دراسة حـول: عروبة القدس عبر التـاريخ والأطماع الصهيونية فيه
مرسل: الخميس أكتوبر 20, 2011 6:23 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دراسة حـول:
عروبة القدس عبر التـاريخ والأطماع الصهيونية فيها
للباحث والكاتب
محسن الشيخ هاشم الخزندار
المقـدمـة
مدينة القدس من أقدم مدن العالم، هدمت وأعيد بناؤها أكثر من 18 مرة في التاريخ، ترجع نشأتها إلى 5000 سنه ق.م، حيث عمرها الكنعانيون وأعطوها اسمها، وفي عام 3000 ق.م سكنها العرب اليبوسيين، وبنوا المدينة، وأطلقوا عليها اسم مدينة السلام، وقد ظهر في المدينة أول جماعة آمنت بالتوحيد، برعاية ملكها "ملكي صادق" وأطلق عليها اسم أورسالم أي مدينة السلام، وحملت القدس العديد من الأسماء عبر فترات التاريخ، ورغم هذا التعدد إلا أنها حافظت على اسمها الكنعاني العربي.
تعد القدس ظاهرة حضارية عالمية فذة تنفرد فيها دون سواها من مدن العالم، فهي: مدينة الأديان السماوية الثلاثة، وهي: القبلة الأولى للمسلمين وثاني المسجدين وثالث الحرمين مسرى ومعراج الرسول صلي الله عليه وسلم، ومصدر انبثاق عقيدة المسلم التي لا تكتمل إلا بها.
ومنذ عام 1948 احتلت إسرائيل الجزء الغربي من المدينة وفي عام 1967 تم احتلال الجزء الشرقي منها، وفي عام 1967 أقرت الكنيست الإسرائيلي ضم شطري القدس، وفي 30 تموز1980 أصدر الكنيست قراراً يعتبر القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، في حين تعرضت القدس للعديد من الإجراءات العنصرية تراوحت بين هدم إحياء بكاملها (حي المغاربة) ومصادرة الأراضي لإقامة المستوطنات، وهدم المنازل العربية والاستيلاء عليها، وتهجير قسري للسكان من أجل تهيئة الواقع الجغرافي الإحتلالي الذي يؤسس إلى عملية الضم من خلال بناء جدار الفصل العنصري .
وتميزت هذه المدينة عن سائر مدن العالم بطابع حضاري وتاريخي فريد عبر آلاف السنين منذ أن أنشأها اليبوسيون، ومن خلال هذه المسيرة التاريخية الطويلة مرت سنوات وأحداث تثبت أن للقدس منزلة عظيمة من جانب المؤمنين بالديانات السماوية الثلاث، فكانت القدس تمثل سنوات صراع قديماً وحديثاً بما تعرضت له من غزوات وما حملته من حضارات وقوى سادت ثم بادت.
وعندما نتحدث عن الصراع نتحدث عن تلك السنوات الماضية والراهنة التي عانى خلالها الشعب الفلسطيني وأهل القدس من أبشع الممارسات الإسرائيلية لطمس تلك الهوية، وطمس كل الآثار التي تدل علي عروبة تلك المدينة.
ونظراً للوضع السياسي الصعب وضرورة تحليل أبعاد السياسات الإسرائيلية إزاء القدس نرى من الأهمية بمكان أن نعد هذه الورقة البحثية والتي تتناول القدس وعروبتها في التاريخ ومكانتها عند المسلمين عبر العصور الإسلامية والأطماع الصهيونية والممارسات الإسرائيلية المتواصلة لتهويد مدينة القدس، هذه المدينة التي يمتد تاريخها إلى ما يقارب ستة آلاف سنة.
أهمية البحث :
تكمن أهمية الدراسة في هذا الوقت بالذات لما تتعرض له القدس من هجمة خطيرة في هذه الأيام متزامنة مع حالة الوهن والضعف والعجز العربي والإسلامي معاً ومن خلال هذا البحث نهدف إلى التعرف على الممارسات الإسرائيلية حيث التركيز في هذا البحث على عروبة القدس في التاريخ ومكانتها عند المسلمين عبر العصور الإسلامية والممارسات الإسرائيلية التي تستهدف تهويد القدس منذ احتلالها عام 1967م .
أهداف البحث :
يهدف البحث إلى التعريف بمدينة القدس وعروبتها عبر التاريخ ومكانتها عند المسلمين في العصور الإسلامية والأطماع الصهيونية في مدينة القدس وإجراءات التهويد التي تتعرض لها هذه المدينة، كما التعرف على مدى وحجم تأثير الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس لضمان سيطرة اليهود على المدينة، وكذلك كشف العوامل والظروف المحيطة بتلك الممارسات الإسرائيلية والنتائج التي ترتبت عليها وهذا هو الهدف الرئيسي، والذي سيتم تناوله من خلال مجموعة من الأهداف الفرعية مثل :
1. التعرف علي ماهية الرؤية الإسرائيلية لمستقبل مدينة القدس بشكل عام وصورها وإزاحتها .
2. محاولة الوقوف علي مجموعة الممارسات الإسرائيلية التي تخدم الرؤية الإسرائيلية لمستقبل المدينة المقدسة .
3. محاولة التعرف علي نتائج تلك الممارسات الإسرائيلية لتغير الواقع الديموغرافي والجغرافي لمدينة القدس بما يحقق الأهداف الإسرائيلية خلال الفترة التي أعقبت حرب عام 1967م.
أهمية الدراسة :
تعتبر مدينة القدس ثالث أهم مدينة من منظور إسلامي، وأول مدينة من حيث الأهمية من منظور فلسطيني، ومن ناحية أكاديمية بحثية تكتسب مدينة القدس مكانة مميزة بين الباحثين نظراً لتلاقي وتشابك مصالح أتباع الرسالات السماوية في مدينة القدس، كما تتشابك وتشتبك مصالح مختلف القوى المحلية والإقليمية والدولية حول القدس وبناءً على ذلك يكتسب موضوع البحث أهمية كبيرة، ومن هنا تكتسب دراسة السياسات الإسرائيلية تجاه مدينة القدس بعد عام 1967 أهمية بالغة لما لها من أثار بعيدة المدى على مجمل الصراع العربي الإسرائيلي.
نطاق البحث :
يتحدد نطاق هذا البحث بالنطاق الموضوعي والذي يتمحور حول عروبة القدس عبر التاريخ ومكانة القدس في العصور الإسلامية، وفي نفوس المسلمين، والأطماع الصهيونية في تهويد مدينة القدس، والسياسات والإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس لتغيير طابعها العربي الإسلامي بما يخدم الرؤية الإسرائيلية لمستقبل القدس، ومحاولة فرض الطابع اليهودي على المدينة، والنطاق التاريخي الذي يغطي الإجراءات الإسرائيلية خلال الفترة التي أعقبت حرب 1967 .
فرضيات البحث :
هناك افتراض أساسي وهو أن مجمل السياسات الإسرائيلية تجاه القدس بعد عام 1967 ظلت تهدف إلي تزييف تاريخ القدس عبر العصور وإزاحة الحقبة الإسلامية الممتدة من تاريخها وإخفاء الهوية العربية لمدينة القدس منذ فجر التاريخ، وتغيير الطابع الديموغرافي والجغرافي للمدينة العربية الإسلامية لمحاولة فرض الطابع اليهودي على المدينة، وينبثق من هذا الافتراض عدة فرضيات فرعية منها:
1- الممارسات القانونية والسكانية والجغرافية الإسرائيلية تتماشى مع أهداف السياسة الإسرائيلية في القدس .
2- هناك علاقة بين حجم الممارسات الإسرائيلية وتأثيرها على مدينة القدس وانعكاس الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها القضية الفلسطينية .
3- جميع الإجراءات الإسرائيلية لتغيير معالم القدس ومحاولة فرض الطابع اليهودي على المدينة المقدسة تعتبر باطلة من وجهة نظر القانون الدولي .
منهجية البحث :
يعتمد البحث على منهج الوصف التاريخي، في إبراز عروبة مدينة القدس في التاريخ وكذلك مدينة القدس في نفوس المسلمين ومكانة القدس عبر العصور الإسلامية، وذلك بالتركيز على الأطماع الصهيونية في مدينة القدس من خلال سرد الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية لتهويد مدينة القدس بعد العام 1967م وصور وأشكال السياسات الإسرائيلية تجاه القدس و مدى تأثير تلك السياسات الإسرائيلية في خدمة المشروع الإسرائيلي لمستقبل مدينة القدس وكيف يمكن مجابهة تلك السياسات، وهل لتلك السياسات أية مشروعية من وجهة نظر القانون الدولي، و ما الواجبات الملقاة على عاتق الأطراف الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية لحماية القدس من آثار الممارسات الإسرائيلية.
الدراسات سابقة :
تشكل الدراسات السابقة أهمية كبرى لنجاح أي بحث بل أن توفر الدراسات السابقة أساس نجاح البحث، ولذلك تم الاعتماد على الدراسات السابقة من خلال ما ورد في القرآن الكريم، والحديث الشريف، وكتب التفسير، وكتب فضائل القدس، وكذلك من خلال مجموعة الكتب والمراجع، والدوريات، والصحف اليومية، والتحليلات السياسية، التي تطرقت لموضوع القدس.
عناصر البحث الرئيسية :
1. القدس وعروبتها في التاريخ.
2. مكانة القدس عند المسلمين.
3. مكانة القدس في العصور الإسلامية.
4. الأطماع الصهيونية في القدس.
5. النتائج والتوصيات.
6. المصادر والمراجع.
عروبة القدس عبر التاريخ
النشأة:
يرجع تاريخ إنشاء مدينة القدس وعروبتها في التاريخ إلى حوالي خمسة آلاف عام وكان أول اسم لمدينة القدس هو اورسالم أو اورشالم وهو اسم "عموري"، والعموريون هم سكان كنعان الأصليون ولغة العموريين هي لغة الكنعانية والعموريين في الأغلب انبثق منهم الكنعانيين ( )، ويمكن الاستنتاج أن القدس أسسها العموريون في الألف الثالث الميلاد وأن لغة سكان القدس كانت اللغة العمورية وجاء اليبوسين وهم بطن من بطون الكنعانيين الذين بنوا قلعة يبوس التي سموها قلعة صهيون وصهيون كلمة كنعانية تعني مرتفع.
ولذلك نجد هذا الاسم يطلق على اكثر من مرتفع في سوريا القديمة ، وقد انشأ اليبوسيون حضارة عريقة اتسمت بفنون العمارة والصناعة والتجارة والمعرفة بالكتابة وديانة وحضارة اقتبسها العبرانيون من الكنعانيون، بني اليبوسيون هيكلاً للإله شالم في مدينة القدس قبل هيكل العبرانيون بأكثر من ألف عام وجعلوا القدس مدينة مقدسة .
ويشير التوراة إلى أن ملكي صادق ملك شالم (كان كاهنا لله العلي) وقد اجتمع مع سيدنا إبراهيم وباركه، أخذ الأدب العبري من الآداب السامية التي سبقته في الحضارة والسكن في فلسطين ( ).
واقتبس العبرانيون طقوسهم الدينية ومعالم الحياة الروحية من الكنعانيين ، عندما غزا العبرانيون أرض كنعان في أواسط القرن الثالث عشر قبل الميلاد بقيادة يوشع بن نون حيث كانوا عبارة عن قبائل بدوية متوحشة بلا حضارة لا تعرف إلاّ القتل والنهب والسرقة وعندما استقروا في أرض الكنعانيين أخذوا منهم الحضارة وكذلك ديانة اليبوسيين " أهل القدس" "وأورشليم " ( ).
ظلت يبوس حوالي 250 عام مستعصية على العبرانيون حتى احتلها سيدنا داوود في عام 1000 ق.م وظل العبرانيون يعتبرون القدس مدينة غريبة عليهم .
احتل العبرانيون القدس ولم تصبح مدينة يهودية خالصة بل ظل أهلها اليبوسيون مقيمين فيها وظلت مدينة القدس طيلة حوالي ألفي عام بعد إنشائها مدينة امورية كنعانية "يبوسية".
إن إغفال الحقبة السابقة للعبرانيين تنطوي علي تشويه لتاريخ القدس ، والأموريون" العموريون" والكنعانيون منشئوا مدينة القدس هما شعبان ساميان جاءوا من الجزيرة العربية وهم شعوب عربية ولذلك تكون القدس عربية من حيث تاريخها ( ).
إن ساكني القدس الناطقين بالعربية هم من سكنوها وما زالوا متصلين بها ولم ينتقلوا عنها ولا اقتلعوا منها منذ 3000 عام ق.م أو أكثر وان طرأت عليهم موجات من الفتوح فإنهم ثبتوا في أرضهم وأقاموا فيها إلى حين الفتح الإسلامي للمدينة ، وبعد الفتح استعربوا واعتنق أكثرهم الدين الإسلامي واتخذوا العربية لساناً وهؤلاء هم سكان البلاد وأصحابها الحقيقيون ( ).
إن اسم أورسالم أو يبوس ظل معروفاً عبر العصور كإسم لمدينة القدس انحدر من سكانها الكنعانيون ومن الألف الأولى قبل الميلاد وحتى الفتح العربي الإسلامي في القرن السابع عشر ميلادي و كانت هناك قبائل عربية في القدس وحولها في فلسطين قبل الفتح الإسلامي ( ).
هذا الوجود العربي في القدس قد يسَّر مهمة الفتح الإسلامي وقد سكنت مدينة القدس قبائل عربية بصفة دائمة بعد الفتح الإسلامي و سكن القدس أيضاً العديد من الصحابة والتابعين. استمرت هوية القدس العربية الإسلامية إلي أن احتلت عام 1099م من قبل الصليبيون الذين أبادوا جميع سكانها بوحشية فائقة وحولوا المدينة إلى مدينة مسيحية ودامت هذه الهجمة الصليبية الشرسة علي القدس 88 عام انتهت بتحرير صلاح الدين الأيوبي القدس عام 1187م وهو الذي أعاد إلي القدس معالمها الدينية الإسلامية إلي سابق عهدها( ) .
استعادت القدس تاريخها الإسلامي العربي طوال العصر الأيوبي والمملوكي والعثماني حتى القرن التاسع عشر عندما بدأ السعي الصهيوني الحثيث لتهويد القدس الذي لم يكن للصهاينة أي نسبة تواجد، فقد ملك عرب فلسطين القدس وكانت معظم أراضيها وقف إسلامي .
- مكانة القدس في العقيدة الإسلامية والتراث الإسلامي :
القدس مدينة الآباء والجدود وإليها أسرى سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ومنها عرج إلي السماء كما إنها القبلة الأولى للمسلمين، والحقيقة أن الكثير من الأنبياء عاشوا في القدس أو كان لهم بها صلة بشكل من الأشكال .
فالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وكتب التفسير وكتب فضائل القدس أشادوا وأكدوا قدسية هذه المدينة وما لها في نفوس المسلمين، فالقرآن الكريم ذكر القدس في سورة الإسراء آية 1، سورة الأنبياء آية 105 ،71، وسورة المؤمنون آية 50، وسورة النور آية 36، وسورة النازعات آية 14 ، سورة الحديد آية 13 ، سورة التين آية 1،2 .
وكذلك ربط القرآن الكريم والحديث الشريف مكانة القدس الروحية بالمكانة الروحية لمكة والمدينة وفضل الإهلال والحج والعمرة من القدس فهناك أكثر من 115 حديث في القدس وفضائل الإقامة والسكن فيها وزيارتها .
فالقدس لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين، وفي الحقيقة أن مجموعات الحديث وكتب الملاحم والقصص فيها الكثير عن القدس فهناك أكثر من تسعة وتسعين كتاباً تتناول مدينة القدس وهذا العدد دلالة واضحة علي مكانة القدس عند المسلمين ، هذه المكانة كانت في العصور العربية الإسلامية تقوم على النظرة الدينية وعلى المنزلة الرفيعة لها في الإسلام ( ).
مكانة القدس في العصور العربية الإسلامية :
عصر الخلفاء الراشدين
بعد فتح القدس على أيدي المسلمين جاء الخليفة عمر بن الخطاب إلى مدينة القدس وأعطى المسيحيين العهدة العمرية وأمر ببناء مسجد القدس وكذلك قام الخليفة عثمان بن عفان بوقف قرية سلوان على ضعفاء مدينة القدس وتميز الحكم الإسلامي في عصر الخلفاء الراشدين بالتسامح الديني حيث احتفظ المسيحيين بكنائسهم وبحرية أداء شعائرهم الدينية ( ) .
العصر الأموي 660م-750م
أبدى خلفاء بني أمية اهتماماً خاصاً بالقدس وتردد على زيارتها كل من الخليفة معاوية بن أبي سفيان والخليفة عبد الملك بن مروان والخليفة عمر بن عبد العزيز والخليفة الوليد بن عبد الملك والخليفة سليمان بن عبد الملك وكل واحد منهم كان له أثر في مدينة القدس ، و مما لا شك فيه أن أعظم مآثر الأمويين في القدس هي الأبنية التي شيَّدوها في ساحة الحرم الشريف وقبة الصخرة عام 691م والمسجد الأقصى عام 708م وكذلك مقر الخليفة الوليد بن عبد الملك وكان للخليفة عبد الملك بن مروان مآثر عمران كثيرة في القدس منها تعبيد الطريق من دمشق إلي القدس لتيسير وصول الزوار إلي القدس، وكذلك انشأ الأمويون دار للسكة في القدس وضرب الخليفة عبد الملك بن مروان نقوداً في القدس كانت تحمل اسم إيلياء، وكذلك أنفق الخلفاء الأمويين الأموال علي إعمار القدس لتشجيع الحركة الدينية والعلمية فيها ( ).
