- الأحد ديسمبر 18, 2011 9:43 pm
#43493
من التنكيت عندنا الاتهام الذي يُلصَق بالمرء, حين يقارن حال العرب مع الغرب, بأنه يلمع صورة الغرب. هي نكتة بكل المقاييس لأن الغرب بتطوره ليس في حاجة إلى عربي يلمع صورته بمقال, أو أكثر, مادام هذا الغرب عنده الطائرة العملاقة, البارجة, الأسلحة, تكنولوجيا الاتصالات, الجامعات العريقة, المستشفيات المتطورة, القوانين التي تحترم الإنسان, وصولاً إلى قوانين احترام الحيوان, فكل ذلك, وأكثر بكثير, كفيل في أن يعطي الصورة المشرقة عن الغرب.
ما انفك الكثير من العرب يخشون تلك المقارنة مع الغرب لسبب يمكن إيجازه في التالي: العرب في وجه الغرب هم العاطفة في وجه العقل. فنحن انصعنا للعواطف التي أعمتنا عما يسير عليه قطار التطور في العالم, ولم نجد مناصاً لوهننا سوى التشبث بمبالغات فرضوها علينا أيام المدارس, وفي مختلف المجالس, فأوهمنا أنفسنا أننا أصل الحضارات والثقافات, بل وصلت الدرجة لدى البعض في أن يصور العرب على أنهم الكون بذاته, أو أن الكون خُلق لهم وحدهم وهم أحق به.
أسباب المقارنة مع الغرب ليست لأنهم أصحاب الشَّعر الأشقر والأعين الزرق والبشرة البيضاء, فالجمال العربي له روعته أيضاً, وليس لأن الممنوع عندهم يكاد يتلاشى في وجه المسموح, فمن الحميد أن تكون للحرية حدود, لكن ليست حدوداً على المقاسات العربية. إن سبب المقارنة ببساطة أنها مقارنة مع التطور, بغض النظر عن جغرافيته, حتى لو كان تطوراً في أدغال أفريقيا, لكن شاء القدر العلمي أن يكون هذا التطور في الغرب, وأيضاً في بعض أقاصي آسيا قافزاً عن العرب بعد أن أحنوا ظهورهم, وظلوا منهمكين في أعاصير الفتاوى حول المرأة لدرجة التدخل بطول كعب الفتاة الكاعب.
لعل الفروق بيننا وبينهم هي في اتساع الفضاء, وإن اختُصرت بالنقطة التي تغير المعنى من العرب إلى الغرب, ويأتي في مقدمها تشبث العرب بالخرافات والخزعبلات, بينما لفَظها الغرب متجهاً نحو توظيف العقل في البحث والعلم, وهو ما نجم عنه هذا التغير الهائل في حياتنا. هذا الفرق يمكن وصفه بصافرة الإنطلاق لبدء السباق, ويبدو أننا لم نسمع الصافرة, أو أننا نريد خوض السباق ونحن نمشي على عكازين, ونؤمن بالغول.
إننا نحاول دائماً التستر على خَوَرنا من خلال تصيد سلبيات لدى الغرب. فعندما يقتحم تلميذ مدرسة في الولايات المتحدة صفاً ويطلق النار من سلاح على مَن فيه, فيقتل ويجرح عدداً منهم, تصيح الحناجر وتقرع الطناجر لدى الكثير من العرب بأن هذا هو الغرب الذي تتباهون به. لا ريب في أن حادثة مأساوية من هذا القبيل هي كارثة وتؤثر في صورة المجتمع الأمريكي, لكن في المقابل هو المجتمع الذي يرأسه رجل أسود من أصل أفريقي, فيما العرب ما انفكوا يقسّمون "ديمغرافيتهم" على أساس مدني أو فلاح أو بدوي, وعلى أساس وافد أو غريب, لدرجة أن أبناء الحي السكني ينظرون, أحياناً, في عين الريبة لعربي آخر جاء يقطن في الحي.
إن الفروق تكاد لا تنتهي, ولعل منها ما نمارسه يومياً في حياتنا سواء عن وعي أو دونه, فنحن من تقودنا العنصرية والأنانية, وأقلها أننا في المناسبات ندعو بلفظ صريح وبالتخصيص أن يعم الخير واليمن الأمة الإسلامية, والأحرى أن ندعو بالخير للبشرية جمعاء, وهم في تمنيهم الخير يتوجهون إلى البشر, تماماً مثلما يتوجهون في صناعاتهم إلى سكان الأرض من دون تقسيمات عرقية ودينية. ونحن الذين ندعو جهاراً نهاراً على اليهود والنصارى وسبي نسائهم وهم لايُؤخذون بوزر حكوماتهم, ولو دعا قسيس علينا علناً بمثل ما ندعو عليهم, اتهمناهم بالعنصرية والكراهية.
