تاريخ دوله اسرائيل
مرسل: الأربعاء ديسمبر 21, 2011 9:52 am
في أيار عام 1948 أُعلن عن تأسيس دولة اسرائيل بموجب قرار الأمم المتحدة الخاص بالتقسيم (1947). وبعد أقل من 24 ساعة قامت الجيوش النظامية لمصر، الأردن، سوريا، لبنان والعراق بغزو البلاد، واضطرت اسرائيل إلى الدفاع عن سيادتها المستعادة في أرض الآباء والأجداد. وقام جيش الدفاع الإسرائيلي، الذي كان قد تشكل قبل ذلك بوقت قصير وكان يفتقر إلى التجهيزات العسكرية، بالتصدي للغزاة بشجاعة فيما عرف بعد ذلك بوقت قصير بحرب الإستقلال. فقد جرت معارك ضارية ومتقطعة استمرت 15 شهراً وتسببت في سقوط أكثر من 6,000 من الإسرائيليين (حوالي 1% من مجموع سكان البلاد من اليهود في ذلك الحين).
خلال الأشهر الأولى من عام 1949 جرت مفاوضات مباشرة تحت رعاية الأمم المتحدة بين اسرائيل وكل من الدول الغازية (باستثناء العراق الذي رفض التفاوض مع اسرائيل). وأسفرت المفاوضات عن اتفاقيات هدنة عكست بالفعل ما كانت الاوضاع عليه لدى وقف القتال. وبناء على ذلك فقد شملت السيادة الإسرائيلية السهل الساحلي والجليل والنقب بأكمله. أما يهودا والسامرة (الضفة الغربية) فقد أصبحت تحت الحكم الأردني، في حين أضحى قطاع غزة تحت ادارة مصرية. وتم تقسيم القدس حيث سيطر الأردن على الشطر الشرقي منها وسيطرت اسرائيل على الشطر الغربي من المدينة.
بناء الدولة
بعد أن وضعت الحرب أوزارها ركزت اسرائيل جهودها على بناء الدولة التي كافح الشعب مدة طويلة لإستعادة استقلالها. وعقدت الكنيست الأولى (البرلمان) التي تضم 120 عضواً أولى جلساتها في أعقاب الإنتخابات العامة (25 كانون الثاني عام 1949) والتي اشترك فيها حوالي 85% من أصحاب حق الإقتراع. وتولى رجلان من بين الذين قادوا اسرائيل لتصبح دولة مستقلة زعامة البلاد: دافيد بن غوريون، الذي اشغل منصب رئيس الوكالة اليهودية انتخب أول رئيس للوزراء؛ وحاييم فايتسمان، الذي تولى رئاسة المنظمة اليهودية العالمية اختير أول رئيس للدولة. وفي 11 أيار عام 1949 تبوأت اسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة بصفتها العضو الـ 59 في المنظمة الدولية.
وتماشياً مع مبدأ "جمع الشتات" الكامن في صلب كيان الدولة، فتحت اسرائيل أبوابها على مصراعيها مؤكدة بذلك حق كل يهودي في القدوم إلى البلاد والحصول فور وصوله على الجنسية الإسرائيلية. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من الإستقلال وصل إلى البلاد حوالي 50,000 من القادمين الجدد، معظمهم ممن نجوا من الكارثة النازية. وفي نهاية عام 1951، كان قد وصل إلى البلاد 687,000 نسمة، بينهم أكثر من 300,000 من اللاجئين من الدول العربية، وتضاعف بذلك عدد السكان اليهود.
ونظراً للأزمة الإقتصادية الناجمة عن حرب الإستقلال، والحاجة إلى توفير متطلبات العدد المتزايد من السكان، لم يكن مناص من اتباع سياسة تقشف في الداخل والحصول على مساعدات مالية من الخارج. واستخدمت المساعدات الإقتصادية الأمريكية والقروض التي قدمتها بنوك أمريكية، ومساعدات يهود المهجر والتعويضات الألمانية في أعقاب الحرب، استخدمت لبناء المساكن، ومكننة الزراعة، وإنشاء أسطول تجاري وشركة وطنية للطيران، واستغلال المعادن الكامنة في البلاد، وتطوير الصناعات، وتوسيع شبكة الطرق، وشبكات الإتصالات والكهرباء.
ومع انتهاء العقد الأول من إقامة الدولة تضاعف الإنتاج الصناعي، كما تضاعف عدد المستخدمين، وازدادت الصادرات الزراعية بأربعة أضعاف. واتسعت مساحة الأراضي المزروعة بدرجة ملحوظة، فتم تحقيق الإكتفاء الذاتي في جميع المنتجات الغذائية الأساسية ما عدا اللحوم والحبوب. وتم تشجير حوالي 50,000 اكر (20,000 هكتار) من الأراضي القاحلة، كما غرست الأشجار على امتداد 500 ميل (800 كم) من الطرق الرئيسية.
وشهد الجهاز التعليمي، الذي كان قد تطور في المجتمع اليهودي قبل قيام الدولة، توسعاً عظيماً وأصبح يشمل القطاع العربي أيضاً. وأصبحت الدراسة مجانيةً وإلزامية بالنسبة لجميع الأطفال تتراوح اعمارهم بين 5 و14 (منذ 1978 أصبحت إلزاميةً حتى سن 16 ومجانية حتى سن 18). وازدهرت الأنشطة الثقافية والفنية حيث امتزجت العناصر الشرق أوسطية والغربية وعناصر من شمال افريقيا. فقد جلب اليهود الذين قدموا من مختلف أنحاء العالم تقاليدهم الخاصة بالإضافة إلى ألوان مختلفة من الثقافة والحضارة السائدة في الأقطار التي عاشوا فيها خلال سنوات عديدة. وحين احتفلت اسرائيل بعيد استقلالها العاشر تجاوز عدد السكان مليوني نسمة.