العصر العباسي 750م – 970م
جاء انتقال مركز السلطة من دمشق إلي بغداد في العصر العباسي حيث أصبحت الشام ولاية من الولايات ولكن الاعتراف بمكانة القدس الإسلامية استمر في العصر العباسي ، فقد اهتم الخليفة جعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية بزيارة القدس حيث زارها مرتين وقد أمر الخليفة جعفر المنصور بإعادة بناء المسجد الأقصى بعد سقوط الأجزاء الغربية و الشرقية من المسجد بعد الزلزال الذي ضرب القدس عام 748م وقد غطى تكاليف إعادة إعمار المسجد الأقصى من ضرب صفائح الذهب والفضة التي كانت تغطي أبواب المسجد دنانير للإنفاق على إصلاح وإعمار المسجد الأقصى ( ) .
وجاء الخليفة العباسي الثالث عام 780م وأمر بإعادة بناء المسجد الأقصى الذي تعرض لزلزال عام 774م، وأرسل الخليفة المهدي إلى كل الأقاليم يدعوهم إلى جمع الأموال من أجل إعادة إعمار المسجد الأقصى، وقد قال الخليفة الثالث يومها المهدي سبقتنا بني أمية بثلاث بهذا البيت (يعني مسجد دمشق) وبنيل الموالي وبعمر بن عبد العزيز ثم أتى إلى القدس ودخل الصخرة وقال هذه الرابعة ( ).
اهتم كذلك الخليفة عبد الله المأمون بالقدس و أمر بإصلاح قبة الصخرة في ولاية أخيه الخليفة المعتصم عام 831م وقد ضرب الخليفة عبد الله المأمون فلساً تخليداً للإصلاحات في قبة الصخرة في دار السكة في القدس ، وكذلك قامت أم الخليفة المقتدر بالله عام 907-932م بإصلاحات في قبة الصخرة ، وفي ظل العباسيين شهدت الحركة العلمية في القدس انتعاشاً كبيراً تمثلت في زيارة عدد كبير من كبار الأئمة والعلماء من مختلف العالم الإسلامي إلي المسجد الأقصى ، وكذلك ظهرت الحركة الصوفية الذي بدءوا مريديها يذهبون إلي القدس بأعداد كبيرة وغدت مركزاً هاماً من مراكزهم ( ).
الفاطميين :
حكم الفاطميين القدس زهاء قرن من الزمان 969-1070م وقد تميزت هذه الفترة من حكم الفاطميين بالاضطراب نظراً للصراع العسكري علي بلاد الشام بين الفاطميين والعباسيين والقرامطة وعلي الرغم من ذلك أولى خلفاء الفاطميين القدس وخاصة المسجد الأقصى وقبة الصخرة عناية كاملة فقد قام الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله عام 1020-1036 والخليفة المستنصر بالله 1036-1094م بأعمال تعمير هامة في كل من المسجد الأقصى وقبة الصخرة حيث قام الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله ببناء القبة عام 1022م وكذلك قام الخليفة الناصر لإعزاز دين الله بإعمار وبناء القبة عام 1033م بعد وقوع زلزال كبير دمر المسجد الأقصى وقام الأمير ليث الدولة نوشيكين الغوري عام 1041م بعمل مقام شمال دكة الصخرة( ) .
شهدت القدس الفاطمية النهضة العلمية والطبية فأنشئت دار العلم الفاطمية التي أسسها الحاكم بأمر الله الفاطمي والبيمارستان الفاطمي في القدس ، كذلك قام الفاطميين بإعمار القدس فقد بنوا أسوار القدس وتحصيناتها مرتين في زمن الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله وزمن الخليفة المستنصر بالله.
السلاجقة :
كانت فترة حكم السلاجقة والتركمان فترة قصيرة ومضطربة لبيت المقدس وقد انبعث خلال هذه الفترة القصيرة النشاط العلمي علي أساس المذهب السني الشافعي ، وكان المسجد الأقصى يغص بالعلماء من فقهاء العالم الإسلامي وكثرت المناظرات العلمية التي تدور بين علماء المسلمين واليهود والنصارى، وكانت هذه الفترة القصيرة خفقة من خفقان القلب بل الخفقة الأخيرة في القدس الإسلامية قبل وقوعها تحت براثن الاحتلال الصليبي حيث ذبح الصليبيين سكان القدس وقضوا علي المعالم الإسلامية فيها وبذلك انتهت الفترة الأولي من تاريخ القدس الإسلامي التي دامت حوالي 500 عام ( ) .
الاحتلال الصليبي 1091 - 1187م :
سقطت القدس بيد الصليبيين سنة 1099م وقام الصليبيين بارتكاب اكبر مجزرة شهدها التاريخ فقتلوا جميع سكان القدس ذبحاً وحوَّلوا منطقة الحرم إلي منطقة مسيحية حيث أقيمت فيها الكنائس والمساكن للفرسان واصطبلات الخيل .
لم تر القدس ولا العالم الإسلامي مصيبة أعظم من هذه المصيبة لهذا استنجد أهالي الشام بالخليفة العباسي الذي استنجد بسلاطين السلاجقة الذين لم يفعلوا شيئاً حيث كان انشغال سلاطين السلاجقة بالصراعات الناشبة فيما بينهم شاغلهم الأهم .
كان انشغال سلاطين السلاجقة في الخلافات فيما بينهم التوقيت والفرصة المناسبة التي استغلها الصليبيين في الهجوم على الشرق ، فالخلافات بين سلاطين السلاجقة أنفسهم قد أضعفتهم كثيراً وما بالك الخلافات بين سلاطين السلاجقة والخلفاء الفاطميين وتنازعهم المستمر علي بلاد الشام كل هذا سهَّل على الصليبين احتلال القدس وأجزاء كبيرة من بلاد الشام ورغم هذا ظل سلاطين السلاجقة والخلفاء الفاطميين في صراع ومعارك حتى احتلال أنطاكية وقتل أهلها من السلاجقة والأتراك حيث وجد الفاطميين في سقوط أنطاكية فرصة سانحة لمحاربة السلاجقة وأتباعهم واسترداد بيت المقدس من يد السلاجقة ، فحاصر الجيش الفاطمي القدس ونصب المنجنيق حولها .
دام حصار القدس أكثر من 40 يوم والصليبيين علي الأبواب وفي عقر الدار و كان من الأمر البديهي علي الخلفاء الفاطميين والسلاطين السلاجقة الاتحاد والتضامن ضد الخطر الصليبي المشترك عليهم وعلى الأمة الإسلامية ( ) .
بعد بضع عشرات السنين جاء عماد الدين زنكي الذي تصدى للصليبيين بجد فقد عمل على توحيد الصفوف ضد الصليبيين واستطاع استرداد الرها من الصليبين مرتين وكذلك ضم دمشق إلى إمارة حلب لتوحيد الصفوف ضد الصليبيين وأرسل نور الدين أسد الدين شريكوه إلى مصر لمساعدة الخليفة الفاطمي في حربه مع الصليبين وكان معه من حُسن تدابير القدر صلاح الدين ابن أخيه الذي عمل على قيام الوحدة بين مصر وسوريا تحت لواءه .
لقد أكمل صلاح الدين المشوار الذي بدأه نور الدين من قتال الصليبيين وعمل على توحيد الصفوف ضدهم وكان استرداد القدس الهدف السامي لكل من صلاح الدين الأيوبي ونور الدين زنكي.
كان نور الدين زنكي على ثقة تامة بالله باسترجاع القدس فأمر بصنع منبر في حلب للمسجد الأقصى .
تم ما حلم به وخطط له نور الدين زنكي من تحرير القدس فقد حُررت القدس على يد صلاح الدين الذي وضع منبر نور الدين زنكي في المسجد الأقصى بعد عشرين عاماً من صنعه .
الأيوبيين 1187- 1253م :
كان استرداد السلطان صلاح الدين الأيوبي للقدس من الصليبين في عام 1187م نصراً له صدى كبير في العالم الإسلامي قوبل بالفرح والاستبشار .
لم يتوان صلاح الدين لحظة عن القيام بالواجب الملقى عليه اتجاه مدينة القدس فقام بعملٍ شاق ومضني لإعادة الطابع العربي الإسلامي إلي مدينة القدس ولم يغفل علماً بأن الصليبيين لم يسلموا بالهزيمة وما زالوا يحتلون أجزاء كبيرة من فلسطين وبلاد الشام وهم يعدون العدة لاسترجاع مدينة القدس .
بدأ صلاح الدين باستجلاب السكان العرب لسكن القدس لتعميرها وإنشاء المؤسسات المختلفة وشرع صلاح الدين فوراً في إعادة قبة الصخرة والمسجد الأقصى إلي حالهم القديم فأمر بإزالة الكنيسة والمذبح والصورة والتماثيل من داخل قبة الصخرة وإزالة الصليب الكبير الذي نصبه الصليبيين عليها وأمر بترخيم محراب الأقصى ووضع المنبر الذي صنعه نور الدين في الأقصى وأزال ما أحدثه فرسان الداوية من تغييرات في المسجد الأقصى، و أجرى ملوك الأيوبيين من بعد صلاح الدين إصلاحات مختلفة في الحرم القدسي الشريف فأنشأ العادل أبو بكر أخ صلاح الدين سقاية كما عمَّر الكأس الذي بين قبة الصخرة والمسجد الأقصى كذلك أمر ابنه الملك المعظم عيسى بعمل إصلاحات وتغييرات كثيرة فقام بإنشاء صهريج في ساحة الحرم وكذلك بني الرواق الذي يكون الواحة الشمالية للمسجد وجدد قناطر الحرم وأنشأ القبة النحوية وأنشأ الملك الصالح نجم الدين أيوب قبة موسى .
جهد صلاح الدين ومن جاء من بعده من السلاطين الأيوبيين في إقامة المدارس ومؤسسات التعليم العالي التي وصل عددها إلي عشرة مدارس أهمها المدرسة الصلاحية وأنشأ الخانقاه التي أوقفت علي الصوفية وساعدت علي إحياء الحياة الصوفية في القدس كذلك أنشأ البيمارستان الصلاحي ( ).
اعتمدت المؤسسات التي أقامها الأيوبيين في مدينة القدس تع في بقائها علي الأوقاف التي أوقفها منشئوها عليها، فالأوقاف في مدينة القدس كانت معروفة من قبل الأيوبيين منذ فجر الإسلام إلا أنها زادت بطريقة لافته للنظر في عهد الأيوبيين وتبع الأيوبيين في وقف الأوقاف المماليك والعثمانيين و أسهمت هذه الأوقاف اسهاماً كبيراً في تحسين الأوضاع الاقتصادية في مدينة القدس وفي انتعاش المؤسسات العلمية والدينية .
تعمير مدينة القدس وتحصينها:
كانت وما تزال مدينة القدس مهددة بالخطر الصليبي ولذلك قام صلاح الدين الأيوبي والملوك الأيوبيين من بعده بتحصين المدينة فقد حفر صلاح الدين خندق عميق وانشأ سور وأبراج حربية من باب العمود إلي باب الخليل ولكن ورثة صلاح الدين لم يحافظوا علي انجازات صلاح الدين ففي عام 1219م أمر الملك المعظم ابن عيسى بتجريف أسوار القدس وكثير من مبانيها بعد احتلال الصليبين لدمياط وخوفه من احتلال الصليبين لمدينة القدس والاستحكام فيها فخَّرب الأسوار وهدَّم الكثير من المباني وقد ترك سكان القدس أموالهم وممتلكاتهم وخرجوا من القدس ،وكانت كبرى الكبائر والخطيئة التي لا تُغتفر والتي ارتكبها الملك الكامل ابن الملك العادل الأيوبي عام 1299م تسليم القدس إلي الملك فرديك ملك صقلية ( ).
كانت الخلافات ببين حكام سوريا ومصر على أشدها بين الملك الكامل في القاهرة والملك المعظم ابن عيسى في دمشق سبباً في ضعفهم بل وصل حد الصراع بين الأمراء الأيوبيين إلي درجة أنهم تحالفوا مع الصليبيين ضد أشقائهم ، فقد استنجد الملك الكامل بالملك فرديك ضد أخيه الملك الكامل المعظم ابن عيسى في مقابل تنازله عن أراضي للصليبيين وقد سلمت القدس للصليبيين طيلة 11 عام واستردها الملك الناصر داوود ابن الملك المعظم عيسى عام 1239م ولكن عاد وسلمها للصليبين مدة أربعة أعوام إلي أن استردها الملك الصالح نجم الدين أيوب ( ).
ما أقسى وما أعظم وقوع هذا البلاء على المسلمين فقد كان لتسليم القدس من قبَل الملك الكامل للصليبيين صدى من الاستنكار لهذا العمل القبيح، ما أشبه اليوم بالبارحة فإن حكام العرب اليوم يوجد بينهم أكثر من ملك كامل فالقدس ترزح تحت احتلال الصهاينة والأقصى مهدد بالهدم والخراب وحكام العرب مشغولين في خلافاتهم وحساباتهم .
إن ملوك الأيوبيين المتآمرين الذي هان عليهم تسليم القدس بحجة الضروريات الإستراتيجية وبالعجز أمام الضغط الصليبي هم حكام العرب اليوم الذين يتمسحون بنفس الحجج ومازال حكام العرب اليوم يحلفون بالقدس و يتغنون بها ويعقدون المؤتمرات .
المماليك:
سار التطور في القدس في خط صاعد وثابت في عصر المماليك و تميز هذا العصر بالنهضة العمرانية التي شهدتها مدينة القدس وقيام المؤسسات الدينية والعلمية وكثرة الأوقاف التي أوقفت عليها .
حظيت مدينة القدس بمظاهر التقدير والاحترام من السلاطين والحكام المماليك و كان لهذا التطور الايجابي في القدس أسباب موضوعية ، فقد تم دحر الصليبيين وإخراجهم من بلاد الشام نهائياً كذلك تم دحر جموع المغول و التتار الغازية .
كان التطور والانتعاش الاقتصادي في الدولة المملوكية عموماً وسعي حكام المماليك إلي إظهار تمسكهم بالإسلام وتعزيز الرابطة الدينية بين الشعوب الإسلامية لتثبيت الحكم بالقبول و ليجندوا الحمية الدينية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية، وأخذ اهتمام المماليك في القدس صوراً عديدة فقد اهتموا بتعمير المدينة عموماً والأماكن الدينية خصوصاً .
إن معظم الآثار الإسلامية الباقية في القدس اليوم والتي تعطي القدس صورتها التاريخية هي آثار مملوكية ، فقد عمَّر الظاهر بيبرس قبة الصخرة مرتين عام 1260م وعام 1270م وكذلك عمَّر زين الدين كتبغا قبة الصخرة عام 1295م والناصر محمد عام 1318م والظاهر برقوق عام 1387م والظاهر جقمق عام 1448م و الأشرف قايتباي عام 1467م .
أمَّا تعمير المسجد الأقصى فقد ساهم في تعميره كلاً من سيف الدين قلاوون عام 1287م والسلطان لاجين عام 1297م والناصر محمد عام 1820م و السلطان حسن عام 1376م والسلطان شعبان عام 1376م والأشرف اينال عام 1460م و الأشرف قايتباي عام 1488م كذلك انشأ الناصر محمد مسجد القلعة عام 1310م ومسجد في حارة الإفرنج وكذلك عمَّر السلطان برقوق بركة السلطان وكذلك اهتم سلاطين المماليك بإنشاء الأسبِلة فقد أنشأ المماليك سبع اسبِلة في القدس أهمها سبيل قايتباي في ساحة الحرم ( ).
كذلك تم تعمير قلعة القدس زمن الملك الناصر محمد وإنشاء أكثر من عشرين خاناً أشهرها خان الظاهر برقوق عام 1386م ويضاف إلي هذه المنشآت والزوايا والخوانق والمدارس التي تعتبر آية من آيات الفن المعماري .
عمل المماليك على تشجيع الحركة العلمية وإنشاء المؤسسات العلمية والدينية و كان تطور المؤسسات العلمية في عصر المماليك استمراراً للتطور الذي شهده العصر الأيوبي فقد أصبحت مدينة القدس في العصر المملوكي مركزاً هاماً للعلم والتعليم في العالم الإسلامي كله ووصلت القدس ذروة لم تصلها قبل عصر المماليك ولا من بعده .
كانت مراكز التعليم الرئيسية هي المسجد الأقصى والمدارس وبيوت الصوفية من خوانق ورُبَط وزوايا ، ووصل عدد المدارس في عصر المماليك 57 مدرسة من بينها عشرة مدارس أنشأت في عهد الأيوبيين .
هذه المدارس كانت بمثابة الكليات في وقتنا الحاضر واجتذبت هذه المدارس عدداً كبيرا من أعلام المدرسين من مختلف العالم الإسلامي الذين اجتذبهم النشاط العلمي الذي تعاظم في المسجد الأقصى وكان هؤلاء المدرسين قد جاءوا من اثنين وعشرين قُطراً من أقصى المغرب وبلاد ما وراء النهر وهذا يعد مؤشر واضح علي مكانة القدس العلمية .
