الأحزاب السياسية الفرنسية.
مرسل: الأربعاء ديسمبر 21, 2011 1:06 am
الأحزاب السياسية الفرنسية.
يقوم النموذج الفرنسي على التعددية الحزبية. تتنافس فيه الاحزاب السياسية لإيصال ممثليها الى الجمعية الوطنية, وبالتالي لجعل مشاريعها التي تناضل من اجلها واقعا ملموسا تستند عليه مشروعيتها, ويُمكّنها من النفاذ الى مراكز القرار طيلة وجودها في السلطة, او التأثير فيه ان كانت في موقع المعارضة.
تواجه هذه الأحزاب مشاكل أساسية منذ نشأتها والى اليوم. يمكن حصرها في مشكلتين أساسيتين: الحصول على ثقة المواطنين بها, والتوسع جماهيريا لزيادة عدد أعضائها. فمجموع أعضاء الأحزاب مجتمعة لا يتعدى 500000 عضوا يمثلون 1 % من عدد السكان البالغين. (فرنسوا بلاتون . الأحزاب السياسية في فرنسا 2003). عرف العديد منها تحولات خلال مسيرتها: انشقاقات وتحالفات, واعادة هيكلة, وخاصة قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية. وحتى تغيرات بأسمائها وبعض توجهاتها المبررة بطبيعة المرحلة.
ومع ذلك فان ثقة المواطنين بهذه, وبشكل خاص منذ تداولها على السلطة منذ عام 1981 ما زالت في تراجع واضح وكارثي احيانا, ويعود ذلك إلى عدم وضوح سياساتها وواقعية مشاريعا التي كثيرا ما تفتقد الى المصداقية ولا تتناسب مع الاحجام الفعلية لبعض تلك الاحزاب. ولتحالفاتها الانتهازية التي كثيرا ما تدهش اعضاءها فضلا عن الناخبين المستقلين. لم يقدم اي منها خلال وجوده في السلطة او المعارضة, حلولا جذية او مرضية نسبيا للمشاكل الرئيسية كالبطالة والتعليم, والصحة والتقاعد والامن ... ولا اهتما حقيقيا وفعالا بمشاكل المواطنين. تهتز هذه الثقة بشكل كبير في كل مرة يتم الكشف فيها عن قضايا الفساد المالي والسياسي التي طالت وتطال العديد منها. يضاعف من ذلك كله التنافس بين قادتها وبين تياراتها والتطلع للسلطة قبل كل شيء.
الدليل المادي على عدم الثقة هذه انه الأغلبية البرلمانية لم تستطع, منذ 20 عاما, الاحتفاظ بسلطتها لأكثر من دورة انتخابية واحدة. وان اعداد الممتنعين عن التصويت في كل انواع الانتخابات, كما تبين الاحصاءات, في تزايد. ويبينه كذلك رفض التصويت لصالح المعاهدة الدستورية الأوروبية لعام 2005 رغم مساندة غالبية الاحزاب السياسية لها. وهذا ما يظهر ان الجمهورية الخامسة لم تعد بخير وان ازماتها في ازدياد. حتى ان افكارا جادة ومسموعة تطالب من وقت لآخر بإصلاحات جوهرية تطال عمق النظام السياسي, وحتى التفكير بإقامة ما يمكن ان يسمى الجمهورية السادسة. قادرة على استيعاب التطورات الحالية للمجتمع الفرنسي, واغناء مواطنية أكثر مساهمة في البناء الديمقراطي. خاصة وان البناء الأوروبي يتطلب التخلي, لصالحه, عن العديد من الخصوصيات المحلية العزيزة على نفوس الفرنسيين.
سوف نشير لاحقا إلى أهم هذه الأحزاب,( دون ادعاء الإحاطة الكاملة بها, فعلى الراغب في ذلك العودة إلى المؤلفات الرئيسية بهذا الشأن ونذكر منها: الأحزاب السياسية. لموريس ديفرجيه.. 1976. الأحزاب السياسية في فرنسا اليوم. لبوريلا فرنسوا. 1990 . . الأحزاب السياسية الفرنسية, الدراسات. الوثائق الفرنسية. 2001, بيرشون . مؤسسات وحياة سياسية. 2005 . إضافة لإعمال ونشرات متخصصة لا يحصى عددها ) .
