العرب والديمقراطية
مرسل: الأحد أكتوبر 09, 2011 10:47 pm
بريهان الجاف
تلجأ الأنظمة العربية لتخويف الغرب والولايات المتحدة بالتحديد من أن التحول الديمقراطي سيأتي بالإسلاميين إلى السلطة، كما حدث في فلسطين، أو يجعل منهم جبهة المعارضة الرئيسة، كما حدث في مصرحيث أن الحركات السياسية الإسلامية أصبحت تشكّـل قوة سياسية لا يُـستهان بها، وأدّى ذلك إلى التساؤل عما إذا كان وصول تلك الحركات إلى السلطة يخْـدم عملية التحوّل الديمقراطي أم لا.؟ وهذا ما جعل الكثير من الأنظمة العربية الى التسرع باستخدام ما يمكن تسميته ((بالفزاعة الإسلامية)) لتخويف الغرب واستخدامه مبرّرا لتأجيل اتخاذ خطوات إصلاحية جادّة، ومحاولة الظهور بمظهر القوة الوحيدة القادرة على حماية مصالح الغرب من وصول الإسلاميين إلى السلطة، ما أدّى إبقاء الوضع غير الديمقراطي على ما هو عليه إلى زيادة قوة الحركات الإسلامية، لأن الشارع العربي بدأ يشعر بانها البديل الوحيد لنُـظم الحكم الشمولية القائمة.
غير إن إدماج الإسلاميين في العملية الديمقراطية لا يخلو من المشاكل، لأن الحكّـام المستبدّين في كثير من الدول العربية صوّروا للغرب الموقف على انه اختيار بين خيارين غير ديمقراطيين، فإما استمرار حكمهم الشمولي وإما السماح للإسلاميين بإقامة نظم حكم إسلامية معادية للغرب. كما أن هناك داخل بعض الحركات الإسلامية عناصر لا تتعاطف مع حقوق الأقليات الدينية الأخرى أو حقوق المرأة أو حرية التعبير أو بعض الحقوق الأساسية الأخرى المعترف بها دوليا.من هنا نجد أن الأنظمة العربية ذات الصبغة الشمولية هي التي رسمت الصورة التي تريدها للإسلام وصورته للغرب وأميركا على انه خطر وان أية عملية تحول ديمقراطي في تلك البلدان سيوصل هؤلاء إلى الحكم وبالتالي سيشكلون خطرا كبيرا يهدد مصالح الغرب والولايات المتحدة الأميركية بالتحديد. وبالتالي تسعى هذه الأنظمة الى ترسيخ فكرة عدم صلاحية الإسلاميين للحكم وإنهم ممكن أن يتحولوا الى نظم شمولية لا ليبرالية كما تقتضي الديمقراطية وهذا يعني فيما يعنيه إصدار حكم مسبق وشديد في الوقت نفسه.
ويبدو إن هذه الآراء قد خففت من دعم واشنطن لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط ، فإن الولايات المتحدة لم تحاول حتى الآن توفير حلّ لمشكلة الضمانات المطلوبة لتتّخذ الحكومات العربية خطوات إصلاحية جادة والضمانات التي تحُـول دون تحوّل الإسلاميين إلى نظم شمولية غير ليبرالية، إذا تمكن الإسلاميون من الوصول إلى السلطة". ونجد إن الضمانات المطلوبة تقسم إلى نوعين: الضمانات الداخلية: ضمان حرية الصحافة واستقلال الإذاعة والتليفزيون عن سلطة الدولة وإقامة دولة مؤسسات قوية يتوفّر فيها الاستقلال للنظام القضائي والخدمة المدنية ونظام قوي لمؤسسات المجتمع المدني، التي يتعين أن تقوم بدور الحامي للمواطنين من سوء معاملة نظام الحكم. وهذا ماتفتقده الأنظمة العربية المتمرسة في كتمان الحريات، والضمانات الخارجية: وتتعلّـق بتوفير حوافز كافية للدول الراغبة في التحول الديمقراطي، تضمن تعاون أنظمة الحكم فيها مع عملية التحول، وثبت أن الآليات الإقليمية أكثر فعالية من الضغوط الغربية والأميركية الخارجية، حيث تشكّل التجربة الأوروبية أفضل مثال على جدوى الحوافز الإقليمية لدعم حريات وحقوق الإنسان الأساسية من خلال محكمة حقوق الإنسان وآليات مراقبة حقوق الإنسان داخل الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي.
