مفهوم قوة الدولة
مرسل: الأربعاء نوفمبر 19, 2008 2:17 pm
مفهوم قوة الدولة
1. تطور المفهوم في الفكر السياسي
أ. قام العديد من الكتاب والمفكرين بدءاً من القرن العشرين، بتناول مفهوم القوة الشاملة للدولة في مجال العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، باعتبارها عاملاً حاسماً في تحديد مكانة الدولة أو الأمة، بالمقارنة بمثيلاتها من الدول أو الأمم الأخرى.
ب. وبالإشارة إلى الأصول التاريخية في الفكر الإغريقي الأثيني من الناحية السياسية، كان ينظر إلى قوة الدولة على أنها علاقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، وبشكل أكثر تحديداً، كانوا يربطون بين نوعية القائمين على الحكم وانتماءاتهم الطبقية من ناحية، وبين علاقات الدولة الخارجية وقوتها في البحار من ناحية أخرى.
ج. واهتم أفلاطون بالموقع الجغرافي للدولة من ناحية الظروف الخاصة بالمناخ والتربة، ويرى أن قوة الدولة تتمثل في الجماعة التي تقوم بزراعة الأرض الوعرة، وهذا النوع هو الذي ينجب أشد السكان بأساً وقوة وأكثرهم اعتدالاً.
د. أما أرسطو، فيرى أن قوة الدولة تتمثل في القيام بوظيفتها في تحقيق حياة رغدة للجماعة، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي، إضافة إلى رفع المظالم واستتباب الأمن داخل الدولة.
هـ. إذا انتقلنا إلى "مكيافيللي" (1469 -1527)، ومع بداية الفكر السياسي الحديث،نجده يحدد قوة الدولة استناداً إلى العوامل العسكرية، باعتبارها العامل الرئيسي والحاسم في تقدير قوة الدولة، بالإضافة إلى العنصر الجغرافي والمساندة الداخلية والشعبية للحاكم وقدرته على إدارة أمور البلاد.
و. ويرى "إليكس توكفيل" (1805 -1859م)، أن توافر الديمقراطية داخل الدولة يعمل على زيادة نفوذها في علاقاتها الخارجية، إذ أنها تساهم في زيادة موارد الدولة الداخلية وتنميتها، ونشر الثروة بين أكبر عدد من المواطنين، ورفع الروح المعنوية، وهذا يعطي مزايا للدولة، ونفوذاً كبيراً في علاقاتها مع الدول الأخرى. ومن ثم تُعد النظم الديمقراطية أكثر قوة من النظم غير الديمقراطية.
ز. واهتم العديد من الكتاب والمفكرين خلال النصف الأول من القرن العشرين بموضوع القوة ومكانة الدولة، وصدرت مؤلفات: جورج كاتلين في 1927، جولدهامر، وشيلز في 1939، وتشارلز ميريام في 1934، ثم هارولد لاسويل في 1936، ومورتون كابلان في 1940، وهانز مورجانثو في 1948.
ح. وخلال النصف الثاني من القرن العشرين، قام العديد من الكتاب والمفكرين بوضع المفاهيم الإستراتيجية الأكثر دقة لها، أمثال كارل فريدريك، روجر هيسلمان، دافيد بالدوين، راي ستانلي هوفمان، لويد جنس، كلاوس كنور، توماس هويز، فريدريك شومان، إلى أن ظهرت محاولة كلاين لقياس قوة الدولة باستخدام الأسلوب الكمي.
ط. ومن استعراض المفاهيم السابقة لقياس قوة الدولة تبرز ثلاثة اتجاهات هي:
(1) اتجاه يربط الدولة بالقدرة العسكرية
ومن روادها مكيافيللي.
(2) اتجاه يربط بين قوة الدولة وموقعها الجغرافي
وذلك من خلال التركيز على عامل أو أكثر، كعنصر الإقليم، أو البحر، أو الجو، أو الموقع عامة، ومن روادها : أفلاطون، وماكيندر، وسبيكمان، وماهان.
(3) اتجاه يربط بين قوة الدولة بشكل النظام السياسي
ومن روادها : أرسطو، واليكس توكفيل.
2.تصنيف التعاريف المختلفة لمفهوم القوة
أ. تعددت التعريفات لمفهوم القوة حتى وصلت إلى ما يزيد على 150 تعريفاً، وقد تتداخل فيما بينها، وقد تتشابه، وقد تتعارض. ويمكن استعراض بعض التعاريف الآتية:
(1) في المفهوم اللغوي
تعنى الطاقة على العمل.
