- الثلاثاء أكتوبر 11, 2011 3:30 pm
#39625
ربما - فائدة مجلس الشورى
الإثنين, 10 أكتوبر 2011
بقلم بدرية البشر
زرت الرياض يومين لأتحدث عن تمثيل المرأة في عضوية مجلس الشورى في التلفزيون، واستغللت وجودي لأقوم بواجبات اجتماعية اقتضت مني التجول في شوارع الرياض، والدخول إلى بيوت أهلها. في هذين اليومين سمعت أصواتاً جعلتني أعيد كل ما فهمته ورتبته للحديث عن مشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى، لا سيما أنهم كانوا يواجهوننا بأهم سؤال: وهل ستنجح المرأة في ما فشل فيه الرجل؟ وماذا قدم مجلس الشورى للناس؟ ها هم يدخلون ويخرجون، وحال الناس لم تتحسن ولم تتغيّر. أناس آخرون يرون أن الحديث عن مثل هذه الحقوق رفاهية، ويلحّون على الحديث عن مشكلاتنا الحقيقية التي تمس حاجة حياتنا!
هل هناك قطيعة بين مجلسي الشورى والبلديات وبين مطالب الناس ومصالحهم؟ وهل هذان المجلسان بعيدان عن مصالح الناس إلى هذا الحد، بحيث لا يوليهما الناس بالاً، ولا يعلقون عليهما الآمال؟
لا أظن أنها صدفة أن أسمع هذه المشكلات المتراكمة من الناس، والتي تكدست في طريقي في يوم واحد.
أول صوت سمعته كان لوالد قضى وقته يفتش عن سرير لابنه المصاب بالشيزوفرينيا، وقد تعقدت حاله، وأصبح خطراً على أسرته وعلى نفسه، لكنه لا يجد له محلاً في مستشفى حكومي أو خاص، كل الأماكن ممتلئة. الصوت الثاني كان لسيدة كبيرة في السن وكفيفة، توفي زوجها منذ أيام، فوجئت بأن راتب زوجها التقاعدي البالغ 13 ألفاً ابتلعته مؤسسة العمل، وأبقي لها منه ألفا ريال، وهي تسأل ماذا تفعل ألفا ريال في هذا الزمن؟ وماذا لو أن هذه السيدة من دون أبناء ومن دون بيت؟ وهل زوجها الذي عمل خمسين عاماً في الوظيفة، ليؤمن لزوجته الضمان والأمان كان يطمح لأن تعيش زوجته على بقية فضلة ألفي ريال؟ أما الصوت الثالث فكان لسيدة تقول إن مشكلتها لم تعد في الظلم الذي لحق بها من القضاء حين تركها بلا حماية من طليقها الذي أسرف في ظلمها، فعاشت مهملة من دون نفقة ومن دون حقوق، وليست في كونها تحمل درجة البكالوريوس في الأعمال ولا تجد وظيفة، بل إن مشكلتها تتجلى في ابنها المعوق عقلياً، الذي لا تجد له مدرسة تؤهله وتدربه.
الصوت الرابع سمعته من ساكن حي كان منذ عقد من الزمان من أفضل وأغلى الأحياء، وقد تحوّل الحي اليوم بسبب نمو عشوائي، وضعف رقابي إلى حي من الدرجة الثالثة، وبرر هذا الصوت تدهور حال الحي بأن جارهم المسؤول الكبير تقاعد من وظيفته، ففقد الحي واسطته. أما تلك السيارات الهائلة التي سدت طريقي في الشارع، فلم تكن إلا بسبب المدارس الخاصة التي احتلت نصف الحي، ومن حقها أن تزيد من أقساطها المدرسية كل سنة، لكن ليس من حق أحد أن يلزمها بمواقف خاصة تحمي سكان الحي من الفوضى، التي تحدثها في وقت دخول الطلاب وخروجهم.
ترى لو أن عضو مجلس الشورى لا يصل إلى مقعده في مجلس الشورى إلا بدفع من هذه الأصوات التي تئن بالشكوى هل كان ستغمض له عين؟ وهل سينتبه إلى أن تعيينه في مجلس الشورى ليس نزهة أو مكافأة على عدم فعله شيئاً؟
طالما أن الناس لا تؤمن بأن عضو مجلس الشورى ممثل لهم لا ممثل للحكومة، فإنها ستعتبر أن بينها وبين هذه المناصب قطيعة أو على الأقل لا يعنيها من أمرها شيئاً. ولهذا لن يتحمس أحد لينتخب عضو مجلس البلدية، ولن يحفل أحد بأن يسأل بعد كل اجتماع مجلس شورى عما أسفر عنه هذا الاجتماع.
