منظمة ايلول الاسود وعملية ميونخ
مرسل: الجمعة ديسمبر 16, 2011 4:29 pm
منظمة ايلول الاسود وعملية ميونخ
منظمة أيلول الأسود هي منظمة فلسطينية كانت هي المسؤولة عن عملية ميونخ التي أدت إلى مقتل 11 رياضيا إسرائيليا في دورة الألعاب الأولمبية لعام 1972 في ميونخ بألمانيا، واغتيال رئيس الوزراء الأردني وصفي التل في القاهرة في 1971 الذي حملته جماعة أيلول الأسود مسؤولية أحداث أيلول الأسود حيث كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع خلال أحداث شهر ايلول سبتمبر 1971، حين تصادم الجيش الأردني مع قوات منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت متمركزة آنذاك في الأردن، وطرد أفرادها على أثره من الأردن، وتشكلت على إثر ذلك هذه المنظمة.
ليس من الواضح من هو المسؤول عن تنظيم عمليات منظمة أيلول الأسود، ولكن أشيع أن صلاح خلف المعروف باسمه الحركي أبو إياد هو رئيسها وكان المساعد له والرجل الثاني في المنظمة هو (أبو محمد العمري)فخري العمري وآخر يدعى محمد داود عودة (أبو داوود)
لمحة تاريخية
هي منظمة فلسطينية (عسكرية) تم إنشاءها في مطلع السبعينات بعد الصدامات التي وقعت بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الأردني، وأدت إلي خروج الفدائيين الفلسطينيين من الأردن إلي لبنان. حيث كانت مشاعر اليأس، والإحباط، وخيبة الأمل تسيطر علي جميع الفلسطينيين، وجاء التعطش للانتقام!! لأنه لم يكن في وسع هؤلاء القيام بعمليات فدائية (تقليدية) ضد إسرائيل بسبب الخروج من الأردن. لذلك أصبحت الحاجة ملحة لإنشاء منظمة كرديف ملحق بالمقاومة الفلسطينية في الوقت الذي لم يكن بوسع هذه الأخيرة القيام بمسئولياتها كاملة من الناحية العسكرية والسياسية، وتجدر الإشارة هنا إلي أن قيادة المقاومة الفلسطينية انعقدت بكامل هيئتها في شهر أيلول 1971، واتخذت مجموعة من القرارات أهمها :
تعزيز قواعد المقاومة في الأردن ولبنان ،وشن هجمات علي إسرائيل انطلاقا من الجنوب.
لقد ارتبط اسم صلاح خلف بهذه المنظمة، إلا أنه نفي دائما أي علاقة له بها لاعتبارات سياسية، كما أن فتح عبرت دائما عن أن قادة وأعضاء هذه المنظمة أنهوا علاقتهم بفتح ولم يعودوا أعضاء فيها! فقد كانت منظمة التحرير في ذلك الوقت غير معترف بها لا عربيا ولا دوليًا، وكانت تسعي للحصول علي هذا الاعتراف، لهذا نأت بنفسها عن تبني عمليات عسكرية باسم (فتح) قد تحول دون تحقيق مكاسب سياسية علي الصعيدين العربي والدولي، وأوكلت هذه المهمة (لأيلول الأسود) التي استطاعت من خلال عملياتها في السبعينات أن تنتزع اعتراف العرب والعالم بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
لقد كان صلاح خلف بحكم طبيعته وأيديولوجيته عدوا لدودا لعمليات الاغتيال والإرهاب بصفة عامة، إلا أنه لم يخلط كما يفعل الكثيرون في العالم بين (العنف الثوري) و(الإرهاب)، وبين ما يشكل تأثيرًا سياسيا، وبين ما هو ليس كذلك، وفضلا عن ذلك كان أبو إياد يرفض العمل الفردي الذي يرتكب خارج أي تنظيم أو أية إستراتيجية – أو تمليه بواعث ذاتية، ويدعي الحلول محل كفاح الجماهير الشعبية. بل علي العكس من ذلك فقد كان يري أن العنف الثوري ينخرط في حركة واسعة ذات بنى يشكل قوة متممة لها، ويساهم في مدها في فترات الجزر، والهزيمة....لكنه (أي العنف الثوري) يصبح نافلا بلا جدوى عندما تسجل الحركة نجاحات علي المستوى المحلي، أو المسرح الدولي.
ولأجل هذا السبب عمدت قيادة فتح علي إنهاء عمليات أيلول الأسود بعد أن تمكنت من تحقيق جميع الأهداف التي أنشئت من أجلها، وعاد قادتها، ومقاتلوها إلي صفوف الحركة الأم فتح
قيادة المنظمة
تشكلت قيادة هذه المنظمة من كوادر حركة فتح، والرعيل الأول المؤسس للمؤسسة العسكرية والأمنية، وبالتحديد بعض أولئك الكوادر الذين تلقوا دوراتهم الأمنية الأولي في معهد البحوث الإستراتيجية التابع للمخابرات المصرية في منتصف العام 68 وكان منهم: فخري العمري (أبو محمد العمري) وعلي حسن سلامة (أبو حسن سلامة) ومحمد داود عودة (أبو داود).
عملية ميونخ
هي عملية حدثت أثناء دورة الأولمبياد الصيفية المقامة في ميونخ في ألمانيا سنة 1972. نفذتها منظمة أيلول الأسود وتم قتل 11 رياضيا إسرائيلي وشرطي وطيار مروحية ألمانيين واستشهد 5 فدائيين فلسطينيين.
بداية العملية
قام أحد أفراد منظمة أيلول الأسود بلفت نظر أفراد المنظمة إلى وجود أولبياد تجري ألعابه في مدينة ميونيخ، وتحدث عن وجود وفد إسرائيلي يشارك في هذه الالعاب. طرح رأي بإمكان تنفيذ العملية بعد جولة استطلاعية قام بها "محمد داود عودة" المعروف بـ "أبو داوود" والذي تولى قيادة المجموعة التي قامت بالعملية. وأثناء مناقشة طريقة الدخول والتي من المفترض أن تتم بفتح ثغرة في السياج المحيط بالقرية الرياضية، ولفت انتباههم وجود احتفال للوفد الأمريكي في مبنى العلاقات والاعلام وقيامهم بالقفز عن السياج بشكل جماعي، فاغتنموا الفرصة ودخلوا بينهم وتمكنوا من التسلل إلى مقر إقامة الوفد الإسرائيلي كان هذا في 5 سبتمبر سنة 1972م وتم احتجاز 11 فرد من الفريق الأوليمبي الإسرائيلي كرهائن، قتل منهم رياضي ومدرب إسرائيلي حاولوا المقاومة عند احتجازهم، وطالب الفدائيين بالأفراج عن 200 من المعتقلين العرب في السجون الإسرائيلية من بينهم ريمة عيسى وتيريز هلسة اللتان تم أسرهما إثر عملية مطار اللد التي حدثت في 8 مايو من العام نفسه والفدائي الياباني أوكاموتو والضباط السوريون الخمسة الذين أسرتهم إسرائيل مع ضابط لبناني يوم 21 يونيو سنة 1972م وبأن تؤمن نقلهم إلى أي دولة عربية.
