صفحة 1 من 1

المذاهب الغربيه و اثرها على الادب العربي*

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 13, 2011 11:41 pm
بواسطة تركي المحارب5
*المذاهب الأدبية الغربية وأثرها على الأدب العربي
‏‏-مصطلح أطلقه النقاد والأدباء على نتاجات فنية متميزة عبرت بصدق عن حالات نفسية عامة أوجدتها مسيرة الشعوب عبر التاريخ وملابسات الحياة ومتغيراتها وقد بدأت ملامح هذه المذاهب تتبلور ابتداء من عصر النهضة. وبفضل الاحتكاك بالثقافة الغربية استطاع أدباؤنا أن يطلعوا على هده المذاهب الأدبية ويتخذوها سبيلا لتطوير الأدب العربي شكلا ومضمونا
.. 1/المذهب الكلاسيكي وتسمى الاتباعية أقدم المذاهب الأدبية في اروبا ظهر بعد حركة البعث العلمي في القرن الخامس عشر . قائم على محاكاة الأدب اليوناني القديم .ويعتبر كتاب الشعر لأرسطو دستور الكلاسيكية الذي يتضمن القواعد النظرية لفني الملاحم والتمثيل .اكتملت ملامح هدا المذهب في النصف الأول من القرن السابع عشر .عندما وضع الشاعر والناقد الفرنسيبوالو أسس المذهب الكلاسيكي في كتاب سماه فن الشعر . ..
.وقد كانت الكلاسيكية تلبية للظروف الفكرية التي عاشتها أوربا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين . حيث سيطر العقل على الحياة الاجتماعية والفكرية وانعكس على الحياة الأدبية.
وهدا ما جعل أدب الكلاسيكية يتسم بما يلي _//
- العناية الكبرى بالأسلوب بالحرص على فصاحة اللغة وأناقة العبارة واستعمال اللغة الراقية .
- الوضوح والفصاحة وجودة الصياغة اللغوية.
- والبعد عن التعقيد وتجنب الإسراف العاطفي والبعد عن الخيال .
- الاعتماد على الفلسفة العقلية فالعقل هو السلطان الذي يقود الوجدان والخيال ويجعله يسير في حدود العقل.
- خفوت النزعة الذاتية ورواج الأدب الموضوعي .
- التعبير عن حاجات الطبقة الارستقراطية .
- محاكاة القدماء والالتزام المطلق بأصولهم وقواعدهم في الإبداع الأدبي .
- اقتباس الموضوعات من التاريخ القديم .
- ربط الأدب بالمبدأ الخلقي وتوظيفه في الغايات التعليمية .
- احشوكولاطة الأعراف والقوانين الاجتماعية السائدة
وتعد فرنسا بحق التربة الخصبة التي ترعرع فيها هذا المذهب حيث تعد جماعة البليياد رائدة هذا المذهب في فرنسا التي ترى أن الإبداع الأدبي لن يتحقق إلا بالتمرس على الأدب اليوناني القديم .
غير أن تأثير هده الجماعة في الأدب لم يظهر إلا في القرن السادس عشر بتدعيم من الفلسفة الديكارتية .
.وهكذا فالأدب عند الكلاسيكيين هو الذي يعكس الحقيقة المطلقة التي لا تتغير بتغير المكان والزمان .و في ظل الكلاسيكية راج الشعر المسرحي و ضعف الشعر الغنائي وانمحت الذاتية تحت سلطة المجتمع الأرستقراطي .
‏-أقطاب هدا المذهب في فرنسا هم (*موليير و*كور ناي و*راسين). الذين اهتموا بالأدب التمثيلي وتشددوا في الأخذ بقانون الوحدات الثلاث .وقلدوا الأدب اليوناني فمثلوا في المأساة حياة الملوك والنبلاء وفي الملهاة حياة الغوغاء من الناس .
–تأثيرها على الأدب العربي. انحصر تأثيرها في الشعر المسرحي .عندما احتك الأدباء العرب بالمسرح الفرنسي الكلاسيكي عن طريق الترجمة .
ظهر اثر الكلاسيكية بوضوح في مسرحيات احمد شوقي الذي استفاد من إقامته بفرنسا فاطلع على ا لمسرح الكلاسيكي فكتب مسرحيات شعرية منها {*مصرع كليوباترة.*.مجنون ليلى*..قمبيز}حيث اقتنى بعض عناصر المذهب الكلاسيكي منها:1-الصراع بين الهوى والواجب الذي نلمسه في مصرع كليوباترة.2استخدام اللغة الراقية.3-استمداد موضوعا ته التاريخ القديم .
حاول احمد شوقي أن يوفر قدرا من الموضوعية لشخصياته إلا أن الحظ جانبه في كثير من الأحيان فكان الشعر يأتي على لسان بعض شخصياته غنائيا لا موضوعيا وهذا جلي في مجنون ليلى.-كما لم يهتم بقانون الوحدات الثلاث .
المذهب الرومانسي وأثره في الأدب العربي وتسمى الإبداعية أو الابتداعية
بدا هذا المذهب يتصدر الحياة الأدبية في اروبا أواخر القرن الثامن عشر وبلغ أوج ازدهاره في النصف الثاني من القرن التاسع عشر .كان ثائرا على الكلاسيكية لإغراقها في الصنعة ومغالاتها في تعظيم العقل وإمعانها في السير على خطط القدماء .
من ر واد المذهب في انجلترا {شكسبير}في القرن السابع عشر وهو أول من نسج خيوط الرومانسية في مسرحياته التي حلل فيها النفس البشرية{مثل .مسرحية* تاجر البندقية }ثم تجسدت في أعمال الشاعرين {وردزورث وكلوريدج .كما تجسدت في آثار وليام بليك وتوماس جراي }
- ومن أعلامه في ألمانيا {غوته وتشيلر } أما العوامل التي ساعدت على نشوء الرومانسية في فرنسا ** هي حالة التمزق والتغني بالفردية بسبب الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية اثر قيام الثورة الفرنسية وعودة الكثير من أدبائها من المنفى.
-أما في فرنسا فقد مهد للرومانسية عدد من الأدباء منهم ..{الفيلسوف جان جاك روسو. و شاطوبرييان .و لامرتين .وفكتور هيجو}الذي تأثر بشكسبير* من خلال ترجمته وتحليله لمسرحياته.وهو أب الرومانسية حيث حلل قيم المذهب الرومانسي في مقدمة مسرحيته* كرومويل والتي تعد دستور الأدب الرومانسي
*ما يميز فلسفة الرومانسية //
–قيامها على العاطفة – وهي نابعة من القلب.فهو الملهم الهادي .-وهو موطن الضمير الذي يميز بين الخير والشر عن طريق الإحساس والذوق الموصل للإحساس بالجمال .
