- الخميس مارس 13, 2008 6:14 pm
#287
بسم الله الرحمن الرحيم
)يُرِيدُونَ أن يُطفِئُوا نُورَ اللهِ بِأفوَاهِهِم وَيَأبَى اللهُ إلا أن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَــــو كَرِهَ الكَـــافِـرُونَ(
مقدمة
ليست هذه الدراسة بحثا ترفيا في الدين أو التاريخ أو السياسة ، وكذلك فهي ليست أطروحة أكاديمية يهمها الالتزام بضوابط البحث الأكاديمي الشكلية ، بقدر ماهي دراسة ميدانية توعوية رسالتها أن توصل صرخة استغاثة وان تدق جرس إنذار لكل من يهمه الأمر، )فالعدو ليس على الأبواب ، وإنما هو في حجرات النوم( ، وفي القريب العاجل سيفصل بين الزوج وزوجه وبين الولد وأبيه ، بل سيشعل بينهم العداوة والبغضاء ، فيحل بعضهم دماء البعض الأخر.
لقد فشل البعثيون و الطائفيون في سعيهم لإضعاف الكيان الشيعي في العراق من الخارج ، بل ان تألبهم عليه قد وحد صفوفه وأذاب الخلافات بين مكوناته ، ولذلك وضعت الخطط لضربه وإضعافه و تمزيقه من الداخل ، فكانت التجمعات العشائرية الممولة خليجيا، والأحزاب السياسية التي لها بداية وليس لها نهاية و التي يقودها أيتام النظام البائد ، والمئات من المؤسسات ( الإنسانية والثقافية والاجتماعية ) المشبوهة التي تختفي خلف عنوان ( منظمات المجتمع المدني) ، وأخيرا ( الحركات السلوكية ) و التي تعتبر الحلقة الأخطر من حلقات هذا المخطط الكبير لتفتيت وتمزيق النسيج السكاني الشيعي في الوسط و الجنوب.
وهذه الدراسة إنما تسعى
اولا:- لتسليط الأضواء على حقيقة وحجم الخطر الذي تمثله هذه الحركات على الامن الوطني
ثانيا:- اثارة الوعي الأمني و السياسي و العقائدي لدى الامة ونخبها المتصدية ، عسى ان تتدارك الأمر و بالسرعة المطلوبة قبل ان يفلت الزمام وتتداخل الخنادق وتضيع الحقائق .
ثالثا :- تحصين الشباب من مخاطر هذه الحركات ، المنحرفة ، من خلال فضح حقيقة الجذور الفكرية الوثنية لهذه الحركات وبعدها عن الاسلام و التوحيد و الفطرة السوية، وعن منهج اهل البيت(ع) ، وكذلك طبيعة امتداداتها وعلاقاتها المشبوهة مع كل أعداء الشعب العراقي ، وشيعته على وجه الخصوص .
وقد قسمناها الى تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة فاستعرضنا في التمهيد المنطلقات التاريخية والإرهاصات التكوينية والتأسيسية ( للحركات السلوكية) ، وفي المبحث الأول تعرضنا بإيجاز للحركات السلوكية الفاعلة في الساحة
العراقية ، واهم عقائدها و أفكارها و آليات عملها ، و أماكن تواجدها ،أما المبحث الثاني فقد تناولنا فيه بنوع من التفصيل ( الحركة المهدوية المولوية ) كنموذج تتجلى فيه حقيقة (المنهج السلوكي) بصورة واضحة وعميقة فيما خصصنا المبحث الثالث لمناقشة أصل وجود هذه الحركات والمسوغات الشرعية والأدلة العقلية لادعاءاتها ومزاعمها، وأخيرا ختمنا باستعراض اهم النتائج التي انتهينا اليها في هذا الموضوع .
وقد عرضنا لجملة من المقترحات حول السبل الناجعة للتعامل مع هذه الحركات لتحجيمها ودفع شرورها عن الامة ، وكذلك رأي المرجعيات الدينية وفتاوى العلماء الأعلام حول هذه التيارات المنحرفة و الموقف الشرعي منها .
..................................................
تمهيد
المهدوية[1] عقيدة أسلامية راسخة رغم اختلاف مدارس المسلمين في فهمها و التعامل معها، بين مؤمن بالمفهوم (السنة) ومؤمن بمصداق معين (الشيعة) ، ألا أن هذه الفكرة كانت توظف دائما بالاتجاه الخطأ ، وهو مايتجلى هذه الأيــام وبــعد سقوط النظام فــي هــذه (الهبة المهدوية المشبوهة).
أن الحركات المهدوية موضوع قديم جديد، قديم في جذوره وامتداداته السابقة وجديد في تمظهراته الحالية ، وهي وان تلفعت بالدين ، ورفعت الشعارات البراقة ألا أنها وكما أثبتت التجارب التاريخية المعاصرة تعتبر من اشد الأعداء للدين و الوطن ، واحد أهم المعاول التي يوظفها الأعداء للنيل من الدين والوطن ، فتاريخ هذه الفرق مرتبط دائما بالغلو[2] العقائدي والتحجر الفكري
[1] المهدوية:- صفه لكل من ادعى انه (المهدي)المبشر به من قبل النبي (ص) والذي يملأ الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، وكذلك كل من ادعى السفارة عن الامام المهدي ، او القرابة منه ، وباي شكل كان، وبصوره اعم كل الحركات والفرق التي تدعى تمثيلها للمهدي او انها مقدمة لظهوره.
لقد تكررت دعوات المهدوية في التاريخ الاسلامي .. حتى تجاوزت العشرات وتدلنا هذه الظاهرة على تماهي مصطلح (الامام المهدي) مع معنى الثورة والحرية والعدالة ، وانبثاقه كردة فعل على الواقع الفاسد الذي كان يتدهور اليه المجتمع الاسلامي ، وهي تستفيد من الروايات المتواترة بظهور مهدي اخر الزمان ففي كل مره يتصور الناس ان زمانهم هذا هو آخر الزمان وان زعيمهم او شهيدهم هو المهدي المنتظر وهكذا دواليك، فهذه الفكرة تمثل الخلاص للمحرومين ، وهي مناسبة لحشد التأييد الشعبي لاي ثائر يرفع هذا الشعار ، وتقوم باضفاء نوع من القداسة على ثورته.
لقد كانت معظم قصص المهدوية في القرون الاسلامية الاولى ، مرتبطة ومنبثقة من حركات سياسية ثورية تتصدى لرفع الظلم والاضطهاد وتلتف حول زعيم من الزعماء وعادة ما يكون من اهل البيت (ع) وعندما تفشل الحركة ويموت زعيمها قبل ان ينتصر ، او يقتل في المعركة ، او يختفي في ظروف غامضة ، كان اصحابه يختلفون ، فمنهم من يسلم بالامر الواقع ، ومنهم من يرفض التسليم والاعتراف بالهزيمة ، ويسارع لتصديق الاشاعات التي تتحدث عن هروب الامام الثائر او اختفائه وغيبته ، وعادة ما يكون هؤلاء من بسطاء الناس الذين يعلقون امالآ كبيرة على شخص او يضخمون مواصفات ذلك الزعيم ، فيصعب عليهم التراجع ، لانه سيعني لديهم الانهيار والانسحاق النفسي .
ان التاريخ الشيعي ليضج بالثورات والحركات المهدوية ، منذ الصدر الاول للاسلام وحتى يومنا هذا ، وكذلك فأن هناك عدد من الحركات (السنية) قد رفعت شعار المهدوية من امثال :
1- مهدوية (المهدي بن تومرت) مؤسس دولة الموحدين في المغرب العربي.
2- مهدوية (محمد بن عبد الله السنوسي)- قائد الحركة السنوسية في ليبيا .
3- مهدوية (محمد احمد المهدي) ( مهدي السودان).
[2] الغلو:- وهو موقف مبالغ فيه يقفه انسان من قضية عامة او خاصة بشكل متطرف تتجاوز حدود المألوف والمعقول .
لغة :هو مجاوزة الحد والافراط في الشيء ///.اصطلاحاً : هي الجماعات التي غلت في الامام علي ع وابنائه من بعده ، وهناك من غلا في غيرهم."راجع الملحق ـ 1ـ"
والتكفير[1] و الجهل و إلغاء الآخر، وهي كذلك وعلى طول الخط فرصة للدوائر الاستعمارية الحاقدة على الأمة وعقيدتها و أمنها وازدهارها. فالخطابية[2] و النصيرية[3] .
[1] التكفير:-مصطلح اشتق من الكفر ، والكفر في اللغة: بمعنى الستر والتغطية، ومنه سمي الكفر الذي هو ضد الايمان – كفراً لان فيه تغطية للحق، بجحد اوغيره، وسمى الكافر كافراً لانه قد غطى قلبه بالكفر…اما في الاصطلاح :- فهو اتهام جماعة او طائفة بالفسق والضلال والخروج من الدين مما يجردهم من حقوقهم الانسانية ويعرضهم للاهانة او القتل او الطرد من المجتمع.
التكفير والخوارج :- ان اصل ظاهرة التكفير هم الخوراج، وهي الفئه التي خرجت على الامام علي (ع) بعد ان كانت تحارب معه في صفين ، فهم وبعد ان خدعوا بخديعة رفع المصاحف ، ورفضوا الاستمرار بالقتال، عادوا ليرفعوا شعار (لا حكم الا لله) بعد رفضهم لنتائج التحكيم، (فقد اجبروا الامام علي (ع) على قبول التحكيم وحين تم ذلك طلبوا منه ان يرجع عنه ، بل وان يعلن إسلامه).
لقد خدع كثير من الناس بهذا الشعار (لاحكم الا لله ) لانه يوحي بالتمسك بكتاب الله، وقد عبر الإمام علي (ع) عن هذا الشعار بانه (كلمة حق يراد بها باطل)، وكان الخوارج يكثرون من العبادة وقراءة القرآن حتى سموا بذوي الجباه السود والقراء، ويغلب على اتباع هذه الفرقة ( الانفعال والتطرف في السلوك والتزمت في الدين والتحجر في الفكر) وقد ذهبوا الى تكفير الامام علي (ع) وعثمان وأصحاب الجمل ومعاوية والحكمين وكل من رضى بحكمهما ، ما اشبه الليلة بالبارحة ، واشبه السلوكيون هذه الايام وهم يكفرون ويخونون الجميع بلا استثناء ، بالخوارج في صدر الاسلام اللذين كفروا الجميع وبلا استثناء ايضا.
واخيرا فقد اضطر الامام علي (ع) الى ان يحاربهم بعد ان سفكوا دماء المسلمين، حتى كاد ان يستأصلهم في معركة النهروان، ثم استشهد سلام الله عليه على يد احدهم وهو يصلي في مسجد الكوفة ، وفيما بعد انقسم الخوراج الى فرق كثيرة انقرض اغلبها ولم يبق ظاهرا منها الا (الاباضية) في عمان، وقد شذت بعض هذه الفرق في عقائدها، فبعضها كالبدعية قصروا الصلاة على ركعه في الصباح وركعة في المساء، بينما اجازت (الميمونية) نكاح بعض المحارم كبنات البنين وبنات البنات وبنات بني الاخوة. ان انتشار ثقافة التكفير في المجتمع سوف لن تستثني احد من شرورها لان انتشارها سيجعل الجميع يكفر الجميع ، و الجميع يستحل دماء الجميع.
[2] ا لخطابية:- فرقة مغالية تنسب الى (ابي الخطاب – محمد ابن ابي زينب الاجدع) والذي كان يغالي في الامام الصادق ويؤلهه وهو القائل إله في السماء وإله في الارض ، ويقصد الامام الصادق وهذا مصداق ما تقول به عقيدة الاتحاد و الحلول .
[3] النصيرية:- حركة مغالية ظهرت في القرن الثاث الهجري، اسسها (محمد بن نصير النميري البصري) الذي اشتهر بالخلاعة والفجور ، وكان يقول باباحة اللواط ، ويعتبره من التواضع والتذلل ، وانه احد الشهوات والطيبات.
رفع الامام الهادي (ع) الى درجة الالوهية، وادعى لنفسه مرتبة النبوه والرسالة ، انقسم اتباعه بعده الى عدة فرق و بقاياهم موجودين اليوم في سوريا وتركيا ويسمون انفسهم بالعلويين .
عقائدهم:-
1- الغلو في الامام علي (ع) ، والاعتقاد بانه إله و رب ، إله في السماء وامام في الارض ، وهو ما يفلسفونه من خلال اعتقادهم بنظرية (الاتحاد والحلول) ، وان الله قد حل في جسد الامام علي(ع) واتحد به.
2- يزعمون بان للعقيدة ظاهراً وباطن وانهم وحدهم العالمون ببواطن الاسرار .
3- تأثروا بالافلاطونية الحديثة، ونقلوا عنها نظرية الفيض النوراني على الاشياء ووحدة الوجود.
4- يؤمنون بالتناسخ (تكرار المولد) وهو الاعتقاد بازلية الروح ، فالروح لا تفنى فناءا كاملاً بل اذا خرجت من جسم حلت في جسم اخر ، وهكذا تنتقل من هنا الى هناك ، ويكون نوع انتقالها حسب صلاحها او فسادها ، فالصالحة تنتقل بصورة تصاعدية ارتقائية حتى تتصل (بالروح المطلقة للآله) وهو ما يسمى بـ( النرفانا) في العقيدة الهندوسية ، والنصيرية يضيفون الى ذلك ان الروح المؤمنه قد تنسخ الى كوكب في السماء ، لذا يعتقدون ان جميع ما في السماء من كواكب انما هي (انفس المؤمنين الصالحين)، اما الروح الفاسدة فانها تتسافل حتى تتمثل في هياكل الحيوانات ثم الحشرات.
فالتناسخ عندهم وسيلة للتكامل او التسافل، وهي العقيدة الرئيسية للديانات الشرقية الاسيوية ( البوذية والجينية والسيخية والهندوسية وغيرها )
و الاغاخانية[1] وغيرها العشرات قديما، والشيخية[2] و البابية[3] و البهائية[4] وغيرهـــا حديثـا وأخيراً (اليمانـي و القحطاني والرباني و الصرخي و قاضي السماء الكرعاوي) وغيرها الكثير من الامتدادات المشبوهة و المنحرفة و المرتبطة بالأجنبي.
واليوم وحيث يعيش العراق واحدة من اخطر المفاصل التاريخية في وجوده ، وحيث يتم التأسيس لعراق جديد على أنقاض الدكتاتورية و الطائفية و العنصرية ، وحيث يتعرض الكيان العراقي لأخطر هجمة دموية حاقدة ، نعم اليوم وفي ظل هذه الظروف المأساوية بدأت بالانتشار هذه الحركات المشبوهة مستغلة حالة الفوضى التي تعم البلاد وتدني المستوى الثقافي للأمة بعد عقود من التجهيل و المسخ و التدمير المنهجي للعقل العراقي، إضافة إلى توظيف حالة التذمر الشعبي من نقص الخدمات و فقدان الأمن ، باتجاه إسقاط العملية السياسية وتسقيط الأحزاب و المرجعيات الدينية ، في عملية تسطيح و تبسيط للإحداث، وعدم ربطها بمسبباتها الحقيقية ، (إضافة إلى إغماض العين) عما تحقق من مكتسبات يحاول أعداء الأمة إجهاضها بشتى السبل.
أن الخطر الأكبر القادم على سكان الوسط و الجنوب ليس من الخارج فحسب، و أنما هو من الداخل أيضاً، من هذه الحركات التي بدأت تنتشر انتشار النار في الهشيم و التي هي في الحقيقة طابور خامس للعدو الخارجي.
أن حركات محمود الصرخي ، واحمد الحسن اليماني ، وفاضل الرباني ، وحيدر القحطاني ، وقاضي السماء الكرعاوي وحركة الممهدون ، وعشرات المجاميع من السلوكية[5] ودعاة المهدوية، الموجودين في اغلب مدن الوسط و الجنوب أنما هي في الواقع وجوه لحقيقة واحدة و حركات و فرق ضمن تيار واحد ، وهو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (التيار السلوكي - المهدوي) باعتبار أن الحركات ضمن هذا التيار مهما اختلفت و مهما تقاطعت
مصالحها و مصالح زعمائها ، ورغم تميز إحداها على الأخرى في بعض الخصوصيات ، ألا أنها تلتقي على الكثير من الثوابت و القواسم المشتركة عقائديا وسياسيا و إعلاميا و منهجيا ، وجميعها تنضوي تحت خيمة واحدة وضمن إطار واحد ، كما و أن قواعدها الشعبية متداخلة بصورة كبيرة وواسعة ، وهناك تعاون و تنسيق فيما بينها.
وفيما يلي سوف نستعرض عددا من هذه الحركات الظلامية المنحرفة ، و نفصل القول في أخطرها وأكثرها خفاءاً ، ألا وهي حركة الممهدون ( المولوية )، ولكن وقبل هذا وذاك سنمر مروراً سريعا مختصراً على أهم المحطات في مسيرة (الحركة السلوكية المهدوية ) في النجف ، كي نربط الماضي بالحاضر ونفهم حقيقة المقدمات التي أدت الى انتشار هذا البلاء في بلاد الرافدين.
اضواء على الحركات السلوكية المعاصرة
في بداية التسعينات ومع ظهور نجم السيد محمد الصدر،(سقراط الفكر المهدوي المعاصر)، (رض ) وفتحة لابواب الدراسة الحوزوية على مصراعيها، وقيامه شخصياً بالتدريس ، كان رحمه الله يلقي على بعض تلامذته دروس في (العرفان والسلوك)او (علم الباطن والحقيقة) الذي يقابل (علم الظاهر و الشريعة) ، وذلك حسب تصنيفات المتصوفة[6] وأهل العرفان ،ويبدو ان الخلاف والجدال والصراع الدائر بينهما منذ قرون ، بين مرجح للباطن على الظاهر او بالعكس وبين جامع بين الاثنين قد عاد ليطل برأسه من جديد ، ولكن هذه المرة وهو يحمل معه نذر الموت ومشاعل الفتنة ودعاوى التكفير، وبالعود الى موضوعنا يبدو ان بعض تلامذة السيد الصدر (رض) قد خرجوا عن سياق البحث الذي يلقيه ، وخالفوا المنهج العرفاني الشرعي المعتدل الذي كان يبثه بينهم والذي يجمع بين آداب السلوك و آداب الفقه ، فانفتحوا على علوم وأبحاث هذا العلم وهي كثيرة وغاصوا في بحاره وهي عميقة ، ولم يأخذوا للأمر اهبته ولم يستعدوا له كما ينبغي ، فخاضوا فيه من غير حصانه وهم في بداية الطريق فغرقوا واغرقوا معهم خلقاً كثيراً، هذا فيما لو أحسنا الظن ، ولكن هناك أرقام وأدلة تؤكد ارتباطهم بمخابرات النظام السابق.
وقد عرفوا في حياة السيد الشهيد (بالمنتظرون) أو(حركة جند المولى) ، والمولى هو السيد الصدر(رض) إذ كانوا يعتقدون أن الإمام المهدي قد تجلى وظهر به ، وكان على رأسهم اثنين من طلبته رحمه الله ، هم (منتظر الخفاجي) و(فرقد معز الدين القزويني) ، فهؤلاء هم طليعة السلوكية في النجف ، ثم تبعهم خط ثانٍ من السلوكيين من طلبة السيد الصدر، انتشروا في كل محافظات العراق الوسطى و الجنوبية، كان أشهرهم (حيدر مشتت-القحطاني)و(احمد اسماعيل كاطع- اليماني) و( فاضل عبد الحسين – الرباني )، وقد فسقهم رحمة الله وفسق من يتعاون معهم.
ثم دارت عجلة هذا الفكر المنحرف لتجرف في طريقها الآلاف من البسطاء والجهلة وأنصاف المتعلمين والموتورين ، وطلاب الجاه والمال ، ثم لتتحول فيما بعد الى مجاميع تكفيرية لاتؤمن بأي شيء ، حيث تم
احتوائها من قبل المخابرات الأجنبية والجهات الطائفية والوهابية التي تريد شراً بالعراق وأهله ، فانهالت عليهم الأموال ، وتم اختراقهم بعناصر مخابراتية محترفة وخطيرة ، بدأت تسّير هذه الحركات من خلف ستار ، وتتحكم بقراراتها وتملي عليها عقائدها ، وترسم لها خط سيرها .
وكانت اخطر حلقة من حلقات هذه المؤامرة هي (واقعة الزركة) وما يسمى (بجيش الرعب) و (جند السماء) والذي كان يتهيأ لاحتلال النجف وقتل جميع المراجع وعلماء الدين وكل من يقف في طريقه ، على أمل ان تهب باقي المجاميع السلوكية للنصرة ، فيختل حبل الأمن ويسود الهرج والمرج وهنا ستتدخل قوى خارجية ، وقوى داخلية غير منظورة لقلب الأوضاع وبما يؤدي الى إسقاط الحكومة وانتشار الفوضى الشاملة في البلاد ولكن الله والغيارى والمخلصين كانوا لهم بالمرصاد.
