منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
By ناصر الخريجي 3
#44771
واجهت إيطاليا عقب الحرب العالمية الأولى أزمة اقتصادية واجتماعية ونفسية حادة، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن فضها وفقدت الدولة هيبتها، واستغـل موسوليني هـذه الأوضاع لتأسيـس الحـزب الفاشـي، الذي تمكن من الوصـول إلـى الحكـم وتشكيـل حكومـة عـام 1922 م. كلمة الفاشية (Faseism)، مستمدة من الكلمة اللاتينية (Faseism)، ومعناها العصبة أو الاتحاد، ومذهب الفاشية له صورتين، صورة سياسية وأخرى اقتصادية، وكان نشوء المذهب في إيطاليا عام 1920 م، على إثر اضطرابات عمالية حاول فيها العمال الاستيلاء على عناصر الإنتاج. وفعلا قاموا بالاستيلاء على بعض المصانع ومنها مصانع شركة (فيات) للسيارات مما أدى إلى شل حركة السوق الاقتصادية، وأوشكت البلاد أن تنهار، وعلى أثر ذلك قام موسوليني بتأييد من جماعات كبيرة وأعاد النظام إلى نصابه وتولى الحكم عن طريق القوة، ومنذ ذلك الحين أقترنت الفاشية باسمه.

ويلخص موسوليني الفاشية بإن إرادة الشعب ليست الوسيلة للحكم وأنما الوسيلة هي القوة وهي التي تفرض القانون.

وتمنح الفاشية السلطة التنفيذية أفضلية كبيرة على حساب السلطة الأخرى، وتتمثل هذه السلطة بشخص رئيس الوزراء موسوليني.

وقد تأثرت الفاشية في هذا المبدأ بحركة النازية في ألمانيا، التي كان يمثلها هتلر عام 1933م، وحركة الفلانجية الأسبانية التي مثلها فرانكو عام 1939م.

ومن وجهة النظر الاقتصادية يقضي هذا النظام بتكوين نقابات من العمال وأرباب العمل، ويفترض بأعضاء هذه النقابات أن يكونوا كلهم من الحزب الفاشي. كما يسعى لأيجاد نوع من التعاون بين الطبقات يؤدي لتحقيق السلام الأجتماعي، ولهذا فهو لا يؤمن بحق الأضراب ولا يستهدف القضاء على الرأسمالية الوطنية.

ويرى أنصار هذا المذهب بأن تدخل الدولة يجب أن يكون فقط عند عدم كفاية المشروعات الفردية. وبأن يأخذ هذا التدخل شكل الرقابة أو تحسين النوعية أو الإدارة المباشرة للمشاريع الاقتصادية في حالة عجز أفرادها عن إدارتها.

شكل من أشكال الحكومات التي يرأسها دكتاتور، وغالبًا ما تنم عن سيطرة الحكومة سيطرة تامة على النشاطات السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية.

والفاشية شبيهة بالشيوعية. على أنها بخلاف الشيوعية ـ التي تملك فيها الحكومة كل الصناعات ـ تبيح الفاشية للصناعة أن تبقى ملكية خاصة، ولكن تحت سيطرة الحكومة. وتشمل المظاهر الأخرى للفاشية التطرف الوطني، والسياسات النازعة للعسكرية، والتوسّع، والغزو واضطهاد الأقليات.

وكلمة فاشية، صفة أيضًا لكل نظام حكم، أو مفهوم سياسي، يشبه حكم بنيتو موسوليني، وأدولف هتلر وسياساتهما. فقد قامت حكومتان فاشيتان في كل من إيطاليا، بقيادة موسوليني من سنة 1922م إلى سنة 1943م، وفي ألمانيا بقيادة هتلر من سنة 1933م إلى سنة 1945م.

