- الثلاثاء ديسمبر 20, 2011 10:13 pm
#43742
الدستور الايراني والوحدة الإسلامية
إن الثورة الإيرانية منذ قامت عام (1979م) وهي تثير إشكالات عديدة منها دستورها، وكذلك دعوتها للوحدة الإسلامية التي ترفعها في وجه كل من يحاول التنبيه على شيء من أخطاء الدستور أو الثورة؛ ولذلك تعرض الدستور الإيراني للنقد وألفت حوله عدد من الكتب منها:
1- نقد حزب التحرير للدستور الإيراني.
2- نقض دستور الجمهورية الإيرانية - للدكتور محمود الخالدي.
3- نهج الخميني في ميزان الفكر الإسلامي - لمجموعة من المفكرين.
4- دراسة لمجلس شورى أهل السنة إيران -نشر ضمن كتاب أحوال أهل السنة في إيران- للغريب.
حقيقة التعديل للدستور الإيراني في عهد الخميني:
ولذلك تعرض الدستور للتعديل في حياة الخميني عام (1989م) وقد تعامل التعديل للدستور مع الانتقادات الموجهة له بعدة أساليب:
- تغيير أرقام المواد وتغيير ترتيب الفصول حتى يلتبس الأمر على من يراجع المواد!
- تلطيف بعض العبارات (دبلوماسية الطرح).
- لا يوجد تغيير جوهري في تعديلات الدستور.
وبعض الباحثين يرجع الدستور الإيراني لدراسة كتبها محمد باقر الصدر كانت أساساً له، ويذكر أيضاً أن الدستور الأول لإيران كان يخلو من ولاية الفقيه! (1) والوحدة الإسلامية مطلب لجميع المسلمين، وإيران رفعت: الوحدة شعار لكن بعد عقدين من الثورة والدستور.
ما مدى مصداقية هذه الدعوى؟ هذا سيكون محور البحث.
اعتمدت في هذا البحث على طبعة معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي عام (1992م) المنقحة للدستور.
الدستور الإيراني والحث على الوحدة الإسلامية:
لقد تكرر في مقدمة الدستور ومواده التأكيد على الوحدة الإسلامية والإشادة بها، ومن ذلك ما جاء في المقدمة (1/ مجلة الفكر الجديد -القريبة من حزب الدعوة العراقي- عدد 6 ص17) وهى منشورة على الإنترنت.
ص16: (فإن الدستور يعد الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، خصوصاً بالنسبة لتوسيع العلائق الدولية مع سائر الحركات الإسلامية والشعبية حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم، (( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:92].
وجاءت الوحدة منصوص عليها في بعض مواد ا لدستور منها: المادة الثالثة التي بينت الواجبات التي على حكومة جمهورية إيران تحقيقها وفيها الفقرة (15) (توسيع وتقوية الأخوة الإسلامية، والتعاون الجماعي بين الناس كافة) والفقرة (16) من نفس المادة الثالثة: (تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية، والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم).
وعادت المادة الحادية عشر لتأكيد الوحدة فنصت: (بحكم الآية الكريمة: (( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:92] يعتبر المسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية و الاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي).
والخلاصة التي نخرج بها من هذه المواد:
1- المسلمون أمة واحدة.
2- كلهم مسلمون.
3- سياسة إيران تجاه الدول والشعوب الإسلامية تقوم على المحبة والتعاون.
ما مدى مصداقية الدستور تجاه الوحدة؟؟!
الدستور الإيراني قام كما يزعم أصحابه من أجل الإسلام والدين، ورفع راية القرآن، ولذلك أي مخالفة لهذه الأسس يعد خطيئة كبيرة خاصة أن هذا الدستور أقره من يعتبر نفسه (حجة الله)، وأقرت فيه هذه المخالفات حتى بعد توجيه النقد له كما سبق، وليس من تفسير لهذه المخالفات سوى أنها مقصودة لذاتها، وأنها نابعة من رؤية عقائدية لمن وضعها وأقرها.
الصبغة الطائفية:
هل من الوحدة الإسلامية النص على مذهب للدولة كما جاء في المادة (12) (الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير).
لاحظ أولاً دين إيران! (الإسلام والمذهب الجعفري) هل هذا هو الإسلام الذي أنزله الله عز وجل؟؟!
وعاد في نهاية الدستور يكرر (مضامين المواد المتعلقة بكون النظام إسلامياً، وقيام كل القوانين والمقررات على أساس الموازين الإسلامية، وكون الحكم جمهورياً، وولاية الأمر وإمامة الأمة، وكذلك إدارة أمور البلاد بالاعتماد على الآراء العامة والدين، والمذهب الرسمي لإيران هي من الأمور التي لا تقبل التغيير).
وإذا علمنا أن في إيران (20%) من الشعب من السنة فهل هذه المادة تعمل على الوحدة الإسلامية؟
وأيضاً هذا مخالف لروح الدستور الذي قرر في مقدمته: (الدستور يضمن زوال كل نوع من أنواع الدكتاتورية الفكرية) وفرض مذهب للبلد على بلد متعدد المذاهب دكتاتورية، وأما جعلها للأبد فهذه دكتاتورية مركبة!