هذا ما كان من أمر السلوكيين في النجف والعراق ، أما في خارج العراق فهناك مجاميع مختلفة من السلوكيين في إيران والباكستان ولبنان ، لا يسعنا حصرها واستعراضها لكثرتها من ناحية ولضعفها وعدم أهميتها وعدم تأثيرها من ناحية اخرى، عدا الدور الذي قام ويقوم به المدعو (ابو هدى الغزي) ، حيث ساهم في نفخ الروح في هذا الفكر والسلوك المنحرف وتأجيجه داخل العراق ، وخاصة بعد سقوط النظام .
فمن هو (ابو هدى الغزي) ومن هم أساتذته وتلامذته ؟ ان القصة باختصار شديد ومضغوط كالتالي :
في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وبعد الحملة التي قادها النظام البائد لاستئصال الإسلاميين ، هاجر الكثير منهم الى خارج العراق، وكان من ضمن هؤلاء المهاجرين شيخ حديث العهد بالانضمام إلى حزب الدعوة الاسلامية اسمه (محمد علي اليعقوبي).
هاجر الشيخ محمد علي اليعقوبي الى الكويت ثم الى إيران حيث اختص بالسيد (عبد الكريم الكشميري) العرفاني المعروف، واخذ عنه بعض أسرار العرفان (كما يعبر العرفانيون) واصبح من حوارييه المقربين، ثم اصبح فيما بعد عنواناً للافكار السلوكية المهدوية في اوساط العراقيين في ايران ، واستطاع مد الكثير من العلاقات مع شخصيات مهمة ومؤثرة في ايران ، واخيرا اعتقل بتهمة نقل اموال من الخليج الى جهات مشبوهة في ايران ، وقضى سنة واحده في السجن ، وبعد ان خرج ذهب الى الهند والباكستان ، وانقطعت اخباره منذئذ.
أما الشيخ (عبدالحليم الغزي - ابو هدى-) من ناحية الشطرة في الناصرية ، فهو داعية ، اعتقل عام 1979 بتهمة الانتماء الى حزب الدعوة ، لكنه انهار في التحقيق واعترف اعترافاً تفصيلياً ، وبعد ان خرج في العفو، هرب الى الكويت ثم الى سوريا ثم الى ايران ، لكنه تعرف في الكويت بالشيخ محمد علي اليعقوبي واستمرت العلاقة بينهما بعد سفرهما الى ايران ، ثم انظم الى معسكر (الشهيد الصدر) للمجاهدين العراقيين من الدعاة ، ولكنه كان على عكس الجميع (متخاذل - متردد - جبان) ، ثم ترك المعسكر عائدا الى مدينة (قم) هاربا من الجهاد ، متفرغا للدراسة ، ومروجا لثقافة الانسحاب من سوح الجهاد ومثبطاً الناس عن الذهاب للجبهة ، ثم مالبث ان استقال من حزب الدعوة ، بعد ان بدأت افكاره، واطروحاته السلوكية تصطدم مع افكار الدعوة واجوائها.
اما عن علاقته باليعقوبي فقد بقي ملازماً له متأثراً بأفكاره السلوكية ، ثم انفصل عنه ليستقل بذاته، وقد اخذ يجمع الناس من حوله باطروحاته العرفانية والسلوكية والتي تتميز بالمبالغة في الممارسات الشعائرية، فتحلق حوله العشرات من الشباب العاطلين عن العمل ، والذين كانوا يعتمدون في معيشتهم على ما يدفعه لهم من أموال (مجهولة المصدر) ، وهو ما يؤشر حجم إمكانياته المادية التي تمكنه من الصرف على هكذا اعداد من الشباب العاطل.
وفي أواخر الثمانينات جرت محاولة لاغتيال الشيخ الأصفي ، وبعد التحقيق مع الشخص المكلف بالاغتيال ادعى بان (الغزي) كان وراء المحاولة ، فاعتقل ، ثم اطلق سراحة بعد فترة قصيرة حيث هاجر الى الغرب متنقلاً بين كندا وهولندا وبلجيكا ، استراليا وأخيرا الباكستان .
بعض افكاره وسلوكياته
1- يدعى ان الارض تطوى له ، وانه يسمع رفيف الملائكة
2- يثقف اتباعه على ان ينادونه بـ ( ابن الامام).
3- انتهى في افكاره الى اسقاط التكاليف واكثار الفساد للتعجيل بالظهور.
4- وأخيرا كان يدعو الى تبادل الزوجات.
في الفترة التي قضاها (الغزي) في ايران تعرف (بالسيد محمد) ، وهذا الشخص اصبح فيما بعد من المروجين لأفكاره ، رافق الغزي بعد خروجه من ايران ، في حركته وأسفاره ، وأصبح من المعتمدين لديه ، دخل عدة مرات الى العراق بصورة غير رسمية، وأخيرا القي القبض عليه في عام 1997، وحكم في أبو غريب بتهمه (دخول البلاد بصورة غير رسمية) فقضى حوالي خمسة أعوام في السجن (الخاصة) ليخرج عام 2002م.
وفي (الخاصة) التقى بضياء الكرعاوي (قاضي السماء) ، وشكلوا معا (تنظيم سلوكي) ، واستطاعوا جذب العديد من السجناء الى صفوفهم ، حيث كانوا يقضون أوقاتهم (بالذكر والأوراد) ، وكذلك فقد شوهد بعضهم وهم يمارسون ممارسات لا أخلاقية داخل السجن ، ظن السجناء وقتها انها تصرفات لها علاقة بالسلوك والخلق الشخصي ، ولم يعرفوا حينها بأنها مستلزمات العقيدة الجديدة ، وفيما بعد كان أكثر افراد هذا التنظيم من المشاركين في معركة الزركة .
ومن ناحية اخرى ، فان وجود(الشيخ الغزي) في اوربا وأمريكا وأخيرا في استراليا ، قد جعله مطلق اليد في الدعوة لأفكاره بين الشباب المؤمن في هذه البلدان، ومن ضمن الاشخاص الذين تأثروا به، شخص يدعى (صفاء جاسم عيدان) ، وهذا الشخص يعيش في استراليا مهاجراً منذ اكثر من عشر سنوات وبعد سقوط النظام ، كثرت زياراته للعراق – وكذلك اتصالاته بـ (احمد الحسن اليماني) وليتحول بعد ذلك الى الممثل الرئيسي لليماني في استراليا ومنطقة الخليج العربي .
حيث يروج لأفكار (اليمـاني) في أوساط شيعة الخليج بعلم وتسهيل الشخصيات الحكومية في السعودية والإمارات ، وخصوصاً (أمير الرياض).
وهو في دعوته ، لا يلمح ابدأ لاي علاقة مع استاذه (ابو هدى الغزي) ، فالدعوة مقتصرة على (اليماني) فقط.
الغريب والملفت للنظر ان المدعو (ابو هدى الغزي) بعيداً جداً وبصورة شبه كاملة عن الأضواء ، بل ان هناك شبه تعتيم على اخباره وأماكن تحركه ووجوده ونشاطاته ، من قبل اهله وأقربائه وأصدقائه – مما لا يمكن ان يكون مصادفة ، فيما يكتفي بتحريك الاحداث من خلف الستار، وان ما ترشح من معلومات حول علاقاته بكل من (ضياء الكرعاوي واحمد الحسن اليماني) ، ولسبقه في هذا المضمار، فان أصابع الاتهام تتوجه إليه باعتباره (العقل المدبر) من وراء هذه الحركات المشبوهه في ارتباطاتها الخارجية وانحرافاتها الفكرية.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة ، فان الدلائل والمؤشرات تدل وبما لا يقبل الشك ، ان خيوط الحركات والمجاميع السلوكية ، و بمختلف اتجاهاتها ومشاربها انما تصدر عن عقل مخابراتي صدامي زرع هذه الخلايا السرطانية في الجسد الشيعي كما زرع من قبل خلايا الوهابية والقاعدة في الجسد السني، ليوقضها في الوقت المناسب، وهو ما بدت معالمه تتضح وتبين.
والخلاصة / فأن هناك الكثيرمن الشكوك حول دور المدعو (أبو هدى الغزي) في قيادة وتوجيه هذه الجماعات ، وخاصة علاقته بجماعة (جند السماء ) التي اثبتت التحقيقات ارتباطها بالبعث والقاعدة والسعودية ، وكذلك علاقاته الخفية مع (احمد بن الحسن اليماني) زعيم جماعة (انصار المهدي).
المبحث الاول
الفرق المهدوية المعاصرة
وفيما يلي خلاصة مفيدة بأهم الحركات السلوكية الموجودة في الساحة العراقية هذه الأيام ، عقائدها ، خطابها السياسي وأماكن انتشارها.
1- حركة (حيدر مشتت) أبو عبد الله الحسين القحطاني / يدعي انه هو اليماني وقد قتل على يد جماعة احمد الحسن اليماني ، انخرط اغلب اتباعه مع جند السماء ، وقتل الكثير منهم معهم / العمارة وبغداد.
2- حركة أنصار المهدي/ (احمد اسماعيل كاطع السويلم) احمد الحسن اليماني/ يدعي انه هو اليماني وانه ابن ووصي الإمام المهدي/البصرة.
3- حركة جند السماء / ضياء عبدالزهرة الكرعاوي (قاضي السماء) / يدعي انه هو المهدي وانه ولد من بيضة مخصبة للزهراء من الإمام علي، قتل في معركة (الزركة) / الحلة.
4- حركة الموطئون / (فاضل عبدالحسين المرسومي) الأمام الرباني / يدعي انه هو المهدي الموعود ، وان الله قد تجلى وظهر به ، يدعو الى وحدة الاديان / ديالى .
5- حركة الممهدون / قيادة مجهولة / يدعون إن المهدي قد ظهر منذ ستة أشهر ، وان اليماني هو الوسيط بينهم وبين الإمام/ محافظات الفرات الاوسط ، وبغداد
6- حركة المختار ( الشريف حبيب الله – ابو علي المختار ) ، ودعوة هذه الحركة مزيج من الافكار الصوفية والتبشيرية المسيحية ، نشطت في بغداد في الاونة الاخيرة ، زعيمها من اهالي الطالبية ، والده شيوعي سابق كان يعمل في السحر وقراءة الفأل .
7- حركة أصحاب القضية ، وهم جماعتين.
أ- الأولى (حركة روح الله) وتعتبر أن السيد الخميني هو المهدي ، وإنه لم يمت بل غاب وسيظهر/العمارة.
ب- الثانية (حركة النبأ العظيم) و تعتبر أن السيد مقتدى الصدر هو المهدي (ع) / العمارة.
كما وان التسمية (أصحاب القضية) تطلقها على نفسها كل من حركة الممهدون وحركة اليماني وحركة القحطاني وهو ما يؤشر منطلقاتهم الفكرية المشتركة.
8- حركة محمود الصرخي ( الحوزة الصادقة ) وهي حركة ( مهدوية – مرجعية ) وتعتبر معتدلة فكريا (غير سلوكية ) و لكنها تحمل بذور الفكر المنحرف ، حيث يدعي زعيمها انه يلتقي بالإمام المهدي ، (سألت الناحية المقدسة ) وانه الأعلم و يبطل تقليد باقي المراجع / الديوانية ، كربلاء
تمويلهم:
أن أصابع الاتهام في تمويل هذه الحركات أنما تشير إلى (حزب البعث ، الحركة الوهابية ، دعم خارجي/ خليجي).
مشتركاتهم العقيدية:
في البدء لابد من معرفة أن اغلب هذه الحركات إنما تنهج نهجا صوفيا في أدبياتها و افكارها و سلوكياتها، حيث توظف المفاهيم الصوفية توظيفاً سياسياً [7] أما أهم عقائدهم فهي :
1- عقيدة الاتحاد والحلول[8]: حيث يعتقدون بان الله قد حل في بدن الامام المهدي واتحد به ، وهي كما اسلفنا من عقائد النصارى والمتصوفة .
2- عقيدة وحدة الوجود[9]:وان الله تعالى يتجلى للناس من خلال بعض عباده الصالحين ، وهي من عقائد فرق الغلاة المنقرضة ، وكان اخر من ادعاها (البهائية).
3- الايمان بنظرية (الظاهر والباطن) اي تطهير الباطن واهمـال الظاهر ، والذي ينتهي الى (اسقاط التكاليف ) و ( إكثار الفساد) تمهيداً لظهور الإمام المهدي
مصادرهم في الاستدلال على عقائدهم:
أ- التفسير الباطني للقران.
ب- الأحلام و الإلهامات والمكاشفات.
ت- انتقاء الروايات المتشابهة التي تخص قضية الأمام المهدي(ع) وتفسيرها بصورة موجهة
وتوظيفها للاستدلال على مدعياتهم.
ث- ادعاء اللقاء بالإمام المهدي (ع) من قبل زعمائهم و سؤاله و التعلم منه والأخذ عنه.
قراءة في بعض افكارهم ومشتركاتهم السياسية و الاجتماعية :
1- أن الأمام المهدي (ع) ظهر او على وشك الظهور، وان كان بعضهم (ابنه) والأخر (وصيه) والثـالث (نسيبه) والرابع (المهدي نفسه).
2- يتدرجون مع إتباعهم في تلقين الأفكار المنحرفة وكالتالي:-
أ- يبدؤون بالدعوة لترك طلب العلم لأنه غير نافع في زمن ظهور المعصوم ، (إغلاق عقل المتلقي).
تسقيط المرجعيات الدينية ، والمناداة ببطلان تقليدهم ، فهم يسعون الى هدم ثقة الناس بعلماء الدين
[1] الأغاخانية:- فرقة مغالية انشقت عن الشيعة الاسماعلية (البهرة) الذين يقولون بامامة اسماعيل بن الامام الصادق ، بدل الامام الكاظم ، وقد اختصت الاغاخانية بطقوس وممارسات وعقائد اخرجتها من دائره الاسلام ووضعتها في خانة الفرق المغالية ، خاصة بعد ان اسقطت التكاليف الشرعية المتعارفة عند المسلمين وهم موجودون الان في الباكستان وافغانستان وسوريا.
أهم عقائدهم
1- ان الذات الالهية قد حلت في الامام علي (ع)، وكذلك فانها تحل في بعض ائمتهم المتوفين وحتى الاحياء – (عقيدة الاتحاد والحلول).
2- يؤمنون بعقيدة التناسخ الهندوسية.
3- يؤمنون بعقيدة وحدة الوجود .
4- يؤمنون بان الدين ظاهر وباطن وان الشريعة الظاهره ما هي الا مجموعة قوانين ونظريات وضعها الفقهاء بعد النبي بقرون ، وانها جاءت لزمانها ، وقد حدث تطور كبير يحتاج فيه الناس الى شريعة جديدة، ولذلك فهم يؤمنون بفكرة (نسخ الشريعة) وبديلهم هو التأويل الباطني للقرآن وللشريعة، ومثال على ذلك.
- ان القيامة هي قيامة الارواح والنفوس بدون الاجساد (نظرية البعث الروحاني) والذي قالت به ايضا الفرقة الشيخية فيما بعد
- ان الصلاة موالاه الائمة، والصلاة عندهم مجموعة من السجدات .
- وان الزكاة / اخراج العلم الباطني لمن يستحق.
- وان الحج / زيارة الامام وادمان خدمته، وكعبتهم حيث يوجد زعيمهم.
- وهم لا يقيمون الصلاة مع المسلمين، واماكن عبادتهم تسمى (بيت الجماعة) ، ولا يحجون الى الكعبة.
- والصوم / هو الستر والكتمان : اي ستر الاسرار وعدم كشفها.
وباختصار فان نسخ الشريعة معناه (اسقاط التكاليف).
[2] الشيخية :- فرقة مغالية اسسها الشيخ (احمد الاحسائي) ، يعتقدون بان الخلق والرزق والاحياء والاماته امور فوضها الله الى الائمة (ع) ، والتفويض نوع من انواع الغلو – وكذلك فانهم يعتقدون بـ( الركن الرابع) فيقولون ( لا بد في كل زمان من شخص ظاهر، غير امام الزمان الغائب يكون عالما بكل شيء وله الوساطة بين الناس والامام ، ويجب على الجميع الدعوة له ، وليس لغيره من اهل العلم ان يتصدى للأمور العامة الاباذنه وسموه بـ الناطق ، والنائب الخاص – والقطب ، والركن الرابع والباب)، وان البعث يوم القيامة (بعث روحاني ) وليس جسماني ، وان المعراج كان بروح النبي وليس بجسده.
[3] البابية :- فرقة مغالية انشقت من الشيخية ، لديها كتاب مقدس اسمه ( البيان) يؤمنون بضرورة الاهتمام بالجانب الباطني (جانب القلب ) وتطهيره من حب الدنيا،وكذلك اهمال الجانب الظاهري ، واسقاط التكاليف الشرعية ، يدعى زعيمهم (علي محمد الشيرازي ) انه هو الباب الموصل للامام المهدي(ع)، فكان اول من استعمل هذا المصطلح في العصر الحديث فسموا بالبابية.
[4] البهائية :- وهي امتداد للبابية ، زعيمهم ( الميرزاحسين علي النوري) – البهاء (المهدي الموعود)، وكتابهم المقدس هو (الاقدس) ، يؤمنون اضافة لما سبق من عقائد البابية في الاهتمام بعلم الباطن واسقاط التكاليف ، باجازة الزواج بالمحارم وكذلك يدعون بان الله تعالى قد تجلى لعباده من خلال اشخاص هم( براهما – بوذا – موسى – عيسى – محمد) واخيراً – البهاء ، فهو مظهر من مظاهر التجلي الالهي وكذلك اعتبروا قبره في يافا كعبة ومقصداً لحجاجهم.وقد اصبحت البهائية فيما بعد ذراع من اذرع الحركة الماسونية الصهيونية ، ورفعت شعار الماسونية ( وحدة الاديان) وقد افتى العلماء في ايران بكفر اتباع هاتين الفرقتين فرد زعمائها بتكفير جميع علماء الدين ، بل جميع الشيعة.
[5] السلوكية :- وهو مصطلح مشتق من كلمة (السالك) اي الشخص المنتمي للفرق الصوفية و(السائر) في طريق الحقيقة والعرفان للوصول الى (اليقين) ، ، فالسلوك هو الطريق الى الله والذي يختاره العارفون والمتصوفة بالعبادة والزهد في الدنيا ، لاجل التقرب الى الله تعالى .
وقد تسمى بهذا الاسم اصحاب الحركات (الصوفية – السياسية – التكفيرية) الموجوده اليوم في الساحة العراقية.
[6] الصوفية ليست مذهبا او دينا بل هي منهج و طريق يسلكه العبد للوصول الى الله تعالى كما يعرفها اصحابها اما معارضيها فيعتبرونها ممارسات عبادية لم تذكر في القرآن او السنة ، ولايوجد اي سند في اثباتها."راجع الملحق ـ2ـ"
[7] ) التوظيف السياسي للتصوف:-ان القضية في العمق هي مؤامر تكفيرية بعثية لتمزيق الساحة الشيعية عبر تسويق المنهج الصوفي وتحت عباءته، ونشره بين الناس كبديل عن المنهج التشريعي الفقهي وبالتالي لاستبدال المراجع والفقهاء المجتهدين بدعاة التصوف والعرفان، ولكن ليس بصيغته الشرعية المعتدلة والمتسالمة مع الفقه والفقهاء والمتكاملة مع الشريعة، انما بصيغة تكفيرية مغالية رافضه لكل ما يتعلق بالفقه والشريعة وحدود الحلال والحرام.
لان الشريعة وفقهها وفقهائها أصبحوا عقبة كأداء في وجه هؤلاء الادعياء في سعيهم لخداع واستغفال الامة وتنفيذ مخططات العدو المتربص بها.
لقد وجد دهاقنة الشر وشيوخ الطائفية وضباط المخابرات الاجنبية، ان خير وسيلة لاختراق الجسد الشيعي والعقل الشيعي والهيمنة عليه هي عن طريق هذا المنهج الذي سبقهم النظام البائد في محاولة توظيفه لتمزيق الساحة الشيعية انذاك عندما زرع عناصره في حاشية السيد محمد الصدر(رض)، والذين لعنهم رحمه الله بعد ان كشف انحرافاتهم وشك بتوجهاتهم.
لقد تم تطوير هذه النسخه المحسنة من المنهج (العرفاني) لتلبي محتيجات المرحلة في احداث خرق (عقائدي- اجتماعي- سياسي - امني) للواقع الشيعي.
