- الخميس ديسمبر 15, 2011 2:05 pm
#42276
بسم الله الرمن الرحيم
ما جرى في أمريكا، ومهما صاحبه من ضجيج إعلامي ومراسم حزن سنوية يشارك فيها كبار القادة السياسيين والعسكريين وتُجيش فيها المشاعر القومية، يظل حدثا محليا ولا يرتقي أن يكون حدثا كونيا بأية حال من الأحوال
مهما كان مستوى فظاعة الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، وعدم مشروعيته الأخلاقية والإنسانية إلا أنه يجب ألا يحجب عنا الحقائق التالية:
أولا: إن ما جرى في أمريكا، ومهما صاحبه من ضجيج إعلامي ومراسم حزن سنوية يشارك فيها كبار القادة السياسيين والعسكريين وتُجيش فيها المشاعر القومية، يظل حدثا محليا ولا يرتقي أن يكون حدثا كونيا بأية حال من الأحوال. لا يتعلق الأمر هنا بالتقليل من خطورة هذا العمل الإرهابي وأثره المحلي والعالمي، بقدر ما يتعلق بوضع الأمور في نصابها الصحيح وعدم السقوط في حبال التضخيم والتضليل، لمجرد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد قررت أن تجعل من هذا الحادث "مركز" التاريخ الكوني، الذي يقسم بموجبه العالم: إلى "ما قبل" و"ما بعد"، أو بمجرد أن القاعدة قررت أن تسمي حادثة الحادي عشر من سبتمبر /أيلول بغزوتي نيويورك ومانهاتن.
ما جرى قبل سنوات هو حدث فظيع وخطير، فضلا عن كونه لا يبرر من ناحية القيم الأخلاقية والإنسانية، ولكن هذا لا يعني أنه حدث استثنائي وغير مسبوق في تاريخ البشرية، أو لم تتله أو لن تتلوه أحداث أكثر خطورة وأعظم أثرا في العالم وعلى مصائر الشعوب والأمم.
الحقيقة أن حجم الأعمال الإرهابية التي ترتكب في مناطق كثيرة من العالم وعدد ضحاياها يمثل عشرات أضعاف عدد القتلى الذين سقطوا في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة حادثة الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، هذا دون أن نتحدث عن الكوارث الطبيعية والجوائح والمجاعات التي تعصف بشعوب كثيرة من العالم وتخلف وراءها آلاف القتلى دون أن يلقى لها بال أصلا. فالصومال وبعض دول القرن الأفريقي التي تكابد اليوم شبح المجاعات والأوبئة ويسقط فيها يوميا مئات الضحايا، قل وندر أن تحضر أخبارها في شاشات التلفاز وعدسات الكاميرا الأمريكية والغربية. بل إن عدد الضحايا الذين سقطوا في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها خلال العشرية الأخيرة نتيجة فيضان كاترينا مثلا وغيره لا يقارن بعدد القتلى الذين سقطوا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، ومع ذلك لم تحظ بذات القدر من طقوس الحزن والمراسم وإشعال الشموع . صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية وبسب سطوتها الإعلامية الهائلة وسيطرتها على العدد الأكبر من الفضائيات العالمية ووكالات الأنباء والمجلات والصحف العابرة للحدود والقارات تريد أن تجعل من هذا الحدث مركزَ التاريخ وموضعَ اهتمام كل العالم، ولك أن تقول: تحوله إلى مأتم عالمي، مطلوب أن تشارك فيه جموع البشرية بقاراتها الخمس، ولكن ثمة فرق بين ما تريده أمريكا وما ترغب فيه، وبين التقدير الموضوعي لحجم الأحداث والأفعال في ميزان التاريخ.
ثانيا، إن العالم الإسلامي قد ناله نصيب من الأذى أكبر مما نال الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بعد الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، كما أن عدد ضحاياه فاق بكثير عدد ضحايا الولايات المتحدة الأمريكية. فالذين سقطوا في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة أعمال القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر /أيلول يعد نزرا مقارنة بما سقط في بالي والدار البيضاء والجزائر والمدن الباكستانية والأفغانية وغيرها.
