صفحة 1 من 1

من عادات العرب قبل الاسلام

مرسل: الأربعاء ديسمبر 21, 2011 8:46 am
بواسطة سعد عبدالله 1
من يطلع على عادات العرب قبل الاسلام ، يستطيع ان يتزود ببعض ما يعينه على قراءة ما يدور حوله من سلوك ، على صعيد الفرد ، أو على صعيد الفئة . وقد حرصت ان تكون المادة غير ثقيلة كثيرا ، لنحاول فيما بعد ان نقدم بعض التفاصيل في شؤون حياتية أخرى .

[] فمن ذلك ما كانوا يفعلونه في أسفارهم إذ كان أحدهم اذا خرج إلى سفر عمد إلى صخرة من "الرتم"، فعقد غصناً منها، فاذا عاد من سفره ووجده قد. انحلّ، قال: قد خانتني امرأتي، وإن وجده على حاله قال لم تخني. ويقال لذلك العقد "الرتم" و "الرتمة". وذكر ان الرجل منهم كان اذا سافر عمد إلى خيط فعقده في غصن شجرة أو في ساقها، فاذا عاد نظر إلى ذلك الخيط، فان وجده.بحاله علم ان زوجته لم تخنه، وإن لم يجده أو وجده محلولاً قال: قد خانتني. ويقال: بل كانوا يعقدون طرفاً من غصن الشجر بطرف غصن آخر.

[] ومن اعتقادهم في السفر ان من خرج في سفر والتفت وراءه لم يتم سفره. فان التفت تطير، وفسره بالعودة. فلذلك لا يلتفت إلا العاشق الذي يريد العود، ومنها التصفيق: كانوا اذا ضل الرجل منهم في الفلاة، قلب ثيابه، وحبس ناقته، وصاح في أذنها كأنه يومئ إلى إنسان، وصفق بيديه: الوحا الوحا، النجا النجا، هيكل، الساعة الساعة، إليّ إلي"، عجّل، ثم يحرك الناقة فيهتدي. قال الشاعر:
وأذن بالتصفيق من ساء ظنه ............ فلم يدرِ من أي اليدين جوابها

[] وكان أحدهم اذا أراد دخول قرية، فخاف وباءها أو جنهّا، وقف على بابها قبل ان يدخلها، فنهق نهيق الحمار، ثم علق عليه كعب أرنب، كأن ذلك عوذة له ورقية من الوباء والجن. ويسمون هذا النهيق التعشير.

[] وأوجدوا لدوام الحب علاجاً، هو شق الرداء والبرقع. زعموا أن المرأة إذا أحبت رجلاً أو أحبها ثم لم تشق عليه رداءه ، ويشق عليها برقعها، فسد حبهما، فإذا فُعل ذلك دام حيهما.

[] وتعالج "الخطفة" و "النظرة" عند الصبيان بتعليق سن ثعلب، أو سن هرة على الصبي، فان تلك الأسنان تهرٌب الجن. ويهربها كذلك تنقيط شيء من صمغ "السمرة" "حيض السمرة"، وهي شجرة من شجر الطلع، بين عيني النفسَاء، وخط شيء منه على وجه الصبي خطاً، فلا تجرؤ الجنية على التقرب من الصبي، ويقال لذلك "النفرات". فاذا قال لها صواحباتها في ذلك، قالت: كانت عليه نفرهْ ثعالب وهرره.

[] وعادة أخذ الغلام اذا ثغر، السن الساقط ووضعه إياه بين السبابة والإبهام، واستقبال الشمس، وقذف السن في عينها، لا تزال معروفة حتى الآن، وهم يقولون في ذلك: "أبدليني بسن أحسن. منها، ولتجر في ظلمها إياتك"، أو "أبدليني أحسن منها، أمن على أسنانه العوج، والفلجَ، والثعل،. قال طرفة:
بدلته الشمس من منِبـتـه......... برداً أبيضَ مصقول الأُشّر .


[] وزعموا أن من أصيب ب "الهُدَ بِد"، وهو "العشَا" يكون في العين عمد إلى سنام فقطع منه قطعة، ومن الكبد قطعة، وقلاهما، وقال عند كل لقمة يأكلها بعد أن يمسح جفنه الأعلى بسبابته: فيا سناماً وكَبِـد ألا اذهبا بالهُدَبدٌ .