ولكن لماذا وقع الاختيار على (المنهج العرفاني) ليوظف في هذه المهمة المشبوهه، والجواب هو ان منهج العرفان لا يعتمد في استدلالاته على المبادى والاصول العقلية، لكي تحاكم الاشياء فيه على مدى اقترابها وابتعادها عن العقل، بل ان استدلالاته تعتمد على المكاشفات، وما يشاهد بالبصيرة وليس بالبصر، فالادوات المعرفية التي يعتمدها هذا المنهج هي (البصيرة و المجاهدة وتزكية النفس – والحركة والصراع الباطني) وكلها غير قابلة للأثبات ولا تحدها حدود او تقيدها قيود من علم او فقه او كفائه او غيرها، انه منهج مشرع الابواب لكل من يريد، وبهذا اصبح فرصة للمندسين والاعداء للنفوذ الى الامة من خلاله.
فضلاً عن ان (القضايا الروحانية) والمناهج (غير العقلية) والتصوف منها ، تناسب طريقة تفكير العامة من الناس ، التي تحاول ان تفسر الدين وتفهمه بصورة عاطفية مشاعرية مغالية .
انه منهج بسيط لايستلزم التوفر على معارف خاصة او مقدمات معقدة ، فهو يحتاج الى جهد ذهني وجسدي (غير نوعي) ، وكذلك فهو يناغم الاوتار الحساسة في النفس البشرية وما يستهوي البسطاء من الناس وذوي الثقافة المحدودة .
فما لم يكن الانسان محصناً بالثقافة الشرعية والعقائدية المناسبة ، وما لم يكن ممن يعتمد الدليل العقلي في فهمه للدين ، فأنه سيكون لقمة سائغة لهذه الدعوات .
[8] الاتحاد والحلول:-معناه ان الله يحل في بعض مخلوقاته ويتحد معها ، كاعتقاد النصارى حلوله في المسيح عيسى بن مريم، وقد ابتدع هذا القول في عالم المسلمين (الحـــــــلاج) ، وادعى ان الله قد حل به ، وهو احد اشهر زعماء المتصوفة، فالتصوف في جوهره ودلالته الاولى والدقيقة لا يعني الا الاتحاد مع الخالق عند صوفية الاديان السماوية ، ومع (النفس الكلية – الكونية ) في غيرها فالتصوف في دلالته التاريخية الدقيقة لا يخرج عن كونه (سلوك طريق الاتحاد مع المطلق ) فهو فن الاتحاد مع الواحد.
[9] وحدة الوجود:-وحدة الوجود انحراف قديم ظهر في العالم ، فقد امن بها الهندوس والصينيين والإغريق وهي (اعتقاد ان الله هو الوجود المطلق الذي يظهر بصور الكائنات والادعاء بان الله تعالى والعالم شيء واحد ، فليس هناك – بزعمهم – خالق ومخلوق ، بل العالم –عندهم – هو مخلوق باعتبار ظاهره ، وهو خالق باعتبار باطنه ، والظاهر والباطن في الحقيقة شيء واحد ، هو الله تعالى.
وقد نشأت وحدة الوجود في الأمة الإسلامية مقترنة بنشأة التصوف ، وأقوال ائمة التصوف المتقدمون كلها تدور حول وحدة الوجود ، فهي عندهم اهم العقائد وغاية الغايات ومنتهى الطلبات ، وقد تبلورت هذه الفكرة على يد (محيي الدين بن عربي).
والطرق الصوفية وان اختلفت في بعض الشعارات والطقوس الظاهرة، ولكنها متفقة في الغاية والنهاية،وهي (ايصال المريد الى وحدة الوجود).
فمن سار في طريق التصوف الى نهايته وتعمق في اسرار العقيدة الصوفية ، ووصل الى مرتبة الكمال عندهم ، فهو من اهل وحدة الوجود.
وقد وضع ائمة التصوف طريقة ليوصلو بها اتباعهم الى الاعتقاد بوحدة الوجود، وهي في مجملها (تعذيب النفس والبدن بالرياضات المختلفة كالجوع والسهر والانعزال عن العالم، والصمت الطويل وترديد الاذكار الصوفية الاف المرات)، ويكون ذلك كلة باشراف (شيخ صوفي)، ويتدرج بالمريد المسكين عبر مقامات ، بعضها اعلى عندهم من بعض حتى يصل الى (مرتبة اليقين) (وحدة الوجود).
ان المرتكز الجوهري لعقائد الصوفية هو القول (بوحدة الوجود) والتي هي غاية التصوف والعقيدة الاساس عند الصوفية ، هذه العقيدة مناقضة للاسلام ، هادمة لاصول الايمان ، وهي كفر وشرك بالله تعالى ، ولها آثار خطيرة على دين من آمن بها لانها تتضمن جحود الالوهية والربوبيه.
اما الفيض الالهي فهو شكل من اشكال القول (بوحدة الوجود) فالاله هو النفس الكلية التي فاضت على الموجودات الحية عن طريق ما يسمى بـ(العقول العشرة)، فتكونت عنها نفوس الكواكب والبشر وسائر المخلوقات وهي نظرية تمت اسلمتها عن اصولها الاغريقية.
أ- تسقيط المرجعيات الدينية ، والمناداة ببطلان تقليدهم ، فهم يسعون الى هدم ثقة الناس بعلماء الدين ثم عزلهم ثم تصفيتهم ان تطلب الأمر.
ب- ثم الدعوة لإسقاط التكاليف الشرعية (صلاة - صوم - حج- زكاة ) ، و اعتبارها أحكام ظاهرية غير مهمة ، و استبدالها بتطهير الباطن و تنقية القلب مما علق به من حب الدنيا.
ت- وأخيرا ضرورة الإكثار من الفساد للتعجيل بظهور الأمام المهدي(ع).
3- ممارسة السحر و الشعوذة و الادعاء بأنها كرامات، ليخدعوا بها السذج والبسطاء.
4- تكفير المجتمع/ان المفارقة الغريبة و الخطيرة فـي فكر هذه الجماعات انها تكفر المجتمع بكل شرائحه وطبقاته ، بما فيه علماء الدين و المراجع ونزولا الى البسطاء والاميين، و الغريب ان التكفيريين من الجانب الاخر انما يكفرون الطائفة التي لا ينتمون اليها ، اما هؤلاء فأنهم يكفرون طائفتهم وأهلهم و اخوانهم ، وهو مايكشف حقيقة الدور الذي تقوم به (القاعدة) في تسيير وتوجيه هذه الحركات.
5- معاداة الديمقراطية و نظام الانتخابات.
6- معاداة العملية السياسية.
7- رفض الدستور.
8- لأغلبهم اتصالات مع المجاميع الإرهابية و بعض القوى السياسية المعادية للحكومة، من داخل و خارج الحكومة.
9- إيمانهم بمبدأ العنف المسلح، ولدى اغلبهم ميلشيات مسلحة.
10- تجويزهم استهداف الشرطة والجيش.
11- تنظيماتهم عنقودية و على مستوى عالي من الدقة.
12- يؤكدون على قضية (الطاعة المطلقة) و يدربون عناصرهم عليها و بصورة غير طبيعية و بوسائل غريبة و قاسية، حتى يتحول المنتمي لهم إلى ( بيدق شطرنج) فاقد لأي وعي أو إرادة أو رأي، وهو ما يفسر لنا الولاء الأعمى لأعضاء هذه الحركات (أنها عملية غسل دماغ تمارسها جهة محترفة).
13- كشفت التحقيقات مع تنظيم (جند السماء) ان هناك علاقة ستراتيجية مع حركة (احمد الحسن اليماني) وقد
اعترفوا بانه في حالة الاستيلاء على النجف من قبلهم فان هناك ( مجموعة الألف) سوف تلتحق بهم ، وهي مجموعة اليماني ، وكذلك فان حركة (قاضي السماء) كانت تقوم بتمويل حركة (احمد الحسن اليماني) ، على خلفية العلاقات المتينة التي كانت تربط بين زعيمي الحركتين .
اسباب الظهور و الانتشار:
ان أهم أسباب ظهور وانتشار هذه الحركات هو :-
1- الفراغ الفكري و العقائدي
2- تسيد الجهل الثقافي
3- الظروف القلقة و المأساوية ، و اختلال الأمن ونقص الخدمات والذي ولد الحاجة اللاشعورية لوجود المنقذ.
4- تدخل المخابرات الاجنبية ، وشراء الذمم و الضمائر و استغلال الحاجة المادية للناس .
5- وجود طلاب الجاه والمنصب و المال ، الذين لايتورعون عن تنفيذ مخططات الأعداء مقابل المصالح الشخصية.
6- الإحباط العام الذي أصاب الامة بسبب كثرة الجهات السياسية و الدينية و صراعاتها على مناطق النفوذ ومصادر المال ومواقع القرار.
7- عدم وجود الفهم الصحيح ( لعقيدة المهدي ) وحدودها مما سمح للادعياء باستغلالها لخداع الامة وتمرير المخططات الخارجية الخبيثة بحقها من خلال هذه العقيدة السامية .
8- انشغال النخب السياسية و الدينية و الأمنية في القضايا الكبرى (وضع اسس الدولة الجديدة) ، ومواجهة التحديات الكبرى (البعث - الوهابية - الارهاب - التامر الاقليمي - توفير الخدمات) ... وغيرها ، عن التفرغ لمواجهة هذه الحركات الهدامة .
9- انحسار وضمور وابتعاد وعدم تفعيل (الفكر الواعي) في الامة بسبب انشغال ممثليه في الساحة بالمعركة الأمنية والسياسية .
10-عدم وجود القوانين ( الرادعة ) ، التي تضع العقوبات المناسبة لهكذا حالات وظواهر مدمرة.
11-الضعف الإعلامي الرسمي وغير الرسمي في مواجهة هذا الطاعون الخطير.
12- وأخيرا وليس أخرا فأن تنامي وتأجج حالة الاستشعار والوعي ( بالخطر الخارجي ) لدى الامة بكل شرائحها (مرجعيات دينية وثقافية وسياسية وأمنية) قد اوجد حالة من ( التراخي و الغفلة و الاهمال وتدني الوعي) ازاء الخطر الداخلي الذي تمثله هذه الحركات ، و التي هي في الواقع ( الطابور الخامس وحصان طروادة والخلايا النائمة للعدو الخارجي المتربص).
أسباب الدعم الخارجي و الداخلي:
هناك أسباب كثيرة تدفع بالاخرين ( داخليين وخارجيين) لدعم هذه الحركات وتقويتها .. ومن أهمها :-
1- لقد وجدوا ان هذه الحركات هي السلاح المناسب ، لضرب التشيع من الداخل ، وافشال التجربة التي يقودها الشيعة في العراق ، بعد ان عجزوا عن إسقاطها من الخارج على أمل اضعاف سيطرة الأغلبية على مقاليد الأمور في البلاد.
2- سعي الجهات الطائفية الحاقدة من خلال الإيحاء بان هذه الحركات هي المصداق العملي (للتشيع) الى اتهام الشيعة بالانحراف عن خط الاسلام وجعلهم في مواجهة مع العالم الإسلامي ، الذي ستصدمه عقائد الاتحاد و الحلول و إسقاط التكاليف و إكثار الفساد ، وكذلك تشويه صورة ( التشيع) في العالم وامام المسلمين ، وقد بانت حقيقة هذا الدعم في الجانب الاعلامي ، وذلك عندما قضت الدولة على احدى هذه المجاميع المنحرفة في معركة (الزركة) حيث قامت القنوات ( الزوراء - الرافدين - الشرقية) بتغطية الاحداث بصورة منحازة 100% لصالح ( قاضي السماء ) و المغرر بهم من اتباعه ، وبما يؤكد تخندقهم مع هذه الجهة واستعدادهم جميعا لساعة الصفر ، و التي كانت عليهم ولم تكن لهم .
3- السعي لتمزيق النسيج الاجتماعي و السياسي و الفكري في الوسط والجنوب ، و اثارة الفتنة والاقتتال الداخلي الذي سيأتي على الوحدة الداخلية ، (مصدر قوة الامة ) ، وكذلك على كل بناها المادية و الحضارية
و العمرانية و الخدمية ، ويؤسس لصراع طويل الأجل يتركها عاجزة عن الوقوف على قدميها لعشـرات السنين ، ويحرمها من الحصول على حقوقها و تامين مصالحها ، ويجعلها امة واهنة ، مشلولة أمام الاخرين.
4- وخارج حدود المنطقة وتداعيات الصراع فيها ، وبعيداً عن اسقاطات الوضع العراقي ، فأن هناك مخطط عالمي في الترويج للاسلام الصوفي ، مقابل الأنواع الأخرى من الاسلام (الأصولي او السياسي ) بل مقابل حتى الاسلام المعتدل غير الصوفي ، باعتبار ان الاسلام الصوفي يختزن القابلية للاندماج والذوبان في المجتمعات كافة وليس التعايش فقط ، بسبب الاصول المشتركة مع باقي الديانات ، مع قدرته على التنازل عن اي ميزة للهوية الإسلامية سواء كان في مجال السلوكيات الاجتماعية أو الفكر والعقيدة أو الرؤى والقيم العامة .
والحركات السلوكية امتداد طبيعي للنهج الصوفي الذي يراد له ان يعمم في العالم الاسلامي.
خطرهم على الأمن الوطني
يضن البعض بأن خطر هذه الحركات مبالغ فيه، وانه لا يستحق ان يعطى اكثر من حجمه الحقيقي ، وهو ضن لا يمكن تفسيره إلا بأحد أمرين او بهما معاً ، الأول انه دليل عدم الاطلاع والإحاطة بالحجم الحقيقي ومدى الانتشار الواسع لهذه الحركات جغرافيا ، و الثاني انه ]دليل عدم الوعي بحقيقة الأفكار والعقائد المنحرفة و الرؤى السياسية المتطرفة التي تؤمن بها هذه الحركات .
ان خطر هذه الحركات إنما يكمن :-
1. في المنهج/
يمكن القول أن كل تيار يستبطن التطرف في حركته السياسية و الاجتماعية و الفكرية، ويتخذ من القوة وسيلة لتحقيق أهدافه فانه يحمل درجة خطورة بنسبة معينة لان ادعاء امتلاك الحقيقة الكاملة, و جعل الباطل هو نصيب الأخر، أنما هو ادعاء وجود مع نفي وجود الأخر، كذلك فأن التثقيف باتجاه استعمال القوة لتحقيق الأهداف أنما هو بمثابة الإخضاع ألقسري للطرف الآخر ، والخلاصة ( فإنها رؤية تريد فرض نفسها بالقوة على الآخرين) وهكذا حركات تهدد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي وتوفر الأرضية المناسبة للتدخل والتغلغل الأجنبي ، أن لم يكن اليوم فغداً قطعاً.
أن الخطر الذي تمثله هذه الحركات على الأمن الوطني وأن بدا ضعيفاً ألا انه ينمو مع الأيام و ينتظر الفرصة المناسبة.
2. في السلوك/
أ- السماح بالتغلغل الأجنبي المعادي.
ب- تمزيق وحدة المجتمع و زرع العداوات والأحقاد.
ت- استغفال المئات من أبناء الأمة البسطاء و الزج بهم في أتون حرب ضد أنفسهم وإخوانهم و وأوطانهم.
ث- الإساءة لعقيدة الأمة و لفكرة المهدي(ع) و لموضوع الدين بصورة عامة.
ج- تنفيذ أجندات أعداء العملية السياسية في الداخل و الخارج ومحاولة إسقاط الحكومة بعد إضعافها .
ح- أضعاف الأمة واستهلاك طاقتها و إلهاءها عن معاركها الحقيقية بمعارك جانبية.
خ- الإخلال بالأمن المجتمعي و نشر الفوضى و إشاعة أجواء العنف.
د- ضرب حالة الاستقرار والبناء و العمران ، مما يؤدي للإضرار بالناس اقتصادياً و اجتماعياً وعرقلة مسيرة الحياة.
ذ- إشاعة الأفكار والعقائد المنحرفة والمخالفة لحركة التاريخ وللعقـــل وللفطرة وللدين في أوساط الناس
ر- الترويج للتخلف في المجتمع.
أن هناك شبحاً يجول في قرى ومدن الوسط والجنوب اسمه ( السلوكية) ، وخطورته انه يخرج الناس من الدين باسم الدين ، ويمسخ عقولهم و يحولهم إلى أداة تنفذ كل ما يطلب منها ، وان كان قتل الأهل والإخوان وتدمير البلاد وتنفيذ مخططات الأعداء ، وكذلك تحويلهم الى طابور خامس يتولى ارباك الاوضاع الامنية والسياسية والاجتماعية من الداخل وخنجراً لطعن الامة من الخلف.
المبحث الثاني
حركة الممهدون - المولوية- (نموذجاً)
تنظيم (صوفي سياسي) ظهر بعد سقوط النظام البائد ، واعتمد على السرية والتكتم الشديدين ، وكانت انطلاقته الأولى من محافظة بابل ثم راحت تنتشر شيئا فشيئا حتى شملت كربلاء والنجف والديوانية والسماوة وظهر لها أتباع في المحافظات الجنوبية في السنوات الأخيرة إلا أنهم ليسوا بمستوى محافظات الفرات الأوسط من ناحية العدد ، وقد سميت الحركة بالمولوية لان أتباعها يكثرون من استعمال مصطلح (المولى ) واشتقاقاتها فيما بينهم وبصورة لافتة ، ليس لهم أي مكاتب ظاهرية ، يعتمد نشاطهم الفكري والتبليغي على أتباع الحركة حيث يقوم كل فرد منهم بالتبليغ من خلال التحدث إلى أصدقائه ومعارفه ومن خلال المجالس في البيوت أو ما شاكل ، وقد ظهرت لهم في الفترة الاخيرة منشورات تثقيفية يتداولونها فيما بينهم ، ويوزعونها على الناس.
عقائدهم:
في الواقع أن اغلب عقائد هذه الحركة ومثيلاتها أنما هي مأخوذة من المدرسة الصوفية ومن عقائد الفرق المغالية المنقرضة وغير المنقرضة ، كالخطابية والنصيرية والبابية والبهائية وغيرها ، وقد قسمناها إلى قسمين أساسية وثانوية.
أ- العقائد ألأساسية:
1- أن أساس عقيدة هذه الحركة هو نظرية (الاتحاد والحلول) ويبدو إن الحركات المهدوية المعاصرة قد وجدت بغيتها في هذه النظرية فادعوا بان الله جل وعلا يحل في شخص الأمام المهدي بحيث يكون وجوده هو وجود لله في الأرض ، وبذلك يكون توحيد الله بوليه.
أي هناك اله في السماء هو (الله) واله في الأرض هو (الأمام المهدي)(ع) وهي نفس دعوى الخطابية في الأمام الصـادق(ع) ، حيث يفســـرون آية (إنا أنزلناه فـي ليلة القدر ) تفسيراً مخـالفاً لكل قوانيـن اللغة وضـوابط التفسيـر، فتكون (إنا) بمعنى الجمع ، أي أن هناك إلاهين ، إله في السماء وهو الذي خلقك ، وإله في الأرض وهو الذي يخلقك من انسان ضال الى إنسان مهتدي ، وهذه الفكرة لا تقتصر على المهدي بل ان كل (مولى) – مسؤول حزبي – هو إله ثاني ، وهكذا عادوا بنا الى نظرية تعدد الآلهه ، ليحرفوا ديانه التوحيد الى ديانة (شركية) باسم التوحيد..
ومن ناحية أخرى فان الإنسان يتوفر على الصفات الجلالية والصفات الجمالية الأولى للأفعال الظاهرية والثانية للكمالات الباطنية ، (الإرادة والقوة والنية) ، ومادام متوفرا على هذه الصفات الكمالية وان كانت نسبية ، إلا انه كـلما ارتقـى بهـا سـيقترب مـن المعصـوم حتـى يتحـد بـه ، وتوحـده بالمعصـوم هو توحد بالله فتكون المعادلة (الله - المهدي - الموالي) وهم ذات واحدة بثلاثة وجوه.
وهذه العقيدة تقترب كثيرا عقيدة التثليث الهندوسية[1]ومن العقيدة المسيحية (الأقانيم الثلاثة)[2]
أن هذه العقيدة وكما هو واضح قد غلت في الأمام المهدي لترفعه إلى درجة الإلوهية حيث جعلته اله ثاني في الأرض .