حملة سيناء (1956)
مع ذلك القت مشاكل امنية خطيرة بظلالها على هذه السنوات من بناء الدولة. فإتفاقيات الهدنة التي وقعت عام 1948 لم تنجح في تمهيد الطريق إلى سلام دائم ، بل أنها خُرقت باستمرار. وعلى نقيض قرار مجلس الأمن الدولي في 1 أيلول عام 1951، حظر حركة ملاحة من وإلى اسرائيل في قناة السويس، وشدد الحصار على مضايق تيران. وتصاعدت عمليات القتل والتخريب ضد اسرائيل من جانب عصابات إرهابية تسللت من الدول العربية المجاورة؛ وتحولت شبه جزيرة سيناء تدريجياً إلى قاعدة ضخمة للقوات المصرية المسلحة.
وفي أعقاب التوقيع على معاهدة عسكرية ثلاثية بين مصر وسوريا والأردن (تشرين الأول اكتوبر عام 1956)، ازداد التهديد الفوري على كيان الدولة. وتمكن جيش الدفاع الإسرائيلي، خلال حملة استمرت ثمانية أيام من احتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء برمتها، حيث توقف على بعد 10 أميال (16 كم) شرقي قناة السويس. وبعد أن أصدرت الأمم المتحدة قراراً يقضي بمرابطة قوة طوارئ دولية على امتداد الحدود المصرية الإسرائيلية والتزمت مصر بضمان حرية الملاحة في خليج إيلات، وافقت اسرائيل على الإنسحاب على مراحل (تشرين الثاني نوفمبر 1956- آذار مارس 1957) من المناطق التي كانت قد احتلتها قبل ذلك بأسابيع معدودة. ونتيجة لذلك اعيد فتح مضائق تيران وأتيحت الفرصة لتطوير التجارة بين اسرائيل ودول آسيا وافريقيا، ولإستيراد النفط من الخليج الفارسي.
سنوات توطد الدولة وترسخها
خلال العقد الثاني من قيام الدولة (1958-1968) تضاعف حجم الصادرات، وازداد الناتج القومي الاجمالي بحوالي 10% سنوياً. وأصبحت اسرائيل تنتج محلياً منتجات كانت تستوردها قبل ذلك مثل الورق، إطارات السيارات، أجهزة الراديو والبرادات. وسجلت اسرع وتيرة للنمو في الفروع الصناعية الجديدة مثل المعادن والمكائن والكيماويات والإلكترونيات. ونظراً لاقتراب السوق المحلية للأغذية المنتجة في البلاد نقطة الإشباع، فقد بدأ القطاع الزراعي ينتج محاصيل متنوعة تستغل في صناعة الأغذية إلى جانب المنتجات الطازجة للتصدير. وأنشئ ميناء جديد عميق المياه على ساحل المتوسط في أشدود، إضافة إلى ميناء حيفا، لمواجهة الزيادة في حجم التبادل التجاري.
وشيد في القدس مقر دائم للكنيست، كما أقيمت مبان جديدة لمركز هداسا الطبي والجامعة العبرية في أماكن بديلة لتحل محل المباني الأصلية على جبل سكوبس، التي اضطرت اسرائيل إلى تركها في أعقاب حرب الإستقلال. وفي نفس الوقت أقيم متحف اسرائيل بهدف جمع وحفظ الكنوز الحضارية والفنية للشعب اليهودي، إضافة إلى اجراء ابحاث حولها وعرضها على الجمهور.
واتسع نطاق العلاقات الخارجية لإسرائيل باستمرار، إذ تطورت علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، دول رابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث) وكذلك مع معظم دول أمريكا اللاتينية وافريقيا ومع عدد من الدول الآسيوية. وبادرت اسرائيل إلى تنظيم دورات مكثفة للتعاون الدولي، إذ تعاون المئات من الأطباء الإسرائيليين والمهندسين والمعلمين والمهندسين الزراعيين وخبراء الري ومرشدي الشباب مع زملائهم في الدول النامية في إطار مشاريع مشتركة. وفي عام 1965 تم تبادل السفراء بين اسرائيل وجمهورية المانيا الفيدرالية. وكانت هذه الخطوة قد تأجلت بسبب الذكريات المريرة التي حملها الشعب اليهودي من الجرائم التي اقترفها الحكم النازي ضد اليهود (1933-1945). وسبق تطبيع العلاقات بين البلدين نقاش حاد ومعارضة عنيفة.
محاكمة آيخمان
في أيار مايو عام 1960، جلب إلى البلاد أدولف آيخمان، أحد المدبرين الرئيسيين للمخطط النازي للقضاء على اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، وتم تقديمه للمحاكمة بموجب القانون الاسرائيلي بشأن معاقبة النازيين والمتعاونين معهم (قانون العقوبات، 1950). وخلال المحاكمة التي بدأت في نيسان ابريل عام 1961، أُدين آيخمان باقتراف جرائم ضد الانسانية وضد الشعب اليهودي، وحُكم عليه بالإعدام. وقد رفضت المحكمة العليا الاستئناف الذي قدمه، وتم إعدامه شنقاً في 30 أيار مايو عام 1962. وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي تم فيها تنفيذ حكم الإعدام بموجب القانون الاسرائيلي.
حرب الأيام الستة
أخذت الآمال في حلول عقد آخر من الهدوء النسبي تتلاشى مع تصاعد الاعتداءات الإرهابية انطلاقا من مصر والاردن والقصف السوري المستمر على قرى شمال الجليل وتسلح الدول العربية المجاورة. وحين عادت مصر فحشدت قوات عسكرية ضخمة في صحراء سيناء (أيار مايو 1967) وأوعزت إلى القوات الدولية لحفظ السلام (التي كانت مرابطة هناك منذ عام 1957) بمغادرة المنطقة، وفرضت الحصار مجدداً على مضايق تيران، وعقدت معاهدة عسكرية مع الأردن، وجدت اسرائيل نفسها تواجه جيوشاً عربية معادية في جميع الجبهات. وبينما كانت جارات إسرائيل تعد العدة للقضاء على الدولة اليهودية، أقدمت إسرائيل على ممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، لتنزل ضربة استباقية (في الخامس من يونيو حزيران عام 1967) بمصر جنوبا، ثم بالأردن شرقا، ثم بالقوات السورية المتخندقة في هضبة الجولان شمالا.
