعبية ضد النظم الاستبدادية.
وهو الأمر الذي لا بد وأن تتأثر به القاعدة نفسها. كذلك فإن مشاركة قيادات سابقة للقاعدة في بعض الثورات مثل الثورة الليبية، يعد انتقاصا من القاعدة ذاتها، لأن هذه القيادات سبق أن قامت بعمليات مراجعة لأفكارها، ومراجعة الأفكار ثم العودة إلى البلد الرئيسي تعني ضمنا الانسحاب من القاعدة، كما تؤكد فساد الفكر الذي يقوم عليه التنظيم، وهو ما يعني أيضا تراجع تنظيم القاعدة عمليا.
وفي ما يتعلق بالفوضى وعدم الاستقرار التي يشهدها بعض الدول العربية في أعقاب الثورات، فهي ليست الفوضى التي تسمح للتنظيم بالعمل في هذه الدول أو بناء معسكرات للتدريب هناك، بل هي فوضى من نوع آخر، فضلاً عن أن مرحلة عودة الاستقرار قد اقتربت، بما يعني أن التنظيم إن كان ينوي الاستفادة من هذه الحالة، فلن يكون لديه الوقت الكافي لذلك.
والدولة الوحيد التي يمكن عمل ذلك فيها هي اليمن، والأمر ليس مرتبطاً بالثورة على الرئيس علي عبد الله صالح، وإنما له علاقة بالوضع الجغرافي والقبلي في اليمن.
لقد انتزعت الثورات العربية، الشرعية من تنظيم القاعدة. ويبدو أن هذا التنظيم قد بدأ يشهد نهايته، لأن الظروف تجمعت عليه للوصول إلى هذه النتيجة، ليس فقط لأن الولايات المتحدة استطاعت تحقيق نجاحات متعددة في مواجهة التنظيم ليس آخرها قتل زعيمه أسامة بن لادن، وإنما أيضاً لأن التربة التي يعمل فيها التنظيم قد اختلفت، ونقصد بهذه التربة المجتمعات العربية والإسلامية.
لقد عمل التنظيم في هذه المجتمعات وفقاً لظروف محددة، ساهمت في إعطائه الشرعية لدى قطاعات، حتى وإن كانت ضيقة، ولكن الظروف اختلفت في الوقت الراهن، لأن بعض المجتمعات مارست سياسة تجفيف المنابع في مواجهة التنظيم، ولأن البعض الآخر شهد تغييرات جذرية، على الصعد الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. ونظراً للجمود الذي يعيش فيه التنظيم، فلن يستطيع أن يتكيف مع هذه التغييرات، بما سيؤدي إلى تهميشه.
لقد ضربت الثورات العربية وما تبعها من ربيع ديمقراطي عربي، أهم رصاصة ضد تنظيم القاعدة، وهي التي ستعجل بتهميشه في المجتمعات العربية والإسلامية.
الحديث الذي تناول الربيع الديمقراطي العربي، والثورات التي وقعت في أكثر من بلد عربي، امتد للحديث عن تنظيم القاعدة وهل خرج خاسراً أم منتصراً من هذا الربيع، خاصة وأن بعض النظم الساقطة، وعلى رأسها نظام العقيد معمر القذافي، اتهمت القاعدة بالوقوف وراء الانتفاضات التي حدثت داخلها، بما يعني أن نجاح هذه الانتفاضات يعد نجاحاً للقاعدة ذاتها.
على الجانب الآخر، هناك رؤى ترى أن حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي تصيب الدول العربية في أعقاب سقوط الأنظمة الاستبدادية، أعطت للقاعدة فرصة للتمدد، حيث رأى أصحاب هذه الرؤية أن القاعدة وجدت لها أرضاً صلبة داخل المجتمعات العربية الجديدة.
من ناحية أخرى، فإن المتخصصين في الشأن العربي، وعلى رأسهم المتخصصون في تنظيم القاعدة ذاته، يرون أن القاعدة خرجت خاسرة من هذا الربيع العربي. ويحددون عدة أسباب لهذة الخسارة، في مقدمتها أن الأوضاع التي مثلت تربة صالحة للتنظيم لكي يقوم بتجنيد الشباب الغاضب في المجتمعات العربية، هي أوضاع في طريقها إلى الزوال. وهذه الأوضاع تتمثل في الفساد والاستبداد وانعدام تكافؤ الفرص.
حيث أن المجتمعات العربية وهي تعيد بناء نظمها، ستسعى إلى القضاء على هذه المظاهر السيئة من نظمها، أو على الأقل ستجعلها في حدها الأدنى. كذلك فإن المتخصصين في القاعدة، يرون أن تدني مستوى التعليم وأحاديته واعتماده على التلقين، كانت من أسباب تأثر الشباب العربي بتنظيم القاعدة، وعملية إعادة البناء في الدول العربية ستضع التعليم كأولوية، حسب تصريحات معظم المسؤولين الجدد، وهو ما ينزع من القاعدة ورقة مهمة من أوراقها التقليدية.