- والأديب عندهم يبدع انطلاقا من ذاتيته الخاصة يتغنى بمشاعره وخواطره مهما كانت درجتها وضيعة أم عظيمة -
-والمجتمع الرومانسي مثالي لا اثر فيه للطبقية أو الظلم والطغيان ..فإذا كانت غاية الكلاسيكية تربية المجتمع عن طريق تلقين الفضائل الدينية والاجتماعية .فان الرومانسية تهدف إلى نشر العدل والتحرر الفكري والسياسي حتى تنال الطبقات الدنيا والوسطى حقوقها .*
-أدب الرومانتكيين ثائر على أصول الكلاسيكية وقواعدها وعلى كل ما يمت بصلة إلى الآداب اليونانية .لذا يمكن أن نحصر ملامح هذا المذهب فيما يلي :
- الأدب وسيلة للتعبير عن الذات ودعوة لتحرر الإنسان من القيود القديمة .
-التعبير عن الشكوى والقلق والتشاؤم ولهذا كثيرا ما يلجا الرومانسيون إلى تصوير مشاعرهم ممزوجة بالطبيعة فهي الملاذ والأنيس والمتنفس والمحاور .
—محاربة نظرية المحاكاة. إذ الأدب عندهم خلق وإبداع عن طريق الخيال الجانح والعاطفة المتأججة .
–اهتموا بالمضمون والأفكار أكثر من الأسلوب .
-دعوا إلى التحرر من قيود الشكل والتركيز على الفطرة والسليقة وفي ظل الرومانسية ازدهر الشعر الغنائي
اثر الرومانسية الغربية في الأدب العربي .-وجد الأدباء العرب في هذا المذهب الذي يتميز بالثورة على كل أشكال الظلم والحرمان متنفسا يعبرون من خلاله عما يجيش في صدورهم من ضيق وعن آمال شعوبهم في الحرية والعيش الكريم والعدل والمساواة.وقد ظهر هذا التأثر في شكل كتابين نقديين هما: الغربال لميخائيل نعيمة والديوان الذي ألفه العقاد بمعية المازني وفي ظل الرومانسية نشأت تنظيما ت أدبية أهمها:
1-الرابطة القلمية أو جماعة المهجر .
**تأسست سنة 1920م بزعامة جبران خليل جبران تضم ابرز أدباء المهجر مثل نسيب عريضة .إيليا أبي ماضي وميخائيل نعيمة الذي وضع كتابا سماه الغربال سنة 1913م وهو عبارة عن مجموعة من المقالات تتضمن الأسس النقدية الهامة التي اعتمد عليها الشعراء الرومانسيون .عالج المهجريون مواضيع شتى من حزن وألم وقلق. والشوق إلى الأهل والأوطان وذكر الطبيعة والاندماج فيها وتعمقوا في خبايا النفس البشرية . وكان للأدب المهجري اثر عميق في رقي الأدب العربي . شكلا ومضمونا .
- -2-مدرسة الديوان :
تأسست في 1921م يمثلها عبد الرحمن شكري عباس محمود العقاد وعبدا لقادر المازني وقد ساعدهم على تطوير الحركة الأدبية والشعرية خاصة -1-الإطلاع الواسع على أغوار التراث العربي الأصيل . – 2-الإطلاع الواسع على الآداب الغربية والشعر الانجليزي خاصة .ثار هؤلاء على الشعر الكلاسيكي عند القدماء والمحدثين بزعامة احمد شوقي. تجسد هذا الاتجاه في ديوان شكري {ضوء الفجر } وقد اصطبغ شعره برومانسية حزينة عبرت بصدق عن آلام المجتمع المصري أثناء الاحتلال. وضمن هذا المنهج النقدي اتجه العقاد والمازني في دعوتهما إلى التجديد فنقد المازني نقدا لاذعا المدرسة *الاتباعية *وسخر من شعرائها وازدرى معانيهم المسروقة وخصص بالنقد حافظ إبراهيم وشوقي عندما أصدر كتابا سنة 1915 فيه مقارنة بين شعر حافظ وشعر شكري . بين أن شعر شكري صادق يعبر بصدق عما يدور في نفس صاحبه ويتحسس آمال النفس وآلامها. أما العقاد فقد انطلق في حملته النقدية سنة 1921عندما أصدر كتاب *الديوان* مع المازني وكانت السهام موجهة نحو شوقي .
3-جماعة ابلو: تأسست في سبتمبر 1932م بفكرة من الشاعر احمد زكي أبو شادي والذي اخرج لها مجلة تحمل نفس الاسم وقد ترأسها احمد شوقي للكن المنية اختطفته بعد أيام معدودات فخلفه الشاعر اللبناني خليل مطران. ضمت نخبة من الشعراء من أقطار مختلفة منهم : إبراهيم ناجي وعلي محمود طه أبو القاسم الشابي والتجاني يوسف واحمد الشامي ..ورغم افتقار الجماعة لتخطيط فني واختلاف نزعاتها إلا انه غلب غليها الاتجاه الرومانسي . –وقد تميز الأدب العربي الرومانسي بما يلي : --الصدق – سيطرة الذاتية – الاهتمام بالنفس الإنسانية –تمجيد الألم الذاتي والإنساني – اللجوء إلى الطبيعة التي منحت أشعارهم جدة وابتكارا –الدعوة إلى الخير والحق والجمال ---هذا من ناحية المحتوى
.أما من الناحية الفنية فقد تميز إنتاجهم الشعري بما يلي : --تجديد وتنويع أساليب التعبير—رقة الألفاظ ووضوحها وعذوبتها .—تجنب التراكيب القديمة .فجاءت لغتهم مأنوسة مألوفة قريبة من لغة التخاطب .—إبداع الصور الفنية الجديدة شحنها بالعواطف الحارة –الاهتمام بالموسيقى الداخلية الناجمة عن انسجام الألفاظ ودقة الصياغة -- مع اختيار الموسيقى الخارجية التي تنسجم مع المضمون ..
3–المذهب الواقعي وأثره في الأدب العربي : نشأت الواقعية الغربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر م متأثرة بالنهضة العلمية والفلسفة العقلانية ونتيجة للمبالغات الخيالية والعاطفية التي انغمست فيها الرومانسية .تدعو الواقعية إلى الإبداع الأدبي بتصوير الأشياء الخارجة عن نطاق الذات .والثورة على شرور الحياة والكاتب الواقعي يأخذ مادة تجاربه من مشكلات العصر الاجتماعية وشخصياته من الطبقة الوسطى أو طبقة العمال .وغاية الواقعين أن يصبح الإنسان سيد الطبيعة في مجتمع عادل ومن ثم كان الأديب الواقعي أكثر أمانة في تصوير بيئته .
