صفحة 1 من 1

"إسرائيل" بين إرهاب مستوطنيها وسخط العالم عصام نعمان

مرسل: الأربعاء ديسمبر 21, 2011 8:58 pm
بواسطة فهد منيف الشيباني 1
"إسرائيل" بين إرهاب مستوطنيها وسخط العالم عصام نعمان


الحور الاخبارية - رئيس “إسرائيل” شيمون بيريز يشعر “بالخجل الشديد” إزاء موجة مشاريع قوانين “إسرائيلية” جديدة ضد حقوق الإنسان، من شأنها “تشويه صورة “إسرائيل” في العالم” .



رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ساخط على بعض المستوطنين . قال إن فئة منهم “تتحدث عن إجرام أيديولوجي، ولا يوجد شيء اسمه إجرام أيديولوجي بل يوجد إجرام فقط . ليفهم ذلك أنصار “أرض إسرائيل” من داخل الحركة الاستيطانية وخارجها: لن نتحمل مثل هذه الفوضى، إن هذا الأمر الصغير قد يفضي إلى وباء كبير وسنضع له حداً” .


وزير الحرب إيهود باراك اعتبر اعتداء المستوطنين على الجيش “الإسرائيلي” “إرهاباً من صناعة محلية” .



زعيمة المعارضة تسيبي ليفني اتهمت الحكومة بأنها أتاحت بصمتها المتواصل لغلاة المستوطنين الانفلات . قالت إن “عنف المستوطنين هو مرحلة أخرى من التطرف الذي تمر به “إسرائيل” بموافقة الحكومة وصمتها وحتى مشاركتها المباشرة وغير المباشرة” .



الشكوى العارمة من المستوطنين لم تقتصر على قادة “إسرائيل”، إذ امتدت إلى جميع أنحاء العالم . فقد دعا تحالف من 20 منظمة دولية غير حكومية لحقوق الإنسان اللجنة الرباعية الدولية إلى الضغط على “إسرائيل” “لوقف سياستها الاستيطانية فوراً” . أوضح التحالف الذي يضم منظمات “العفو الدولية”، و”هيومن رايتس ووتش” الأمريكية، و”أوكسفام” الدولية، أن عمليات هدم منازل الفلسطينيين ترافقت مع “تسريع عمليات التوسع الاستيطاني ضد السكان الفلسطينيين” . وشجب التحالف “مستوى عنف المستوطنين الذي ارتفع بأكثر من 50 في المئة عام ،2011 وهو الأعلى منذ ،2005 إضافةً إلى أن المستوطنين دمروا وأتلفوا نحو 10 آلاف شجرة زيتون” .



“خجل بيريز الشديد” سببه الظاهري اتجاه الكنيست إلى إقرار مشروع قانون بتجفيف مصادر تمويل المنظمات اليسارية (منظمات حقوق الإنسان)، ومشروع القانون المتعلق بمنع رفع الأذان في المساجد عبر مكبرات الصوت، ومشروع تعديل قانون القذف والتشهير المقيّد للحرية الإعلامية . أما سبب سخطه الباطني فهو خشيته من أن تضاعف هذه القوانين الضغوط التي يمارسها العالم على “إسرائيل”، وأن تفاقِم عزلتها في الساحة الدولية، وأن يتسبّب منع استعمال مكبرات الصوت في المساجد بإثارة غضب المسلمين في العالم، وغضب العالم العربي برمته على “إسرائيل” . ما كان بيريز ليعرب عن “خجله الشديد” لولا أن المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين سبقه إلى معارضة سن قوانين تقيد حرية التعبير . هذه المعارضة دفعت الرئيس الأمريكي أوباما، والرئيس الفرنسي ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون، إلى الاتصال برئيس الحكومة نتنياهو محذرين من إقرار هذه القوانين العنصرية واللاديمقراطية .