وهذه المادة ستقيم حالة من الصدام والصراع مع قسم كبير من الشعب ( 20%) منه وخاصة أنه سوف يوجه التصرفات الحكومية ويعطيها غطاء من المحاسبة، وبالذات أن المذهب الجعفري يسقط كل المذاهب الإسلامية الأخرى ولا يقيم لها وزناً في الحقيقة كما يعتقدون في كل من لا يؤمن بأئمتهم ، فهذا القمي كبير محدثي الشيعة يقول في كتابه رسالة الاعتقادات: (واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليه السلام كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين و أنكر واحداً من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء و أنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم) ص(103).
وهذه العقيدة لم تتخلى عنها للأسف الثورة الإيرانية، فالخميني في كتابه: الأربعون حديثاً يكرر تكفير كل المذاهب الإسلامية حين يقول: (ومن المعلوم أن هذا الأمر يختص بشيعة أهل البيت، ويحرم عنه الناس الآخرون؛ لأن الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام، بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية).
وهذه النقطة -جعل مذهباً للدولة- تعيق دعوة التقريب بين المذاهب فكيف تدعو للتقريب وأنت تجعل مذهبك هو الحق للأبد؟! إلا إذا كنت تريد المخالف يتقرب لك وليس أن تكون حركة مشتركة.
وتركيز هذه الصبغة الطائفية في الدستور الإيراني تتكرر في مواد أخرى متعلقة مثلاً بمجلس الشورى أو الجيش وقسم الرئيس: (لا يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للدولة) مادة (72) وتكررت في المادة (85).
(يجب أن يكون جيش جمهورية إيران الإسلامية جيشاً إسلامياً وذلك بأن يكون جيشاً عقائدياً، وأن يضم أفراداً لائقين مؤمنين بأهداف الثورة الإسلامية) مادة (144).
(إنني باعتباري رئيساً للجمهورية أقسم بالله القادر المتعال في حضرة القرآن الكريم أمام الشعب الإيراني أن أكون حامياً للمذهب الرسمي....) مادة (121).
وهذا القلق في الدستور تجاه الهوية الطائفية من خلال تكرار النص على مذهب الشيعة، وجعلها للأبد هو في الحقيقة خوف من المستقبل والماضي، المستقبل الذي لا يكون فيه الملالي في الحكم!
والماضي حيث أن إيران لم تعرف المذهب الشيعي في الحكم إلا من عام (1501م) ولذلك يحاولون طمس التاريخ الآخر لإيران وهو التاريخ السني!!! ولمزيد من الاطلاع على تاريخ إيران انظر كتاب (إيران في ظل الإسلام للدكتور عبد النعيم حسنين).
وأخيراً: في هذه المسألة نتذكر رفض الإمام مالك أن يكون كتابه الموطأ مذهباً للدولة الإسلامية، وذلك حتى لا يحتكر الحق والصواب دون بقية الفقهاء والعلماء.
هل من الوحدة الإسلامية التركيز على النزعة الإقليمية والقطرية؟
ومن ذلك لا بد للرئيس: (أن يكون إيرانياً ويحمل الجنسية الإيرانية) مادة (115).
فهل في الوحدة الإسلامية هناك مكان للإقليمية والقطرية؟ ثم أليس في الشيعة من هم من غير الإيرانيين فما الذي يمنع أن يكون رئيس جمهورية إيران الإسلامية الشيعية شيعياً عربياً أم أن القضية لها بعد فارسي؟
والذي يرجح هذا الاحتمال أمور أخرى في الدستور مثل:
(اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة هي الفارسية)!! مادة (15).
(بداية التاريخ الرسمي للبلاد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعتبر التاريخان الهجري الشمسي والهجري القمري كلاهما رسميين) مادة (17).
لماذا المخالفة لكل البلاد الإسلامية في التاريخ الهجري الشمسي! هل ليوافق التاريخ الفارسي القديم؟!
الإسلام يصهر كل الأعراق والقطريات (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))[الحجرات:13] وليس إيرانياً أو عربياً.
لماذا تقديم الفارسية على اللغة العربية؟! هل هذا يخدم نشر الإسلام وتعليم القرآن عند الشعوب الإسلامية أم هو لمنع هذه الشعوب من الإطلاع على المذاهب الإسلامية الأخرى باللغة العربية؟!
مقارنة بين حقوق اليهود والنصارى وحقوق أهل السنة في إيران:
لماذا ينص الدستور على حقوق اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، لكن أهل السنة من شعب إيران ليس لهم مادة بل ذكرهم في جزء من مادة أن المذهب الجعفري هو مذهب الدولة فقال: (وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل، وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والإرث والوصية) وما يتعلق بها من دعاوى في المحاكم.
وفي كل منطقة يتمتع أتباع أحد هذه المذاهب بالأكثرية فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة في حدود صلاحيات مجالس الشورى المحلية تكون وفق ذلك المذهب، هذا مع الحفاظ على حقوق أتباع المذاهب الأخرى).