أحاطت الشرطة الألمانية بالمبنى، وتمركز القناصة على أسطح المباني المجاورة وبدأت المفاوضات مع الفدائيين بحضور وزير الداخلية الألماني الذي عرض عليهم في البداية مبادلة الرياضيين الإسرائيليين بعدد من المسؤلين الألمان ولكن رفض منفذو العملية هذا الطلب، وعرضت السلطات الألمانية مبلغ غير محدد من الأموال ولكن رفض هذا العرض أيضا.
يقول أبو داود إنه كان موجوداً في 18/8/1972م في العاصمة التونسية، مع أبي عمار وأبو يوسف النجار وأبو إياد، في دارة وزير الخارجية التونسي محمد المصمودي الفخمة التي أعارها لهؤلاء، حين كان هو في إجازة. و سبب وجود أبو داود مع قادة الصف الأول أولئك، هو أن العادة جرت أن يرافق أي وفد من اللجنة المركزي لحركة فتح حين يكون في زيارة لبلد آخر لإجراء محادثات سياسية أن يرافق الوفد واحد أو اثنان من المجلس الثوري لحركة فتح، وأبو داود عضو في هذا المجلس الذي ينتخب من بين أعضائه، قيادة حركة فتح. و ذهب مع هؤلاء القادة إلى تونس تلبية لطلب صلاح خلف (أبو أياد) الذي قال له ستمضي معنا يومين أو ثلاثة ثم تتجه إلى ميونخ.. !، تلك المدينة الألمانية كان سيتم فيها افتتاح الألعاب الأولمبية في 26 آب. و كان أبو داود وأبو أياد ومحمود عباس (أبو مازن)، فكّروا بالقيام بعملية مدوية للفت انتباه العالم للقضية الفلسطينية، وكان التفكير بدأ بعملية خطف الرياضيين (الإسرائيليين) المشاركين في تلك الألعاب. في البداية كان هناك تفكير للعمل ضد الموساد وأذرعه، ولكن جاءت عملية قتل غسان كنفاني في 8/7/1972م، لتحمل رسالة فهمها المسؤولون الفلسطينيون بأن الصهاينة يقتلون من يستطيعون الوصول إليه من القيادات الفلسطينية بغض النظر عن مهامه : عسكرية أم سياسية كما كانت مهمات غسان، لتجعلهم يفكّرون بعمل كبير يقول للصهاينة إن الفلسطينيين يستطيعون الوصول إليهم في الخارج حيث يسرح ويمرح رجال الموساد وليرضوا شعبهم الذي كان ينتظر منهم عملية ذات طابع ثأري على عمليات الاغتيال وعلى القصف الصهيوني المتزايد لقواعد الفدائيين في لبنان، وكان هناك تقدير بأنه إذا لم يكن هناك مبادرة لعمل ثأري، فستخسر فتح، كبرى الفصائل الفلسطينية، كثيراً جداً من رصيدها. و كان هناك عدة اقتراحات، مثل استهداف سفارات وقنصليات صهيونية، ولكنها رفضت، لتجنب الإحراجات مع الدول المضيفة لتلك السفارات والقنصليات، وبرزت فكرة ميونخ، عندما رفضت اللجنة الأولمبية إشراك فريق فلسطيني في الأولمبياد العشرين في ميونخ، فاقترح فخري العمري (أبو محمد) مساعد أبو إياد والذي اغتيل معه لاحقاً، بالدخول إلى القرية الأولمبية بدون إذن. و عندما سأله أبو إياد : - ماذا نفعل هناك ؟ أجابه فخري العمري : - نحتجز الرياضيين (الإسرائيليين). فرد عليه أبو إياد : - أنت مجنون. و تدخّل أبو داود مؤيداً لفكرة فخري العمري، على اعتبار أن الصهاينة لا يولون أية أهمية أو اعتباراً لأي شيء، ولأن رياضييهم أصلاً عسكريون. و لتعزيز فكرته قال أبو داود إن (المدرّبين والمعالجين والرياضيين يأتون عملياً من مؤسسة أورد وينغايت التي تحمل اسم ذلك الضابط البريطاني سيئ السمعة الذي نظّم بين عامي 1973 - 1939 في فلسطين وبمساعدة الهجاناة قوات المغاوير التي خاض ضمنها أمثال ديان وألون أولى معاركهم ضد جيل آبائنا، وتحوي المؤسسة تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب، وبحسب ما يوحيه اسمها، يقوم بالمهمات الإدارية والتنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة الذين ينتمون إلى كوادر الاحتياط في الجيش الصهيوني، وتدرّب فيها كل الرياضات، ويجري فيها بشكلٍ خاص إعداد المصارعين وأبطال الرماية). و يبدو أن أبو أياد اقتنع، فطلب من أبي داود، خلال جولته في مهام في أوروبا، لشراء أسلحة، أن يمر إلى ميونخ ويستطلع الأمر.. !، على أن يكلم أبو أياد أبا مازن، المسؤول المالي في ذلك الحين، كي يتم توفير ميزانية للعمل إذا تم الاتفاق عليه. لدى وصوله إلى ميونخ، بدأ أبو داود مهمته، حصل على خريطة للمدينة وكتيبات خاصة بالأولمبياد وقائمة بأسماء الفنادق وخطط سير المترو وكتيبات أخرى بهذا الشأن، واستقل المترو وذهب إلى القرية الأولمبية شمال المدينة واستطلع الأمر ولكن كان العمل لا زال جارياً في القرية، وبعدها بأيام قابل أبا أياد في أثينا، فأخبره بموافقة أبي مازن مبدئياً على العملية وطلب منه دراسة الوضع من جديد. و في هذه الأثناء، جرت محاولة لاغتيال بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة الهدف، المجلة المركزية للجبهة الشعبية بواسطة طرد مفخخ، وكذلك جرت محاولة لاغتيال أنيس صايغ مدير مركز الأبحاث الفلسطيني، وأسفرت المحاولتان عن إحداث تشوهات في الرجلين الذين لم يكونا لهما أي علاقة بالعمل العسكري. و مضت الخطة بالتبلور أكثر فأكثر، والتقى أبو داود مع أبو أياد وفخري العمري في صوفيا عاصمة بلغاريا وناقشوا من جديد أموراً تتعلق بالعملية المراد تنفيذها في ميونخ، مثل البلاغ الذي سيسلّمه الفدائيون الذين سيحتجزون الرياضيين الصهاينة، للسلطات الألمانية، والقائمة التي ستضم أسماء معتقلين فلسطينيين في سجون (إسرائيل) للطلب بإطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح الرياضيين، وتذليل العقبات بشأن جوازات السفر للذين سينفذون العملية وتأشيرات الدخول والإقامة وتأمين وصول السلاح. و تم الاتفاق مبدئياً على أن يكون يوسف نزال الملقب