انهيار النظام المعلوماتي الأميركي!؟
مرسل: الأحد ديسمبر 18, 2011 5:25 pm
انهيار النظام المعلوماتي الأميركي!؟
فقط عند سقوط الدول يحدث أن تفتح خزائن أسرار ومعلومات الدولة، إلا أننا أمام حالة استثنائية؛ حيث إن غسيل الإمبراطورية الأميركية ينشر أمام الملأ ولا أحد يفهم كيف تعجز الحكومة العظمى عن منعه، ثلاث مرات. هذا ما دفع كثيرين لعدم تصديق أن الحكومة الأميركية عاجزة عن سد حنفية التسرب البسيطة.
لا تقولوا لنا إنها ديمقراطية النظام، ولا تقولوا إنها حرية النشر، ولا تقولوا إنه عالم القرية الصغير؛ حيث لا أسرار فيه بعد اليوم، كلها مقبولة إلا في قضايا الأمن القومي. فقد أوقفت في الماضي أفلام، ومنعت كتب، وصودرت صحف، كلها باسم الأمن القومي وكانت أدنى مرتبة في الخطورة ولا تقارن بربع مليون وثيقة سرية تسربت من نفس المكان والأشخاص، ولا أحد يفعل شيئا. هذا ما دفع البعض للظن أنها ليست إلا مؤامرة أميركية أخرى. هم غير مصدقين أن هذه الدولة التي تملك نطاقات الإنترنت، وتشرف على خوادمه في العالم، وتسيطر على آلات البحث الضخمة مثل غوغل، ولها كل أجهزة البريد الإلكترونية المنتشرة في العالم، وتملك معظم الأقمار الصناعية المدنية والعسكرية، وفوق هذا تملك نفوذا هائلا على اقتصادات وسياسات الدول الحليفة مثل السويد وأستراليا، ومع هذا تعجز عن منع بضعة أفراد هزوا هذه الدولة العظمى.
ما الذي حدث؟ أتخيل أن المسؤولين الأميركيين جلسوا وتحدثوا طويلا في مواجهة المشكلة منذ فترة كافية، صحيفة «واشنطن بوست» تقول: إن وزارة الخارجية أقامت غرفة طوارئ منذ 4 أسابيع لمعالجة التداعيات المحتملة والاتصال بالحكومات المتضررة. تدارسوا سؤالا واحدا: هل من وسيلة لمنع التسريبات؟ طبعا المحاكم، لكن المسربين لا يبالون بالمحاكم، والنشر الإلكتروني فضاء مفتوح يختلف عن النشر الورقي؛ حيث يمكن تعطيله في الحالة الثانية بوقف الطباعة أو منع التوزيع. إذن الحل القانوني عقابي ومتأخر جدا. ماذا عن الحل الأمني؟ الحكومة اعتبرته سطوا على ممتلكات رسمية بالغة الحساسية، مثل الاستيلاء على مفاعل نووي أميركي، تجوز مهاجمة القراصنة مهما كانوا وأينما كانوا وبأي سلاح متاح. هنا أتخيل أن البيت الأبيض استمع لمستشاريه، بعضهم حذر أن الهجوم على «ويكيليكس» سيقابل بغضب شعبي، وقد يفشل في منع انتشار الوثائق المسروقة. وهناك من دعا لاستخدام القوة لمنع النشر، والقوة لها معان متعددة، وأن دول العالم كلها تحمي أسرارها بكل ما أوتيت من قوة. هنا أتخيل أن الرئيس أوباما حك رأسه وقال: فليستمتع العالم بقراءة أسرار وزارة الخارجية على أن أتورط شخصيا في معركة لمنع الغسيل الوسخ.
ما حدث لاحقا فعلا انهيار للنظام المعلوماتي لدولة كبيرة لم نشهد مثله إلا في حالات سقوط الدول إلا بالقوة العسكرية. في التاريخ المعاصر حدث بعد سقوط الشاه وقيام ثوار آية الله الخميني بجمع الوثائق الممزقة ونشرها في أنحاء العالم لفضح النظام السابق. وعندما سقط نظام ألمانيا الشرقية أيضا نهب الناس ما وصلت إليه أيديهم من وثائق. أما في العراق فقد قامت فرق عسكرية متخصصة بالهجوم على المؤسسات الرسمية وجمعت ما استطاعت تخزينه في صناديق وأرسلته إلى الخارج لفرزه ولم يخرج للنشر إلا القليل عن نظام صدام بعد انهياره. وهناك ميليشيات عراقية قفزت فوق جدران بعض السفارات العربية ونهبت أرشيفاتها الرسمية، ولا نعرف ماذا فعلت بها.
المثير والطريف أن «ويكيليكس» سرق نظاما واقفا على قدميه عدة مرات وبقي عاجزا عن فعل أي شيء. النتيجة سيشرب الزوار الأميركيون الكثير من فناجين القهوة في المرات المقبلة وسيسمعون القليل، لقد انتهى زمن الحديث الصريح، سقطت الخارجية الأميركية بالضربة القاضية.