– ولما كانت الرومانسية تحمل في حد ذاتها بذور الواقعية ليس غريبا أن تقوم الواقعية لا على أنقاض الرومانسية أو كمذهب مناوئي لها بل كتيار يسير جنبا إلى جنب معها . –رغم الموضوعية التي دعا إليها الواقعيون فقد اتسم أدبهم بطابع تشاؤمي ولعل ذلك راجع إلى المبالغة في تشخيص الآفات الاجتماعية فهم ينظرون إلى الواقع بمنظار اسود . فالخير ما هو إلا بريق زائف فالشجاعة برأيهم يأس من الحياة وضرورة لابد منها و الكرم مباهاة والمجد تكالب على الحياة .
فالواقعية على هذا الأساس هي انعكاس للواقع الخارجي في نفس الأديب أو هي صورة للواقع ممزوجة بنفس الأديب وقدراته .
ولهذا يمكن إجمال خصائصها فيما يلي //
-قيامها على أساس الفلسفة الوضعية والتجريبية .
- الدعوة إلى الموضوعية في الإبداع الأدبي عكس الرومانسية .
تصوير ما تعانيه الطبقة الدنيا من حيف وتشخيص الآفات الاجتماعية مما جعل أدبهم يتسم بطابع تشاؤمي .
- تركز إنتاجهم على القصة والمسرحية .
-ويعد *بلزاك*الرائد الأول للواقعية في فرنسا إذ خلف موسوعة في الأدب الواقعي تشمل نحو مائة وخمسين قصة 150 أطلق عليها في أواخر أيامه *الكوميديا البشرية * و الفرنسي فلوبير صاحب رواية* مدام بوفاري * التي صور فيها عصره بجميع مشكلاته .
–وفي انجلترا مثل هذا الاتجاه *شريدان و* شاكري *وتشارلز دي كنز * الذي قدم وصفا صادقا للمجتمع الإنجليزي في رواياته *صحائف بكويك*و*دافيد كوبر فيلد * و*دمني وولده - - ويميز النقاد بين الواقعية1-—الواقعية الانتقادية أو الواقعية الاروبية المتشائمة يمثلها من ذكرنا سابقا.
2–الواقعية الطبيعية *
.. واصل التيار الواقعي عند الغربيين تطوره حتى انتهى إلى الواقعية الطبيعية . ويعد* إميل زولا * رائد هذا المذهب بدون منازع . فالإنسان عندهم مقيد مجبر على إتباع غدده. والأدب عبارة عن تحاليل مخبرية فالإنسان يرث عناصر الجريمة .
-3-الواقعية الاشتراكية. *
وقد ظهر تيار آخر للواقعية أطلق النقاد عليها اسم الواقعية الجديدة * تمييزا عن واقعية الغرب المتشائمة . والواقعية الجديدة تصور واقعا جديدا لذا قيل عنها أنها واقعية التفاؤل والاستبشار . وهي حصيلة النظرة الماركسية للأدب والفن وهي حصيلة التجربة المعاصرة لكتاب الاتحاد السوفيتي وقد التزموا بأهداف الطبقة العاملة و النضال في سبيل تحقيق الاشتراكية . من روادها تشيكوف*وتوليستوي *ومكسيم جوركي*في قصة* الأم *
-اثر الواقعية في الأدب العربي الحديث .
.إن الأدب العربي الحديث في اتجاهه الواقعي لم يترسم خطى الواقعية الغربية بنظرتها المتشائمة ورفضها للحياة . بل نهج نهجا خاصا استوحاه من الواقع العربي بمشكلاته الاجتماعية وقضاياه السياسية. فابرز الأدباء عيوب المجتمع وصوروا مظاهر الحرمان والبؤس قصد الإصلاح .فكتب طه حسين* المعذبون في الأرض * وكتب توفيق الحكيم حماري قال لي * ويوسف إدريس رواية الحرام * وعبد الرحمان الشرقاوي رواية* الأرض .* ....وتبرز الواقعية في الأدب الجزائري عند مولود فرعون في روايته ابن الفقير *وفي أدب محمد ديب في *الحريق * ويعد محمود تيمور الواقعي الأول في الأدب العربي متأثرا بالكاتب الفرنسي جي دي موباسان* فقد دعا في مقدمة كتابه الشيخ جمعة وقصص أخرى *إلى الأخذ بالمذهب الواقعي في التأليف القصصي .
– مذاهب أدبية أخرى..بالإضافة إلى المذاهب السابقة الذكر هناك مذاهب أدبية أخرى اقل رواجا منها :
المدرسة البر ناسية*
أو مدرسة الفن للفن*والبرناس اسم جبل جعله الإغريق القدماء رمزا للشعر ظهرت في فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر يتزعمهاا لكونت دي ليل * . وهي ترى أن الأدب غاية في حد ذاته وليس وسيلة. لم يلق المذهب رواجا عند أدبائنا العرب لأنهم اهتموا بمعالجة قضايا الأمة والوطن .
–المدرسة السريالية *ظهرت في فرنسا متأثرة بالتحليل النفسي ونظريات فرويد فجاء أدبهم كأنه هذيان محموم فلم يعش المذهب طويلا ولم تكن له أصداء خارج فرنسا فهو ولد وقبر فيها .
–*المدرسة الرمزية *.
ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . والأديب الرمزي لا يسعى إلى نقل المعاني والصور وإنما يعمل على نشر العدوى الفنية ونقل الحالات النفسية المستترة التي لا تقوى على أدائها اللغة في دلالاتها الوضعية . من زعماء الرمزية في اروبا ::*بود لير *و آرثر رامبو *وادجار ألان بو *الشاعر القصصي الأمريكي .
*–اثر المذهب الرمزي في الأدب العربي * :
أوجد هذا المذهب لنفسه مجالا واسعا بين شعراء العربية في العصر الحديث انطلاقا من لبنان ويعد الشاعر اللبناني سعيد عقل أعظم ممثل للمذهب الرمزي في الأدب العربي بالإضافة إلى جورج صبيح وإيليا أبي ماضي وغيرهم من شعراء المهجر . –خلاصة القول إن الأدب العربي باطلاعه على هذه المذاهب ازداد تفتحا على العالم الخارجي واكتسب أبعادا إنسانية ونتيجة لذلك توج بجائزة نوبل في الأدب التي تحصل عليها نجيب محفوظ .والتأثر بهذه المذاهب لم يكن تقليدا أعمى للغرب بل اخذ الأدباء فقط ما يتلاءم مع أفكارنا وأسلوب حياتنا فالطعام الذي تحسن الأضراس مضغه وتتقن المعدة هضمه يتحول إلى شيء مفيد يساهم في نمو الجسم وحمايته من الأسقام .
02تطور فن المقال و خصائصه:
تنوعت فنون النثر العربي في العصر الحديث.من قصة إلى مسرحية إلى مقالة تتصدر صفحات الجرائد لتصل إلى كل قارئي فترقى بمداركه وتوسع ثقافته وتحلق به في عوالم المجهول والمستور
–المقال لغة: مأخوذ من القول..