ما أكثر الفروق بيننا وبينهم! لكنّ أكثرنا لها ناكرون.
ما انفك الكثير من العرب يخشون تلك المقارنة مع الغرب لسبب يمكن إيجازه في التالي: العرب في وجه الغرب هم العاطفة في وجه العقل. فنحن انصعنا للعواطف التي أعمتنا عما يسير عليه قطار التطور في العالم, ولم نجد مناصاً لوهننا سوى التشبث بمبالغات فرضوها علينا أيام المدارس, وفي مختلف المجالس, فأوهمنا أنفسنا أننا أصل الحضارات والثقافات, بل وصلت الدرجة لدى البعض في أن يصور العرب على أنهم الكون بذاته, أو أن الكون خُلق لهم وحدهم وهم أحق به.
أسباب المقارنة مع الغرب ليست لأنهم أصحاب الشَّعر الأشقر والأعين الزرق والبشرة البيضاء, فالجمال العربي له روعته أيضاً, وليس لأن الممنوع عندهم يكاد يتلاشى في وجه المسموح, فمن الحميد أن تكون للحرية حدود, لكن ليست حدوداً على المقاسات العربية. إن سبب المقارنة ببساطة أنها مقارنة مع التطور, بغض النظر عن جغرافيته, حتى لو كان تطوراً في أدغال أفريقيا, لكن شاء القدر العلمي أن يكون هذا التطور في الغرب, وأيضاً في بعض أقاصي آسيا قافزاً عن العرب بعد أن أحنوا ظهورهم, وظلوا منهمكين في أعاصير الفتاوى حول المرأة لدرجة التدخل بطول كعب الفتاة الكاعب.
لعل الفروق بيننا وبينهم هي في اتساع الفضاء, وإن اختُصرت بالنقطة التي تغير المعنى من العرب إلى الغرب, ويأتي في مقدمها تشبث العرب بالخرافات والخزعبلات, بينما لفَظها الغرب متجهاً نحو توظيف العقل في البحث والعلم, وهو ما نجم عنه هذا التغير الهائل في حياتنا. هذا الفرق يمكن وصفه بصافرة الإنطلاق لبدء السباق, ويبدو أننا لم نسمع الصافرة, أو أننا نريد خوض السباق ونحن نمشي على عكازين, ونؤمن بالغول.
إننا نحاول دائماً التستر على خَوَرنا من خلال تصيد سلبيات لدى الغرب. فعندما يقتحم تلميذ مدرسة في الولايات المتحدة صفاً ويطلق النار من سلاح على مَن فيه, فيقتل ويجرح عدداً منهم, تصيح الحناجر وتقرع الطناجر لدى الكثير من العرب بأن هذا هو الغرب الذي تتباهون به. لا ريب في أن حادثة مأساوية من هذا القبيل هي كارثة وتؤثر في صورة المجتمع الأمريكي, لكن في المقابل هو المجتمع الذي يرأسه رجل أسود من أصل أفريقي, فيما العرب ما انفكوا يقسّمون "ديمغرافيتهم" على أساس مدني أو فلاح أو بدوي, وعلى أساس وافد أو غريب, لدرجة أن أبناء الحي السكني ينظرون, أحياناً, في عين الريبة لعربي آخر جاء يقطن في الحي.
إن الفروق تكاد لا تنتهي, ولعل منها ما نمارسه يومياً في حياتنا سواء عن وعي أو دونه, فنحن من تقودنا العنصرية والأنانية, وأقلها أننا في المناسبات ندعو بلفظ صريح وبالتخصيص أن يعم الخير واليمن الأمة الإسلامية, والأحرى أن ندعو بالخير للبشرية جمعاء, وهم في تمنيهم الخير يتوجهون إلى البشر, تماماً مثلما يتوجهون في صناعاتهم إلى سكان الأرض من دون تقسيمات عرقية ودينية. ونحن الذين ندعو جهاراً نهاراً على اليهود والنصارى وسبي نسائهم وهم لايُؤخذون بوزر حكوماتهم, ولو دعا قسيس علينا علناً بمثل ما ندعو عليهم, اتهمناهم بالعنصرية والكراهية.
ما أكثر الفروق بيننا وبينهم! لكنّ أكثرنا لها ناكرون.