بعد قتال دام ستة أيام تم تحديد خطوط وقف النار جديدة، حيث أصبحت يهودا والسامرة وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية. ونتيجة لذلك شهدت القرى الشمالية نهاية 19 عاماً من القصف المدفعي المستمر، وتم ضمان حرية حركة الملاحة من إلى اسرائيل في مضايق تيران. وتم توحيد شطري القدس، التي كانت مدينة مقسمة تحت الحكم الإسرائيلي والأردني منذ عام 1949 فاصبحت تحت حكم اسرائيل.
من حرب إلى حرب
مع إنتهاء حرب الأيام الستة كان التحدي الدبلوماسي الذي واجه اسرائيل هو ترجمة إنجازاتها العسكرية إلى سلام دائم يستند إلى قرار مجلس الأمن 242 الذي دعا إلى "الإعتراف بسيادة ووحدة اراضي كل دولة وكذلك استقلالها السياسي وحقها في العيش في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وألا تتعرض للتهديدات أو لاستخدام القوة ضدها." ومع ذلك، فإن الموقف العربي كما تمت صياغته في قمة الخرطوم (آب اغسطس 1967) أكد أنه "لا سلام مع إسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل ولا اعتراف بإسرائيل". وفي أيلول عام 1968 بادرت مصر إلى "حرب استنزاف"، إلى جانب عمليات عسكرية متفرقة على امتداد ضفتي قناة السويس. وتصاعدت هذه الأعمال إلى قتال شامل على المستوى المحلي، وتسببت في خسائر فادحة لكلا الجانبين. وانتهت الأعمال العدوانية في عام 1970 حين وافقت مصر وإسرائيل على وقف النار على امتداد قناة السويس.
حرب يوم الغفران (اكتوبر 1973)
ثلاث سنوات من الهدوء النسبي على امتداد الحدود انتهت في يوم الغفران، وهو أقدس أيام السنة لدى اليهود، حين شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً ومنسقاً ضد اسرائيل (6 تشرين الأول نوفمبر عام 1973). واجتازت القوات المصرية قناة السويس واقتحمت القوات السورية هضبة الجولان. وخلال الأسابيع الثلاثة التالية قلب جيش الدفاع الإسرائيلي ميزان المعركة إذ تصدى للمعتدين واجتاز قناة السويس وتقدم ليرابط على مسافة 32 كم (20 ميلاً) من دمشق. وأسفرت مفاوضات شاقة استمرت عامين بين اسرائيل ومصر وبين اسرائيل وسوريا عن اتفاقيات لفصل القوات، انسحبت اسرائيل بموجبها من قسم من الأراضي التي إحتلتها خلال الحرب.
عملية سلامة الجليل (1982)
إن خط الحدود الدولية بين اسرائيل ولبنان لم يكن أبداً موضع خلاف بين الدولتين . ولكن حين اخذت منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان مقرا لقواتها، بعد أن طردت من الأردن (1970)، وقامت باعتداءات إرهابية متكررة ضد قرى ومدن شمال اسرائيل (الجليل)، ادت الى العديد من الخسائر بالأرواح وأضرار مادية كبيرة، اجتازت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي الحدود ودخلت لبنان (1982). وأسفرت عملية "سلامة الجليل" عن إزالة القسم الأكبر من البنية التحتية التنظيمية والعسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية من تلك المنطقة. ومنذ ذلك الحين ولمدة 18 عاما ، احتفظت اسرائيل بمنطقة أمنية صغيرة بجنوب لبنان، تتاخم حدودها الشمالية، لتأمين سلامة سكانها في الجليل إزاء الاعتداءات المستمرة من جانب عناصر عدوانية.
حرب لبنان الثانية (2006)
في شهر مايو أيار من عام 2000، سحبت إسرائيل جميع قواتها من المنطقة الأمنية في جنوب لبنان. ولكن لبنان أخفق في الالتزام بقراري مجلس الأمن الدولي 425 و 1559، واللذين يدعوان إلى تفكيك حزب الله ونشر قوات الجيش اللبناني في جنوب لبنان.
ونتيجة هذا الإخفاق، اندلع العنف في يوليو تموز 2006، إثر إقدام حزب الله على خطف جنديين إسرائيليين وقصف قرى ومدن الشمال الإسرائيلي. وخلال القتال الذي أعقب ذلك، والذي عرف لاحقا بحرب لبنان الثانية، تم إطلاق ما يربو على 4000 صاروخ على أهداف مدنية داخل إسرائيل. وانتهى القتال في أغسطس آب 2006، حيث صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والداعي إلى الإفراج غير المشروط عن الجنديين الإسرائيليين المخطوفين ونشر قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان – اليونيفيل - وقوات الجيش اللبناني في جميع أنحاء الجنوب اللبناني، بالإضافة إلى فرض حظر على توريد الأسلحة إلى الجماعات اللبنانية المسلحة.
2008 (الرصاص المصبوب) عملية غزة
في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة و 4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية، كما وصول حماس إلى السلطة في انتخابات العام 2007، تفاقم الإرهاب ضد إسرائيل، حيث أطلقت آلاف الصواريخ على جنوب إسرائيل من قطاع غزة، ما نتج عنه إلحاق أضرار بالممتلكات وإصابة سكان جنوب البلاد بجراح منها الجسدي ومنها النفسي خلق وضع اضطرت معه إسرائيل إلى تنفيذ عملية عسكرية، هي عملية الرصاص المصبوب التي بدأت في 27 ديسمبر كانون الأول 2008، لتصل نهايتها في 18 يناير كانون الثاني 2009.