-اصطلاحا:بحث قصير في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع...تتناول جانبا من جوانب موضوع ما. يقدم للقارىء بطريقة مشوقة. –والمقال يتسع لكل شيء في الوجود من تعبير عن عاطفة أو رغبة أو فكرة في أسلوب شيق منظم. وتتنوع المقلات وتختلف تبعا لاختلاف مادتها وموضوعاتها فمنها السياسية والاجتماعية والأدبية والنقدية والعلمية...وهلم جرا.
– أما أسباب انتشار المقال بشكل واسع في العصر الحديث فنجملها فيما يلي: 1- ظهور الطباعة والصحافة وتنوع الجرائد والمجلات. 2- تشعب المشاكل الاجتماعية والسياسية بسبب الاستعمار والاستبداد -3- ظهور أدباء ومصلحين اخذوا على عاتقهم مسؤولية توعية الناس وإرشادهم. 4- نشاط الحركة الأدبية والنقدية بين أدباء العصر الحديث مما أدى إلى ظهور ردود قصيرة على ما ينشر في المجلات و الجرائد... –المقال بالمعنى الاصطلاحي مرتبط بظهور الصحافة لم يظهر في أدبنا العربي إلا في العصر الحديث مع أولى الصحف العربية *الوقائع المصرية *1828م ولتأكد من صحة هذا القول سنتصفح تاريخ أجيالنا لمعرفة إن وجد لدينا مقال في العصور الماضية وهل توفرت فيه شروط المقال الحديث ؟ -في العصر العباسي: هناك بعض الفنون النثرية التي تشبه فن المقال فما كتبه الجاحظ في ** المحاسن والأضداد**و *البخلاء **و *البيان والتبيين * وما كتبه ابن المقفع في *الأدب الكبير والأدب الصغير * وما كتبه عبد الحميد حول* الكتاب *والشطرنج **. كلها تعد مقالات تنقصها شروط المقال الحديث. لان القدماء اغرموا بالطول والاستطراد والاهتمام بالجانب اللغوي... –أما في القرن الرابع للهجرة فقد خطا هذا الفن خطوات مذمومة نحو التكلف والتصنع حيث كثرت الزخارف والمحسنات والتعابير الركيكة.فأصبح أسلوبه متحجرا مما جعل النقاد يبعدونه عن المقال الحديث. – في العصر الحديث: لم يتطور فن المقال ويصل إلى ما هو عليه إلا بعد أن مر بمراحل:
-1- المرحلة الأولى ""يمثلها كتاب الصحف الرسمية **الوقائع المصرية ** وادي النيل ** رفاعة رافع الطهطاوي. و ميخائيل عبد السيد. وكانت أساليب مقالاتهم اقرب إلى أساليب عصر الضعف حافلة بالسجع والزخرف اللفظي. ركزوا فيها على الأحوال الاجتماعية والسياسية..
-2- المرحلة الثانية : عكست مقالات هذه المرحلة اهتمامات الجماهير بمختلف فئاتها بتأثير من حركة الإصلاح التي قادها *جمال الدين الأفغاني * و *محمد عبده * وبعد هما *ابن باديس والبشير الإبراهيمي ** . حيث بدأت المقالات تتخلص تدريجيا من قيود السجع والصنعة اللفظية وتعطي للأسلوب صبغة يفهمها الجميع.
-3- المرحلة الثالثة : ظهرت طلائع المدرسة الصحفية الحديثة التي نشأت في ظل الاحتلال الأوربي وتأثرت بالنزعات الحقلبية يمثل هذه المرحلة **الرافعي * و الكواكبي *طه حسين *العقاد * وغيرهم ممن قادوا الحركة الأدبية والفكرية والاجتماعية . وهنا تحررت المقالة من قيود الصنعة فصارت حرة طليقة سهلة تهتم بالمعنى دون أن تهمل المبنى... -4- المرحلة الرابعة : يمثلها أدباء اخذوا بحظ وافر من الثقافة الغربية في فترة استقام فيها أسلوب التعبير العربي . فنزعت المقالة إلى التحرر من كل قيد وتوخي المعاني الدقيقة والعبارات السهلة حسب مقتضيات الموضوع يمثل هذه الفترة أدباء المهجر *جبران* و *ميخائيل نعيمة * ثم العقاد* وطه حسين * والزيات* ومي زيادة *وهي فترة كثرت فيها الصحافة التي تبارى على صفحاتها عمالقة الأدب وتركوا بصماتهم على الحياة الأدبية والفكرية معا.
–أما في الجزائر فقد ظهر المقال قبيل الحرب العالمية الأولى وعرف ازدهارا بين الحربين على يد رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين **ابن باديس *الإبراهيمي *العربي التبسي* مبارك الميلي * واحمد سحنون *
سنتعرف على خصائص المقالات و أهم أنواعها لعلك تدلي بدلوك في هذا الميدان يوما ما. – المقالة: فن من فنون التعبير النثري الحديث كثر استعماله في عصرنا الحاضر وهي من ثمرات الاتصال بالغرب وهي مرتبطة بازدهار وسائل الإعلام كالصحف والمجلات. – وقد تناولت المقالة العربية الحديثة كل ما له صلة بالجوانب الأدبية والاجتماعية والسياسية والعلمية والنقدية وخير دليل على ذلك ما ينشر في المجلات والصحف** الخبر **الشروق **الفجر *الوطن * المساء *. – تنقسم المقالة إلى ثلاثة عناصر هي:
1- التمهيد * وفيه يوجز الكاتب عناصر موضوعه.
-2- العرض *يتناول فيه العناصر بالتفصيل.
3- الخاتمة* وفيها ينتهي الكاتب إلى النتيجة التي يريد الوصول إليها وتتميز المقالة على العموم بصغر الحجم. ووحدة الموضوع.وسهولة الأسلوب. واحتوائها على مقدمة عرض وخاتمة.
–أشهر أنواع المقالات:
1- المقالة الأدبية: يلجا الكتاب في هذا النوع من المقالات إلى أسلوب خاص يصورون فيه مشاعرهم وانفعالاتهم نحو الأحداث والأشياء ولكل أديب وجهة نظر فيما يحدث حوله يتناول الحديث عنها لا لغرض سياسي أو اجتماعي وإنما من اجل إبراز قيم جمالية وفنية دون مراعاة للموضوعية أو مطابقة الواقع . تمتاز ب..**استعمال أسلوب الإطناب. *استخدام الخيال المولد للصور المعبرة عن العاطفة. *استخدام العبارات الجزلة والألفاظ المعبرة الموحية . *عمق الأفكار ووضوحها. * سلامة اللغة وصحتها.
