- الثلاثاء أكتوبر 11, 2011 11:21 pm
#39646
ا
لجدل المحتدم بين فئات المجتمع الأردني حول الملكية الدستورية غالبا مايتسم بالسطحية والإنحياز العاطفي دون الولوج في نقاش معمق حول ماهية ذلك الحكم وامكانية تطبيقه في الأردن من عدمها ، أما عن الملكية الدستورية ، فهو ذلك النظام الذي يملك فيه الملك ولا يحكم ، بمعنى أنه ملك لا نزاع على أحقيته في حكم البلاد وتوريث أبنائه من بعده ، كما أنه يكون الحارس الأمين على دستور البلاد وأن لا تبغي أي من السلطات الثلاث على بعضها البعض وبالتالي فإن الدور الذي يضطلع به الملك في الدستورية الملكية دور هام للغاية بل إنه الدور المحوري الذي يحفظ للدولة تماسكها ووحدتها وهيبتها ، وهذا ما نجده في كل الملكيات الأوروبية مثل بريطانيا وهولندا وأسبانيا وغيرها ، وكون الملك لا يحكم فإن ذلك لا يعني أنه يعيش حياة بسيطة او متواضعة بل يفرد له في الموازنة العامة للدولة من المداخيل مايكفي من المخصصات كي يعيش حياة كريمة تليق بالمنصب وتكفل له وللأمراء عيشا رغيدا حسب ماهو حاصل في كثير من الملكيات الأوروبية او كلها .
من ناحية ثانية فإن الملكية الدستورية تنتزع من الملك الكثير من الحقوق الشخصية والعائلية ، ففي الملكية الدستورية يكون الملك مضطرا أن تكون موارده المالية مكشوفة ولا يمكنه الحصول من خزينة الدولة على أي مخصصات غير تلك التي تقررها الحكومة ولا يمكن زيادة تلك المخصصات الا بإذن من مجلس النواب المنتخب ، كما أن على الملك أن يستأذن رئيس الحكومة في السفر والوجهة التي سيذهب اليها سواء في الزيارات الرسمية أو الخاصة ، كما أنه أي الملك لا يتمتع بأي صلاحيات تنفيذية غير قبول استقالة الحكومة وتكليف الحزب الفائز في الإنتخابات بتشكيل الحكومة الجديدة كما يحق له حل البرلمان في ظروف معينة ومحددة من الدستور.
إن الملكية الدستورية تعتبر نظاما جيدا يكفل من جهة استقرار الحكم وطمأنينة العائلة المالكة التي غالبا ماتحظى بشعبية كبيرة جدا في ظل الحكم الدستوري حيث ان الحكومة هي التي تتعرض للنقد والتوبيخ من قبل الشعب في حالات التذمر الشعبي والشكوى ـ ولا يطال الملك اي نوع من أنواع المؤاخذة القانونية أو الدستورية أو الشعبية حتى ، و في ظل النظام الملكي الدستوري فإن شبه الفساد التي يروج لها الكثيرون تنتفي تماما ولا يمكن لأحد أن يوجه اصابع الإتهام الى الملك أو أي من أفراد العائلة المالكة لأن النظام لا يسمح للعائلة بأي نوع من التجاوزات ولا تتوفر الأليات القانونية او الدستورية التي تسمح للملك بالحصول على أي مزايا شخصية اضافية غير تلك التي ينص عليها الدستور والقانون .
إذن فالملكية الدستورية لاتنتقص من قيمة الملك والعائلة المالكة الدستورية والشعبية ولكنها تحد من صلاحياتهم القانونية ونفوذهم كثيرا ، ومن هنا فإن المنتقدين للملكية الدستورية إنما ينطلقون من نزعات عاطفية كما أسلفنا ، ويحملون الأمر على محمل عشائري وكأن الملك شيخ عشيرة لا يجوز المساس بسلطاته المطلقة و غير المقيدة ، غير أن الملك أكبر بكثير ودوره أهم من دور شيخ العشيرة إنه قائد للدولة ، وهو يعلن الحرب ويعقد الصلح والسلم ، صحيح أن الحكومة هي التي تنسب بذلك ولكنه يشكل صمام الأمان والعين الساهرة على تطبيق الدستور وينحاز بدون تردد الى مصلحة الوطن بكل مكوناته السياسية دون تفرقة فهو فوق القانون والدستور مادام يحترم القانون والدستور ، وهو فوق شبهات الإنحياز أو التحزب مع جهة ضد أخرى.