دولة إسرائيل- من الحرب إلى السلام
في عام 1977 أسفرت الإنتخابات للكنيست عن فوز كتلة الليكود وهي ائتلاف من أحزاب اليمين والوسط بالحكم، ووضعت بذلك حدًا ل 30 سنة من حكم حزب العمل. وأكد رئيس الوزراء الجديد مناحيم بيغين فور تسلمه زمام الحكم التزامه بوعود رؤساء حكومات اسرائيل السابقين بالسعي الى إحلال سلام دائم في المنطقة، ودعا زعماء الدول العربية الى الجلوس الى طاولة المفاوضات.
وتم كسر الحلقة المفرغة من رفض الدول العربية لنداءات السلام الإسرائيلية حين قام رئيس مصر الراحل أنور السادات بزيارة القدس (تشرين الثاني نوفمبرعام 1977)، واعقبت هذه الزيارة مفاوضات بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة. وشملت اتفاقيات كامب ديفيد (أيلول سبتمبر 1978) إطاراً لإحلال سلام شامل في الشرق الأوسط، وتضمنت مشروعاً مفصلاً لحكم ذاتي للفلسطينيين.
وفي 26 آذار مارس عام 1979 وقعت اسرائيل ومصر على معاهدة سلام في واشنطن، وانتهت بذلك فترة 30 سنة من الحرب بينهما. وبموجب نصوص المعاهدة انسحبت اسرائيل من شبه جزيرة سيناء، وتم استبدال خطوط وقف النار وخطوط اتفاقيات الهدنة السابقة بحدود دولية ومعترف بها من الجانبين.
أدت ثلاث سنوات من المفاوضات بين الأردن واسرائيل في أعقاب مؤتمر مدريد (1991) إلى صدور بيان للملك حسين ورئيس الوزراء يتسحاق رابين (تموز 1994) ينهي حالة الحرب بين البلدين التي دامت 46 عاماً. وتم التوقيع على معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في معبر العربا (قرب إيلات في اسرائيل وقرب العقبة في الأردن) في 26 تشرين الأول عام 1994، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون.
تحديات داخلية
خلال الثمانينات والتسعينات استوعبت اسرائيل أكثر من مليون قادم جديد معظمهم من أقطار الإتحاد السوفياتي سابقاً وأوروبا الشرقية وأثيوبيا. وأدى تدفق هذا العدد الضخم من القادمين الجدد الذين يشكلون قوة استهلاكية كبيرة ويضمون عددا كبيرا من المستخدمين بالاضافة الى اشخاص ذوي الكفاءات وعمال بسطاء، إلى جانب إجراءات صارمة لكبح جماح التضخم المالي، إلى فترة من النمو الإقتصادي السريع .
في أعقاب الإنتخابات للكنيست عام 1984 تم تشكيل حكومة تتألف من الكتلتين السياسيتين الكبيرتين: كتلة حزب العمل (يسار/وسط) وكتلة حزب الليكود (يمين/وسط). وفي عام 1988 أقيمت بعد الإنتخابات حكومة بزعامة الليكود؛ وبعد أن أتمت أربع سنوات في الحكم، أعقبتها في عام 1992 حكومة ائتلافية ضمت حزب العمل وأحزاباً يسارية صغيرة نسبياً.
إثر اغتيال رئيس الوزراء يتسحاق رابين في 4 تشرين الثاني اكتوبر عام 1995 أجريت انتخابات جديدة. وانتُخب بنيامين نتنياهو من حزب الليكود في انتخابات مباشرة وشكل حكومة ائتلافية برئاسة الليكود. وأقل من ثلاثة سنوات بعد ذلك, انهزمت حكومته.
إن دولة إسرائيل تحيي كل عام الذكرى السنوية لاغتيال رئيس الوزراء يتسحاق رابين. إثر اغتياله في 4 تشرين الثاني اكتوبر عام 1995 بأيدي متطرف يهودي، خيّم على البلاد حزن عميق على رحيل الجندي ورجل الدولة الذي كان قد بدأ طريقه في ساحة القتال ثم قاد شعبه في طريق السلام.
في 1999 انتخب إيهود براك, رئيس حزب "إسرائيل واحدة" (يسار/ مركز) رئيسًا للوزراء وشكل حكومة ائتلافية. وقد اعتزل إيهود براك مهام منصبه في شهر كانون الأول دسمبر 2000. وتولى أريئيل شارون, رئيس حزب الليكود, رئاسة الوزراء منذ مطلع عام 2001 وحتى إصابته بجلطة دماغية في مطلع عام 2006. وخلفه في منصب رئيس الوزراء إيهود أولمرت رئيس حزب "كاديما" الذي بادر إلى تشكيله أريئيل شارون. إثر استقالة إيهود أولمرت، تم انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء في الانتخابات التي أجريت في فبراير شباط 2009، ليقوم بتشكيل حكومة ائتلافية واسعة.
وقد عملت جميع حكومات إسرائيل جاهدة من أجل التوصل إلى السلام المنشود, وتطوير الاقتصاد واستيعاب القادمين الجدد وذلك بموجب مبادئها السياسية.
الإرهاب: إن الإرهاب العربي والفلسطيني ضد إسرائيل كان يُمارَس قبل تأسيس دولة إسرائيل وهو لا يزال يُمارَس. فوقعت الآلاف من الاعتداءات الإرهابية التي أدت إلى مقتل وجرح مدنيين إسرائيليين خلال العقدين الأولين منذ تأسيس الدولة وقبل حرب الأيام الستة عام 1967 ( والتي انتهت بسيطرة إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة). وتولّت منظمة التحرير الفلسطينية لدى تأسيسها في 1964 الدور القيادي في هذه الحملة الإرهابية.
وخلال السبعينات والثمانينات،ارتكبت المنظمات الإرهابية المختلفة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية اعتداءات عديدة داخل إسرائيل وخارجها. وكان أحد أفظع هذه الاعتداءات قتل 11 رياضيًا إسرائيليا خلال دورة الألعاب الأوليمبية في ميونيخ عام 1972.
