صفحة 1 من 1

هل يمكن الإفراج عن الوثائق السرية العربية؟

مرسل: الجمعة ديسمبر 23, 2011 4:24 am
بواسطة ناصر الراجح 1
يحرص المؤرخون والباحثون على متابعة الوثائق الرسمية التي تفرج عنها الولايات المتحدة وبريطانيا من ارشيفيهما كل فترة زمنية، وذلك على اعتبار ان البلدين متداخلان بقوة في كل قضايا العالم، وهناك الكثير مما يمكن ان يؤخذ من هذه الوثائق التي تعد بمثابة مادة خام يعتمدون عليها في التحليل ودراسة التاريخ من خلال وثائق رسمية يقومون بقراءة لها في تفسير الاحداث. وقد تكون هناك بلدان اخرى غربية تفرج عن وثائقها هي ايضا بعد فترة زمنية، ولكن قد لا يكون من الاهمية متابعتها نظرا لضآلة حجم دور هذه البلدان في السياسة الدولية.
ومفهوم ان الافراج عن هذه الوثائق بعد فترة زمنية تصل الى 30 و50 عاما المقصود به ان تكون تفاعلات الفترة الزمنية التي جرت فيها هذه الاحداث قد بردت، وقد يكون شخوصها انتقلوا الى رحمة الله، بما يجعل قيمة هذه المعلومات اكبر للمؤرخين منها للسياسيين، وفي الوقت ذاته فان الناس يستفيدون من قراءة صحيحة للتاريخ.
وتحظى هذه الوثائق والمعلومات التي تنشرها بريطانيا واميركا باهتمام خاص في منطقة الشرق الاوسط، نظرا للدور الكبير الذي تلعبه الدولتان في سياسات المنطقة فبريطانيا لها دور تاريخي، وما زالت لها علاقاتها القوية بالمنطقة بينما دور اميركا، باعتبارها قوة عظمى، كبير في المنطقة منذ اواخر الاربعينات.
ويقودنا هذا الى الوثائق والمعلومات المحفوظة في ارشيف الحكومات العربية، فالوثائق التي يفرج عنها من العواصم الغربية هي في النهاية تعكس وجهة نظر القائمين على السياسات في هذه الدول والطريقة التي يفكرون فيها في ادارة مصالح بلادهم، وتفسيرهم للاحداث، وبالطبع من المفيد معرفة ذلك، لكن تكون الاستفادة اكبر اذا كان هناك نوع من توفير المعلومات من الجانب العربي حتى تكتمل الصورة.
فهل من الواقعي الدعوة الى تقليد هذا الاسلوب الغربي في فتح ارشيف وثائق معلومات المؤسسات والحكومات في الدول العربية كل فترة زمنية 20 او 30 او 50 عاما حسب طبيعة هذه الوثائق ودرجة سريتها؟ هذا سؤال يحتاج الى مناقشة.
وحتى نكون منصفين فان الكثير من الوثائق والمعلومات المتعلقة باحداث تاريخية بعيدة او قريبة في المنطقة تتسرب وتجد طريقها الى دور النشر وتصدر في كتب او مقالات، وكتابة المذكرات من قبل مسؤولين سابقين تقاعدوا او اصبحوا في الظل رائجة في المنطقة وتلقى رواجا من قبل الجمهور المتلقي.
وليس هناك غضاضة في ذلك فمن حق هؤلاء المسؤولين السابقين ان يكتبوا مذكراتهم ويكشفوا غموض بعض الاحداث التي جرت قبل فترة زمنية وعاصروها باعتبارهم كانوا في موقع القرار او قريبين منه.
لكن الاعتماد على ذلك وحده لا يكفي فالآراء والروايات التي توردها مذكرات المسؤولين السابقين تأتي في بعض الاحيان متناقضة للغاية لسبب بسيط هو انهم اطراف في صناعة هذه الاحداث وقت حدوثها، وبالتالي فان روايتهم تحمل وجهة نظر شخصية وقراءتهم هم لما حدث بما يوقع المتلقي في حيرة شديدة تجاه هذا التضارب، وبالتالي فان مهمة التأريخ تصبح اصعب، وتكون هناك روايات متضاربة لاحداث التاريخ.
لذلك فان صيغة ما تسمح بعد فترة زمنية معينة بالاطلاع على الوثائق السرية او معرفة الوقائع في صورتها الخام اكثر من مطلوبة حتى يمكن قراءة التاريخ الحديث للمنطقة بشكل صحيح ومحايد.