بـ (تشي)، قائداً لفرقة الفدائيين الذين سينفّذون العملية، يقول أبو داود عنه إنه (أحد ضباط العاصفة الشبان، كنت التقيته مرة في نهاية 1971، عندما كنت قائد الشعبة 48، كانت قاعدته قرب النبطية في جنوب لبنان، وكان من أولئك الذين يقومون بعمليات خلف الحدود مع (إسرائيل)، وهو أصغر مني بعشر سنوات تقريباً، وقد تدرّب على يد صديقي الراحل وليد أحمد نمر (أبو علي أياد) وكان يتبعه في الربيع السابق في تلال جرش وعجلون في الأردن، وقد نجا من الكارثة النهائية، مثله مثل عدد من الآخرين، وأخيراً كان في عداد قادة الفدائيين الذين رأيتهم في بيروت، بعد غارات الطيران الصهيوني القاتلة في شباط 1972 على جنوب لبنان، وهم يتوسلون أبو أياد القيام بتنظيم شيء ما، في مكان ما، فيردّون بذلك الصاع صاعين، والتحق منذ ذلك الوقت بمخيمنا الصغير شمال صيدا). و لكن كان هناك شيء سلبي لدى (تشي) كما رأى أبو داود، وهو قصر قامته، لأن الفدائيين الذين سينفّذون العملية عليهم تسلق سياج بطول مترين للدخول إلى القرية الأولمبية، واحتجاز الرياضيين الصهاينة وبدء عملية المقايضة بأسرى في سجون الاحتلال. و تبلورت خطوط تفصيلية للعملية : يدخل الفدائيون وهم يلبسون الملابس الرياضية عن طريق السياج، كأنهم فرقة رياضية عائدة بعد سهرة، ويقتحمون مقر البعثة الصهيونية والرياضيون نيام، وتم الاتفاق مبدئياً على أنه إذا كان عدد الرياضيين الصهاينة مع طاقم التدريب والإدارة يصل إلى ثلاثين، فإن عشرة رجال يكفون لتنفيذ المهمة التي لن تطول إلا عدة ساعات. و كل ذلك تم بين أبو داود وفخري العمري ويوسف نزال (تشي) الذين التقوا في ميونخ وبدأوا بدراسة الوضع ميدانياً على الأرض. وبعد ذلك حدث لقاء بين أبو داود وأبو إياد في بيروت، تم فيها وضع أبو إياد في صورة ما حدث، وتم تجهيز جوازات سفر أردنية مزورة لدخول الفدائيين بها إلى ألمانيا، وتم دراسة تفاصيل عملية التبادل المفترضة وتجهيز لائحة تضم مائتي أسير كان سيتم إضافة أسماء أسيرتين مغربيتين وفرنسيتين اعتقلن أثناء تهريبهن سلاحاً لصالح الجبهة الشعبية وكذلك كوزو أوكاموتو من الجيش الأحمر الياباني والذي نفذ مع رفاق له عملية في مطار اللد، وستة من الضباط السوريين واللبنانيين أسروا من جانب الكيان الصهيوني. و باقتراح من أبي داود، أضيفت للقائمة اسمي (أولركه ماينهوف) و(أندرياس بادر)، من مجموعة (بادر ماينهوف) الراديكالية الألمانية، المتعاطفة مع قضية الشعب الفلسطيني، المحتجزان في السجون الألمانية. باعتقاد أن ذلك قد يشكّل ضغطاً على الحكومة الألمانية. و أخبره أبو أياد بأنه سيوافيه في ألمانيا، لوضع اللمسات الأخيرة على العملية وتوصيل السلاح، وبعد أيام ذهب الإثنان مع وفد فتح المركزي إلى تونس حيث مكثوا في منزل وزير الخارجية المصمودي، كما أشرنا، ومن تونس غادر أبو داود إلى ميونخ. و بدأ عمله في رصد وجمع المعلومات عن ما يجري في القرية الأولمبية وما يتعلق بالبعثة الصهيونية، وتحديد المبنى الذي ستنزل فيه البعثة. ولحقه أبو أياد في 24/8، والتقيا في فرانكفورت، كان أبو أياد قد أدخل معه الأسلحة في حقيبتين مع امرأة اسمها جوليت، ورجل فلسطيني اسمه علي أبو لبن، مرت الأمور بسلام في المطار وبدون إثارة أية شبهة. و كانت الأسلحة عبارة عن ستة كلاشكينوف ورشاشين من نوع كارل – غوستاف، وتم الاتفاق على أنه بعد أن يعود أبو أياد وعلي في اليوم التالي إلى بيروت، سيعود علي على أول طيارة ومعه قنابل يدوية. و عاد أبو داود إلى ميونخ، وأودع الأسلحة في الحقيبتين في خزائن الودائع في المحطة، وكان يحرص على تغيير مكانهما كل 24 ساعة، ووصلت حقيبة القنابل اليدوية، وافتتحت الألعاب الأولمبية في 26/8، بينما كان أبو داود مستمراً في عمله وتمكن، بمساعدة امرأة فلسطينية تتقن الألمانية من الدخول إلى القرية الأولمبية ورصد مكان البعثة الأولمبية عن كثب، ثم تمكّن أيضاً من الدخول مع يوسف نزال ومحمد مصالحة الذين سيقودان مجموعة الفدائيين، والأكثر من هذا خدمته الصدفة والجرأة فدخلوا إلى مقر البعثة الصهيونية، واكتملت تفاصيل خطة احتجاز الرياضيين على أرض الواقع. كان مع أبي داود في ميونخ يوسف نزال (تشي) ومحمد مصالحة، واتصل أبو داود بعاطف بسيسو، أحد مساعدي أبو إياد، في بيروت طالباً منه إبلاغ فخري العمري بأن كل شيء جاهز، وبأن يرسل الرجال الستة الآخرين، منفردين إلى ميونخ. عقد أبو داود اجتماعا مع يوسف نزال ومحمد مصالحة اللذان لم يكونا يعرفان سوى الخطوط العريضة للمهمة، وشدّد عليهما بعدم القيام بأي عمل انتقامي ضد الرياضيين الذين سيتم احتجازهم مثل القتل أو الجرح، وبأن العملية هي سياسية وليست عسكرية، والظهور أمام الرأي العام كمقاتلين متمالكين لأعصابهم، ومعاملة المحتجزين بشكلٍ جيد والتخفيف عنهم إذا لزم الأمر، والتوضيح لهم بأن الفدائيين مجبرون على توثيق أيديهم بالحبال لأسباب أمنية، وأن الهدف هو مبادلتهما بأسماء 236 أسيراً تضمنّتهم اللائحة النهائية. و تم مناقشة أية أمور قد تطرأ، فمن بين المحتجزين المفترضين، هناك مصارعين ورجال أقوياء وآخرون تدرّبوا في الجيش، وإن ذلك قد يستدعي استخدام العنف لضبطهم. وتم الاتفاق على عدم فتح النار إلا إذا كان خياراً أخيراً ووحيداً. و ناقشوا تفاصيل المطالب وطلب الطائرة لنقلهم والأسرى إلى بلد آخر، وحدود التنازل عن المطالب وتم تعيين يوسف نزال مسؤولاً عسكرياً عن المجموعة، أما محمد