ورغم التعهد الفلسطيني عام 1993 بالتخلي عن الإرهاب مما يوفّر قاعدة لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، استمرّت الاعتداءات الإرهابية بل شهدت تصعيدًا ملموسًا منذ أيلول سبتمبر 2000، مما أودى بحياة أكثر من ألف مدني إسرائيلي وأدى إلى جرح آلاف الآخرين.
خلال الأشهر الأولى من عام 1949 جرت مفاوضات مباشرة تحت رعاية الأمم المتحدة بين اسرائيل وكل من الدول الغازية (باستثناء العراق الذي رفض التفاوض مع اسرائيل). وأسفرت المفاوضات عن اتفاقيات هدنة عكست بالفعل ما كانت الاوضاع عليه لدى وقف القتال. وبناء على ذلك فقد شملت السيادة الإسرائيلية السهل الساحلي والجليل والنقب بأكمله. أما يهودا والسامرة (الضفة الغربية) فقد أصبحت تحت الحكم الأردني، في حين أضحى قطاع غزة تحت ادارة مصرية. وتم تقسيم القدس حيث سيطر الأردن على الشطر الشرقي منها وسيطرت اسرائيل على الشطر الغربي من المدينة.
بناء الدولة
بعد أن وضعت الحرب أوزارها ركزت اسرائيل جهودها على بناء الدولة التي كافح الشعب مدة طويلة لإستعادة استقلالها. وعقدت الكنيست الأولى (البرلمان) التي تضم 120 عضواً أولى جلساتها في أعقاب الإنتخابات العامة (25 كانون الثاني عام 1949) والتي اشترك فيها حوالي 85% من أصحاب حق الإقتراع. وتولى رجلان من بين الذين قادوا اسرائيل لتصبح دولة مستقلة زعامة البلاد: دافيد بن غوريون، الذي اشغل منصب رئيس الوكالة اليهودية انتخب أول رئيس للوزراء؛ وحاييم فايتسمان، الذي تولى رئاسة المنظمة اليهودية العالمية اختير أول رئيس للدولة. وفي 11 أيار عام 1949 تبوأت اسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة بصفتها العضو الـ 59 في المنظمة الدولية.
وتماشياً مع مبدأ "جمع الشتات" الكامن في صلب كيان الدولة، فتحت اسرائيل أبوابها على مصراعيها مؤكدة بذلك حق كل يهودي في القدوم إلى البلاد والحصول فور وصوله على الجنسية الإسرائيلية. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من الإستقلال وصل إلى البلاد حوالي 50,000 من القادمين الجدد، معظمهم ممن نجوا من الكارثة النازية. وفي نهاية عام 1951، كان قد وصل إلى البلاد 687,000 نسمة، بينهم أكثر من 300,000 من اللاجئين من الدول العربية، وتضاعف بذلك عدد السكان اليهود.
ونظراً للأزمة الإقتصادية الناجمة عن حرب الإستقلال، والحاجة إلى توفير متطلبات العدد المتزايد من السكان، لم يكن مناص من اتباع سياسة تقشف في الداخل والحصول على مساعدات مالية من الخارج. واستخدمت المساعدات الإقتصادية الأمريكية والقروض التي قدمتها بنوك أمريكية، ومساعدات يهود المهجر والتعويضات الألمانية في أعقاب الحرب، استخدمت لبناء المساكن، ومكننة الزراعة، وإنشاء أسطول تجاري وشركة وطنية للطيران، واستغلال المعادن الكامنة في البلاد، وتطوير الصناعات، وتوسيع شبكة الطرق، وشبكات الإتصالات والكهرباء.
ومع انتهاء العقد الأول من إقامة الدولة تضاعف الإنتاج الصناعي، كما تضاعف عدد المستخدمين، وازدادت الصادرات الزراعية بأربعة أضعاف. واتسعت مساحة الأراضي المزروعة بدرجة ملحوظة، فتم تحقيق الإكتفاء الذاتي في جميع المنتجات الغذائية الأساسية ما عدا اللحوم والحبوب. وتم تشجير حوالي 50,000 اكر (20,000 هكتار) من الأراضي القاحلة، كما غرست الأشجار على امتداد 500 ميل (800 كم) من الطرق الرئيسية.
وشهد الجهاز التعليمي، الذي كان قد تطور في المجتمع اليهودي قبل قيام الدولة، توسعاً عظيماً وأصبح يشمل القطاع العربي أيضاً. وأصبحت الدراسة مجانيةً وإلزامية بالنسبة لجميع الأطفال تتراوح اعمارهم بين 5 و14 (منذ 1978 أصبحت إلزاميةً حتى سن 16 ومجانية حتى سن 18). وازدهرت الأنشطة الثقافية والفنية حيث امتزجت العناصر الشرق أوسطية والغربية وعناصر من شمال افريقيا. فقد جلب اليهود الذين قدموا من مختلف أنحاء العالم تقاليدهم الخاصة بالإضافة إلى ألوان مختلفة من الثقافة والحضارة السائدة في الأقطار التي عاشوا فيها خلال سنوات عديدة. وحين احتفلت اسرائيل بعيد استقلالها العاشر تجاوز عدد السكان مليوني نسمة.
حملة سيناء (1956)
مع ذلك القت مشاكل امنية خطيرة بظلالها على هذه السنوات من بناء الدولة. فإتفاقيات الهدنة التي وقعت عام 1948 لم تنجح في تمهيد الطريق إلى سلام دائم ، بل أنها خُرقت باستمرار. وعلى نقيض قرار مجلس الأمن الدولي في 1 أيلول عام 1951، حظر حركة ملاحة من وإلى اسرائيل في قناة السويس، وشدد الحصار على مضايق تيران. وتصاعدت عمليات القتل والتخريب ضد اسرائيل من جانب عصابات إرهابية تسللت من الدول العربية المجاورة؛ وتحولت شبه جزيرة سيناء تدريجياً إلى قاعدة ضخمة للقوات المصرية المسلحة.
