منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#41359
    لم يتعرض جهاز في العالم العربي، وأوشك أن أقول في العالم، للانتقاد كما تعرضت له الجامعة العربية. خلال الأشهر الماضية انتقدت الجامعة لأنها رفعت الغطاء العربي عن طاغية ليبيا، واليوم، تنتقد لأنها لم ترفع الغطاء عن طاغية الشام.

منذ بداية الثورة السورية واجهت الجامعة مختلف أنواع الهجوم لعدم تحركها ضد آلة القتل السورية، وتحملت، بصبر، نعتها بأبشع الصفات. وعندما توكلت على الله وتحركت انصبت عليها اللعنات من كل الأطراف.

النظام السوري اعتبر تحركها تدخلاً مشبوهاً في الشأن الداخلي بدفع من أطراف دولية تستهدف دوره المقاوم. مطالباً الجامعة بعدم تصديق قنوات الكذب، وداعياً إياها لمتابعة القنوات السورية التي تنقل بحيادية ومهنية ما يجري على الأرض. الحقيقة، وفقاً للقنوات السورية، هي ان جماعات سلفية مندسة، متحالفة مع صهاينة وأمريكيين، تقوم بقتل المدنيين.

أما المعارضة فرأت ان تحرك الجامعة ضروري، ولم يفتها الاستغراب من ان الخليط العجيب، الذي يحمله النظام مسؤولية القيام بأعمال القتل، يؤدي دوراً أعجب في الأحداث. إذ انه لم يستهدف، أبداً، المتظاهرين المؤيدين للنظام بل يقتل، حصراً، المعارضين له. ولا حاجة للقول إن أصدقاء النظام تبرعوا بالرد بأن هذه الحالة وقعت، أيضاً، في لبنان بعد اغتيال الحريري ولم تثر أي استغراب، فلماذا الاستغراب اليوم.. أليس هذا دليلاً على المؤامرة التي تستهدف الصمود السوري..!

المعارضة السورية انتقدت، بحدة، صيغة تحرك الجامعة واصفة إياه بالمؤامرة. هي تجادل بأن السعي للوصول لاتفاق مع النظام السوري قد تجاوزته الأحداث من خلال آلاف الشهداء الذين قدموا دماءهم قرباناً للحرية والكرامة، لذا فإنها تحث الجامعة للاتجاه رأساً إلى إقرار عقوبات على الحكومة السورية تبدأ من تجميد عضويتها وتنتهي بطلب التدخل الدولي لحماية المدنيين.

ليس هناك جديد في السجال حول الدور المفترض للجامعة. إلا ان ما يثير الاستغراب، على الأقل بالنسبة لي، هو مثابرة البعض على لوم الجامعة، وعدم مللهم من إطلاق تهم التخوين لنهجها وكيْل التهم لها بطريقة توحي بأن عجز الجامعة في الملف السوري كان كبوة في طريق طويل مليء بالنجاحات.

الجامعة، ببساطة، ينطبق عليها المثل القائل: ما خلق ليزحف لا يمكن أن يطير. وهي لم تتمكن من إحراز أي نجاح عندما كان النظام العربي خلياً من الأزمات فما بالك بعام يتجه فيه العالم العربي إلى المجهول.

على السوريين الرفق بالجامعة وألا يظلموها بوصف تحركها بالمؤامرة، فالجامعة، فعلاً، اعجز من التفكير في صناعة المؤامرات. يتعين أيضاً على المحللين والمراقبين تقوى الله والإقلاع عن نقد الجامعة، فمنذ متى وأشجار الزينة تطرح التمور.