[] وفي حركات الإنسان دليل ومعان تنبئ عن أشياء. فإذا اختلجت العين دل، ذلك على توقع قدوم شخص غائب محبوب، ولا تزال هذه العادة باقية عند الناس اليوم، ومن عاداتهم أن أحدهم اذا خدرت رجله، ذكر أحب الناس إليه، فتنبسط.

[] وإذا طالت علة الواحد فهم، وظنوا ان به مساً من الجن، لأنه قتل حية أو يربوعاً أو قنفذاً، عملوا جمالاً من طين، وجعلوا عليها جوالق وملئوها حنطة وشعيراً وتمراً، وجعلوا تلك الجمال في باب جحر الى جهة المغرب وقت غروب الشمس، وباتوا ليلتهم تلك، فاذا أصبحوا، نظروا إلى تلك الجمال الطين، فاذا رأوا أنها بحالها، قالوا: لم تقبل الهدية، فزادوا فيها، وإن رأوها قد تساقطت وتبدد ما عليها من الميرة قالوا: قد قبلت الدية، واستدلوا على شفاء المريض، وفرحوا، وضربوا بالدف .

[] ومن وسائل إبعاد الجن عن الناس، وإبعاد عيونهم عنهم، تعليق كعب الأرنب. يقولون إن من فعل ذلك لم تصبه عين ولا سحر، وذلك لأن الجن تهرب من الأرنب، لأنها ليست من مطايا الجن، لأنها تحيض.

[] وكانت العرب اذا أجدبت، وأمسكت الماء عنهم، وتضايقوا من انحباس المطر، وأرادوا ان يستمطروا، عمدوا إلى السلع والعُشَر، فحزموهما، وعقدوهما في أذناب البقر، و أضرموا فيها النيران، وأصعدوها في موضع وعر، واتبعوها، يدعون الله ويستسقون، و إنما يضرمون النار في أذناب البقر تفاؤلاً للبرق بالنار. وكانوا يسوقونها نحو المغرب من دون الجهات. ويقال لهذا الفعل "التسليع". وذكر ان التسليع في الجاهلية انهم كانوا اذا أسنتوا، أي أجدبوا، علقوا السلع مع العشر بأذناب البّقْر وحدروها من الجبال وأشعلوا في ذلك السلع والعشر النار يستمطرون بذلك. ونجد من الرواة من يقول: حدروها من الجبال وأشعلوا في ذلك السلع والعشر النار، ومنهم من يقول: ثم يضرمون فيها النار،وهم يصعدونها في الجبل، فيمطرون .

[] وزعموا ان "سهيلاً" كان عشّارأَ على طريق اليمن ظلوماً فمسخه الله كوكباً. وعرف بأنه نجم يماني عند طلوعه تنضج الفواكه وينقضي القيظ.

[] ومن أساطيرهم ما تحدثوا به عن "برد العجوز"، حدثوا ان عجوزاً دهرية كاهنة من العرب كانت تخبر قومها ببرد يقع في أواخر الشتاء وأوائل الربيع فيسوء أثره على المواشي، فلم يكترثوا بقولها، وجزوا أغنامهم: واثقين بإقبال الربيع، فلم يلبثوا إلا مديدة حتى وقع برد شديد، أهلك الزرع والضرع، فقالوا هذا برد العجوز. يعنون العجوز التي كانت تنُذر به.
وحدثوا: أن عجوزاً كانت بالجاهلية، ولها ثمانية بنين، فسألتهم أن يزوجوها وألحت عليهم، فتآمروا بينهم، وقالوا: إن قتلناها لم نأمن عشيرتها، ولكن نكلفها البروز للهواء ثماني ليال، لكل واحد منا ليلة. فقالوا لها: ان كنت تزعمين أنك شابة،. فابرزي للهواء ثماني ليال، فإننا نزوّجك بعدها، فوعدت بذلك، وتعرت تلك الليلة والزمان شتاء كلب، و برزت للهواء. وفعلت مثل ذلك في الليل الآخر، فلما كانت الليلة السابعة، ماتت