وفي أعقاب التوقيع على معاهدة عسكرية ثلاثية بين مصر وسوريا والأردن (تشرين الأول اكتوبر عام 1956)، ازداد التهديد الفوري على كيان الدولة. وتمكن جيش الدفاع الإسرائيلي، خلال حملة استمرت ثمانية أيام من احتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء برمتها، حيث توقف على بعد 10 أميال (16 كم) شرقي قناة السويس. وبعد أن أصدرت الأمم المتحدة قراراً يقضي بمرابطة قوة طوارئ دولية على امتداد الحدود المصرية الإسرائيلية والتزمت مصر بضمان حرية الملاحة في خليج إيلات، وافقت اسرائيل على الإنسحاب على مراحل (تشرين الثاني نوفمبر 1956- آذار مارس 1957) من المناطق التي كانت قد احتلتها قبل ذلك بأسابيع معدودة. ونتيجة لذلك اعيد فتح مضائق تيران وأتيحت الفرصة لتطوير التجارة بين اسرائيل ودول آسيا وافريقيا، ولإستيراد النفط من الخليج الفارسي.
سنوات توطد الدولة وترسخها
خلال العقد الثاني من قيام الدولة (1958-1968) تضاعف حجم الصادرات، وازداد الناتج القومي الاجمالي بحوالي 10% سنوياً. وأصبحت اسرائيل تنتج محلياً منتجات كانت تستوردها قبل ذلك مثل الورق، إطارات السيارات، أجهزة الراديو والبرادات. وسجلت اسرع وتيرة للنمو في الفروع الصناعية الجديدة مثل المعادن والمكائن والكيماويات والإلكترونيات. ونظراً لاقتراب السوق المحلية للأغذية المنتجة في البلاد نقطة الإشباع، فقد بدأ القطاع الزراعي ينتج محاصيل متنوعة تستغل في صناعة الأغذية إلى جانب المنتجات الطازجة للتصدير. وأنشئ ميناء جديد عميق المياه على ساحل المتوسط في أشدود، إضافة إلى ميناء حيفا، لمواجهة الزيادة في حجم التبادل التجاري.
وشيد في القدس مقر دائم للكنيست، كما أقيمت مبان جديدة لمركز هداسا الطبي والجامعة العبرية في أماكن بديلة لتحل محل المباني الأصلية على جبل سكوبس، التي اضطرت اسرائيل إلى تركها في أعقاب حرب الإستقلال. وفي نفس الوقت أقيم متحف اسرائيل بهدف جمع وحفظ الكنوز الحضارية والفنية للشعب اليهودي، إضافة إلى اجراء ابحاث حولها وعرضها على الجمهور.
واتسع نطاق العلاقات الخارجية لإسرائيل باستمرار، إذ تطورت علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، دول رابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث) وكذلك مع معظم دول أمريكا اللاتينية وافريقيا ومع عدد من الدول الآسيوية. وبادرت اسرائيل إلى تنظيم دورات مكثفة للتعاون الدولي، إذ تعاون المئات من الأطباء الإسرائيليين والمهندسين والمعلمين والمهندسين الزراعيين وخبراء الري ومرشدي الشباب مع زملائهم في الدول النامية في إطار مشاريع مشتركة. وفي عام 1965 تم تبادل السفراء بين اسرائيل وجمهورية المانيا الفيدرالية. وكانت هذه الخطوة قد تأجلت بسبب الذكريات المريرة التي حملها الشعب اليهودي من الجرائم التي اقترفها الحكم النازي ضد اليهود (1933-1945). وسبق تطبيع العلاقات بين البلدين نقاش حاد ومعارضة عنيفة.
محاكمة آيخمان
في أيار مايو عام 1960، جلب إلى البلاد أدولف آيخمان، أحد المدبرين الرئيسيين للمخطط النازي للقضاء على اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، وتم تقديمه للمحاكمة بموجب القانون الاسرائيلي بشأن معاقبة النازيين والمتعاونين معهم (قانون العقوبات، 1950). وخلال المحاكمة التي بدأت في نيسان ابريل عام 1961، أُدين آيخمان باقتراف جرائم ضد الانسانية وضد الشعب اليهودي، وحُكم عليه بالإعدام. وقد رفضت المحكمة العليا الاستئناف الذي قدمه، وتم إعدامه شنقاً في 30 أيار مايو عام 1962. وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي تم فيها تنفيذ حكم الإعدام بموجب القانون الاسرائيلي.
حرب الأيام الستة
أخذت الآمال في حلول عقد آخر من الهدوء النسبي تتلاشى مع تصاعد الاعتداءات الإرهابية انطلاقا من مصر والاردن والقصف السوري المستمر على قرى شمال الجليل وتسلح الدول العربية المجاورة. وحين عادت مصر فحشدت قوات عسكرية ضخمة في صحراء سيناء (أيار مايو 1967) وأوعزت إلى القوات الدولية لحفظ السلام (التي كانت مرابطة هناك منذ عام 1957) بمغادرة المنطقة، وفرضت الحصار مجدداً على مضايق تيران، وعقدت معاهدة عسكرية مع الأردن، وجدت اسرائيل نفسها تواجه جيوشاً عربية معادية في جميع الجبهات. وبينما كانت جارات إسرائيل تعد العدة للقضاء على الدولة اليهودية، أقدمت إسرائيل على ممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، لتنزل ضربة استباقية (في الخامس من يونيو حزيران عام 1967) بمصر جنوبا، ثم بالأردن شرقا، ثم بالقوات السورية المتخندقة في هضبة الجولان شمالا.