مصالحة فتم تعيينه مسؤولاً سياسياً عنها، بعد أن لمس أبو داود لديه، ما يسميه نضجاً سياسياً. و يوم 4/9 وصل الستة الآخرون ونزلوا في فنادق متفرقة، كان اتصالهم مع نزال ومصالحة فقط، ولم يكونوا يعرفون عن أبي داود شيئاً، كما اعتقد أبو داود، الذي أكمل الاستعدادات فاشترى ملابس رياضية وجهّز آلات حادة وحبالاً ومؤونة طعام تكفي لثلاثة أيام وغير ذلك من مستلزمات العملية. و تم توزيع الأسلحة التي جلبت من المحطة على الحقائب وكذلك المؤونة وغير ذلك، والتقى أبو داود مع الجميع، وقدّمه نزال ومصالحة على أنه رجل تشيلي يدعم القضية الفلسطينية، وتم وضعهم في صورة المهمة المنتظرة ومناقشة مزيدٍ من التفاصيل. و استمر اللقاء يوم 5/9 حتى الثانية والنصف فجراً، وتوجّه الجميع إلى القرية الأولمبية، ولدى وصولهم، وأبواب القرية مغلقة، وصل أفراد من البعثة الأمريكية وهم ثملين، وبدءوا في محاولة تسلق السياج، واختلط الفدائيون بالأمريكيين وساعدوا بعضهم بعضاً على تسلق السياج، بينما الجميع يضحك ويغني. و يذكر أبو داود هنا مفاجأة أخرى، غير مفاجأة مساعدة الأمريكان لهم بدون أن يدرون، فبعد أن تسلّق الرجال السياج لم يبقَ من المجموعة غير فدائي واحد، كان كبير الحجم مثل أبو داود، وكان الإثنان يساعدان الآخرين كنقطتي ارتكاز لرفعهم، والآن جاء دور هذا الفدائي لكي يستخدم أبو داود كنقطة ارتكاز لتسلقه السياج، وبعد أن نجح في ذلك وأصبح فوق السياج شكر أبو داود ذاكراً اسمه، ومعنى ذلك أنه كان يعرف طوال الوقت هوية أبو داود، الذي قدّم للفدائيين بأنه رجل تشيلي مؤمن بالقضية الفلسطينية. و فيما بعد قال أبو داود واصفاً ذلك المشهد (كان المنظر خيالياً أن ترى هؤلاء الأمريكيين، الذين لا يشكّون بالطبع أنهم يساعدون مجموعة من فدائيي أيلول الأسود الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية، يمدّون أياديهم هكذا يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة ويضعونها على الجهة الأخرى من السياج). و في الساعة الرابعة فجراً، غادر أبو داود مستقلاً سيارة إلى فندقه، وأخذ يستمع إلى الراديو ويقلب المحطات، وفي الساعة الثامنة صباحاً أعلن عن نجاح خمسة مسلحين من التسلل إلى جناح البعثة الصهيونية وقتل واحداً واحتجز 13 آخرين. ذهب أبو داود إلى القرية الرياضية ليكون على قربٍ من الأحداث، وكان الجميع يستمعون إلى أجهزة الراديو والألعاب مستمرة، وتم نقل الخاطفين مع المخطوفين إلى المطار، حيث كان بانتظار الجميع مذبحة شاركت فيها غولدا مئير رئيسة وزراء (إسرائيل) بتعنّتها، حيث تم مهاجمة الجميع من الكوماندوز الألماني وتم قتل كلّ الرهائن وخمسة من الفدائيين وشرطي وطيار مروحية ألمانيين. و هكذا انتهى أحد فصول عملية ميونخ التي أسماها الفلسطينيون عملية (أقرت وكفر برعم) على اسم القريتين المهجرتين في الجليل الفلسطيني، الذي يعتبره كثير من الفلسطينيين، بجماله الأخاذ، قطعة من الجنة.. !
فشل عملية الانقاذ
وبناء على اتصالات بين السلطات الألمانية والسلطات الإسرائيلية أرسلت إسرائيل مسئول كبير من جهاز الأمن الإسرائيلي لأعداد كمين لأطلاق سراح الرهائن حتى لو أدى ذلك إلى مقتلهم كما صرحت بذلك جولدا مائير في تصريحها أمام الكنيست.
طالب الفلسطينيون بتوفير طائرة تقلهم مع الرهائن إلى القاهرة، فأقلعت طائرتا هيلكوبتر محملتان بالفلسطينيين والرهائن إلى مطار "فورشينفليد بروك" العسكري التابع لحلف شمال الأطلسي والذي كان قد نصب الكمين فيه.
أحتل 12 قناصاً ألمانياً عدد من المواقع في المطار الذي كانت ساحته مضاءة بالأنوار الكاشفة، وأطلقوا النار على الفدائيين الفلسطينيين فرد الفدائيين بأطلاق النار على القناصين, كما أطلقوا النار على الأنوار الكاشفة فساد الظلام مسرح العملية وتواصلت الاشتباكات بين الفدائيين الفلسطينيين و القناصين الالمان لمدة 3 ساعات.
وانتهت عملية الإنقاذ الفاشلة التي قام بها الألمان بقيام الفدائيون الفلسطينيين في النهاية بقتل 11 رياضي إسرائيلي بالإضافة إلى ضابط شرطة ألماني وطيار مروحية ألماني وتم تفجير مروحية، كما استشهد 5 من الفدائيين الفلسطينيين الثمانية على يد قوات الشرطة أثناء محاولة الإنقاذ.
وأطلقت ألمانيا سراح الفلسطينيين الثلاثة الناجين في 29 أكتوبر سنة 1972 إثر عملية خطف لطائرة تعود لشركة لوفتهانزا الألمانية كانت متوجهة من بيروت إلى ألمانية الاتحادية.
في رد على العملية، خططت إسرائيل ونفذت عمليات اغتيال لعدد من الأفراد الذي قيل أنهم كانوا مسؤولين عن العملية، وبالرغم من الاعتقاد السائد بأن اثنان من منفذي العملية الناجين الثلاث قتلوا كجزء من العملية الانتقامية، فإن بعض الدلائل الحديثة تشير إلى عكس ذلك.
كتب سيمون رييف أن عملية ميونخ التاريخيةلكانت واحدة من أهم عمليات الصراع في العصر الحديث، وأنها "دفعت بالقضية الفلسطينة تحت الأضواء العالمية، لافتة الانتباه لعقود من الصراع في فلسطين، ومطلقة عهدا جديدا من المقاومة الدولية".
ويقول أبو إياد أحد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، في كتابه "فلسطيني بلا هوية" إن الدافع وراء عملية ميونيخ كان رفض لجنة الألعاب الأولمبية إشراك رياضيين فلسطينيين في أولمبياد 1972، بحجة أن فلسطين واقعيا لا وجود لها، وكان الهدف لفت أنظار العالم إلى قضية فلسطين، والمطالبة بإطلاق سراح 200 أسير عربي وأجنبي، من السجون الإسرائيلية.