(2) في علم الاجتماع
تعنى القدرة على إحداث أمر معين، أو تأثير فردي أو جماعي،عن طريق ما، على سلوك الآخرين والتحكم فيهم، والتدخل في حريتهم، وإجبارهم على العمل بطريقة معينة.
ب. ويميز البعض بين القوة السياسية، والقوة الاجتماعية، والقوة الاقتصادية، والقوة العسكرية، ويمكن تصنيف التعريفات المطروحة للقوة إلى نوعين:
(1) تناول مفهوم القوة فيما يتعلق بظواهر الحياة الاجتماعية والسياسية.
(2) تناول مفهوم قوة الدولة تحديداً.
ج. القوة كمفهوم اجتماعي عام
(1) تعريف هارولد لا سويل، ومورتون كابلان
وتعني المشاركة في صنع القرار.
(2) جولد هامر وشيلز
يعرفها بأنها مقدرة الشخص على التأثير في سلوك الآخرين في الاتجاه الذي يريده.
(3) بلاو
ويعرفها بأنها مقدرة فرد أو جماعة على فرض رغبتها على الآخرين عن طريق الترهيب على الرغم من مقاومتهم.
(4) مورجانثو
ويعرف جوهر مفهوم القوة على أنها سعى الإنسان للسيطرة على أفكار الآخرين وأفعالهم، وأن هذه الظاهرة لصيقة بكل تنظيم اجتماعي، وأنها علاقة نفسية بين عقلين، ومن ثم، يميزها عن القوة العسكرية التي تتسم بالعنف، إذ أنها علاقة مادية بين جسمين.
د. مفهوم قوة الدولة
(1) هناك العديد من المفكرين الذين تناولوا هذا المفهوم، ومن أبرزهم:
(أ) مودلسكي والذي يعرف القوة بأنها "قابلية الدولة في استخدام الوسائل المتوافرة لديها من أجل الحصول على سلوك ترغب أن تتبعه الدول الأخرى".
(ب) ويرى فيريس أن مفهوم القوة يشير إلى " القدرة والتأثير على الآخرين وقت الحرب والسلم ".
(ج) وترى ماجريت بال أن المقصود بالقوة سواء كانت اقتصادية أو سياسية... الخ هي "القدرة على تحقيق الأهداف سواء كانت بوسائل سياسية أو اقتصادية أو نفسية أو أي وسيلة أخرى.
(د) أما "نيكولاس سبيكمان" فيرى أن قوة الدولة هي المقدرة على كسب الحرب.
(2) ونستخلص من ذلك أن مفهوم القوة لا تخرج عن كونهاعلاقة نفوذ من طرف، في مواجهة طرف آخر في لحظة ما، أو عبر فترة زمنية ممتدة، لتجبره على اتخاذ قرار أو موقف ليس من اختياره.
3. التمييز بين مفهوم قوة الدولة والمفاهيم المرتبطة به
أ. يتداخل مفهوم قوة الدولة مع عدة مفاهيم أخرى منها النفوذ، السلطة، الإقناع، الإجبار، والإكراه، أو التسلط، الإلزام، إذ تستخدم هذه المفاهيم كمترادفات أو كعناصر لتحليل القوة.
ب. وقد تستخدم القوة أحياناً بمعنى السلطة السياسية التي تستمد نفوذها من أوضاع قانونية من خلال من يمتلكون السلطة السياسية، ويتضح من ذلك خلط بين مفهوم القوة ومفهوم السلطة، فالقوة مفهوم أشمل وأوسع من السلطة، فإذا كانت السلطة لها أساس قانوني، فإن القوة قد تكون غير ذلك، وقد لا تكون.
ج. يرى "ويكلنسون" أنه من الأفضل استخدام مصطلح القدرات الشاملة بدلاً من مصطلح القوة الشاملة؛ لأن المصطلح الأول، وهو القدرة أكثر ملاءمة؛ لأنه يرتبط بالتركيز على الأشكال المادية نسبياً مع القابلية للتغيير والقياس.
د. ويميز آخرون بين قوة الدولة والقوة السياسية، فليس كل القوة السياسية هي قوة الدولة، ولكن كل قوة سياسية هي من قوة الدولة الكامنة.