أما إذا نظرنا الى الوضع في الأردن ، ورغم أن النظام الملكي فيه قد استطاع أن يحافظ على مدى ستين عاما تقريبا او يزيد على وحدة البلاد وتمكن أيضا من الإنتقال بالمجتمع الأردني من مجتمع بدوي الى مجتمع مدني يتمتع بأسباب الحضارة الحديثة من تعليم وصحة وخدمات وبنى تحتية جيدة ، إلا أن النظام عانى وعلى مدى عقود طويلة من تيارات المعارضة الوطنية التي ترى في السلطات المطلقة المفوضة للملك نوعا من تقييد حقوق الشعب او مصادرتها ، وهذا سبب نوعا من سوء الفهم المزمن بين النظام وشرائح كبيرة من الشعب ، لايمكنهم جميعا أن يعبروا عن ارائهم في هذا المجال بسبب الخوف من اتهامهم بأنهم ضد النظام وتعتبر هذه التهمة من التهم الكبيرة في القانون الأردني ، ورغم الحريات الكبيرة التي يتمتع بها الأردنيون في التعبير والكتابة والنشر الا أن الخوف من البوح بالأراء المعارضة مايزال متأثر بزمن الأحكام العرفية الذي انتهى منذ أكثر من عقدين من الزمن .
السياسيون من صحافيين واعلاميين ونواب وأعيان الذين يهاجمون كل من يدعو الى ملكية دستورية تنطلق اما من منطلق النفاق الإجتماعي السياسي الذي يتقرب من النظام والأجهزة بهذا الدفاع وتسجيل مواقف ربما يؤجرون عليها بمراكز ووظائف وعطايا ورضى يفضي الى محبة تفضي الى تقرب يفضي الى حقيبة من المال او حقيبة وزارية ، وإما خوفا من أن تكون المعارضة وبالا عليهم أو على أولادهم في منعهم من التعيين او الإرتزاق او حتى المساءلة القانونية او غير القانونية وهكذا فإننا نعود للقول ان مناقشة الموضوع يتم دائما بعيدا عن الموضوعية وتحت الكثير من الضغوط النفسية والأرث الإجتماعي والسياسي الذي يصعب على كثير من الأردنيين التخلص منه حتى الآن .
صحيح أن الملكية الدستورية قد تطيح بالكثير من المزايا والحقوق التي يتمتع به الملك والعائلة المالكة فيما إذا تم اعتماد النظام الدستوري في الأردن إلا أن العائلة المالكة سيكون لها رصيد شعبي هائل ، وقد تكون العائلة المالكة الأكثر تأهيلا للعب أدوار قومية في المنطقة والإقليم لما تتمتع به من نسب ومشايعيين لهذا النسب يشكلون الغالبية الساحقة في المجتمع العربي وهو نسب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا لإغن الذين يهاجمون كل من يدعو أو يناقش الملكية الدستورية لا يمثلون تيارات محبة للملك في الحقيقة بقدر ماهم تيارات من المرتزقين والمنتفعين من مزايا النظام القائم حاليا .
بين الملكية المطلقة والملكية الدستورية الأمور جد واضحة ، و سيكون من المحتم على الأردنيين أن يدخلوا في نقاش حول هذا الموضوع لأن دفن الرؤوس في الرمال لا يفيد ولا يحمي من العواصف ، والمحبين للنظام يجب ان يكون ناصحين مخلصين صادقين لا مدافعين عن امتيازاتهم وربما فسادهم الذي يتوقعون أن يعود عليهم بالدمار والوبال فيما إذا تمكنت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية من استخدام صلاحياتها الكاملة وبدأت بالمحاسبة للذين سرقوا ثروات البلاد والعباد واحتموا بدوائر الكومسيون السياسي الذي احتمى ببعض دوائر النفوذ السياسي الذي أوهم الشعب طويلا بأنه محمي من فوق وهو ليس كذلك.