2- المعلم الأساسي الثاني في عقيدة هذه الحركة هو ادعاؤها بأن الأمام المهدي قد غاب عن الناس بشخصه لكنه ظهر بنائبه (السيد الممهد - اليماني ) والذي هو سيد وزعيم هذه الحركة ، وهنا أيضا طبقت نظرية (الاتحاد والحلول) بين الأمام المهدي ونائبه اليماني ، بل زادوا على ذلك إذ ادعوا إن الإمام المعصوم يتجلى في خمسة أشخاص هم على ابن الحسين ، محمد ابن الحنفية ، واليماني ، وشخصان سريان وهؤلاء موجودون وهم يحركون الموالين للوصول إلى الأمام المعصوم) وهذا عين ما ذهبت إليه الفرقة (البهائية) المنحرفة المغالية إذ ادعت بان الله يتجلى لعباده من خلال أشخاص هم {برهما ، بوذا ، إبراهيم ، موسى ، عيسى ، محمد ، وأخيرا (البهاء) زعيم البهائية} ، وعقيدة التجلي من لوازم عقيده (وحده الوجود).
ويدعى هؤلاء بان اليماني لا يظهر لأغلب أتباعه ومريديه إلا للخاصة منهم ، وهذه الخاصة القليلة يقولون أن كبيرهم (اليماني) هو في طور الدعوة السرية ، وانه لو أعلنها حاليا سوف يحارب من قبل علماء السوء حسب تعبيرهم والمقصود بهم (المرجعيات الدينية) .
وعلى ضوء ذلك ستكون طاعته (السيد الممهد) طاعة للأمام المهدي (ع) وبما إن وجود الأمام وجود لله تع ، أذا ستكون النتيجة (طاعة اليماني هي طاعة لله) وبما أن السيد الممهد وهو القائم مقام المهدي "ع" ففي هذه الحالة لا يجوز التشكيك والجدال والرد عليه لأنه بمثابة رد على الأمام الذي هو ظاهر بوليه وهو الله تع .
3- ولكن كيف يمكن للأمـام المهدي ولليماني أن يحركا الأحداث ، هنا يأتي دور (الموالين أو الأولياء ) حيث يقولون ، لابد من وجود معصوم يسير أمور العباد ، ولابد لهذا المعصوم من نائب يمهد له الأمور وهو (اليماني) فلابد أذن من ان يكون لليماني (موالين) مؤيدين له يأخذون الأوامر و التعليمات منه., وهؤلاء الأشخاص الذين يلتقون باليماني هم (15) شخصاً وهم من الأولياء الذين قطعوا شوطا كبير في محاربة النفس وجهادها ، ونظفوا قلوبهم من أدرانها ومن الهواجس والذنوب و الأوهام ، ويستدلون على ذلك بالآية الكريمة (وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر) حيث يذهبون إلى أن أولي الأمر هم (الأولياء) الذين نصل من خلالهم إلى المعصوم ، فالآية في نظرهم غير مختصة بالأئمة (ع) فقط ، بل تشملهم ، هم ، أيضا فكل شخص منهم لديه مجموعة من الأتباع يعدونه من (أولي الأمر)
بل أنهم يربطون معرفة المنهج (الأطروحة الإلهية) بقضية (الطاعة والتسليم) المطلق للموالين من اجل الوصول إلى معرفة الأمام المعصوم وهو مظهر تجلي (الرحمة الإلهية ) لان حكومة العدل الإلهي لا تتحقق إلا بالإتباع والموالاة من الموالين إلى الأولياء إلى الباب وهو اليماني إلى المعصوم .
حيث لا بد لكل موالي من مولى يكون هو المسئول عنه من اجل أن يصل به كي يكون من القواعد الممهدة لظهور الأمام ، وهو نفس نظام المرشد مع السالك في المدرسة الصوفية العرفانية.
وبناءا على هذه العقيدة وعلى هذا الشحن المتواصل بضرورة الطاعة العمياء و الانقياد المطلق ، فأنهم يقومون بإدخال أتباعهم في دورات (غسل دماغ) ، وبأساليب غاية في القسوة والغرابة لتمرينهم على الطاعة ، حتى يتحول
المنتمي لهم إلى (آلة) فاقدة لأي وعي أو أرادة أو رأي أو انتماء - عداهم - بعد أن تمارس معه عمليات الترويض وغسل الدماغ وبطريقة محترفة وغاية في المكر والدهاء تحكي خطورة واحتراف المشرفين على هذه العملية وجذورهم المخابراتية والأمنية.
4- أما المعلم الرابع من معالم هذه العقيدة المنحرفة فهو الدعوة إلى الاهتمام بتطهير الباطن ورفع الأوهام من القلب وأتباع الحقيقة التي هي (طاعة المولى) لأنه المرتبط بالمعصوم ، إما الأفعال الظاهرية للجوارح (كالعبادات والمعاملات) فأنها ليست ضرورية .
حيث يستدلون هنا بالآية الكريمة (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) بمعنى أن الغاية من العبادة هي الوصول إلى لحظة اليقين ثم عدم لزوم العبادة بعدئذ ، لأنه بحصول اليقين يتحقق المبتغى من العبادة و هذا هو المدخل الذي يدخلون منه في دعواهم لإسقاط التكاليف الشرعية 0الصوم ، الصلاة، الحج ، الزكاة، وغيرها) باعتبارها أحكام ظاهرية غير مهمة ويجب أن تستبدل بتطهير الباطن لنصل إلى طاعة المولى والتي هي طاعة للمعصوم وبه نصل لليقين ، وهم يمهدون لذلك بالدعوة لترك طلب العلم ، طبقا لحديث النبي (ص) (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ) ، ثم العمل على ترويض النفس حتى تصل الى درجة اليقين عن طريق أذكار خاصة ، مع محاربة النفس وعدم الانقياد لملذاتها وشهوتها من أكل وراحة فهم يخالفونها حتى في الحلال ، ونسوا قوله تعالى: ( قل من حرم زينة الله التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خاصة)، وبالمخالفة للمباحات يكونوا قد حصلوا على درجة اليقين ، عندها يقذف الله العلم في قلوبهم فيحصلوا على كل ما يريدون عن طريق الإلهام الرباني كما هو عند الأئمة المعصومين (ع) الذين كانوا يعبدون الله حق عبادته.
ويكونوا بذلك مصداقا للحديث القدسي (عبدي اطعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكون ) واذن فان الضابط في قياس درجة الوصول لليقين ، هي القدرة على محاربة النفس وحرمانها من (الملذات والشهوات والطيبات من الرزق التي أحلها الله) ونسوا قصة النبي (ص) مع جملة من اصحابه ممن ترك اهله وعياله وآوى الى كهف في الجبل يعبد الله ، حيث قال لهم (انا معشر الانبياء نأكل الطعام وننام الليل ونتزوج النساء ، ومن رغب عن سنتي فليس مني ).
وان (لارهبانية في الاسلام )، ثم ان كان في ذلك كرامة فالأنبياء أحق بها .
5- الدعوة العلنية والواضحة لإسقاط التكاليف والأحكام الشرعية وبهذا يتحول الأتباع بأيديهم إلى آلات وأشخاص ممسوخين فقدوا ارتباطهم بمجتمعهم وتمردوا على كل انتماءاتهم وتخلوا عن كل المنظومة القيمية (الدينية والأخلاقية والوطنية وحتى العاطفية) ، وبذلك يكونوا قد تأهلوا للمرحلة الأخيرة وهي مرحلة إكثار الفساد في الأرض للتعجيل بظهور المهدي(ع).
6- يؤمنون بضرورة (إرغام النفس على ماتكره) كنوع من أنواع التربية والترويض ويعتبرونه (الجهاد الأكبر) فالنفس المؤمنة تكره ارتكاب المعاصي ، ولذلك لابد من مخالفتها بارتكاب هذه المعاصي . وذلك للتعجيل بظهور الأمام المهدي ع وكلما كانت المعاصي اكبر كان الظهور أسرع ، وهذه هي فلسفة إكثار الفساد.
وفي هذا يلتقون مع فرقة الإسماعيلية الأغاخانية (الحشاشين) ومع عقائد (البابية والبهائية) ومع جماعة الحجتية في إيران ، والتي كانت تدعي إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيؤخر ظهور الأمام ، وعليه فلابد من استفزازه ليظهر سريعا.
إن الثمرة النهائية لكل ما سبق في الوصول إلى درجة اليقين ثم ترك التكاليف ، وإكثار الفساد في الأرض مع جملة من الرياضات الروحية هو رؤية الأمام المهدي .
(فان من يؤمن ويصفي نيته فسيؤهل لرؤية الأمام المهدي ، فلا داعي للعلماء والمراجع والتقليد و الشريعة).
ب- العقائد الثانوية:
1- يؤمنون بأنهم خارقون ومحروسون من الأمام واليماني والموالين .
2- عند الزيارة لا يزورون المراقد المقدسة.
3- لا يهتمون للصلاة ومواقيتها ويتعاملون معها بإهمال ، فهم يقرأون ورقة فيها بضعة كلمات في فترة الصلاة تعتبر عندهم مجزية عن الصلاة.
4- يدعون إن يوم ظهور المهدي قريب جدا ويكون في الكوفة في يوم حظر للتجوال .
5- يدعون إن اليماني موجود بينهم وهو إنسان بسيط وفلاح .
6- ممارسة السحر والشعوذة والادعاء بأنها كرامات كي يخدعوا بها السذج والبسطاء .
7- التماس الأعذار لجرائم الإرهابيين بحق الشيعة ،واعتبارها أرادة إلهية ،وان من يقتلهم الإرهابيين لا يريدهم الأمام لأنهم أناس غير صالحين وان علينا أن نستغفر لهؤلاء الإرهابيين وأن لانؤذيهم لان الأمام لا يرضى ان نؤذي أحدا ، ومن ناحية أخرى تكفير عموم الشيعة ممن يختلفون معهم.
- إن الملاحظ على جميع هذه الحركات أنها متعاطفة مع الجماعات الإرهابية ، وكذلك فان أعدادا كبيرة من السنة ينتمون أليها ويعملون في صفوفها رغم الاختلافات العقائدية ، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة تدعو للتأمل والبحث حول دور بعض الجهات الإرهابية و البعثية في صناعة وتسيير ورسم خطوات هذه الحركات .
فليس مستبعدا في النهاية وبمقاييس العمل ألمخابراتي أن يكون اليماني الذي يسير هذه الحركات هو احد عتاة الوهابيين او البعثيين من أمراء الإرهاب والذبح .
نماذج من ممارساتهم المنحرفة:
إن الإنسان الذي يعتقد بإسقاط جميع التكاليف الشرعية ، وضرورة إكثار الفساد في الأرض للتعجيل بالظهور, سيكون قطعا مستعدا لفعل أي شيء يؤمر به أو يطلب منه ، خاصة بعد تعرضه لعمليات غسل دماغ وترويض على الطاعة حولته إلى جهاز ينفذ فقط وفقط ، لذلك فلا غرابة فيما يصدر من هؤلاء من أفعال مشينة يأباها العقل والذوق والفطرة السليمة ، فهم أشبه مايكونوا (بالإنسان المسير)
[1]عقيدة التثليث الهندوسية:-
يعتقد الهنود بالثالوث من الآلهه الذين تسند لكل منهم مهمة بعينها والثالوث يتكون من (براهما – فيشنو- شيفا).
براهما / الخالق / وجه الحق المطلق – وهو اصل الوجود – نور الانوار
فيشنو/ الحافظ ، إلاله الممتلئ بالحب الذي يغذي العالم.
شيفا / إله القسوة والتدمير – المفني والمدمر والمهلك للعالم.
فاله الهندوس يرمز له بتمثال له ثلاثة وجوه، هي في الحقيقة ثلاثة صفات ، ويعتبرونها ثلاثة آلهه متحدة في إله واحد، وقد انتقلت هذه العقيدة فيما بعد من الديانة الهندوسية الى الديانة النصرانية.
اهم عقائد الهندوس
أ- الاتحاد والحلول: فمن لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الاهواء واطمأنت نفسه فانه لايعاد الى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالالهة (ابراهما).
ب- وحدة الوجود: بما ان الانسان يستطيع خلق الافكار والانظمة والمؤسسات كما يستطيع الحفاظ عليها او تدميرها ، فهو بهذا يتحد مع الالهه لانه يشبهها، فتصير النفس هي عين القوة الخالقة .، فالروح كالالهه ازليه سرمدية مستمرة غير مخلوقة كالعلاقة بين شرارة النار وبين النار ذاتها وكالعلاقة بين البذره والشجرة فهذا الكون كله ليس الاظهور للوجود الحقيقي ، والروح الانسانية جزء من الروح العليا.
جـ- تناسخ الارواح.
[2]الاقانيم الثلاثة:-
وهي (الاب – الابن – الروح القدس)
فالاب هو الله من حيث الجوهر ، وهو الاصل .
والابن هو الله من حيث الجوهر ، وهو المولود.
والروح القدس هو الله من حيث الجوهر ، وهو المنبثق.
اما طريقة الجمع بين الثلاثة فتتكفل بها عقيدة (الاتحاد والحلول) بين الرب والعبد.
وسنعرض أدناه جملة من هذه الممارسات المشينة على نحو المثال لا الحصر :
أ- عملية إلغاء الذات أو نزع الذات / حيث يؤمر التابع بان يصلي عريانا ، وهو هنا ينزع ذاته ويتوجه إلى الله
عاريا من كل شيء ، وهو يجب أن يطيع لان (المولى) - المسئول الحزبي إذا أمره فعليه الطاعة فلو قال له ان الشمس تشرق من المغرب فيجب عليه التصديق ، وفي بعض الأحيان فان الأمام هو الذي يصلي عاريا بالمأمومين ، وان على المأمومين أن يختبروا أنفسهم في تلك اللحظات فكل من يشك أو يستغرب أو ينفر من هذا المشهد فهنالك خلل في إيمانه عليه أصلاحه .
ب- يجيزون الزنا ، والشذوذ الجنسي (اللواط و السحاق) واخيرا تبادل الزوجات و الزنا بالمحارم، وهو حديث شاع بصورة واسعة جدا عنهم ، ويعتبر من أعلى مراحل التضحية للتعجيل بظهور الأمام .
مصادرهم في التلقي
أما أهم مصادر المعرفة والفكر الديني والعقيدي عندهم فهي:-
1- التأويل الباطني للقران / حيث تؤول الآيات حسب الأهواء وليس وفق ضوابط التفسير وعلوم اللغة والحديث وباقي العلوم الشرعية ، معتمدين في ذلك على حديث ( إن للقرآن ظاهر وسبعون باطن ) وهو ان صح فان المقصود فيه بمعرفة ظاهر القرآن من باطنه هو العلماء والمجتهدين والمفسرين وذوي الاختصاص من أصحاب اليد الطولي في هذه العلوم ، وليس أشخاص مغمورين ومجهولين تحوم الشكوك والشبهات حول ماضيهم وحاضرهم.
وهم برفعهم لشعار (السبعون باطن) إنما يطلقون العنان لأنفسهم كي يصولوا ويجولوا ويحرفوا الكلم عن مواضعه و يؤولوا بما تشتهيه أنفسهم من غير رقيب ولا حسيب ، فتكون ليلة القدر (فاطمة الزهراء(ع)) ويكون مرج البحرين يلتقيان (علي وفاطمة) وتكون الشمس وضحاها (النبي محمد (ص)) والقمر إذا تلاها (علي ع) والنهار إذا جلاها (الحسن والحسين(ع)) والليل إذا يغشاها هم (الأمويون) ، وهكذا إلى ما لانهاية من هذه الخزعبلات .
2- اقتناص الروايات العامة والمتشابهة حول قضية الإمام المهدي ليقوموا بتوظيفها بالاتجاه الذي يريدون للاستدلال على مدعياتهم .
3- يستندون على دعواهم المغالية بالخطبة التطنجية أو خطبة البيان المنسوبة إلى الإمام علي(ع) ، وهي خطبة ظاهرة في الغلو والشرك ، إذ ترتفع بالأمام علي(ع) إلى درجة الإلوهية ، وقد كانت هذه الخطبة ومنذ القدم رافدا من روافد الغلو ومصدرا لأفكار الفرق المنحرفة والمغالية ، وقد أعلن أكثر العلماء وأخيرا السيدين الخوئي (رحمه الله) والسيستاني (حفظه الله) ، ان لا صحة لنسبتها إلى الإمام علي(ع) (فهي من موضوعات الغلاة ).
4- ادعاء اللقاء المباشر بالإمام المهدي والأخذ عنه ، وفي هذه الحالة فلا حاجة للقرآن والحديث والأحلام والكشوف ، ماداموا يلتقون بالمعصوم ويأخذون عنه .
5- الأثر الصوفي و ألعرفاني واضح التأثير في أدبياتهم و أفكارهم ومناهجهم فهم يستدلون على عقائدهم بالمكاشفات والأحلام والإلهامات[1] وغيرها من الأدلة غير القابلة للإثبات ، ولكنهم قد حرفوه عن منهجه الصحيح و الذي هو تعميق الإيمان بالله و الالتزام بالشريعة و الزهد في الدنيا ، ليتحول على أيديهم إلى منهج للشرك في نظرية (الاتحاد و الحلول)، ولإسقاط التكاليف الشرعية بدل تعميقها، ولإشعال الفتن بين أبناء الأمة وتنفيذ مخططات الأعداء و المتربصين و إسقاط العملية السياسية و الحكومة الشرعية المنتخبة ، بدل الزهد في الدنيا وتقوى الله.
6ـ تعتبر (الموسوعة المهدوية ) للسيد محمد الصدر (قدس) مصدرا رئيسياً لأفكارهم العقائدية حيث حاولوا توظيف الأفكار الواردة فيها توظيفاً سيئاً لم يقل به صاحبها رحمه الله .
الخطاب السياسي
التمويل – مجال الحركة
إن خطابهم السياسي تكفيري تخويني معارض للوضع الجديد في العراق بكل تفاصيله ، بل انه يكاد أن يتطابق مع الخطاب التكفيري الوهابي (للقاعدة) في سعيه لإسقاط العملية السياسية ، بل ويتطابقان حتى في تكفير عموم الشيعة و تجويز قتلهم ، و أهم معالم هذا الخطاب مايلي .
1- يتفقون على الحط من شأن مراجع الدين ، و يعتبرون تقليدهم باطل ، ويثقفون اتباعهم على ان الامام اذا ظهر سوف يقتل جميع العلماء ، لأنهم علماء ظلال ، (وان ما لم يتحقق في الزركه سوف نحققه ، وان ايام السستاني واليعقوبي ومقتدى وعبد العزيز باتت قريبة) كما يزعم احد قادتهم.
2- معاداة الديمقراطية و نظام الانتخابات .
3- رفض الدستور .
[1]مناهج البحث و المعرفة الدينية عند المسلمين
هناك اختلاف وتعدد في (الرؤى الكونية) اي النظرة الى( الله ، الانسان ، العالم) ، والتي يصطلح عليها بـ(العقائد) او علم ( اصول الدين).
وينبثق عنها ( الايديولوجيات )وهي الافكار و القواعد القانونية و الاخلاقية التي تتعلق بسلوك الانسان مع الناس من حوله و القوانين الشرعية التي تحكم العلاقة بينه وبين الله ( العبادات )ومع الاخرين ( المعاملات )وهو ما يصطلح عليه بـ(علم الأخلاق ) وعلم الفقه (فروع الدين ).
ان اختلاف الرؤية العقائدية سيؤدي حتما الى اختلاف السلوكيات – الفقهية والاخلاقية للبشر ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :كيف تكونت هذه ( الرؤى الكونية ) وكيف تشكلت المنظومة العقائدية للبشر و المسلمين منهم خاصة .
الحقيقة ان طبيعة الادوات المدرسية التي تستعمل في عملية البحث انما تحددها طبيعة المدرسة الفكرية التي ينتمي اليها الباحث ، وهي التي تحدد ( الرؤية الكونية)التي سينتهي اليها في بحثه.
لقد اختلفت مذاهب المسلمين في اختيارها للطرق الموصلة الى هذه الاهداف الى خمسة طرق ، تختلف كل واحدة منها عن الاخرى في طبيعة الادوات التي تستعملها للوصول الى الحقيقة ، واهم هذه الطرق او المناهج او المدارس هي :-
1- المنهج (العقلي) – البرهان – حيث يتم فيه الاستناد على الاستدلالات العقلية ، وهو منهج الفلاسفة ، وقد امن به المعتزلة من المسلمين.
2- المنهج (النقلي)- القران - ويعتمد في استدلالاته على الظواهر الشرعية والحقائق الدينية،وهو منهج اهل الحديث و السلفية .
3- المنهج ( الكلامي) – و الاستناد فيه على الجمع بين ( العقلي و النقلي ) – القران و البرهان ، وهو منهج الامــــامية والزيديـة مـن الشيعة ، والاشاعرة من السنة (وهم جمهور اهل السنة).
4- المنهج الوجداني ( العرفان) ، حيث يستند على المكاشفات العرفانية وهو منهج الصوفية .
5- المنهج ( التلفيقي) (العقل و النقل و الكشف)، وهو منهج الاسماعيلية من الشيعة ، والمدرسة الشيرازية عند الشيعة الامامية – مدرسة الملا صدرا الشيرازي.