ومضمون هذه الفقرة من المادة (12) هو احترام هذه المذاهب ولهم حرية أداء المراسيم المذهبية وحرية التعلم والتربية والأحوال الشخصية، ولهم في مناطقهم أن يحكموا بأحكامهم.
وهذه الأمور لا بأس بها لكنها أقل من حقوق اليهود والنصارى في إيران! ثم ليس لها تطبيق على أرض الواقع!
وهذا تفصيل ذلك:
حقوق اليهود والنصارى في إيران من الدستور:
مادة (13): (الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها، وتتمتع بالحرية في أداء مراسيمها الدينية ضمن نطاق القانون ، ولها أن تعمل وفق قواعدها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية).
مادة (64): (عدد نواب مجلس الشورى الإسلامي هو مئتان وسبعون نائباً… وينتخب الزرادشت واليهود كل على حدة نائباً كحد أعلى، وينتخب المسيحيون الآشوريون والكلدانيون معاً نائباً واحداً، وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال كل على حدة نائباً).
ونلاحظ أن اليهود والنصارى لهم حقوق في الدستور هي:
1- أنهم الأقليات المعترف بها! والسنة لا!
2- لهم حرية أداء مراسيم دينية والسنة مثلهم والحمد لله!
3- تتحاكم في أحوالها الشخصية لدينها والسنة مثلهم والحمد لله!
4- لهم مقاعد في مجلس الشورى وليس للسنة ذلك!
فمن الذين لهم حق الرعاية؟!
هل هذه الوحدة والأخوة الإسلامية أن نصبح نطالب للسنة في إيران بمساواتهم باليهود والزرادشت؟!
والسبب الذي يدعو للمطالبة بمقاعد خاصة للسنة أن الدستور فرق المسلمين إلى جعفرية مسيطرة وحاكمة، وسنة مهملة، فلا يصح جعل الكل مشتركاً في البرلمان ثم تمنعه من قيادة الدولة، وتمنع مذهبه أن يحكم الدولة.
وللأسف إن أوضاع اليهود والزرادشت يفاخر بها الإيرانيون في مجلاتهم أنهم أصحاب حرية، ويراعون حقوق الأقليات وغيرها (انظر مثلاً مجلة الوحدة الصادرة عن مؤسسة الفكر الإسلامي في طهران عدد (239 – حزيران – 2000م) (http://www.iran-ite.com) مقال التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لرئيس التحرير. ص42) ومما ذكره الكاتب (رئيس التحرير) أن اليهود يتمتعون بالحرية في الجمهورية الإسلامية ومن ذلك:
(لهم مدارس خاصة بهم، أيضاً ويتم فيها تدريس اللغة العبرية والتعاليم الدينية الخاصة بهم).
(لا يمكن العثور حتى على حالة واحدة تدل على أن الدين اليهودي كان عقبة في دخول أحد الأشخاص إلى الأجهزة الحكومية للنظام الإسلامي).
وبالنسبة للعطل (يستفيدون من العطل الرسمية للبلد بالإضافة إلى استفادتهم من العطل الدينية الخاصة بهم).
وعن كنائس اليهود (ويوجد في طهران ومحافظة شيراز وأصفهان وكرمان شاه وهمدان ويزد وكرمان ورفسنجان وسندج وكامياران الذي يبلغ عدد اليهود فيها حوالي (26000) لهم 76 كنيسة).
لكن أوضاع السنة هناك بالغة السوء وقد ألفوا فيها عدة كتب منها:
1- ماذا يجري لأهل السنة في إيران. من منشورات مجلس علماء باكستان عام (1986).
2- أحوال أهل السنة في إيران. لعبد الرزاق البلوشي طبع (عام 1989).
3- أحوال أهل السنة في إيران. لعبد الله محمد الغريب طبع (عام 1989).
ولرابطة أهل السنة في إيران موقع على الشبكة العالمية عنوانه http://www.isl.org.uk
وحين طالبوا بأن يكون لهم مسجد في طهران التي تخلو من مسجد لأهل السنة ولكن يوجد بها كنيس لليهود!
رد على هذا الطلب السيد/ أحمد الكاتب في موقعه على الشبكة العالمية فقال: (إذا كان ثم مشكلة طائفية فإن حلها لا يكون بتعزيز الطائفية وفتح مسجداً للسنة هنا أو هناك) والسيد الكاتب هو من المعارضين للشيعة لكنه أيضاً لم ينكر عدم وجود مسجد للسنة في طهران وإن قلل من أهمية المسألة. فهل جعل وضع اليهود أفضل من أهل السنة المسلمين في طهران من الوحدة الإسلامية؟!
ولقد نشرت منظمة العفو الدولية لعام (1993م) في تقريرها السنوي باللغة العربية ص85: (وقد أدى التوتر بين الحكومة والمسلمين السنيين من قبيلة نروى في مقاطعة سيستان بإقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران إلى نشوب عدد من المصادمات المسلحة، واعتقال عشرات من أفراد قبيلة نروى، وقد أسيئت معاملة بعض هؤلاء المعتقلين، وحكم على آخرين بالسجن أو الإعدام بعد محاكمات مباشرة، وتردد أن كثيرين من المقبوض عليهم كانوا لا يزالون معتقلين دون تهمة أو محاكمة بسجن زاهدان في نهاية (عام 1992م).