منظمة أيلول الأسود هي منظمة فلسطينية كانت هي المسؤولة عن عملية ميونخ التي أدت إلى مقتل 11 رياضيا إسرائيليا في دورة الألعاب الأولمبية لعام 1972 في ميونخ بألمانيا، واغتيال رئيس الوزراء الأردني وصفي التل في القاهرة في 1971 الذي حملته جماعة أيلول الأسود مسؤولية أحداث أيلول الأسود حيث كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع خلال أحداث شهر ايلول سبتمبر 1971، حين تصادم الجيش الأردني مع قوات منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت متمركزة آنذاك في الأردن، وطرد أفرادها على أثره من الأردن، وتشكلت على إثر ذلك هذه المنظمة.
ليس من الواضح من هو المسؤول عن تنظيم عمليات منظمة أيلول الأسود، ولكن أشيع أن صلاح خلف المعروف باسمه الحركي أبو إياد هو رئيسها وكان المساعد له والرجل الثاني في المنظمة هو (أبو محمد العمري)فخري العمري وآخر يدعى محمد داود عودة (أبو داوود)
لمحة تاريخية
هي منظمة فلسطينية (عسكرية) تم إنشاءها في مطلع السبعينات بعد الصدامات التي وقعت بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الأردني، وأدت إلي خروج الفدائيين الفلسطينيين من الأردن إلي لبنان. حيث كانت مشاعر اليأس، والإحباط، وخيبة الأمل تسيطر علي جميع الفلسطينيين، وجاء التعطش للانتقام!! لأنه لم يكن في وسع هؤلاء القيام بعمليات فدائية (تقليدية) ضد إسرائيل بسبب الخروج من الأردن. لذلك أصبحت الحاجة ملحة لإنشاء منظمة كرديف ملحق بالمقاومة الفلسطينية في الوقت الذي لم يكن بوسع هذه الأخيرة القيام بمسئولياتها كاملة من الناحية العسكرية والسياسية، وتجدر الإشارة هنا إلي أن قيادة المقاومة الفلسطينية انعقدت بكامل هيئتها في شهر أيلول 1971، واتخذت مجموعة من القرارات أهمها :
تعزيز قواعد المقاومة في الأردن ولبنان ،وشن هجمات علي إسرائيل انطلاقا من الجنوب.
لقد ارتبط اسم صلاح خلف بهذه المنظمة، إلا أنه نفي دائما أي علاقة له بها لاعتبارات سياسية، كما أن فتح عبرت دائما عن أن قادة وأعضاء هذه المنظمة أنهوا علاقتهم بفتح ولم يعودوا أعضاء فيها! فقد كانت منظمة التحرير في ذلك الوقت غير معترف بها لا عربيا ولا دوليًا، وكانت تسعي للحصول علي هذا الاعتراف، لهذا نأت بنفسها عن تبني عمليات عسكرية باسم (فتح) قد تحول دون تحقيق مكاسب سياسية علي الصعيدين العربي والدولي، وأوكلت هذه المهمة (لأيلول الأسود) التي استطاعت من خلال عملياتها في السبعينات أن تنتزع اعتراف العرب والعالم بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
لقد كان صلاح خلف بحكم طبيعته وأيديولوجيته عدوا لدودا لعمليات الاغتيال والإرهاب بصفة عامة، إلا أنه لم يخلط كما يفعل الكثيرون في العالم بين (العنف الثوري) و(الإرهاب)، وبين ما يشكل تأثيرًا سياسيا، وبين ما هو ليس كذلك، وفضلا عن ذلك كان أبو إياد يرفض العمل الفردي الذي يرتكب خارج أي تنظيم أو أية إستراتيجية – أو تمليه بواعث ذاتية، ويدعي الحلول محل كفاح الجماهير الشعبية. بل علي العكس من ذلك فقد كان يري أن العنف الثوري ينخرط في حركة واسعة ذات بنى يشكل قوة متممة لها، ويساهم في مدها في فترات الجزر، والهزيمة....لكنه (أي العنف الثوري) يصبح نافلا بلا جدوى عندما تسجل الحركة نجاحات علي المستوى المحلي، أو المسرح الدولي.
ولأجل هذا السبب عمدت قيادة فتح علي إنهاء عمليات أيلول الأسود بعد أن تمكنت من تحقيق جميع الأهداف التي أنشئت من أجلها، وعاد قادتها، ومقاتلوها إلي صفوف الحركة الأم فتح
قيادة المنظمة
تشكلت قيادة هذه المنظمة من كوادر حركة فتح، والرعيل الأول المؤسس للمؤسسة العسكرية والأمنية، وبالتحديد بعض أولئك الكوادر الذين تلقوا دوراتهم الأمنية الأولي في معهد البحوث الإستراتيجية التابع للمخابرات المصرية في منتصف العام 68 وكان منهم: فخري العمري (أبو محمد العمري) وعلي حسن سلامة (أبو حسن سلامة) ومحمد داود عودة (أبو داود).
عملية ميونخ
هي عملية حدثت أثناء دورة الأولمبياد الصيفية المقامة في ميونخ في ألمانيا سنة 1972. نفذتها منظمة أيلول الأسود وتم قتل 11 رياضيا إسرائيلي وشرطي وطيار مروحية ألمانيين واستشهد 5 فدائيين فلسطينيين.
بداية العملية
قام أحد أفراد منظمة أيلول الأسود بلفت نظر أفراد المنظمة إلى وجود أولبياد تجري ألعابه في مدينة ميونيخ، وتحدث عن وجود وفد إسرائيلي يشارك في هذه الالعاب. طرح رأي بإمكان تنفيذ العملية بعد جولة استطلاعية قام بها "محمد داود عودة" المعروف بـ "أبو داوود" والذي تولى قيادة المجموعة التي قامت بالعملية. وأثناء مناقشة طريقة الدخول والتي من المفترض أن تتم بفتح ثغرة في السياج المحيط بالقرية الرياضية، ولفت انتباههم وجود احتفال للوفد الأمريكي في مبنى العلاقات والاعلام وقيامهم بالقفز عن السياج بشكل جماعي، فاغتنموا الفرصة ودخلوا بينهم وتمكنوا من التسلل إلى مقر إقامة الوفد الإسرائيلي كان هذا في 5 سبتمبر سنة 1972م وتم احتجاز 11 فرد من الفريق الأوليمبي الإسرائيلي كرهائن، قتل منهم رياضي ومدرب إسرائيلي حاولوا المقاومة عند احتجازهم، وطالب الفدائيين بالأفراج عن 200 من المعتقلين العرب في السجون الإسرائيلية من بينهم ريمة عيسى وتيريز هلسة اللتان تم أسرهما إثر عملية مطار اللد التي حدثت في 8 مايو من العام نفسه والفدائي الياباني أوكاموتو والضباط السوريون الخمسة الذين أسرتهم إسرائيل مع ضابط لبناني يوم 21 يونيو سنة 1972م وبأن تؤمن نقلهم إلى أي دولة عربية.
