منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#40301


قيس العبيدي 
الحوار المتمدن - العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 05:08 

من الصعوبة استخدام مصطلح الدبلوماسية بسهولة لوجود اختلافات في الستراتيجيات والأساليب التي انتهجتها النشاطات العربية على مدى سنين عديدة لان العمل الدبلوماسي هو وسيلة سياسية تفضلها اغلب الدول لتجنب الصراع المسلح وتسعى الدبلوماسية الى إيجاد الحلول المناسبة لحل الخلافات بين خصمين متنازعين لان جوهر اللعبة الدبلوماسية هي المقدرة على المحاورة والإقناع والتوصل لنتائج متوازنة.
لقد بدأ العمل الدبلوماسي العربي متواضعاً لان بعض الدول العربية كانت خاضعة للاستعمار والحاصلة على استقلالها كانت مقيدة باتفاقيات عسكرية مع الانكليز بعدها قامت الدول العربية والمؤسسة لجامعة الدول العربية بالنشاط الدبلوماسي البسيط ومن خلال مجلس الامن طالبت باستقلال البلدان العربية الخاضعة للاستعمار والإسراع بانهاء نظم الانتداب والوصاية على من فرضت عليه وكانت القضية الفلسطينية من اولويات اهتماماتها.
لقد واجه العمل الدبلوماسي العربي من خلال جامعة الدول العربية الكثير من المعضلات أبرزها عدم مصداقية وزراء الخارجية العرب بمواقفهم اتجاه الأزمات والقضايا المصيرية وتغيب اغلبهم عن الاجتماعات الطارئة خلال الأزمات فيحضرها المندوبين بالنيابة عنهم مما يفقد تلك الاجتماعات أهميتها.
1-الدبلوماسية العربية ودورها تجاه القضية الفلسطينية
يصعب إعطاء تغطية تفصيلية لدور الدبلوماسية العربية تجاه القضية الفلسطينية وإعطاءها حقها في هذا البحث القصير الا أنه سيتم التركيز على العلاقات الدبلوماسية عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في 28 أيلول 2000، لقد بادرت الدول العربية إلى جلسات طارئة ومؤتمرات قمة عربية لمتابعة الازمة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي وكانت مصر سباقة لعقد مؤتمر قمة طارئ في شرم الشيخ حضره المعنيون وكذلك الرئيس الامريكي بيل كلنتون لمحاولة ايجاد منفذ للنزاع ثم تبعتها مبادرة مصرية – اردنية بعدها قمة عربية اخرى تكفلت الدول العربية بتقديم الدعم المادي للسلطة الفلسطينية يقدر بحدود (بليون) دولار في وقت كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تقوض البنية التحتية الفلسطينية اضافة الى دور الشعب العربي وتقديمه التبرعات والمساعدات للشعب الفلسطيني وكان هذا يمثل التعبير الصادق لعمق العلاقات العربية – الفلسطينية وان المبادرة العربية عبرت عن نضج الفكر السياسي العربي تبعها مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز عام 2002 الذي وضع فيها برنامجاً للسلام.
ان تصاعد تفعيل القضية الفلسطينية دفع العالم العربي إلى محاولة العمل يداً واحدة وقد تسللت الانتفاضة الى شوارع العواصم العربية حيث وقعت احتجاجات واسعة النطاق تؤيد الانتفاضة.
2- هناك بعض العوامل التي وقفت حائلاً أمام نجاح تلك المبادرات العربية وأبرزها:
أ‌-أن الحكومة الإسرائيلية التي تنتمي إلى معسكر سياسي وخلفية عقائدية لا يتفقان مع أي مبادرة عربية تستند إلى الشروط المرجعية لعملية السلام والى القيود ذات العلاقة التي يفرضها القانون الدولي.
ب‌-أن تركيبة الإدارة في واشنطن تعمل بالتغذية العكسية المضادة للدبلوماسية العربية.
ت‌-الإدارة الأمريكية خلال المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية كانت مواقفها أكثر انحيازاً لإسرائيل وهي أكثر تجاهلاً واهمالاً للحقوق والمطاليب المشروعة للشعب الفلسطيني.
ث‌-أن رئيس وزراء إسرائيل السابق (ارئيل شارون) كان العامل الحاسم في إهمال المبادرة العربية وهو المسؤول عن تضييع فرص تاريخية قد تكون حلاً فيما يتعلق بالأهداف النهائية والمشروعة لإسرائيل.