فضلاً عن كل ذلك، فإن الثورات العربية وسقوط الأنظمة غير الديمقراطية، نزعت الشرعية عن تنظيم القاعدة، الذي كان خطابه الدعائي يقوم على تعرية هذه النظم عبر اتهامها بالفساد والاستبداد. أما الآن فإن الفرصة متاحة حتى للقوى الإسلامية لأن تشارك في الحكم الجديد، بما يعني أن المعارضة من خارج النظم لم تعد مفيدة ولا مجدية ولا منطقية.
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن تنظيمات كانت من المصادر الأساسية للقاعدة، مثل الجماعة الإسلامية في مصر وتنظيم الجهاد الإسلامي، أصبحت لهما تعبيراتهما السياسية الواضحة، بما أخرجهما من العمل السري إلى العلني، وهو ما يعني أن رحلة السلفية التي تنتمى إليها القاعدة، قد بدأت في المرحلة العكسية، ذلك أنها بدأت كسلفية علمية، ثم تحولت إلى الجهادية التي تعد القاعدة أفضل تعبيراتها. لكنها عادت الآن عبر العمل العلني إلى السلفية العلمية مرة أخرى، وهو ما يعني في التحليل الأخير تراجع تنظيم القاعدة.
وفضلاً عن تراجع شرعية القاعدة كتنظيم، كنتيجة مباشرة للربيع الديمقراطي العربي، فإن التيار الإسلامي بكامله اهتزت شرعيته في الربيع الديمقراطي العربي، خاصة في كل من مصر وتونس، بعد مشاركته المتأخرة في الثورات الشعبية ضد النظم الاستبدادية.
وهو الأمر الذي لا بد وأن تتأثر به القاعدة نفسها. كذلك فإن مشاركة قيادات سابقة للقاعدة في بعض الثورات مثل الثورة الليبية، يعد انتقاصا من القاعدة ذاتها، لأن هذه القيادات سبق أن قامت بعمليات مراجعة لأفكارها، ومراجعة الأفكار ثم العودة إلى البلد الرئيسي تعني ضمنا الانسحاب من القاعدة، كما تؤكد فساد الفكر الذي يقوم عليه التنظيم، وهو ما يعني أيضا تراجع تنظيم القاعدة عمليا.
وفي ما يتعلق بالفوضى وعدم الاستقرار التي يشهدها بعض الدول العربية في أعقاب الثورات، فهي ليست الفوضى التي تسمح للتنظيم بالعمل في هذه الدول أو بناء معسكرات للتدريب هناك، بل هي فوضى من نوع آخر، فضلاً عن أن مرحلة عودة الاستقرار قد اقتربت، بما يعني أن التنظيم إن كان ينوي الاستفادة من هذه الحالة، فلن يكون لديه الوقت الكافي لذلك.
والدولة الوحيد التي يمكن عمل ذلك فيها هي اليمن، والأمر ليس مرتبطاً بالثورة على الرئيس علي عبد الله صالح، وإنما له علاقة بالوضع الجغرافي والقبلي في اليمن.
لقد انتزعت الثورات العربية، الشرعية من تنظيم القاعدة. ويبدو أن هذا التنظيم قد بدأ يشهد نهايته، لأن الظروف تجمعت عليه للوصول إلى هذه النتيجة، ليس فقط لأن الولايات المتحدة استطاعت تحقيق نجاحات متعددة في مواجهة التنظيم ليس آخرها قتل زعيمه أسامة بن لادن، وإنما أيضاً لأن التربة التي يعمل فيها التنظيم قد اختلفت، ونقصد بهذه التربة المجتمعات العربية والإسلامية.
لقد عمل التنظيم في هذه المجتمعات وفقاً لظروف محددة، ساهمت في إعطائه الشرعية لدى قطاعات، حتى وإن كانت ضيقة، ولكن الظروف اختلفت في الوقت الراهن، لأن بعض المجتمعات مارست سياسة تجفيف المنابع في مواجهة التنظيم، ولأن البعض الآخر شهد تغييرات جذرية، على الصعد الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. ونظراً للجمود الذي يعيش فيه التنظيم، فلن يستطيع أن يتكيف مع هذه التغييرات، بما سيؤدي إلى تهميشه.
لقد ضربت الثورات العربية وما تبعها من ربيع ديمقراطي عربي، أهم رصاصة ضد تنظيم القاعدة، وهي التي ستعجل بتهميشه في المجتمعات العربية والإسلامية.