صفحة 1 من 1

عُلُوٌّ في الحَيَاةِ وفي المَمَاتِ .. لَحَقًّا أَنْتَ إِحْدَ

مرسل: الأربعاء ديسمبر 21, 2011 11:13 pm
بواسطة سعد الزامل
[s

ize=150]عُلُوٌّ في الحَيَاةِ وفي المَمَاتِ .. لَحَقًّا أَنْتَ إِحْدَى المُعْجِزَاتِ


هذه القصيدة للشاعر أبي الحسن الأنباري، قالها في رثاء الوزير إبن بقيَّة البغدادي، لما صلبه عضد الدولة البويهي.. وقد عُرف ابن بقيَّة بكرمه وحنوه على الناس، فلما دخل عضد الدولة ابن بويه إلى بغداد قتله وصلبه.. ووضع على جثته حرسًا لكي لا ينزله الناس.. وكان الناس يمرون عليه ويتباكون، وكان الشاعر خارج بغداد في سفر.. فدخل إليها واتجه إلى ساحة البيمارستان العضدي حيث صلب الوزير.. أوقف فرسه.. والناس تنظر.. نزل منها.. وقف.. وصلى على المصلوب صلاة الميت.. ثم قال:


عُلُوٌّ في الحَيَاةِ وفي المَمَاتِ .. لَحَقًّا أَنْتَ إِحْدَى المُعْجِزَاتِ

كَأَنَّ النَّاسَ حَوْلَكَ حِيْنَ قَامُوا .. وُفُوْدَ نَدَاكَ أَيَّامَ الصِّلاتِ

كَأَنَّكَ قَائِمٌ فِيْهِمْ خَطِيْبًا .. وَكُلُّهُمُ قِيَامٌ للصَّلاةِ

مَدَدْتَ يَدَيْكَ نَحْوَهُمُ احْتِفَاءً .. كَمَدِّهِمَا إِلَيْهِمْ بِالهِبَاتِ

وَلَمَّا ضَاقَ بَطْنُ الأَرْضِ عَنْ أَنْ .. يَضُمَّ عُلاكَ مِنْ بَعْدِ المَمَاتِ

أَصَارُوا الجَوَّ قَبْرَكَ واستَنَابُوا .. عَنِ الأَكْفَانِ ثَوْبَ السَّافِيَاتِ

لِقَدْرِكَ في النُّفوسِ تَبِيْتُ تُرْعَى .. بِحُفَّاظٍ وَحُرَّاسٍ ثِقَاتِ

وَتُشْعَلُ عِنْدكَ النِّيْرَانُ لَيْلاً .. كَذَلِكَ كُنْتَ أَيَّامَ الحَيَاةِ

رَكبْتَ مَطِيَّةً مِنْ قَبْلُ زَيْدٌ .. عَلاهَا في السِّنِيْنِ المَاضِيَاتِ

وَتِلْكَ فَضِيْلَةٌ فِيهَا تَأَسٍّ .. تُبَاعِدُ عَنْكَ تَعْيِيْرِ العُدَاةِ

وَلَم أَرَ قَبْلَ جِذْعِكَ قَطُّ جِذْعًا .. تَمَكَّنَ مِن عِنَاقِ المَكْرُمَاتِ

أَسَأْتَ إِلى النَّوائِبِ فَاستَثَارَتْ .. فَأَنْتَ قَتِيْلُ ثَأْرِ النَّائِبَاتِ

وَكُنْتَ تُجِيْرُ مِنْ صَرْفِ اللَّيالِي .. فَعَادَ مُطَالِبًا لَكَ بِالتِّرَاتِ

وَصَيَّرَ دَهْرُكَ الإِحْسَانَ فِيْهِ .. إِلَيْنَا مِنْ عَظِيْمِ السَّيِّئَاتِ

وَكُنْتَ لِمَعْشَرٍ سَعْداً، فَلَمَّا .. مَضَيْتَ تَفَرَّقُوا بِالمُنْحِسَاتِ

غَلِيْلٌ بَاطِنٌ لَكَ في فُؤَادِي .. يُخَفَّفُ بِالدُّمُوعِ الجَارِيَاتِ

وَلَوْ أَنِّي قَدِرْتُ عَلى قِيَامٍ .. لِفَرْضِكَ وَالحُقُوقِ الوَاجِبَاتِ

مَلأتُ الأَرْضَ مِنْ نَظْمِ القَوَافي .. وَنُحْتُ بِهَا خِلافَ النَّائِحَاتِ

وَلكِنِّي أُصَبِّرُ عَنْكَ نَفْسِيْ .. مَخَافَةَ أَنْ أُعَدَّ مِنَ الجُنَاةِ

وَمَا لَكَ تُرْبَةٌ فَأَقُوْلُ تُسْقَى .. لأَنَّكَ نُصْبُ هَطْلِ الهَاطِلاتِ

عَلَيْكَ تَحِيَّةُ الرَّحمَنِ تَتْرَى .. بِرَحْمَاتٍ غَوادٍ رَائِحَاتِ



وقد قيل أن الخليفة المعتضد الذي قتل الوزير ابن بقية
لما سمعها بكى وتمنى لو أنه هو الذي صلب وقيلت فيه هذه القصيدة.. [/size]