2- –المقالة النقدية * ترتبط بالأدب فتحلله وتقومه فتذكر ما فيه من ايجابيات وسلبيات تتناول ديوان شعر أو قصة أو قصيدة أو أي عمل أدبي آخر. وللمقالة النقدية جانبان: احدهما موضوعي وهذا عندما يستخدم الناقد عرض نظرية نقدية. والآخر ذاتي عندما يصدر عن الناقد انطباع خاص عن الأديب.
3- –المقالة السياسية: دعت إليها ظروف الوطن العربي وما يعانيه من حيف وجور واستعمار وبالتالي ظهور الحركات التحررية التي دافعت عن الشعوب ا لمضطهدة من روادها الكواكبي. امتازت * بالبعد عن التكلف *سهولة الألفاظ ووضوح الأفكار *ذكر البراهين والحجج.
4- –المقالة الاجتماعية: تنوعت مشاكل الأمة العربية من التأخر الاقتصادي والخلقي والمعنوي إلى مشاكل الفقر والبطالة والأسرة والمرأة والشباب... وامتازت * بجلاء الفكرة * وبساطة التعبير.* من روادها الرافعي’ البشير الإبراهيمي.
5- -المقالة العلمية: تعالج مختلف شؤون العلم من كتابها احمد زكي واحمد أمين. – *تعتمد على الوضوح والمنطق * تبتعد عن الخيال والعواطف.* تعتمد على المصطلحات العلمية والأرقام
.* مما سبق نخلص إلى النقاط التالية:المقال مرتبط بظهور الصحافة. وبالتالي فهو فن مستحدث عند العرب. ومن عوامل ازدهاره اهتمام الأدباء والمفكرين. وانتشار الطباعة والصحافة المتنوعة. والمقالة أنواع * أدبية* نقدية *علمية *اجتماعية...الخ. لكل نوع خصائصه التي تميزه عن غيره. ولها خصائص مشتركة * مقدمة* عرض* وخاتمة * قصر الحجم* السهولة* والوضوح.
03 تطور التراجم والسير و خصائصهما:
يبدو الأدب العربي بتنوع فنونه من رسالة إلى مقالة إلى قصة أو مسرحية مثل حديقة غناء توزعت على بساطها الأخضر الجميل ورود وأزهار عطرة تضفي على المكان بهجة وخيالا . من بين الفنون التي عطرت ساحة الأدب العربي : التراجم والسير –
الترجمة : فن من الفنون الأدبية التي تتناول التعريف بحياة علم من الأعلام له باع ( شهرة ) في مجال العلم أو الأدب والسياسة ... وذلك بذكر اسمه وكنيته ومولده ونسبه وتعلمه وعوامل نبوغه واهم أعماله ومواقفه ثم وفاته وآثاره .
–أما السيرة فهي : عبارة عن ترجمة مطولة لا تختلف عنها إلا بسبب إمعانها في الطول . مثل سيرة الرسول( صلى الله عليه وسلم ) لابن هشام .
–من المعلوم أن فن التراجم والسير فن عالمي معروف في جميع ثقافات العالم . وللعرب فيه إسهام كبير فقد اغرم العرب قديما بمعرفة الأنساب وتتبع أخبار الوجهاء والعظماء والملوك. فقد نشا عندهم بفضل الحاجة وليس بفعل التأثر بالأمم الأخرى فتوسع رقعة الدولة الإسلامية والنهضة العلمية والأدبية مست جميع النواحي الفكرية كان لزاما على الأمة العربية أن تؤرخ لأمجادها ومآثرها مما جعل الكتاب يهتمون بالسير والتراجم التي تسجل حيوات أعلام الأمة وانصب اهتمامهم الأول على الدين الجديد بكل ما يحيط به من أحداث وأشخاص .
لا عجب في أن تستقطب الرسالة الخاتمة اهتمام العلماء فتصدى بعضهم لتفسير القران الكريم وبعضهم لاستنباط أصول الفقه وآخرون لرواية الحديث وبعضهم لمعرفة رواته أما فئة من العلماء فقد عكفت على تتبع حياة الرسول( صلى الله عليه وسلم ) وكانت أول سيرة هي سيرة عبد الملك بن هشام التوفي سنة 213ه المسماة ( بسيرة الرسول ) ثم تلتها سيرة ابن سعد المسماة (الطبقات الكبرى ) وفي القرن الثالث الهجري ألف احد بن الداية سيرة (احمد بن طولون ) . وفي مطلع القرن الخامس الهجري صنف أبو النصر العتبي المتوفى سنة 420ه كتابا في سيرة السلطان محمود الغز نوي الذي نشر راية الإسلام في الهند سماه ( اليميني ) وفي القرن السادس الهجري وضع ابن الجوزي سير عدة عظماء مثل: عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز .واحمد بن حنبل . –وقد فاق اهتمام العرب بهذا الفن غيرهم من الأمم الأخرى . فقد ألفوا عن الشعراء والأدباء والفقهاء والمفسرين والمحدثين والقضاة والنحاة والفلاسفة والأطباء . فكتب ابن قتيبة *الشعر والشعراء * ترجم فيه لنحو 206 شاعر ممن يعرفهم جل أهل الأدب ويقع الاحتجاج بأشعارهم في النحو وغيره. وكتاب* طبقات فحول الشعراء * لابن سلام الجمحي وكتاب * الأغاني *للأصفهاني و*يتيمة الدهر* للثعالبي و*صبح الأعشى* للقلقشندى . - - تختلف التراجم من حيث الطول والقصر الأسباب منها : ثقافة المترجم. وأهمية المترجم له وغزارة المادة المتصلة به . ف* ياقوت الحموي * ترجم في كتابه *معجم الأدباء *لحياة أسامة بن منقذ الأمير المجاهد في ستين صفحة وترجم للبعض الآخر في اسطر معدودة .
– وقد دعا السخاوي في كتابه *الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ *إلى تحري الموضوعية والبعد عن الهوى والتزام العدل والإنصاف .كما ألفوا في تاريخ وفيات الأعيان والمشاهير مثل *وفيات الأعيان* لابن خلكان . وهذه التراجم لا تسير على نمط واحد فلكل مؤلف طريقته . واغلبهم رتب الأعلام حسب حروف المعجم .ازدهرت التراجم والسير من القرن الثاني إلى القرن العاشر الهجري .ثم عرفت مرحلة من الركود في عصر الضعف .
– وكانت السير والتراجم القديمة تفتقر إلى منهجية دقيقة لكنها تتوفر على أهم شروط الكتابة التاريخية .مثل التزام الموضوعية في نقل الأخبار . والتقيد بالحقيقة تقيدا صارما. والبعد عن الهوى .ومعارضة الروايات بعضها ببعض .وقد كان كتاب التراجم والسير في بادئ الأمر يذكرون أسانيد إخبارهم ومصادرها وفيما بعد أسقطوها مراعاة للاختصار ووصلا لحوادث التاريخ . –في العصر الحديث
ومع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ظهرت طائفة من الأدباء الأفذاذ حملت على عاتقها تطوير هذا الفن خاصة عندما وقع الاحتكاك مع الغرب وحدثت ثورة شاملة في شتى العلوم والفنون .فأخرجوه من دهاليز الانحطاط إلى نور الحداثة والتطور .فأصبح فنا راقيا يتجاوب وأذواق الناس ليس مجرد نقل للأخبار في غير تبويب ولا تنسيق .