ولا يمكن لأحد أن ينكر هذه الأمور ويقول: أنتم تضخمون الأمور لأننا نشاهد ونسمع ونقرأ كل يوم عن الصراع السياسي الدموي الذي يصل للسجن والاغتيال بين المحافظين والإصلاحيين في إيران وكلهم شيعة، وكذلك الصراع بين الأجنحة الدينية الشيعية أتباع الخميني أو الشيرازي لا تزال تتجدد، ومنها ما نشرته وكالة الأنباء الشيعية عن صدامات عاشوراء في قم بين أتباع الشيرازي الذين يرون (التطبير) وبين أتباع خامنئي الذي منع (التطبير).
وقبل هذا ماذا حصل عند وفاة الشيرازي من خطف الجثة ودفنها رغماً عن أتباعه مع إهانة الجثة (راجع موقع الشيرازي).
وهذا شيء طبيعي في أي نظام ثوري!!
وهذا الظلم كله الواقع على أهل السنة في إيران الذين تتجاوز نسبتهم (20%) من السكان بينما الدستور ينص في المادة (19): (يتمتع أفراد الشعب الإيراني –من أي قومية أو قبيلة كانوا- بالمساواة في الحقوق ولا يعتبر اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه ذلك سبباً للتفاضل).
مادة (20): (حماية القانون تشمل جميع أفراد الشعب –نساءً ورجالاً– بصورة متساوية وهم يتمتعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن الموازين الإسلامية).
ومادة(23): (تمنع محاسبة الناس على عقائدهم) ولكن الدستور يبدو أنه للزينة!
هل السياسة الخارجية لإيران تعمل لزيادة الوحدة الإسلامية؟!
لقد مر معنا واجب الحكومة الإيرانية (16) (تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم) مادة (3).
وفي المادة (152): (تقوم السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية على أساس الامتناع عن أي نوع من أنواع التسلط أو الخضوع له، والمحافظة على الاستقلال الكامل ووحدة أراضي البلاد، والدفاع عن حقوق جميع المسلمين وعدم الانحياز مقابل القوى المتسلطة وتبادل العلائق السلمية مع الدول غير المحاربة).
فإذاً السياسة الخارجية لإيران يجب أن تكون:
1- على أساس معايير الإسلام والتزامات الأخوّة الإسلامية.
2- الدفاع عن حقوق جميع المسلمين.
إيران وعلاقتها مع الدول الإسلامية:
- علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية سيئة (ما عدا سوريا التي ضربت الإخوان المسلمين في حماة في زمن الثورة! وليبيا التي هي حرب على الإسلام).
- لم يتجرأ على الكعبة في التاريخ إلا أبرهة والقرامطة وإيران الخميني!! (لمزيد من الاطلاع راجع المؤامرة على الكعبة من القرامطة إلى الخميني –للدكتور عبد المنعم النمر)
- أفغانستان في جهادها مع الروس لم يكن لإيران أو شيعة أفغانستان دور في جهاد الشيوعيين! وكذلك الآن ألم تتفاخر إيران بدورها في القضاء على طالبان ومساعدتها للشيطان الأكبر؟!!
- لماذا تتمسك إيران باحتلال الشاه لجزر الإمارات العربية، وترفض الوحدة والتقارب والتنازل من أجل الوحدة الإسلامية؟!
- ألم تمارس إيران سياسة تصدير الثورة (التفجيرات - الاغتيالات – الاضطرابات) مع أغلب الدول العربية؟!
راجع مجلة البيان عدد (171) وأبحاث مجلة السياسة الدولية (سنة 2001م).
وبعد هذا كله أين الوحدة الإسلامية؟
إذا كان الدستور يختار الطائفية وينص عليها للأبد فهل من أمل في تقارب أو وحدة؟!
إذا كان جزء من الشعب الإيراني يظلم لأنه سني فكيف التعامل مع السنة من الدول الأخرى؟!
إذا كان الدستور يعلي من القومية والشعوبية والعرقية من خلال إعلاء اللغة الفارسية على لغة القرآن؟
إذا كانت السياسة الخارجية تصب دائماً في العداء لأهل السنة ومعاونة الأعداء عليهم فما هي هذه الوحدة والأخوّة الإسلامية؟!
خطوات مطلوبة من إيران للوحدة:
1- التخلي عن الهوية الطائفية للدولة الإيرانية.
2- إعلاء شأن العربية والتخلي عن المظاهر الفارسية.
3- إعطاء أهل السنة حقوقهم.
4- ترك السياسات العدائية تجاه العرب والمسلمين.
5- تبني سياسات متسامحة تجاه نشر المذاهب الإسلامية في إيران كما تطالب هي.