بعض الاحزاب السياسية لها تاريخ عريق, وبعضها دون تاريخ يذكر, وبعضها ليس الا تجمعات وكتل صغيرة وغير ثابتة تنشأ قبيل الانتخابات الرئاسية او التشريعية وتتلاشى أو تندمج في غيرها بعدها, بحيث يصبح دخولها تحت تعريف الحزب غير دقيق. ورغم ذلك يجري تصنف الاحزاب السياسية الفرنسية, تحت صفتين اساسيين: يمين ويسار. وهناك وسط في كلا التوجهين واقصى يمين واقصى يسار .. (أصل التسمية يمين ويسار يعود إلى المكان في الجمعية التأسيسية لعام 1789 حيث كان يجلس أنصار الملكية , الى اليمين, وأنصار السلطات الجديدة, الى اليسار, وهذا الفصل بين المواقع مازال معمول به إلى اليوم) . من الجدير بالذكر أن في الانتخابات التشريعية لعام 2002 قد استُعملت أكثر من 50 سمة حزبية.
لم تكن فرنسا أول البلدان الغربية التي تظهر فيه الأحزاب السياسية. فظهورها ارتبط بالنظام البرلماني في القرن السابع عشر في بريطانيا الملكية. حين تطورت الكتل النيابية إلى حزب سياسي بالمعنى الحالي. كما ظهرت أحزاب من خارج البرلمان منبثقة عن التنظيمات التي لم تكن بالضرورة سياسية. فحزب العمال البريطاني تشكل من اتحاد النقابات العمالية. وقد حلت الأحزاب السياسية محل الكتل النيابية واللجان المحلية للنبلاء. توجه نشاطها بالدرجة الأولى للانتخابات التي لم تعد النقابات تعطيها أولويتها تاركة ذلك للأحزاب. وعليه تفردت هذه الاخيرة بخصائص مختلفة عن تلك التي تُعرف بها النقابات, و جماعات الضغط, أو الحركات الأخرى.
في فرنسا كان يجب انتظار أواخر القرن التاسع عشر لظهور المفهوم الحديث للأحزاب السياسية. في الأيام الأولى للثورة الفرنسية 1789 ظهرت نواد club تشبه من بعض الوجوه الأحزاب السياسية الحديثة. ومنها ناد اليعقوبيين وكان من أهم أعضائه روبسبيير (1758 ـ 1794 ) و سان غيست (1767 ـ 1794 ) .
حسب القاموس الفرنسي" روبير" يعود أصل كلمة " حزب " إلى المصطلحات العسكرية . وأصبحت تعني في بداية القرن العشرين "مجموعة أشخاص تدافع عن نفس الرأي". ومن أشهر التعاريف التي أعطيت للأحزاب السياسية تعريف جوزيف بالومبرا وماريون وينار, على أنها تمتاز بأربعة خصائص أساسية: وجود تنظيم دائم. كامل. إرادة ممارسة مباشرة للسلطة. إرادة البحث عن مساندة شعبية. ولعل التعريف الأكثر استعمالا هو أن الحزب السياسي عبارة عن جمعية منظمة بشكل دائم متواجد على كامل إقليم الدولة بهدف للوصول إلى السلطة وممارستها على المستوى الوطني.
يرى موريس ديفرجيه ان نظام الأحزاب هو نتيجة عوامل عديدة ومعقدة. منها العام. ومنها ما هو خاص بكل بلد. ويمكن حصر العوامل العامة في ثلاثة أساسية: عوامل اجتماعية و اقتصادية تتعلق بشكل أساسي بتأثير البناء الطبقي الاجتماعي على الأحزاب السياسية وهذا التأثير كبير. عقائدية. فالعقائد السياسية تتعلق بالوضع الطبقي. عوامل تقنية متعلقة بالانتخاب. أما فيما يتعلق بالعوامل الخاصة بكل بلد فيمكن الإشارة إلى: التقاليد والتاريخ , والمعتقدات الدينية , والتركيب الاثني, والتنافس القومي.
في الإطار القانوني لتنظيم الأحزاب أشارت المادة الرابعة من العنوان الآول, من الدستور الفرنسي ( للجمهورية الخامسة) إلى أن الأحزاب والتجمعات السياسية تساهم في التعبير عن الاقتراع. تتشكل وتمارس نشاطها بحرية. ويجب أن تحترم مبدأ السيادة القومية والديمقراطية. ولم يشر الدستور إلى الأحزاب إلا على أنها مساهمة في النشاط الانتخابي متجاهلا أدوارها الأخرى في الحياة الديمقراطية. ولم يضع أية قيود على تشكيلها أو عملها ونشاطها, وحريتها مطلقة طالما بقيت تحترم المبادئ الأساسية للنظام السياسي.
تصنيف الأحزاب السياسية الفرنسية.
تتشكل هذه الاحزاب, وتمارس نشاطها بحرية كاملة, وعليها, وهما كانت توجهاتها, احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية ..ويشمن القانون التعبير المتعدد عن الآراء والمشاركات المنصفة للاحزاب والتجمعات السياسية في الحياة الديمقراطية للوطن.
سنكتفي هنا بالإشارة السريعة لبعض الأحزاب, التي تقع تحت تصنيف اليمين , و تلك التي تصنف على أنها أحزاب يسارية.