الملكية الدستورية رؤية موضوعية - عدنان الروسان
لجدل المحتدم بين فئات المجتمع الأردني حول الملكية الدستورية غالبا مايتسم بالسطحية والإنحياز العاطفي دون الولوج في نقاش معمق حول ماهية ذلك الحكم وامكانية تطبيقه في الأردن من عدمها ، أما عن الملكية الدستورية ، فهو ذلك النظام الذي يملك فيه الملك ولا يحكم ، بمعنى أنه ملك لا نزاع على أحقيته في حكم البلاد وتوريث أبنائه من بعده ، كما أنه يكون الحارس الأمين على دستور البلاد وأن لا تبغي أي من السلطات الثلاث على بعضها البعض وبالتالي فإن الدور الذي يضطلع به الملك في الدستورية الملكية دور هام للغاية بل إنه الدور المحوري الذي يحفظ للدولة تماسكها ووحدتها وهيبتها ، وهذا ما نجده في كل الملكيات الأوروبية مثل بريطانيا وهولندا وأسبانيا وغيرها ، وكون الملك لا يحكم فإن ذلك لا يعني أنه يعيش حياة بسيطة او متواضعة بل يفرد له في الموازنة العامة للدولة من المداخيل مايكفي من المخصصات كي يعيش حياة كريمة تليق بالمنصب وتكفل له وللأمراء عيشا رغيدا حسب ماهو حاصل في كثير من الملكيات الأوروبية او كلها .
من ناحية ثانية فإن الملكية الدستورية تنتزع من الملك الكثير من الحقوق الشخصية والعائلية ، ففي الملكية الدستورية يكون الملك مضطرا أن تكون موارده المالية مكشوفة ولا يمكنه الحصول من خزينة الدولة على أي مخصصات غير تلك التي تقررها الحكومة ولا يمكن زيادة تلك المخصصات الا بإذن من مجلس النواب المنتخب ، كما أن على الملك أن يستأذن رئيس الحكومة في السفر والوجهة التي سيذهب اليها سواء في الزيارات الرسمية أو الخاصة ، كما أنه أي الملك لا يتمتع بأي صلاحيات تنفيذية غير قبول استقالة الحكومة وتكليف الحزب الفائز في الإنتخابات بتشكيل الحكومة الجديدة كما يحق له حل البرلمان في ظروف معينة ومحددة من الدستور.
إن الملكية الدستورية تعتبر نظاما جيدا يكفل من جهة استقرار الحكم وطمأنينة العائلة المالكة التي غالبا ماتحظى بشعبية كبيرة جدا في ظل الحكم الدستوري حيث ان الحكومة هي التي تتعرض للنقد والتوبيخ من قبل الشعب في حالات التذمر الشعبي والشكوى ـ ولا يطال الملك اي نوع من أنواع المؤاخذة القانونية أو الدستورية أو الشعبية حتى ، و في ظل النظام الملكي الدستوري فإن شبه الفساد التي يروج لها الكثيرون تنتفي تماما ولا يمكن لأحد أن يوجه اصابع الإتهام الى الملك أو أي من أفراد العائلة المالكة لأن النظام لا يسمح للعائلة بأي نوع من التجاوزات ولا تتوفر الأليات القانونية او الدستورية التي تسمح للملك بالحصول على أي مزايا شخصية اضافية غير تلك التي ينص عليها الدستور والقانون .
إذن فالملكية الدستورية لاتنتقص من قيمة الملك والعائلة المالكة الدستورية والشعبية ولكنها تحد من صلاحياتهم القانونية ونفوذهم كثيرا ، ومن هنا فإن المنتقدين للملكية الدستورية إنما ينطلقون من نزعات عاطفية كما أسلفنا ، ويحملون الأمر على محمل عشائري وكأن الملك شيخ عشيرة لا يجوز المساس بسلطاته المطلقة و غير المقيدة ، غير أن الملك أكبر بكثير ودوره أهم من دور شيخ العشيرة إنه قائد للدولة ، وهو يعلن الحرب ويعقد الصلح والسلم ، صحيح أن الحكومة هي التي تنسب بذلك ولكنه يشكل صمام الأمان والعين الساهرة على تطبيق الدستور وينحاز بدون تردد الى مصلحة الوطن بكل مكوناته السياسية دون تفرقة فهو فوق القانون والدستور مادام يحترم القانون والدستور ، وهو فوق شبهات الإنحياز أو التحزب مع جهة ضد أخرى.
