- الأحد ديسمبر 11, 2011 2:59 pm
#41729
شملان يوسف العيسى
أصدر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مرسوماً يدعو إلى حل مجلس الأمة، كما قبل استقالة رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح، تمهيداً للدعوة لانتخابات جديدة في يناير أو فبراير 2012. والسؤال الذي يطرحه الكثير من المهتمين بالشأن الديمقراطي في الخليج: لماذا تواكبُ الديمقراطيةَ في الكويت مشاكلٌ مزمنة تدفع إلى عدم التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؟ ولماذا تتعرض التجربة الديمقراطية الأولى في الخليج إلى هزات ومشاكل مزمنة؟
البعض يُرجع السبب إلى طبيعة السلطة السياسية في الكويت، فهي امتداد للنظام التقليدي الوراثي المحافظ، فالهيمنة التقليدية تطورت -مع اكتشاف النفط في الأربعينيات- إلى قوة إدارية وأمنية وحكومية واسعة. لكن هذا النظام التقليدي لم يعد يتوافق مع نظام الحكم الحديث ومتطلباته، فالنظام الحديث يخضع فيه الجميع للقانون ولنصوصه ولا يقبل بسياسة الترضيات والتوازنات ومنح الامتيازات لأناس على حساب آخرين. لكن الواقع أن مفهوم الدولة غائب، حيث أصبحت مختزلة في الحكومة، وهذه الأخيرة هي المالكة لوسائل الدخل والإنتاج، وهي من يُوظف ومن يُعلم ومن يُطبِّب، وهي صاحبة الأمن والإعلام، وكل شيء تقريباً تحت سيطرة الدولة الريعية. ومعنى ذلك ببساطة أن السلطة طاغية على المجتمع وعلى كل السلطات في الدولة.
ثم إن هناك فهماً خاطئاً لمعنى الديمقراطية، فالمواطنون في الكويت فسَّروا الديمقراطية بأنها تعطيهم كل الحقوق ولا ترتب عليهم أي واجبات، وقد ساعدتهم الحكومة في الاستمرار على هذا النهج، فنحو 50 عاماً من التجربة الديمقراطية لم تخلق نظاماً مؤسسياً يحترم أفراده القانون ويلتزمون بالدستور ومبدأ فصل السلطات... فنواب مجلس الأمة أصبحوا يتعدون على صلاحيات السلطة التنفيذية بسبب ضعف الإدارة الحكومية وعدم تفهمها لدورها في العملية الديمقراطية.
وعودة إلى نقطة عدم فهم معنى الديمقراطية، صحيح أن هذه الأخيرة مفهوم غربي ونتاج لنظام فكري ليبرالي حر مرتبط بحقوق الإنسان والحريات العامة وحرية الاقتصاد والتنافس الحر، والعدالة والمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص للجميع... مثل هذا النظام المتكامل لا يمكن تجزئته وأخذ ما نريده منه وإهمال أهم أسسه لأنها لا تناسبنا.
وقد اتخذت الحكومة، في محاولتها كسب رضا وقبول أعضاء مجلس الأمة لكي يصوتوا معها في المجلس، سياسات أدت إلى تشويه الديمقراطية وإلى القضاء على أهم أسسها، أي مبدأ العدالة والمساواة. فالحكومة في محاولتها لكسب رضا النواب وافقت على كسر القوانين من خلال التعيينات السياسية في المناصب العليا لأقارب النواب وأبناء قبائلهم وطوائفهم أو ناخبيهم على حساب أشخاص آخرين، كما أغدقت على النواب المال بسخاء وكرم حاتمي ووزعت الأراضي الزراعية والصناعية عليهم، ما أفسد ذمم هؤلاء المستفيدين وخلق نقمة شعبية ضد مجلس الأمة والحكومة معاً.
كيف إذن يمكن إصلاح الديمقراطية في الكويت، ووضعها في مسارها الصحيح؟ علينا أن نعي بأن الديمقراطية منهج اقتصادي اجتماعي سياسي ثقافي وقانوني متكامل، يقتضيه التعايش السلمي بين أفراد المجتمع وجماعاته، وهي مؤسسات تمكّن الجماعة السياسية من إدارة أوجه الاختلاف في الآراء وتباين المصالح بشكل سلمي. إن الديموقراطية الليبرالية نظام حكم قائم على مبدأ سيادة القانون والمساواة أمامه، فالقانون يجب أن يطبق على الجميع، ولا يسود القانون إلا إذا كانت هناك سلطة قضائية منفصلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأخيراً، فإن نجاح الديموقراطية يتطلب وجود أشخاص يدافعون عن الحرية والديمقراطية، ويحمون المجتمع من الاستبداد.