يقوم النموذج الفرنسي على التعددية الحزبية. تتنافس فيه الاحزاب السياسية لإيصال ممثليها الى الجمعية الوطنية, وبالتالي لجعل مشاريعها التي تناضل من اجلها واقعا ملموسا تستند عليه مشروعيتها, ويُمكّنها من النفاذ الى مراكز القرار طيلة وجودها في السلطة, او التأثير فيه ان كانت في موقع المعارضة.
تواجه هذه الأحزاب مشاكل أساسية منذ نشأتها والى اليوم. يمكن حصرها في مشكلتين أساسيتين: الحصول على ثقة المواطنين بها, والتوسع جماهيريا لزيادة عدد أعضائها. فمجموع أعضاء الأحزاب مجتمعة لا يتعدى 500000 عضوا يمثلون 1 % من عدد السكان البالغين. (فرنسوا بلاتون . الأحزاب السياسية في فرنسا 2003). عرف العديد منها تحولات خلال مسيرتها: انشقاقات وتحالفات, واعادة هيكلة, وخاصة قبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية. وحتى تغيرات بأسمائها وبعض توجهاتها المبررة بطبيعة المرحلة.
ومع ذلك فان ثقة المواطنين بهذه, وبشكل خاص منذ تداولها على السلطة منذ عام 1981 ما زالت في تراجع واضح وكارثي احيانا, ويعود ذلك إلى عدم وضوح سياساتها وواقعية مشاريعا التي كثيرا ما تفتقد الى المصداقية ولا تتناسب مع الاحجام الفعلية لبعض تلك الاحزاب. ولتحالفاتها الانتهازية التي كثيرا ما تدهش اعضاءها فضلا عن الناخبين المستقلين. لم يقدم اي منها خلال وجوده في السلطة او المعارضة, حلولا جذية او مرضية نسبيا للمشاكل الرئيسية كالبطالة والتعليم, والصحة والتقاعد والامن ... ولا اهتما حقيقيا وفعالا بمشاكل المواطنين. تهتز هذه الثقة بشكل كبير في كل مرة يتم الكشف فيها عن قضايا الفساد المالي والسياسي التي طالت وتطال العديد منها. يضاعف من ذلك كله التنافس بين قادتها وبين تياراتها والتطلع للسلطة قبل كل شيء.
الدليل المادي على عدم الثقة هذه انه الأغلبية البرلمانية لم تستطع, منذ 20 عاما, الاحتفاظ بسلطتها لأكثر من دورة انتخابية واحدة. وان اعداد الممتنعين عن التصويت في كل انواع الانتخابات, كما تبين الاحصاءات, في تزايد. ويبينه كذلك رفض التصويت لصالح المعاهدة الدستورية الأوروبية لعام 2005 رغم مساندة غالبية الاحزاب السياسية لها. وهذا ما يظهر ان الجمهورية الخامسة لم تعد بخير وان ازماتها في ازدياد. حتى ان افكارا جادة ومسموعة تطالب من وقت لآخر بإصلاحات جوهرية تطال عمق النظام السياسي, وحتى التفكير بإقامة ما يمكن ان يسمى الجمهورية السادسة. قادرة على استيعاب التطورات الحالية للمجتمع الفرنسي, واغناء مواطنية أكثر مساهمة في البناء الديمقراطي. خاصة وان البناء الأوروبي يتطلب التخلي, لصالحه, عن العديد من الخصوصيات المحلية العزيزة على نفوس الفرنسيين.
سوف نشير لاحقا إلى أهم هذه الأحزاب,( دون ادعاء الإحاطة الكاملة بها, فعلى الراغب في ذلك العودة إلى المؤلفات الرئيسية بهذا الشأن ونذكر منها: الأحزاب السياسية. لموريس ديفرجيه.. 1976. الأحزاب السياسية في فرنسا اليوم. لبوريلا فرنسوا. 1990 . . الأحزاب السياسية الفرنسية, الدراسات. الوثائق الفرنسية. 2001, بيرشون . مؤسسات وحياة سياسية. 2005 . إضافة لإعمال ونشرات متخصصة لا يحصى عددها ) .
بعض الاحزاب السياسية لها تاريخ عريق, وبعضها دون تاريخ يذكر, وبعضها ليس الا تجمعات وكتل صغيرة وغير ثابتة تنشأ قبيل الانتخابات الرئاسية او التشريعية وتتلاشى أو تندمج في غيرها بعدها, بحيث يصبح دخولها تحت تعريف الحزب غير دقيق. ورغم ذلك يجري تصنف الاحزاب السياسية الفرنسية, تحت صفتين اساسيين: يمين ويسار. وهناك وسط في كلا التوجهين واقصى يمين واقصى يسار .. (أصل التسمية يمين ويسار يعود إلى المكان في الجمعية التأسيسية لعام 1789 حيث كان يجلس أنصار الملكية , الى اليمين, وأنصار السلطات الجديدة, الى اليسار, وهذا الفصل بين المواقع مازال معمول به إلى اليوم) . من الجدير بالذكر أن في الانتخابات التشريعية لعام 2002 قد استُعملت أكثر من 50 سمة حزبية.
