- السبت ديسمبر 17, 2011 8:23 pm
#42873
مونتسكيو : القوانين ظواهر اجتماعية مكتسبة
شكلت الثورة الفرنسية منعطفا هاما في تاريخ أوربا والعالم بصورة عامة وتاريخ فرنسا بصورة خاصة لأنها كانت ثورة اجتماعية وسياسية وفكرية، مهدت الطريق لانبثاق عصر التنوير، الذي كان تجليا للحركة العقلانية التي قوضت الصورة الثيولوجية القديمة عن الكون والحياة. وكان في مقدمة مفكري الثورة الفرنسية العظام مونتسكيو Montesquieu (1689-1755) الذي سعى جاهدا الى فسخ العلاقة التي تربط بين النظام الملكي وبين الكنيسة من خلال تأكيده على ضرورة احترام القوانين.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه مفكروا العصر الوسيط القوانين ذات صفة غائبة ومعيارية لا تمثل قواعد العمل والسلوك التي طبعت الحياة الاجتماعية حينذاك لانها كانت ذات صفة واحكام مثالية وانها قامت على أسس قبلية Apriori، أي مسبقة وازلية، كان عصر التنوير قد اعطى للقوانين صفة اجتماعية وربطها بالبيئة الطبيعية والخلقية واعتبرها ظواهر اجتماعية متغيرة وان الانسان هو العنصر الفعال فيها.
اجتماعية القوانين
كان جارلس مونتسكيو اول من ادخل فكرة اجتماعية القوانين الى العلوم الاجتماعية حيث رأى بان القوانين هي اساس تنظيم المجتمع وتوزيع الحقوق والواجبات على الافراد، وبان "القوانين هي العلاقات الضرورية التي تصدر عن طبيعة الاشياء". وبهذا فقد اعطى مونتسكيو ولأول مرة تعريفا اجتماعيا للقوانين باعتبارها ظواهر اجتماعية مكتسبة ونسبية وتتوقف على البيئة الجغرافية والمحيط والظروف والعوامل الاخلاقية.
وقد انطلق مونتسكيو في تعريفه للقوانين من كون ان النظم التشريعية، ومن ضمنها القوانين، انما تستمد أسسها من طبيعة الناس ومن بيئتهم الطبيعية والاجتماعية. فالقوانين هي ظواهر اجتماعية تظهر نتيجة لتفاعل عناصر مختلفة كالطبيعة والمناخ والاخلاق والظروف الاجتماعية.
وقد لاحظ مونتسكيو ايضا، بان الانظمة والقوانين مختلفة بين المجتمعات المختلفة، وحاول معرفة اسباب اختلاف القوانين وتنوعها. وكان الرأي السائد حينذاك بان الملك هو ظل الله على الارض وانه يستمد سلطته المطلقة منه، ولهذا فلا سبيل من التشكك فيما تفرضه الارادة الالهية، لان هذه القوانين مستمدة من القوانين السماوية. ولذلك فان قبول هذا الرأي يعني قبول الظلم والطغيان. ولذلك دعا مونتسكسو الى وجوب ان تكون القوانين مطابقة لروح العصر التي تنشأ فيه، وبذلك اسس مونتسكيو، ولاول مرة، مفهوم "نسبية القوانين". مفندا بذلك رأي توماس هوبز القائل بان "الانسان ذئب لاخيه الانسان". وقد رأى هوبز ان القوانين كانت قد نشأت بنشوء المجتمعات، وانها تتناسب مع نوع الحكومة وطبيعة البلد ونوع الحياة الاجتماعية ومقدار الحرية التي يمتلكها الافراد، وكذلك عقائد الناس وميولهم وتجاربهم المكتسبة.
الحرية والقانون
والقوانين في رأي مونتسكيو هي ظواهر طبيعية وسياسية ترتبط بنظام الحكم واشكال السلطة التي تشرع تلك القوانين. فالقوانين التي تسود في الحكم المطلق تقوم على مبدأ الخوف والتسلط، والقوانين التي تسود في الحكم الملكي تقوم على الشرف. اما القوانين التي تسود في الحكم الجمهوري فتقوم على الفضيلة، التي هي المساواة والقناعة في توزيع الحقوق والواجبات على الافراد. ومن اهم كتبه " روح القوانين" الذي صدر عام 1784 والذي دعا فيه الى ان تكون القوانين مطابقة لروح العصر التي تنشأ فيه، كما انتقد فيه نقدا لاذعا القوانين الجائرة، وقال بان قبولها يعني قبول الظلم والطغيان.