بعد قتال دام ستة أيام تم تحديد خطوط وقف النار جديدة، حيث أصبحت يهودا والسامرة وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية. ونتيجة لذلك شهدت القرى الشمالية نهاية 19 عاماً من القصف المدفعي المستمر، وتم ضمان حرية حركة الملاحة من إلى اسرائيل في مضايق تيران. وتم توحيد شطري القدس، التي كانت مدينة مقسمة تحت الحكم الإسرائيلي والأردني منذ عام 1949 فاصبحت تحت حكم اسرائيل.
من حرب إلى حرب
مع إنتهاء حرب الأيام الستة كان التحدي الدبلوماسي الذي واجه اسرائيل هو ترجمة إنجازاتها العسكرية إلى سلام دائم يستند إلى قرار مجلس الأمن 242 الذي دعا إلى "الإعتراف بسيادة ووحدة اراضي كل دولة وكذلك استقلالها السياسي وحقها في العيش في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وألا تتعرض للتهديدات أو لاستخدام القوة ضدها." ومع ذلك، فإن الموقف العربي كما تمت صياغته في قمة الخرطوم (آب اغسطس 1967) أكد أنه "لا سلام مع إسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل ولا اعتراف بإسرائيل". وفي أيلول عام 1968 بادرت مصر إلى "حرب استنزاف"، إلى جانب عمليات عسكرية متفرقة على امتداد ضفتي قناة السويس. وتصاعدت هذه الأعمال إلى قتال شامل على المستوى المحلي، وتسببت في خسائر فادحة لكلا الجانبين. وانتهت الأعمال العدوانية في عام 1970 حين وافقت مصر وإسرائيل على وقف النار على امتداد قناة السويس.
حرب يوم الغفران (اكتوبر 1973)
ثلاث سنوات من الهدوء النسبي على امتداد الحدود انتهت في يوم الغفران، وهو أقدس أيام السنة لدى اليهود، حين شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً ومنسقاً ضد اسرائيل (6 تشرين الأول نوفمبر عام 1973). واجتازت القوات المصرية قناة السويس واقتحمت القوات السورية هضبة الجولان. وخلال الأسابيع الثلاثة التالية قلب جيش الدفاع الإسرائيلي ميزان المعركة إذ تصدى للمعتدين واجتاز قناة السويس وتقدم ليرابط على مسافة 32 كم (20 ميلاً) من دمشق. وأسفرت مفاوضات شاقة استمرت عامين بين اسرائيل ومصر وبين اسرائيل وسوريا عن اتفاقيات لفصل القوات، انسحبت اسرائيل بموجبها من قسم من الأراضي التي إحتلتها خلال الحرب.
عملية سلامة الجليل (1982)
إن خط الحدود الدولية بين اسرائيل ولبنان لم يكن أبداً موضع خلاف بين الدولتين . ولكن حين اخذت منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان مقرا لقواتها، بعد أن طردت من الأردن (1970)، وقامت باعتداءات إرهابية متكررة ضد قرى ومدن شمال اسرائيل (الجليل)، ادت الى العديد من الخسائر بالأرواح وأضرار مادية كبيرة، اجتازت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي الحدود ودخلت لبنان (1982). وأسفرت عملية "سلامة الجليل" عن إزالة القسم الأكبر من البنية التحتية التنظيمية والعسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية من تلك المنطقة. ومنذ ذلك الحين ولمدة 18 عاما ، احتفظت اسرائيل بمنطقة أمنية صغيرة بجنوب لبنان، تتاخم حدودها الشمالية، لتأمين سلامة سكانها في الجليل إزاء الاعتداءات المستمرة من جانب عناصر عدوانية.
حرب لبنان الثانية (2006)
في شهر مايو أيار من عام 2000، سحبت إسرائيل جميع قواتها من المنطقة الأمنية في جنوب لبنان. ولكن لبنان أخفق في الالتزام بقراري مجلس الأمن الدولي 425 و 1559، واللذين يدعوان إلى تفكيك حزب الله ونشر قوات الجيش اللبناني في جنوب لبنان.
ونتيجة هذا الإخفاق، اندلع العنف في يوليو تموز 2006، إثر إقدام حزب الله على خطف جنديين إسرائيليين وقصف قرى ومدن الشمال الإسرائيلي. وخلال القتال الذي أعقب ذلك، والذي عرف لاحقا بحرب لبنان الثانية، تم إطلاق ما يربو على 4000 صاروخ على أهداف مدنية داخل إسرائيل. وانتهى القتال في أغسطس آب 2006، حيث صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والداعي إلى الإفراج غير المشروط عن الجنديين الإسرائيليين المخطوفين ونشر قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان – اليونيفيل - وقوات الجيش اللبناني في جميع أنحاء الجنوب اللبناني، بالإضافة إلى فرض حظر على توريد الأسلحة إلى الجماعات اللبنانية المسلحة.
2008 (الرصاص المصبوب) عملية غزة
في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة و 4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية، كما وصول حماس إلى السلطة في انتخابات العام 2007، تفاقم الإرهاب ضد إسرائيل، حيث أطلقت آلاف الصواريخ على جنوب إسرائيل من قطاع غزة، ما نتج عنه إلحاق أضرار بالممتلكات وإصابة سكان جنوب البلاد بجراح منها الجسدي ومنها النفسي خلق وضع اضطرت معه إسرائيل إلى تنفيذ عملية عسكرية، هي عملية الرصاص المصبوب التي بدأت في 27 ديسمبر كانون الأول 2008، لتصل نهايتها في 18 يناير كانون الثاني 2009.
دولة إسرائيل- من الحرب إلى السلام
في عام 1977 أسفرت الإنتخابات للكنيست عن فوز كتلة الليكود وهي ائتلاف من أحزاب اليمين والوسط بالحكم، ووضعت بذلك حدًا ل 30 سنة من حكم حزب العمل. وأكد رئيس الوزراء الجديد مناحيم بيغين فور تسلمه زمام الحكم التزامه بوعود رؤساء حكومات اسرائيل السابقين بالسعي الى إحلال سلام دائم في المنطقة، ودعا زعماء الدول العربية الى الجلوس الى طاولة المفاوضات.