والي جانب المدارس كانت هناك الخوانق والرُبط والزوايا التي كانت تأوي زوار القدس وتسهم في النشاط العلمي فكان هناك أكثر من اثني عشر رباطاً وأكثر من أربعين زاوية كما انشأ المماليك ست خوانق بالإضافة إلي الخانقاه التي أسسها صلاح الدين الأيوبي .
انتعشت الحركة الصوفية في عهد المماليك وفي آخر القرن الخامس عشر ميلادي حيث شهدت مدينة القدس قمة التطور العلمي في عصر المماليك .
حافظ الكثيرين من السلاطين المماليك علي زيارة مدينة القدس والصلاة في مسجدها وبتفقد أحوالها والتبرع لفقرائها والأمر بعمل اللازم في الأماكن المقدسة من تعمير وترميم واهتم سلاطين المماليك عموماً في بيت المقدس منذ أوقفوا علي الأماكن الدينية وعلي المؤسسات وخاصة مؤسسات التعليم العالي الأوقاف الكثيرة ( )
احتلت القدس مكانة رفيعة في العصر المملوكي في العالم الإسلامي بمختلف أقطاره ، واستمرت في عصر المماليك الاعتقادات الشعبية بفضل الدفن في بيت المقدس .
العثمانيون (العصر العثماني ) :
حكم العثمانيون مدينة القدس حوالي أربعة قرون وفي القرن الأول من هذه القرون الأربعة نالت القدس اهتماماً كبيراً من الدولة العثمانية فقد أصبح العثمانيون المدافعين الرئيسيين عن الإسلام فأولوا الأماكن الإسلامية المقدسة كل عناية ورعاية وسعوا إلي تعميرها وحماية الطرق المؤدية إليها وفي عهد السلطان سليمان القانوني 1520-1566م تم تجديد قبة الصخرة وبناء سور مدينة القدس 1527- 1540م لحماية القدس من العدوان الخارجي وغارات البدو وكذلك تعمير قلعة القدس وإضافة المنشآت لها وتعمير قناة السبيل وبرك سليمان وبركة السلطان وإنشاء ست أسبله للماء، وبناء التكية العامرة التي كانت من اكبر المنشآت الخيرية في فلسطين وكذلك بناء المسجد العمري وقبة الأرواح وقبة الخضر ومئذنة مسجد القلعة ومحراب قبة النبي محمد ومسجد الطور.
لم تنقطع أعمال التعمير ورعاية الأماكن المقدسة والشئون الدينية وظلت مستمرة في القرن السابع عشر والثامن عشر أما في القرن التاسع عشر فقد جرت تعميرات علي أوسع نطاق في الحرم القدسي والصخرة المشرفة فقد جرى ترميم قبة الصخرة و جرت أعمال تعمير ضخمة في الحرم الشريف حيث كُتبت سورة ياسين بكاملها حول مثمن قبة الصخرة من الأعلى ، وفرشت الصخرة والمسجد الأقصى بالسجاد الفاخر، كذلك أولي العثمانيون أعمال التعمير في المساجد وأضرحة الأنبياء وبمقاماتهم عناية خاصة () .
حرص العثمانيون علي نظافة المساجد المقدسة والعناية بسدنة الأماكن المقدسة واختيار الأكفاء للقيام بالسدانة وتخصيص الأموال لتعمير ورعاية الأوقاف الإسلامية وخاصة أوقاف الأماكن المقدسة وصرف ريعها علي هذه الأماكن، ومن دلائل رعاية الحكومة العثمانية لمركز القدس الديني المكانة التي كانت توليها لأرباب الوظائف الدينية في المدينة كالقضاء و المفتين ونقباء الأشراف والعلماء والمدرسين وسدنة الأماكن المقدسة، حيث كان قاضي القدس يتمتع بمكانة خاصة بين قضاة المدن الرئيسية في الدولة العثمانية وكانت صلاحياته لا تقتصر علي القدس بل تمتد إلي جنين ونابلس وغزة والرملة ويافا حيث كان قاضي القدس يعين القضاه المحليين ونواب الشرع الشريف مما جعل مكانة قاضي القدس في مركز مساوٍ لقضاة عواصم الولايات العثمانية بل أعلى من بعضهم أحياناً ، كل هذا يرجع إلى المكانة الدينية لمدينة القدس حيث كان قاضي القدس في العادة تركياً يأتي من استانبول وكانت سلطاته واسعة جداً فضلاً عن وظيفته القضائية فكانت له سلطات إدارية جعلته رقيباً علي الوالي والدفتر والأوقاف والجمارك وتسجيل العقود وتصديق الوثائق ومراقبة الأسعار وتسجيل بيع العقارات وإحصاء النفوس وإقالة رؤساء الطوائف الدينية وعلي تنفيذ شروط الأوقاف والإشراف علي حساباتها وكذلك تعيين المدرسين وموظفي الأوقاف ورجال الإفتاء () .
كان هناك في القدس ثلاث وظائف دينية هامة : ( الإفتاء ونقابة الأشراف ومشيخة الحرم) وقد تولي هذه المهام في القرن الثامن عشر أفراد من العائلات المقدسية القديمة في مقدمتها عائلة الحسيني وكان لأصحاب هذه الوظائف نفوذ ديني واجتماعي وسياسي كبير فقد نجح أفراد هذه العائلات بإقامة علاقات وثيقة مع رجالات الحكم في استانبول ونجحوا في تدعيم وضعهم الاقتصادي من شراء عقارات وأراضي زراعية إلي إقامة معامل الصابون .
كانت شخصية المفتي الدينية تأتي بعد القاضي وكان يعين من قِبَل شيخ الإسلام في استانبول من بين العلماء حسني السمعة من العائلات المقدسية حيث كان المفتي يتمتع بوجاهة اجتماعية حيث أنه من الشخصيات الهامة التي تعتمد عليها الحكومة المركزية في استانبول ، أما شيخ الحرم فكان مسئولاً عن المئات من الموظفين والعلماء العاملين في الحرم فهو مسئول عن توزيع المخصصات المالية التي تتحصل من الأوقاف أو ترسل من استانبول .
أما نقيب الأشراف فكان مسئولاُ عن رعاية مصالح الأشراف المنتسبين الي رسول صلى الله عليه وسلم وكانت حدود وظيفته تشمل الإشراف في القدس وفي المدن الفلسطينية من جنين حتى غزة ( ).
كانت فرمانات السلاطين العثمانيين توجه عادة إلي القاضي ثم المفتي ثم النقيب ويليهم المستلم أي حاكم مدينة القدس.
حافظ السلاطين العثمانيين علي إرسال هبه سنوية تُدعى الصُرَّة تقدم إلي العاملين في المسجد الأقصى وفي الخدمات الدينية في مدينة القدس .
طرأت علي القدس تغيرات كبيرة في القرن التاسع عشر إدارية واقتصادية وعمرانية وثقافية ، حيث وضعت الدولة العثمانية تنظيمات لتجديد حياتها واللحاق بركب الحضارة الغربية الحديثة ومواجهة التحديات المتمثلة في التغلغل العربي وأوضح مثال لما يكون هذا التغلغل هي مدينة القدس حيث تسابقت الدول الغربية وإرسالياتها الدينية والمنقبون عن الآثار فيها إلي إنشاء المؤسسات المختلفة إلي جانب المؤسسات الصهيونية التي أنشئت ضمن الحملة العامة للسيطرة علي مدينة القدس والقضاء علي طابعها الإسلامي .
كان من ثمرات هذه التنظيمات إنشاء أول بلدية في القدس عام 1883م وتحويل سنجق القدس إلي سنجق مستقل يرتبط رأساً بإستانبول عام 1874م وتحديث الجهاز الإداري وإنشاء مصالح حكومية جديدة وإصلاح المحاكم وأجهزة القضاء، وتحسين أوضاع الأمن في القدس وانجاز أعمال عمرانية كثيرة ذات شأن :من رصف شوارع مدينة القدس وإنشاء مجاري فيها وفتح عيادات طبية مجانية وتأسيس مستشفى تابع للبلدية " المستشفى البلدي " ، وإنشاء سكه حديد بين القدس ويافا وإنشاء مستشفى عسكري وافتتاح متحف الآثار وبناء المدرسة الرشيدية وإصدار قانون يمنع البناء دون تراخيص
إن هذا الحب والشوق لبيت المقدس الذي أولاها السلاطين العثمانيين من فرحهم بزيارة القدس والصلاة فيها والعمل على تعميرها طوال أربعة قرون عاشتها القدس في كنف العثمانيين .
كانت أربعة قرون من الحب والإجلال لأولى القبلتين وثالث الحرمين الحب والعشق الذي لم يفنى، بل كان وما زال يتجدد في نفوس الأتراك المسلمين حتى يومنا هذا .
الأطماع الصهيونية في القدس:
لم تنفرد مدينة القدس بالأطماع الصهيونية فهي ما تزال تحظى بالنصيب الأوفر من الأطماع الصهيونية من أجل تهويدها وإلغاء طابعها العربي الإسلامي فقد استهدفت المخططات الصهيونية منذ البداية تطويق القدس من مختلف جهاتها بغية الاستيلاء عليها باعتبارها الرمز الذي ألهب خيالات الصهيونيين الذين أطلقوا العنان لأطماعهم في تهويدها هي والأراضي العربية المحتلة بعد الخامس من يونيو 1967 م، وقد عبَّرت إسرائيل عن أطماعها الخاصة في مدينة القدس بالإشارة إلي موافقتها من حيث المبدأ علي المفاوضات المباشرة مع الدول العربية للبحث في مستقبل الأراضي العربية المحتلة باستثناء مدينة القدس .
وهذه النظرة هي أصل الفكر الصهيوني الذي يرى في مدينة القدس رمزاً وتجسيداً لآمال الشعب اليهودي في صلاته ودعائه من أجل الخلاص .
تتميز الأطماع الصهيونية في القدس بطابع ديني خاص ، فهي ليست عاصمة سيدنا داود وسليمان السياسية فحسب وإنما هي العاصمة الدينية التي لا يمكن للإله أن يستقر أو يُعبد إلاَّ فيها ... الرب اختار صهيون واشتهاها مسكنا له ...." المزمور132" لذلك " فإعادة صهيون " واجب ديني عند اليهود ... على أنهار بابل جلسنا ، بكينا عندما تذكرنا صهيون ، إن نسيتك يا أورشليم تنسى يميني، ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك ، إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحي " " المزمور137" ومن أقوال هرتزل في مؤتمر بال عام 1897م "... إذا حصلنا يوماً علي القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً علي القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساُ لدى اليهود فيها وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها القرون " وفي قولٍ يُنسب إلي بن غوريون "... لا معنى لفلسطين بدون القدس ولا معنى للقدس بدون هيكل "( )
كان الاستيطان في مدينة القدس من أهم ركائز الدعوة الصهيونية التي ظلت تردد أحد مزاعم اليهودية التي تقول : "... أقدامنا كانت تقف عند أبوابك يا قدس ، يا قدس التي بقيت موحدة ".
وبتركيز الحركة الصهيونية علي مدينة القدس وإثارتها للمشاعر الدينية تمكنت من الحصول علي دعم يهود العالم لأهمية مدينة القدس الروحية في الديانة اليهودية مستغلة ما للقدس من حرمة فريدة في نظر اليهود لوجود جدار المبكى فيها متخذةً من ذلك ذريعة دعائية متحالفة مع الاستعمار لاغتصاب مدينة القدس وقهر الإرادة العربية والإسلامية بالقوة العسكرية ( ).
إن أطماع الحركة الصهيونية بالقدس جزء من المخطط الصهيوني الشامل الذي جرى تنفيذه علي مراحل منذ نهاية القرن التاسع عشر ومن وسائله الهجرة الكثيفة والاستيطان الواسع ودائرة النفوذ التي لا تنحصر في فلسطين بل تمتد لتشمل البلاد العربية المجاورة لها بزعم أنها وطنهم التاريخي " أرض إسرائيل " وأنهم الأحق بها دون العرب ففي قولٍ للحاخام حاييم لانداو "... إن روح شعبنا لا تستطيع التعبير عن نفسها إلاَّ إذا عادت الحياة القومية إلي أرضنا من جديد لأن ...القبس الإلهي لا يؤثر في شعبنا إلا وهو في أرضه ".
يقول الحاخام الصهيوني كوك"... ليست أرض إسرائيل شيئاً منفصلاً عن روح الشعب اليهودي ، إنها جزء من جوهر وجودنا القومي ومرتبطة بحياتنا ذاتها وبكياننا الداخلي ارتباطاً عضوياً " ويقول الحاخام القبالي "... نحن شعب لا يليق بنا أن نلقب بإسرائيل " المدافعين عن الله " إلاَّ إذا كنا في أرض إسرائيل ( ).
ويتبين مما سبق صعوبة دراسة الأطماع الصهيونية في مدينة القدس إلا ضمن إطار عام يشمل الأطماع الاستعمارية الصهيونية السياسية والاقتصادية التي تسترت وراء غايات دينية لكسب العطف والتأييد من جماهير اليهود للسيطرة علي فلسطين والمنطقة العربية، وإن كانت الدوائر الاستعمارية الصهيونية لا تغفل أهمية مدينة القدس العسكرية والجغرافية والاقتصادية ومكانتها الدينية ( ).
كان موضوع الرجوع إلي مدينة القدس وتأسيس دولة يهودية في البلاد المقدسة تمتد من الفرات إلي النيل حلم بعض اليهود ممن رفضوا الاندماج في المجتمعات التي أقاموا بداخلها ، ولقد وُضعت التصميمات الأولية لتحويل هذه الأحلام إلي دنيا الواقع في المؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في مدينة بازل السويسرية عام 1897م وجرى تنفيذها علي مراحل وكان أبرزها ما يلي :-
المرحلة الأولى ( 1897 م-1917م) :
شكَّل المؤتمر الصهيوني الذي عًقد في مدينة بازل السويسرية عام 1897م برئاسة ثيودور هرتسل محطة رئيسية في محاولات اليهود للتسلل إلي فلسطين عامة والي القدس خاصة عبر قرون، وقد التقى الصهيونيين آنذاك مع أطماع الاستعمار الامبريالي الغربي وتآمر الفريقان علي إقامة حاجز بشري غريب يفصل عرب أفريقيا عن عرب أسيا ويكون قاعدة قوية ومساندة للاستعمار وللامبريالية وسط الأقطار العربية الساعية للتطور وعرقلة نموها واستقلالها واتحادها، مما أدى إلي صدور وعد بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917م الذي تعهدت بموجبه بريطانيا العظمى آنذاك بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ونكثت عهودها التي قطعتها لحلفائها العرب برئاسة المغفور له الملك حسين بن علي في العام 1916 بالمساعدة لإنشاء دولة عربية تضم الحجاز وسوريا والعراق وفلسطين والأردن .
المرحلة الثانية (1918 م-1948م) :
مرحلة الانتداب البريطاني علي فلسطين ما بين عامي 1918م و 1948م التي كرست بريطانيا جهودها خلالها لتنفيذ وعد بلفور وكانت نتائجها : تدفق الهجرة اليهودية في ظل الحرب البريطانية أولاً، والمساعدات الألمانية والأمريكية ثانياً، ومواصلة المقاومة العربية الفلسطينية ثالثاً ، وقد أدت تلك الهجرة إلي ارتفاع عدد السكان اليهود في فلسطين من 56 ألفاً عام 1918م مقابل 644 ألف عربي (مسلم ومسيحي) إلي حوالي 650 ألفاً من اليهود مقابل 1400000 عربي (مسلم ومسيحي ) في آخر الانتداب البريطاني عام 1948م.
كما أدت إلي ارتفاع عدد اليهود في القدس من حوالي عشرة آلاف عام 1918م وكانوا يشكلون حوالي 25% مقابل حوالي ثلاثين ألفاً من العرب ( المسلمين والمسيحيين) وكانوا يشكلون حوالي 75% من سكانها ثم ارتفع عددهم ما بين عامي 1920م و1925م فأصبحوا يشكلون 33% من سكان القدس ويمثلون بمجلسها البلدي بأربعة أعضاء مقابل ستة أعضاء مسلمين واثنين مسيحيين عرب ، وأصبح عددهم في نهاية الانتداب يقارب مائة ألف ويمثلون في المجلس البلدي بنصف أعضائه مقابل مثلهم من العرب المسلمين والمسيحيين .
أدت عمليات الاستيطان الإسرائيلي التي تمت نتيجة للتشريعات المخالفة لصك الانتداب ولحقوق الإنسان إلي رفع نسبة ملكية الأراضي الفلسطينية لليهود فيها من حوالي 2% عام 1918م إلي حوالي 5.66% في أخر عهد الانتداب البريطاني عام 1948م مقابل 94% للعرب عام 1918م و 92% لهم عام 1948م و2% للأجانب ورفع نسبتها لليهود في القدس من حوالي 4% عام 1918م إلي حوالي 14% في آخر عهد الانتداب البريطاني "15/5/1948 م" و 2% للأجانب.
