نعيب «شبابنا» والعيب فينا!
مرسل: الاثنين ديسمبر 12, 2011 7:12 pm
نعيب «شبابنا» والعيب فينا!
أظهرت الإحصائيات التي أعلن عنها الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ/ إبراهيم الغيث ارتفاعاً في عدد الوقوعات المتعلقة بالاعتداء على الأعراض، بحيث حلت في المرتبة الأولى من إجمالي المخالفات التي بلغت في عام واحد (59) ألف واقعة، والأمر كما أرى غير مستغرب في ظل وجود محفزات ودوافع للقيام بذلك منها ما يتعلق بتربيتنا الذكورية المتسلطة، ومنها ما يتعلق بالقنوات التي تسبح في هذا الفضاء دون رقيب.
أتذكر سؤالاً من إحدى القارئات التي ألحت عليّ طرحه وهو:
لماذا لا تتعرض في الخارج عند قضائها العطلة الصيفية مع أسرتها للمضايقات كما تتعرض له من الشباب في الداخل؟ أليس لهذا الشاب أخت أو قريبة؟ ما هذا الذي يحدث. ولماذا لا تكتبون عن هذه الظاهرة؟ تحدثوا عن مشاكل البنات بدلاً من تلك الطروحات الهامشية التي تكتبون عنها كل يوم!
قلت لها: معك حق يا آنستي، فالعيب فينا نحن لا في الشباب، الشباب نتاج ثقافة ذكورية تنظر إلى المرأة كجسد لا كعقل، وكرامة، وانسان له دور في الحياة. أختزلنا وظيفة المرأة في الإنجاب «وتفريخ» الأطفال لا كمخلوق له وظيفة مهمة في نهضة المجتمع.
علمنا الشباب شعر الغزل، ولم نعلمهم شعر الحكمة والرجولة. علمناهم أن المرأة للزواج، لاقرين الثقافة والعمل، علمنا شبابنا أن (قيسا) مات في حب (ليلى العامرية) وأن «كثير عزة» و«جميل بثينة» ضحايا لجبروت المرأة، ونسينا أن نعلمهم سيرة «الخنساء» و«أسماء بنت أبي بكر»، مورثنا القديم مليء بفحيح «الغرائز» الملتهبة، حتى أن شيخاً اشتعل رأسه شيباً كـ(ابن المعتز) لم يردعه عن ملاحقة النساء والتشبب بهن:
«فظللت أطلب وصلها بتذلل
والشيب يغمزها بألا تفعلي»!
من هنا فنحن لا غيرنا من تسبب في ترسيخ هذا المفهوم الفج عن المرأة كجسد، ونحن من تسبب في ظاهرة التحرش بالنساء وملاحقتهن في الأسواق والمتنزهات، ولم نسع إلى تغيير هذه السلوكيات المشينة عن طريق إيجاد مفاهيم تربوية وسلوكية جديدة تقوم على إنصاف المرأة كإنسان له دور مساو لدور الرجل في العمل والإنتاج والتطوير والانخراط في شتى وظائف التنمية وفق إمكاناتها ومؤهلاتها.
قبل سنوات كتبت كلاماً في هذا الموضوع، وجاءتني رسائل «مقززة»..
حتى أن أحدهم قال: «أنتم الكتاب علمانيون، وليبراليون، وفساق.. تريدون أن تخرجوا نساءنا إلى الشوارع بحجة العمل!»، وفات هؤلاء أن ديننا الحنيف يحث على العمل، وأن كثيراً من النساء تفوقن على الرجال في مجالات عديدة في الطب والتربية والثقافة. وأن هناك نساء أعرفهن يقمن بإعالة أسرهن وفيهم شباب ذوو «أشناب» وعضلات مفتولة.
لذا فإن اختزال وظيفة المرأة في الزواج وانجاب الأطفال فيه امتهان لكرامتها، وانسانيتها، ودورها في الحياة المعاصرة.
الشباب إذن.. هم ضحايا لمفاهيم مجتمعية، وثقافية، وإعلامية قميئة ومتخلفة، ونتاج ثقافة ذكورية ممعنة في التسطيح والإغواء.
ولست أدري.. ما إذا كان من حقي أن أعيد التذكير بمطلبي القديم بضرورة تدريس (التربية الحياتية) في مدارسنا.. لكي نقضي على هذه المفاهيم الخاطئة ومن منظور تربوي ومعرفي وديني، وأظن أننا بذلك سنساهم في وضع حد لهذه التجاوزات على الأعراض من قبل شباب يعتقدون أن للمرأة وظيفة واحدة في الحياة لا غير.. فهل يتحقق ذلك؟!