منقول-----------------------
1. تطور المفهوم في الفكر السياسي
أ. قام العديد من الكتاب والمفكرين بدءاً من القرن العشرين، بتناول مفهوم القوة الشاملة للدولة في مجال العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، باعتبارها عاملاً حاسماً في تحديد مكانة الدولة أو الأمة، بالمقارنة بمثيلاتها من الدول أو الأمم الأخرى.
ب. وبالإشارة إلى الأصول التاريخية في الفكر الإغريقي الأثيني من الناحية السياسية، كان ينظر إلى قوة الدولة على أنها علاقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، وبشكل أكثر تحديداً، كانوا يربطون بين نوعية القائمين على الحكم وانتماءاتهم الطبقية من ناحية، وبين علاقات الدولة الخارجية وقوتها في البحار من ناحية أخرى.
ج. واهتم أفلاطون بالموقع الجغرافي للدولة من ناحية الظروف الخاصة بالمناخ والتربة، ويرى أن قوة الدولة تتمثل في الجماعة التي تقوم بزراعة الأرض الوعرة، وهذا النوع هو الذي ينجب أشد السكان بأساً وقوة وأكثرهم اعتدالاً.
د. أما أرسطو، فيرى أن قوة الدولة تتمثل في القيام بوظيفتها في تحقيق حياة رغدة للجماعة، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي، إضافة إلى رفع المظالم واستتباب الأمن داخل الدولة.
هـ. إذا انتقلنا إلى "مكيافيللي" (1469 -1527)، ومع بداية الفكر السياسي الحديث،نجده يحدد قوة الدولة استناداً إلى العوامل العسكرية، باعتبارها العامل الرئيسي والحاسم في تقدير قوة الدولة، بالإضافة إلى العنصر الجغرافي والمساندة الداخلية والشعبية للحاكم وقدرته على إدارة أمور البلاد.
و. ويرى "إليكس توكفيل" (1805 -1859م)، أن توافر الديمقراطية داخل الدولة يعمل على زيادة نفوذها في علاقاتها الخارجية، إذ أنها تساهم في زيادة موارد الدولة الداخلية وتنميتها، ونشر الثروة بين أكبر عدد من المواطنين، ورفع الروح المعنوية، وهذا يعطي مزايا للدولة، ونفوذاً كبيراً في علاقاتها مع الدول الأخرى. ومن ثم تُعد النظم الديمقراطية أكثر قوة من النظم غير الديمقراطية.
ز. واهتم العديد من الكتاب والمفكرين خلال النصف الأول من القرن العشرين بموضوع القوة ومكانة الدولة، وصدرت مؤلفات: جورج كاتلين في 1927، جولدهامر، وشيلز في 1939، وتشارلز ميريام في 1934، ثم هارولد لاسويل في 1936، ومورتون كابلان في 1940، وهانز مورجانثو في 1948.
ح. وخلال النصف الثاني من القرن العشرين، قام العديد من الكتاب والمفكرين بوضع المفاهيم الإستراتيجية الأكثر دقة لها، أمثال كارل فريدريك، روجر هيسلمان، دافيد بالدوين، راي ستانلي هوفمان، لويد جنس، كلاوس كنور، توماس هويز، فريدريك شومان، إلى أن ظهرت محاولة كلاين لقياس قوة الدولة باستخدام الأسلوب الكمي.
ط. ومن استعراض المفاهيم السابقة لقياس قوة الدولة تبرز ثلاثة اتجاهات هي:
(1) اتجاه يربط الدولة بالقدرة العسكرية
ومن روادها مكيافيللي.
(2) اتجاه يربط بين قوة الدولة وموقعها الجغرافي
وذلك من خلال التركيز على عامل أو أكثر، كعنصر الإقليم، أو البحر، أو الجو، أو الموقع عامة، ومن روادها : أفلاطون، وماكيندر، وسبيكمان، وماهان.
(3) اتجاه يربط بين قوة الدولة بشكل النظام السياسي
ومن روادها : أرسطو، واليكس توكفيل.
2.تصنيف التعاريف المختلفة لمفهوم القوة
أ. تعددت التعريفات لمفهوم القوة حتى وصلت إلى ما يزيد على 150 تعريفاً، وقد تتداخل فيما بينها، وقد تتشابه، وقد تتعارض. ويمكن استعراض بعض التعاريف الآتية:
(1) في المفهوم اللغوي
تعنى الطاقة على العمل.