المرحلة الثالثة ( 1948 م- 1967م):
وقد تم خلالها إنشاء دولة إسرائيل واغتصابها بمساعدة الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة لمعظم أراضي فلسطين العربية وطرد أكثر من مليون عربي فلسطيني منها ومصادرتها لجميع أملاكهم المنقولة وغير المنقولة ومنع عودتهم إليها خلافاً لقرارات الأمم المتحدة و فتح أبواب الهجرة اليهودية علي مصراعيها وقد أدت هذه الاعتداءات إلي رفع عدد السكان اليهود من حوالي 650 ألفاً عام 1948م حوالي 2400000 في عام 1967م ومن وضع اليد الإسرائيلية بالقوة علي ما يقرب من 70% من مساحة أراضي فلسطين .
كما تم خلال هذه المرحلة تقسيم مدينة القدس إلي قسمين : قسم تم ضمه إلى المملكة الأردنية الهاشمية ، وقسم احتله الجيش الإسرائيلي عام 1948م ووضع يده علي مساحة حوالي 80% من مساحة المدينة وطرد ستين ألفاً من أهلها العرب المسلمين والمسيحيين منها ، ومصادرة أراضيهم وأملاكهم ، ومنع عودتهم إليها خلافاً لقرارات الأمم المتحدة المتواصلة التي تنص علي حقهم في العودة وتقرير المصير.
وأدت هذه الاعتداءات إلي رفع عدد السكان اليهود في المدينة من حوالي مائة ألف عام 1948م إلي حوالي 190 ألفـاً في عام 1967م وانخفاض عدد العرب بسبب عدم السماح بعودة اللاجئين منهم من حوالي مائة ألف في أوائل عام 1948م إلي حوالي 35 ألف بعد حرب عام 1948م ثم ارتفع إلي حوالي 75الف عام 1967م كما أدت إلي ارتفاع الملكية الإسرائيلية علي الأراضي فيها من حوالي 14% في أوائل عام 1948م إلي حوالي 73 % قبل حزيران/يونيو 1967م مقابل حوالي 84 % كانت للعرب وحوالي 2% للأجانب في أوائل عام 1948م وأصبحت قبل حرب حزيران عام 1967م تشكل 25% للعرب وحوالي 2% للأجانب .
المرحلة الرابعة (1967 م-1986م) :
وهي التي بدأت باحتلال باقي فلسطين وتشمل أجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة والقسم الثاني من القدس في أعقاب حرب حزيران/يونيو 1967 ومباشرة التهويد نهائياً فيها ، ضمن عدد من الإجراءات العسكرية والإرهابية والتشريعية والإدارية خلافاً لاتفاقيات جنيف وحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ( )
و فيما يلي أبرز ما اتخذته السلطات الإسرائيلية لتنفيذ عملية تهويد مدينة القدس :_
1. الإرهاب كوسيلة لطرد السكان.
2. النسف والهدم.
3. ضم القدس إدارياً وسياسياً لإسرائيل.
4. عزل القدس عن القرى والمدن العربية.
5. تهويد الاقتصاد العربي.
6. إجراء إحصاء لسكان القدس بعد الاحتلال.
7. مصادرة أملاك الغائبين.
8. نهب أملاك المقيمين ومصادرتها.
9. الحفريات الهدف الذي تسعى وراءه وزارة الأديان الإسرائيلية بواسطة عمليات الحفريات التي تجريها الكشف الكامل عن حائط المبكى وهدم المباني الملاصقة له وإزالتها.
10. إجلاء السكان العرب عن الأراضي والعقارات المصادرة بالقوة.
11. الاستيطان الإسرائيلي علي الأراضي والأحياء العربية المصادرة في القدس.
12. تهويد القضاء النظامي والشرعي الإسلامي.
13. تهويد التعليم العربي.
14. تهويد الإنسان العربي.
15. الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة لتهويد الحرم القدسي الشريف وهدم المسجدين الأقصى المبارك والصخرة المشرفة بدءً بالتصريحات وإعلان المطامع فقد شرحت دائرة المعارف اليهودية أن هدف اليهود هو هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة لإقامة هيكل سليمان على أنقاضهم، ولذلك تم هدم حي المغاربة والعقارات الإسلامية خلف الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف وكذلك تم مصادرة أربعة أحياء عربية ملاصقة ومجاورة للحرم القدسي من الجهة الغربية وقد تم أيضاً تطويق الحرم القدسي الشريف بالحفريات واغتصاب سلطات الحكم العسكري لباب المغاربة ، وكذلك الاعتداءات بواسطة الصلوات اليهودية بإباحة الصلاة لليهود داخل الحرم القدسي الشريف ، وكذلك إحراق المسجد الأقصى المبارك والمحاولات المتكررة لمواصلة هدم المسجدين (الأقصى المبارك والصخرة المشرفة) بالاعتداءات المسلحة ووضع اليد الإسرائيلية على مقبرتي الرحمة واليوسوفية الملاصقتين للحرم القدسي الشريف من الجهة الشرقية وضمهما لمنتزه إسرائيل الوطني .
16. الاعتداءات علي الأماكن المسيحية الدينية والمقدسة ورجال الدين المسيحي.
17. إغلاق دائرة الشؤون الاجتماعية العربية.
18. إبعاد المواطنين.
19. تغيير أسماء الشوارع والطرق والساحات العامة.
20. تنفيذ قانون إسرائيلي للتعويض عن أملاك العرب المقيمين في القدس
21. إقرار مشروع تنظيم مدن إسرائيلي جديد للقدس ولضواحيها
22. فك موتورات ومضخات محطات مياه أمانة القدس ونقلها
23. اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي علي شركة كهرباء محافظة القدس وعلي حقوق أمانة القدس فيها.
24. المشروع الإسرائيلي للقدس الكبرى.
25. مصادرة عمارة المستشفى العربي الجديد خارج السور وإغلاق مكاتب الخدمات الصحية ومستشفى الهوسبيس العربي في البلدة القديمة في القدس.
26. الاعتقال والسجن والتعذيب.
27. العقوبات الجماعية الظالمة التي تقوم بها سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي ضد مدينة القدس كحلقة من حلقات الإرهاب لتضييق مناحي الحياة على أهل القدس لحملهم على النزوح من مدينتهم .
28. تكريس ضم القدس سياسياً لدولة الاحتلال الإسرائيلي( )
توصيات الدراسة :
- الدعوة إلى وقف كافة أشكال التطبيع مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
- العمل على توحيد الخطاب السياسي والإعلامي العربي والإسلامي .
- دعوة جميع الأطراف والفصائل الفلسطينية لتعزيز الوحدة الوطنية، وعدم التفريط بالثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها قضية القدس .
- العمل على تعزيز الوعي بقضية فلسطين عامة والقدس خاصة، من خلال مناهج التربية والتعليم في الوطن العربي والعالم الإسلامي.
- دعوة وزراء الأوقاف في العالمين العربي والإسلامي، لحث الخطباء على تكريس مواعظهم عما يدور في القدس.
- حث وزارات التربية والتعليم في العالم العربي والإسلامي على تخصيص برامج وأنشطة منهجية وغير منهجية تحت شعار " من أجل القدس " .
- الدعوة إلي وضع أجندة عملية لتحرير القدس ونصرتها ، وعدم الاكتفاء بعقد المؤتمرات وإصدار بيانات الاستنكار، التي تشجع المحتلين علي التمادي في عدوانهم.
- عقد وتنظيم المزيد من المؤتمرات والندوات حول مدينة القدس ، للتأكيد علي عروبتها وإسلاميتها ، خاصة في الدول الأجنبية ، لكسب التأييد والدعم السياسي للقضية الفلسطينية .
- إنشاء فضائية متخصصة للدفاع عن قضية القدس بصفتها رمزاً وقيمة من رموز الحرية والعدالة والسلام ، تبث بعدة لغات .
- إنشاء شركة عالمية متخصصة في الإنتاج الإعلامي المرئي والمسموع للدفاع عن قضية القدس وخصوصاً الأفلام التوثيقية التي تترجم لعدة لغات.
- العمل علي إنشاء موقع الكتروني متخصص في قضايا القدس بلغات عالمية و مجلة شهرية تعني بشؤون مدينة القدس.
- الدعوة لإعداد وتأليف موسوعة شاملة عن القدس .
- رصد الجوائز المالية والمعنوية للمسابقات الثقافية المتعلقة بالقدس والأبحاث العلمية لكل مرفق من مرافق القدس علي المستويين العربي والإسلامي .
- العمل علي إنشاء مشروع " وقف القدس" لدعم صمود أهلنا في المدينة المقدسة .
- إقامة مكتبة عامة في مدينة القدس .
- تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي في القدس ، وتشجيع مستثمرين فلسطينيين وعرب وأجانب علي توفير الدعم اللازم لتطوير صناعة السياحة والارتقاء بها.
- إنشاء مركز للدراسات والبحوث الخاصة بالقدس في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والتراثية والتاريخية والأدبية والاجتماعية والسكانية والتعليمية لإبراز دور القدس في حركة التاريخ العالمي .
- تفعيل الإنتاج الإعلامي الخاص بالقدس في وسائل الإعلام الوطنية والعربية والإسلامية والعالمية، والإنفاق على مسلسلات وتمثيليات وبرامج متخصصة ومتنوعة وفق خطة مدروسة بحيث تبقى القدس أنشودة يرددها الكبار قبل الصغار .
- ضرورة تبني سياسة إعلامية واحدة موحدة ومعروفة المعالم مع التأكيد علي رفض تسويق سياسة حزبية معينة حتى لا يحدث تناقض بين الوسائل الإعلامية المختلفة.
- ضرورة تبني موضوع برامج التوعية بمكانة مدينة القدس السياسية من خلال وسائل الإعلام بالفعل وليس بالقول ، إن تطوير هذه البرامج في ظل الظروف التي يعيشها المجتمع يحتاج إلي تضافر جهود الجامعات ووزارة الإعلام الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم ومؤسسات المجتمع عموماً وصولاً إلي مستقبل أفضل لواقع الإعلام الفلسطيني في التوعية بمكانة القدس السياسية .
- الاستمرار في تقديم برامج التوعية بمكانة القدس وضرورة تعيين متخصصين للعمل فقط في هذه البرامج ، ويكونون قادرين علي الارتقاء بخدمة أبناء المجتمع الفلسطيني بجميع فئاته العمرية وذلك تحت شعار "وضع الشخص المناسب في المكان المناسب".
- تكثيف سبل التعريف بالبرامج وأهميتها وذلك عبر وسائل الإعلام ، وضرورة تكثيف الدورات واللقاءات بين العاملين في البرامج من مسئولين وغيرهم للتعرف علي الجديد من برامج وأنشطة لتبادل الخبرات فيما بينهم.
- تكليف كل طالب جامعي بإعداد نشاط واحد على الأقل كل فصل من قصائد أو مقطوعات شعرية أو رسومات أو خطب دينية أو معلومات جغرافية أو سياسية عن معالم فلسطين والقدس .
- تكوين لجان ثقافية إعلامية من طلاب الجامعات الفلسطينية تعمل علي زيادة الوعي لدى أبناء فلسطين من خلال ندوات و إرشادات توجه إلي المدارس لتوعية الجيل الناشئ بالقضية الفلسطينية وخاصة قضية مدينة القدس.
- توعية الشباب بالقدس من خلال حلقات علمية عن معالم فلسطين وخاصة القدس بشكل مستمر من خلال وسائل الإعلام بشكل دوري ومستمر .
- تأسيس مجلس أعلى للإعلام مكون من الخبراء والمهنيين والأكاديميين الإعلاميين ويضم ممثلين عن شريحة الشباب الجامعي .
- عقد ندوات بين طلبة الجامعات الفلسطينية علي مستوى الوطن من خلال الفيديو كونفرس وغيرها من وسائل التكنولوجيا ما بين طلبة مدينة القدس وطلبة قطاع غزة وباقي مدن الضفة .
- عقد مؤتمرات علمية حول القضية الفلسطينية ومدينة القدس بشكل دوري ومستمر ومترابط مع أبناء الوطن العربي .
- يجب علي واضعي المناهج الفلسطينية والعربية أن يضعوا كم كاف من المعلومات عن القدس لتأصيل الحق التاريخي والديني في المدينة المقدسة .
- زيادة عدد المقررات الدراسية عن مدينة القدس .
- عقد ندوات عن مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك .
- توعية الجيل الفلسطيني الناشئ بالقضية الفلسطينية وخطر تهويد القدس .
- إقامة الأمسيات والمسابقات الثقافية حول مدينة القدس والمسجد الأقصى لفضح المؤامرة الصهيونية التي تسعى إلي تغيير معالم مدينة القدس الدينية من هدم وإزالة المقدسات.
المراجع
1 - محمد أديب العمري : "عروبة فلسطين في التاريخ " –بيروت – المكتبة العصرية -صيدا1972.
2- الكتاب المقدس – سفر يشوع 63:15-والقضاة 10:19-وصموئيل الثاني7:5-أخبار الأيام الأول5:11
3 - جيمس هنري بريستيد :" العصور القديمة" -ترجمة داود قربان- المطبعة الأمريكانية- بيروت 1936.
-للمزيد : نسيب وهبة الخازن :"اوغاريت" –بيروت-دار الطليعة 1961.
4 - جواد علي :" المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" –بيروت 1969.
5 - مصطفى الدباغ : "بلادنا فلسطين" - دار الهدى –ق1-ج1- كفر قرع 2002 .
6 - عبد اللطيف الطيباوي :" القدس الشريف في تاريخ العرب والإسلام في كتابه دراسات عربية وإسلامية " –لندن-المركز الثقافي الإسلامي 1985 .
7 - عبد الرحمن بن محمد مجير الدين العليمي الحنبلي :"الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل" –عمان-ج 2-مكتبة المحتسب1973.
8 - أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي : " فضائل بيت المقدس " - معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية- الجامعة العبرية 1979.
9 - كامل جميل العسلي :" أجدادنا في ثرى بيت المقدس" –المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية-مؤسسة آل البيت -عمان1981.
10 - سمير شما :"النقود وعروبة القدس" –مجلة القدس الشريف –العدد العاشر كانون الثاني 1986.
11 - ابن جرير الطبري :" تاريخ الأمم والملوك" –دار الكتب العلمية-بيروت 2008.
12- عارف العارف :" تاريخ قبة الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى المبارك " القدس –مكتبة الأندلس 1959.
13 - شهاب الدين ابن تميم المقدسي : "مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام "–– تحقيق / أحمد الخطيمي – دار الجليل بيروت - الطبعة الأولى 1994م.
14 - عارف العارف :"المفصل في تاريخ القدس"-مطابع دار الأيتام الإسلامية الصناعية-ج1-القدس1961.
15 - كامل جميل العسيلي:" معاهد العلم في بيت المقدس"–عمان –جمعية عمال المطابع التعاونية 1981.
16 - ابن الأثير الجزري عز الدين :" الكامل في التاريخ " - دار الكتب العلمية – بيروت - ج8-بيروت 1987.
17 - كامل جميل العسلي :" من آثارنا في بيت المقدس " – جمعية عمال المطابع التعاونية -عمان 1982.
18 - يوسف بن تغريد بردي "جمال الدين أبو المحاسن: " النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة " –مطبعة دار الكتب-القاهرة 1942.
19 - احمد المقريزي:" السلوك لمعرفة دول الملوك " -القسم 1-جزء 1- القاهرة 1957.
20 - كامل جميل العسلي :" مخطوطات فضائل بيت المقدس " –عمان –مجمع اللغة العربية الأردني 1981.
21 - سعيد عبد الفتاح عاشور :"بعض أضواء جديدة على مدينة القدس في عصر سلاطين المماليك" –مجلد 1-عمان –كتاب المؤتمر الدولي الثالث لتاريخ الشام –الجامعة الأردنية –جامعة اليرموك 1983.
22 - كامل جميل العسيلي :"مجلة القدس الشريف" العدد7-عمان 1985-منشآت السلطان القانوني في بيت المقدس .
23 - كامل جميل العسلي:" وثائق مقدسية تاريخية " – (مجلد 1-مطبعة التوفيق –عمان 1983)-(مجلد 2-بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1985.
24 - عبد الكريم غرايبه:" سوريا في القرن التاسع عشر 1840- 1876" – القاهرة –معهد الدراسات العالية –دار الجيل 1981.
25 - جورجي كنعان : " سقوط الإمبراطورية الإسرائيلية"-بيروت –دار الطليعة 1980.
26 - خيرية قاسمية :" قضية القدس "-بيروت-دار القدس 1979.
27 - محمد عزه دروزة :"العدوان الإسرائيلي القديم والعدوان الصهيوني الحديث على فلسطين وما جاورها" -بيروت –دار الكلمة الجزء الأول 1979 .
28 -عبد الوهاب محمد المسيري:"الأيديولوجية الصهيونية –دراسة حالة في عالم الاجتماع " القسم الأول–الكويت 1983.