وتم كسر الحلقة المفرغة من رفض الدول العربية لنداءات السلام الإسرائيلية حين قام رئيس مصر الراحل أنور السادات بزيارة القدس (تشرين الثاني نوفمبرعام 1977)، واعقبت هذه الزيارة مفاوضات بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة. وشملت اتفاقيات كامب ديفيد (أيلول سبتمبر 1978) إطاراً لإحلال سلام شامل في الشرق الأوسط، وتضمنت مشروعاً مفصلاً لحكم ذاتي للفلسطينيين.
وفي 26 آذار مارس عام 1979 وقعت اسرائيل ومصر على معاهدة سلام في واشنطن، وانتهت بذلك فترة 30 سنة من الحرب بينهما. وبموجب نصوص المعاهدة انسحبت اسرائيل من شبه جزيرة سيناء، وتم استبدال خطوط وقف النار وخطوط اتفاقيات الهدنة السابقة بحدود دولية ومعترف بها من الجانبين.
أدت ثلاث سنوات من المفاوضات بين الأردن واسرائيل في أعقاب مؤتمر مدريد (1991) إلى صدور بيان للملك حسين ورئيس الوزراء يتسحاق رابين (تموز 1994) ينهي حالة الحرب بين البلدين التي دامت 46 عاماً. وتم التوقيع على معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في معبر العربا (قرب إيلات في اسرائيل وقرب العقبة في الأردن) في 26 تشرين الأول عام 1994، بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون.
تحديات داخلية
خلال الثمانينات والتسعينات استوعبت اسرائيل أكثر من مليون قادم جديد معظمهم من أقطار الإتحاد السوفياتي سابقاً وأوروبا الشرقية وأثيوبيا. وأدى تدفق هذا العدد الضخم من القادمين الجدد الذين يشكلون قوة استهلاكية كبيرة ويضمون عددا كبيرا من المستخدمين بالاضافة الى اشخاص ذوي الكفاءات وعمال بسطاء، إلى جانب إجراءات صارمة لكبح جماح التضخم المالي، إلى فترة من النمو الإقتصادي السريع .
في أعقاب الإنتخابات للكنيست عام 1984 تم تشكيل حكومة تتألف من الكتلتين السياسيتين الكبيرتين: كتلة حزب العمل (يسار/وسط) وكتلة حزب الليكود (يمين/وسط). وفي عام 1988 أقيمت بعد الإنتخابات حكومة بزعامة الليكود؛ وبعد أن أتمت أربع سنوات في الحكم، أعقبتها في عام 1992 حكومة ائتلافية ضمت حزب العمل وأحزاباً يسارية صغيرة نسبياً.
إثر اغتيال رئيس الوزراء يتسحاق رابين في 4 تشرين الثاني اكتوبر عام 1995 أجريت انتخابات جديدة. وانتُخب بنيامين نتنياهو من حزب الليكود في انتخابات مباشرة وشكل حكومة ائتلافية برئاسة الليكود. وأقل من ثلاثة سنوات بعد ذلك, انهزمت حكومته.
إن دولة إسرائيل تحيي كل عام الذكرى السنوية لاغتيال رئيس الوزراء يتسحاق رابين. إثر اغتياله في 4 تشرين الثاني اكتوبر عام 1995 بأيدي متطرف يهودي، خيّم على البلاد حزن عميق على رحيل الجندي ورجل الدولة الذي كان قد بدأ طريقه في ساحة القتال ثم قاد شعبه في طريق السلام.
في 1999 انتخب إيهود براك, رئيس حزب "إسرائيل واحدة" (يسار/ مركز) رئيسًا للوزراء وشكل حكومة ائتلافية. وقد اعتزل إيهود براك مهام منصبه في شهر كانون الأول دسمبر 2000. وتولى أريئيل شارون, رئيس حزب الليكود, رئاسة الوزراء منذ مطلع عام 2001 وحتى إصابته بجلطة دماغية في مطلع عام 2006. وخلفه في منصب رئيس الوزراء إيهود أولمرت رئيس حزب "كاديما" الذي بادر إلى تشكيله أريئيل شارون. إثر استقالة إيهود أولمرت، تم انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء في الانتخابات التي أجريت في فبراير شباط 2009، ليقوم بتشكيل حكومة ائتلافية واسعة.
وقد عملت جميع حكومات إسرائيل جاهدة من أجل التوصل إلى السلام المنشود, وتطوير الاقتصاد واستيعاب القادمين الجدد وذلك بموجب مبادئها السياسية.
الإرهاب: إن الإرهاب العربي والفلسطيني ضد إسرائيل كان يُمارَس قبل تأسيس دولة إسرائيل وهو لا يزال يُمارَس. فوقعت الآلاف من الاعتداءات الإرهابية التي أدت إلى مقتل وجرح مدنيين إسرائيليين خلال العقدين الأولين منذ تأسيس الدولة وقبل حرب الأيام الستة عام 1967 ( والتي انتهت بسيطرة إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة). وتولّت منظمة التحرير الفلسطينية لدى تأسيسها في 1964 الدور القيادي في هذه الحملة الإرهابية.
وخلال السبعينات والثمانينات،ارتكبت المنظمات الإرهابية المختلفة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية اعتداءات عديدة داخل إسرائيل وخارجها. وكان أحد أفظع هذه الاعتداءات قتل 11 رياضيًا إسرائيليا خلال دورة الألعاب الأوليمبية في ميونيخ عام 1972.
ورغم التعهد الفلسطيني عام 1993 بالتخلي عن الإرهاب مما يوفّر قاعدة لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، استمرّت الاعتداءات الإرهابية بل شهدت تصعيدًا ملموسًا منذ أيلول سبتمبر 2000، مما أودى بحياة أكثر من ألف مدني إسرائيلي وأدى إلى جرح آلاف الآخرين.