أحاطت الشرطة الألمانية بالمبنى، وتمركز القناصة على أسطح المباني المجاورة وبدأت المفاوضات مع الفدائيين بحضور وزير الداخلية الألماني الذي عرض عليهم في البداية مبادلة الرياضيين الإسرائيليين بعدد من المسؤلين الألمان ولكن رفض منفذو العملية هذا الطلب، وعرضت السلطات الألمانية مبلغ غير محدد من الأموال ولكن رفض هذا العرض أيضا.
يقول أبو داود إنه كان موجوداً في 18/8/1972م في العاصمة التونسية، مع أبي عمار وأبو يوسف النجار وأبو إياد، في دارة وزير الخارجية التونسي محمد المصمودي الفخمة التي أعارها لهؤلاء، حين كان هو في إجازة. و سبب وجود أبو داود مع قادة الصف الأول أولئك، هو أن العادة جرت أن يرافق أي وفد من اللجنة المركزي لحركة فتح حين يكون في زيارة لبلد آخر لإجراء محادثات سياسية أن يرافق الوفد واحد أو اثنان من المجلس الثوري لحركة فتح، وأبو داود عضو في هذا المجلس الذي ينتخب من بين أعضائه، قيادة حركة فتح. و ذهب مع هؤلاء القادة إلى تونس تلبية لطلب صلاح خلف (أبو أياد) الذي قال له ستمضي معنا يومين أو ثلاثة ثم تتجه إلى ميونخ.. !، تلك المدينة الألمانية كان سيتم فيها افتتاح الألعاب الأولمبية في 26 آب. و كان أبو داود وأبو أياد ومحمود عباس (أبو مازن)، فكّروا بالقيام بعملية مدوية للفت انتباه العالم للقضية الفلسطينية، وكان التفكير بدأ بعملية خطف الرياضيين (الإسرائيليين) المشاركين في تلك الألعاب. في البداية كان هناك تفكير للعمل ضد الموساد وأذرعه، ولكن جاءت عملية قتل غسان كنفاني في 8/7/1972م، لتحمل رسالة فهمها المسؤولون الفلسطينيون بأن الصهاينة يقتلون من يستطيعون الوصول إليه من القيادات الفلسطينية بغض النظر عن مهامه : عسكرية أم سياسية كما كانت مهمات غسان، لتجعلهم يفكّرون بعمل كبير يقول للصهاينة إن الفلسطينيين يستطيعون الوصول إليهم في الخارج حيث يسرح ويمرح رجال الموساد وليرضوا شعبهم الذي كان ينتظر منهم عملية ذات طابع ثأري على عمليات الاغتيال وعلى القصف الصهيوني المتزايد لقواعد الفدائيين في لبنان، وكان هناك تقدير بأنه إذا لم يكن هناك مبادرة لعمل ثأري، فستخسر فتح، كبرى الفصائل الفلسطينية، كثيراً جداً من رصيدها. و كان هناك عدة اقتراحات، مثل استهداف سفارات وقنصليات صهيونية، ولكنها رفضت، لتجنب الإحراجات مع الدول المضيفة لتلك السفارات والقنصليات، وبرزت فكرة ميونخ، عندما رفضت اللجنة الأولمبية إشراك فريق فلسطيني في الأولمبياد العشرين في ميونخ، فاقترح فخري العمري (أبو محمد) مساعد أبو إياد والذي اغتيل معه لاحقاً، بالدخول إلى القرية الأولمبية بدون إذن. و عندما سأله أبو إياد : - ماذا نفعل هناك ؟ أجابه فخري العمري : - نحتجز الرياضيين (الإسرائيليين). فرد عليه أبو إياد : - أنت مجنون. و تدخّل أبو داود مؤيداً لفكرة فخري العمري، على اعتبار أن الصهاينة لا يولون أية أهمية أو اعتباراً لأي شيء، ولأن رياضييهم أصلاً عسكريون. و لتعزيز فكرته قال أبو داود إن (المدرّبين والمعالجين والرياضيين يأتون عملياً من مؤسسة أورد وينغايت التي تحمل اسم ذلك الضابط البريطاني سيئ السمعة الذي نظّم بين عامي 1973 - 1939 في فلسطين وبمساعدة الهجاناة قوات المغاوير التي خاض ضمنها أمثال ديان وألون أولى معاركهم ضد جيل آبائنا، وتحوي المؤسسة تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب، وبحسب ما يوحيه اسمها، يقوم بالمهمات الإدارية والتنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة الذين ينتمون إلى كوادر الاحتياط في الجيش الصهيوني، وتدرّب فيها كل الرياضات، ويجري فيها بشكلٍ خاص إعداد المصارعين وأبطال الرماية). و يبدو أن أبو أياد اقتنع، فطلب من أبي داود، خلال جولته في مهام في أوروبا، لشراء أسلحة، أن يمر إلى ميونخ ويستطلع الأمر.. !، على أن يكلم أبو أياد أبا مازن، المسؤول المالي في ذلك الحين، كي يتم توفير ميزانية للعمل إذا تم الاتفاق عليه. لدى وصوله إلى ميونخ، بدأ أبو داود مهمته، حصل على خريطة للمدينة وكتيبات خاصة بالأولمبياد وقائمة بأسماء الفنادق وخطط سير المترو وكتيبات أخرى بهذا الشأن، واستقل المترو وذهب إلى القرية الأولمبية شمال المدينة واستطلع الأمر ولكن كان العمل لا زال جارياً في القرية، وبعدها بأيام قابل أبا أياد في أثينا، فأخبره بموافقة أبي مازن مبدئياً على العملية وطلب منه دراسة الوضع من جديد. و في هذه الأثناء، جرت محاولة لاغتيال بسام أبو شريف رئيس تحرير مجلة الهدف، المجلة المركزية للجبهة الشعبية بواسطة طرد مفخخ، وكذلك جرت محاولة لاغتيال أنيس صايغ مدير مركز الأبحاث الفلسطيني، وأسفرت المحاولتان عن إحداث تشوهات في الرجلين الذين لم يكونا لهما أي علاقة بالعمل العسكري. و مضت الخطة بالتبلور أكثر فأكثر، والتقى أبو داود مع أبو أياد وفخري العمري في صوفيا عاصمة بلغاريا وناقشوا من جديد أموراً تتعلق بالعملية المراد تنفيذها في ميونخ، مثل البلاغ الذي سيسلّمه الفدائيون الذين سيحتجزون الرياضيين الصهاينة، للسلطات الألمانية، والقائمة التي ستضم أسماء معتقلين فلسطينيين في سجون (إسرائيل) للطلب بإطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح الرياضيين، وتذليل العقبات بشأن جوازات السفر للذين سينفذون العملية وتأشيرات الدخول والإقامة وتأمين وصول السلاح. و تم الاتفاق مبدئياً على أن يكون يوسف نزال الملقب بـ (تشي)، قائداً