)يُرِيدُونَ أن يُطفِئُوا نُورَ اللهِ بِأفوَاهِهِم وَيَأبَى اللهُ إلا أن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَــــو كَرِهَ الكَـــافِـرُونَ(
مقدمة
ليست هذه الدراسة بحثا ترفيا في الدين أو التاريخ أو السياسة ، وكذلك فهي ليست أطروحة أكاديمية يهمها الالتزام بضوابط البحث الأكاديمي الشكلية ، بقدر ماهي دراسة ميدانية توعوية رسالتها أن توصل صرخة استغاثة وان تدق جرس إنذار لكل من يهمه الأمر، )فالعدو ليس على الأبواب ، وإنما هو في حجرات النوم( ، وفي القريب العاجل سيفصل بين الزوج وزوجه وبين الولد وأبيه ، بل سيشعل بينهم العداوة والبغضاء ، فيحل بعضهم دماء البعض الأخر.
لقد فشل البعثيون و الطائفيون في سعيهم لإضعاف الكيان الشيعي في العراق من الخارج ، بل ان تألبهم عليه قد وحد صفوفه وأذاب الخلافات بين مكوناته ، ولذلك وضعت الخطط لضربه وإضعافه و تمزيقه من الداخل ، فكانت التجمعات العشائرية الممولة خليجيا، والأحزاب السياسية التي لها بداية وليس لها نهاية و التي يقودها أيتام النظام البائد ، والمئات من المؤسسات ( الإنسانية والثقافية والاجتماعية ) المشبوهة التي تختفي خلف عنوان ( منظمات المجتمع المدني) ، وأخيرا ( الحركات السلوكية ) و التي تعتبر الحلقة الأخطر من حلقات هذا المخطط الكبير لتفتيت وتمزيق النسيج السكاني الشيعي في الوسط و الجنوب.
وهذه الدراسة إنما تسعى
اولا:- لتسليط الأضواء على حقيقة وحجم الخطر الذي تمثله هذه الحركات على الامن الوطني
ثانيا:- اثارة الوعي الأمني و السياسي و العقائدي لدى الامة ونخبها المتصدية ، عسى ان تتدارك الأمر و بالسرعة المطلوبة قبل ان يفلت الزمام وتتداخل الخنادق وتضيع الحقائق .
ثالثا :- تحصين الشباب من مخاطر هذه الحركات ، المنحرفة ، من خلال فضح حقيقة الجذور الفكرية الوثنية لهذه الحركات وبعدها عن الاسلام و التوحيد و الفطرة السوية، وعن منهج اهل البيت(ع) ، وكذلك طبيعة امتداداتها وعلاقاتها المشبوهة مع كل أعداء الشعب العراقي ، وشيعته على وجه الخصوص .
وقد قسمناها الى تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة فاستعرضنا في التمهيد المنطلقات التاريخية والإرهاصات التكوينية والتأسيسية ( للحركات السلوكية) ، وفي المبحث الأول تعرضنا بإيجاز للحركات السلوكية الفاعلة في الساحة
العراقية ، واهم عقائدها و أفكارها و آليات عملها ، و أماكن تواجدها ،أما المبحث الثاني فقد تناولنا فيه بنوع من التفصيل ( الحركة المهدوية المولوية ) كنموذج تتجلى فيه حقيقة (المنهج السلوكي) بصورة واضحة وعميقة فيما خصصنا المبحث الثالث لمناقشة أصل وجود هذه الحركات والمسوغات الشرعية والأدلة العقلية لادعاءاتها ومزاعمها، وأخيرا ختمنا باستعراض اهم النتائج التي انتهينا اليها في هذا الموضوع .
وقد عرضنا لجملة من المقترحات حول السبل الناجعة للتعامل مع هذه الحركات لتحجيمها ودفع شرورها عن الامة ، وكذلك رأي المرجعيات الدينية وفتاوى العلماء الأعلام حول هذه التيارات المنحرفة و الموقف الشرعي منها .
..................................................
تمهيد
المهدوية[1] عقيدة أسلامية راسخة رغم اختلاف مدارس المسلمين في فهمها و التعامل معها، بين مؤمن بالمفهوم (السنة) ومؤمن بمصداق معين (الشيعة) ، ألا أن هذه الفكرة كانت توظف دائما بالاتجاه الخطأ ، وهو مايتجلى هذه الأيــام وبــعد سقوط النظام فــي هــذه (الهبة المهدوية المشبوهة).
أن الحركات المهدوية موضوع قديم جديد، قديم في جذوره وامتداداته السابقة وجديد في تمظهراته الحالية ، وهي وان تلفعت بالدين ، ورفعت الشعارات البراقة ألا أنها وكما أثبتت التجارب التاريخية المعاصرة تعتبر من اشد الأعداء للدين و الوطن ، واحد أهم المعاول التي يوظفها الأعداء للنيل من الدين والوطن ، فتاريخ هذه الفرق مرتبط دائما بالغلو[2] العقائدي والتحجر الفكري
[1] المهدوية:- صفه لكل من ادعى انه (المهدي)المبشر به من قبل النبي (ص) والذي يملأ الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، وكذلك كل من ادعى السفارة عن الامام المهدي ، او القرابة منه ، وباي شكل كان، وبصوره اعم كل الحركات والفرق التي تدعى تمثيلها للمهدي او انها مقدمة لظهوره.
لقد تكررت دعوات المهدوية في التاريخ الاسلامي .. حتى تجاوزت العشرات وتدلنا هذه الظاهرة على تماهي مصطلح (الامام المهدي) مع معنى الثورة والحرية والعدالة ، وانبثاقه كردة فعل على الواقع الفاسد الذي كان يتدهور اليه المجتمع الاسلامي ، وهي تستفيد من الروايات المتواترة بظهور مهدي اخر الزمان ففي كل مره يتصور الناس ان زمانهم هذا هو آخر الزمان وان زعيمهم او شهيدهم هو المهدي المنتظر وهكذا دواليك، فهذه الفكرة تمثل الخلاص للمحرومين ، وهي مناسبة لحشد التأييد الشعبي لاي ثائر يرفع هذا الشعار ، وتقوم باضفاء نوع من القداسة على ثورته.
لقد كانت معظم قصص المهدوية في القرون الاسلامية الاولى ، مرتبطة ومنبثقة من حركات سياسية ثورية تتصدى لرفع الظلم والاضطهاد وتلتف حول زعيم من الزعماء وعادة ما يكون من اهل البيت (ع) وعندما تفشل الحركة ويموت زعيمها قبل ان ينتصر ، او يقتل في المعركة ، او يختفي في ظروف غامضة ، كان اصحابه يختلفون ، فمنهم من يسلم بالامر الواقع ، ومنهم من يرفض التسليم والاعتراف بالهزيمة ، ويسارع لتصديق الاشاعات التي تتحدث عن هروب الامام الثائر او اختفائه وغيبته ، وعادة ما يكون هؤلاء من بسطاء الناس الذين يعلقون امالآ كبيرة على شخص او يضخمون مواصفات ذلك الزعيم ، فيصعب عليهم التراجع ، لانه سيعني لديهم الانهيار والانسحاق النفسي .
ان التاريخ الشيعي ليضج بالثورات والحركات المهدوية ، منذ الصدر الاول للاسلام وحتى يومنا هذا ، وكذلك فأن هناك عدد من الحركات (السنية) قد رفعت شعار المهدوية من امثال :
1- مهدوية (المهدي بن تومرت) مؤسس دولة الموحدين في المغرب العربي.
2- مهدوية (محمد بن عبد الله السنوسي)- قائد الحركة السنوسية في ليبيا .
3- مهدوية (محمد احمد المهدي) ( مهدي السودان).
[2] الغلو:- وهو موقف مبالغ فيه يقفه انسان من قضية عامة او خاصة بشكل متطرف تتجاوز حدود المألوف والمعقول .
لغة :هو مجاوزة الحد والافراط في الشيء ///.اصطلاحاً : هي الجماعات التي غلت في الامام علي ع وابنائه من بعده ، وهناك من غلا في غيرهم."راجع الملحق ـ 1ـ"
والتكفير[1] و الجهل و إلغاء الآخر، وهي كذلك وعلى طول الخط فرصة للدوائر الاستعمارية الحاقدة على الأمة وعقيدتها و أمنها وازدهارها. فالخطابية[2] و النصيرية[3] .
[1] التكفير:-مصطلح اشتق من الكفر ، والكفر في اللغة: بمعنى الستر والتغطية، ومنه سمي الكفر الذي هو ضد الايمان – كفراً لان فيه تغطية للحق، بجحد اوغيره، وسمى الكافر كافراً لانه قد غطى قلبه بالكفر…اما في الاصطلاح :- فهو اتهام جماعة او طائفة بالفسق والضلال والخروج من الدين مما يجردهم من حقوقهم الانسانية ويعرضهم للاهانة او القتل او الطرد من المجتمع.
التكفير والخوارج :- ان اصل ظاهرة التكفير هم الخوراج، وهي الفئه التي خرجت على الامام علي (ع) بعد ان كانت تحارب معه في صفين ، فهم وبعد ان خدعوا بخديعة رفع المصاحف ، ورفضوا الاستمرار بالقتال، عادوا ليرفعوا شعار (لا حكم الا لله) بعد رفضهم لنتائج التحكيم، (فقد اجبروا الامام علي (ع) على قبول التحكيم وحين تم ذلك طلبوا منه ان يرجع عنه ، بل وان يعلن إسلامه).
لقد خدع كثير من الناس بهذا الشعار (لاحكم الا لله ) لانه يوحي بالتمسك بكتاب الله، وقد عبر الإمام علي (ع) عن هذا الشعار بانه (كلمة حق يراد بها باطل)، وكان الخوارج يكثرون من العبادة وقراءة القرآن حتى سموا بذوي الجباه السود والقراء، ويغلب على اتباع هذه الفرقة ( الانفعال والتطرف في السلوك والتزمت في الدين والتحجر في الفكر) وقد ذهبوا الى تكفير الامام علي (ع) وعثمان وأصحاب الجمل ومعاوية والحكمين وكل من رضى بحكمهما ، ما اشبه الليلة بالبارحة ، واشبه السلوكيون هذه الايام وهم يكفرون ويخونون الجميع بلا استثناء ، بالخوارج في صدر الاسلام اللذين كفروا الجميع وبلا استثناء ايضا.
واخيرا فقد اضطر الامام علي (ع) الى ان يحاربهم بعد ان سفكوا دماء المسلمين، حتى كاد ان يستأصلهم في معركة النهروان، ثم استشهد سلام الله عليه على يد احدهم وهو يصلي في مسجد الكوفة ، وفيما بعد انقسم الخوراج الى فرق كثيرة انقرض اغلبها ولم يبق ظاهرا منها الا (الاباضية) في عمان، وقد شذت بعض هذه الفرق في عقائدها، فبعضها كالبدعية قصروا الصلاة على ركعه في الصباح وركعة في المساء، بينما اجازت (الميمونية) نكاح بعض المحارم كبنات البنين وبنات البنات وبنات بني الاخوة. ان انتشار ثقافة التكفير في المجتمع سوف لن تستثني احد من شرورها لان انتشارها سيجعل الجميع يكفر الجميع ، و الجميع يستحل دماء الجميع.
[2] ا لخطابية:- فرقة مغالية تنسب الى (ابي الخطاب – محمد ابن ابي زينب الاجدع) والذي كان يغالي في الامام الصادق ويؤلهه وهو القائل إله في السماء وإله في الارض ، ويقصد الامام الصادق وهذا مصداق ما تقول به عقيدة الاتحاد و الحلول .
[3] النصيرية:- حركة مغالية ظهرت في القرن الثاث الهجري، اسسها (محمد بن نصير النميري البصري) الذي اشتهر بالخلاعة والفجور ، وكان يقول باباحة اللواط ، ويعتبره من التواضع والتذلل ، وانه احد الشهوات والطيبات.
رفع الامام الهادي (ع) الى درجة الالوهية، وادعى لنفسه مرتبة النبوه والرسالة ، انقسم اتباعه بعده الى عدة فرق و بقاياهم موجودين اليوم في سوريا وتركيا ويسمون انفسهم بالعلويين .
عقائدهم:-
1- الغلو في الامام علي (ع) ، والاعتقاد بانه إله و رب ، إله في السماء وامام في الارض ، وهو ما يفلسفونه من خلال اعتقادهم بنظرية (الاتحاد والحلول) ، وان الله قد حل في جسد الامام علي(ع) واتحد به.
2- يزعمون بان للعقيدة ظاهراً وباطن وانهم وحدهم العالمون ببواطن الاسرار .
3- تأثروا بالافلاطونية الحديثة، ونقلوا عنها نظرية الفيض النوراني على الاشياء ووحدة الوجود.
4- يؤمنون بالتناسخ (تكرار المولد) وهو الاعتقاد بازلية الروح ، فالروح لا تفنى فناءا كاملاً بل اذا خرجت من جسم حلت في جسم اخر ، وهكذا تنتقل من هنا الى هناك ، ويكون نوع انتقالها حسب صلاحها او فسادها ، فالصالحة تنتقل بصورة تصاعدية ارتقائية حتى تتصل (بالروح المطلقة للآله) وهو ما يسمى بـ( النرفانا) في العقيدة الهندوسية ، والنصيرية يضيفون الى ذلك ان الروح المؤمنه قد تنسخ الى كوكب في السماء ، لذا يعتقدون ان جميع ما في السماء من كواكب انما هي (انفس المؤمنين الصالحين)، اما الروح الفاسدة فانها تتسافل حتى تتمثل في هياكل الحيوانات ثم الحشرات.
فالتناسخ عندهم وسيلة للتكامل او التسافل، وهي العقيدة الرئيسية للديانات الشرقية الاسيوية ( البوذية والجينية والسيخية والهندوسية وغيرها )
و الاغاخانية[1] وغيرها العشرات قديما، والشيخية[2] و البابية[3] و البهائية[4] وغيرهـــا حديثـا وأخيراً (اليمانـي و القحطاني والرباني و الصرخي و قاضي السماء الكرعاوي) وغيرها الكثير من الامتدادات المشبوهة و المنحرفة و المرتبطة بالأجنبي.
واليوم وحيث يعيش العراق واحدة من اخطر المفاصل التاريخية في وجوده ، وحيث يتم التأسيس لعراق جديد على أنقاض الدكتاتورية و الطائفية و العنصرية ، وحيث يتعرض الكيان العراقي لأخطر هجمة دموية حاقدة ، نعم اليوم وفي ظل هذه الظروف المأساوية بدأت بالانتشار هذه الحركات المشبوهة مستغلة حالة الفوضى التي تعم البلاد وتدني المستوى الثقافي للأمة بعد عقود من التجهيل و المسخ و التدمير المنهجي للعقل العراقي، إضافة إلى توظيف حالة التذمر الشعبي من نقص الخدمات و فقدان الأمن ، باتجاه إسقاط العملية السياسية وتسقيط الأحزاب و المرجعيات الدينية ، في عملية تسطيح و تبسيط للإحداث، وعدم ربطها بمسبباتها الحقيقية ، (إضافة إلى إغماض العين) عما تحقق من مكتسبات يحاول أعداء الأمة إجهاضها بشتى السبل.
أن الخطر الأكبر القادم على سكان الوسط و الجنوب ليس من الخارج فحسب، و أنما هو من الداخل أيضاً، من هذه الحركات التي بدأت تنتشر انتشار النار في الهشيم و التي هي في الحقيقة طابور خامس للعدو الخارجي.
أن حركات محمود الصرخي ، واحمد الحسن اليماني ، وفاضل الرباني ، وحيدر القحطاني ، وقاضي السماء الكرعاوي وحركة الممهدون ، وعشرات المجاميع من السلوكية[5] ودعاة المهدوية، الموجودين في اغلب مدن الوسط و الجنوب أنما هي في الواقع وجوه لحقيقة واحدة و حركات و فرق ضمن تيار واحد ، وهو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (التيار السلوكي - المهدوي) باعتبار أن الحركات ضمن هذا التيار مهما اختلفت و مهما تقاطعت
مصالحها و مصالح زعمائها ، ورغم تميز إحداها على الأخرى في بعض الخصوصيات ، ألا أنها تلتقي على الكثير من الثوابت و القواسم المشتركة عقائديا وسياسيا و إعلاميا و منهجيا ، وجميعها تنضوي تحت خيمة واحدة وضمن إطار واحد ، كما و أن قواعدها الشعبية متداخلة بصورة كبيرة وواسعة ، وهناك تعاون و تنسيق فيما بينها.
وفيما يلي سوف نستعرض عددا من هذه الحركات الظلامية المنحرفة ، و نفصل القول في أخطرها وأكثرها خفاءاً ، ألا وهي حركة الممهدون ( المولوية )، ولكن وقبل هذا وذاك سنمر مروراً سريعا مختصراً على أهم المحطات في مسيرة (الحركة السلوكية المهدوية ) في النجف ، كي نربط الماضي بالحاضر ونفهم حقيقة المقدمات التي أدت الى انتشار هذا البلاء في بلاد الرافدين.
اضواء على الحركات السلوكية المعاصرة
في بداية التسعينات ومع ظهور نجم السيد محمد الصدر،(سقراط الفكر المهدوي المعاصر)، (رض ) وفتحة لابواب الدراسة الحوزوية على مصراعيها، وقيامه شخصياً بالتدريس ، كان رحمه الله يلقي على بعض تلامذته دروس في (العرفان والسلوك)او (علم الباطن والحقيقة) الذي يقابل (علم الظاهر و الشريعة) ، وذلك حسب تصنيفات المتصوفة[6] وأهل العرفان ،ويبدو ان الخلاف والجدال والصراع الدائر بينهما منذ قرون ، بين مرجح للباطن على الظاهر او بالعكس وبين جامع بين الاثنين قد عاد ليطل برأسه من جديد ، ولكن هذه المرة وهو يحمل معه نذر الموت ومشاعل الفتنة ودعاوى التكفير، وبالعود الى موضوعنا يبدو ان بعض تلامذة السيد الصدر (رض) قد خرجوا عن سياق البحث الذي يلقيه ، وخالفوا المنهج العرفاني الشرعي المعتدل الذي كان يبثه بينهم والذي يجمع بين آداب السلوك و آداب الفقه ، فانفتحوا على علوم وأبحاث هذا العلم وهي كثيرة وغاصوا في بحاره وهي عميقة ، ولم يأخذوا للأمر اهبته ولم يستعدوا له كما ينبغي ، فخاضوا فيه من غير حصانه وهم في بداية الطريق فغرقوا واغرقوا معهم خلقاً كثيراً، هذا فيما لو أحسنا الظن ، ولكن هناك أرقام وأدلة تؤكد ارتباطهم بمخابرات النظام السابق.
وقد عرفوا في حياة السيد الشهيد (بالمنتظرون) أو(حركة جند المولى) ، والمولى هو السيد الصدر(رض) إذ كانوا يعتقدون أن الإمام المهدي قد تجلى وظهر به ، وكان على رأسهم اثنين من طلبته رحمه الله ، هم (منتظر الخفاجي) و(فرقد معز الدين القزويني) ، فهؤلاء هم طليعة السلوكية في النجف ، ثم تبعهم خط ثانٍ من السلوكيين من طلبة السيد الصدر، انتشروا في كل محافظات العراق الوسطى و الجنوبية، كان أشهرهم (حيدر مشتت-القحطاني)و(احمد اسماعيل كاطع- اليماني) و( فاضل عبد الحسين – الرباني )، وقد فسقهم رحمة الله وفسق من يتعاون معهم.
ثم دارت عجلة هذا الفكر المنحرف لتجرف في طريقها الآلاف من البسطاء والجهلة وأنصاف المتعلمين والموتورين ، وطلاب الجاه والمال ، ثم لتتحول فيما بعد الى مجاميع تكفيرية لاتؤمن بأي شيء ، حيث تم
احتوائها من قبل المخابرات الأجنبية والجهات الطائفية والوهابية التي تريد شراً بالعراق وأهله ، فانهالت عليهم الأموال ، وتم اختراقهم بعناصر مخابراتية محترفة وخطيرة ، بدأت تسّير هذه الحركات من خلف ستار ، وتتحكم بقراراتها وتملي عليها عقائدها ، وترسم لها خط سيرها .
وكانت اخطر حلقة من حلقات هذه المؤامرة هي (واقعة الزركة) وما يسمى (بجيش الرعب) و (جند السماء) والذي كان يتهيأ لاحتلال النجف وقتل جميع المراجع وعلماء الدين وكل من يقف في طريقه ، على أمل ان تهب باقي المجاميع السلوكية للنصرة ، فيختل حبل الأمن ويسود الهرج والمرج وهنا ستتدخل قوى خارجية ، وقوى داخلية غير منظورة لقلب الأوضاع وبما يؤدي الى إسقاط الحكومة وانتشار الفوضى الشاملة في البلاد ولكن الله والغيارى والمخلصين كانوا لهم بالمرصاد.