29 -للمزيد: عبد الوهاب الكيالي :" تاريخ فلسطين الحديث" –بيروت-مركز الأبحاث 1966
30 -للمزيد :1-أنيس الصايغ :" يوميات هيرتزل "- بيروت –مركز الأبحاث-منظمة التحرير الفلسطينية 1968
2-عبد الحميد السايح :"ماذا بعد إحراق المسجد الأقصى المبارك"-القاهرة-دار الشعب 1970
3- عبد الله التل :"جذور البلاء "- دار الإرشاد – بيروت 1971
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دراسة حـول:
عروبة القدس عبر التـاريخ والأطماع الصهيونية فيها
للباحث والكاتب
محسن الشيخ هاشم الخزندار
المقـدمـة
مدينة القدس من أقدم مدن العالم، هدمت وأعيد بناؤها أكثر من 18 مرة في التاريخ، ترجع نشأتها إلى 5000 سنه ق.م، حيث عمرها الكنعانيون وأعطوها اسمها، وفي عام 3000 ق.م سكنها العرب اليبوسيين، وبنوا المدينة، وأطلقوا عليها اسم مدينة السلام، وقد ظهر في المدينة أول جماعة آمنت بالتوحيد، برعاية ملكها "ملكي صادق" وأطلق عليها اسم أورسالم أي مدينة السلام، وحملت القدس العديد من الأسماء عبر فترات التاريخ، ورغم هذا التعدد إلا أنها حافظت على اسمها الكنعاني العربي.
تعد القدس ظاهرة حضارية عالمية فذة تنفرد فيها دون سواها من مدن العالم، فهي: مدينة الأديان السماوية الثلاثة، وهي: القبلة الأولى للمسلمين وثاني المسجدين وثالث الحرمين مسرى ومعراج الرسول صلي الله عليه وسلم، ومصدر انبثاق عقيدة المسلم التي لا تكتمل إلا بها.
ومنذ عام 1948 احتلت إسرائيل الجزء الغربي من المدينة وفي عام 1967 تم احتلال الجزء الشرقي منها، وفي عام 1967 أقرت الكنيست الإسرائيلي ضم شطري القدس، وفي 30 تموز1980 أصدر الكنيست قراراً يعتبر القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، في حين تعرضت القدس للعديد من الإجراءات العنصرية تراوحت بين هدم إحياء بكاملها (حي المغاربة) ومصادرة الأراضي لإقامة المستوطنات، وهدم المنازل العربية والاستيلاء عليها، وتهجير قسري للسكان من أجل تهيئة الواقع الجغرافي الإحتلالي الذي يؤسس إلى عملية الضم من خلال بناء جدار الفصل العنصري .
وتميزت هذه المدينة عن سائر مدن العالم بطابع حضاري وتاريخي فريد عبر آلاف السنين منذ أن أنشأها اليبوسيون، ومن خلال هذه المسيرة التاريخية الطويلة مرت سنوات وأحداث تثبت أن للقدس منزلة عظيمة من جانب المؤمنين بالديانات السماوية الثلاث، فكانت القدس تمثل سنوات صراع قديماً وحديثاً بما تعرضت له من غزوات وما حملته من حضارات وقوى سادت ثم بادت.
وعندما نتحدث عن الصراع نتحدث عن تلك السنوات الماضية والراهنة التي عانى خلالها الشعب الفلسطيني وأهل القدس من أبشع الممارسات الإسرائيلية لطمس تلك الهوية، وطمس كل الآثار التي تدل علي عروبة تلك المدينة.
ونظراً للوضع السياسي الصعب وضرورة تحليل أبعاد السياسات الإسرائيلية إزاء القدس نرى من الأهمية بمكان أن نعد هذه الورقة البحثية والتي تتناول القدس وعروبتها في التاريخ ومكانتها عند المسلمين عبر العصور الإسلامية والأطماع الصهيونية والممارسات الإسرائيلية المتواصلة لتهويد مدينة القدس، هذه المدينة التي يمتد تاريخها إلى ما يقارب ستة آلاف سنة.
أهمية البحث :
تكمن أهمية الدراسة في هذا الوقت بالذات لما تتعرض له القدس من هجمة خطيرة في هذه الأيام متزامنة مع حالة الوهن والضعف والعجز العربي والإسلامي معاً ومن خلال هذا البحث نهدف إلى التعرف على الممارسات الإسرائيلية حيث التركيز في هذا البحث على عروبة القدس في التاريخ ومكانتها عند المسلمين عبر العصور الإسلامية والممارسات الإسرائيلية التي تستهدف تهويد القدس منذ احتلالها عام 1967م .
أهداف البحث :
يهدف البحث إلى التعريف بمدينة القدس وعروبتها عبر التاريخ ومكانتها عند المسلمين في العصور الإسلامية والأطماع الصهيونية في مدينة القدس وإجراءات التهويد التي تتعرض لها هذه المدينة، كما التعرف على مدى وحجم تأثير الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس لضمان سيطرة اليهود على المدينة، وكذلك كشف العوامل والظروف المحيطة بتلك الممارسات الإسرائيلية والنتائج التي ترتبت عليها وهذا هو الهدف الرئيسي، والذي سيتم تناوله من خلال مجموعة من الأهداف الفرعية مثل :
1. التعرف علي ماهية الرؤية الإسرائيلية لمستقبل مدينة القدس بشكل عام وصورها وإزاحتها .
2. محاولة الوقوف علي مجموعة الممارسات الإسرائيلية التي تخدم الرؤية الإسرائيلية لمستقبل المدينة المقدسة .
3. محاولة التعرف علي نتائج تلك الممارسات الإسرائيلية لتغير الواقع الديموغرافي والجغرافي لمدينة القدس بما يحقق الأهداف الإسرائيلية خلال الفترة التي أعقبت حرب عام 1967م.
أهمية الدراسة :
تعتبر مدينة القدس ثالث أهم مدينة من منظور إسلامي، وأول مدينة من حيث الأهمية من منظور فلسطيني، ومن ناحية أكاديمية بحثية تكتسب مدينة القدس مكانة مميزة بين الباحثين نظراً لتلاقي وتشابك مصالح أتباع الرسالات السماوية في مدينة القدس، كما تتشابك وتشتبك مصالح مختلف القوى المحلية والإقليمية والدولية حول القدس وبناءً على ذلك يكتسب موضوع البحث أهمية كبيرة، ومن هنا تكتسب دراسة السياسات الإسرائيلية تجاه مدينة القدس بعد عام 1967 أهمية بالغة لما لها من أثار بعيدة المدى على مجمل الصراع العربي الإسرائيلي.
نطاق البحث :
يتحدد نطاق هذا البحث بالنطاق الموضوعي والذي يتمحور حول عروبة القدس عبر التاريخ ومكانة القدس في العصور الإسلامية، وفي نفوس المسلمين، والأطماع الصهيونية في تهويد مدينة القدس، والسياسات والإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس لتغيير طابعها العربي الإسلامي بما يخدم الرؤية الإسرائيلية لمستقبل القدس، ومحاولة فرض الطابع اليهودي على المدينة، والنطاق التاريخي الذي يغطي الإجراءات الإسرائيلية خلال الفترة التي أعقبت حرب 1967 .
فرضيات البحث :
هناك افتراض أساسي وهو أن مجمل السياسات الإسرائيلية تجاه القدس بعد عام 1967 ظلت تهدف إلي تزييف تاريخ القدس عبر العصور وإزاحة الحقبة الإسلامية الممتدة من تاريخها وإخفاء الهوية العربية لمدينة القدس منذ فجر التاريخ، وتغيير الطابع الديموغرافي والجغرافي للمدينة العربية الإسلامية لمحاولة فرض الطابع اليهودي على المدينة، وينبثق من هذا الافتراض عدة فرضيات فرعية منها:
1- الممارسات القانونية والسكانية والجغرافية الإسرائيلية تتماشى مع أهداف السياسة الإسرائيلية في القدس .
2- هناك علاقة بين حجم الممارسات الإسرائيلية وتأثيرها على مدينة القدس وانعكاس الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها القضية الفلسطينية .
3- جميع الإجراءات الإسرائيلية لتغيير معالم القدس ومحاولة فرض الطابع اليهودي على المدينة المقدسة تعتبر باطلة من وجهة نظر القانون الدولي .
منهجية البحث :
يعتمد البحث على منهج الوصف التاريخي، في إبراز عروبة مدينة القدس في التاريخ وكذلك مدينة القدس في نفوس المسلمين ومكانة القدس عبر العصور الإسلامية، وذلك بالتركيز على الأطماع الصهيونية في مدينة القدس من خلال سرد الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية لتهويد مدينة القدس بعد العام 1967م وصور وأشكال السياسات الإسرائيلية تجاه القدس و مدى تأثير تلك السياسات الإسرائيلية في خدمة المشروع الإسرائيلي لمستقبل مدينة القدس وكيف يمكن مجابهة تلك السياسات، وهل لتلك السياسات أية مشروعية من وجهة نظر القانون الدولي، و ما الواجبات الملقاة على عاتق الأطراف الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية لحماية القدس من آثار الممارسات الإسرائيلية.
الدراسات سابقة :
تشكل الدراسات السابقة أهمية كبرى لنجاح أي بحث بل أن توفر الدراسات السابقة أساس نجاح البحث، ولذلك تم الاعتماد على الدراسات السابقة من خلال ما ورد في القرآن الكريم، والحديث الشريف، وكتب التفسير، وكتب فضائل القدس، وكذلك من خلال مجموعة الكتب والمراجع، والدوريات، والصحف اليومية، والتحليلات السياسية، التي تطرقت لموضوع القدس.
عناصر البحث الرئيسية :
1. القدس وعروبتها في التاريخ.
2. مكانة القدس عند المسلمين.
3. مكانة القدس في العصور الإسلامية.
4. الأطماع الصهيونية في القدس.
5. النتائج والتوصيات.
6. المصادر والمراجع.
عروبة القدس عبر التاريخ
النشأة:
يرجع تاريخ إنشاء مدينة القدس وعروبتها في التاريخ إلى حوالي خمسة آلاف عام وكان أول اسم لمدينة القدس هو اورسالم أو اورشالم وهو اسم "عموري"، والعموريون هم سكان كنعان الأصليون ولغة العموريين هي لغة الكنعانية والعموريين في الأغلب انبثق منهم الكنعانيين ( )، ويمكن الاستنتاج أن القدس أسسها العموريون في الألف الثالث الميلاد وأن لغة سكان القدس كانت اللغة العمورية وجاء اليبوسين وهم بطن من بطون الكنعانيين الذين بنوا قلعة يبوس التي سموها قلعة صهيون وصهيون كلمة كنعانية تعني مرتفع.
ولذلك نجد هذا الاسم يطلق على اكثر من مرتفع في سوريا القديمة ، وقد انشأ اليبوسيون حضارة عريقة اتسمت بفنون العمارة والصناعة والتجارة والمعرفة بالكتابة وديانة وحضارة اقتبسها العبرانيون من الكنعانيون، بني اليبوسيون هيكلاً للإله شالم في مدينة القدس قبل هيكل العبرانيون بأكثر من ألف عام وجعلوا القدس مدينة مقدسة .
ويشير التوراة إلى أن ملكي صادق ملك شالم (كان كاهنا لله العلي) وقد اجتمع مع سيدنا إبراهيم وباركه، أخذ الأدب العبري من الآداب السامية التي سبقته في الحضارة والسكن في فلسطين ( ).
واقتبس العبرانيون طقوسهم الدينية ومعالم الحياة الروحية من الكنعانيين ، عندما غزا العبرانيون أرض كنعان في أواسط القرن الثالث عشر قبل الميلاد بقيادة يوشع بن نون حيث كانوا عبارة عن قبائل بدوية متوحشة بلا حضارة لا تعرف إلاّ القتل والنهب والسرقة وعندما استقروا في أرض الكنعانيين أخذوا منهم الحضارة وكذلك ديانة اليبوسيين " أهل القدس" "وأورشليم " ( ).
ظلت يبوس حوالي 250 عام مستعصية على العبرانيون حتى احتلها سيدنا داوود في عام 1000 ق.م وظل العبرانيون يعتبرون القدس مدينة غريبة عليهم .
احتل العبرانيون القدس ولم تصبح مدينة يهودية خالصة بل ظل أهلها اليبوسيون مقيمين فيها وظلت مدينة القدس طيلة حوالي ألفي عام بعد إنشائها مدينة امورية كنعانية "يبوسية".
إن إغفال الحقبة السابقة للعبرانيين تنطوي علي تشويه لتاريخ القدس ، والأموريون" العموريون" والكنعانيون منشئوا مدينة القدس هما شعبان ساميان جاءوا من الجزيرة العربية وهم شعوب عربية ولذلك تكون القدس عربية من حيث تاريخها ( ).
إن ساكني القدس الناطقين بالعربية هم من سكنوها وما زالوا متصلين بها ولم ينتقلوا عنها ولا اقتلعوا منها منذ 3000 عام ق.م أو أكثر وان طرأت عليهم موجات من الفتوح فإنهم ثبتوا في أرضهم وأقاموا فيها إلى حين الفتح الإسلامي للمدينة ، وبعد الفتح استعربوا واعتنق أكثرهم الدين الإسلامي واتخذوا العربية لساناً وهؤلاء هم سكان البلاد وأصحابها الحقيقيون ( ).
إن اسم أورسالم أو يبوس ظل معروفاً عبر العصور كإسم لمدينة القدس انحدر من سكانها الكنعانيون ومن الألف الأولى قبل الميلاد وحتى الفتح العربي الإسلامي في القرن السابع عشر ميلادي و كانت هناك قبائل عربية في القدس وحولها في فلسطين قبل الفتح الإسلامي ( ).
هذا الوجود العربي في القدس قد يسَّر مهمة الفتح الإسلامي وقد سكنت مدينة القدس قبائل عربية بصفة دائمة بعد الفتح الإسلامي و سكن القدس أيضاً العديد من الصحابة والتابعين. استمرت هوية القدس العربية الإسلامية إلي أن احتلت عام 1099م من قبل الصليبيون الذين أبادوا جميع سكانها بوحشية فائقة وحولوا المدينة إلى مدينة مسيحية ودامت هذه الهجمة الصليبية الشرسة علي القدس 88 عام انتهت بتحرير صلاح الدين الأيوبي القدس عام 1187م وهو الذي أعاد إلي القدس معالمها الدينية الإسلامية إلي سابق عهدها( ) .
استعادت القدس تاريخها الإسلامي العربي طوال العصر الأيوبي والمملوكي والعثماني حتى القرن التاسع عشر عندما بدأ السعي الصهيوني الحثيث لتهويد القدس الذي لم يكن للصهاينة أي نسبة تواجد، فقد ملك عرب فلسطين القدس وكانت معظم أراضيها وقف إسلامي .
- مكانة القدس في العقيدة الإسلامية والتراث الإسلامي :
القدس مدينة الآباء والجدود وإليها أسرى سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ومنها عرج إلي السماء كما إنها القبلة الأولى للمسلمين، والحقيقة أن الكثير من الأنبياء عاشوا في القدس أو كان لهم بها صلة بشكل من الأشكال .
فالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وكتب التفسير وكتب فضائل القدس أشادوا وأكدوا قدسية هذه المدينة وما لها في نفوس المسلمين، فالقرآن الكريم ذكر القدس في سورة الإسراء آية 1، سورة الأنبياء آية 105 ،71، وسورة المؤمنون آية 50، وسورة النور آية 36، وسورة النازعات آية 14 ، سورة الحديد آية 13 ، سورة التين آية 1،2 .
وكذلك ربط القرآن الكريم والحديث الشريف مكانة القدس الروحية بالمكانة الروحية لمكة والمدينة وفضل الإهلال والحج والعمرة من القدس فهناك أكثر من 115 حديث في القدس وفضائل الإقامة والسكن فيها وزيارتها .
فالقدس لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين، وفي الحقيقة أن مجموعات الحديث وكتب الملاحم والقصص فيها الكثير عن القدس فهناك أكثر من تسعة وتسعين كتاباً تتناول مدينة القدس وهذا العدد دلالة واضحة علي مكانة القدس عند المسلمين ، هذه المكانة كانت في العصور العربية الإسلامية تقوم على النظرة الدينية وعلى المنزلة الرفيعة لها في الإسلام ( ).
مكانة القدس في العصور العربية الإسلامية :
عصر الخلفاء الراشدين
بعد فتح القدس على أيدي المسلمين جاء الخليفة عمر بن الخطاب إلى مدينة القدس وأعطى المسيحيين العهدة العمرية وأمر ببناء مسجد القدس وكذلك قام الخليفة عثمان بن عفان بوقف قرية سلوان على ضعفاء مدينة القدس وتميز الحكم الإسلامي في عصر الخلفاء الراشدين بالتسامح الديني حيث احتفظ المسيحيين بكنائسهم وبحرية أداء شعائرهم الدينية ( ) .
العصر الأموي 660م-750م
أبدى خلفاء بني أمية اهتماماً خاصاً بالقدس وتردد على زيارتها كل من الخليفة معاوية بن أبي سفيان والخليفة عبد الملك بن مروان والخليفة عمر بن عبد العزيز والخليفة الوليد بن عبد الملك والخليفة سليمان بن عبد الملك وكل واحد منهم كان له أثر في مدينة القدس ، و مما لا شك فيه أن أعظم مآثر الأمويين في القدس هي الأبنية التي شيَّدوها في ساحة الحرم الشريف وقبة الصخرة عام 691م والمسجد الأقصى عام 708م وكذلك مقر الخليفة الوليد بن عبد الملك وكان للخليفة عبد الملك بن مروان مآثر عمران كثيرة في القدس منها تعبيد الطريق من دمشق إلي القدس لتيسير وصول الزوار إلي القدس، وكذلك انشأ الأمويون دار للسكة في القدس وضرب الخليفة عبد الملك بن مروان نقوداً في القدس كانت تحمل اسم إيلياء، وكذلك أنفق الخلفاء الأمويين الأموال علي إعمار القدس لتشجيع الحركة الدينية والعلمية فيها ( ).