وهنا تبدو المشكلة أكبر فيما يتعلّـق بالعالم العربي، لأن جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية لم تفعل شيئا لتوفير حوافز للتقيّـد بحقوق الإنسان أو آليات لتطوير ميثاق عربي لحقوق الإنسان يتم من خلاله رصد مدى الالتزام به على المستوى الإقليمي، بل إن الجامعة العربية في الكثير من المواقف تتخلى عن شخصيتها المادية والمعنوية لتمنحها للآخرين كما حصل مؤخرا" في اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين حيث تمثل حضور الجامعة العربية لمجرد الحضور لا التأثير أو إبداء الرأي وبالتالي فان النظم السياسية العربية تفتقر إلى المنظومة المؤثرة فيها ونجد إن الكثير من الحكومات العربية تحاول سرقة الأضواء على حساب الجامعة العربية عكس الاتحاد الأوروبي. وبالتالي فان عدم وجود اتحاد عربي فعال ومؤثر يعتبر تحدياً كبيراً يحول دون التحول الديمقراطي المطلوب.
أما التحدّي الأكبر الذي يواجه عملية التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي، هو النظم الشمولية الأوتوقراطية القائمة، التي استخدمت ثلاثة مُـستويات من العوائق للحيلولة دون المُضي قُـدما فيما يتطلّع إليه الشعب العربي من اللّحاق بموكب الدول الديمقراطية، الأول، هو الاحتكار الواضح من الحزب الحاكم أو النظام بجميع أشكاله لمؤسسات الدولة، بحيث أصبح من الصعب بمكان التمييز بين الحزب الحاكم وبين مؤسسات الدولة، ما أتاح لنظم الحكم الشمولية استخدام، بل استغلال، موارد الدولة في عرقلة أي تحول حقيقي نحو الديمقراطية ولضمان هيمنة الحزب أو النظام الحاكم أو العائلة الحاكمة على كل مقدرات الحياة السياسية، بما في ذلك الانتخابات وقمع المعارضة السياسية وتهميش القوى الاجتماعية، بل والليبرالية التي يراها الحاكم تحدّيا لنظام حكمه. والثانية هي استخدام أجهزة الأمن في ضمان استمرار الحكم الشمولي من خلال قمع المعارضين وفرض القيود على الحريات العامة ومؤسسات المجتمع المدني. والنقطة الثالثة خلق مناخ سياسي يفتقر إلى ثقافة الديمقراطية، نتيجة للخضوع للحكم الاستبدادي الشمولي وهيمنة الأنظمة الأوتوقراطية على جميع مناحي الحياة في المجتمعات العربية، والاعتماد المتبادل بين النخبة الأوتوقراطية ومؤسسات الدولة والدور العدواني القهري لأجهزة الأمن، ما يشيع ثقافة الخوف.
وربما ساهمت الولايات المتحدة والغرب بصورة عامة في بناء النظم الشمولية في المنطقة العربية في فترة الحرب الباردة ما بين أميركا والاتحاد السوفيتي سابقا وان عملية البناء التراكمية هذه قد خلقت أنظمة شمولية قوية يصعب تغييرها من الداخل ما لم تكن هنالك تأثيرات خارجية تصل إلى حد التدخل العسكري كما حصل في العراق من أجل الإطاحة بالنظام الدكتاتوري.
لكن بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكيك الاتحاد السوفيتي وزوال الخطر الشيوعي الذي ظلت الكثير من الحكومات العربية تعزف لأميركا نغمة ((الخطر الأحمر)) نقول بعد زوال هذا الخطر حاولت أميركا بناء شرق أوسط جديد قائم على الديمقراطية فوجدت حلفاءها القدماء يختلقون خطرا جديداً وهذه المرة ((الإسلام)) وخشية سيطرة الإسلاميين على السلطة لهذا وجدنا تراجعاً أو بطئاً أميركياً في نشر ودعم التحولات الديمقراطية مع ترقب وحذر من الأنظمة العربية التي عليها أن تفكر جيدا في أن تسعى هي للتغيير بعيدا عن التدخلات الخارجية وان تحاول تأسيس جامعة عربية جديدة قائمة على ميثاق جديد يحترم الحريات بجميع إشكالها ويؤسس قاعدة قوية لمستقبل أفضل.