تباينت الفاشية من بلد إلى بلد. وتبحث هذه المقالة في الفاشية، كما سادت بصفة خاصة، في إيطاليا تحت حكم موسوليني، وفي ألمانيا تحت حكم هتلر.
الحياة في ظل الفاشية

الحياة السياسية
يأتي الفاشيون إلى السلطة ـ في أغلب الحالات ـ على إثر حدوث انهيار اقتصادي بالبلاد أو هزيمة عسكرية أو كارثة أخرى. ويكسب الحزب الفاشي تأييدًا شعبيًا لما يبذله من وعود بأنه سينعش الاقتصاد، وسيسترد كرامة البلاد. وقد يستغل الفاشيون خوف هذه الشعوب من الشيوعية أو الأقليات. ونتيجة لذلك قد يستحوذ الفاشيون على السلطة عن طريق انتخابات سلمية أو عن طريق القوة.

بعد أن يستولي الحزب الفاشي على السلطة، يتسلم أعضاؤه الوظائف التنفيذية والقضائية والتشريعية في الحكومة. وفي أغلب الحالات يتولى رئاسة الحكومة شخص واحد ـ وغالبًا مايكون ذا نزعة استبدادية وجاذبية لدى الجماهير. وأحياناً، تتولى قيادة الحكومة هيئة من أعضاء الحزب. ولايسمح الفاشيون بقيام حزب آخر أو معارضة لسياستهم.

يؤدي شغف الفاشيين بتمجيد الوطنية إلى ازدياد الروح العسكرية. وقد يجنحون، عندما تزداد القوات المسلحة قوة، إلى غزو بلاد أخرى واحتلالها.

الحياة الاقتصادية
تسمح الفاشية، بل وتشجع النشاط الاقتصادي الخاص، ما دام يخدم أهداف الحكومة. بيد أن الفاشية تسيطر سيطرة تامة على الصناعة للتأكد من أنها تنتج ماتحتاجه البلاد. وتعوق الحكومة الاستيراد بوضع رسوم جمركية عالية على بعض المنتجات الضرورية، أو بحظر استيرادها؛ ذلك أنها لاتريد الاعتماد على بلاد أخرى في المنتجات الحيوية، كالنفط والفولاذ.

وتحظر الحكومة أيضًا الإضرابات؛ حتى لا يضطرب الإنتاج. وتحرم الفاشية النقابات العمالية وتستعيض عنها بشبكة من المنظمات في الصناعات الكبرى. ويطلق على هذه المنظمات التي تتكون من العمال وأصحاب الأعمال، اسم المؤسسات. لكنها تختلف عن تلك التي تنشأ في بلاد أخرى.

الحرية الشخصية
الحرية الشخصية مقيدة تقييدًا شديدًا في ظل الحكومة الفاشية، فعلى سبيل المثال، تقيد الحكومة السفر إلى البلاد الأخرى، وتحد من أي اتصال بشعوبها، وتهيمن على الصحف ووسائل الاتصال الأخرى في بلدها، وتبث الدعاية للترويج لسياساتها، وتمارس رقابة صارمة على المطبوعات لقمع الآراء المناوئة لها. ويفرض على كل الأطفال الالتحاق بمنظمات الشباب، حيث يتدربون على المسيرات ويتعلمون المفاهيم الفاشية. وتسحق الشرطة السرية أية مقاومة. وقد تؤدي المعارضة إلى السجن والتعذيب والموت.

يعتبر الفاشيون كل الشعوب الأخرى أدنى من قوميتهم التي ينتمون إليها، لذلك قد تضطهد الحكومة الفاشية أو تقتل حتى الغجر أو من ينتمون إلى أقليات أخرى.

يفترض في المؤسسات الفاشية أن تمثل العمال وأصحاب العمل معًا. وفي حقيقة الأمر فإن هذه المؤسسات تخضع لسيطرة الحكومة، وعن طريقها تحدد الحكومة الأجور، وساعات العمل، وأغراض الإنتاج. لهذا السبب يسمى البلد الفاشي أحياناً دولة.