(2) في علم الاجتماع
تعنى القدرة على إحداث أمر معين، أو تأثير فردي أو جماعي،عن طريق ما، على سلوك الآخرين والتحكم فيهم، والتدخل في حريتهم، وإجبارهم على العمل بطريقة معينة.
ب. ويميز البعض بين القوة السياسية، والقوة الاجتماعية، والقوة الاقتصادية، والقوة العسكرية، ويمكن تصنيف التعريفات المطروحة للقوة إلى نوعين:
(1) تناول مفهوم القوة فيما يتعلق بظواهر الحياة الاجتماعية والسياسية.
(2) تناول مفهوم قوة الدولة تحديداً.
ج. القوة كمفهوم اجتماعي عام
(1) تعريف هارولد لا سويل، ومورتون كابلان
وتعني المشاركة في صنع القرار.
(2) جولد هامر وشيلز
يعرفها بأنها مقدرة الشخص على التأثير في سلوك الآخرين في الاتجاه الذي يريده.
(3) بلاو
ويعرفها بأنها مقدرة فرد أو جماعة على فرض رغبتها على الآخرين عن طريق الترهيب على الرغم من مقاومتهم.
(4) مورجانثو
ويعرف جوهر مفهوم القوة على أنها سعى الإنسان للسيطرة على أفكار الآخرين وأفعالهم، وأن هذه الظاهرة لصيقة بكل تنظيم اجتماعي، وأنها علاقة نفسية بين عقلين، ومن ثم، يميزها عن القوة العسكرية التي تتسم بالعنف، إذ أنها علاقة مادية بين جسمين.
د. مفهوم قوة الدولة
(1) هناك العديد من المفكرين الذين تناولوا هذا المفهوم، ومن أبرزهم:
(أ) مودلسكي والذي يعرف القوة بأنها "قابلية الدولة في استخدام الوسائل المتوافرة لديها من أجل الحصول على سلوك ترغب أن تتبعه الدول الأخرى".
(ب) ويرى فيريس أن مفهوم القوة يشير إلى " القدرة والتأثير على الآخرين وقت الحرب والسلم ".
(ج) وترى ماجريت بال أن المقصود بالقوة سواء كانت اقتصادية أو سياسية... الخ هي "القدرة على تحقيق الأهداف سواء كانت بوسائل سياسية أو اقتصادية أو نفسية أو أي وسيلة أخرى.
(د) أما "نيكولاس سبيكمان" فيرى أن قوة الدولة هي المقدرة على كسب الحرب.
(2) ونستخلص من ذلك أن مفهوم القوة لا تخرج عن كونهاعلاقة نفوذ من طرف، في مواجهة طرف آخر في لحظة ما، أو عبر فترة زمنية ممتدة، لتجبره على اتخاذ قرار أو موقف ليس من اختياره.
3. التمييز بين مفهوم قوة الدولة والمفاهيم المرتبطة به
أ. يتداخل مفهوم قوة الدولة مع عدة مفاهيم أخرى منها النفوذ، السلطة، الإقناع، الإجبار، والإكراه، أو التسلط، الإلزام، إذ تستخدم هذه المفاهيم كمترادفات أو كعناصر لتحليل القوة.
ب. وقد تستخدم القوة أحياناً بمعنى السلطة السياسية التي تستمد نفوذها من أوضاع قانونية من خلال من يمتلكون السلطة السياسية، ويتضح من ذلك خلط بين مفهوم القوة ومفهوم السلطة، فالقوة مفهوم أشمل وأوسع من السلطة، فإذا كانت السلطة لها أساس قانوني، فإن القوة قد تكون غير ذلك، وقد لا تكون.
ج. يرى "ويكلنسون" أنه من الأفضل استخدام مصطلح القدرات الشاملة بدلاً من مصطلح القوة الشاملة؛ لأن المصطلح الأول، وهو القدرة أكثر ملاءمة؛ لأنه يرتبط بالتركيز على الأشكال المادية نسبياً مع القابلية للتغيير والقياس.
د. ويميز آخرون بين قوة الدولة والقوة السياسية، فليس كل القوة السياسية هي قوة الدولة، ولكن كل قوة سياسية هي من قوة الدولة الكامنة.
منقول-----------------------