في هذا العصر عادت التراجم والسير القديمة تعرض من جديد في أشكال أنيقة مناسبة للعصر .حيث عمد الأدباء إلى تحليل نفسيات العظماء والأعلام بحثا عن جوانب العظمة فيها بالاستعانة بعلم النفس وعلم الاجتماع . والتزام التسلسل التاريخي . وعرض الأخبار المتناقضة على التمحيص العلمي والمنطق . مالت اللغة إلى السهولة والوضوح ولم تعد صعبة مستغلقة . وعادت السير والتراجم القديمة تبعث من جديد في حلل جديدة وأطباق شهية محللة وفق ما توصلت إليه العلوم الحديثة لتسليط الضوء على الجوانب الخفية من حياة المترجم له . كما فعل *المازني *في كتابه* حصاد الهشيم *عندما حلل شخصية ابن الرومي والمتنبي وفق آخر نظريات علم النفس . وقد تجسد هذا الاتجاه في السير المؤلفة في الثلث الثاني من القرن العشرين حيث كتب العقاد *عبقرية محمد*(ّ ص) وعبقرية عمر بن الخطاب وعبقرية خالد بن الوليد وكتب طه حسين* على هامش السيرة *ومرآة الإسلام * الفتنة الكبرى * حيث استمدوا حقائق التاريخ من المصادر القديمة والمراجع العتيقة .ونوعوا في عرض بضائعهم وبينوا اثر البيئة في هذه الشخصيات وتأثيرها فيما يحيط بها . كما كتب ابن باديس * عبادة بن الصامت * وأبو ذر الغفاري *وهند بنت عتبة *
بالإضافة إلى التراجم الغيرية فقد كتب بعض الأدباء تراجمهم الذاتية مثل احمد أمين في كتابه *حيلتي * وطه حسين في *الأيام *والعقاد في الكتاب الذي سماه *أنا *وكان للعرب قديما محاولات في الترجمة الذاتية إذ كتب عبد الرحمن بن خلدون ترجمة موجزة لحياته في آخر فصل من كتابه المقدمة .
– خصائص الترجمة والسيرة .
1 إيراد الأحداث وفق التسلسل الزمني الاعتماد على المصادر القديمة .
2 نقد الأخبار بعرضها على العقل .
3 عرض الروايات المختلفة إن وجدت .
4 الاعتماد على التحليل النفسي لتفسير المواقف والتصرفات .
5 وبط تصرفات الأشخاص بمحيطهم الاجتماعي والسياسي .
6 اعتماد الأسلوب القصصي مثل طه حسين . مع تحري الموضوعية وتغليب العقل على العاطفة .
–انتشار التراجم والسير لدى امة من الأمم دليل على اهتمامها بتاريخها وأمجادها وبرهان على تمسكها باصالتها ورغبتها في بناء مستقبلها دون التنازل عن شخصيتها التي انصهرت عبر العصور .* من أرخ لمؤمن كأنما أحياه * وما غزارة إنتاجنا في التراجم والسير إلا دليل على روح التحدي والصمود عند امتنا العربية رغم الداء والأعداء ومحاولات التضليل والغزو الفكري .
04 تطور الفن القصصي واهم خصائصه
القصـــة
)الفن القصصي باب لم يفتح على مصراعيه في الأدب العربي إلا في العصر الحديث ’ وذلك بعد إطلاع الأدباء العرب على الآداب الغربية)
المطلوب:
حلل هذا القول وناقشه ’ مبينا الأطوار التي مرت بها القصة العربية واهم خصائصها مع ذكر أهم أعلامها في أدبنا العربي.
التحرير
في ليلة صيف حار رحت أصغي لزخات المطر وهي تبدد سكون الليل وكنت أقرا مقالا عن القصة العربية وعوامل ظهورها. فعادت بي الذاكرة إلى قصص جدتي حين كنا نجتمع حولها نصغي بلهفة لما ترويه عن الأشباح وابن السلطان وعن السحرة والمردة... وحينئذ قلت في نفسي:
القصة بمفهومها البسيط سرد حكاية في أسلوب مشوق عرفها العرب منذ القديم إذ كان يرويها الآباء للأبناء في الحل والترحال وتحت قباب الخيام كسيرة عنترة وألف ليلة وليلة. كما عرف العصر العباسي بعض الفنون الأدبية القريبة من القصة كمقامات بديع الزمان وبخلاء الجاحظ وكليلة ودمنة لابن المقفع وحي بن يقظان لابن طفـيل.
لكن‏ النقاد في العصر الحديث يعتقدون أن القصص الفني بشروطه الحديثة لم يعرفه العرب إلا في مطلع العصر الحديث.
بعد احتكاكهم بالغرب.فهم يعتبرون القصص العربية القديمة لا تصور الواقع ولا تعالج مشاكل الإنسان في واقعه اليومي. بالإضافة إلى اهتمامها المبالغ فيه بالخيال والتنميق اللفظي. فهي ناقصة من حيث الشروط الفنية التي تميز القصة عن باقي الفنون الأدبية الأخرى.
لذا تأخر ظهور القصة الفنية في أدبنا العربي إلى مطلع العصر الحديث.
وقد لقي هذا الفن إقبالا كبيرا من القراء والأدباء على السواء لعدة أسـباب:
1-- تأثر الأدباء بهذا الفن بعد إطلاعهم على القصص الغربي بمواضيعه المتنوعة. 2- اهتمام الصحافة بالقصة خاصة في طور الترجمة.3- مجال القصة أوسع وأرحب للتعبير عن حياة الشعب وتطلعاته.4- القصة اقدر على معالجة المظاهر التاريخية والسياسية والاجتماعية التي تعج بها الحياة العربية في مطلع العصر الحديث. 5- كذلك الدور التثقيفي الهام الذي لعبته القصة في توعية الشعوب وتوجيهها.
ولم تصل القصة العربية إلى مرحلة النضج والكمال وتتوج بجائزة نوبل للآداب إلا بعد أن مرت بالأطوار التالية:
1- مرحلة الترجمة: حيث استطاع بعض الأدباء العرب ممن تثقفوا باللغة الأجنبية ترجمة بعض القصص الغربية ونشرها في المجلات والصحف اليومية. والرائد في هذا المجال هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ترجم مغامرات تلماك للكاتب الفرنسي فنلون. وكان هدفه من ذلك الإصلاح التربوي والسياسي من خلال القصة.
