- الخميس مارس 13, 2008 4:25 pm
#273
بسم الله الرحمن الرحيم
مادة / العلاقات الدولية في الإسلام (380) ساس
محاضرة ( 2 )
(موجز)
القائم على التدريس :د/أحمد وهبان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاهدة وستفاليا ومبادئ العلاقات الدولية
على إثر سنوات طوال من الحروب الدينية في أوربا بين أبناء الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية اجتمع كبار قادة القارة فى وستفاليا عام 1648 حيث أقروا جملة مبادئ اتفقوا على أن تحكم العلاقات الدولية ، آملين أن تحقق هذه المبادئ الاستقرار في العلاقات الدولية وأن يحول تطبيقها دون اندلاع الحروب الدينية من جديد ، بكل ما جرته هذه الحروب على القارة من ويلات وصراعات دامية وأحقاد مستعرة، وكان أبرز هذه المبادئ ثلاثة هي:
(1) مبدأ الولاء القومي
والذي قصد به أن يكون ولاء الأفراد والشعوب هو للجنسية (للقوم) وليس للكنيسة ، وأن تكون علاقة الفرد بالكنيسة علاقة خاصة كعلاقته بربه ، وعليه فيتعين الفصل بين الجانب العقائدي و أمور السياسة . وبالتالي يعني هذا المبدأ تأكيد فكرة العلمانية القائمة على الفصل التام بين الدين والدولة ، واعتبر المؤتمرون في وستفاليا أن من شأن هذا الفصل الحيلولة دون اندلاع الحرب الدينية مجددا.
(2) مبدأ السيادة
ويعني : سلطة الدولة في الانفراد التام بإصدار قراراتها داخل حدود إقليمها ورفض الامتثال (الخضوع) لأية قرارات خارجية إلا بإرادتها ، وعليه فإن الدولة سيدة قرارها ، والدولة سيدة في دارها (أي إقليمها الذي هو وعاء سيادتها) ، وإقليم الدولة هو النطاق الجغرافي الذي تمارس عليه سيادتها.
وهكذا تقوم العلاقات الدولية على جمع من دول تتمسك كل منها بسيادتها فتفرد باتخاذ قراراتها في الداخل وترفض الخضوع لأية قوة خارجية إلا بإرادتها ، وعليه تتأكد فكرة أن البيئة الدولية هي بيئة تعدد مراكز القوى بتعدد الدول ، وتتأكد كذلك حرية كل دولة في تحقيق مصالحها بكافة الوسائل (دون أية قيود عليها) بما في هذه الوسائل اللجوء إلي القوة المسلحة وعليها أن تتحمل العواقب.
إن كل دولة في البيئة الدولية تسعى إلي تحقيق مصالحها في ضوء قوتها ، كما أن مقدرتها على تبني وتحقيق أهداف طوح تتناسب طرديا مع حجم قوتها ( قوة قطبية "عظمى" أو قوة درجة ثانية"كبرى" أو قوة درجة ثالثة "صغرى") ، فأهداف الدولة العظمى تتضاءل إلى جانبها بطبيعة الحال أهداف الدولة الصغرى ...وهكذا.
(3) مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول
ويرتبط هذا المبدأ بسابقه ويؤكد عليه وهو يعني حق كل دول في اختيار كافة أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحياتية ...إلخ ،بحرية تامة ودونما تدخل من جانب أي قوى خارجية ، وقد ارتبطت العلاقات الدولية بهذا المبدأ لحقب طويلة ونص عليه بوضوح ميثاق الأمم المتحدة منذ نشأتها في عام 1945.
وهكذا فقد أراد المؤتمرون في وستفاليا من خلال هذه المبادئ أن يرسوا بيئة دولية تستمد استقرارها من المبادئ الثلاثة ، وتقوم على علاقات بين دول قومية ذات سيادة ترفض التدخل في شئونها الداخلية ، وتسعى بكل السبل إلى تحقيق مصلحتها القومية.
ويبقى التساؤل ماذا عن موقف الإسلام من هذه المبادئ الثلاثة؟ هل يتماشى مبدأ الولاء القومي مع مبادئ الإسلام؟ وماذا عن فكرة الدول ذات السيادة...هل الأصل في الإسلام هو وجود دولة واحدة للمسلمين؟ أو أن يجوز تعدد الدول الإسلامية؟ وهل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول يمكن أن يطبق كلية على العلاقات بين الدول الإسلامية وبعضها البعض؟ هذه كلها أسئلة سنجيب عنها في محاضرات قادمة بإذن الله.