ثالثا: إن الولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت نفسها في موضع الضحية البريئة قد انتقلت بسرعة إلى موقع المعتدي، فهي قد أشفت غليلها باحتلال بلدين مسلمين في مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من أحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول وجعلت شعوب المنطقة برمتها تدفع ثمنا باهظا من دمائها واستقرارها وثرواتها بما يفوق بكثير ما دفعته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون. فقد وصل عدد قتلى أفغانستان الذي خضع للاحتلال الأمريكي بعد بضعة أيام من الحادي عشر من سبتمبر /أيلول إلى الآلاف، ما يزيد عن عشرين ألفا، منهم لقوا حتفهم في غضون سنة من الغزو بحسب دراسة أجرتها صحيفة الغاردين البريطانية. وفي العراق قدرت مجلة اللانست (Lancet) عدد القتلى في يوليو 2006، أي بعد 3 سنوات من اجتياحه، بنحو 645,965 قتيلا، هذا دون أن نتحدث هنا عما جلبه الاحتلال الأمريكي لهذين البلدين المسلمين من دمار على مستوى النسيج الاجتماعي والسياسي والوضع التنموي. فالعراق الذي كان إلى وقت قريب يعد من أكثر دول المنطقة رخاء وثراء، قد أدخله الأمريكان حقبة الحروب الطائفية المدمرة ونزلوا به إلى قاع الفقر والأمية والتخلف، بعدما كان يشغل موقعا متقدما بين دول المنطقة على صعيد التعليم والصحة والبنية الأساسية وغيرها.
ما أردت قوله هنا أن التداعيات الكبرى لأحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول كانت تجري على الأرض العربية والإسلامية أكثر مما كانت تجري على الأرض الأمريكية، وكان ضحاياها عربا ومسلمين تحت نير الحروب والتدخلات العسكرية الأمريكية. هذا دون أن نتحدث عن موجة الكراهية وشيطنة الإسلام والمسلمين التي أطلقت من عقالها سواء في العواصم الغربية أو في مختلف بلدان العالم.
ما جرى في أمريكا، ومهما صاحبه من ضجيج إعلامي ومراسم حزن سنوية يشارك فيها كبار القادة السياسيين والعسكريين وتُجيش فيها المشاعر القومية، يظل حدثا محليا ولا يرتقي أن يكون حدثا كونيا بأية حال من الأحوال
مهما كان مستوى فظاعة الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، وعدم مشروعيته الأخلاقية والإنسانية إلا أنه يجب ألا يحجب عنا الحقائق التالية:
أولا: إن ما جرى في أمريكا، ومهما صاحبه من ضجيج إعلامي ومراسم حزن سنوية يشارك فيها كبار القادة السياسيين والعسكريين وتُجيش فيها المشاعر القومية، يظل حدثا محليا ولا يرتقي أن يكون حدثا كونيا بأية حال من الأحوال. لا يتعلق الأمر هنا بالتقليل من خطورة هذا العمل الإرهابي وأثره المحلي والعالمي، بقدر ما يتعلق بوضع الأمور في نصابها الصحيح وعدم السقوط في حبال التضخيم والتضليل، لمجرد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد قررت أن تجعل من هذا الحادث "مركز" التاريخ الكوني، الذي يقسم بموجبه العالم: إلى "ما قبل" و"ما بعد"، أو بمجرد أن القاعدة قررت أن تسمي حادثة الحادي عشر من سبتمبر /أيلول بغزوتي نيويورك ومانهاتن.
ما جرى قبل سنوات هو حدث فظيع وخطير، فضلا عن كونه لا يبرر من ناحية القيم الأخلاقية والإنسانية، ولكن هذا لا يعني أنه حدث استثنائي وغير مسبوق في تاريخ البشرية، أو لم تتله أو لن تتلوه أحداث أكثر خطورة وأعظم أثرا في العالم وعلى مصائر الشعوب والأمم.