العصر العباسي 750م – 970م
جاء انتقال مركز السلطة من دمشق إلي بغداد في العصر العباسي حيث أصبحت الشام ولاية من الولايات ولكن الاعتراف بمكانة القدس الإسلامية استمر في العصر العباسي ، فقد اهتم الخليفة جعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية بزيارة القدس حيث زارها مرتين وقد أمر الخليفة جعفر المنصور بإعادة بناء المسجد الأقصى بعد سقوط الأجزاء الغربية و الشرقية من المسجد بعد الزلزال الذي ضرب القدس عام 748م وقد غطى تكاليف إعادة إعمار المسجد الأقصى من ضرب صفائح الذهب والفضة التي كانت تغطي أبواب المسجد دنانير للإنفاق على إصلاح وإعمار المسجد الأقصى ( ) .
وجاء الخليفة العباسي الثالث عام 780م وأمر بإعادة بناء المسجد الأقصى الذي تعرض لزلزال عام 774م، وأرسل الخليفة المهدي إلى كل الأقاليم يدعوهم إلى جمع الأموال من أجل إعادة إعمار المسجد الأقصى، وقد قال الخليفة الثالث يومها المهدي سبقتنا بني أمية بثلاث بهذا البيت (يعني مسجد دمشق) وبنيل الموالي وبعمر بن عبد العزيز ثم أتى إلى القدس ودخل الصخرة وقال هذه الرابعة ( ).
اهتم كذلك الخليفة عبد الله المأمون بالقدس و أمر بإصلاح قبة الصخرة في ولاية أخيه الخليفة المعتصم عام 831م وقد ضرب الخليفة عبد الله المأمون فلساً تخليداً للإصلاحات في قبة الصخرة في دار السكة في القدس ، وكذلك قامت أم الخليفة المقتدر بالله عام 907-932م بإصلاحات في قبة الصخرة ، وفي ظل العباسيين شهدت الحركة العلمية في القدس انتعاشاً كبيراً تمثلت في زيارة عدد كبير من كبار الأئمة والعلماء من مختلف العالم الإسلامي إلي المسجد الأقصى ، وكذلك ظهرت الحركة الصوفية الذي بدءوا مريديها يذهبون إلي القدس بأعداد كبيرة وغدت مركزاً هاماً من مراكزهم ( ).
الفاطميين :
حكم الفاطميين القدس زهاء قرن من الزمان 969-1070م وقد تميزت هذه الفترة من حكم الفاطميين بالاضطراب نظراً للصراع العسكري علي بلاد الشام بين الفاطميين والعباسيين والقرامطة وعلي الرغم من ذلك أولى خلفاء الفاطميين القدس وخاصة المسجد الأقصى وقبة الصخرة عناية كاملة فقد قام الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله عام 1020-1036 والخليفة المستنصر بالله 1036-1094م بأعمال تعمير هامة في كل من المسجد الأقصى وقبة الصخرة حيث قام الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله ببناء القبة عام 1022م وكذلك قام الخليفة الناصر لإعزاز دين الله بإعمار وبناء القبة عام 1033م بعد وقوع زلزال كبير دمر المسجد الأقصى وقام الأمير ليث الدولة نوشيكين الغوري عام 1041م بعمل مقام شمال دكة الصخرة( ) .
شهدت القدس الفاطمية النهضة العلمية والطبية فأنشئت دار العلم الفاطمية التي أسسها الحاكم بأمر الله الفاطمي والبيمارستان الفاطمي في القدس ، كذلك قام الفاطميين بإعمار القدس فقد بنوا أسوار القدس وتحصيناتها مرتين في زمن الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله وزمن الخليفة المستنصر بالله.
السلاجقة :
كانت فترة حكم السلاجقة والتركمان فترة قصيرة ومضطربة لبيت المقدس وقد انبعث خلال هذه الفترة القصيرة النشاط العلمي علي أساس المذهب السني الشافعي ، وكان المسجد الأقصى يغص بالعلماء من فقهاء العالم الإسلامي وكثرت المناظرات العلمية التي تدور بين علماء المسلمين واليهود والنصارى، وكانت هذه الفترة القصيرة خفقة من خفقان القلب بل الخفقة الأخيرة في القدس الإسلامية قبل وقوعها تحت براثن الاحتلال الصليبي حيث ذبح الصليبيين سكان القدس وقضوا علي المعالم الإسلامية فيها وبذلك انتهت الفترة الأولي من تاريخ القدس الإسلامي التي دامت حوالي 500 عام ( ) .
الاحتلال الصليبي 1091 - 1187م :
سقطت القدس بيد الصليبيين سنة 1099م وقام الصليبيين بارتكاب اكبر مجزرة شهدها التاريخ فقتلوا جميع سكان القدس ذبحاً وحوَّلوا منطقة الحرم إلي منطقة مسيحية حيث أقيمت فيها الكنائس والمساكن للفرسان واصطبلات الخيل .
لم تر القدس ولا العالم الإسلامي مصيبة أعظم من هذه المصيبة لهذا استنجد أهالي الشام بالخليفة العباسي الذي استنجد بسلاطين السلاجقة الذين لم يفعلوا شيئاً حيث كان انشغال سلاطين السلاجقة بالصراعات الناشبة فيما بينهم شاغلهم الأهم .
كان انشغال سلاطين السلاجقة في الخلافات فيما بينهم التوقيت والفرصة المناسبة التي استغلها الصليبيين في الهجوم على الشرق ، فالخلافات بين سلاطين السلاجقة أنفسهم قد أضعفتهم كثيراً وما بالك الخلافات بين سلاطين السلاجقة والخلفاء الفاطميين وتنازعهم المستمر علي بلاد الشام كل هذا سهَّل على الصليبين احتلال القدس وأجزاء كبيرة من بلاد الشام ورغم هذا ظل سلاطين السلاجقة والخلفاء الفاطميين في صراع ومعارك حتى احتلال أنطاكية وقتل أهلها من السلاجقة والأتراك حيث وجد الفاطميين في سقوط أنطاكية فرصة سانحة لمحاربة السلاجقة وأتباعهم واسترداد بيت المقدس من يد السلاجقة ، فحاصر الجيش الفاطمي القدس ونصب المنجنيق حولها .
دام حصار القدس أكثر من 40 يوم والصليبيين علي الأبواب وفي عقر الدار و كان من الأمر البديهي علي الخلفاء الفاطميين والسلاطين السلاجقة الاتحاد والتضامن ضد الخطر الصليبي المشترك عليهم وعلى الأمة الإسلامية ( ) .
بعد بضع عشرات السنين جاء عماد الدين زنكي الذي تصدى للصليبيين بجد فقد عمل على توحيد الصفوف ضد الصليبيين واستطاع استرداد الرها من الصليبين مرتين وكذلك ضم دمشق إلى إمارة حلب لتوحيد الصفوف ضد الصليبيين وأرسل نور الدين أسد الدين شريكوه إلى مصر لمساعدة الخليفة الفاطمي في حربه مع الصليبين وكان معه من حُسن تدابير القدر صلاح الدين ابن أخيه الذي عمل على قيام الوحدة بين مصر وسوريا تحت لواءه .
لقد أكمل صلاح الدين المشوار الذي بدأه نور الدين من قتال الصليبيين وعمل على توحيد الصفوف ضدهم وكان استرداد القدس الهدف السامي لكل من صلاح الدين الأيوبي ونور الدين زنكي.
كان نور الدين زنكي على ثقة تامة بالله باسترجاع القدس فأمر بصنع منبر في حلب للمسجد الأقصى .
تم ما حلم به وخطط له نور الدين زنكي من تحرير القدس فقد حُررت القدس على يد صلاح الدين الذي وضع منبر نور الدين زنكي في المسجد الأقصى بعد عشرين عاماً من صنعه .
الأيوبيين 1187- 1253م :
كان استرداد السلطان صلاح الدين الأيوبي للقدس من الصليبين في عام 1187م نصراً له صدى كبير في العالم الإسلامي قوبل بالفرح والاستبشار .
لم يتوان صلاح الدين لحظة عن القيام بالواجب الملقى عليه اتجاه مدينة القدس فقام بعملٍ شاق ومضني لإعادة الطابع العربي الإسلامي إلي مدينة القدس ولم يغفل علماً بأن الصليبيين لم يسلموا بالهزيمة وما زالوا يحتلون أجزاء كبيرة من فلسطين وبلاد الشام وهم يعدون العدة لاسترجاع مدينة القدس .
بدأ صلاح الدين باستجلاب السكان العرب لسكن القدس لتعميرها وإنشاء المؤسسات المختلفة وشرع صلاح الدين فوراً في إعادة قبة الصخرة والمسجد الأقصى إلي حالهم القديم فأمر بإزالة الكنيسة والمذبح والصورة والتماثيل من داخل قبة الصخرة وإزالة الصليب الكبير الذي نصبه الصليبيين عليها وأمر بترخيم محراب الأقصى ووضع المنبر الذي صنعه نور الدين في الأقصى وأزال ما أحدثه فرسان الداوية من تغييرات في المسجد الأقصى، و أجرى ملوك الأيوبيين من بعد صلاح الدين إصلاحات مختلفة في الحرم القدسي الشريف فأنشأ العادل أبو بكر أخ صلاح الدين سقاية كما عمَّر الكأس الذي بين قبة الصخرة والمسجد الأقصى كذلك أمر ابنه الملك المعظم عيسى بعمل إصلاحات وتغييرات كثيرة فقام بإنشاء صهريج في ساحة الحرم وكذلك بني الرواق الذي يكون الواحة الشمالية للمسجد وجدد قناطر الحرم وأنشأ القبة النحوية وأنشأ الملك الصالح نجم الدين أيوب قبة موسى .
جهد صلاح الدين ومن جاء من بعده من السلاطين الأيوبيين في إقامة المدارس ومؤسسات التعليم العالي التي وصل عددها إلي عشرة مدارس أهمها المدرسة الصلاحية وأنشأ الخانقاه التي أوقفت علي الصوفية وساعدت علي إحياء الحياة الصوفية في القدس كذلك أنشأ البيمارستان الصلاحي ( ).
اعتمدت المؤسسات التي أقامها الأيوبيين في مدينة القدس تع في بقائها علي الأوقاف التي أوقفها منشئوها عليها، فالأوقاف في مدينة القدس كانت معروفة من قبل الأيوبيين منذ فجر الإسلام إلا أنها زادت بطريقة لافته للنظر في عهد الأيوبيين وتبع الأيوبيين في وقف الأوقاف المماليك والعثمانيين و أسهمت هذه الأوقاف اسهاماً كبيراً في تحسين الأوضاع الاقتصادية في مدينة القدس وفي انتعاش المؤسسات العلمية والدينية .
تعمير مدينة القدس وتحصينها:
كانت وما تزال مدينة القدس مهددة بالخطر الصليبي ولذلك قام صلاح الدين الأيوبي والملوك الأيوبيين من بعده بتحصين المدينة فقد حفر صلاح الدين خندق عميق وانشأ سور وأبراج حربية من باب العمود إلي باب الخليل ولكن ورثة صلاح الدين لم يحافظوا علي انجازات صلاح الدين ففي عام 1219م أمر الملك المعظم ابن عيسى بتجريف أسوار القدس وكثير من مبانيها بعد احتلال الصليبين لدمياط وخوفه من احتلال الصليبين لمدينة القدس والاستحكام فيها فخَّرب الأسوار وهدَّم الكثير من المباني وقد ترك سكان القدس أموالهم وممتلكاتهم وخرجوا من القدس ،وكانت كبرى الكبائر والخطيئة التي لا تُغتفر والتي ارتكبها الملك الكامل ابن الملك العادل الأيوبي عام 1299م تسليم القدس إلي الملك فرديك ملك صقلية ( ).
كانت الخلافات ببين حكام سوريا ومصر على أشدها بين الملك الكامل في القاهرة والملك المعظم ابن عيسى في دمشق سبباً في ضعفهم بل وصل حد الصراع بين الأمراء الأيوبيين إلي درجة أنهم تحالفوا مع الصليبيين ضد أشقائهم ، فقد استنجد الملك الكامل بالملك فرديك ضد أخيه الملك الكامل المعظم ابن عيسى في مقابل تنازله عن أراضي للصليبيين وقد سلمت القدس للصليبيين طيلة 11 عام واستردها الملك الناصر داوود ابن الملك المعظم عيسى عام 1239م ولكن عاد وسلمها للصليبين مدة أربعة أعوام إلي أن استردها الملك الصالح نجم الدين أيوب ( ).
ما أقسى وما أعظم وقوع هذا البلاء على المسلمين فقد كان لتسليم القدس من قبَل الملك الكامل للصليبيين صدى من الاستنكار لهذا العمل القبيح، ما أشبه اليوم بالبارحة فإن حكام العرب اليوم يوجد بينهم أكثر من ملك كامل فالقدس ترزح تحت احتلال الصهاينة والأقصى مهدد بالهدم والخراب وحكام العرب مشغولين في خلافاتهم وحساباتهم .
إن ملوك الأيوبيين المتآمرين الذي هان عليهم تسليم القدس بحجة الضروريات الإستراتيجية وبالعجز أمام الضغط الصليبي هم حكام العرب اليوم الذين يتمسحون بنفس الحجج ومازال حكام العرب اليوم يحلفون بالقدس و يتغنون بها ويعقدون المؤتمرات .
المماليك:
سار التطور في القدس في خط صاعد وثابت في عصر المماليك و تميز هذا العصر بالنهضة العمرانية التي شهدتها مدينة القدس وقيام المؤسسات الدينية والعلمية وكثرة الأوقاف التي أوقفت عليها .
حظيت مدينة القدس بمظاهر التقدير والاحترام من السلاطين والحكام المماليك و كان لهذا التطور الايجابي في القدس أسباب موضوعية ، فقد تم دحر الصليبيين وإخراجهم من بلاد الشام نهائياً كذلك تم دحر جموع المغول و التتار الغازية .
كان التطور والانتعاش الاقتصادي في الدولة المملوكية عموماً وسعي حكام المماليك إلي إظهار تمسكهم بالإسلام وتعزيز الرابطة الدينية بين الشعوب الإسلامية لتثبيت الحكم بالقبول و ليجندوا الحمية الدينية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية، وأخذ اهتمام المماليك في القدس صوراً عديدة فقد اهتموا بتعمير المدينة عموماً والأماكن الدينية خصوصاً .
إن معظم الآثار الإسلامية الباقية في القدس اليوم والتي تعطي القدس صورتها التاريخية هي آثار مملوكية ، فقد عمَّر الظاهر بيبرس قبة الصخرة مرتين عام 1260م وعام 1270م وكذلك عمَّر زين الدين كتبغا قبة الصخرة عام 1295م والناصر محمد عام 1318م والظاهر برقوق عام 1387م والظاهر جقمق عام 1448م و الأشرف قايتباي عام 1467م .
أمَّا تعمير المسجد الأقصى فقد ساهم في تعميره كلاً من سيف الدين قلاوون عام 1287م والسلطان لاجين عام 1297م والناصر محمد عام 1820م و السلطان حسن عام 1376م والسلطان شعبان عام 1376م والأشرف اينال عام 1460م و الأشرف قايتباي عام 1488م كذلك انشأ الناصر محمد مسجد القلعة عام 1310م ومسجد في حارة الإفرنج وكذلك عمَّر السلطان برقوق بركة السلطان وكذلك اهتم سلاطين المماليك بإنشاء الأسبِلة فقد أنشأ المماليك سبع اسبِلة في القدس أهمها سبيل قايتباي في ساحة الحرم ( ).
كذلك تم تعمير قلعة القدس زمن الملك الناصر محمد وإنشاء أكثر من عشرين خاناً أشهرها خان الظاهر برقوق عام 1386م ويضاف إلي هذه المنشآت والزوايا والخوانق والمدارس التي تعتبر آية من آيات الفن المعماري .
عمل المماليك على تشجيع الحركة العلمية وإنشاء المؤسسات العلمية والدينية و كان تطور المؤسسات العلمية في عصر المماليك استمراراً للتطور الذي شهده العصر الأيوبي فقد أصبحت مدينة القدس في العصر المملوكي مركزاً هاماً للعلم والتعليم في العالم الإسلامي كله ووصلت القدس ذروة لم تصلها قبل عصر المماليك ولا من بعده .
كانت مراكز التعليم الرئيسية هي المسجد الأقصى والمدارس وبيوت الصوفية من خوانق ورُبَط وزوايا ، ووصل عدد المدارس في عصر المماليك 57 مدرسة من بينها عشرة مدارس أنشأت في عهد الأيوبيين .
هذه المدارس كانت بمثابة الكليات في وقتنا الحاضر واجتذبت هذه المدارس عدداً كبيرا من أعلام المدرسين من مختلف العالم الإسلامي الذين اجتذبهم النشاط العلمي الذي تعاظم في المسجد الأقصى وكان هؤلاء المدرسين قد جاءوا من اثنين وعشرين قُطراً من أقصى المغرب وبلاد ما وراء النهر وهذا يعد مؤشر واضح علي مكانة القدس العلمية .