مما مر ذكره اعلاه يبدو واضحاً أثر النزعة العقلانية التنويرية على تفكيره، إذ يرى أن «القانون، بشكل عام، هو العقل البشري، متحكماً بكل شعوب الأرض، وعلى القوانين السياسية والمدنية في كل الأمم أن تكون الحالات الخاصة التي يطبق فيها هذا العقل البشري. وهو بهذا يؤكد على أن العقل الإنساني هو مصدر القوانين والشرائع، التي تحكم العلاقات بين البشر، وهي قابلة للتعديل والتغير بتغير الزمان والمكان.
ومن خلال تحليله التاريخي والاجتماعي والسياسي للقوانين، ركز مونتسكيو على مسألة تطور القوانين، منطلقا من أن مقياس تطور القوانين هو المدى الذي تتيحه هذه القوانين لحرية الإنسان الفرد، وان أفضل نسق للقوانين هو الذي يحقق - في ظروف تاريخية ومادية معينة - الحد الأقصى من الحرية للأفراد، مؤكداً على أن الحرية هي الحق في ممارسة كل ما تبيحه القوانين. وأن الطرف النقيض لهذا الحد الأقصى، وهو الحد الأدنى، إنما يوجد في ظل النظام الاستبدادي، أي عندما تتصرف السلطات العامة بطريقة تعسفية تماماً بلا ضابط أو اعتبار للقوانين، حيث تصل حرية الأفراد في ظل الاستبداد إلى حد التلاشي والزوال، ذلك ان النظم الاستبدادية تتطلب الطاعة السلبية، ولهذا لا يمكن لها ان تبقى وتستمر الا باشاعة الخوف.
فصل السلطات
فصل السلطات هو مصطلح صاغه المفكر السياسي الفرنسي البارون دي مونتسكيو ،فصل السلطات هو أحد مبادِئ الديمقراطية فهو نموذج للحكم الديمقراطى للدول. هذا النموذج هو الذي يعرف أيضا Trias Politica.
نموذج فصل السلطات الأول وضعه الاغريق في الدساتير التي تنظم مدينتهم. ومع ذلك، فإن فصل السلطات دخل حيز الاستخدام الواسع النطاق أولا من جانب الجمهورية الرومانية. وقد ورد في دستور الجمهورية الرومانية.
في اطار هذا النموذج، فان الدولة مقسمة إلى فروع أو سلطات، كل سلطة منفصلة ومستقلة في صلاحيات ومجالات المسؤولية. العادي تقسيم السلطات إلى السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية.
اكد منتسكيو في كتابه "روح القوانين" على مبدأ الفصل بين السلطات حيث شرح الفرق بين ثلاثة أنواع من أنظمة الحكم:
اولا : نظام الحكم الملكي حيث يرث الحاكم فيه السلطة
ثانيا : نظام الحكم الدكتاتوري حيث يحكم الحاكم فيه وحده دون حدود قانونية ويثبّت حكمه بواسطة إرهاب المدنيين
ثالثا : نظام الحكم الجمهوري حيث يحكم فيه الشعب او ممثلوه، وهو النظام الأمثل الذي يضمن حرية الإنسان.
ومن أجل ذلك دعى مونتسكيو الى الفصل بين السلطات الثلاث للحفاظ على التوازن بينها. كما اكد على ان الحرية لا تتحقق الا بتقييد السلطة أياً كانت وان جمع السلطة في يد واحدة يعد خطراً على الحرية ولا يمكن تحقيق الحرية بجمع السلطات الثلاث، فالفصل بينها هو الوسيلة الوحيدة الفعلية لتأمين الحرية وذلك للاسباب التالية :
اولا- ان تجارب البشرية أثبتت ان من يتمتع بسلطات واسعة وغير محددة سيسيء استعمالها، وهذا ما يؤكد ضرورة ان يقوم النظام السياسي على أساس مبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا- ان مبدأ فصل السلطات هو الوسيلة الوحيدة التي تكفل احترام القوانين وتطبيقها بصورة صحيحة.
ثالثا- ان النظام الانجليزي( في عصره) كان يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات.
ولتحقيق هذا المبدأ يشير مونتسكيو إلى ضرورة ان تتمتع كل سلطة بالقدرة على البت في الأمور التي تدخل في اختصاصها. فالبرلمان يسن القوانين وهكذا بالنسبة لبقية السلطات، كما انه يجب ان تتمتع كل سلطة بقدرة المنع، أي ان لكل سلطة الحق في منع السلطات الأخرى في ان تتدخل باختصاصاتها.
وكان هدف مونتسكسو الاساس في ذلك سقوط الحكم المطلق من اجل قيام حكم "الملكية المنورة" على النمط الانكليزي. وكان تأثيره واضحا وكبيرا في الثورة الفرنسية وكذلك في حركات توحيد الولايات المتحدة الامريكية وفي دستورها.