6- إقامة مؤسسات للوحدة والإسلامية والتقارب بين المذاهب في إيران يقوم عليه نخبة من مذاهب أخرى لكن ليس باختيار إيران لهم بل يرشحهم الأزهر ومجمع الفقه الإسلامي في مكة
إن الثورة الإيرانية منذ قامت عام (1979م) وهي تثير إشكالات عديدة منها دستورها، وكذلك دعوتها للوحدة الإسلامية التي ترفعها في وجه كل من يحاول التنبيه على شيء من أخطاء الدستور أو الثورة؛ ولذلك تعرض الدستور الإيراني للنقد وألفت حوله عدد من الكتب منها:
1- نقد حزب التحرير للدستور الإيراني.
2- نقض دستور الجمهورية الإيرانية - للدكتور محمود الخالدي.
3- نهج الخميني في ميزان الفكر الإسلامي - لمجموعة من المفكرين.
4- دراسة لمجلس شورى أهل السنة إيران -نشر ضمن كتاب أحوال أهل السنة في إيران- للغريب.
حقيقة التعديل للدستور الإيراني في عهد الخميني:
ولذلك تعرض الدستور للتعديل في حياة الخميني عام (1989م) وقد تعامل التعديل للدستور مع الانتقادات الموجهة له بعدة أساليب:
- تغيير أرقام المواد وتغيير ترتيب الفصول حتى يلتبس الأمر على من يراجع المواد!
- تلطيف بعض العبارات (دبلوماسية الطرح).
- لا يوجد تغيير جوهري في تعديلات الدستور.
وبعض الباحثين يرجع الدستور الإيراني لدراسة كتبها محمد باقر الصدر كانت أساساً له، ويذكر أيضاً أن الدستور الأول لإيران كان يخلو من ولاية الفقيه! (1) والوحدة الإسلامية مطلب لجميع المسلمين، وإيران رفعت: الوحدة شعار لكن بعد عقدين من الثورة والدستور.
ما مدى مصداقية هذه الدعوى؟ هذا سيكون محور البحث.
اعتمدت في هذا البحث على طبعة معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي عام (1992م) المنقحة للدستور.
الدستور الإيراني والحث على الوحدة الإسلامية:
لقد تكرر في مقدمة الدستور ومواده التأكيد على الوحدة الإسلامية والإشادة بها، ومن ذلك ما جاء في المقدمة (1/ مجلة الفكر الجديد -القريبة من حزب الدعوة العراقي- عدد 6 ص17) وهى منشورة على الإنترنت.
ص16: (فإن الدستور يعد الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، خصوصاً بالنسبة لتوسيع العلائق الدولية مع سائر الحركات الإسلامية والشعبية حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم، (( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:92].
وجاءت الوحدة منصوص عليها في بعض مواد ا لدستور منها: المادة الثالثة التي بينت الواجبات التي على حكومة جمهورية إيران تحقيقها وفيها الفقرة (15) (توسيع وتقوية الأخوة الإسلامية، والتعاون الجماعي بين الناس كافة) والفقرة (16) من نفس المادة الثالثة: (تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية، والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم).
وعادت المادة الحادية عشر لتأكيد الوحدة فنصت: (بحكم الآية الكريمة: (( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:92] يعتبر المسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية و الاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي).
والخلاصة التي نخرج بها من هذه المواد:
1- المسلمون أمة واحدة.
2- كلهم مسلمون.
3- سياسة إيران تجاه الدول والشعوب الإسلامية تقوم على المحبة والتعاون.
ما مدى مصداقية الدستور تجاه الوحدة؟؟!
الدستور الإيراني قام كما يزعم أصحابه من أجل الإسلام والدين، ورفع راية القرآن، ولذلك أي مخالفة لهذه الأسس يعد خطيئة كبيرة خاصة أن هذا الدستور أقره من يعتبر نفسه (حجة الله)، وأقرت فيه هذه المخالفات حتى بعد توجيه النقد له كما سبق، وليس من تفسير لهذه المخالفات سوى أنها مقصودة لذاتها، وأنها نابعة من رؤية عقائدية لمن وضعها وأقرها.
الصبغة الطائفية:
هل من الوحدة الإسلامية النص على مذهب للدولة كما جاء في المادة (12) (الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير).
لاحظ أولاً دين إيران! (الإسلام والمذهب الجعفري) هل هذا هو الإسلام الذي أنزله الله عز وجل؟؟!
وعاد في نهاية الدستور يكرر (مضامين المواد المتعلقة بكون النظام إسلامياً، وقيام كل القوانين والمقررات على أساس الموازين الإسلامية، وكون الحكم جمهورياً، وولاية الأمر وإمامة الأمة، وكذلك إدارة أمور البلاد بالاعتماد على الآراء العامة والدين، والمذهب الرسمي لإيران هي من الأمور التي لا تقبل التغيير).
وإذا علمنا أن في إيران (20%) من الشعب من السنة فهل هذه المادة تعمل على الوحدة الإسلامية؟
وأيضاً هذا مخالف لروح الدستور الذي قرر في مقدمته: (الدستور يضمن زوال كل نوع من أنواع الدكتاتورية الفكرية) وفرض مذهب للبلد على بلد متعدد المذاهب دكتاتورية، وأما جعلها للأبد فهذه دكتاتورية مركبة!