أما سخط نتنياهو فمرده إلى حادثين لافتين . في الحادث الأول، اقتحم عشرات المستوطنين المعروفين بِ “شباب التلال” منطقة عسكرية مغلقة في غور الأردن، وسيطروا على مبنى مهجور وراء السياج الفاصل، بغية إقامة بؤرة استيطانية فيه، وذلك احتجاجاً على تدخل الحكومة الأردنية لمنع إغلاق وهدم جسر باب المغاربة في الحرم القدسي الشريف . في الحادث الثاني، تسلل المستوطنون إلى قاعدة عسكرية واقعة قرب مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية، وأحرقوا إطارات مطاطية، وألحقوا أضراراً بسيارات، وزرعوا مسامير على قارعة الطريق داخل القاعدة، ورشقوا سيارة قائد القاعدة بالحجارة .




انفلات المستوطنين ما كان ليكون على هذه الدرجة من العنف والاتساع، لولا صمت الحكومة المتمادي على جرائمهم التي يسمونها “جرائم أيديولوجية” .



هذه الجرائم وغيرها ضاقت بها ذرعاً المعارضة اليسارية والمعارضة الوسطية بقيادة تسيبي ليفني (رئيسة حزب كاديما) التي لم تتوانَ عن اتهام الحكومة بأنها مشاركة فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة .



ليفني على حق، ذلك أن ثمة متطرفين في حكومة نتنياهو، على رأسهم وزير الخارجية وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، حريصون دائماً ولأسباب عنصرية وانتخابية على تحريض المستوطنين والدفاع عن أفاعيلهم المنافية حتى للقوانين “الإسرائيلية” العنصرية .



بيريز وجد نفسه مضطراً هو الآخر إلى الخروج عن صمته حيال المستوطنين، وانفلاتهم الأمني المتكرر والمتمادي ليصف حادث الاعتداء على القاعدة العسكرية في قلقيلية بأنه “من أخطر الحوادث التي عرفناها، وتشكّل تجاوزاً لخطوط حُمر” .



خطوط حُمر؟ وهل بقيت خطوط حُمر لم تتجاوزها “إسرائيل” في سلوكياتها مع الفلسطينيين؟ وهل من سبيل إلى إنكار تجاوز “إسرائيل”، حكومةً ومستوطنين، لجميع الخطوط الحُمر بعد أن صرح وزير الحرب باراك بأن ما يقوم به المستوطنون من مخالفات (الأحرى أن يقول جرائم) هي “إرهاب من صناعة محلية”؟ وهل من سبيل إلى إقامة صناعة محلية للإرهاب إلا برعاية ومشاركة حكومية؟



غير أن السؤال الأكثر إلحاحاً في ضوء كل ما تقدّم بيانه هو: كيف يستفيد الفلسطينيون، سلطةً ومنظمة تحرير وفصائل مقاومة، من حال “إسرائيل” المضطربة اليوم لخدمة قضيتهم؟



لعل الجواب البديهي هو إعادة إحياء وتفعيل المقاومة المدنية والميدانية بكل الوسائل الممكنة، لاسيما أن العالم عموماً والغرب خصوصاً، ضاقا ذرعاً ب “إسرائيل”، بسبب انتهاكاتها المدوّية لحقوق الإنسان ولقرارات الأمم المتحدة .



على نفسها جنت “براقش الصهيونية”، فليبادر الفلسطينيون إلى اغتنام أزمتها الداخلية المقوّضة ل “شرعيتها” الدولية من أجل مزيد من الضغوط عليها، لكسر إرادتها وإحداث مزيد من التصدع في بنيتها السياسية والاجتماعية .



المستوطنون يعتمدون سياسة “جباية الثمن” حيال كل قرار حكومي لا يعجبهم، وذلك بالاقتصاص من الفلسطينيين وبتوسيع رقعة الاستيطان .



آن الأوان لتعتمد المقاومة الفلسطينية سياسة “جباية الثمن” من “إسرائيل” نفسها، حكومةً وجيشاً ومستوطنين .