هذا ما كان من أمر السلوكيين في النجف والعراق ، أما في خارج العراق فهناك مجاميع مختلفة من السلوكيين في إيران والباكستان ولبنان ، لا يسعنا حصرها واستعراضها لكثرتها من ناحية ولضعفها وعدم أهميتها وعدم تأثيرها من ناحية اخرى، عدا الدور الذي قام ويقوم به المدعو (ابو هدى الغزي) ، حيث ساهم في نفخ الروح في هذا الفكر والسلوك المنحرف وتأجيجه داخل العراق ، وخاصة بعد سقوط النظام .
فمن هو (ابو هدى الغزي) ومن هم أساتذته وتلامذته ؟ ان القصة باختصار شديد ومضغوط كالتالي :
في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وبعد الحملة التي قادها النظام البائد لاستئصال الإسلاميين ، هاجر الكثير منهم الى خارج العراق، وكان من ضمن هؤلاء المهاجرين شيخ حديث العهد بالانضمام إلى حزب الدعوة الاسلامية اسمه (محمد علي اليعقوبي).
هاجر الشيخ محمد علي اليعقوبي الى الكويت ثم الى إيران حيث اختص بالسيد (عبد الكريم الكشميري) العرفاني المعروف، واخذ عنه بعض أسرار العرفان (كما يعبر العرفانيون) واصبح من حوارييه المقربين، ثم اصبح فيما بعد عنواناً للافكار السلوكية المهدوية في اوساط العراقيين في ايران ، واستطاع مد الكثير من العلاقات مع شخصيات مهمة ومؤثرة في ايران ، واخيرا اعتقل بتهمة نقل اموال من الخليج الى جهات مشبوهة في ايران ، وقضى سنة واحده في السجن ، وبعد ان خرج ذهب الى الهند والباكستان ، وانقطعت اخباره منذئذ.
أما الشيخ (عبدالحليم الغزي - ابو هدى-) من ناحية الشطرة في الناصرية ، فهو داعية ، اعتقل عام 1979 بتهمة الانتماء الى حزب الدعوة ، لكنه انهار في التحقيق واعترف اعترافاً تفصيلياً ، وبعد ان خرج في العفو، هرب الى الكويت ثم الى سوريا ثم الى ايران ، لكنه تعرف في الكويت بالشيخ محمد علي اليعقوبي واستمرت العلاقة بينهما بعد سفرهما الى ايران ، ثم انظم الى معسكر (الشهيد الصدر) للمجاهدين العراقيين من الدعاة ، ولكنه كان على عكس الجميع (متخاذل - متردد - جبان) ، ثم ترك المعسكر عائدا الى مدينة (قم) هاربا من الجهاد ، متفرغا للدراسة ، ومروجا لثقافة الانسحاب من سوح الجهاد ومثبطاً الناس عن الذهاب للجبهة ، ثم مالبث ان استقال من حزب الدعوة ، بعد ان بدأت افكاره، واطروحاته السلوكية تصطدم مع افكار الدعوة واجوائها.
اما عن علاقته باليعقوبي فقد بقي ملازماً له متأثراً بأفكاره السلوكية ، ثم انفصل عنه ليستقل بذاته، وقد اخذ يجمع الناس من حوله باطروحاته العرفانية والسلوكية والتي تتميز بالمبالغة في الممارسات الشعائرية، فتحلق حوله العشرات من الشباب العاطلين عن العمل ، والذين كانوا يعتمدون في معيشتهم على ما يدفعه لهم من أموال (مجهولة المصدر) ، وهو ما يؤشر حجم إمكانياته المادية التي تمكنه من الصرف على هكذا اعداد من الشباب العاطل.
وفي أواخر الثمانينات جرت محاولة لاغتيال الشيخ الأصفي ، وبعد التحقيق مع الشخص المكلف بالاغتيال ادعى بان (الغزي) كان وراء المحاولة ، فاعتقل ، ثم اطلق سراحة بعد فترة قصيرة حيث هاجر الى الغرب متنقلاً بين كندا وهولندا وبلجيكا ، استراليا وأخيرا الباكستان .
بعض افكاره وسلوكياته
1- يدعى ان الارض تطوى له ، وانه يسمع رفيف الملائكة
2- يثقف اتباعه على ان ينادونه بـ ( ابن الامام).
3- انتهى في افكاره الى اسقاط التكاليف واكثار الفساد للتعجيل بالظهور.
4- وأخيرا كان يدعو الى تبادل الزوجات.
في الفترة التي قضاها (الغزي) في ايران تعرف (بالسيد محمد) ، وهذا الشخص اصبح فيما بعد من المروجين لأفكاره ، رافق الغزي بعد خروجه من ايران ، في حركته وأسفاره ، وأصبح من المعتمدين لديه ، دخل عدة مرات الى العراق بصورة غير رسمية، وأخيرا القي القبض عليه في عام 1997، وحكم في أبو غريب بتهمه (دخول البلاد بصورة غير رسمية) فقضى حوالي خمسة أعوام في السجن (الخاصة) ليخرج عام 2002م.
وفي (الخاصة) التقى بضياء الكرعاوي (قاضي السماء) ، وشكلوا معا (تنظيم سلوكي) ، واستطاعوا جذب العديد من السجناء الى صفوفهم ، حيث كانوا يقضون أوقاتهم (بالذكر والأوراد) ، وكذلك فقد شوهد بعضهم وهم يمارسون ممارسات لا أخلاقية داخل السجن ، ظن السجناء وقتها انها تصرفات لها علاقة بالسلوك والخلق الشخصي ، ولم يعرفوا حينها بأنها مستلزمات العقيدة الجديدة ، وفيما بعد كان أكثر افراد هذا التنظيم من المشاركين في معركة الزركة .
ومن ناحية اخرى ، فان وجود(الشيخ الغزي) في اوربا وأمريكا وأخيرا في استراليا ، قد جعله مطلق اليد في الدعوة لأفكاره بين الشباب المؤمن في هذه البلدان، ومن ضمن الاشخاص الذين تأثروا به، شخص يدعى (صفاء جاسم عيدان) ، وهذا الشخص يعيش في استراليا مهاجراً منذ اكثر من عشر سنوات وبعد سقوط النظام ، كثرت زياراته للعراق – وكذلك اتصالاته بـ (احمد الحسن اليماني) وليتحول بعد ذلك الى الممثل الرئيسي لليماني في استراليا ومنطقة الخليج العربي .
حيث يروج لأفكار (اليمـاني) في أوساط شيعة الخليج بعلم وتسهيل الشخصيات الحكومية في السعودية والإمارات ، وخصوصاً (أمير الرياض).
وهو في دعوته ، لا يلمح ابدأ لاي علاقة مع استاذه (ابو هدى الغزي) ، فالدعوة مقتصرة على (اليماني) فقط.
الغريب والملفت للنظر ان المدعو (ابو هدى الغزي) بعيداً جداً وبصورة شبه كاملة عن الأضواء ، بل ان هناك شبه تعتيم على اخباره وأماكن تحركه ووجوده ونشاطاته ، من قبل اهله وأقربائه وأصدقائه – مما لا يمكن ان يكون مصادفة ، فيما يكتفي بتحريك الاحداث من خلف الستار، وان ما ترشح من معلومات حول علاقاته بكل من (ضياء الكرعاوي واحمد الحسن اليماني) ، ولسبقه في هذا المضمار، فان أصابع الاتهام تتوجه إليه باعتباره (العقل المدبر) من وراء هذه الحركات المشبوهه في ارتباطاتها الخارجية وانحرافاتها الفكرية.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة ، فان الدلائل والمؤشرات تدل وبما لا يقبل الشك ، ان خيوط الحركات والمجاميع السلوكية ، و بمختلف اتجاهاتها ومشاربها انما تصدر عن عقل مخابراتي صدامي زرع هذه الخلايا السرطانية في الجسد الشيعي كما زرع من قبل خلايا الوهابية والقاعدة في الجسد السني، ليوقضها في الوقت المناسب، وهو ما بدت معالمه تتضح وتبين.
والخلاصة / فأن هناك الكثيرمن الشكوك حول دور المدعو (أبو هدى الغزي) في قيادة وتوجيه هذه الجماعات ، وخاصة علاقته بجماعة (جند السماء ) التي اثبتت التحقيقات ارتباطها بالبعث والقاعدة والسعودية ، وكذلك علاقاته الخفية مع (احمد بن الحسن اليماني) زعيم جماعة (انصار المهدي).
المبحث الاول
الفرق المهدوية المعاصرة
وفيما يلي خلاصة مفيدة بأهم الحركات السلوكية الموجودة في الساحة العراقية هذه الأيام ، عقائدها ، خطابها السياسي وأماكن انتشارها.
1- حركة (حيدر مشتت) أبو عبد الله الحسين القحطاني / يدعي انه هو اليماني وقد قتل على يد جماعة احمد الحسن اليماني ، انخرط اغلب اتباعه مع جند السماء ، وقتل الكثير منهم معهم / العمارة وبغداد.
2- حركة أنصار المهدي/ (احمد اسماعيل كاطع السويلم) احمد الحسن اليماني/ يدعي انه هو اليماني وانه ابن ووصي الإمام المهدي/البصرة.
3- حركة جند السماء / ضياء عبدالزهرة الكرعاوي (قاضي السماء) / يدعي انه هو المهدي وانه ولد من بيضة مخصبة للزهراء من الإمام علي، قتل في معركة (الزركة) / الحلة.
4- حركة الموطئون / (فاضل عبدالحسين المرسومي) الأمام الرباني / يدعي انه هو المهدي الموعود ، وان الله قد تجلى وظهر به ، يدعو الى وحدة الاديان / ديالى .
5- حركة الممهدون / قيادة مجهولة / يدعون إن المهدي قد ظهر منذ ستة أشهر ، وان اليماني هو الوسيط بينهم وبين الإمام/ محافظات الفرات الاوسط ، وبغداد
6- حركة المختار ( الشريف حبيب الله – ابو علي المختار ) ، ودعوة هذه الحركة مزيج من الافكار الصوفية والتبشيرية المسيحية ، نشطت في بغداد في الاونة الاخيرة ، زعيمها من اهالي الطالبية ، والده شيوعي سابق كان يعمل في السحر وقراءة الفأل .
7- حركة أصحاب القضية ، وهم جماعتين.
أ- الأولى (حركة روح الله) وتعتبر أن السيد الخميني هو المهدي ، وإنه لم يمت بل غاب وسيظهر/العمارة.
ب- الثانية (حركة النبأ العظيم) و تعتبر أن السيد مقتدى الصدر هو المهدي (ع) / العمارة.
كما وان التسمية (أصحاب القضية) تطلقها على نفسها كل من حركة الممهدون وحركة اليماني وحركة القحطاني وهو ما يؤشر منطلقاتهم الفكرية المشتركة.
8- حركة محمود الصرخي ( الحوزة الصادقة ) وهي حركة ( مهدوية – مرجعية ) وتعتبر معتدلة فكريا (غير سلوكية ) و لكنها تحمل بذور الفكر المنحرف ، حيث يدعي زعيمها انه يلتقي بالإمام المهدي ، (سألت الناحية المقدسة ) وانه الأعلم و يبطل تقليد باقي المراجع / الديوانية ، كربلاء
تمويلهم:
أن أصابع الاتهام في تمويل هذه الحركات أنما تشير إلى (حزب البعث ، الحركة الوهابية ، دعم خارجي/ خليجي).
مشتركاتهم العقيدية:
في البدء لابد من معرفة أن اغلب هذه الحركات إنما تنهج نهجا صوفيا في أدبياتها و افكارها و سلوكياتها، حيث توظف المفاهيم الصوفية توظيفاً سياسياً [7] أما أهم عقائدهم فهي :
1- عقيدة الاتحاد والحلول[8]: حيث يعتقدون بان الله قد حل في بدن الامام المهدي واتحد به ، وهي كما اسلفنا من عقائد النصارى والمتصوفة .
2- عقيدة وحدة الوجود[9]:وان الله تعالى يتجلى للناس من خلال بعض عباده الصالحين ، وهي من عقائد فرق الغلاة المنقرضة ، وكان اخر من ادعاها (البهائية).
3- الايمان بنظرية (الظاهر والباطن) اي تطهير الباطن واهمـال الظاهر ، والذي ينتهي الى (اسقاط التكاليف ) و ( إكثار الفساد) تمهيداً لظهور الإمام المهدي
مصادرهم في الاستدلال على عقائدهم:
أ- التفسير الباطني للقران.
ب- الأحلام و الإلهامات والمكاشفات.
ت- انتقاء الروايات المتشابهة التي تخص قضية الأمام المهدي(ع) وتفسيرها بصورة موجهة
وتوظيفها للاستدلال على مدعياتهم.
ث- ادعاء اللقاء بالإمام المهدي (ع) من قبل زعمائهم و سؤاله و التعلم منه والأخذ عنه.
قراءة في بعض افكارهم ومشتركاتهم السياسية و الاجتماعية :
1- أن الأمام المهدي (ع) ظهر او على وشك الظهور، وان كان بعضهم (ابنه) والأخر (وصيه) والثـالث (نسيبه) والرابع (المهدي نفسه).
2- يتدرجون مع إتباعهم في تلقين الأفكار المنحرفة وكالتالي:-
أ- يبدؤون بالدعوة لترك طلب العلم لأنه غير نافع في زمن ظهور المعصوم ، (إغلاق عقل المتلقي).
تسقيط المرجعيات الدينية ، والمناداة ببطلان تقليدهم ، فهم يسعون الى هدم ثقة الناس بعلماء الدين
[1] الأغاخانية:- فرقة مغالية انشقت عن الشيعة الاسماعلية (البهرة) الذين يقولون بامامة اسماعيل بن الامام الصادق ، بدل الامام الكاظم ، وقد اختصت الاغاخانية بطقوس وممارسات وعقائد اخرجتها من دائره الاسلام ووضعتها في خانة الفرق المغالية ، خاصة بعد ان اسقطت التكاليف الشرعية المتعارفة عند المسلمين وهم موجودون الان في الباكستان وافغانستان وسوريا.
أهم عقائدهم
1- ان الذات الالهية قد حلت في الامام علي (ع)، وكذلك فانها تحل في بعض ائمتهم المتوفين وحتى الاحياء – (عقيدة الاتحاد والحلول).
2- يؤمنون بعقيدة التناسخ الهندوسية.
3- يؤمنون بعقيدة وحدة الوجود .
4- يؤمنون بان الدين ظاهر وباطن وان الشريعة الظاهره ما هي الا مجموعة قوانين ونظريات وضعها الفقهاء بعد النبي بقرون ، وانها جاءت لزمانها ، وقد حدث تطور كبير يحتاج فيه الناس الى شريعة جديدة، ولذلك فهم يؤمنون بفكرة (نسخ الشريعة) وبديلهم هو التأويل الباطني للقرآن وللشريعة، ومثال على ذلك.
- ان القيامة هي قيامة الارواح والنفوس بدون الاجساد (نظرية البعث الروحاني) والذي قالت به ايضا الفرقة الشيخية فيما بعد
- ان الصلاة موالاه الائمة، والصلاة عندهم مجموعة من السجدات .
- وان الزكاة / اخراج العلم الباطني لمن يستحق.
- وان الحج / زيارة الامام وادمان خدمته، وكعبتهم حيث يوجد زعيمهم.
- وهم لا يقيمون الصلاة مع المسلمين، واماكن عبادتهم تسمى (بيت الجماعة) ، ولا يحجون الى الكعبة.
- والصوم / هو الستر والكتمان : اي ستر الاسرار وعدم كشفها.
وباختصار فان نسخ الشريعة معناه (اسقاط التكاليف).
[2] الشيخية :- فرقة مغالية اسسها الشيخ (احمد الاحسائي) ، يعتقدون بان الخلق والرزق والاحياء والاماته امور فوضها الله الى الائمة (ع) ، والتفويض نوع من انواع الغلو – وكذلك فانهم يعتقدون بـ( الركن الرابع) فيقولون ( لا بد في كل زمان من شخص ظاهر، غير امام الزمان الغائب يكون عالما بكل شيء وله الوساطة بين الناس والامام ، ويجب على الجميع الدعوة له ، وليس لغيره من اهل العلم ان يتصدى للأمور العامة الاباذنه وسموه بـ الناطق ، والنائب الخاص – والقطب ، والركن الرابع والباب)، وان البعث يوم القيامة (بعث روحاني ) وليس جسماني ، وان المعراج كان بروح النبي وليس بجسده.
[3] البابية :- فرقة مغالية انشقت من الشيخية ، لديها كتاب مقدس اسمه ( البيان) يؤمنون بضرورة الاهتمام بالجانب الباطني (جانب القلب ) وتطهيره من حب الدنيا،وكذلك اهمال الجانب الظاهري ، واسقاط التكاليف الشرعية ، يدعى زعيمهم (علي محمد الشيرازي ) انه هو الباب الموصل للامام المهدي(ع)، فكان اول من استعمل هذا المصطلح في العصر الحديث فسموا بالبابية.
[4] البهائية :- وهي امتداد للبابية ، زعيمهم ( الميرزاحسين علي النوري) – البهاء (المهدي الموعود)، وكتابهم المقدس هو (الاقدس) ، يؤمنون اضافة لما سبق من عقائد البابية في الاهتمام بعلم الباطن واسقاط التكاليف ، باجازة الزواج بالمحارم وكذلك يدعون بان الله تعالى قد تجلى لعباده من خلال اشخاص هم( براهما – بوذا – موسى – عيسى – محمد) واخيراً – البهاء ، فهو مظهر من مظاهر التجلي الالهي وكذلك اعتبروا قبره في يافا كعبة ومقصداً لحجاجهم.وقد اصبحت البهائية فيما بعد ذراع من اذرع الحركة الماسونية الصهيونية ، ورفعت شعار الماسونية ( وحدة الاديان) وقد افتى العلماء في ايران بكفر اتباع هاتين الفرقتين فرد زعمائها بتكفير جميع علماء الدين ، بل جميع الشيعة.
[5] السلوكية :- وهو مصطلح مشتق من كلمة (السالك) اي الشخص المنتمي للفرق الصوفية و(السائر) في طريق الحقيقة والعرفان للوصول الى (اليقين) ، ، فالسلوك هو الطريق الى الله والذي يختاره العارفون والمتصوفة بالعبادة والزهد في الدنيا ، لاجل التقرب الى الله تعالى .
وقد تسمى بهذا الاسم اصحاب الحركات (الصوفية – السياسية – التكفيرية) الموجوده اليوم في الساحة العراقية.
[6] الصوفية ليست مذهبا او دينا بل هي منهج و طريق يسلكه العبد للوصول الى الله تعالى كما يعرفها اصحابها اما معارضيها فيعتبرونها ممارسات عبادية لم تذكر في القرآن او السنة ، ولايوجد اي سند في اثباتها."راجع الملحق ـ2ـ"
[7] ) التوظيف السياسي للتصوف:-ان القضية في العمق هي مؤامر تكفيرية بعثية لتمزيق الساحة الشيعية عبر تسويق المنهج الصوفي وتحت عباءته، ونشره بين الناس كبديل عن المنهج التشريعي الفقهي وبالتالي لاستبدال المراجع والفقهاء المجتهدين بدعاة التصوف والعرفان، ولكن ليس بصيغته الشرعية المعتدلة والمتسالمة مع الفقه والفقهاء والمتكاملة مع الشريعة، انما بصيغة تكفيرية مغالية رافضه لكل ما يتعلق بالفقه والشريعة وحدود الحلال والحرام.
لان الشريعة وفقهها وفقهائها أصبحوا عقبة كأداء في وجه هؤلاء الادعياء في سعيهم لخداع واستغفال الامة وتنفيذ مخططات العدو المتربص بها.
لقد وجد دهاقنة الشر وشيوخ الطائفية وضباط المخابرات الاجنبية، ان خير وسيلة لاختراق الجسد الشيعي والعقل الشيعي والهيمنة عليه هي عن طريق هذا المنهج الذي سبقهم النظام البائد في محاولة توظيفه لتمزيق الساحة الشيعية انذاك عندما زرع عناصره في حاشية السيد محمد الصدر(رض)، والذين لعنهم رحمه الله بعد ان كشف انحرافاتهم وشك بتوجهاتهم.
لقد تم تطوير هذه النسخه المحسنة من المنهج (العرفاني) لتلبي محتيجات المرحلة في احداث خرق (عقائدي- اجتماعي- سياسي - امني) للواقع الشيعي.