وهذه المادة ستقيم حالة من الصدام والصراع مع قسم كبير من الشعب ( 20%) منه وخاصة أنه سوف يوجه التصرفات الحكومية ويعطيها غطاء من المحاسبة، وبالذات أن المذهب الجعفري يسقط كل المذاهب الإسلامية الأخرى ولا يقيم لها وزناً في الحقيقة كما يعتقدون في كل من لا يؤمن بأئمتهم ، فهذا القمي كبير محدثي الشيعة يقول في كتابه رسالة الاعتقادات: (واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليه السلام كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين و أنكر واحداً من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء و أنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم) ص(103).
وهذه العقيدة لم تتخلى عنها للأسف الثورة الإيرانية، فالخميني في كتابه: الأربعون حديثاً يكرر تكفير كل المذاهب الإسلامية حين يقول: (ومن المعلوم أن هذا الأمر يختص بشيعة أهل البيت، ويحرم عنه الناس الآخرون؛ لأن الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام، بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية).
وهذه النقطة -جعل مذهباً للدولة- تعيق دعوة التقريب بين المذاهب فكيف تدعو للتقريب وأنت تجعل مذهبك هو الحق للأبد؟! إلا إذا كنت تريد المخالف يتقرب لك وليس أن تكون حركة مشتركة.
وتركيز هذه الصبغة الطائفية في الدستور الإيراني تتكرر في مواد أخرى متعلقة مثلاً بمجلس الشورى أو الجيش وقسم الرئيس: (لا يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للدولة) مادة (72) وتكررت في المادة (85).
(يجب أن يكون جيش جمهورية إيران الإسلامية جيشاً إسلامياً وذلك بأن يكون جيشاً عقائدياً، وأن يضم أفراداً لائقين مؤمنين بأهداف الثورة الإسلامية) مادة (144).
(إنني باعتباري رئيساً للجمهورية أقسم بالله القادر المتعال في حضرة القرآن الكريم أمام الشعب الإيراني أن أكون حامياً للمذهب الرسمي....) مادة (121).
وهذا القلق في الدستور تجاه الهوية الطائفية من خلال تكرار النص على مذهب الشيعة، وجعلها للأبد هو في الحقيقة خوف من المستقبل والماضي، المستقبل الذي لا يكون فيه الملالي في الحكم!
والماضي حيث أن إيران لم تعرف المذهب الشيعي في الحكم إلا من عام (1501م) ولذلك يحاولون طمس التاريخ الآخر لإيران وهو التاريخ السني!!! ولمزيد من الاطلاع على تاريخ إيران انظر كتاب (إيران في ظل الإسلام للدكتور عبد النعيم حسنين).
وأخيراً: في هذه المسألة نتذكر رفض الإمام مالك أن يكون كتابه الموطأ مذهباً للدولة الإسلامية، وذلك حتى لا يحتكر الحق والصواب دون بقية الفقهاء والعلماء.
هل من الوحدة الإسلامية التركيز على النزعة الإقليمية والقطرية؟
ومن ذلك لا بد للرئيس: (أن يكون إيرانياً ويحمل الجنسية الإيرانية) مادة (115).
فهل في الوحدة الإسلامية هناك مكان للإقليمية والقطرية؟ ثم أليس في الشيعة من هم من غير الإيرانيين فما الذي يمنع أن يكون رئيس جمهورية إيران الإسلامية الشيعية شيعياً عربياً أم أن القضية لها بعد فارسي؟
والذي يرجح هذا الاحتمال أمور أخرى في الدستور مثل:
(اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة هي الفارسية)!! مادة (15).
(بداية التاريخ الرسمي للبلاد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعتبر التاريخان الهجري الشمسي والهجري القمري كلاهما رسميين) مادة (17).
لماذا المخالفة لكل البلاد الإسلامية في التاريخ الهجري الشمسي! هل ليوافق التاريخ الفارسي القديم؟!
الإسلام يصهر كل الأعراق والقطريات (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))[الحجرات:13] وليس إيرانياً أو عربياً.
لماذا تقديم الفارسية على اللغة العربية؟! هل هذا يخدم نشر الإسلام وتعليم القرآن عند الشعوب الإسلامية أم هو لمنع هذه الشعوب من الإطلاع على المذاهب الإسلامية الأخرى باللغة العربية؟!
مقارنة بين حقوق اليهود والنصارى وحقوق أهل السنة في إيران:
لماذا ينص الدستور على حقوق اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، لكن أهل السنة من شعب إيران ليس لهم مادة بل ذكرهم في جزء من مادة أن المذهب الجعفري هو مذهب الدولة فقال: (وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل، وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والإرث والوصية) وما يتعلق بها من دعاوى في المحاكم.
وفي كل منطقة يتمتع أتباع أحد هذه المذاهب بالأكثرية فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة في حدود صلاحيات مجالس الشورى المحلية تكون وفق ذلك المذهب، هذا مع الحفاظ على حقوق أتباع المذاهب الأخرى).