لم تكن فرنسا أول البلدان الغربية التي تظهر فيه الأحزاب السياسية. فظهورها ارتبط بالنظام البرلماني في القرن السابع عشر في بريطانيا الملكية. حين تطورت الكتل النيابية إلى حزب سياسي بالمعنى الحالي. كما ظهرت أحزاب من خارج البرلمان منبثقة عن التنظيمات التي لم تكن بالضرورة سياسية. فحزب العمال البريطاني تشكل من اتحاد النقابات العمالية. وقد حلت الأحزاب السياسية محل الكتل النيابية واللجان المحلية للنبلاء. توجه نشاطها بالدرجة الأولى للانتخابات التي لم تعد النقابات تعطيها أولويتها تاركة ذلك للأحزاب. وعليه تفردت هذه الاخيرة بخصائص مختلفة عن تلك التي تُعرف بها النقابات, و جماعات الضغط, أو الحركات الأخرى.
في فرنسا كان يجب انتظار أواخر القرن التاسع عشر لظهور المفهوم الحديث للأحزاب السياسية. في الأيام الأولى للثورة الفرنسية 1789 ظهرت نواد club تشبه من بعض الوجوه الأحزاب السياسية الحديثة. ومنها ناد اليعقوبيين وكان من أهم أعضائه روبسبيير (1758 ـ 1794 ) و سان غيست (1767 ـ 1794 ) .
حسب القاموس الفرنسي" روبير" يعود أصل كلمة " حزب " إلى المصطلحات العسكرية . وأصبحت تعني في بداية القرن العشرين "مجموعة أشخاص تدافع عن نفس الرأي". ومن أشهر التعاريف التي أعطيت للأحزاب السياسية تعريف جوزيف بالومبرا وماريون وينار, على أنها تمتاز بأربعة خصائص أساسية: وجود تنظيم دائم. كامل. إرادة ممارسة مباشرة للسلطة. إرادة البحث عن مساندة شعبية. ولعل التعريف الأكثر استعمالا هو أن الحزب السياسي عبارة عن جمعية منظمة بشكل دائم متواجد على كامل إقليم الدولة بهدف للوصول إلى السلطة وممارستها على المستوى الوطني.
يرى موريس ديفرجيه ان نظام الأحزاب هو نتيجة عوامل عديدة ومعقدة. منها العام. ومنها ما هو خاص بكل بلد. ويمكن حصر العوامل العامة في ثلاثة أساسية: عوامل اجتماعية و اقتصادية تتعلق بشكل أساسي بتأثير البناء الطبقي الاجتماعي على الأحزاب السياسية وهذا التأثير كبير. عقائدية. فالعقائد السياسية تتعلق بالوضع الطبقي. عوامل تقنية متعلقة بالانتخاب. أما فيما يتعلق بالعوامل الخاصة بكل بلد فيمكن الإشارة إلى: التقاليد والتاريخ , والمعتقدات الدينية , والتركيب الاثني, والتنافس القومي.
في الإطار القانوني لتنظيم الأحزاب أشارت المادة الرابعة من العنوان الآول, من الدستور الفرنسي ( للجمهورية الخامسة) إلى أن الأحزاب والتجمعات السياسية تساهم في التعبير عن الاقتراع. تتشكل وتمارس نشاطها بحرية. ويجب أن تحترم مبدأ السيادة القومية والديمقراطية. ولم يشر الدستور إلى الأحزاب إلا على أنها مساهمة في النشاط الانتخابي متجاهلا أدوارها الأخرى في الحياة الديمقراطية. ولم يضع أية قيود على تشكيلها أو عملها ونشاطها, وحريتها مطلقة طالما بقيت تحترم المبادئ الأساسية للنظام السياسي.
تصنيف الأحزاب السياسية الفرنسية.
تتشكل هذه الاحزاب, وتمارس نشاطها بحرية كاملة, وعليها, وهما كانت توجهاتها, احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية ..ويشمن القانون التعبير المتعدد عن الآراء والمشاركات المنصفة للاحزاب والتجمعات السياسية في الحياة الديمقراطية للوطن.
سنكتفي هنا بالإشارة السريعة لبعض الأحزاب, التي تقع تحت تصنيف اليمين , و تلك التي تصنف على أنها أحزاب يسارية.