3- دور الدبلوماسية العربية في الحرب العراقية - الإيرانية
أ‌-لم تكن الحرب العراقية - الإيرانية والتي استمرت لثماني سنوات هي مجرد حرب ذات طابع عسكري بل تطورت خلال سنوات الحرب لتكن حرباً اقتصادية وسياسية وحدودية بين نظامين مختلفين بالأيدلوجية ونهج السياسة الخارجية، ولان القوى العالمية لم تكن غائبة عن تداعيات تلك الحرب وتأجيجها والسعي لاستمرارها لأطول فترة ممكنة لكي تخدم مصالحها بأثقال الحكومتين العراقية والإيرانية بمشاكل اقتصادية وأعباء مالية ضخمة لتلقي بظلالها وثمارها لإضافة استقرار نسبي لإسرائيل وهذه الحرب سهلت بل أوجدت غطاء قد يكون شرعياً للولايات المتحدة الأمريكية بالتواجد كقوة عسكرية في الخليج العربي.
ب‌-ان العمل الدبلوماسي كان واضحاً وعلنياً من قبل السياسة العراقية اذ بعد (5) أيام من اندلاع الحرب أعلنت مطاليبها من الحرب مع إيران واستعدادها لوقف أطلاق النار من جانب واحد وابرز تلك المطالب هي اعتراف إيران بسيادة العراق على مياهه الإقليمية في شط العرب وإنهاء احتلال الجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وكان موقف العراق من الجزر العربية الثلاث مطلب نابع من موقف عسكري رصين في جبهات القتال وبنفس الوقت ذات رؤية دبلوماسية يمكن ان يطغى عليها مفهوم (دبلوماسية القوة) .
ت‌-لقد خلقت الحرب العراقية - الإيرانية موقفاً حرجاً لدول الخليج العربي لان المنتصر منها سيفرض سيطرته على دول الخليج العربي والمنطقة وفق التحليلات السياسية إلا أن دول الخليج ومن خلال مواقفها الدبلوماسية المعلنة منها والسرية قررت الوقوف إلى جانب العراق وقد فرضت مواقف التأييد الخليجية للعراق التزامات سياسية وعسكرية ومالية ونفطية تجاه العراق وبلغت مساهمة دول الخليج العربي للعراق في جهوده العسكرية أثناء الحرب مع إيران بحدود (200) مليار دولار، كما جمعت الكويت والسعودية (300) ألف برميل نفط يومياً لتعويض تعثر العراق إنتاجه النفطي بسبب الأضرار التي لحقت بمنشآته النفطية.
ث‌-أن الدعم الخليجي كان غير مستقراً ويتغير أحياناً تبعاً لتغيرات المعارك في جبهات القتال أي أن الدعم الخليجي لم يكن مطلقاً بقدر علاقة ذلك الدعم بالمصالح الستراتيجية العليا.
ج‌-أما الدول العربية الأخرى فقد انقسمت بين مناصر للعراق ومؤيد لإيران حيث أيدت سوريا وليبيا إيران بحربها ضد العراق وأوقفت سوريا تصدير النفط العراقي الخام عبر أراضيها وقدمت ليبيا الدعم اللوجستي لإيران أما مصر فقد كانت داعمة للعراق بشرياً من حيث (العمالة الوافدة) وعسكرياً من حيث تأمين الاعتدة ولنأخذ المملكة العربية السعودية وحدة قياس كأكبر دولة خليجية وموقفها تجاه العراق وإيران ومن تلك المواقف الايجابية هي السماح للحجاج الإيرانيين بزيارة العتبات المقدسة وسعت للوساطة لحل الأزمة بين العراق وإيران وقدمت للعراق مساعدات مالية وسياسية ومعلوماتية وعلى ضوء الموقف السعودي قامت إيران بحملة دعائية معادية للعرب بشكل واسع النطاق واعترضت على مساعدة العرب للعراق وقامت بتهديدهم بأنه في حالة ما تأكد لهم دعمهم للعراق فأنها ستمد جبهة الحرب إليهم وجاء هذا التهديد في خطبة (للإمام خامنئي) فقد قال (لقد أردنا من مجلس التعاون الخليجي الضغط على العراق لإيقاف إشعال الحرب فاذا لم يستجب العراق لهذا المطلب فليوقفوا (أي الدول العربية) دعمهم للعراق لن نحاربهم أما إذا ساعدوا العراق فبالطبع لن نتجاهل ذلك) .
ح‌-كما أكد وزير الخارجية السعودية على خطورة توسيع الحرب العراقية – الإيرانية وأكد ان حكومته وحكومة البحرين والكويت سيساعدان على إطفاء نار الحرب وذلك بشهر تموز عام 1986 حيث قام وزير الخارجية السعودي بزيارة لإيران وكان موضوع الحرب العراقية – الإيرانية محور المباحثات الرئيسية الا ان تلك المباحثات لم تقطف ثمارها لتعصب الوفد الإيراني المفاوض حيث تلى ذلك نشوب مشاكل بين إيران والمملكة العربية السعودية ومنها الهجوم على سفارة المملكة العربية السعودية في طهران.