لفرقة الفدائيين الذين سينفّذون العملية، يقول أبو داود عنه إنه (أحد ضباط العاصفة الشبان، كنت التقيته مرة في نهاية 1971، عندما كنت قائد الشعبة 48، كانت قاعدته قرب النبطية في جنوب لبنان، وكان من أولئك الذين يقومون بعمليات خلف الحدود مع (إسرائيل)، وهو أصغر مني بعشر سنوات تقريباً، وقد تدرّب على يد صديقي الراحل وليد أحمد نمر (أبو علي أياد) وكان يتبعه في الربيع السابق في تلال جرش وعجلون في الأردن، وقد نجا من الكارثة النهائية، مثله مثل عدد من الآخرين، وأخيراً كان في عداد قادة الفدائيين الذين رأيتهم في بيروت، بعد غارات الطيران الصهيوني القاتلة في شباط 1972 على جنوب لبنان، وهم يتوسلون أبو أياد القيام بتنظيم شيء ما، في مكان ما، فيردّون بذلك الصاع صاعين، والتحق منذ ذلك الوقت بمخيمنا الصغير شمال صيدا). و لكن كان هناك شيء سلبي لدى (تشي) كما رأى أبو داود، وهو قصر قامته، لأن الفدائيين الذين سينفّذون العملية عليهم تسلق سياج بطول مترين للدخول إلى القرية الأولمبية، واحتجاز الرياضيين الصهاينة وبدء عملية المقايضة بأسرى في سجون الاحتلال. و تبلورت خطوط تفصيلية للعملية : يدخل الفدائيون وهم يلبسون الملابس الرياضية عن طريق السياج، كأنهم فرقة رياضية عائدة بعد سهرة، ويقتحمون مقر البعثة الصهيونية والرياضيون نيام، وتم الاتفاق مبدئياً على أنه إذا كان عدد الرياضيين الصهاينة مع طاقم التدريب والإدارة يصل إلى ثلاثين، فإن عشرة رجال يكفون لتنفيذ المهمة التي لن تطول إلا عدة ساعات. و كل ذلك تم بين أبو داود وفخري العمري ويوسف نزال (تشي) الذين التقوا في ميونخ وبدأوا بدراسة الوضع ميدانياً على الأرض. وبعد ذلك حدث لقاء بين أبو داود وأبو إياد في بيروت، تم فيها وضع أبو إياد في صورة ما حدث، وتم تجهيز جوازات سفر أردنية مزورة لدخول الفدائيين بها إلى ألمانيا، وتم دراسة تفاصيل عملية التبادل المفترضة وتجهيز لائحة تضم مائتي أسير كان سيتم إضافة أسماء أسيرتين مغربيتين وفرنسيتين اعتقلن أثناء تهريبهن سلاحاً لصالح الجبهة الشعبية وكذلك كوزو أوكاموتو من الجيش الأحمر الياباني والذي نفذ مع رفاق له عملية في مطار اللد، وستة من الضباط السوريين واللبنانيين أسروا من جانب الكيان الصهيوني. و باقتراح من أبي داود، أضيفت للقائمة اسمي (أولركه ماينهوف) و(أندرياس بادر)، من مجموعة (بادر ماينهوف) الراديكالية الألمانية، المتعاطفة مع قضية الشعب الفلسطيني، المحتجزان في السجون الألمانية. باعتقاد أن ذلك قد يشكّل ضغطاً على الحكومة الألمانية. و أخبره أبو أياد بأنه سيوافيه في ألمانيا، لوضع اللمسات الأخيرة على العملية وتوصيل السلاح، وبعد أيام ذهب الإثنان مع وفد فتح المركزي إلى تونس حيث مكثوا في منزل وزير الخارجية المصمودي، كما أشرنا، ومن تونس غادر أبو داود إلى ميونخ. و بدأ عمله في رصد وجمع المعلومات عن ما يجري في القرية الأولمبية وما يتعلق بالبعثة الصهيونية، وتحديد المبنى الذي ستنزل فيه البعثة. ولحقه أبو أياد في 24/8، والتقيا في فرانكفورت، كان أبو أياد قد أدخل معه الأسلحة في حقيبتين مع امرأة اسمها جوليت، ورجل فلسطيني اسمه علي أبو لبن، مرت الأمور بسلام في المطار وبدون إثارة أية شبهة. و كانت الأسلحة عبارة عن ستة كلاشكينوف ورشاشين من نوع كارل – غوستاف، وتم الاتفاق على أنه بعد أن يعود أبو أياد وعلي في اليوم التالي إلى بيروت، سيعود علي على أول طيارة ومعه قنابل يدوية. و عاد أبو داود إلى ميونخ، وأودع الأسلحة في الحقيبتين في خزائن الودائع في المحطة، وكان يحرص على تغيير مكانهما كل 24 ساعة، ووصلت حقيبة القنابل اليدوية، وافتتحت الألعاب الأولمبية في 26/8، بينما كان أبو داود مستمراً في عمله وتمكن، بمساعدة امرأة فلسطينية تتقن الألمانية من الدخول إلى القرية الأولمبية ورصد مكان البعثة الأولمبية عن كثب، ثم تمكّن أيضاً من الدخول مع يوسف نزال ومحمد مصالحة الذين سيقودان مجموعة الفدائيين، والأكثر من هذا خدمته الصدفة والجرأة فدخلوا إلى مقر البعثة الصهيونية، واكتملت تفاصيل خطة احتجاز الرياضيين على أرض الواقع. كان مع أبي داود في ميونخ يوسف نزال (تشي) ومحمد مصالحة، واتصل أبو داود بعاطف بسيسو، أحد مساعدي أبو إياد، في بيروت طالباً منه إبلاغ فخري العمري بأن كل شيء جاهز، وبأن يرسل الرجال الستة الآخرين، منفردين إلى ميونخ. عقد أبو داود اجتماعا مع يوسف نزال ومحمد مصالحة اللذان لم يكونا يعرفان سوى الخطوط العريضة للمهمة، وشدّد عليهما بعدم القيام بأي عمل انتقامي ضد الرياضيين الذين سيتم احتجازهم مثل القتل أو الجرح، وبأن العملية هي سياسية وليست عسكرية، والظهور أمام الرأي العام كمقاتلين متمالكين لأعصابهم، ومعاملة المحتجزين بشكلٍ جيد والتخفيف عنهم إذا لزم الأمر، والتوضيح لهم بأن الفدائيين مجبرون على توثيق أيديهم بالحبال لأسباب أمنية، وأن الهدف هو مبادلتهما بأسماء 236 أسيراً تضمنّتهم اللائحة النهائية. و تم مناقشة أية أمور قد تطرأ، فمن بين المحتجزين المفترضين، هناك مصارعين ورجال أقوياء وآخرون تدرّبوا في الجيش، وإن ذلك قد يستدعي استخدام العنف لضبطهم. وتم الاتفاق على عدم فتح النار إلا إذا كان خياراً أخيراً ووحيداً. و ناقشوا تفاصيل المطالب وطلب الطائرة لنقلهم والأسرى إلى بلد آخر، وحدود التنازل عن المطالب وتم تعيين يوسف نزال مسؤولاً عسكرياً عن المجموعة، أما محمد مصالحة فتم