والي جانب المدارس كانت هناك الخوانق والرُبط والزوايا التي كانت تأوي زوار القدس وتسهم في النشاط العلمي فكان هناك أكثر من اثني عشر رباطاً وأكثر من أربعين زاوية كما انشأ المماليك ست خوانق بالإضافة إلي الخانقاه التي أسسها صلاح الدين الأيوبي .
انتعشت الحركة الصوفية في عهد المماليك وفي آخر القرن الخامس عشر ميلادي حيث شهدت مدينة القدس قمة التطور العلمي في عصر المماليك .
حافظ الكثيرين من السلاطين المماليك علي زيارة مدينة القدس والصلاة في مسجدها وبتفقد أحوالها والتبرع لفقرائها والأمر بعمل اللازم في الأماكن المقدسة من تعمير وترميم واهتم سلاطين المماليك عموماً في بيت المقدس منذ أوقفوا علي الأماكن الدينية وعلي المؤسسات وخاصة مؤسسات التعليم العالي الأوقاف الكثيرة ( )
احتلت القدس مكانة رفيعة في العصر المملوكي في العالم الإسلامي بمختلف أقطاره ، واستمرت في عصر المماليك الاعتقادات الشعبية بفضل الدفن في بيت المقدس .
العثمانيون (العصر العثماني ) :
حكم العثمانيون مدينة القدس حوالي أربعة قرون وفي القرن الأول من هذه القرون الأربعة نالت القدس اهتماماً كبيراً من الدولة العثمانية فقد أصبح العثمانيون المدافعين الرئيسيين عن الإسلام فأولوا الأماكن الإسلامية المقدسة كل عناية ورعاية وسعوا إلي تعميرها وحماية الطرق المؤدية إليها وفي عهد السلطان سليمان القانوني 1520-1566م تم تجديد قبة الصخرة وبناء سور مدينة القدس 1527- 1540م لحماية القدس من العدوان الخارجي وغارات البدو وكذلك تعمير قلعة القدس وإضافة المنشآت لها وتعمير قناة السبيل وبرك سليمان وبركة السلطان وإنشاء ست أسبله للماء، وبناء التكية العامرة التي كانت من اكبر المنشآت الخيرية في فلسطين وكذلك بناء المسجد العمري وقبة الأرواح وقبة الخضر ومئذنة مسجد القلعة ومحراب قبة النبي محمد ومسجد الطور.
لم تنقطع أعمال التعمير ورعاية الأماكن المقدسة والشئون الدينية وظلت مستمرة في القرن السابع عشر والثامن عشر أما في القرن التاسع عشر فقد جرت تعميرات علي أوسع نطاق في الحرم القدسي والصخرة المشرفة فقد جرى ترميم قبة الصخرة و جرت أعمال تعمير ضخمة في الحرم الشريف حيث كُتبت سورة ياسين بكاملها حول مثمن قبة الصخرة من الأعلى ، وفرشت الصخرة والمسجد الأقصى بالسجاد الفاخر، كذلك أولي العثمانيون أعمال التعمير في المساجد وأضرحة الأنبياء وبمقاماتهم عناية خاصة () .
حرص العثمانيون علي نظافة المساجد المقدسة والعناية بسدنة الأماكن المقدسة واختيار الأكفاء للقيام بالسدانة وتخصيص الأموال لتعمير ورعاية الأوقاف الإسلامية وخاصة أوقاف الأماكن المقدسة وصرف ريعها علي هذه الأماكن، ومن دلائل رعاية الحكومة العثمانية لمركز القدس الديني المكانة التي كانت توليها لأرباب الوظائف الدينية في المدينة كالقضاء و المفتين ونقباء الأشراف والعلماء والمدرسين وسدنة الأماكن المقدسة، حيث كان قاضي القدس يتمتع بمكانة خاصة بين قضاة المدن الرئيسية في الدولة العثمانية وكانت صلاحياته لا تقتصر علي القدس بل تمتد إلي جنين ونابلس وغزة والرملة ويافا حيث كان قاضي القدس يعين القضاه المحليين ونواب الشرع الشريف مما جعل مكانة قاضي القدس في مركز مساوٍ لقضاة عواصم الولايات العثمانية بل أعلى من بعضهم أحياناً ، كل هذا يرجع إلى المكانة الدينية لمدينة القدس حيث كان قاضي القدس في العادة تركياً يأتي من استانبول وكانت سلطاته واسعة جداً فضلاً عن وظيفته القضائية فكانت له سلطات إدارية جعلته رقيباً علي الوالي والدفتر والأوقاف والجمارك وتسجيل العقود وتصديق الوثائق ومراقبة الأسعار وتسجيل بيع العقارات وإحصاء النفوس وإقالة رؤساء الطوائف الدينية وعلي تنفيذ شروط الأوقاف والإشراف علي حساباتها وكذلك تعيين المدرسين وموظفي الأوقاف ورجال الإفتاء () .
كان هناك في القدس ثلاث وظائف دينية هامة : ( الإفتاء ونقابة الأشراف ومشيخة الحرم) وقد تولي هذه المهام في القرن الثامن عشر أفراد من العائلات المقدسية القديمة في مقدمتها عائلة الحسيني وكان لأصحاب هذه الوظائف نفوذ ديني واجتماعي وسياسي كبير فقد نجح أفراد هذه العائلات بإقامة علاقات وثيقة مع رجالات الحكم في استانبول ونجحوا في تدعيم وضعهم الاقتصادي من شراء عقارات وأراضي زراعية إلي إقامة معامل الصابون .
كانت شخصية المفتي الدينية تأتي بعد القاضي وكان يعين من قِبَل شيخ الإسلام في استانبول من بين العلماء حسني السمعة من العائلات المقدسية حيث كان المفتي يتمتع بوجاهة اجتماعية حيث أنه من الشخصيات الهامة التي تعتمد عليها الحكومة المركزية في استانبول ، أما شيخ الحرم فكان مسئولاً عن المئات من الموظفين والعلماء العاملين في الحرم فهو مسئول عن توزيع المخصصات المالية التي تتحصل من الأوقاف أو ترسل من استانبول .
أما نقيب الأشراف فكان مسئولاُ عن رعاية مصالح الأشراف المنتسبين الي رسول صلى الله عليه وسلم وكانت حدود وظيفته تشمل الإشراف في القدس وفي المدن الفلسطينية من جنين حتى غزة ( ).
كانت فرمانات السلاطين العثمانيين توجه عادة إلي القاضي ثم المفتي ثم النقيب ويليهم المستلم أي حاكم مدينة القدس.
حافظ السلاطين العثمانيين علي إرسال هبه سنوية تُدعى الصُرَّة تقدم إلي العاملين في المسجد الأقصى وفي الخدمات الدينية في مدينة القدس .
طرأت علي القدس تغيرات كبيرة في القرن التاسع عشر إدارية واقتصادية وعمرانية وثقافية ، حيث وضعت الدولة العثمانية تنظيمات لتجديد حياتها واللحاق بركب الحضارة الغربية الحديثة ومواجهة التحديات المتمثلة في التغلغل العربي وأوضح مثال لما يكون هذا التغلغل هي مدينة القدس حيث تسابقت الدول الغربية وإرسالياتها الدينية والمنقبون عن الآثار فيها إلي إنشاء المؤسسات المختلفة إلي جانب المؤسسات الصهيونية التي أنشئت ضمن الحملة العامة للسيطرة علي مدينة القدس والقضاء علي طابعها الإسلامي .
كان من ثمرات هذه التنظيمات إنشاء أول بلدية في القدس عام 1883م وتحويل سنجق القدس إلي سنجق مستقل يرتبط رأساً بإستانبول عام 1874م وتحديث الجهاز الإداري وإنشاء مصالح حكومية جديدة وإصلاح المحاكم وأجهزة القضاء، وتحسين أوضاع الأمن في القدس وانجاز أعمال عمرانية كثيرة ذات شأن :من رصف شوارع مدينة القدس وإنشاء مجاري فيها وفتح عيادات طبية مجانية وتأسيس مستشفى تابع للبلدية " المستشفى البلدي " ، وإنشاء سكه حديد بين القدس ويافا وإنشاء مستشفى عسكري وافتتاح متحف الآثار وبناء المدرسة الرشيدية وإصدار قانون يمنع البناء دون تراخيص
إن هذا الحب والشوق لبيت المقدس الذي أولاها السلاطين العثمانيين من فرحهم بزيارة القدس والصلاة فيها والعمل على تعميرها طوال أربعة قرون عاشتها القدس في كنف العثمانيين .
كانت أربعة قرون من الحب والإجلال لأولى القبلتين وثالث الحرمين الحب والعشق الذي لم يفنى، بل كان وما زال يتجدد في نفوس الأتراك المسلمين حتى يومنا هذا .
الأطماع الصهيونية في القدس:
لم تنفرد مدينة القدس بالأطماع الصهيونية فهي ما تزال تحظى بالنصيب الأوفر من الأطماع الصهيونية من أجل تهويدها وإلغاء طابعها العربي الإسلامي فقد استهدفت المخططات الصهيونية منذ البداية تطويق القدس من مختلف جهاتها بغية الاستيلاء عليها باعتبارها الرمز الذي ألهب خيالات الصهيونيين الذين أطلقوا العنان لأطماعهم في تهويدها هي والأراضي العربية المحتلة بعد الخامس من يونيو 1967 م، وقد عبَّرت إسرائيل عن أطماعها الخاصة في مدينة القدس بالإشارة إلي موافقتها من حيث المبدأ علي المفاوضات المباشرة مع الدول العربية للبحث في مستقبل الأراضي العربية المحتلة باستثناء مدينة القدس .
وهذه النظرة هي أصل الفكر الصهيوني الذي يرى في مدينة القدس رمزاً وتجسيداً لآمال الشعب اليهودي في صلاته ودعائه من أجل الخلاص .
تتميز الأطماع الصهيونية في القدس بطابع ديني خاص ، فهي ليست عاصمة سيدنا داود وسليمان السياسية فحسب وإنما هي العاصمة الدينية التي لا يمكن للإله أن يستقر أو يُعبد إلاَّ فيها ... الرب اختار صهيون واشتهاها مسكنا له ...." المزمور132" لذلك " فإعادة صهيون " واجب ديني عند اليهود ... على أنهار بابل جلسنا ، بكينا عندما تذكرنا صهيون ، إن نسيتك يا أورشليم تنسى يميني، ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك ، إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحي " " المزمور137" ومن أقوال هرتزل في مؤتمر بال عام 1897م "... إذا حصلنا يوماً علي القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً علي القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساُ لدى اليهود فيها وسوف أدمر الآثار التي مرت عليها القرون " وفي قولٍ يُنسب إلي بن غوريون "... لا معنى لفلسطين بدون القدس ولا معنى للقدس بدون هيكل "( )
كان الاستيطان في مدينة القدس من أهم ركائز الدعوة الصهيونية التي ظلت تردد أحد مزاعم اليهودية التي تقول : "... أقدامنا كانت تقف عند أبوابك يا قدس ، يا قدس التي بقيت موحدة ".
وبتركيز الحركة الصهيونية علي مدينة القدس وإثارتها للمشاعر الدينية تمكنت من الحصول علي دعم يهود العالم لأهمية مدينة القدس الروحية في الديانة اليهودية مستغلة ما للقدس من حرمة فريدة في نظر اليهود لوجود جدار المبكى فيها متخذةً من ذلك ذريعة دعائية متحالفة مع الاستعمار لاغتصاب مدينة القدس وقهر الإرادة العربية والإسلامية بالقوة العسكرية ( ).
إن أطماع الحركة الصهيونية بالقدس جزء من المخطط الصهيوني الشامل الذي جرى تنفيذه علي مراحل منذ نهاية القرن التاسع عشر ومن وسائله الهجرة الكثيفة والاستيطان الواسع ودائرة النفوذ التي لا تنحصر في فلسطين بل تمتد لتشمل البلاد العربية المجاورة لها بزعم أنها وطنهم التاريخي " أرض إسرائيل " وأنهم الأحق بها دون العرب ففي قولٍ للحاخام حاييم لانداو "... إن روح شعبنا لا تستطيع التعبير عن نفسها إلاَّ إذا عادت الحياة القومية إلي أرضنا من جديد لأن ...القبس الإلهي لا يؤثر في شعبنا إلا وهو في أرضه ".
يقول الحاخام الصهيوني كوك"... ليست أرض إسرائيل شيئاً منفصلاً عن روح الشعب اليهودي ، إنها جزء من جوهر وجودنا القومي ومرتبطة بحياتنا ذاتها وبكياننا الداخلي ارتباطاً عضوياً " ويقول الحاخام القبالي "... نحن شعب لا يليق بنا أن نلقب بإسرائيل " المدافعين عن الله " إلاَّ إذا كنا في أرض إسرائيل ( ).
ويتبين مما سبق صعوبة دراسة الأطماع الصهيونية في مدينة القدس إلا ضمن إطار عام يشمل الأطماع الاستعمارية الصهيونية السياسية والاقتصادية التي تسترت وراء غايات دينية لكسب العطف والتأييد من جماهير اليهود للسيطرة علي فلسطين والمنطقة العربية، وإن كانت الدوائر الاستعمارية الصهيونية لا تغفل أهمية مدينة القدس العسكرية والجغرافية والاقتصادية ومكانتها الدينية ( ).
كان موضوع الرجوع إلي مدينة القدس وتأسيس دولة يهودية في البلاد المقدسة تمتد من الفرات إلي النيل حلم بعض اليهود ممن رفضوا الاندماج في المجتمعات التي أقاموا بداخلها ، ولقد وُضعت التصميمات الأولية لتحويل هذه الأحلام إلي دنيا الواقع في المؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في مدينة بازل السويسرية عام 1897م وجرى تنفيذها علي مراحل وكان أبرزها ما يلي :-
المرحلة الأولى ( 1897 م-1917م) :
شكَّل المؤتمر الصهيوني الذي عًقد في مدينة بازل السويسرية عام 1897م برئاسة ثيودور هرتسل محطة رئيسية في محاولات اليهود للتسلل إلي فلسطين عامة والي القدس خاصة عبر قرون، وقد التقى الصهيونيين آنذاك مع أطماع الاستعمار الامبريالي الغربي وتآمر الفريقان علي إقامة حاجز بشري غريب يفصل عرب أفريقيا عن عرب أسيا ويكون قاعدة قوية ومساندة للاستعمار وللامبريالية وسط الأقطار العربية الساعية للتطور وعرقلة نموها واستقلالها واتحادها، مما أدى إلي صدور وعد بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917م الذي تعهدت بموجبه بريطانيا العظمى آنذاك بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ونكثت عهودها التي قطعتها لحلفائها العرب برئاسة المغفور له الملك حسين بن علي في العام 1916 بالمساعدة لإنشاء دولة عربية تضم الحجاز وسوريا والعراق وفلسطين والأردن .
المرحلة الثانية (1918 م-1948م) :
مرحلة الانتداب البريطاني علي فلسطين ما بين عامي 1918م و 1948م التي كرست بريطانيا جهودها خلالها لتنفيذ وعد بلفور وكانت نتائجها : تدفق الهجرة اليهودية في ظل الحرب البريطانية أولاً، والمساعدات الألمانية والأمريكية ثانياً، ومواصلة المقاومة العربية الفلسطينية ثالثاً ، وقد أدت تلك الهجرة إلي ارتفاع عدد السكان اليهود في فلسطين من 56 ألفاً عام 1918م مقابل 644 ألف عربي (مسلم ومسيحي) إلي حوالي 650 ألفاً من اليهود مقابل 1400000 عربي (مسلم ومسيحي ) في آخر الانتداب البريطاني عام 1948م.
كما أدت إلي ارتفاع عدد اليهود في القدس من حوالي عشرة آلاف عام 1918م وكانوا يشكلون حوالي 25% مقابل حوالي ثلاثين ألفاً من العرب ( المسلمين والمسيحيين) وكانوا يشكلون حوالي 75% من سكانها ثم ارتفع عددهم ما بين عامي 1920م و1925م فأصبحوا يشكلون 33% من سكان القدس ويمثلون بمجلسها البلدي بأربعة أعضاء مقابل ستة أعضاء مسلمين واثنين مسيحيين عرب ، وأصبح عددهم في نهاية الانتداب يقارب مائة ألف ويمثلون في المجلس البلدي بنصف أعضائه مقابل مثلهم من العرب المسلمين والمسيحيين .
أدت عمليات الاستيطان الإسرائيلي التي تمت نتيجة للتشريعات المخالفة لصك الانتداب ولحقوق الإنسان إلي رفع نسبة ملكية الأراضي الفلسطينية لليهود فيها من حوالي 2% عام 1918م إلي حوالي 5.66% في أخر عهد الانتداب البريطاني عام 1948م مقابل 94% للعرب عام 1918م و 92% لهم عام 1948م و2% للأجانب ورفع نسبتها لليهود في القدس من حوالي 4% عام 1918م إلي حوالي 14% في آخر عهد الانتداب البريطاني "15/5/1948 م" و 2% للأجانب.