ولكن لماذا وقع الاختيار على (المنهج العرفاني) ليوظف في هذه المهمة المشبوهه، والجواب هو ان منهج العرفان لا يعتمد في استدلالاته على المبادى والاصول العقلية، لكي تحاكم الاشياء فيه على مدى اقترابها وابتعادها عن العقل، بل ان استدلالاته تعتمد على المكاشفات، وما يشاهد بالبصيرة وليس بالبصر، فالادوات المعرفية التي يعتمدها هذا المنهج هي (البصيرة و المجاهدة وتزكية النفس – والحركة والصراع الباطني) وكلها غير قابلة للأثبات ولا تحدها حدود او تقيدها قيود من علم او فقه او كفائه او غيرها، انه منهج مشرع الابواب لكل من يريد، وبهذا اصبح فرصة للمندسين والاعداء للنفوذ الى الامة من خلاله.
فضلاً عن ان (القضايا الروحانية) والمناهج (غير العقلية) والتصوف منها ، تناسب طريقة تفكير العامة من الناس ، التي تحاول ان تفسر الدين وتفهمه بصورة عاطفية مشاعرية مغالية .
انه منهج بسيط لايستلزم التوفر على معارف خاصة او مقدمات معقدة ، فهو يحتاج الى جهد ذهني وجسدي (غير نوعي) ، وكذلك فهو يناغم الاوتار الحساسة في النفس البشرية وما يستهوي البسطاء من الناس وذوي الثقافة المحدودة .
فما لم يكن الانسان محصناً بالثقافة الشرعية والعقائدية المناسبة ، وما لم يكن ممن يعتمد الدليل العقلي في فهمه للدين ، فأنه سيكون لقمة سائغة لهذه الدعوات .
[8] الاتحاد والحلول:-معناه ان الله يحل في بعض مخلوقاته ويتحد معها ، كاعتقاد النصارى حلوله في المسيح عيسى بن مريم، وقد ابتدع هذا القول في عالم المسلمين (الحـــــــلاج) ، وادعى ان الله قد حل به ، وهو احد اشهر زعماء المتصوفة، فالتصوف في جوهره ودلالته الاولى والدقيقة لا يعني الا الاتحاد مع الخالق عند صوفية الاديان السماوية ، ومع (النفس الكلية – الكونية ) في غيرها فالتصوف في دلالته التاريخية الدقيقة لا يخرج عن كونه (سلوك طريق الاتحاد مع المطلق ) فهو فن الاتحاد مع الواحد.
[9] وحدة الوجود:-وحدة الوجود انحراف قديم ظهر في العالم ، فقد امن بها الهندوس والصينيين والإغريق وهي (اعتقاد ان الله هو الوجود المطلق الذي يظهر بصور الكائنات والادعاء بان الله تعالى والعالم شيء واحد ، فليس هناك – بزعمهم – خالق ومخلوق ، بل العالم –عندهم – هو مخلوق باعتبار ظاهره ، وهو خالق باعتبار باطنه ، والظاهر والباطن في الحقيقة شيء واحد ، هو الله تعالى.
وقد نشأت وحدة الوجود في الأمة الإسلامية مقترنة بنشأة التصوف ، وأقوال ائمة التصوف المتقدمون كلها تدور حول وحدة الوجود ، فهي عندهم اهم العقائد وغاية الغايات ومنتهى الطلبات ، وقد تبلورت هذه الفكرة على يد (محيي الدين بن عربي).
والطرق الصوفية وان اختلفت في بعض الشعارات والطقوس الظاهرة، ولكنها متفقة في الغاية والنهاية،وهي (ايصال المريد الى وحدة الوجود).
فمن سار في طريق التصوف الى نهايته وتعمق في اسرار العقيدة الصوفية ، ووصل الى مرتبة الكمال عندهم ، فهو من اهل وحدة الوجود.
وقد وضع ائمة التصوف طريقة ليوصلو بها اتباعهم الى الاعتقاد بوحدة الوجود، وهي في مجملها (تعذيب النفس والبدن بالرياضات المختلفة كالجوع والسهر والانعزال عن العالم، والصمت الطويل وترديد الاذكار الصوفية الاف المرات)، ويكون ذلك كلة باشراف (شيخ صوفي)، ويتدرج بالمريد المسكين عبر مقامات ، بعضها اعلى عندهم من بعض حتى يصل الى (مرتبة اليقين) (وحدة الوجود).
ان المرتكز الجوهري لعقائد الصوفية هو القول (بوحدة الوجود) والتي هي غاية التصوف والعقيدة الاساس عند الصوفية ، هذه العقيدة مناقضة للاسلام ، هادمة لاصول الايمان ، وهي كفر وشرك بالله تعالى ، ولها آثار خطيرة على دين من آمن بها لانها تتضمن جحود الالوهية والربوبيه.
اما الفيض الالهي فهو شكل من اشكال القول (بوحدة الوجود) فالاله هو النفس الكلية التي فاضت على الموجودات الحية عن طريق ما يسمى بـ(العقول العشرة)، فتكونت عنها نفوس الكواكب والبشر وسائر المخلوقات وهي نظرية تمت اسلمتها عن اصولها الاغريقية.
أ- تسقيط المرجعيات الدينية ، والمناداة ببطلان تقليدهم ، فهم يسعون الى هدم ثقة الناس بعلماء الدين ثم عزلهم ثم تصفيتهم ان تطلب الأمر.
ب- ثم الدعوة لإسقاط التكاليف الشرعية (صلاة - صوم - حج- زكاة ) ، و اعتبارها أحكام ظاهرية غير مهمة ، و استبدالها بتطهير الباطن و تنقية القلب مما علق به من حب الدنيا.
ت- وأخيرا ضرورة الإكثار من الفساد للتعجيل بظهور الأمام المهدي(ع).
3- ممارسة السحر و الشعوذة و الادعاء بأنها كرامات، ليخدعوا بها السذج والبسطاء.
4- تكفير المجتمع/ان المفارقة الغريبة و الخطيرة فـي فكر هذه الجماعات انها تكفر المجتمع بكل شرائحه وطبقاته ، بما فيه علماء الدين و المراجع ونزولا الى البسطاء والاميين، و الغريب ان التكفيريين من الجانب الاخر انما يكفرون الطائفة التي لا ينتمون اليها ، اما هؤلاء فأنهم يكفرون طائفتهم وأهلهم و اخوانهم ، وهو مايكشف حقيقة الدور الذي تقوم به (القاعدة) في تسيير وتوجيه هذه الحركات.
5- معاداة الديمقراطية و نظام الانتخابات.
6- معاداة العملية السياسية.
7- رفض الدستور.
8- لأغلبهم اتصالات مع المجاميع الإرهابية و بعض القوى السياسية المعادية للحكومة، من داخل و خارج الحكومة.
9- إيمانهم بمبدأ العنف المسلح، ولدى اغلبهم ميلشيات مسلحة.
10- تجويزهم استهداف الشرطة والجيش.
11- تنظيماتهم عنقودية و على مستوى عالي من الدقة.
12- يؤكدون على قضية (الطاعة المطلقة) و يدربون عناصرهم عليها و بصورة غير طبيعية و بوسائل غريبة و قاسية، حتى يتحول المنتمي لهم إلى ( بيدق شطرنج) فاقد لأي وعي أو إرادة أو رأي، وهو ما يفسر لنا الولاء الأعمى لأعضاء هذه الحركات (أنها عملية غسل دماغ تمارسها جهة محترفة).
13- كشفت التحقيقات مع تنظيم (جند السماء) ان هناك علاقة ستراتيجية مع حركة (احمد الحسن اليماني) وقد
اعترفوا بانه في حالة الاستيلاء على النجف من قبلهم فان هناك ( مجموعة الألف) سوف تلتحق بهم ، وهي مجموعة اليماني ، وكذلك فان حركة (قاضي السماء) كانت تقوم بتمويل حركة (احمد الحسن اليماني) ، على خلفية العلاقات المتينة التي كانت تربط بين زعيمي الحركتين .
اسباب الظهور و الانتشار:
ان أهم أسباب ظهور وانتشار هذه الحركات هو :-
1- الفراغ الفكري و العقائدي
2- تسيد الجهل الثقافي
3- الظروف القلقة و المأساوية ، و اختلال الأمن ونقص الخدمات والذي ولد الحاجة اللاشعورية لوجود المنقذ.
4- تدخل المخابرات الاجنبية ، وشراء الذمم و الضمائر و استغلال الحاجة المادية للناس .
5- وجود طلاب الجاه والمنصب و المال ، الذين لايتورعون عن تنفيذ مخططات الأعداء مقابل المصالح الشخصية.
6- الإحباط العام الذي أصاب الامة بسبب كثرة الجهات السياسية و الدينية و صراعاتها على مناطق النفوذ ومصادر المال ومواقع القرار.
7- عدم وجود الفهم الصحيح ( لعقيدة المهدي ) وحدودها مما سمح للادعياء باستغلالها لخداع الامة وتمرير المخططات الخارجية الخبيثة بحقها من خلال هذه العقيدة السامية .
8- انشغال النخب السياسية و الدينية و الأمنية في القضايا الكبرى (وضع اسس الدولة الجديدة) ، ومواجهة التحديات الكبرى (البعث - الوهابية - الارهاب - التامر الاقليمي - توفير الخدمات) ... وغيرها ، عن التفرغ لمواجهة هذه الحركات الهدامة .
9- انحسار وضمور وابتعاد وعدم تفعيل (الفكر الواعي) في الامة بسبب انشغال ممثليه في الساحة بالمعركة الأمنية والسياسية .
10-عدم وجود القوانين ( الرادعة ) ، التي تضع العقوبات المناسبة لهكذا حالات وظواهر مدمرة.
11-الضعف الإعلامي الرسمي وغير الرسمي في مواجهة هذا الطاعون الخطير.
12- وأخيرا وليس أخرا فأن تنامي وتأجج حالة الاستشعار والوعي ( بالخطر الخارجي ) لدى الامة بكل شرائحها (مرجعيات دينية وثقافية وسياسية وأمنية) قد اوجد حالة من ( التراخي و الغفلة و الاهمال وتدني الوعي) ازاء الخطر الداخلي الذي تمثله هذه الحركات ، و التي هي في الواقع ( الطابور الخامس وحصان طروادة والخلايا النائمة للعدو الخارجي المتربص).
أسباب الدعم الخارجي و الداخلي:
هناك أسباب كثيرة تدفع بالاخرين ( داخليين وخارجيين) لدعم هذه الحركات وتقويتها .. ومن أهمها :-
1- لقد وجدوا ان هذه الحركات هي السلاح المناسب ، لضرب التشيع من الداخل ، وافشال التجربة التي يقودها الشيعة في العراق ، بعد ان عجزوا عن إسقاطها من الخارج على أمل اضعاف سيطرة الأغلبية على مقاليد الأمور في البلاد.
2- سعي الجهات الطائفية الحاقدة من خلال الإيحاء بان هذه الحركات هي المصداق العملي (للتشيع) الى اتهام الشيعة بالانحراف عن خط الاسلام وجعلهم في مواجهة مع العالم الإسلامي ، الذي ستصدمه عقائد الاتحاد و الحلول و إسقاط التكاليف و إكثار الفساد ، وكذلك تشويه صورة ( التشيع) في العالم وامام المسلمين ، وقد بانت حقيقة هذا الدعم في الجانب الاعلامي ، وذلك عندما قضت الدولة على احدى هذه المجاميع المنحرفة في معركة (الزركة) حيث قامت القنوات ( الزوراء - الرافدين - الشرقية) بتغطية الاحداث بصورة منحازة 100% لصالح ( قاضي السماء ) و المغرر بهم من اتباعه ، وبما يؤكد تخندقهم مع هذه الجهة واستعدادهم جميعا لساعة الصفر ، و التي كانت عليهم ولم تكن لهم .
3- السعي لتمزيق النسيج الاجتماعي و السياسي و الفكري في الوسط والجنوب ، و اثارة الفتنة والاقتتال الداخلي الذي سيأتي على الوحدة الداخلية ، (مصدر قوة الامة ) ، وكذلك على كل بناها المادية و الحضارية
و العمرانية و الخدمية ، ويؤسس لصراع طويل الأجل يتركها عاجزة عن الوقوف على قدميها لعشـرات السنين ، ويحرمها من الحصول على حقوقها و تامين مصالحها ، ويجعلها امة واهنة ، مشلولة أمام الاخرين.
4- وخارج حدود المنطقة وتداعيات الصراع فيها ، وبعيداً عن اسقاطات الوضع العراقي ، فأن هناك مخطط عالمي في الترويج للاسلام الصوفي ، مقابل الأنواع الأخرى من الاسلام (الأصولي او السياسي ) بل مقابل حتى الاسلام المعتدل غير الصوفي ، باعتبار ان الاسلام الصوفي يختزن القابلية للاندماج والذوبان في المجتمعات كافة وليس التعايش فقط ، بسبب الاصول المشتركة مع باقي الديانات ، مع قدرته على التنازل عن اي ميزة للهوية الإسلامية سواء كان في مجال السلوكيات الاجتماعية أو الفكر والعقيدة أو الرؤى والقيم العامة .
والحركات السلوكية امتداد طبيعي للنهج الصوفي الذي يراد له ان يعمم في العالم الاسلامي.
خطرهم على الأمن الوطني
يضن البعض بأن خطر هذه الحركات مبالغ فيه، وانه لا يستحق ان يعطى اكثر من حجمه الحقيقي ، وهو ضن لا يمكن تفسيره إلا بأحد أمرين او بهما معاً ، الأول انه دليل عدم الاطلاع والإحاطة بالحجم الحقيقي ومدى الانتشار الواسع لهذه الحركات جغرافيا ، و الثاني انه ]دليل عدم الوعي بحقيقة الأفكار والعقائد المنحرفة و الرؤى السياسية المتطرفة التي تؤمن بها هذه الحركات .
ان خطر هذه الحركات إنما يكمن :-
1. في المنهج/
يمكن القول أن كل تيار يستبطن التطرف في حركته السياسية و الاجتماعية و الفكرية، ويتخذ من القوة وسيلة لتحقيق أهدافه فانه يحمل درجة خطورة بنسبة معينة لان ادعاء امتلاك الحقيقة الكاملة, و جعل الباطل هو نصيب الأخر، أنما هو ادعاء وجود مع نفي وجود الأخر، كذلك فأن التثقيف باتجاه استعمال القوة لتحقيق الأهداف أنما هو بمثابة الإخضاع ألقسري للطرف الآخر ، والخلاصة ( فإنها رؤية تريد فرض نفسها بالقوة على الآخرين) وهكذا حركات تهدد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي وتوفر الأرضية المناسبة للتدخل والتغلغل الأجنبي ، أن لم يكن اليوم فغداً قطعاً.
أن الخطر الذي تمثله هذه الحركات على الأمن الوطني وأن بدا ضعيفاً ألا انه ينمو مع الأيام و ينتظر الفرصة المناسبة.
2. في السلوك/
أ- السماح بالتغلغل الأجنبي المعادي.
ب- تمزيق وحدة المجتمع و زرع العداوات والأحقاد.
ت- استغفال المئات من أبناء الأمة البسطاء و الزج بهم في أتون حرب ضد أنفسهم وإخوانهم و وأوطانهم.
ث- الإساءة لعقيدة الأمة و لفكرة المهدي(ع) و لموضوع الدين بصورة عامة.
ج- تنفيذ أجندات أعداء العملية السياسية في الداخل و الخارج ومحاولة إسقاط الحكومة بعد إضعافها .
ح- أضعاف الأمة واستهلاك طاقتها و إلهاءها عن معاركها الحقيقية بمعارك جانبية.
خ- الإخلال بالأمن المجتمعي و نشر الفوضى و إشاعة أجواء العنف.
د- ضرب حالة الاستقرار والبناء و العمران ، مما يؤدي للإضرار بالناس اقتصادياً و اجتماعياً وعرقلة مسيرة الحياة.
ذ- إشاعة الأفكار والعقائد المنحرفة والمخالفة لحركة التاريخ وللعقـــل وللفطرة وللدين في أوساط الناس
ر- الترويج للتخلف في المجتمع.
أن هناك شبحاً يجول في قرى ومدن الوسط والجنوب اسمه ( السلوكية) ، وخطورته انه يخرج الناس من الدين باسم الدين ، ويمسخ عقولهم و يحولهم إلى أداة تنفذ كل ما يطلب منها ، وان كان قتل الأهل والإخوان وتدمير البلاد وتنفيذ مخططات الأعداء ، وكذلك تحويلهم الى طابور خامس يتولى ارباك الاوضاع الامنية والسياسية والاجتماعية من الداخل وخنجراً لطعن الامة من الخلف.
المبحث الثاني
حركة الممهدون - المولوية- (نموذجاً)
تنظيم (صوفي سياسي) ظهر بعد سقوط النظام البائد ، واعتمد على السرية والتكتم الشديدين ، وكانت انطلاقته الأولى من محافظة بابل ثم راحت تنتشر شيئا فشيئا حتى شملت كربلاء والنجف والديوانية والسماوة وظهر لها أتباع في المحافظات الجنوبية في السنوات الأخيرة إلا أنهم ليسوا بمستوى محافظات الفرات الأوسط من ناحية العدد ، وقد سميت الحركة بالمولوية لان أتباعها يكثرون من استعمال مصطلح (المولى ) واشتقاقاتها فيما بينهم وبصورة لافتة ، ليس لهم أي مكاتب ظاهرية ، يعتمد نشاطهم الفكري والتبليغي على أتباع الحركة حيث يقوم كل فرد منهم بالتبليغ من خلال التحدث إلى أصدقائه ومعارفه ومن خلال المجالس في البيوت أو ما شاكل ، وقد ظهرت لهم في الفترة الاخيرة منشورات تثقيفية يتداولونها فيما بينهم ، ويوزعونها على الناس.
عقائدهم:
في الواقع أن اغلب عقائد هذه الحركة ومثيلاتها أنما هي مأخوذة من المدرسة الصوفية ومن عقائد الفرق المغالية المنقرضة وغير المنقرضة ، كالخطابية والنصيرية والبابية والبهائية وغيرها ، وقد قسمناها إلى قسمين أساسية وثانوية.
أ- العقائد ألأساسية:
1- أن أساس عقيدة هذه الحركة هو نظرية (الاتحاد والحلول) ويبدو إن الحركات المهدوية المعاصرة قد وجدت بغيتها في هذه النظرية فادعوا بان الله جل وعلا يحل في شخص الأمام المهدي بحيث يكون وجوده هو وجود لله في الأرض ، وبذلك يكون توحيد الله بوليه.
أي هناك اله في السماء هو (الله) واله في الأرض هو (الأمام المهدي)(ع) وهي نفس دعوى الخطابية في الأمام الصـادق(ع) ، حيث يفســـرون آية (إنا أنزلناه فـي ليلة القدر ) تفسيراً مخـالفاً لكل قوانيـن اللغة وضـوابط التفسيـر، فتكون (إنا) بمعنى الجمع ، أي أن هناك إلاهين ، إله في السماء وهو الذي خلقك ، وإله في الأرض وهو الذي يخلقك من انسان ضال الى إنسان مهتدي ، وهذه الفكرة لا تقتصر على المهدي بل ان كل (مولى) – مسؤول حزبي – هو إله ثاني ، وهكذا عادوا بنا الى نظرية تعدد الآلهه ، ليحرفوا ديانه التوحيد الى ديانة (شركية) باسم التوحيد..
ومن ناحية أخرى فان الإنسان يتوفر على الصفات الجلالية والصفات الجمالية الأولى للأفعال الظاهرية والثانية للكمالات الباطنية ، (الإرادة والقوة والنية) ، ومادام متوفرا على هذه الصفات الكمالية وان كانت نسبية ، إلا انه كـلما ارتقـى بهـا سـيقترب مـن المعصـوم حتـى يتحـد بـه ، وتوحـده بالمعصـوم هو توحد بالله فتكون المعادلة (الله - المهدي - الموالي) وهم ذات واحدة بثلاثة وجوه.
وهذه العقيدة تقترب كثيرا عقيدة التثليث الهندوسية[1]ومن العقيدة المسيحية (الأقانيم الثلاثة)[2]
أن هذه العقيدة وكما هو واضح قد غلت في الأمام المهدي لترفعه إلى درجة الإلوهية حيث جعلته اله ثاني في الأرض .
2- المعلم الأساسي الثاني في عقيدة هذه الحركة هو ادعاؤها بأن الأمام المهدي قد غاب عن الناس بشخصه لكنه ظهر بنائبه (السيد الممهد - اليماني ) والذي هو سيد وزعيم هذه الحركة ، وهنا أيضا طبقت نظرية (الاتحاد والحلول) بين الأمام المهدي ونائبه اليماني ، بل زادوا على ذلك إذ ادعوا إن الإمام المعصوم يتجلى في خمسة أشخاص هم على ابن الحسين ، محمد ابن الحنفية ، واليماني ، وشخصان سريان وهؤلاء موجودون وهم يحركون الموالين للوصول إلى الأمام المعصوم) وهذا عين ما ذهبت إليه الفرقة (البهائية) المنحرفة المغالية إذ ادعت بان الله يتجلى لعباده من خلال أشخاص هم {برهما ، بوذا ، إبراهيم ، موسى ، عيسى ، محمد ، وأخيرا (البهاء) زعيم البهائية} ، وعقيدة التجلي من لوازم عقيده (وحده الوجود).