تليفاكس 076221413
أظهرت الإحصائيات التي أعلن عنها الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ/ إبراهيم الغيث ارتفاعاً في عدد الوقوعات المتعلقة بالاعتداء على الأعراض، بحيث حلت في المرتبة الأولى من إجمالي المخالفات التي بلغت في عام واحد (59) ألف واقعة، والأمر كما أرى غير مستغرب في ظل وجود محفزات ودوافع للقيام بذلك منها ما يتعلق بتربيتنا الذكورية المتسلطة، ومنها ما يتعلق بالقنوات التي تسبح في هذا الفضاء دون رقيب.
أتذكر سؤالاً من إحدى القارئات التي ألحت عليّ طرحه وهو:
لماذا لا تتعرض في الخارج عند قضائها العطلة الصيفية مع أسرتها للمضايقات كما تتعرض له من الشباب في الداخل؟ أليس لهذا الشاب أخت أو قريبة؟ ما هذا الذي يحدث. ولماذا لا تكتبون عن هذه الظاهرة؟ تحدثوا عن مشاكل البنات بدلاً من تلك الطروحات الهامشية التي تكتبون عنها كل يوم!
قلت لها: معك حق يا آنستي، فالعيب فينا نحن لا في الشباب، الشباب نتاج ثقافة ذكورية تنظر إلى المرأة كجسد لا كعقل، وكرامة، وانسان له دور في الحياة. أختزلنا وظيفة المرأة في الإنجاب «وتفريخ» الأطفال لا كمخلوق له وظيفة مهمة في نهضة المجتمع.
علمنا الشباب شعر الغزل، ولم نعلمهم شعر الحكمة والرجولة. علمناهم أن المرأة للزواج، لاقرين الثقافة والعمل، علمنا شبابنا أن (قيسا) مات في حب (ليلى العامرية) وأن «كثير عزة» و«جميل بثينة» ضحايا لجبروت المرأة، ونسينا أن نعلمهم سيرة «الخنساء» و«أسماء بنت أبي بكر»، مورثنا القديم مليء بفحيح «الغرائز» الملتهبة، حتى أن شيخاً اشتعل رأسه شيباً كـ(ابن المعتز) لم يردعه عن ملاحقة النساء والتشبب بهن:
«فظللت أطلب وصلها بتذلل
والشيب يغمزها بألا تفعلي»!
من هنا فنحن لا غيرنا من تسبب في ترسيخ هذا المفهوم الفج عن المرأة كجسد، ونحن من تسبب في ظاهرة التحرش بالنساء وملاحقتهن في الأسواق والمتنزهات، ولم نسع إلى تغيير هذه السلوكيات المشينة عن طريق إيجاد مفاهيم تربوية وسلوكية جديدة تقوم على إنصاف المرأة كإنسان له دور مساو لدور الرجل في العمل والإنتاج والتطوير والانخراط في شتى وظائف التنمية وفق إمكاناتها ومؤهلاتها.
قبل سنوات كتبت كلاماً في هذا الموضوع، وجاءتني رسائل «مقززة»..
حتى أن أحدهم قال: «أنتم الكتاب علمانيون، وليبراليون، وفساق.. تريدون أن تخرجوا نساءنا إلى الشوارع بحجة العمل!»، وفات هؤلاء أن ديننا الحنيف يحث على العمل، وأن كثيراً من النساء تفوقن على الرجال في مجالات عديدة في الطب والتربية والثقافة. وأن هناك نساء أعرفهن يقمن بإعالة أسرهن وفيهم شباب ذوو «أشناب» وعضلات مفتولة.
لذا فإن اختزال وظيفة المرأة في الزواج وانجاب الأطفال فيه امتهان لكرامتها، وانسانيتها، ودورها في الحياة المعاصرة.
الشباب إذن.. هم ضحايا لمفاهيم مجتمعية، وثقافية، وإعلامية قميئة ومتخلفة، ونتاج ثقافة ذكورية ممعنة في التسطيح والإغواء.
ولست أدري.. ما إذا كان من حقي أن أعيد التذكير بمطلبي القديم بضرورة تدريس (التربية الحياتية) في مدارسنا.. لكي نقضي على هذه المفاهيم الخاطئة ومن منظور تربوي ومعرفي وديني، وأظن أننا بذلك سنساهم في وضع حد لهذه التجاوزات على الأعراض من قبل شباب يعتقدون أن للمرأة وظيفة واحدة في الحياة لا غير.. فهل يتحقق ذلك؟!
تليفاكس 076221413