في مجلس الشورى إن لم يكن صوت عضو مجلس الشورى هو تعبير عن حال الناس ومصالحهم، فيحق لهم أن يقولوا كلما سمعونا نتحدث عن مجلس الشورى. وش الفائدة؟
الإثنين, 10 أكتوبر 2011
بقلم بدرية البشر
زرت الرياض يومين لأتحدث عن تمثيل المرأة في عضوية مجلس الشورى في التلفزيون، واستغللت وجودي لأقوم بواجبات اجتماعية اقتضت مني التجول في شوارع الرياض، والدخول إلى بيوت أهلها. في هذين اليومين سمعت أصواتاً جعلتني أعيد كل ما فهمته ورتبته للحديث عن مشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى، لا سيما أنهم كانوا يواجهوننا بأهم سؤال: وهل ستنجح المرأة في ما فشل فيه الرجل؟ وماذا قدم مجلس الشورى للناس؟ ها هم يدخلون ويخرجون، وحال الناس لم تتحسن ولم تتغيّر. أناس آخرون يرون أن الحديث عن مثل هذه الحقوق رفاهية، ويلحّون على الحديث عن مشكلاتنا الحقيقية التي تمس حاجة حياتنا!
هل هناك قطيعة بين مجلسي الشورى والبلديات وبين مطالب الناس ومصالحهم؟ وهل هذان المجلسان بعيدان عن مصالح الناس إلى هذا الحد، بحيث لا يوليهما الناس بالاً، ولا يعلقون عليهما الآمال؟
لا أظن أنها صدفة أن أسمع هذه المشكلات المتراكمة من الناس، والتي تكدست في طريقي في يوم واحد.
أول صوت سمعته كان لوالد قضى وقته يفتش عن سرير لابنه المصاب بالشيزوفرينيا، وقد تعقدت حاله، وأصبح خطراً على أسرته وعلى نفسه، لكنه لا يجد له محلاً في مستشفى حكومي أو خاص، كل الأماكن ممتلئة. الصوت الثاني كان لسيدة كبيرة في السن وكفيفة، توفي زوجها منذ أيام، فوجئت بأن راتب زوجها التقاعدي البالغ 13 ألفاً ابتلعته مؤسسة العمل، وأبقي لها منه ألفا ريال، وهي تسأل ماذا تفعل ألفا ريال في هذا الزمن؟ وماذا لو أن هذه السيدة من دون أبناء ومن دون بيت؟ وهل زوجها الذي عمل خمسين عاماً في الوظيفة، ليؤمن لزوجته الضمان والأمان كان يطمح لأن تعيش زوجته على بقية فضلة ألفي ريال؟ أما الصوت الثالث فكان لسيدة تقول إن مشكلتها لم تعد في الظلم الذي لحق بها من القضاء حين تركها بلا حماية من طليقها الذي أسرف في ظلمها، فعاشت مهملة من دون نفقة ومن دون حقوق، وليست في كونها تحمل درجة البكالوريوس في الأعمال ولا تجد وظيفة، بل إن مشكلتها تتجلى في ابنها المعوق عقلياً، الذي لا تجد له مدرسة تؤهله وتدربه.
الصوت الرابع سمعته من ساكن حي كان منذ عقد من الزمان من أفضل وأغلى الأحياء، وقد تحوّل الحي اليوم بسبب نمو عشوائي، وضعف رقابي إلى حي من الدرجة الثالثة، وبرر هذا الصوت تدهور حال الحي بأن جارهم المسؤول الكبير تقاعد من وظيفته، ففقد الحي واسطته. أما تلك السيارات الهائلة التي سدت طريقي في الشارع، فلم تكن إلا بسبب المدارس الخاصة التي احتلت نصف الحي، ومن حقها أن تزيد من أقساطها المدرسية كل سنة، لكن ليس من حق أحد أن يلزمها بمواقف خاصة تحمي سكان الحي من الفوضى، التي تحدثها في وقت دخول الطلاب وخروجهم.
ترى لو أن عضو مجلس الشورى لا يصل إلى مقعده في مجلس الشورى إلا بدفع من هذه الأصوات التي تئن بالشكوى هل كان ستغمض له عين؟ وهل سينتبه إلى أن تعيينه في مجلس الشورى ليس نزهة أو مكافأة على عدم فعله شيئاً؟
طالما أن الناس لا تؤمن بأن عضو مجلس الشورى ممثل لهم لا ممثل للحكومة، فإنها ستعتبر أن بينها وبين هذه المناصب قطيعة أو على الأقل لا يعنيها من أمرها شيئاً. ولهذا لن يتحمس أحد لينتخب عضو مجلس البلدية، ولن يحفل أحد بأن يسأل بعد كل اجتماع مجلس شورى عما أسفر عنه هذا الاجتماع.
في مجلس الشورى إن لم يكن صوت عضو مجلس الشورى هو تعبير عن حال الناس ومصالحهم، فيحق لهم أن يقولوا كلما سمعونا نتحدث عن مجلس الشورى. وش الفائدة؟