الاصلاح السياسي الناجح-جاسم الصغير
مرسل: الأحد ديسمبر 04, 2011 1:02 pm
يعد الاصلاح السياسي في هيكلية ومؤسسات أي بلد وباطار ديمقراطي مسألة باتت من الاهمية بمكان لا يمكن ان نتجاهلها لأنها اصبحت سمة من سمات العصر وخاصة في دول العالم الثالث المعروفة بعزوفها وببطئها في اجراء أي اصلاح سياسي لان الحياة السياسية في العالم الثالث تختلف كثيرا عنها في باقي دول وامم العالم المتطورة التي خطت خطوات كبيرة جدا في عملية الاصلاح السياسي وشيدت دولاً ذات منحى حكم مؤسساتي وبالتالي بناء مؤسسات وتقاليد سياسية عريقة باطار ديمقراطي عصري هادئ ومن غير تقلبات سياسية على غير الوضع في العالم الثالث الذي هو اغلبه ذو منحى استبدادي باحتكار السلطة ومؤسسات البلاد وهي أنظمة غالباً مايسيرها رجل واحد فارضا رأيه ورؤيته على الوضع السياسي والحياتي في البلد واستمر الحال هذا في العقود السابقة وشهدنا وجود الحكومات الدكتاتورية القمعية والتي الغت كل وجود للدولة وعززت سيطرة السلطة وشخوصها على حساب مؤسسات الدولة السياسية والاجتماعية وافقرت البلاد من ناحية بناء تقاليد سياسية تسير بالبلاد مسيرة سياسية هادئة مما ترتب عليه نتائج وخيمة في تأخر وتطور الحياة السياسية وعلى تحديث الحياة السياسية حتى تستطيع أن تواكب التغيرات الحاصلة في العالم ومع وصولنا الى المرحلة الحالية والمعاصرة وحصول متغيرات كثيرة على الصعيد العالمي ومنها العالم الثالث انه لم يعد ملائما بقاء الحال على ما هو عليه في هذه المنطقة من استحواذ على السلطة لفترات وعقود طويلة وقمع سياسي ومنع الحريات وغيرها وأمام هذه المتغيرات شرعت كثير من الانظمة السياسية في هذه الدول في الشروع باجراء اصلاحات سياسية لمواكبة نزعة التغيير في العالم وبالطبع لا يغيب عن ناظر أي محلل سياسي ان هذه النزعة في الاصلاحات السياسية في الشرق الاوسط ومن قبل السلطات الحاكمة لم تأت إيماناً بهذه الاصلاحات بل رغبة في الاحتفاظ بكرسي السلطة لاطول فترة ممكنة وهذه المرة من خلال نغمة العصر من ديمقراطية وتعددية وعدة مرشحين لانتخابات الرئاسة زاعمين للناس صدق نوايا السلطة هذه المرة بمسالة تبني النهج الديمقراطي في تسيير الامور السياسية للبلاد على خلاف الذي حدث في الماضي ولكن هل هذا معقول أيمكن ان ينقلب الذئب الى حمل في يوم وليلة ان مسالة الاصلاحات السياسية في أي بلد باتت من الضرورة لا يمكن تجاهلها ولكن ان المهم في هذه الاصلاحات ليس النوايا الحسنة حتى وان توفرت بل المنهج العصري الملائم لذلك . ان الذي يحدث في اغلب دول الشرق الاوسط هذه الايام لا يعدو كونه صورة تقليدية للتقليد العصري الملائم لتلك النخب الحاكمة التقليدية التي تريد ان يجري هذا التغيير من خلالها ولا يؤثر هذا التغيير في سلطاتها فاي اصلاح هذا.. فالذي نراه اليوم في مصر مثلا التي تجري فيها انتخابات رئاسية لعدة مرشحين في آن واحد وهو لاول مرة وطبعا مع رجحان كفة مبارك مع فرصة باقي المرشحين او دعوة بعض الرؤوساء الى اجراء اصلاحات سياسية في بلادهم للمشكلات الكثيرة التي توجد فيها وعلى سبيل المثال: الغاء محكمة واحكام اللجان الثورية لحصول ظلم في الماضي للكثير من الناس بسببها ولنا ان نسال هذه اللجان من الذي انشاها ومن السبب في هذه التعديات على الانسان إن تفكير النخب الحاكمة لكثير منهم متهم بانه تفكير قاصر وتقليدي ولا يناسب المرحلة الراهنة فهم ما زالوا يتوهمون ان الاصلاح ينبع من فوق الى اسفل ومن رغبة حاكم أو سلطان يبديها وسرعان ما يحصل هذا الاصلاح وتعود الامور الى طبيعتها ولكن هل واقع الحال يتفق مع هذا التوصيف حسب تصوري كلا لان المنهج البناء والحقيقي للاصلاح السياسي الناجح لايتطلب عدة مرشحين للرئاسة في آن واحد وفي ظل الواقع الحياتي نفسه بل تغيير هذا الواقع السياسي والحياتي من أسفل إلى أعلى أي من القاعدة والأساس صعوداً إلى أعلى هرمية الدولة ، حيث يعمل على اجراء انتخابات لجمعية وطنية جديدة وتعطى ذات الفرص للاحزاب المتنافسة و تنتخب جمعية وطنيةجديدة ويدخلها نواب لاحزاب متعددة ومن غير اغلبية مطلقة لاحد الاحزاب بل التوازن السياسي هو السائد فيها والغاء أي قانون طوارئ او استثناء تقييد حركة الانسان او الحركة السياسية ومن ثم اجراء انتخابات سياسية لعدة مرشحين لمنصب الرئاسة وبذات الفرصة الممنوحة لهم وتشكيل وزارة او حكومة وطنية تضم اطياف المجتمع كافة وهذا هو الاصلاح السياسي الناجح ومن تجربتنا بعد سقوط الدكتاتورية في 9/4واتجاهنا في اصلاح ما فسد وذلك من خلال تبني منهج ديمقراطي ناجح فبدأنا في اجراء انتخابات مهدت الى تشكيل جمعية وطنية حقيقية ولجميع تيارات الفكر السياسي والاجتماعي التي ارتضت هذا النهج الديمقراطي وبشكل متوازن ومن ثم تشكيل هيئة الرئاسة وتشكيل الوزارة مكونة وحدة وطنية فكان الوضع السياسي الصحيح والسليم المحتوي للاهداف وهذه تجربة نتمنى للعرب ان يتعلموا منها من العراقيين ومن تجربتهم الرائعة.
الكاتب :جاسم الصغير
الكاتب :جاسم الصغير