صفحة 1 من 1

ألو يا امم...!

مرسل: الأحد ديسمبر 18, 2011 7:53 pm
بواسطة سعود الحربي243.381
ألف أرسطو كتاباً فى كل «علم» لكنه ألف ثلاثة كتب فى علم «الأخلاق»، وقد ضاع ثلثا مؤلفات «أرسطو» مثلما ضاعت الأخلاق، فآخر واحد سمعناه يقول «عيب» كان عماد حمدى فى فيلم قديم... وليس مهماً عودة أموالنا الضائعة ولكن المهم هو عودة أخلاقنا الضائعة، فلا يهدم الدولة انهيار مؤسساتها ولكن انهيار أخلاقها، لأن الانفلات الأخلاقى أخطر من الانفلات الأمنى..

وكلنا يقول «حرام» ولا أحد يقول «عيب»، وقد بدأ تدهور الأخلاق منذ أصدر السادات قانون «العيب»، لأن المسؤولية الأخلاقية أشمل وأوسع من المسؤولية القانونية، والأولى ثابتة وتخضع لسلطة داخلية «الضمير»، والثانية متغيرة وتخضع لسلطة خارجية «الشرطة».. ومن يومها طغت «الطشت قال لى» على «قال لى البحر»، وارتدينا طاقية الإخفاء لارتكاب الموبقات، وانشغلنا عن تربية الأولاد بتربية الذقون، وأرضينا السلطة الخارجية وأهملنا السلطة الداخلية، وركب الأراذل ظهور الأفاضل واعتلى الجهلاء أكتاف العلماء فالظاهر أصبح أهم من الباطن، وأصبحت مكارم الأخلاق بتغيير الثياب وليس بتغيير السلوك..

وجاء الانفتاح لنصدر أخلاقنا ونستورد أخلاق الغير، ولا أحد يعترف بأن المحصلة كانت التدين الشكلى دون تقوى فى كل الطوائف، إذ يقول الإنجيل «هذا الشعب يكرمنى بشفتيه أما قلبه فمبتعد عنى بعيداً»، ويقول أحمد شوقى (إنما الأمم...) ويقول توفيق الدقن (آلو يا أمم...)، ولا أحد يرد فالأب تنحى وفوض سلطاته للأم، والأم فوضت سلطاتها للأبناء الذين أودعوها أقرب صالة ديسكو..

وليس الحل فى جماعات تجوب الشوارع وتضرب الناس بالعصا فهذا عودة إلى الشكليات بالسلطة الخارجية، ولكن الحل فى جمعيات تحاول إيقاظ الضمير «السلطة الداخلية» وعلى التليفزيون أن يساعدها فى الفواصل أو بعد نوم المذيعة.. المنظومة التى نشرت الكذب والسرقة وزنى المحارم وسمحت بتعيين وكيل نيابة بالواسطة وخطيب مسجد بالرشوة ليست أخلاقاً ولا ديناً، بل هى تدين منافق للحصول على منافع وأخلاق سفرجى للحصول على بقشيش...

انتهى ما أريد أن أقوله وبقى لك عندى فى المقال فقرة هل أحكى لك فيها فيلم «وبالوالدين إحساناً» أم أشرح كتاب «الأخلاق» لأرسطو أم أغنى مونولوج ثريا حلمى «عيب اعمل معروف»، فالمهم ليس أن تعود أموالنا التى أودعناها فى أوروبا ولكن أن تعود أخلاقنا التى تركناها فى الخليج.. الأخلاق أولاً قبل الدستور أولاً.