أصدر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مرسوماً يدعو إلى حل مجلس الأمة، كما قبل استقالة رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح، تمهيداً للدعوة لانتخابات جديدة في يناير أو فبراير 2012. والسؤال الذي يطرحه الكثير من المهتمين بالشأن الديمقراطي في الخليج: لماذا تواكبُ الديمقراطيةَ في الكويت مشاكلٌ مزمنة تدفع إلى عدم التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؟ ولماذا تتعرض التجربة الديمقراطية الأولى في الخليج إلى هزات ومشاكل مزمنة؟
البعض يُرجع السبب إلى طبيعة السلطة السياسية في الكويت، فهي امتداد للنظام التقليدي الوراثي المحافظ، فالهيمنة التقليدية تطورت -مع اكتشاف النفط في الأربعينيات- إلى قوة إدارية وأمنية وحكومية واسعة. لكن هذا النظام التقليدي لم يعد يتوافق مع نظام الحكم الحديث ومتطلباته، فالنظام الحديث يخضع فيه الجميع للقانون ولنصوصه ولا يقبل بسياسة الترضيات والتوازنات ومنح الامتيازات لأناس على حساب آخرين. لكن الواقع أن مفهوم الدولة غائب، حيث أصبحت مختزلة في الحكومة، وهذه الأخيرة هي المالكة لوسائل الدخل والإنتاج، وهي من يُوظف ومن يُعلم ومن يُطبِّب، وهي صاحبة الأمن والإعلام، وكل شيء تقريباً تحت سيطرة الدولة الريعية. ومعنى ذلك ببساطة أن السلطة طاغية على المجتمع وعلى كل السلطات في الدولة.
ثم إن هناك فهماً خاطئاً لمعنى الديمقراطية، فالمواطنون في الكويت فسَّروا الديمقراطية بأنها تعطيهم كل الحقوق ولا ترتب عليهم أي واجبات، وقد ساعدتهم الحكومة في الاستمرار على هذا النهج، فنحو 50 عاماً من التجربة الديمقراطية لم تخلق نظاماً مؤسسياً يحترم أفراده القانون ويلتزمون بالدستور ومبدأ فصل السلطات... فنواب مجلس الأمة أصبحوا يتعدون على صلاحيات السلطة التنفيذية بسبب ضعف الإدارة الحكومية وعدم تفهمها لدورها في العملية الديمقراطية.
وعودة إلى نقطة عدم فهم معنى الديمقراطية، صحيح أن هذه الأخيرة مفهوم غربي ونتاج لنظام فكري ليبرالي حر مرتبط بحقوق الإنسان والحريات العامة وحرية الاقتصاد والتنافس الحر، والعدالة والمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص للجميع... مثل هذا النظام المتكامل لا يمكن تجزئته وأخذ ما نريده منه وإهمال أهم أسسه لأنها لا تناسبنا.
وقد اتخذت الحكومة، في محاولتها كسب رضا وقبول أعضاء مجلس الأمة لكي يصوتوا معها في المجلس، سياسات أدت إلى تشويه الديمقراطية وإلى القضاء على أهم أسسها، أي مبدأ العدالة والمساواة. فالحكومة في محاولتها لكسب رضا النواب وافقت على كسر القوانين من خلال التعيينات السياسية في المناصب العليا لأقارب النواب وأبناء قبائلهم وطوائفهم أو ناخبيهم على حساب أشخاص آخرين، كما أغدقت على النواب المال بسخاء وكرم حاتمي ووزعت الأراضي الزراعية والصناعية عليهم، ما أفسد ذمم هؤلاء المستفيدين وخلق نقمة شعبية ضد مجلس الأمة والحكومة معاً.
كيف إذن يمكن إصلاح الديمقراطية في الكويت، ووضعها في مسارها الصحيح؟ علينا أن نعي بأن الديمقراطية منهج اقتصادي اجتماعي سياسي ثقافي وقانوني متكامل، يقتضيه التعايش السلمي بين أفراد المجتمع وجماعاته، وهي مؤسسات تمكّن الجماعة السياسية من إدارة أوجه الاختلاف في الآراء وتباين المصالح بشكل سلمي. إن الديموقراطية الليبرالية نظام حكم قائم على مبدأ سيادة القانون والمساواة أمامه، فالقانون يجب أن يطبق على الجميع، ولا يسود القانون إلا إذا كانت هناك سلطة قضائية منفصلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأخيراً، فإن نجاح الديموقراطية يتطلب وجود أشخاص يدافعون عن الحرية والديمقراطية، ويحمون المجتمع من الاستبداد.