منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
By عبدالله المطيري 1
#44424
بعد عشرين عاماً على انتهاء الحرب الباردة تعود إلى الواجهة مرة أخرى قضايا اعتقد الجميع أنها من الماضي، فقد رأينا كيف ضجت شوارع موسكو بالمحتجين المطالبين بوضع حد للحكم السلطوي، وإن كانت موجهة هذه المرة إلى بوتين وليس إلى الحزب الشيوعي الذي قاد البلاد لعقود طويلة قبل انهياره، وفي أوروبا أعادت مسألة حل أزمة الديون السيادية وفقاً للشروط الألمانية إحياء "المسألة الألمانية" وبعثها مجدداً من رماد التاريخ.




لكن في الوقت الذي سيستغرق فيه الأمر بعض الوقت قبل انجلاء الصورة على نحو واضح بالنسبة للنسخة الروسية من "الربيع العربي" المدفوعة بالفيسبوك ومآلات الوضع هناك، تبقى الهيمنة الألمانية المتحققة حالياً على أوروبا واقعاً ملموساً إلى درجة دفعت كاميرون، إلى الانسحاب من أي دور مستقبلي لاتحاد أوروبي تديره ألمانيا مخافة المساس بالسيادة البريطانية، والحقيقة أن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تاتشر، تنبأت قبل فترة طويلة بالتحدي الذي يواجهه "كاميرون" اليوم وتوقعت السيطرة الألمانية على أوروبا.
ففي نقاش صريح على مائدة مستديرة حول الوحدة الألمانية وانتهاء الحرب الباردة جمعها بالرئيس الفرنسي آنذاك ميتران ونظيره الأميركي بوش الأب، وجورباتشوف، الزعيم الأخير للاتحاد السوفييتي ونشرته إحدى الدوريات المتخصصة عام 1995 لم تتردد "تاتشر" في التعبير عن مخاوفها بصراحة ودون مواربة قائلة: "لقد كنت دائماً معارضة للوحدة الألمانية لأسباب وجيهة، فتوحيد ألمانيا سيحولها إلى البلد المهيمن في أوروبا، فالألمان أقوياء وفعالون".

وتابعت رئيسة الوزراء البريطانية موجهة خطابها إلى بوش الأب وجورباتشوف قائلة: "أدرك أنا وميتران هذه الحقيقة، فنحن جلسنا إلى الطاولة مع ألمانيا أكثر من مرة، ونستطيع القول إن ألمانيا ستستغل قوتها، وتستخدم ورقتها، أنها المساهم الأكبر في الاتحاد الأوروبي لتقول لأوروبا: انظروا إني أضخ أموالاً في الاتحاد أكثر من أي طرف آخر ويحق لي إدارة الأمور بالطريقة التي أريد، لقد سمعت هذا الكلام مرات عديدة، وسمعت البلدان الصغيرة في أوروبا توافق ألمانيا الرأي طمعاً في الدعم والمساعدات المالية، لذا لن يصادق البرلمان الألماني على معاهدة ماستريخت إلا إذا استضافت ألمانيا البنك الأوروبي المركزي المسؤول عن العملة الموحدة، فبماذا أجاب الاتحاد الأوروبي؟ لم يتردد في قبول الشرط الألماني"، ثم واصلت "تاتشر" لتعبر تماماً عما يروج في ذهن "كاميرون" هذه الأيام "كل ما يجري الآن في أوروبا يناقض المثل الذي أؤمن به، فبعض الناس يقولون علينا ربط ألمانيا بأوروبا لمنع المشاكل من الظهور مجدداً، حسناً ما قمنا به ليس ربط ألمانيا بأوروبا، بل ربطنا أوروبا بألمانيا بسيطرتها الصاعدة، وهو السبب الذي يدفعني للقول إننا بصدد أوروبا ألمانية"، بيد أنه في ذلك النقاش الذي جرى في عام 1995 لم يشارك بوش ولا جورباتشوف مخاوف تاتشر، حينها أعلن بوش الأب بقوله "شعرت حينها أن الوقت قد جاء لنثق في الألمان أكثر بالنظر إلى الأعمال التي قاموا بها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية". ..



اقرأ المزيد : ألمانيا وقيادة أوروبا - جريدة الاتحاد http://www.alittihad.ae/details.php?id= ... z1h7mzkY8a