2- مرحلة الاقتباس والمحاكاة: أو مرحلة التهيؤ والاستعداد. وذلك في المحاولات التي قام بها الأدباء في مصر والشام وسائر البلاد العربية منها حديث عيسى بن هشام( للمويلحي ).وليالي سطيح. والبؤساء ( لحافظ إبراهيم )في هذه المرحلة أباح الأدباء لأنفسهم التغيير في القصص الغربي مما شوه النصوص الأصلية. كما انصب اهتمامهم على جودة التعبير والصياغة اللغوية الذي لا يصور الفكرة بدقة ويظهر هذا في ترجمة حافظ إبراهيم للبؤساء والمنفلوطي في العبرات. ومجدولين.
3- مرحلة الإبداع والتأليف: تبدأ بقصة زينب لمحمد حسين هيكل التي نشرت في 1914م ثم تلتها محاولات جادة مثل دعاء الكروان لطه حسين. بداية ونهاية لنجيب محفوظ. وسارة للعقاد. الأرض الشرقاوي غادة أم القرى لرضا حوحو وبحيرة الزيتون لأبي العيد دودو. والأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران والمصير لزهور ونيسي ويوميات نائب في الأرياف لتوفيق الحكيم... وقد تعددت اتجاهات القصة العربية الحديثة فمنها ما يعالج القضايا الاجتماعية ومنها ما يتناول القضايا النفسية ومنها ما يعالج المشاكل الوطنية والقومية وقد تجمع القصة الواحدة بين لونين أو أكثر من هذه الاتجاهات.كقصص نجيب محفوظ* اللص والكلاب * السكرية* قصر الشوق* وبين القصرين*.
وقد توفر لها البناء الفني الذي يميز القصة كجنس أدبي متميز.أهم هذه الخصائص ما يلي:
1- الحادثة هي مجموعة من الوقائع الجزئية تأتي مرتبطة على نحو معين يشترط فيها لن تكون منطقية ومرتبطة بالشخصيات.
2- السرد الأحداث التي تقوم بها شخصيات القصة أو تخضع لها يعرضها الكاتب بلغته وأسلوبه ورغم انه لكل أديب زاده اللغوي وأسلوبه الخاص. فهناك مميزات عامة للغة السرد تتمثل في السهولة والوضوح والخفة وملاءمة المعاني.
3- الحبكة: يقوم الأديب باختيار الأحداث وتنسيقها حيث يهيئ مقدمة تبتدئ منها القصة ثم يحرك الأحداث ويطورها ليجعلها تشتبك وتتأزم ثم يتدرج بها نحو الحل وهذا ما يسمى الحبكة أو التصميم العام لأحداث القصة ويستخدم الكاتب أربع طرق لعرض القصة.
1- طريقة السرد المباشر وفيها يتحدث الكاتب على لسان شخصياته فهو أشبه بالمؤرخ يظهر هذا في قصة الأرض الشرقاوي وهي الطريقة الأكثر شيوعا.
2- الترجمة الذاتية وفيها يتقمص الكاتب شخصية البطل كما في رواية من اجل ولدي لعبد الحليم عبد الله
3- وهناك طريقة حديثة تصور البطل من داخله من خلال أحلامه وذكرياته وهنا يتكسر الزمان والمكان ويجري العمل القصصي بلا منطق عقلي حيث يسود اللاشعور الذي يغرق الأحداث في الغموض مثل رواية ثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ.
4- أما الطريقة الرابعة فتتعدد فيها طرائق العرض من سرد وحار مباشر وغير مباشر مثل قصة ذهاب وإياب لصبري موسى.
4- الشخصية: يتعرف القارئ على شخصيات جديدة يشترط فيها أن تكون حية وواقعية حتى تجد من القارئ التعاطف والتأثير.والشخصيات نوعان: جاهزة ونامية *الجاهزة *تتميز بتصرفات ثابتة ومواقف واضحة. أما النامية* فهي التي يتم تكوينها مع تمام القصة.
5- الزمان والمكان:كل حادثة لابد أن تقع في مكان محدد وزمان معين لذا فهي مرتبطة بعادات ومبادئ ذلك الزمان والمكان.
6- الفكرة:القصة تكتب لتقرر فكرة لتنقل خلاصة تأمل أو تجربة شعورية فيصوغ الفكرة في إطار فني جديد ويجسدها في أشخاص وأحداث.
الفن القصصي فن لذيذ يحبه الكبار قبل الصغار فالكاتب عن طريق القصص يستطيع نشر الأفكار والمبادئ والاتجاهات وفي غمرة اللذة الفنية يتقبل هذه التوجيهات ومن هذا المنطلق ساهمت القصص في نشر الوعي بين الجماهير وتوسيع مدارك القراء. فبواسطة القصص نعيش حياة لم نعهدها من قبل قد لا تتوفر لنا في الحياة العادية أبدا. وهدا ما يفسر جلوسنا لساعات طويلة أمام الشاشة لمشاهدة مسلسلات وأفلام تروي قصصا مختلفة.أما بعض القصص فلها تأثير سلبي هدام على القراء لأنها تعالج مواضيع لا أخلاقية تفسد الشباب بدلا من توجيهه نحو الخير والبناء فعلينا اختيار ما نقرا.
تطور الفن القصصي وخصائصه .
القصة لون من ألوان التعبير الأدبي تمتاز بالطابع الإنساني والحلة الجمالية الأنيقة تعتمد على الوصف والسرد والحوار.
يعرفها محمود تيمور بقوله: ( هي عرض لفكرة مرت بخاطر الكاتب أو تسجيل لصورة تأثرت بها مخيلته أو بسط لعاطفة اختلجت في صدره. فأراد أن يعبر عنها بالكلام ليصل بها إلى أذهان القراء محاولا أن يكون أثرها في نفوسهم مثل أثرها في نفسه).
ويقسم الفن القصصي من حيث القالب أو المظهر إلى أربعة أقسام: الأقصوصة القصة الرواية والحكاية.
هل عرف أجدادنا الأوائل القصة ؟
وهل توفرت لها الشروط الفنية ؟
لم يخل أدبنا القديم من القصة بمفهومها البسيط ففي الأدب الجاهلي قصص تدور حول أيام العرب وحروبهم يرونها في الحل والترحال وتحت الخيام في ليالي السمر. وفي القران الكريم قصص الأنبياء وأقوامهم. وفي العصر العباسي نقل إلى العربية بعض القصص من الأمم الأجنبية مثل كليلة ودمنة لابن المقفع وألف الجاحظ كتاب البخلاء. وظهر فن المقامات. وكتب المعري رسالة الغفران وابن طفيل حي بن يقظان.
