- الأحد ديسمبر 18, 2011 8:05 pm
#43379
العرب هنا وليسوا هنا! ...
كالعادة، في المحن، عندما تسدُّ الآفاق وتوصد الأبواب، كما في الاجتياح الإسرائيلي لغزة، كما في اجتياح الضفة قبل أربعة أعوام، وحتى خلال غزو العراق وبعد الاحتلال، يكثر التساؤل: أين العرب، أين الإخوة والأشقاء، أين التعاون والتضامن، أين، أين، أين؟...
العرب لا يزالون هنا وليسوا هنا، كل ما في الأمر أنهم تغيّروا. لم يعد لديهم ترف التضامن، والأرجح أنهم فقدوا النخوة والهمة و"الفزعة" فأصبحت تراثاً آيلاً إلى الاندثار.
والواقع أن تضامناً أو تآخياً على النمط الانفعالي القديم، لم يعد هو المطلوب ولا يفي بحاجات الحاضر. وفي أي حال، كانت نتائج الهبَّات السابقة ضئيلة وسيئة، حتى أنها ساهمت في تعقيد الأوضاع أكثر مما قدمت حسماً أو حلولاً. إلا أنها اعتبرت محاولات محبذة وحراكاً يبقى أفضل من القعود والتهاون، بدليل أن المجتمع الدولي كان يضطر إلى التعامل معها، ولو من دون جدوى. ولولا ذلك لكان العالم طوى منذ زمن قضية شعب فلسطين ونسيها، لأن أولوية كبار المجتمع الدولي كانت ولا تزال تأمين وجود إسرائيل وضمان أمنها، بمعزل عما يتطلبه ذلك من احتقار لمبادئ القانون الدولي.
حالة الإرهاب والوحشية المتفلتة التي تجسدها إسرائيل اليوم، باتت شيئاً يلامس اللامعقول، لولا أننا نعيشها بل نتفرج عليها بالبث المباشر. هذه هي الدولة الوحيدة في العالم، المسموح لها، بحماية أميركية وغربية، أن تقفل مناطق آهلة بالسكان، وتحاصرها وتحرمها من الماء والكهرباء، ثم تتحرك لانتهاكها بيتاً بيتاً بعد أن تغير عليها الطائرات، فتقتل من تشاء وتخطف من تشاء. وكلما أمعنت إسرائيل في هذا كلما عمدت إلى "تشريعه" وتطويره، فأصبحت تتوقع من "الإخوة العرب" أن يساعدوها، سواء لتخليص جندي أسير أو لتسلم مطلوبين لم تتمكن من اصطيادهم، بل إنها لا تتردد في طلب الوساطات العربية، لكن بشروطها، ثم إنها لا تلبث أن تخذل هذه "الوساطات" إذا لم يعجبها مسارها.
ليس العرب وحدهم في هذا الموقف، أي موجودين وغير موجودين، بل إن ما يسمى المجتمع الدولي نفسه، واجه الفظاظة الأميركية إياها واستقال من قيمه ومبادئه. فكل مبادئ "العالم الحر" وقيمه، تعتبر لاغية وباطلة كلما تعلق الأمر بقضية فلسطين، إنه استثناء أميركي تختص به إسرائيل. عومل العرب منذ بداية التسعينيات، غداة حرب الخليج الثانية، بالتهديد بأنهم يواجهون مصير العراق، إن هم فكروا في خوض حرب ضد إسرائيل، وبالترغيب بأنهم سينالون الرضا إن هم انخرطوا في "عملية السلام" وتخلوا نهائياً عن أي نيات حربية، وكانت هناك وعود بأن تعتبر الولايات المتحدة السلام خياراً استراتيجياً وهي مصممة على تحقيقه، أما إسرائيل فكانت ولا تزال مصممة على إحباط أي سلام، وقد نجحت، لم تنجح فقط في استخدام الترهيب الأميركي لتحييد العرب في قضية فلسطين، وإنما في جعل هذه القضية قضية "داخلية" تتولى هي معالجتها بالقوة كما تفعل روسيا مع قضيتها الشيشانية وسط صمت عالمي أيضاً!
لم يفقد العرب خياراً عسكرياً كانوا متمسكين به، وإنما فقدوا خصوصاً حق التدخل لمصلحة قضية تعنيهم أمنياً واجتماعياً ولا تزال تردداتها تنعكس عليهم. واستطراداً فقدوا إمكان التدخل لتصويب مسار الأحداث في العراق. وأخيراً فقدوا احتمال أن يقولوا كلمتهم في الأزمة الإيرانية النووية، حتى أنه استُكثر عليهم القول إنهم يخشون التسلح النووي وإنهم هم المعرّضون للخطر قبل سواهم. والأسوأ أن الذين تسلموا إدارة شؤون العرب الإقليمية، بدوا حتى الآن أكثر فشلاً مما لو كان العرب تولوا أمورهم بأنفسهم. فالأميركيون والإسرائيليون مدركون أن المنطقة في أزمة مفتوحة ويفضلون أن يكون قرارها في أيديهم حتى إشعار آخر!