ومضمون هذه الفقرة من المادة (12) هو احترام هذه المذاهب ولهم حرية أداء المراسيم المذهبية وحرية التعلم والتربية والأحوال الشخصية، ولهم في مناطقهم أن يحكموا بأحكامهم.
وهذه الأمور لا بأس بها لكنها أقل من حقوق اليهود والنصارى في إيران! ثم ليس لها تطبيق على أرض الواقع!
وهذا تفصيل ذلك:
حقوق اليهود والنصارى في إيران من الدستور:
مادة (13): (الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها، وتتمتع بالحرية في أداء مراسيمها الدينية ضمن نطاق القانون ، ولها أن تعمل وفق قواعدها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية).
مادة (64): (عدد نواب مجلس الشورى الإسلامي هو مئتان وسبعون نائباً… وينتخب الزرادشت واليهود كل على حدة نائباً كحد أعلى، وينتخب المسيحيون الآشوريون والكلدانيون معاً نائباً واحداً، وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال كل على حدة نائباً).
ونلاحظ أن اليهود والنصارى لهم حقوق في الدستور هي:
1- أنهم الأقليات المعترف بها! والسنة لا!
2- لهم حرية أداء مراسيم دينية والسنة مثلهم والحمد لله!
3- تتحاكم في أحوالها الشخصية لدينها والسنة مثلهم والحمد لله!
4- لهم مقاعد في مجلس الشورى وليس للسنة ذلك!
فمن الذين لهم حق الرعاية؟!
هل هذه الوحدة والأخوة الإسلامية أن نصبح نطالب للسنة في إيران بمساواتهم باليهود والزرادشت؟!
والسبب الذي يدعو للمطالبة بمقاعد خاصة للسنة أن الدستور فرق المسلمين إلى جعفرية مسيطرة وحاكمة، وسنة مهملة، فلا يصح جعل الكل مشتركاً في البرلمان ثم تمنعه من قيادة الدولة، وتمنع مذهبه أن يحكم الدولة.
وللأسف إن أوضاع اليهود والزرادشت يفاخر بها الإيرانيون في مجلاتهم أنهم أصحاب حرية، ويراعون حقوق الأقليات وغيرها (انظر مثلاً مجلة الوحدة الصادرة عن مؤسسة الفكر الإسلامي في طهران عدد (239 – حزيران – 2000م) (http://www.iran-ite.com) مقال التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لرئيس التحرير. ص42) ومما ذكره الكاتب (رئيس التحرير) أن اليهود يتمتعون بالحرية في الجمهورية الإسلامية ومن ذلك:
(لهم مدارس خاصة بهم، أيضاً ويتم فيها تدريس اللغة العبرية والتعاليم الدينية الخاصة بهم).
(لا يمكن العثور حتى على حالة واحدة تدل على أن الدين اليهودي كان عقبة في دخول أحد الأشخاص إلى الأجهزة الحكومية للنظام الإسلامي).
وبالنسبة للعطل (يستفيدون من العطل الرسمية للبلد بالإضافة إلى استفادتهم من العطل الدينية الخاصة بهم).
وعن كنائس اليهود (ويوجد في طهران ومحافظة شيراز وأصفهان وكرمان شاه وهمدان ويزد وكرمان ورفسنجان وسندج وكامياران الذي يبلغ عدد اليهود فيها حوالي (26000) لهم 76 كنيسة).
لكن أوضاع السنة هناك بالغة السوء وقد ألفوا فيها عدة كتب منها:
1- ماذا يجري لأهل السنة في إيران. من منشورات مجلس علماء باكستان عام (1986).
2- أحوال أهل السنة في إيران. لعبد الرزاق البلوشي طبع (عام 1989).
3- أحوال أهل السنة في إيران. لعبد الله محمد الغريب طبع (عام 1989).
ولرابطة أهل السنة في إيران موقع على الشبكة العالمية عنوانه http://www.isl.org.uk
وحين طالبوا بأن يكون لهم مسجد في طهران التي تخلو من مسجد لأهل السنة ولكن يوجد بها كنيس لليهود!
رد على هذا الطلب السيد/ أحمد الكاتب في موقعه على الشبكة العالمية فقال: (إذا كان ثم مشكلة طائفية فإن حلها لا يكون بتعزيز الطائفية وفتح مسجداً للسنة هنا أو هناك) والسيد الكاتب هو من المعارضين للشيعة لكنه أيضاً لم ينكر عدم وجود مسجد للسنة في طهران وإن قلل من أهمية المسألة. فهل جعل وضع اليهود أفضل من أهل السنة المسلمين في طهران من الوحدة الإسلامية؟!
ولقد نشرت منظمة العفو الدولية لعام (1993م) في تقريرها السنوي باللغة العربية ص85: (وقد أدى التوتر بين الحكومة والمسلمين السنيين من قبيلة نروى في مقاطعة سيستان بإقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران إلى نشوب عدد من المصادمات المسلحة، واعتقال عشرات من أفراد قبيلة نروى، وقد أسيئت معاملة بعض هؤلاء المعتقلين، وحكم على آخرين بالسجن أو الإعدام بعد محاكمات مباشرة، وتردد أن كثيرين من المقبوض عليهم كانوا لا يزالون معتقلين دون تهمة أو محاكمة بسجن زاهدان في نهاية (عام 1992م).