تلجأ الأنظمة العربية لتخويف الغرب والولايات المتحدة بالتحديد من أن التحول الديمقراطي سيأتي بالإسلاميين إلى السلطة، كما حدث في فلسطين، أو يجعل منهم جبهة المعارضة الرئيسة، كما حدث في مصرحيث أن الحركات السياسية الإسلامية أصبحت تشكّـل قوة سياسية لا يُـستهان بها، وأدّى ذلك إلى التساؤل عما إذا كان وصول تلك الحركات إلى السلطة يخْـدم عملية التحوّل الديمقراطي أم لا.؟ وهذا ما جعل الكثير من الأنظمة العربية الى التسرع باستخدام ما يمكن تسميته ((بالفزاعة الإسلامية)) لتخويف الغرب واستخدامه مبرّرا لتأجيل اتخاذ خطوات إصلاحية جادّة، ومحاولة الظهور بمظهر القوة الوحيدة القادرة على حماية مصالح الغرب من وصول الإسلاميين إلى السلطة، ما أدّى إبقاء الوضع غير الديمقراطي على ما هو عليه إلى زيادة قوة الحركات الإسلامية، لأن الشارع العربي بدأ يشعر بانها البديل الوحيد لنُـظم الحكم الشمولية القائمة.
غير إن إدماج الإسلاميين في العملية الديمقراطية لا يخلو من المشاكل، لأن الحكّـام المستبدّين في كثير من الدول العربية صوّروا للغرب الموقف على انه اختيار بين خيارين غير ديمقراطيين، فإما استمرار حكمهم الشمولي وإما السماح للإسلاميين بإقامة نظم حكم إسلامية معادية للغرب. كما أن هناك داخل بعض الحركات الإسلامية عناصر لا تتعاطف مع حقوق الأقليات الدينية الأخرى أو حقوق المرأة أو حرية التعبير أو بعض الحقوق الأساسية الأخرى المعترف بها دوليا.من هنا نجد أن الأنظمة العربية ذات الصبغة الشمولية هي التي رسمت الصورة التي تريدها للإسلام وصورته للغرب وأميركا على انه خطر وان أية عملية تحول ديمقراطي في تلك البلدان سيوصل هؤلاء إلى الحكم وبالتالي سيشكلون خطرا كبيرا يهدد مصالح الغرب والولايات المتحدة الأميركية بالتحديد. وبالتالي تسعى هذه الأنظمة الى ترسيخ فكرة عدم صلاحية الإسلاميين للحكم وإنهم ممكن أن يتحولوا الى نظم شمولية لا ليبرالية كما تقتضي الديمقراطية وهذا يعني فيما يعنيه إصدار حكم مسبق وشديد في الوقت نفسه.
ويبدو إن هذه الآراء قد خففت من دعم واشنطن لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط ، فإن الولايات المتحدة لم تحاول حتى الآن توفير حلّ لمشكلة الضمانات المطلوبة لتتّخذ الحكومات العربية خطوات إصلاحية جادة والضمانات التي تحُـول دون تحوّل الإسلاميين إلى نظم شمولية غير ليبرالية، إذا تمكن الإسلاميون من الوصول إلى السلطة". ونجد إن الضمانات المطلوبة تقسم إلى نوعين: الضمانات الداخلية: ضمان حرية الصحافة واستقلال الإذاعة والتليفزيون عن سلطة الدولة وإقامة دولة مؤسسات قوية يتوفّر فيها الاستقلال للنظام القضائي والخدمة المدنية ونظام قوي لمؤسسات المجتمع المدني، التي يتعين أن تقوم بدور الحامي للمواطنين من سوء معاملة نظام الحكم. وهذا ماتفتقده الأنظمة العربية المتمرسة في كتمان الحريات، والضمانات الخارجية: وتتعلّـق بتوفير حوافز كافية للدول الراغبة في التحول الديمقراطي، تضمن تعاون أنظمة الحكم فيها مع عملية التحول، وثبت أن الآليات الإقليمية أكثر فعالية من الضغوط الغربية والأميركية الخارجية، حيث تشكّل التجربة الأوروبية أفضل مثال على جدوى الحوافز الإقليمية لدعم حريات وحقوق الإنسان الأساسية من خلال محكمة حقوق الإنسان وآليات مراقبة حقوق الإنسان داخل الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي.