#############
خالص أمنياتي.
مادة / العلاقات الدولية في الإسلام (380) ساس
محاضرة ( 2 )
(موجز)
القائم على التدريس :د/أحمد وهبان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاهدة وستفاليا ومبادئ العلاقات الدولية
على إثر سنوات طوال من الحروب الدينية في أوربا بين أبناء الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية اجتمع كبار قادة القارة فى وستفاليا عام 1648 حيث أقروا جملة مبادئ اتفقوا على أن تحكم العلاقات الدولية ، آملين أن تحقق هذه المبادئ الاستقرار في العلاقات الدولية وأن يحول تطبيقها دون اندلاع الحروب الدينية من جديد ، بكل ما جرته هذه الحروب على القارة من ويلات وصراعات دامية وأحقاد مستعرة، وكان أبرز هذه المبادئ ثلاثة هي:
(1) مبدأ الولاء القومي
والذي قصد به أن يكون ولاء الأفراد والشعوب هو للجنسية (للقوم) وليس للكنيسة ، وأن تكون علاقة الفرد بالكنيسة علاقة خاصة كعلاقته بربه ، وعليه فيتعين الفصل بين الجانب العقائدي و أمور السياسة . وبالتالي يعني هذا المبدأ تأكيد فكرة العلمانية القائمة على الفصل التام بين الدين والدولة ، واعتبر المؤتمرون في وستفاليا أن من شأن هذا الفصل الحيلولة دون اندلاع الحرب الدينية مجددا.
(2) مبدأ السيادة
ويعني : سلطة الدولة في الانفراد التام بإصدار قراراتها داخل حدود إقليمها ورفض الامتثال (الخضوع) لأية قرارات خارجية إلا بإرادتها ، وعليه فإن الدولة سيدة قرارها ، والدولة سيدة في دارها (أي إقليمها الذي هو وعاء سيادتها) ، وإقليم الدولة هو النطاق الجغرافي الذي تمارس عليه سيادتها.
وهكذا تقوم العلاقات الدولية على جمع من دول تتمسك كل منها بسيادتها فتفرد باتخاذ قراراتها في الداخل وترفض الخضوع لأية قوة خارجية إلا بإرادتها ، وعليه تتأكد فكرة أن البيئة الدولية هي بيئة تعدد مراكز القوى بتعدد الدول ، وتتأكد كذلك حرية كل دولة في تحقيق مصالحها بكافة الوسائل (دون أية قيود عليها) بما في هذه الوسائل اللجوء إلي القوة المسلحة وعليها أن تتحمل العواقب.
إن كل دولة في البيئة الدولية تسعى إلي تحقيق مصالحها في ضوء قوتها ، كما أن مقدرتها على تبني وتحقيق أهداف طوح تتناسب طرديا مع حجم قوتها ( قوة قطبية "عظمى" أو قوة درجة ثانية"كبرى" أو قوة درجة ثالثة "صغرى") ، فأهداف الدولة العظمى تتضاءل إلى جانبها بطبيعة الحال أهداف الدولة الصغرى ...وهكذا.
(3) مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول
ويرتبط هذا المبدأ بسابقه ويؤكد عليه وهو يعني حق كل دول في اختيار كافة أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحياتية ...إلخ ،بحرية تامة ودونما تدخل من جانب أي قوى خارجية ، وقد ارتبطت العلاقات الدولية بهذا المبدأ لحقب طويلة ونص عليه بوضوح ميثاق الأمم المتحدة منذ نشأتها في عام 1945.
وهكذا فقد أراد المؤتمرون في وستفاليا من خلال هذه المبادئ أن يرسوا بيئة دولية تستمد استقرارها من المبادئ الثلاثة ، وتقوم على علاقات بين دول قومية ذات سيادة ترفض التدخل في شئونها الداخلية ، وتسعى بكل السبل إلى تحقيق مصلحتها القومية.
ويبقى التساؤل ماذا عن موقف الإسلام من هذه المبادئ الثلاثة؟ هل يتماشى مبدأ الولاء القومي مع مبادئ الإسلام؟ وماذا عن فكرة الدول ذات السيادة...هل الأصل في الإسلام هو وجود دولة واحدة للمسلمين؟ أو أن يجوز تعدد الدول الإسلامية؟ وهل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول يمكن أن يطبق كلية على العلاقات بين الدول الإسلامية وبعضها البعض؟ هذه كلها أسئلة سنجيب عنها في محاضرات قادمة بإذن الله.
#############
خالص أمنياتي.