فقط عند سقوط الدول يحدث أن تفتح خزائن أسرار ومعلومات الدولة، إلا أننا أمام حالة استثنائية؛ حيث إن غسيل الإمبراطورية الأميركية ينشر أمام الملأ ولا أحد يفهم كيف تعجز الحكومة العظمى عن منعه، ثلاث مرات. هذا ما دفع كثيرين لعدم تصديق أن الحكومة الأميركية عاجزة عن سد حنفية التسرب البسيطة.
لا تقولوا لنا إنها ديمقراطية النظام، ولا تقولوا إنها حرية النشر، ولا تقولوا إنه عالم القرية الصغير؛ حيث لا أسرار فيه بعد اليوم، كلها مقبولة إلا في قضايا الأمن القومي. فقد أوقفت في الماضي أفلام، ومنعت كتب، وصودرت صحف، كلها باسم الأمن القومي وكانت أدنى مرتبة في الخطورة ولا تقارن بربع مليون وثيقة سرية تسربت من نفس المكان والأشخاص، ولا أحد يفعل شيئا. هذا ما دفع البعض للظن أنها ليست إلا مؤامرة أميركية أخرى. هم غير مصدقين أن هذه الدولة التي تملك نطاقات الإنترنت، وتشرف على خوادمه في العالم، وتسيطر على آلات البحث الضخمة مثل غوغل، ولها كل أجهزة البريد الإلكترونية المنتشرة في العالم، وتملك معظم الأقمار الصناعية المدنية والعسكرية، وفوق هذا تملك نفوذا هائلا على اقتصادات وسياسات الدول الحليفة مثل السويد وأستراليا، ومع هذا تعجز عن منع بضعة أفراد هزوا هذه الدولة العظمى.
ما الذي حدث؟ أتخيل أن المسؤولين الأميركيين جلسوا وتحدثوا طويلا في مواجهة المشكلة منذ فترة كافية، صحيفة «واشنطن بوست» تقول: إن وزارة الخارجية أقامت غرفة طوارئ منذ 4 أسابيع لمعالجة التداعيات المحتملة والاتصال بالحكومات المتضررة. تدارسوا سؤالا واحدا: هل من وسيلة لمنع التسريبات؟ طبعا المحاكم، لكن المسربين لا يبالون بالمحاكم، والنشر الإلكتروني فضاء مفتوح يختلف عن النشر الورقي؛ حيث يمكن تعطيله في الحالة الثانية بوقف الطباعة أو منع التوزيع. إذن الحل القانوني عقابي ومتأخر جدا. ماذا عن الحل الأمني؟ الحكومة اعتبرته سطوا على ممتلكات رسمية بالغة الحساسية، مثل الاستيلاء على مفاعل نووي أميركي، تجوز مهاجمة القراصنة مهما كانوا وأينما كانوا وبأي سلاح متاح. هنا أتخيل أن البيت الأبيض استمع لمستشاريه، بعضهم حذر أن الهجوم على «ويكيليكس» سيقابل بغضب شعبي، وقد يفشل في منع انتشار الوثائق المسروقة. وهناك من دعا لاستخدام القوة لمنع النشر، والقوة لها معان متعددة، وأن دول العالم كلها تحمي أسرارها بكل ما أوتيت من قوة. هنا أتخيل أن الرئيس أوباما حك رأسه وقال: فليستمتع العالم بقراءة أسرار وزارة الخارجية على أن أتورط شخصيا في معركة لمنع الغسيل الوسخ.
ما حدث لاحقا فعلا انهيار للنظام المعلوماتي لدولة كبيرة لم نشهد مثله إلا في حالات سقوط الدول إلا بالقوة العسكرية. في التاريخ المعاصر حدث بعد سقوط الشاه وقيام ثوار آية الله الخميني بجمع الوثائق الممزقة ونشرها في أنحاء العالم لفضح النظام السابق. وعندما سقط نظام ألمانيا الشرقية أيضا نهب الناس ما وصلت إليه أيديهم من وثائق. أما في العراق فقد قامت فرق عسكرية متخصصة بالهجوم على المؤسسات الرسمية وجمعت ما استطاعت تخزينه في صناديق وأرسلته إلى الخارج لفرزه ولم يخرج للنشر إلا القليل عن نظام صدام بعد انهياره. وهناك ميليشيات عراقية قفزت فوق جدران بعض السفارات العربية ونهبت أرشيفاتها الرسمية، ولا نعرف ماذا فعلت بها.
المثير والطريف أن «ويكيليكس» سرق نظاما واقفا على قدميه عدة مرات وبقي عاجزا عن فعل أي شيء. النتيجة سيشرب الزوار الأميركيون الكثير من فناجين القهوة في المرات المقبلة وسيسمعون القليل، لقد انتهى زمن الحديث الصريح، سقطت الخارجية الأميركية بالضربة القاضية.