منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By فيصل الهـزاع 1
#39933
النفط أم الديمقراطية؟


في عددهـا الخاص بشهري أيلول وتشرين الأول ، أعادت مجلة (فورين أفيرز) إلى الأذهان الثنائية المعروفة حـول وجود النفـط بكميات كبيرة في بلد ما ، وما إذا كان نعمة أم نقمة؟. الجواب المبسط يقـول أن البترول نعمة شريطة حسن استخدام الإيرادات ، لكن هـذا الشرط نظري وغير قابل للتطبيق عملياً.

المقال الافتتاحي في المجلة الذي كتبه أسـتاذ العلوم السياسـية في جامعة كاليفورنيا مايكل روس يلاحظ بأن النفط والديمقراطية لم يجتمعا في أي بلد ، وأن وجـود الثروة النفطية يـؤدي حتماً لقيام حكم اسـتبدادي بعيـد عن الديمقراطية ، والأمثلة متوفرة بكثرة.

صحيح أن الدول البترولية ، سـواء كانت في العراق أو دول الخليج أو ليبيا أو الجزائر أو فنزويلا أو غيرهـا لا تعرف الديمقراطية ، ولكن البعض يدّعي أن هذه الحقيقة حدثت بالصدفـة ، وأن هناك أنظمة اسـتبدادية وشـمولية بدون بتـرول ، وليس هناك نظرياً ما يمنع من توفر الثروة النفطية والحكـم الديمقراطي.

يقـول الباحث أن البترول يسـمح للحاكم بشـراء سكوت المواطنين بالإغداق عليهم ، وهو في العـادة يجعل أمول الماليـة العامة سراً من أسـرار الدولة ، فلا يعرف الناس حجـم المال الذي تدفق لحساب السلطة ، وبالتالي لا يعرفون حجـم الإسراف والمبالغة في شـراء السلاح.

يخشى الباحث أن يغرق الربيع العربي في بحر البترول العربي ، ولذلك يقدم اقتراحات محددة لمعالجة ظاهرة توظيف الثروة النفطية لاستبعاد الديمقراطية ، ولكن اقتراحاته جـاءت هامشية وغير مقنعـة ، وأهمها مطالبـة الدول المستوردة بالتصريح عن المبالغ المدفوعة لكل دولة نفطية ثمنـاً لمستورداتها من النفـط.

هـذه الخطوة لن تأتي بجديد ، فالقاصي والداني يعرف كميـات البترول المصدرة يومياً من كل دولـة ، ويعرف السعر العالمي ، ويستطيع بالتالي أن يحسب حجـم المال المتدفق إلى حكومات الدول النفطية التي لا تمارس الشفافية ولا تخضع للمحاسبة.

قد يكون البترول نقمة بالمقياس الديمقراطي ، ولكنه نعمة بمقياس مسـتوى المعيشة والنمو الاقتصـادي. وحتى الذين يعتبرونه نقمة يسـعون لاستكشافه والاسـتزادة من هذه النقمة.

المشـكلة الكبرى أن يكون سـلوكنا سلوك دولة نفطيـة ولكن بدون نفط ، وأن نعتمد كمصدر للتمويل على المديونيـة في غياب إيرادات النفـط ، وبدلاً من نقمـة البترول نتعاطى نقمـة الديون.

د. فهد الفانك