الحور الاخبارية - ان يقتل الطاغية العقيد معمر القذافي بعد إلقاء القبض عليه بهذه الطريقة المخجلة وأمام الكاميرات، فهذا إعدام بدم بارد خارج إطار القضاء، وفيه قدر كبير من التعدي على كرامة إنسان والحط منها، وانتهاك للحق في الحياة، وغير مقبول أخلاقيا وقانونياً ودينياً، ويؤسس لأعمال الثأر والانتقام في مجتمع قبلي مثل ليبيا، ويدفع إلى عدم التفاؤل ببناء مجتمع مدني قائم على الديموقراطية واحترام سيادة القانون.
القذافي كان طاغية ومستبد ارتكب جرائم كبيرة وحكم الناس بالحديد والنار، وساد الظلم في ليبيا، ولم يؤسس لنظام سياسي ودولة لها مؤسسات ومرتكزات، نهب خيرات البلاد ومنع العباد من مجرد الكلام، وكان سبب في التدخل الأجنبي إلى بلاده، وقتل الآلاف من أبناء شعبه وترك خلفه خرابا كبيراً.
ما حدث في ليبيا منذ بداية الثورة ومن التدخل الأجنبي ليس امرأ عادياً، في ليبيا العدو أصبح صديق، فالعرب هم من صادقوا على تدخل قوات الناتو في ليبيا ومنهم من شارك في القصف على ليبيا مع قوات الناتو الذي حظي تدخله بغطاء قانوني دولي، ومن قاموا بمساعدة الثوار وساهموا في تحرير ليبيا، هم أنفسهم من غفروا لنظام العقيد معمر القذافي سابقاً، وساهموا في إدامة الطغيان والاستبداد والفساد والظلم ونهب خيرات ليبيا، وهم من غضوا النظر عن الظلم الذي كان سائدا في ليبيا، وعن غياب الديموقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان وقمع الحريات وغياب العدل، وعملوا على إعادة تأهيله وتكوينه ليكون عضوا في منتدياتهم وبقاء استمراره في الحكم حتى لو ورث ابنه من بعده، أو جوع شعبه.
على إثر مقتل القذافي، الغرب الذي تدخل في ليبيا تحت غطاء حماية حقوق الإنسان وحماية الشعب الليبي من بطش القذافي، لم يهتم للطريقة التي قتل فيها القذافي، ولم يشكل له ذلك انتهاكا لحقوق الإنسان، الغرب طالب بطي صفحة الماضي وانتهاء حكم الخوف، وبناء ليبيا الجديدة، على أسس الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، الغرب ذاته هو الذي ضحى في السابق بحقوق الإنسان والحريات وتغييب الليبيين، من اجل الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية بنهب ثروات البلاد خاصة النفط.
مقتل القذافي بهذه الطريقة البشعة لا يبشر بخير، ولا نعلم كيف ستكون العلاقة بين ليبيا الجديدة والولايات المتحدة والغرب خاصة فرنسا؟ وقد لا تجري الأمور كما يريد الشعب الليبي ومصالحه في علاقته بالغرب ومصالحه وما قد تسير الأحداث في ظل وجود قوي لتنظيم القاعدة.
ولا نعلم كيف سينظم الليبيين علاقاتهم الداخلية في ظل الخلافات الشديدة بين التيار الإسلامي المعتدل المكون من معتدلين ومتطرفين من جهة وبين العلمانيين و الليبراليين من جهة أخرى، في ظل مجتمع قبلي يغلب الهوية القبلية والمناطقية، وتحكمه عقلية الثأر والانتقام،خاصة بعد مقتل القذافي، ومجتمع لم يمارس حياة سياسية مدنية في ظل غياب نظام سياسي يرتكز على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
توحد الشعب الليبي للتخلص من القذافي، فهل سيتوحد في إقامة ليبيا الجديدة القائمة على الديموقراطية وحقوق الإنسان والعدالة وتوزيع الثروات والقضاء على القبيلة وعدم تحول ليبيا إلى ساحة من الفوضى و الفلتان؟ وهل يستطيع الليبيين التخلص من التدخل الأجنبي، وإقامة علاقة مع الغرب قائمة على المصالح وتغليب المصلحة الوطنية لبلادهم وقدرتهم على السيطرة على ثرواتهم وعدم تبديدها.