المرحلة الثالثة ( 1948 م- 1967م):
وقد تم خلالها إنشاء دولة إسرائيل واغتصابها بمساعدة الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة لمعظم أراضي فلسطين العربية وطرد أكثر من مليون عربي فلسطيني منها ومصادرتها لجميع أملاكهم المنقولة وغير المنقولة ومنع عودتهم إليها خلافاً لقرارات الأمم المتحدة و فتح أبواب الهجرة اليهودية علي مصراعيها وقد أدت هذه الاعتداءات إلي رفع عدد السكان اليهود من حوالي 650 ألفاً عام 1948م حوالي 2400000 في عام 1967م ومن وضع اليد الإسرائيلية بالقوة علي ما يقرب من 70% من مساحة أراضي فلسطين .
كما تم خلال هذه المرحلة تقسيم مدينة القدس إلي قسمين : قسم تم ضمه إلى المملكة الأردنية الهاشمية ، وقسم احتله الجيش الإسرائيلي عام 1948م ووضع يده علي مساحة حوالي 80% من مساحة المدينة وطرد ستين ألفاً من أهلها العرب المسلمين والمسيحيين منها ، ومصادرة أراضيهم وأملاكهم ، ومنع عودتهم إليها خلافاً لقرارات الأمم المتحدة المتواصلة التي تنص علي حقهم في العودة وتقرير المصير.
وأدت هذه الاعتداءات إلي رفع عدد السكان اليهود في المدينة من حوالي مائة ألف عام 1948م إلي حوالي 190 ألفـاً في عام 1967م وانخفاض عدد العرب بسبب عدم السماح بعودة اللاجئين منهم من حوالي مائة ألف في أوائل عام 1948م إلي حوالي 35 ألف بعد حرب عام 1948م ثم ارتفع إلي حوالي 75الف عام 1967م كما أدت إلي ارتفاع الملكية الإسرائيلية علي الأراضي فيها من حوالي 14% في أوائل عام 1948م إلي حوالي 73 % قبل حزيران/يونيو 1967م مقابل حوالي 84 % كانت للعرب وحوالي 2% للأجانب في أوائل عام 1948م وأصبحت قبل حرب حزيران عام 1967م تشكل 25% للعرب وحوالي 2% للأجانب .
المرحلة الرابعة (1967 م-1986م) :
وهي التي بدأت باحتلال باقي فلسطين وتشمل أجزاء الضفة الغربية وقطاع غزة والقسم الثاني من القدس في أعقاب حرب حزيران/يونيو 1967 ومباشرة التهويد نهائياً فيها ، ضمن عدد من الإجراءات العسكرية والإرهابية والتشريعية والإدارية خلافاً لاتفاقيات جنيف وحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ( )
و فيما يلي أبرز ما اتخذته السلطات الإسرائيلية لتنفيذ عملية تهويد مدينة القدس :_
1. الإرهاب كوسيلة لطرد السكان.
2. النسف والهدم.
3. ضم القدس إدارياً وسياسياً لإسرائيل.
4. عزل القدس عن القرى والمدن العربية.
5. تهويد الاقتصاد العربي.
6. إجراء إحصاء لسكان القدس بعد الاحتلال.
7. مصادرة أملاك الغائبين.
8. نهب أملاك المقيمين ومصادرتها.
9. الحفريات الهدف الذي تسعى وراءه وزارة الأديان الإسرائيلية بواسطة عمليات الحفريات التي تجريها الكشف الكامل عن حائط المبكى وهدم المباني الملاصقة له وإزالتها.
10. إجلاء السكان العرب عن الأراضي والعقارات المصادرة بالقوة.
11. الاستيطان الإسرائيلي علي الأراضي والأحياء العربية المصادرة في القدس.
12. تهويد القضاء النظامي والشرعي الإسلامي.
13. تهويد التعليم العربي.
14. تهويد الإنسان العربي.
15. الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة لتهويد الحرم القدسي الشريف وهدم المسجدين الأقصى المبارك والصخرة المشرفة بدءً بالتصريحات وإعلان المطامع فقد شرحت دائرة المعارف اليهودية أن هدف اليهود هو هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة لإقامة هيكل سليمان على أنقاضهم، ولذلك تم هدم حي المغاربة والعقارات الإسلامية خلف الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف وكذلك تم مصادرة أربعة أحياء عربية ملاصقة ومجاورة للحرم القدسي من الجهة الغربية وقد تم أيضاً تطويق الحرم القدسي الشريف بالحفريات واغتصاب سلطات الحكم العسكري لباب المغاربة ، وكذلك الاعتداءات بواسطة الصلوات اليهودية بإباحة الصلاة لليهود داخل الحرم القدسي الشريف ، وكذلك إحراق المسجد الأقصى المبارك والمحاولات المتكررة لمواصلة هدم المسجدين (الأقصى المبارك والصخرة المشرفة) بالاعتداءات المسلحة ووضع اليد الإسرائيلية على مقبرتي الرحمة واليوسوفية الملاصقتين للحرم القدسي الشريف من الجهة الشرقية وضمهما لمنتزه إسرائيل الوطني .
16. الاعتداءات علي الأماكن المسيحية الدينية والمقدسة ورجال الدين المسيحي.
17. إغلاق دائرة الشؤون الاجتماعية العربية.
18. إبعاد المواطنين.
19. تغيير أسماء الشوارع والطرق والساحات العامة.
20. تنفيذ قانون إسرائيلي للتعويض عن أملاك العرب المقيمين في القدس
21. إقرار مشروع تنظيم مدن إسرائيلي جديد للقدس ولضواحيها
22. فك موتورات ومضخات محطات مياه أمانة القدس ونقلها
23. اعتداء سلطات الاحتلال الإسرائيلي علي شركة كهرباء محافظة القدس وعلي حقوق أمانة القدس فيها.
24. المشروع الإسرائيلي للقدس الكبرى.
25. مصادرة عمارة المستشفى العربي الجديد خارج السور وإغلاق مكاتب الخدمات الصحية ومستشفى الهوسبيس العربي في البلدة القديمة في القدس.
26. الاعتقال والسجن والتعذيب.
27. العقوبات الجماعية الظالمة التي تقوم بها سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي ضد مدينة القدس كحلقة من حلقات الإرهاب لتضييق مناحي الحياة على أهل القدس لحملهم على النزوح من مدينتهم .
28. تكريس ضم القدس سياسياً لدولة الاحتلال الإسرائيلي( )
توصيات الدراسة :
- الدعوة إلى وقف كافة أشكال التطبيع مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
- العمل على توحيد الخطاب السياسي والإعلامي العربي والإسلامي .
- دعوة جميع الأطراف والفصائل الفلسطينية لتعزيز الوحدة الوطنية، وعدم التفريط بالثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها قضية القدس .
- العمل على تعزيز الوعي بقضية فلسطين عامة والقدس خاصة، من خلال مناهج التربية والتعليم في الوطن العربي والعالم الإسلامي.
- دعوة وزراء الأوقاف في العالمين العربي والإسلامي، لحث الخطباء على تكريس مواعظهم عما يدور في القدس.
- حث وزارات التربية والتعليم في العالم العربي والإسلامي على تخصيص برامج وأنشطة منهجية وغير منهجية تحت شعار " من أجل القدس " .
- الدعوة إلي وضع أجندة عملية لتحرير القدس ونصرتها ، وعدم الاكتفاء بعقد المؤتمرات وإصدار بيانات الاستنكار، التي تشجع المحتلين علي التمادي في عدوانهم.
- عقد وتنظيم المزيد من المؤتمرات والندوات حول مدينة القدس ، للتأكيد علي عروبتها وإسلاميتها ، خاصة في الدول الأجنبية ، لكسب التأييد والدعم السياسي للقضية الفلسطينية .
- إنشاء فضائية متخصصة للدفاع عن قضية القدس بصفتها رمزاً وقيمة من رموز الحرية والعدالة والسلام ، تبث بعدة لغات .
- إنشاء شركة عالمية متخصصة في الإنتاج الإعلامي المرئي والمسموع للدفاع عن قضية القدس وخصوصاً الأفلام التوثيقية التي تترجم لعدة لغات.
- العمل علي إنشاء موقع الكتروني متخصص في قضايا القدس بلغات عالمية و مجلة شهرية تعني بشؤون مدينة القدس.
- الدعوة لإعداد وتأليف موسوعة شاملة عن القدس .
- رصد الجوائز المالية والمعنوية للمسابقات الثقافية المتعلقة بالقدس والأبحاث العلمية لكل مرفق من مرافق القدس علي المستويين العربي والإسلامي .
- العمل علي إنشاء مشروع " وقف القدس" لدعم صمود أهلنا في المدينة المقدسة .
- إقامة مكتبة عامة في مدينة القدس .
- تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي في القدس ، وتشجيع مستثمرين فلسطينيين وعرب وأجانب علي توفير الدعم اللازم لتطوير صناعة السياحة والارتقاء بها.
- إنشاء مركز للدراسات والبحوث الخاصة بالقدس في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية والتراثية والتاريخية والأدبية والاجتماعية والسكانية والتعليمية لإبراز دور القدس في حركة التاريخ العالمي .
- تفعيل الإنتاج الإعلامي الخاص بالقدس في وسائل الإعلام الوطنية والعربية والإسلامية والعالمية، والإنفاق على مسلسلات وتمثيليات وبرامج متخصصة ومتنوعة وفق خطة مدروسة بحيث تبقى القدس أنشودة يرددها الكبار قبل الصغار .
- ضرورة تبني سياسة إعلامية واحدة موحدة ومعروفة المعالم مع التأكيد علي رفض تسويق سياسة حزبية معينة حتى لا يحدث تناقض بين الوسائل الإعلامية المختلفة.
- ضرورة تبني موضوع برامج التوعية بمكانة مدينة القدس السياسية من خلال وسائل الإعلام بالفعل وليس بالقول ، إن تطوير هذه البرامج في ظل الظروف التي يعيشها المجتمع يحتاج إلي تضافر جهود الجامعات ووزارة الإعلام الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم ومؤسسات المجتمع عموماً وصولاً إلي مستقبل أفضل لواقع الإعلام الفلسطيني في التوعية بمكانة القدس السياسية .
- الاستمرار في تقديم برامج التوعية بمكانة القدس وضرورة تعيين متخصصين للعمل فقط في هذه البرامج ، ويكونون قادرين علي الارتقاء بخدمة أبناء المجتمع الفلسطيني بجميع فئاته العمرية وذلك تحت شعار "وضع الشخص المناسب في المكان المناسب".
- تكثيف سبل التعريف بالبرامج وأهميتها وذلك عبر وسائل الإعلام ، وضرورة تكثيف الدورات واللقاءات بين العاملين في البرامج من مسئولين وغيرهم للتعرف علي الجديد من برامج وأنشطة لتبادل الخبرات فيما بينهم.
- تكليف كل طالب جامعي بإعداد نشاط واحد على الأقل كل فصل من قصائد أو مقطوعات شعرية أو رسومات أو خطب دينية أو معلومات جغرافية أو سياسية عن معالم فلسطين والقدس .
- تكوين لجان ثقافية إعلامية من طلاب الجامعات الفلسطينية تعمل علي زيادة الوعي لدى أبناء فلسطين من خلال ندوات و إرشادات توجه إلي المدارس لتوعية الجيل الناشئ بالقضية الفلسطينية وخاصة قضية مدينة القدس.
- توعية الشباب بالقدس من خلال حلقات علمية عن معالم فلسطين وخاصة القدس بشكل مستمر من خلال وسائل الإعلام بشكل دوري ومستمر .
- تأسيس مجلس أعلى للإعلام مكون من الخبراء والمهنيين والأكاديميين الإعلاميين ويضم ممثلين عن شريحة الشباب الجامعي .
- عقد ندوات بين طلبة الجامعات الفلسطينية علي مستوى الوطن من خلال الفيديو كونفرس وغيرها من وسائل التكنولوجيا ما بين طلبة مدينة القدس وطلبة قطاع غزة وباقي مدن الضفة .
- عقد مؤتمرات علمية حول القضية الفلسطينية ومدينة القدس بشكل دوري ومستمر ومترابط مع أبناء الوطن العربي .
- يجب علي واضعي المناهج الفلسطينية والعربية أن يضعوا كم كاف من المعلومات عن القدس لتأصيل الحق التاريخي والديني في المدينة المقدسة .
- زيادة عدد المقررات الدراسية عن مدينة القدس .
- عقد ندوات عن مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك .
- توعية الجيل الفلسطيني الناشئ بالقضية الفلسطينية وخطر تهويد القدس .
- إقامة الأمسيات والمسابقات الثقافية حول مدينة القدس والمسجد الأقصى لفضح المؤامرة الصهيونية التي تسعى إلي تغيير معالم مدينة القدس الدينية من هدم وإزالة المقدسات.
المراجع
1 - محمد أديب العمري : "عروبة فلسطين في التاريخ " –بيروت – المكتبة العصرية -صيدا1972.
2- الكتاب المقدس – سفر يشوع 63:15-والقضاة 10:19-وصموئيل الثاني7:5-أخبار الأيام الأول5:11
3 - جيمس هنري بريستيد :" العصور القديمة" -ترجمة داود قربان- المطبعة الأمريكانية- بيروت 1936.
-للمزيد : نسيب وهبة الخازن :"اوغاريت" –بيروت-دار الطليعة 1961.
4 - جواد علي :" المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" –بيروت 1969.
5 - مصطفى الدباغ : "بلادنا فلسطين" - دار الهدى –ق1-ج1- كفر قرع 2002 .
6 - عبد اللطيف الطيباوي :" القدس الشريف في تاريخ العرب والإسلام في كتابه دراسات عربية وإسلامية " –لندن-المركز الثقافي الإسلامي 1985 .
7 - عبد الرحمن بن محمد مجير الدين العليمي الحنبلي :"الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل" –عمان-ج 2-مكتبة المحتسب1973.
8 - أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي : " فضائل بيت المقدس " - معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية- الجامعة العبرية 1979.
9 - كامل جميل العسلي :" أجدادنا في ثرى بيت المقدس" –المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية-مؤسسة آل البيت -عمان1981.
10 - سمير شما :"النقود وعروبة القدس" –مجلة القدس الشريف –العدد العاشر كانون الثاني 1986.
11 - ابن جرير الطبري :" تاريخ الأمم والملوك" –دار الكتب العلمية-بيروت 2008.
12- عارف العارف :" تاريخ قبة الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى المبارك " القدس –مكتبة الأندلس 1959.
13 - شهاب الدين ابن تميم المقدسي : "مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام "–– تحقيق / أحمد الخطيمي – دار الجليل بيروت - الطبعة الأولى 1994م.
14 - عارف العارف :"المفصل في تاريخ القدس"-مطابع دار الأيتام الإسلامية الصناعية-ج1-القدس1961.
15 - كامل جميل العسيلي:" معاهد العلم في بيت المقدس"–عمان –جمعية عمال المطابع التعاونية 1981.
16 - ابن الأثير الجزري عز الدين :" الكامل في التاريخ " - دار الكتب العلمية – بيروت - ج8-بيروت 1987.
17 - كامل جميل العسلي :" من آثارنا في بيت المقدس " – جمعية عمال المطابع التعاونية -عمان 1982.
18 - يوسف بن تغريد بردي "جمال الدين أبو المحاسن: " النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة " –مطبعة دار الكتب-القاهرة 1942.
19 - احمد المقريزي:" السلوك لمعرفة دول الملوك " -القسم 1-جزء 1- القاهرة 1957.
20 - كامل جميل العسلي :" مخطوطات فضائل بيت المقدس " –عمان –مجمع اللغة العربية الأردني 1981.
21 - سعيد عبد الفتاح عاشور :"بعض أضواء جديدة على مدينة القدس في عصر سلاطين المماليك" –مجلد 1-عمان –كتاب المؤتمر الدولي الثالث لتاريخ الشام –الجامعة الأردنية –جامعة اليرموك 1983.
22 - كامل جميل العسيلي :"مجلة القدس الشريف" العدد7-عمان 1985-منشآت السلطان القانوني في بيت المقدس .
23 - كامل جميل العسلي:" وثائق مقدسية تاريخية " – (مجلد 1-مطبعة التوفيق –عمان 1983)-(مجلد 2-بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1985.
24 - عبد الكريم غرايبه:" سوريا في القرن التاسع عشر 1840- 1876" – القاهرة –معهد الدراسات العالية –دار الجيل 1981.
25 - جورجي كنعان : " سقوط الإمبراطورية الإسرائيلية"-بيروت –دار الطليعة 1980.
26 - خيرية قاسمية :" قضية القدس "-بيروت-دار القدس 1979.
27 - محمد عزه دروزة :"العدوان الإسرائيلي القديم والعدوان الصهيوني الحديث على فلسطين وما جاورها" -بيروت –دار الكلمة الجزء الأول 1979 .
28 -عبد الوهاب محمد المسيري:"الأيديولوجية الصهيونية –دراسة حالة في عالم الاجتماع " القسم الأول–الكويت 1983.
29 -للمزيد: عبد الوهاب الكيالي :" تاريخ فلسطين الحديث" –بيروت-مركز الأبحاث 1966
30 -للمزيد :1-أنيس الصايغ :" يوميات هيرتزل "- بيروت –مركز الأبحاث-منظمة التحرير الفلسطينية 1968
2-عبد الحميد السايح :"ماذا بعد إحراق المسجد الأقصى المبارك"-القاهرة-دار الشعب 1970
3- عبد الله التل :"جذور البلاء "- دار الإرشاد – بيروت 1971