تعيينه مسؤولاً سياسياً عنها، بعد أن لمس أبو داود لديه، ما يسميه نضجاً سياسياً. و يوم 4/9 وصل الستة الآخرون ونزلوا في فنادق متفرقة، كان اتصالهم مع نزال ومصالحة فقط، ولم يكونوا يعرفون عن أبي داود شيئاً، كما اعتقد أبو داود، الذي أكمل الاستعدادات فاشترى ملابس رياضية وجهّز آلات حادة وحبالاً ومؤونة طعام تكفي لثلاثة أيام وغير ذلك من مستلزمات العملية. و تم توزيع الأسلحة التي جلبت من المحطة على الحقائب وكذلك المؤونة وغير ذلك، والتقى أبو داود مع الجميع، وقدّمه نزال ومصالحة على أنه رجل تشيلي يدعم القضية الفلسطينية، وتم وضعهم في صورة المهمة المنتظرة ومناقشة مزيدٍ من التفاصيل. و استمر اللقاء يوم 5/9 حتى الثانية والنصف فجراً، وتوجّه الجميع إلى القرية الأولمبية، ولدى وصولهم، وأبواب القرية مغلقة، وصل أفراد من البعثة الأمريكية وهم ثملين، وبدءوا في محاولة تسلق السياج، واختلط الفدائيون بالأمريكيين وساعدوا بعضهم بعضاً على تسلق السياج، بينما الجميع يضحك ويغني. و يذكر أبو داود هنا مفاجأة أخرى، غير مفاجأة مساعدة الأمريكان لهم بدون أن يدرون، فبعد أن تسلّق الرجال السياج لم يبقَ من المجموعة غير فدائي واحد، كان كبير الحجم مثل أبو داود، وكان الإثنان يساعدان الآخرين كنقطتي ارتكاز لرفعهم، والآن جاء دور هذا الفدائي لكي يستخدم أبو داود كنقطة ارتكاز لتسلقه السياج، وبعد أن نجح في ذلك وأصبح فوق السياج شكر أبو داود ذاكراً اسمه، ومعنى ذلك أنه كان يعرف طوال الوقت هوية أبو داود، الذي قدّم للفدائيين بأنه رجل تشيلي مؤمن بالقضية الفلسطينية. و فيما بعد قال أبو داود واصفاً ذلك المشهد (كان المنظر خيالياً أن ترى هؤلاء الأمريكيين، الذين لا يشكّون بالطبع أنهم يساعدون مجموعة من فدائيي أيلول الأسود الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية، يمدّون أياديهم هكذا يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة ويضعونها على الجهة الأخرى من السياج). و في الساعة الرابعة فجراً، غادر أبو داود مستقلاً سيارة إلى فندقه، وأخذ يستمع إلى الراديو ويقلب المحطات، وفي الساعة الثامنة صباحاً أعلن عن نجاح خمسة مسلحين من التسلل إلى جناح البعثة الصهيونية وقتل واحداً واحتجز 13 آخرين. ذهب أبو داود إلى القرية الرياضية ليكون على قربٍ من الأحداث، وكان الجميع يستمعون إلى أجهزة الراديو والألعاب مستمرة، وتم نقل الخاطفين مع المخطوفين إلى المطار، حيث كان بانتظار الجميع مذبحة شاركت فيها غولدا مئير رئيسة وزراء (إسرائيل) بتعنّتها، حيث تم مهاجمة الجميع من الكوماندوز الألماني وتم قتل كلّ الرهائن وخمسة من الفدائيين وشرطي وطيار مروحية ألمانيين. و هكذا انتهى أحد فصول عملية ميونخ التي أسماها الفلسطينيون عملية (أقرت وكفر برعم) على اسم القريتين المهجرتين في الجليل الفلسطيني، الذي يعتبره كثير من الفلسطينيين، بجماله الأخاذ، قطعة من الجنة.. !
فشل عملية الانقاذ
وبناء على اتصالات بين السلطات الألمانية والسلطات الإسرائيلية أرسلت إسرائيل مسئول كبير من جهاز الأمن الإسرائيلي لأعداد كمين لأطلاق سراح الرهائن حتى لو أدى ذلك إلى مقتلهم كما صرحت بذلك جولدا مائير في تصريحها أمام الكنيست.
طالب الفلسطينيون بتوفير طائرة تقلهم مع الرهائن إلى القاهرة، فأقلعت طائرتا هيلكوبتر محملتان بالفلسطينيين والرهائن إلى مطار "فورشينفليد بروك" العسكري التابع لحلف شمال الأطلسي والذي كان قد نصب الكمين فيه.
أحتل 12 قناصاً ألمانياً عدد من المواقع في المطار الذي كانت ساحته مضاءة بالأنوار الكاشفة، وأطلقوا النار على الفدائيين الفلسطينيين فرد الفدائيين بأطلاق النار على القناصين, كما أطلقوا النار على الأنوار الكاشفة فساد الظلام مسرح العملية وتواصلت الاشتباكات بين الفدائيين الفلسطينيين و القناصين الالمان لمدة 3 ساعات.
وانتهت عملية الإنقاذ الفاشلة التي قام بها الألمان بقيام الفدائيون الفلسطينيين في النهاية بقتل 11 رياضي إسرائيلي بالإضافة إلى ضابط شرطة ألماني وطيار مروحية ألماني وتم تفجير مروحية، كما استشهد 5 من الفدائيين الفلسطينيين الثمانية على يد قوات الشرطة أثناء محاولة الإنقاذ.
وأطلقت ألمانيا سراح الفلسطينيين الثلاثة الناجين في 29 أكتوبر سنة 1972 إثر عملية خطف لطائرة تعود لشركة لوفتهانزا الألمانية كانت متوجهة من بيروت إلى ألمانية الاتحادية.
في رد على العملية، خططت إسرائيل ونفذت عمليات اغتيال لعدد من الأفراد الذي قيل أنهم كانوا مسؤولين عن العملية، وبالرغم من الاعتقاد السائد بأن اثنان من منفذي العملية الناجين الثلاث قتلوا كجزء من العملية الانتقامية، فإن بعض الدلائل الحديثة تشير إلى عكس ذلك.
كتب سيمون رييف أن عملية ميونخ التاريخيةلكانت واحدة من أهم عمليات الصراع في العصر الحديث، وأنها "دفعت بالقضية الفلسطينة تحت الأضواء العالمية، لافتة الانتباه لعقود من الصراع في فلسطين، ومطلقة عهدا جديدا من المقاومة الدولية".
ويقول أبو إياد أحد قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، في كتابه "فلسطيني بلا هوية" إن الدافع وراء عملية ميونيخ كان رفض لجنة الألعاب الأولمبية إشراك رياضيين فلسطينيين في أولمبياد 1972، بحجة أن فلسطين واقعيا لا وجود لها، وكان الهدف لفت أنظار العالم إلى قضية فلسطين، والمطالبة بإطلاق سراح 200 أسير عربي وأجنبي، من السجون الإسرائيلية.