ولا يمكن لأحد أن ينكر هذه الأمور ويقول: أنتم تضخمون الأمور لأننا نشاهد ونسمع ونقرأ كل يوم عن الصراع السياسي الدموي الذي يصل للسجن والاغتيال بين المحافظين والإصلاحيين في إيران وكلهم شيعة، وكذلك الصراع بين الأجنحة الدينية الشيعية أتباع الخميني أو الشيرازي لا تزال تتجدد، ومنها ما نشرته وكالة الأنباء الشيعية عن صدامات عاشوراء في قم بين أتباع الشيرازي الذين يرون (التطبير) وبين أتباع خامنئي الذي منع (التطبير).
وقبل هذا ماذا حصل عند وفاة الشيرازي من خطف الجثة ودفنها رغماً عن أتباعه مع إهانة الجثة (راجع موقع الشيرازي).
وهذا شيء طبيعي في أي نظام ثوري!!
وهذا الظلم كله الواقع على أهل السنة في إيران الذين تتجاوز نسبتهم (20%) من السكان بينما الدستور ينص في المادة (19): (يتمتع أفراد الشعب الإيراني –من أي قومية أو قبيلة كانوا- بالمساواة في الحقوق ولا يعتبر اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه ذلك سبباً للتفاضل).
مادة (20): (حماية القانون تشمل جميع أفراد الشعب –نساءً ورجالاً– بصورة متساوية وهم يتمتعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن الموازين الإسلامية).
ومادة(23): (تمنع محاسبة الناس على عقائدهم) ولكن الدستور يبدو أنه للزينة!
هل السياسة الخارجية لإيران تعمل لزيادة الوحدة الإسلامية؟!
لقد مر معنا واجب الحكومة الإيرانية (16) (تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم) مادة (3).
وفي المادة (152): (تقوم السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية على أساس الامتناع عن أي نوع من أنواع التسلط أو الخضوع له، والمحافظة على الاستقلال الكامل ووحدة أراضي البلاد، والدفاع عن حقوق جميع المسلمين وعدم الانحياز مقابل القوى المتسلطة وتبادل العلائق السلمية مع الدول غير المحاربة).
فإذاً السياسة الخارجية لإيران يجب أن تكون:
1- على أساس معايير الإسلام والتزامات الأخوّة الإسلامية.
2- الدفاع عن حقوق جميع المسلمين.
إيران وعلاقتها مع الدول الإسلامية:
- علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية سيئة (ما عدا سوريا التي ضربت الإخوان المسلمين في حماة في زمن الثورة! وليبيا التي هي حرب على الإسلام).
- لم يتجرأ على الكعبة في التاريخ إلا أبرهة والقرامطة وإيران الخميني!! (لمزيد من الاطلاع راجع المؤامرة على الكعبة من القرامطة إلى الخميني –للدكتور عبد المنعم النمر)
- أفغانستان في جهادها مع الروس لم يكن لإيران أو شيعة أفغانستان دور في جهاد الشيوعيين! وكذلك الآن ألم تتفاخر إيران بدورها في القضاء على طالبان ومساعدتها للشيطان الأكبر؟!!
- لماذا تتمسك إيران باحتلال الشاه لجزر الإمارات العربية، وترفض الوحدة والتقارب والتنازل من أجل الوحدة الإسلامية؟!
- ألم تمارس إيران سياسة تصدير الثورة (التفجيرات - الاغتيالات – الاضطرابات) مع أغلب الدول العربية؟!
راجع مجلة البيان عدد (171) وأبحاث مجلة السياسة الدولية (سنة 2001م).
وبعد هذا كله أين الوحدة الإسلامية؟
إذا كان الدستور يختار الطائفية وينص عليها للأبد فهل من أمل في تقارب أو وحدة؟!
إذا كان جزء من الشعب الإيراني يظلم لأنه سني فكيف التعامل مع السنة من الدول الأخرى؟!
إذا كان الدستور يعلي من القومية والشعوبية والعرقية من خلال إعلاء اللغة الفارسية على لغة القرآن؟
إذا كانت السياسة الخارجية تصب دائماً في العداء لأهل السنة ومعاونة الأعداء عليهم فما هي هذه الوحدة والأخوّة الإسلامية؟!
خطوات مطلوبة من إيران للوحدة:
1- التخلي عن الهوية الطائفية للدولة الإيرانية.
2- إعلاء شأن العربية والتخلي عن المظاهر الفارسية.
3- إعطاء أهل السنة حقوقهم.
4- ترك السياسات العدائية تجاه العرب والمسلمين.
5- تبني سياسات متسامحة تجاه نشر المذاهب الإسلامية في إيران كما تطالب هي.
6- إقامة مؤسسات للوحدة والإسلامية والتقارب بين المذاهب في إيران يقوم عليه نخبة من مذاهب أخرى لكن ليس باختيار إيران لهم بل يرشحهم الأزهر ومجمع الفقه الإسلامي في مكة