صفحة 1 من 1

الإبل/ الجيش

مرسل: الأربعاء ديسمبر 21, 2011 12:12 am
بواسطة فيصل ناصر العتيبي

الإبل/ الجيش

قاسم الرويس


كان العرب المتأخرون يسمون الإبل المعدة للركوب في السفر والمغازي اسماً عجيباً هو (الجيش) ولعل هذا الاسم أطلق تجاوزاً من معنى الجيش الذي يطلق على الجند السائرين إلى الحرب حيث كانت الإبل هي وسيلة التنقل الرئيسية فإلى الحروب والمعارك فسميت باسم الراكبين في ظهورها.

تذكرت هذا الاسم وأنا أشاهد استعراض مزاين الإبل على القنوات الشعبية الفضائية وهو استعراض يذكرنا باستعراضات الفرق العسكرية ولكنه بطريقة فوضوية تتداخل فيها السيارات مع الإبل والأوادم وتتصدرها الأعلام الوطنية ويسيرون فيها على أنغام الشيلات العنصرية المختلطة بأبواق السيارات المزعجة والمتناغمة مع هز اليدين والرؤوس!!حين تمر صورة (الجيش) الذي استخدمه آباؤنا وأجدادنا في سبيل توحيد أجزاء المملكة العربية السعودية تحت راية الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، بل لا أجد غضاضة في القول إن الجيش/الإبل هو الناقل الرئيسي في جميع المعارك على أرض الجزيرة العربية حتى تم توحيد البلاد سنة 1351ه، فحين تمر صورة الجيش الجميلة السابقة ثم أشاهد صورة المزاين الصاخبة يتأكد لي أن الإبل هي الإبل ولكنها كانت عند الأجداد جيشاً يخدمهم ثم تحولت عند الأحفاد إلى مزاين يخدمونها!! وفي حين أن ظاهر ما يحدث من تصرفات هو تقدير هذه المخلوقات العجيبة والإعجاب بها والاعتراف بفضلها، فإن من نشاهده على الشاشات الفضائية من استعراضات هو تشويه لصورة الإبل في موروثنا الشعبي، بل هو تشويه لصورة البداوة العربية التي تشكل الإبل رمزها الدائم، وهو استغلال لمخلوقات الله العجماء في الدعاية والإعلان لشخصيات معينة لم تكن معروفة من قبل!!وفي حين لم أقصد في مقالي هذا بيان مكانة الإبل أو دورها عند العرب المتقدمين أو المتأخرين التي لا يختلف عليها اثنان كيف لا وهي حاضرة في نصف الشعر العربي القديم أو ثلاثة أرباعه، ولكن لا نريد لهذه الممارسات السطحية البعيدة عن تراثنا أن تشكل صورة يحكم بها على ماضينا العريق التي كانت فيه الإبل هي عدة الحرب وهي مغانمها الرئيسية في نفس الوقت في تلك الأجواء التي قال عنها صقر النصافي:

نبي نعلمك المساري على الجيش

تمشي ذلولك لين يفتر جهدها

خابرك منت بضاري للمطاريش

نبيك تونس حلوها من نكدها

ليله على مسرى وليله مغابيش

وليله نخلّي نومها لمن رقدها

وليله على تمره وليله على عيش

وليله نوكلك اللحم صيد يدها

وحتماً إن صورة تلك الأجواء لم يدركها أولئك المترفون الذين جعلوا الناقة تسير على السجاد الإيراني!!