كالعادة، في المحن، عندما تسدُّ الآفاق وتوصد الأبواب، كما في الاجتياح الإسرائيلي لغزة، كما في اجتياح الضفة قبل أربعة أعوام، وحتى خلال غزو العراق وبعد الاحتلال، يكثر التساؤل: أين العرب، أين الإخوة والأشقاء، أين التعاون والتضامن، أين، أين، أين؟...
العرب لا يزالون هنا وليسوا هنا، كل ما في الأمر أنهم تغيّروا. لم يعد لديهم ترف التضامن، والأرجح أنهم فقدوا النخوة والهمة و"الفزعة" فأصبحت تراثاً آيلاً إلى الاندثار.
والواقع أن تضامناً أو تآخياً على النمط الانفعالي القديم، لم يعد هو المطلوب ولا يفي بحاجات الحاضر. وفي أي حال، كانت نتائج الهبَّات السابقة ضئيلة وسيئة، حتى أنها ساهمت في تعقيد الأوضاع أكثر مما قدمت حسماً أو حلولاً. إلا أنها اعتبرت محاولات محبذة وحراكاً يبقى أفضل من القعود والتهاون، بدليل أن المجتمع الدولي كان يضطر إلى التعامل معها، ولو من دون جدوى. ولولا ذلك لكان العالم طوى منذ زمن قضية شعب فلسطين ونسيها، لأن أولوية كبار المجتمع الدولي كانت ولا تزال تأمين وجود إسرائيل وضمان أمنها، بمعزل عما يتطلبه ذلك من احتقار لمبادئ القانون الدولي.
حالة الإرهاب والوحشية المتفلتة التي تجسدها إسرائيل اليوم، باتت شيئاً يلامس اللامعقول، لولا أننا نعيشها بل نتفرج عليها بالبث المباشر. هذه هي الدولة الوحيدة في العالم، المسموح لها، بحماية أميركية وغربية، أن تقفل مناطق آهلة بالسكان، وتحاصرها وتحرمها من الماء والكهرباء، ثم تتحرك لانتهاكها بيتاً بيتاً بعد أن تغير عليها الطائرات، فتقتل من تشاء وتخطف من تشاء. وكلما أمعنت إسرائيل في هذا كلما عمدت إلى "تشريعه" وتطويره، فأصبحت تتوقع من "الإخوة العرب" أن يساعدوها، سواء لتخليص جندي أسير أو لتسلم مطلوبين لم تتمكن من اصطيادهم، بل إنها لا تتردد في طلب الوساطات العربية، لكن بشروطها، ثم إنها لا تلبث أن تخذل هذه "الوساطات" إذا لم يعجبها مسارها.
ليس العرب وحدهم في هذا الموقف، أي موجودين وغير موجودين، بل إن ما يسمى المجتمع الدولي نفسه، واجه الفظاظة الأميركية إياها واستقال من قيمه ومبادئه. فكل مبادئ "العالم الحر" وقيمه، تعتبر لاغية وباطلة كلما تعلق الأمر بقضية فلسطين، إنه استثناء أميركي تختص به إسرائيل. عومل العرب منذ بداية التسعينيات، غداة حرب الخليج الثانية، بالتهديد بأنهم يواجهون مصير العراق، إن هم فكروا في خوض حرب ضد إسرائيل، وبالترغيب بأنهم سينالون الرضا إن هم انخرطوا في "عملية السلام" وتخلوا نهائياً عن أي نيات حربية، وكانت هناك وعود بأن تعتبر الولايات المتحدة السلام خياراً استراتيجياً وهي مصممة على تحقيقه، أما إسرائيل فكانت ولا تزال مصممة على إحباط أي سلام، وقد نجحت، لم تنجح فقط في استخدام الترهيب الأميركي لتحييد العرب في قضية فلسطين، وإنما في جعل هذه القضية قضية "داخلية" تتولى هي معالجتها بالقوة كما تفعل روسيا مع قضيتها الشيشانية وسط صمت عالمي أيضاً!
لم يفقد العرب خياراً عسكرياً كانوا متمسكين به، وإنما فقدوا خصوصاً حق التدخل لمصلحة قضية تعنيهم أمنياً واجتماعياً ولا تزال تردداتها تنعكس عليهم. واستطراداً فقدوا إمكان التدخل لتصويب مسار الأحداث في العراق. وأخيراً فقدوا احتمال أن يقولوا كلمتهم في الأزمة الإيرانية النووية، حتى أنه استُكثر عليهم القول إنهم يخشون التسلح النووي وإنهم هم المعرّضون للخطر قبل سواهم. والأسوأ أن الذين تسلموا إدارة شؤون العرب الإقليمية، بدوا حتى الآن أكثر فشلاً مما لو كان العرب تولوا أمورهم بأنفسهم. فالأميركيون والإسرائيليون مدركون أن المنطقة في أزمة مفتوحة ويفضلون أن يكون قرارها في أيديهم حتى إشعار آخر!