وهنا تبدو المشكلة أكبر فيما يتعلّـق بالعالم العربي، لأن جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية لم تفعل شيئا لتوفير حوافز للتقيّـد بحقوق الإنسان أو آليات لتطوير ميثاق عربي لحقوق الإنسان يتم من خلاله رصد مدى الالتزام به على المستوى الإقليمي، بل إن الجامعة العربية في الكثير من المواقف تتخلى عن شخصيتها المادية والمعنوية لتمنحها للآخرين كما حصل مؤخرا" في اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين حيث تمثل حضور الجامعة العربية لمجرد الحضور لا التأثير أو إبداء الرأي وبالتالي فان النظم السياسية العربية تفتقر إلى المنظومة المؤثرة فيها ونجد إن الكثير من الحكومات العربية تحاول سرقة الأضواء على حساب الجامعة العربية عكس الاتحاد الأوروبي. وبالتالي فان عدم وجود اتحاد عربي فعال ومؤثر يعتبر تحدياً كبيراً يحول دون التحول الديمقراطي المطلوب.
أما التحدّي الأكبر الذي يواجه عملية التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي، هو النظم الشمولية الأوتوقراطية القائمة، التي استخدمت ثلاثة مُـستويات من العوائق للحيلولة دون المُضي قُـدما فيما يتطلّع إليه الشعب العربي من اللّحاق بموكب الدول الديمقراطية، الأول، هو الاحتكار الواضح من الحزب الحاكم أو النظام بجميع أشكاله لمؤسسات الدولة، بحيث أصبح من الصعب بمكان التمييز بين الحزب الحاكم وبين مؤسسات الدولة، ما أتاح لنظم الحكم الشمولية استخدام، بل استغلال، موارد الدولة في عرقلة أي تحول حقيقي نحو الديمقراطية ولضمان هيمنة الحزب أو النظام الحاكم أو العائلة الحاكمة على كل مقدرات الحياة السياسية، بما في ذلك الانتخابات وقمع المعارضة السياسية وتهميش القوى الاجتماعية، بل والليبرالية التي يراها الحاكم تحدّيا لنظام حكمه. والثانية هي استخدام أجهزة الأمن في ضمان استمرار الحكم الشمولي من خلال قمع المعارضين وفرض القيود على الحريات العامة ومؤسسات المجتمع المدني. والنقطة الثالثة خلق مناخ سياسي يفتقر إلى ثقافة الديمقراطية، نتيجة للخضوع للحكم الاستبدادي الشمولي وهيمنة الأنظمة الأوتوقراطية على جميع مناحي الحياة في المجتمعات العربية، والاعتماد المتبادل بين النخبة الأوتوقراطية ومؤسسات الدولة والدور العدواني القهري لأجهزة الأمن، ما يشيع ثقافة الخوف.
وربما ساهمت الولايات المتحدة والغرب بصورة عامة في بناء النظم الشمولية في المنطقة العربية في فترة الحرب الباردة ما بين أميركا والاتحاد السوفيتي سابقا وان عملية البناء التراكمية هذه قد خلقت أنظمة شمولية قوية يصعب تغييرها من الداخل ما لم تكن هنالك تأثيرات خارجية تصل إلى حد التدخل العسكري كما حصل في العراق من أجل الإطاحة بالنظام الدكتاتوري.
لكن بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكيك الاتحاد السوفيتي وزوال الخطر الشيوعي الذي ظلت الكثير من الحكومات العربية تعزف لأميركا نغمة ((الخطر الأحمر)) نقول بعد زوال هذا الخطر حاولت أميركا بناء شرق أوسط جديد قائم على الديمقراطية فوجدت حلفاءها القدماء يختلقون خطرا جديداً وهذه المرة ((الإسلام)) وخشية سيطرة الإسلاميين على السلطة لهذا وجدنا تراجعاً أو بطئاً أميركياً في نشر ودعم التحولات الديمقراطية مع ترقب وحذر من الأنظمة العربية التي عليها أن تفكر جيدا في أن تسعى هي للتغيير بعيدا عن التدخلات الخارجية وان تحاول تأسيس جامعة عربية جديدة قائمة على ميثاق جديد يحترم الحريات بجميع إشكالها ويؤسس قاعدة قوية لمستقبل أفضل.