منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#43399
دأبت الحكومات الأميركية المتعاقبة تصر على اصدار تقرير دولي سنوي عن انتهاكات حقوق الإنسان في مختلف دول العالم,
وكانت الهيئات والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان تتلهف لصدور مثل هذا التقرير بفارغ الصبر, نظراً لما يمثله من مساهمة كبيرة في مجال الدفاع عن هذه الحقوق وكشف الحكومات والأنظمة القمعية التي تنتهكها.‏
هذا التقرير الذي اعتادت الولايات المتحدة على اصداره تحول إلى مصدر حرج أخلاقي كبير لها إذ إن أميركا نفسها أصبحت في مقدمة الدول التي تمارس التعذيب بحق سجنائها ومعتقليها, إضافة إلى كونها في صدر قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان في الوقت الحاضر وكما نعرف فإن نائب الرئيس ديك تشيني لا يكف عن تصريحاته العلنية حول حق حكومة بلاده في اعتقال وسجن المشتبه بهم في شتى أنحاء العالم إلى مدة غير محددة ودون تقديم أية اتهامات ضدهم. كما يبرر-تشيني- احتجاز أميركا سراً للعشرات من السجناء في جميع أنحاء المعمورة, بل وحقها في تعذيبهم. ولما كانت الصحافة الليبرالية في غاية الاستياء من تصريحات ومواقف ديك تشيني, فقد بادرت هذه الصحافة إلى وصفه بلقب- نائب رئيس الشر- فخلال الفترة الماضية القريبة, اطلعتنا الصحافة الأميركية على بعض الأمثلة المخزية للفظائع التي ترتكبها وكالة المخابرات المركزية وقوات الجيش الأميركي بحق السجناء المعتقلين سراً في مواقع وأماكن لا سببيل لمنظمة الصليب الأحمر لزيارتها أو دخولها.‏
وفي هذا الإطار تحدث في الآونة الأخيرة مدير وكالة المخابرات المركزية- بورترجي غروس- إلى صحيفة- يو اس ايه تودي- اليومية معترفاً بوجود معتقلات أميركية سرية في أن تكون تلك السجون والمعتقلات تمارس التعذيب بحق المعتقلين. لكن لوحظ أنه رفض في الحديث نفسه الإفشاء بأماكن تلك السجون المحتجزين بداخلها. وحسب التقارير والمعلومات الصحافية المزلزلة التي أوردتها كل من صحيفة (الواشنطن بوست) وقناة (ايي بي سي ABC) الأخبارية,فإن هناك سبعة أساليب يمارسها السجانون الأميركيون بحق المعتقلين في تلك السجون, وهي عينها الأساليب والممارسات التي نفى مدير وكالة المخابرات المركزية عنها صفة التعذيب.‏
ومن ضمن هذه الأساليب ما يلي:‏
أولاً: يجري هز السجناء بقوة وعنف أثناء ربطهم بحيث يؤدي ذلك إلى فقدانهم للوعي وحدوث كسور في العظام وتمزقات في الأغشية والروابط وغيرها.‏
ثانياً: بالإضافة إلى الهز بعنف, يتعرض السجناء للضرب بالعصي وأعقاب البنادق.‏
ثالثاً: يصاحب الهز أحياناً حرق أجساد السجناء بالسجائر.‏
رابعاً: يرغم السجناء على الوقوف بأيديهم وأرجلهم المقيدة لمدة تصل في بعض الأحيان إلى 40 ساعة بالتمام والكمال.‏
خامساً: يحبس السجناء في زنزانات باردة جداً,بحيث يكون السجن عارياً, ويتم رشه بالماء البارد على نحو دوري ومتكرر.‏
سادساً: وأخيراً, هناك مهاجمة السجناء العراة بكلاب مخيفة شرسة دربت خصيصاً على عض وقضم المناطق الحساسة من جسم الإنسان وإن لم تكن جميع هذه الأساليب المتبعة في السجون الأميركية السرية تعذيباً كما قال مدير وكالة المخابرات المركزية, فمما لا شك فيه أن هناك معنى اخر للتعذيب نجهله نحن ولا ندري ماهيته! وبالطبع فإن الوصول إلى نقطة الانهيار, لا معنى له أصلاً, لأن في وسع أي شخص أن يدلي بأية اعترافات ويقول أي كلام ينقذه من ويلات هذا العذاب.‏
والسؤال الآن هو: هل تعكس المعلومات المستقاة عن أساليب التعذيب أية حقيقة قانونية أو قضائية? بالطبع لا, ولا طائل ولا قيمة لهذه المعلومات إطلاقاً, عدا أنها تؤدي إلى اعتقال وتعذيب المزيد والمزيد من الأشخاص الأبرياء, ولا نعلم إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية قد علمت اسرائىل فنون تعذيب السجناء والمعتقلين أم العكس هو الصحيح حيث لا تزال اسرائيل تمارس أساليب الهز ضد معتقليها.‏
لكن السؤال الأكثر أهمية الآن هو عما إذا كانت الحكومة الأميركية والبيت الأبيض وقادة الجيش الأميركي, وصولاً إلى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد, سيتم وصفهم جميعاً بأنهم منتهكون لحقوق الإنسان, وممارسون للتعذيب في التقرير السنوي الأميركي عن حقوق الإنسان لهذا العام أم لا?‏
وغني عن القول إن هؤلاء المسؤولين الأميركيين, قد ارتكبوا خطأ فادحاً بممارستهم هذه, ستدفع أميركا كلها ثمناً باهظاً له وهذا الخطأ هو أن ارتكاب هذه الممارسات وانكارها, سلب واشنطن مصداقيتها في اتهام الآخرين بارتكاب الجرائم والممارسات ذاتها.‏
ويترتب على هذا الخطأ أن تكشف صورة أميركا على حقيقتها وانتفاء كونها دولة للخير والعدالة واحترام حقوق الإنسان