شكلت الثورة الفرنسية منعطفا هاما في تاريخ أوربا والعالم بصورة عامة وتاريخ فرنسا بصورة خاصة لأنها كانت ثورة اجتماعية وسياسية وفكرية، مهدت الطريق لانبثاق عصر التنوير، الذي كان تجليا للحركة العقلانية التي قوضت الصورة الثيولوجية القديمة عن الكون والحياة. وكان في مقدمة مفكري الثورة الفرنسية العظام مونتسكيو Montesquieu (1689-1755) الذي سعى جاهدا الى فسخ العلاقة التي تربط بين النظام الملكي وبين الكنيسة من خلال تأكيده على ضرورة احترام القوانين.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه مفكروا العصر الوسيط القوانين ذات صفة غائبة ومعيارية لا تمثل قواعد العمل والسلوك التي طبعت الحياة الاجتماعية حينذاك لانها كانت ذات صفة واحكام مثالية وانها قامت على أسس قبلية Apriori، أي مسبقة وازلية، كان عصر التنوير قد اعطى للقوانين صفة اجتماعية وربطها بالبيئة الطبيعية والخلقية واعتبرها ظواهر اجتماعية متغيرة وان الانسان هو العنصر الفعال فيها.
اجتماعية القوانين
كان جارلس مونتسكيو اول من ادخل فكرة اجتماعية القوانين الى العلوم الاجتماعية حيث رأى بان القوانين هي اساس تنظيم المجتمع وتوزيع الحقوق والواجبات على الافراد، وبان "القوانين هي العلاقات الضرورية التي تصدر عن طبيعة الاشياء". وبهذا فقد اعطى مونتسكيو ولأول مرة تعريفا اجتماعيا للقوانين باعتبارها ظواهر اجتماعية مكتسبة ونسبية وتتوقف على البيئة الجغرافية والمحيط والظروف والعوامل الاخلاقية.
وقد انطلق مونتسكيو في تعريفه للقوانين من كون ان النظم التشريعية، ومن ضمنها القوانين، انما تستمد أسسها من طبيعة الناس ومن بيئتهم الطبيعية والاجتماعية. فالقوانين هي ظواهر اجتماعية تظهر نتيجة لتفاعل عناصر مختلفة كالطبيعة والمناخ والاخلاق والظروف الاجتماعية.
وقد لاحظ مونتسكيو ايضا، بان الانظمة والقوانين مختلفة بين المجتمعات المختلفة، وحاول معرفة اسباب اختلاف القوانين وتنوعها. وكان الرأي السائد حينذاك بان الملك هو ظل الله على الارض وانه يستمد سلطته المطلقة منه، ولهذا فلا سبيل من التشكك فيما تفرضه الارادة الالهية، لان هذه القوانين مستمدة من القوانين السماوية. ولذلك فان قبول هذا الرأي يعني قبول الظلم والطغيان. ولذلك دعا مونتسكسو الى وجوب ان تكون القوانين مطابقة لروح العصر التي تنشأ فيه، وبذلك اسس مونتسكيو، ولاول مرة، مفهوم "نسبية القوانين". مفندا بذلك رأي توماس هوبز القائل بان "الانسان ذئب لاخيه الانسان". وقد رأى هوبز ان القوانين كانت قد نشأت بنشوء المجتمعات، وانها تتناسب مع نوع الحكومة وطبيعة البلد ونوع الحياة الاجتماعية ومقدار الحرية التي يمتلكها الافراد، وكذلك عقائد الناس وميولهم وتجاربهم المكتسبة.
الحرية والقانون
والقوانين في رأي مونتسكيو هي ظواهر طبيعية وسياسية ترتبط بنظام الحكم واشكال السلطة التي تشرع تلك القوانين. فالقوانين التي تسود في الحكم المطلق تقوم على مبدأ الخوف والتسلط، والقوانين التي تسود في الحكم الملكي تقوم على الشرف. اما القوانين التي تسود في الحكم الجمهوري فتقوم على الفضيلة، التي هي المساواة والقناعة في توزيع الحقوق والواجبات على الافراد. ومن اهم كتبه " روح القوانين" الذي صدر عام 1784 والذي دعا فيه الى ان تكون القوانين مطابقة لروح العصر التي تنشأ فيه، كما انتقد فيه نقدا لاذعا القوانين الجائرة، وقال بان قبولها يعني قبول الظلم والطغيان.