أما إذا نظرنا الى الوضع في الأردن ، ورغم أن النظام الملكي فيه قد استطاع أن يحافظ على مدى ستين عاما تقريبا او يزيد على وحدة البلاد وتمكن أيضا من الإنتقال بالمجتمع الأردني من مجتمع بدوي الى مجتمع مدني يتمتع بأسباب الحضارة الحديثة من تعليم وصحة وخدمات وبنى تحتية جيدة ، إلا أن النظام عانى وعلى مدى عقود طويلة من تيارات المعارضة الوطنية التي ترى في السلطات المطلقة المفوضة للملك نوعا من تقييد حقوق الشعب او مصادرتها ، وهذا سبب نوعا من سوء الفهم المزمن بين النظام وشرائح كبيرة من الشعب ، لايمكنهم جميعا أن يعبروا عن ارائهم في هذا المجال بسبب الخوف من اتهامهم بأنهم ضد النظام وتعتبر هذه التهمة من التهم الكبيرة في القانون الأردني ، ورغم الحريات الكبيرة التي يتمتع بها الأردنيون في التعبير والكتابة والنشر الا أن الخوف من البوح بالأراء المعارضة مايزال متأثر بزمن الأحكام العرفية الذي انتهى منذ أكثر من عقدين من الزمن .
السياسيون من صحافيين واعلاميين ونواب وأعيان الذين يهاجمون كل من يدعو الى ملكية دستورية تنطلق اما من منطلق النفاق الإجتماعي السياسي الذي يتقرب من النظام والأجهزة بهذا الدفاع وتسجيل مواقف ربما يؤجرون عليها بمراكز ووظائف وعطايا ورضى يفضي الى محبة تفضي الى تقرب يفضي الى حقيبة من المال او حقيبة وزارية ، وإما خوفا من أن تكون المعارضة وبالا عليهم أو على أولادهم في منعهم من التعيين او الإرتزاق او حتى المساءلة القانونية او غير القانونية وهكذا فإننا نعود للقول ان مناقشة الموضوع يتم دائما بعيدا عن الموضوعية وتحت الكثير من الضغوط النفسية والأرث الإجتماعي والسياسي الذي يصعب على كثير من الأردنيين التخلص منه حتى الآن .
صحيح أن الملكية الدستورية قد تطيح بالكثير من المزايا والحقوق التي يتمتع به الملك والعائلة المالكة فيما إذا تم اعتماد النظام الدستوري في الأردن إلا أن العائلة المالكة سيكون لها رصيد شعبي هائل ، وقد تكون العائلة المالكة الأكثر تأهيلا للعب أدوار قومية في المنطقة والإقليم لما تتمتع به من نسب ومشايعيين لهذا النسب يشكلون الغالبية الساحقة في المجتمع العربي وهو نسب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا لإغن الذين يهاجمون كل من يدعو أو يناقش الملكية الدستورية لا يمثلون تيارات محبة للملك في الحقيقة بقدر ماهم تيارات من المرتزقين والمنتفعين من مزايا النظام القائم حاليا .
بين الملكية المطلقة والملكية الدستورية الأمور جد واضحة ، و سيكون من المحتم على الأردنيين أن يدخلوا في نقاش حول هذا الموضوع لأن دفن الرؤوس في الرمال لا يفيد ولا يحمي من العواصف ، والمحبين للنظام يجب ان يكون ناصحين مخلصين صادقين لا مدافعين عن امتيازاتهم وربما فسادهم الذي يتوقعون أن يعود عليهم بالدمار والوبال فيما إذا تمكنت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية من استخدام صلاحياتها الكاملة وبدأت بالمحاسبة للذين سرقوا ثروات البلاد والعباد واحتموا بدوائر الكومسيون السياسي الذي احتمى ببعض دوائر النفوذ السياسي الذي أوهم الشعب طويلا بأنه محمي من فوق وهو ليس كذلك.
الملكية الدستورية رؤية موضوعية - عدنان الروسان