ويدعى هؤلاء بان اليماني لا يظهر لأغلب أتباعه ومريديه إلا للخاصة منهم ، وهذه الخاصة القليلة يقولون أن كبيرهم (اليماني) هو في طور الدعوة السرية ، وانه لو أعلنها حاليا سوف يحارب من قبل علماء السوء حسب تعبيرهم والمقصود بهم (المرجعيات الدينية) .
وعلى ضوء ذلك ستكون طاعته (السيد الممهد) طاعة للأمام المهدي (ع) وبما إن وجود الأمام وجود لله تع ، أذا ستكون النتيجة (طاعة اليماني هي طاعة لله) وبما أن السيد الممهد وهو القائم مقام المهدي "ع" ففي هذه الحالة لا يجوز التشكيك والجدال والرد عليه لأنه بمثابة رد على الأمام الذي هو ظاهر بوليه وهو الله تع .
3- ولكن كيف يمكن للأمـام المهدي ولليماني أن يحركا الأحداث ، هنا يأتي دور (الموالين أو الأولياء ) حيث يقولون ، لابد من وجود معصوم يسير أمور العباد ، ولابد لهذا المعصوم من نائب يمهد له الأمور وهو (اليماني) فلابد أذن من ان يكون لليماني (موالين) مؤيدين له يأخذون الأوامر و التعليمات منه., وهؤلاء الأشخاص الذين يلتقون باليماني هم (15) شخصاً وهم من الأولياء الذين قطعوا شوطا كبير في محاربة النفس وجهادها ، ونظفوا قلوبهم من أدرانها ومن الهواجس والذنوب و الأوهام ، ويستدلون على ذلك بالآية الكريمة (وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر) حيث يذهبون إلى أن أولي الأمر هم (الأولياء) الذين نصل من خلالهم إلى المعصوم ، فالآية في نظرهم غير مختصة بالأئمة (ع) فقط ، بل تشملهم ، هم ، أيضا فكل شخص منهم لديه مجموعة من الأتباع يعدونه من (أولي الأمر)
بل أنهم يربطون معرفة المنهج (الأطروحة الإلهية) بقضية (الطاعة والتسليم) المطلق للموالين من اجل الوصول إلى معرفة الأمام المعصوم وهو مظهر تجلي (الرحمة الإلهية ) لان حكومة العدل الإلهي لا تتحقق إلا بالإتباع والموالاة من الموالين إلى الأولياء إلى الباب وهو اليماني إلى المعصوم .
حيث لا بد لكل موالي من مولى يكون هو المسئول عنه من اجل أن يصل به كي يكون من القواعد الممهدة لظهور الأمام ، وهو نفس نظام المرشد مع السالك في المدرسة الصوفية العرفانية.
وبناءا على هذه العقيدة وعلى هذا الشحن المتواصل بضرورة الطاعة العمياء و الانقياد المطلق ، فأنهم يقومون بإدخال أتباعهم في دورات (غسل دماغ) ، وبأساليب غاية في القسوة والغرابة لتمرينهم على الطاعة ، حتى يتحول
المنتمي لهم إلى (آلة) فاقدة لأي وعي أو أرادة أو رأي أو انتماء - عداهم - بعد أن تمارس معه عمليات الترويض وغسل الدماغ وبطريقة محترفة وغاية في المكر والدهاء تحكي خطورة واحتراف المشرفين على هذه العملية وجذورهم المخابراتية والأمنية.
4- أما المعلم الرابع من معالم هذه العقيدة المنحرفة فهو الدعوة إلى الاهتمام بتطهير الباطن ورفع الأوهام من القلب وأتباع الحقيقة التي هي (طاعة المولى) لأنه المرتبط بالمعصوم ، إما الأفعال الظاهرية للجوارح (كالعبادات والمعاملات) فأنها ليست ضرورية .
حيث يستدلون هنا بالآية الكريمة (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) بمعنى أن الغاية من العبادة هي الوصول إلى لحظة اليقين ثم عدم لزوم العبادة بعدئذ ، لأنه بحصول اليقين يتحقق المبتغى من العبادة و هذا هو المدخل الذي يدخلون منه في دعواهم لإسقاط التكاليف الشرعية 0الصوم ، الصلاة، الحج ، الزكاة، وغيرها) باعتبارها أحكام ظاهرية غير مهمة ويجب أن تستبدل بتطهير الباطن لنصل إلى طاعة المولى والتي هي طاعة للمعصوم وبه نصل لليقين ، وهم يمهدون لذلك بالدعوة لترك طلب العلم ، طبقا لحديث النبي (ص) (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ) ، ثم العمل على ترويض النفس حتى تصل الى درجة اليقين عن طريق أذكار خاصة ، مع محاربة النفس وعدم الانقياد لملذاتها وشهوتها من أكل وراحة فهم يخالفونها حتى في الحلال ، ونسوا قوله تعالى: ( قل من حرم زينة الله التي أخرجها لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خاصة)، وبالمخالفة للمباحات يكونوا قد حصلوا على درجة اليقين ، عندها يقذف الله العلم في قلوبهم فيحصلوا على كل ما يريدون عن طريق الإلهام الرباني كما هو عند الأئمة المعصومين (ع) الذين كانوا يعبدون الله حق عبادته.
ويكونوا بذلك مصداقا للحديث القدسي (عبدي اطعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكون ) واذن فان الضابط في قياس درجة الوصول لليقين ، هي القدرة على محاربة النفس وحرمانها من (الملذات والشهوات والطيبات من الرزق التي أحلها الله) ونسوا قصة النبي (ص) مع جملة من اصحابه ممن ترك اهله وعياله وآوى الى كهف في الجبل يعبد الله ، حيث قال لهم (انا معشر الانبياء نأكل الطعام وننام الليل ونتزوج النساء ، ومن رغب عن سنتي فليس مني ).
وان (لارهبانية في الاسلام )، ثم ان كان في ذلك كرامة فالأنبياء أحق بها .
5- الدعوة العلنية والواضحة لإسقاط التكاليف والأحكام الشرعية وبهذا يتحول الأتباع بأيديهم إلى آلات وأشخاص ممسوخين فقدوا ارتباطهم بمجتمعهم وتمردوا على كل انتماءاتهم وتخلوا عن كل المنظومة القيمية (الدينية والأخلاقية والوطنية وحتى العاطفية) ، وبذلك يكونوا قد تأهلوا للمرحلة الأخيرة وهي مرحلة إكثار الفساد في الأرض للتعجيل بظهور المهدي(ع).
6- يؤمنون بضرورة (إرغام النفس على ماتكره) كنوع من أنواع التربية والترويض ويعتبرونه (الجهاد الأكبر) فالنفس المؤمنة تكره ارتكاب المعاصي ، ولذلك لابد من مخالفتها بارتكاب هذه المعاصي . وذلك للتعجيل بظهور الأمام المهدي ع وكلما كانت المعاصي اكبر كان الظهور أسرع ، وهذه هي فلسفة إكثار الفساد.
وفي هذا يلتقون مع فرقة الإسماعيلية الأغاخانية (الحشاشين) ومع عقائد (البابية والبهائية) ومع جماعة الحجتية في إيران ، والتي كانت تدعي إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيؤخر ظهور الأمام ، وعليه فلابد من استفزازه ليظهر سريعا.
إن الثمرة النهائية لكل ما سبق في الوصول إلى درجة اليقين ثم ترك التكاليف ، وإكثار الفساد في الأرض مع جملة من الرياضات الروحية هو رؤية الأمام المهدي .
(فان من يؤمن ويصفي نيته فسيؤهل لرؤية الأمام المهدي ، فلا داعي للعلماء والمراجع والتقليد و الشريعة).
ب- العقائد الثانوية:
1- يؤمنون بأنهم خارقون ومحروسون من الأمام واليماني والموالين .
2- عند الزيارة لا يزورون المراقد المقدسة.
3- لا يهتمون للصلاة ومواقيتها ويتعاملون معها بإهمال ، فهم يقرأون ورقة فيها بضعة كلمات في فترة الصلاة تعتبر عندهم مجزية عن الصلاة.
4- يدعون إن يوم ظهور المهدي قريب جدا ويكون في الكوفة في يوم حظر للتجوال .
5- يدعون إن اليماني موجود بينهم وهو إنسان بسيط وفلاح .
6- ممارسة السحر والشعوذة والادعاء بأنها كرامات كي يخدعوا بها السذج والبسطاء .
7- التماس الأعذار لجرائم الإرهابيين بحق الشيعة ،واعتبارها أرادة إلهية ،وان من يقتلهم الإرهابيين لا يريدهم الأمام لأنهم أناس غير صالحين وان علينا أن نستغفر لهؤلاء الإرهابيين وأن لانؤذيهم لان الأمام لا يرضى ان نؤذي أحدا ، ومن ناحية أخرى تكفير عموم الشيعة ممن يختلفون معهم.
- إن الملاحظ على جميع هذه الحركات أنها متعاطفة مع الجماعات الإرهابية ، وكذلك فان أعدادا كبيرة من السنة ينتمون أليها ويعملون في صفوفها رغم الاختلافات العقائدية ، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة تدعو للتأمل والبحث حول دور بعض الجهات الإرهابية و البعثية في صناعة وتسيير ورسم خطوات هذه الحركات .
فليس مستبعدا في النهاية وبمقاييس العمل ألمخابراتي أن يكون اليماني الذي يسير هذه الحركات هو احد عتاة الوهابيين او البعثيين من أمراء الإرهاب والذبح .
نماذج من ممارساتهم المنحرفة:
إن الإنسان الذي يعتقد بإسقاط جميع التكاليف الشرعية ، وضرورة إكثار الفساد في الأرض للتعجيل بالظهور, سيكون قطعا مستعدا لفعل أي شيء يؤمر به أو يطلب منه ، خاصة بعد تعرضه لعمليات غسل دماغ وترويض على الطاعة حولته إلى جهاز ينفذ فقط وفقط ، لذلك فلا غرابة فيما يصدر من هؤلاء من أفعال مشينة يأباها العقل والذوق والفطرة السليمة ، فهم أشبه مايكونوا (بالإنسان المسير)
[1]عقيدة التثليث الهندوسية:-
يعتقد الهنود بالثالوث من الآلهه الذين تسند لكل منهم مهمة بعينها والثالوث يتكون من (براهما – فيشنو- شيفا).
براهما / الخالق / وجه الحق المطلق – وهو اصل الوجود – نور الانوار
فيشنو/ الحافظ ، إلاله الممتلئ بالحب الذي يغذي العالم.
شيفا / إله القسوة والتدمير – المفني والمدمر والمهلك للعالم.
فاله الهندوس يرمز له بتمثال له ثلاثة وجوه، هي في الحقيقة ثلاثة صفات ، ويعتبرونها ثلاثة آلهه متحدة في إله واحد، وقد انتقلت هذه العقيدة فيما بعد من الديانة الهندوسية الى الديانة النصرانية.
اهم عقائد الهندوس
أ- الاتحاد والحلول: فمن لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الاهواء واطمأنت نفسه فانه لايعاد الى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالالهة (ابراهما).
ب- وحدة الوجود: بما ان الانسان يستطيع خلق الافكار والانظمة والمؤسسات كما يستطيع الحفاظ عليها او تدميرها ، فهو بهذا يتحد مع الالهه لانه يشبهها، فتصير النفس هي عين القوة الخالقة .، فالروح كالالهه ازليه سرمدية مستمرة غير مخلوقة كالعلاقة بين شرارة النار وبين النار ذاتها وكالعلاقة بين البذره والشجرة فهذا الكون كله ليس الاظهور للوجود الحقيقي ، والروح الانسانية جزء من الروح العليا.
جـ- تناسخ الارواح.
[2]الاقانيم الثلاثة:-
وهي (الاب – الابن – الروح القدس)
فالاب هو الله من حيث الجوهر ، وهو الاصل .
والابن هو الله من حيث الجوهر ، وهو المولود.
والروح القدس هو الله من حيث الجوهر ، وهو المنبثق.
اما طريقة الجمع بين الثلاثة فتتكفل بها عقيدة (الاتحاد والحلول) بين الرب والعبد.
وسنعرض أدناه جملة من هذه الممارسات المشينة على نحو المثال لا الحصر :
أ- عملية إلغاء الذات أو نزع الذات / حيث يؤمر التابع بان يصلي عريانا ، وهو هنا ينزع ذاته ويتوجه إلى الله
عاريا من كل شيء ، وهو يجب أن يطيع لان (المولى) - المسئول الحزبي إذا أمره فعليه الطاعة فلو قال له ان الشمس تشرق من المغرب فيجب عليه التصديق ، وفي بعض الأحيان فان الأمام هو الذي يصلي عاريا بالمأمومين ، وان على المأمومين أن يختبروا أنفسهم في تلك اللحظات فكل من يشك أو يستغرب أو ينفر من هذا المشهد فهنالك خلل في إيمانه عليه أصلاحه .
ب- يجيزون الزنا ، والشذوذ الجنسي (اللواط و السحاق) واخيرا تبادل الزوجات و الزنا بالمحارم، وهو حديث شاع بصورة واسعة جدا عنهم ، ويعتبر من أعلى مراحل التضحية للتعجيل بظهور الأمام .
مصادرهم في التلقي
أما أهم مصادر المعرفة والفكر الديني والعقيدي عندهم فهي:-
1- التأويل الباطني للقران / حيث تؤول الآيات حسب الأهواء وليس وفق ضوابط التفسير وعلوم اللغة والحديث وباقي العلوم الشرعية ، معتمدين في ذلك على حديث ( إن للقرآن ظاهر وسبعون باطن ) وهو ان صح فان المقصود فيه بمعرفة ظاهر القرآن من باطنه هو العلماء والمجتهدين والمفسرين وذوي الاختصاص من أصحاب اليد الطولي في هذه العلوم ، وليس أشخاص مغمورين ومجهولين تحوم الشكوك والشبهات حول ماضيهم وحاضرهم.
وهم برفعهم لشعار (السبعون باطن) إنما يطلقون العنان لأنفسهم كي يصولوا ويجولوا ويحرفوا الكلم عن مواضعه و يؤولوا بما تشتهيه أنفسهم من غير رقيب ولا حسيب ، فتكون ليلة القدر (فاطمة الزهراء(ع)) ويكون مرج البحرين يلتقيان (علي وفاطمة) وتكون الشمس وضحاها (النبي محمد (ص)) والقمر إذا تلاها (علي ع) والنهار إذا جلاها (الحسن والحسين(ع)) والليل إذا يغشاها هم (الأمويون) ، وهكذا إلى ما لانهاية من هذه الخزعبلات .
2- اقتناص الروايات العامة والمتشابهة حول قضية الإمام المهدي ليقوموا بتوظيفها بالاتجاه الذي يريدون للاستدلال على مدعياتهم .
3- يستندون على دعواهم المغالية بالخطبة التطنجية أو خطبة البيان المنسوبة إلى الإمام علي(ع) ، وهي خطبة ظاهرة في الغلو والشرك ، إذ ترتفع بالأمام علي(ع) إلى درجة الإلوهية ، وقد كانت هذه الخطبة ومنذ القدم رافدا من روافد الغلو ومصدرا لأفكار الفرق المنحرفة والمغالية ، وقد أعلن أكثر العلماء وأخيرا السيدين الخوئي (رحمه الله) والسيستاني (حفظه الله) ، ان لا صحة لنسبتها إلى الإمام علي(ع) (فهي من موضوعات الغلاة ).
4- ادعاء اللقاء المباشر بالإمام المهدي والأخذ عنه ، وفي هذه الحالة فلا حاجة للقرآن والحديث والأحلام والكشوف ، ماداموا يلتقون بالمعصوم ويأخذون عنه .
5- الأثر الصوفي و ألعرفاني واضح التأثير في أدبياتهم و أفكارهم ومناهجهم فهم يستدلون على عقائدهم بالمكاشفات والأحلام والإلهامات[1] وغيرها من الأدلة غير القابلة للإثبات ، ولكنهم قد حرفوه عن منهجه الصحيح و الذي هو تعميق الإيمان بالله و الالتزام بالشريعة و الزهد في الدنيا ، ليتحول على أيديهم إلى منهج للشرك في نظرية (الاتحاد و الحلول)، ولإسقاط التكاليف الشرعية بدل تعميقها، ولإشعال الفتن بين أبناء الأمة وتنفيذ مخططات الأعداء و المتربصين و إسقاط العملية السياسية و الحكومة الشرعية المنتخبة ، بدل الزهد في الدنيا وتقوى الله.
6ـ تعتبر (الموسوعة المهدوية ) للسيد محمد الصدر (قدس) مصدرا رئيسياً لأفكارهم العقائدية حيث حاولوا توظيف الأفكار الواردة فيها توظيفاً سيئاً لم يقل به صاحبها رحمه الله .
الخطاب السياسي
التمويل – مجال الحركة
إن خطابهم السياسي تكفيري تخويني معارض للوضع الجديد في العراق بكل تفاصيله ، بل انه يكاد أن يتطابق مع الخطاب التكفيري الوهابي (للقاعدة) في سعيه لإسقاط العملية السياسية ، بل ويتطابقان حتى في تكفير عموم الشيعة و تجويز قتلهم ، و أهم معالم هذا الخطاب مايلي .
1- يتفقون على الحط من شأن مراجع الدين ، و يعتبرون تقليدهم باطل ، ويثقفون اتباعهم على ان الامام اذا ظهر سوف يقتل جميع العلماء ، لأنهم علماء ظلال ، (وان ما لم يتحقق في الزركه سوف نحققه ، وان ايام السستاني واليعقوبي ومقتدى وعبد العزيز باتت قريبة) كما يزعم احد قادتهم.
2- معاداة الديمقراطية و نظام الانتخابات .
3- رفض الدستور .
[1]مناهج البحث و المعرفة الدينية عند المسلمين
هناك اختلاف وتعدد في (الرؤى الكونية) اي النظرة الى( الله ، الانسان ، العالم) ، والتي يصطلح عليها بـ(العقائد) او علم ( اصول الدين).
وينبثق عنها ( الايديولوجيات )وهي الافكار و القواعد القانونية و الاخلاقية التي تتعلق بسلوك الانسان مع الناس من حوله و القوانين الشرعية التي تحكم العلاقة بينه وبين الله ( العبادات )ومع الاخرين ( المعاملات )وهو ما يصطلح عليه بـ(علم الأخلاق ) وعلم الفقه (فروع الدين ).
ان اختلاف الرؤية العقائدية سيؤدي حتما الى اختلاف السلوكيات – الفقهية والاخلاقية للبشر ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :كيف تكونت هذه ( الرؤى الكونية ) وكيف تشكلت المنظومة العقائدية للبشر و المسلمين منهم خاصة .
الحقيقة ان طبيعة الادوات المدرسية التي تستعمل في عملية البحث انما تحددها طبيعة المدرسة الفكرية التي ينتمي اليها الباحث ، وهي التي تحدد ( الرؤية الكونية)التي سينتهي اليها في بحثه.
لقد اختلفت مذاهب المسلمين في اختيارها للطرق الموصلة الى هذه الاهداف الى خمسة طرق ، تختلف كل واحدة منها عن الاخرى في طبيعة الادوات التي تستعملها للوصول الى الحقيقة ، واهم هذه الطرق او المناهج او المدارس هي :-
1- المنهج (العقلي) – البرهان – حيث يتم فيه الاستناد على الاستدلالات العقلية ، وهو منهج الفلاسفة ، وقد امن به المعتزلة من المسلمين.
2- المنهج (النقلي)- القران - ويعتمد في استدلالاته على الظواهر الشرعية والحقائق الدينية،وهو منهج اهل الحديث و السلفية .
3- المنهج ( الكلامي) – و الاستناد فيه على الجمع بين ( العقلي و النقلي ) – القران و البرهان ، وهو منهج الامــــامية والزيديـة مـن الشيعة ، والاشاعرة من السنة (وهم جمهور اهل السنة).
4- المنهج الوجداني ( العرفان) ، حيث يستند على المكاشفات العرفانية وهو منهج الصوفية .
5- المنهج ( التلفيقي) (العقل و النقل و الكشف)، وهو منهج الاسماعيلية من الشيعة ، والمدرسة الشيرازية عند الشيعة الامامية – مدرسة الملا صدرا الشيرازي.