صفحة 1 من 1

في مشكلات القارة السمراء‏..‏ فتش عن الاستعمار

مرسل: السبت أكتوبر 08, 2011 4:52 pm
بواسطة مشعل العتيبي 1
تتشابك الحدود بين الكثير من الدول مايجعلها مثارا للجدل والنقاش في أحيان وفي أحيان اخري تكون الشرارة التي تنطلق منها الحروب‏..‏ والحقيقة ان هناك حدودا جغرافية رسمتها الطبيعة‏..‏ الا ان ثمة حدودا رسمتها يد الاستعمار‏..‏
وإشكالية الحدود الاستعمارية لا تعني الحدود السياسية, أو تلك المعالم الجغرافية التي تفصل بين الدول, وإنما تعني كل ما نتج عن تلك الحدود من كيانات سياسية وتكوينات اجتماعية..
وعلي الرغم من رحيل المستعمر الأوروبي عن القارة الأفريقية, إلا أن الآثار التي خلفها مازالت تطفو علي الواقع السياسي في كثير من دول القارة, ومازالت مشكلات ما بعد الاستقلال أشد ضراوة مما كان سائدا إبان الحقبة الاستعمارية. ونظرة سريعة إلي خريطة أفريقيا السياسية تكشف لنا حجما كبيرا من المشكلات المعقدة
فقد كانت مشكلات الحدود, التي خلفها الاستعمار معقدة ومتشابكة; لأنها تركت حدودا مصطنعة, وكيانات سياسية جديدة, في أفريقيا, تبعا لاعتباراته ومصالحه. وبغض النظر عن التطورات المحلية السابقة علي قدوم الاستعمار, فقد عانت معظم شعوب القارة من تقسيمات عشوائية, ومن دول حبيسة, لا منفذ لها علي السواحل الأفريقية(14 دولة حبيسة), ومن خطوط هندسية قسمت القبيلة الواحدة بين أكثر من وحدة سياسية
وقبل أن يطوي عقد الستينات من القرن الماضي صفحاته, كانت العديد من دولها قد أثخنتها جراحات النزاعات الحدودية, والحرب الأهلية, والانقلابات العسكرية. كان أبرزها نزاعات الحدود بين ليبيا والسودان, والصومال وإثيوبيا حول الأوجادين والحرب الأهلية في نيجيريا والسودان وانجولا وموزمبيق, والانقلابات العسكرية في السودان وتوجو وغانا. ولم يكن ما حدث في الستينيات إلا أول الشرر. ذلك أن لهيب الحرب ونار الصراع ما لبث أن زاد انتشارها خلال عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات, دون أن تخمد إلي يومنا هذا. وتنبع أهمية الحدود الاستعمارية وما نتج عنها من كونها العنصر الهام الذي كون وشكل الدول الأفريقية الحديثة دولة ومجتمعا. وقد تم ترسيم معظم الحدود السياسية الأفريقية في الفترة بين1884 و1919 واعتمدت الحدود الهندسية من قبل المستعمر دون ان يتخذ بعين الاعتبار خصائص الأرض أو توزيع السكان لذلك حملت بذور الخلاف والمشاكل ما باعد بين دولها وطموحاتها.
و بإلقاء نظرة سريعة علي خريطة إفريقيا يتضح أن الدول المستعمرة عملت علي' تقسيم القارة إلي دول تفصل بينها حدود ذات طبيعة مختلفة, فلم تزد نسبة الحدود الطبيعية التي تتماشي مع عوامل التضاريس في القارة عن26% من طول الحدود, و وصلت نسبة الحدود السياسية المعتمدة علي خطوط الطول والعرض إلي44%, أما الحدود التي وضعت علي أسس رياضية فقد بلغت30%'. و بالتالي ورثت الدول المستقلة هذه الحدود الاصطناعية و كان ذلك باعثا علي اندلاع بعض الخلافات الحدوديةوقد شهدت القارة الإفريقية مشاكل حدودية كثيرة بعد انتهاء فترة الاستعمار الأوروبي المباشر, ورغم أن ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية لا يشير إلي اللجوء إلي التحكيم الدولي, فإنه يلاحظ أن الكثير من النزاعات الحدودية المهمة قد أحيلت إلي القضاء الدولي( محكمة العدل الدولية في لاهاي), مثل النزاع حول المياه الإقليمية( الجرف القاري) بين ليبيا و تونس الذي تم حسمه سنة1982, والنزاع بين مالي وبوركينا فاسو حول شريط أغاشير, والنزاع بين ليبيا وتشاد حول شريط أوزو, وكذلك بين نيجيريا والكاميرون حول منطقة باكاسي ومشكلة الحدود بين أريتريا وإثيوبيا, والتي كان من نتائجها اشتعال الحرب بين الدولتين. ومشكلة السودان مع جيرانه في كل الاتجاهات, خاصة في الجنوب. ومشكلة الصومال بين اجزائه وبين جيرانه, خاصة أثيوبيا. ومشكلة الحدود بين الكونغو الديمقراطية وجيرانه في الشرق بورندي ورواندا. ومشكلة المغرب مع الجزائر وموريتانيا.
و لعل السبب في عرض هذه النزاعات علي منظمات دولية أخري هو الافتقاد إلي الخبرة اللازمة في حل مثل هذه النزاعات, وعدم وجود المؤسسات أو المحاكم الخاصة بذلك, إضافة إلي فقدان الثقة بين الدول الإفريقية تجاه بعضها البعض.