إلا أن ما كتب في هذه الفترة لم تتوفر فيه الشروط الفنية. بسبب الإغراق في الطول والاستطراد. الاهتمام بغريب الألفاظ. والاحتفاء بالصناعة اللفظية. وعدم التعمق في تحليل نفسيات الشخصيات.
في العصر الحديث.
اتصل الأدباء العرب بالغرب فاطلعوا على إنتاجهم القصصي الرفيع فأعجبوا به وانكبوا ينهلون منه انكباب يتيم جائع على مائدة غني كريم. وراحوا يترجمون بعضا ويقلدون بعضا ويقتبسون من بعضها الآخر.
حاول بعض الكتاب العرب إحياء فن المقامة من جديد أمثال اليازجي والمويلحي والشدياق وكتبوا محاولات قصصية جادة عالجت الواقع بنظرات لماحة نافذة. إلا أنها لم تلب حاجات العصر ولم تستوف التعبير عن وجدان الأمة. وهذا يعني أننا أمام نمطين من الفنون القصصية العربية: نمط ابتدعه الأدباء العرب بعيدا عن أي تأثر بغيرهم. ونمط آخر أنتجوه بعد تأثرهم بالفنون القصصية التي ازدهرت في اروبا.
وقد مرت القصة في العصر الحديث بالأطوار التالية:
-1- مرحلة الترجمة:
نتيجة اتصال العرب بالغرب وإطلاعهم على تراثهم الأدبي المتنوع اتجه بعض الكتاب إلى القصة لأنها الأكثر استيعابا لتطلعات واهتمامات الجماهير. وقدرتها على متابعة وتسجيل التغيرات الاجتماعية والسياسية التي كانت تزدحم بها البلاد العربية آنئذ. وكان رائد هؤلاء هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ترجم مغامرات تلماك للكاتب الفرنسي فنلون.
2 مرحلة المحاكاة والاقتباس:
تتجلى أول محاولة في هذا الطور في قصة عيسى بن هشام للمويلحي الذي حاول إدخال مقومات القصة الغربية والمحافظة على أسلوب المقامات وهو نفس النهج الذي انتهجه حافظ إبراهيم في ليالي سطيح.أما المنفلوطي فقد ترجم بتصرف وتغيير حتى يرضي القراء كما في الشاعر. مجدولين.
-3- مرحلة الإبداع:
وفيها أنتج الأدباء قصصا فنيا اعتمادا على إبداعهم وتبدأ بقصة زينب للدكتور محمد حسين هيكل. برغم غلو هذه القصة في الرومانسية وحلولها المفتعلة إلا أنها تعد البداية الفنية الحقيقية للرواية الاجتماعية. ثم ظهر لفيف من الأدباء بقصص جديدة توفر فيها البناء الفني فكتب طه حسين الأيام ودعاء الكروان – وتوفيق الحكيم عصفور من الشرق. ويوميات نائب في الأرياف. ونجيب محفوظ في الثلاثية وجرجي زيدان بقصصه التاريخي في سلسلة روايات تاريخ الإسلام.
أما في الجزائر فقد كتب رضا حوحو غادة أم القرى وكتب محمد ديب ثلاثيته البيت الكبير. الحريق. النول. وكتب مولود معمري العصا والأفيون.
وهكذا تطورت القصة العربية ونضجت واكتملت فنيا وما نيل نجيب محفوظ لجائزة نوبل للآداب إلا دليل على دلك. وقد تنوعت موضوعات القصة العربية الحديثة وتعددت اتجاهاتها فمنها ما هو اجتماعي أو نفسي وآخر تحليلي ومنها ماهو وطني وقومي وقد تجمع القصة الواحدة عدة ألوان وطنية اجتماعية نفسية.
خصائص الفن القصصي. :
1- التمهيد: ( الزمان والمكان ) الزمن قد يمتد لأجيال وأجيال أو يقصر ليشمل فترة وجيزة ففي قصة قرية ظالمة لمحمد كامل حسين الزمن يوم وليلة وهو نفس الزمن في ذهاب وإياب لصبري موسى.
2 - الأحداث: الكاتب الناجح يصنع من الحدث البسيط فنا عميقا راقيا حيث يتعمق في دراسة الأحداث فيرتبها وينسقها في شكل منطقي.
-3- العقدة: وتنجم عن ترتيب الحوادث وهي النقطة التي تتجمع عندها الخيوط فيتعقد الموقف ويتلهف القارئ لمعرفة الحل. -4- الحل: ويشترط فيه أن يكون منسقا مع الأحداث وقد يكون سعيدا أو حزينا.
-5- الشخصيات: جاهزة ونامية نجاح القصة يعتمد على نجاح الكاتب في تصوير الشخصيات فلابد أن تتطابق مع الأحداث ومع الواقع.
-6- الأسلوب: هو التعبير ووسائله اللغوية فلكل كاتب زاده اللغوي وأسلوبه الذي يميزه عن غيره فأسلوب العقاد يختلف عن أسلوب طه حسين أو احمد أمين.
الفن القصصي محبب إلى القلوب يتلذذ به الكبير قبل الصغير يجعلنا نحس بالراحة والتغيير حيث ندخل المعامع والمغامرات مع القصص البوليسي ونتجول في حدائق غناء مع القصص الرومانسي نتألم مع البؤساء ونبتسم مع السعداء مع القصص الواقعي وقد ساهمت القصة في نشر الوعي ومعالجة بعض المشاكل الاجتماعية وبعث الثقافة والأخلاق
لقد تأثر الفن القصصي العربي بالآداب الغربية فعلا ولا ضير في ذلك فالآداب التي تريد لنفسها الاستمرار ينبغي أن لا تضيع فرصة الازدهار والانبعاث.
المسرحية
نص أدبي يأتي على هيئة حوار يصور به الكاتب قصة مأساوية أو هزلية ويقوم الممثلون بتمثيل النص المسرحي بقاعة المسرح ضمن إطار فني.
وهي من أقدم الفنون الأدبية التي عرفتها الحضارة الإنسانية. فمنذ زمان بعيد أقام الإغريق مسارحهم في مناسبات دينية ووطنية. فعرفوا المأساة والملهاة. وتناولوا موضوعات دينية واجتماعية وأدى مسرحهم دوره في تعليم مجتمعهم. واعدوا شروط المسرح واستفاد منها حتى كتاب العصر الحديث.
وعن هؤلاء اخذ الرومان ثم الفرنسيون والإنجليز والألمان وعن هم اخذ العرب.
لكن إقبال العرب على المسرح لم يتم إلا في العصر الحديث على الرغم أنهم اطلعوا عليه عند ترجمة بعض المؤلفات اليونانية في البلاغة والفلسفة والرياضيات في بداية العهد العباسي. ولعل ذلك يرجع إلى ارتباط المسرح بالأفكار الوثنية التي لا يقرها الإسلام والى طبيعة الشعر العربي الغنائي الذي لا يصلح للتمثيل.