الحقيقة أن حجم الأعمال الإرهابية التي ترتكب في مناطق كثيرة من العالم وعدد ضحاياها يمثل عشرات أضعاف عدد القتلى الذين سقطوا في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة حادثة الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، هذا دون أن نتحدث عن الكوارث الطبيعية والجوائح والمجاعات التي تعصف بشعوب كثيرة من العالم وتخلف وراءها آلاف القتلى دون أن يلقى لها بال أصلا. فالصومال وبعض دول القرن الأفريقي التي تكابد اليوم شبح المجاعات والأوبئة ويسقط فيها يوميا مئات الضحايا، قل وندر أن تحضر أخبارها في شاشات التلفاز وعدسات الكاميرا الأمريكية والغربية. بل إن عدد الضحايا الذين سقطوا في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها خلال العشرية الأخيرة نتيجة فيضان كاترينا مثلا وغيره لا يقارن بعدد القتلى الذين سقطوا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، ومع ذلك لم تحظ بذات القدر من طقوس الحزن والمراسم وإشعال الشموع . صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية وبسب سطوتها الإعلامية الهائلة وسيطرتها على العدد الأكبر من الفضائيات العالمية ووكالات الأنباء والمجلات والصحف العابرة للحدود والقارات تريد أن تجعل من هذا الحدث مركزَ التاريخ وموضعَ اهتمام كل العالم، ولك أن تقول: تحوله إلى مأتم عالمي، مطلوب أن تشارك فيه جموع البشرية بقاراتها الخمس، ولكن ثمة فرق بين ما تريده أمريكا وما ترغب فيه، وبين التقدير الموضوعي لحجم الأحداث والأفعال في ميزان التاريخ.
ثانيا، إن العالم الإسلامي قد ناله نصيب من الأذى أكبر مما نال الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بعد الحادي عشر من سبتمبر /أيلول، كما أن عدد ضحاياه فاق بكثير عدد ضحايا الولايات المتحدة الأمريكية. فالذين سقطوا في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة أعمال القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر /أيلول يعد نزرا مقارنة بما سقط في بالي والدار البيضاء والجزائر والمدن الباكستانية والأفغانية وغيرها.
ثالثا: إن الولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت نفسها في موضع الضحية البريئة قد انتقلت بسرعة إلى موقع المعتدي، فهي قد أشفت غليلها باحتلال بلدين مسلمين في مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من أحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول وجعلت شعوب المنطقة برمتها تدفع ثمنا باهظا من دمائها واستقرارها وثرواتها بما يفوق بكثير ما دفعته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون. فقد وصل عدد قتلى أفغانستان الذي خضع للاحتلال الأمريكي بعد بضعة أيام من الحادي عشر من سبتمبر /أيلول إلى الآلاف، ما يزيد عن عشرين ألفا، منهم لقوا حتفهم في غضون سنة من الغزو بحسب دراسة أجرتها صحيفة الغاردين البريطانية. وفي العراق قدرت مجلة اللانست (Lancet) عدد القتلى في يوليو 2006، أي بعد 3 سنوات من اجتياحه، بنحو 645,965 قتيلا، هذا دون أن نتحدث هنا عما جلبه الاحتلال الأمريكي لهذين البلدين المسلمين من دمار على مستوى النسيج الاجتماعي والسياسي والوضع التنموي. فالعراق الذي كان إلى وقت قريب يعد من أكثر دول المنطقة رخاء وثراء، قد أدخله الأمريكان حقبة الحروب الطائفية المدمرة ونزلوا به إلى قاع الفقر والأمية والتخلف، بعدما كان يشغل موقعا متقدما بين دول المنطقة على صعيد التعليم والصحة والبنية الأساسية وغيرها.
ما أردت قوله هنا أن التداعيات الكبرى لأحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول كانت تجري على الأرض العربية والإسلامية أكثر مما كانت تجري على الأرض الأمريكية، وكان ضحاياها عربا ومسلمين تحت نير الحروب والتدخلات العسكرية الأمريكية. هذا دون أن نتحدث عن موجة الكراهية وشيطنة الإسلام والمسلمين التي أطلقت من عقالها سواء في العواصم الغربية أو في مختلف بلدان العالم.