مما مر ذكره اعلاه يبدو واضحاً أثر النزعة العقلانية التنويرية على تفكيره، إذ يرى أن «القانون، بشكل عام، هو العقل البشري، متحكماً بكل شعوب الأرض، وعلى القوانين السياسية والمدنية في كل الأمم أن تكون الحالات الخاصة التي يطبق فيها هذا العقل البشري. وهو بهذا يؤكد على أن العقل الإنساني هو مصدر القوانين والشرائع، التي تحكم العلاقات بين البشر، وهي قابلة للتعديل والتغير بتغير الزمان والمكان.
ومن خلال تحليله التاريخي والاجتماعي والسياسي للقوانين، ركز مونتسكيو على مسألة تطور القوانين، منطلقا من أن مقياس تطور القوانين هو المدى الذي تتيحه هذه القوانين لحرية الإنسان الفرد، وان أفضل نسق للقوانين هو الذي يحقق - في ظروف تاريخية ومادية معينة - الحد الأقصى من الحرية للأفراد، مؤكداً على أن الحرية هي الحق في ممارسة كل ما تبيحه القوانين. وأن الطرف النقيض لهذا الحد الأقصى، وهو الحد الأدنى، إنما يوجد في ظل النظام الاستبدادي، أي عندما تتصرف السلطات العامة بطريقة تعسفية تماماً بلا ضابط أو اعتبار للقوانين، حيث تصل حرية الأفراد في ظل الاستبداد إلى حد التلاشي والزوال، ذلك ان النظم الاستبدادية تتطلب الطاعة السلبية، ولهذا لا يمكن لها ان تبقى وتستمر الا باشاعة الخوف.
فصل السلطات
فصل السلطات هو مصطلح صاغه المفكر السياسي الفرنسي البارون دي مونتسكيو ،فصل السلطات هو أحد مبادِئ الديمقراطية فهو نموذج للحكم الديمقراطى للدول. هذا النموذج هو الذي يعرف أيضا Trias Politica.
نموذج فصل السلطات الأول وضعه الاغريق في الدساتير التي تنظم مدينتهم. ومع ذلك، فإن فصل السلطات دخل حيز الاستخدام الواسع النطاق أولا من جانب الجمهورية الرومانية. وقد ورد في دستور الجمهورية الرومانية.
في اطار هذا النموذج، فان الدولة مقسمة إلى فروع أو سلطات، كل سلطة منفصلة ومستقلة في صلاحيات ومجالات المسؤولية. العادي تقسيم السلطات إلى السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية.
اكد منتسكيو في كتابه "روح القوانين" على مبدأ الفصل بين السلطات حيث شرح الفرق بين ثلاثة أنواع من أنظمة الحكم:
اولا : نظام الحكم الملكي حيث يرث الحاكم فيه السلطة
ثانيا : نظام الحكم الدكتاتوري حيث يحكم الحاكم فيه وحده دون حدود قانونية ويثبّت حكمه بواسطة إرهاب المدنيين
ثالثا : نظام الحكم الجمهوري حيث يحكم فيه الشعب او ممثلوه، وهو النظام الأمثل الذي يضمن حرية الإنسان.
ومن أجل ذلك دعى مونتسكيو الى الفصل بين السلطات الثلاث للحفاظ على التوازن بينها. كما اكد على ان الحرية لا تتحقق الا بتقييد السلطة أياً كانت وان جمع السلطة في يد واحدة يعد خطراً على الحرية ولا يمكن تحقيق الحرية بجمع السلطات الثلاث، فالفصل بينها هو الوسيلة الوحيدة الفعلية لتأمين الحرية وذلك للاسباب التالية :
اولا- ان تجارب البشرية أثبتت ان من يتمتع بسلطات واسعة وغير محددة سيسيء استعمالها، وهذا ما يؤكد ضرورة ان يقوم النظام السياسي على أساس مبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا- ان مبدأ فصل السلطات هو الوسيلة الوحيدة التي تكفل احترام القوانين وتطبيقها بصورة صحيحة.
ثالثا- ان النظام الانجليزي( في عصره) كان يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات.
ولتحقيق هذا المبدأ يشير مونتسكيو إلى ضرورة ان تتمتع كل سلطة بالقدرة على البت في الأمور التي تدخل في اختصاصها. فالبرلمان يسن القوانين وهكذا بالنسبة لبقية السلطات، كما انه يجب ان تتمتع كل سلطة بقدرة المنع، أي ان لكل سلطة الحق في منع السلطات الأخرى في ان تتدخل باختصاصاتها.
وكان هدف مونتسكسو الاساس في ذلك سقوط الحكم المطلق من اجل قيام حكم "الملكية المنورة" على النمط الانكليزي. وكان تأثيره واضحا وكبيرا في الثورة الفرنسية وكذلك في حركات توحيد الولايات المتحدة الامريكية وفي دستورها.