صفحة 1 من 1

صنع السياسة الخارجية 2

مرسل: الجمعة ديسمبر 23, 2011 8:31 pm
بواسطة مالك الغربي 131
السلطة التشريعية: Parliament
تختلف تسمية السلطة التشريعية من دولة إلى أخرى. ففي أمريكا تعرف الكونجرس والذي يضم مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وفي بريطانيا تعرف بالبرلمان والذي يضم مجلس العموم ومجلس اللوردات. أما في الكويت فتعرف بمجلس الأمة والذي يتكون من مجلس واحد فقط.

ومثلما تختلف السلطات التشريعية في تسميتها فهي تختلف أيضاً في أدوارها في صنع السياسة الخارجية. إلا أن هناك أصول مشتركة للسلطات التشريعية في كل الدول فصلاحياتها في الشؤون الخارجية أقل من صلاحياتها في الشؤون الداخلية ويرجع ذلك إلى السرية التي تتسم بها الشؤون الخارجية. كما أن السلطات التشريعية لا تأخذ المبادرة في قرارات السياسة الخارجية وإنما يقتصر دورها على الموافقة أو الاعتراض على السياسة الخارجية التي تقترحها الحكومة.

إن قوة السلطة التشريعية في كل دولة تعتمد على الصلاحيات التي يمنحها لها الدستور ففي أمريكا تعتبر السلطة التشريعية والمتمثلة بالكونجرس من أقوى السلطات التشريعية في العالم، وذلك راجع إلى الصلاحيات الواسعة التي يمنحها لها الدستور الأمريكي. فالدستور الأمريكي يمنح الكونجرس خمس صلاحيات هامة هي:
1- موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين على المعاهدات الخارجية التي يقترحها الرئيس.
2- موافقة مجلس الشيوخ على تعيينات الرئيس من السفراء و المسؤولين في الشؤون الخارجية.
3- رغم أن الدستور يجعل الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة فإن الكونجرس هو الذي يملك حق إعلان الحرب.
4- للكونجرس صلاحية تأسيس الإدارات الحكومية، فهو الذي أنشأ وزارة الخارجية، ومجلس الأمن القومي وجميع فروع القوات المسلحة، والوكالات الأخرى ذات الصلة بالسياسة الخارجية.
5- للكونجرس أيضاً صلاحية الموافقة على الميزانية العامة المقترحة من الحكومة بما في ذلك ميزانية الدفاع والمساعدات الخارجية. هذه الصلاحيات أعطت الكونجرس دوراً هاماً ولكن غير مباشر في صنع السياسة الخارجية. فعن طريق هذه الصلاحيات يستطيع الكونجرس أن يمارس ضغوطاً على الحكومة لتعديل سياستها المقترحة بما يتفق مع وجهة نظر غالبية أعضائه.
إلا أن. . . السلطة التي يتمتع بها الكونجرس الأمريكي ودوره البارز في صنع السياسة الخارجية نادراً ما تحظى به السلطات التشريعية الأخرى في دول العالم. ففي بريطانيا حيث نشأت وتطورت القيم الديمقراطية وقنوات المشاركة السياسية، دور السلطة التشريعية والمتمثلة في البرلمان محدود جداً خصوصاً في المجال الخارجي.



المؤسسات غير الحكومية: Non-Governmental Institutions
وهي المؤسسات التي تعمل خارج الحكومة ويكون لها تأثير في صنع السياسة الداخلية والخارجية. وتعتبر الأحزاب السياسية. وجماعات المصالح (الضغط)، ووسائل الإعلام، والرأي العام من أهم المؤسسات غير الحكومية ذات التأثير على السياسة الخارجية.



الأحزاب السياسية: Political Parties
يعتبر الحزب السياسي من أبرز المؤسسات السياسية التي تساهم في صنع السياسة الخارجية. ويتوقف دور الحزب في صنع السياسة الخارجية على تعدد الأحزاب وانضباطها.

فإذا كان في الدولة أكثر من حزب كما هو الحال في الدول الديمقراطية فإن الآراء حول السياسة الخارجية تتقاسمها الأحزاب الموجودة ويكون الحزب الأقوى هو الأكثر تأثيراً في توجيه السياسة الخارجية.

أما إذا كان يوجد في الدولة حزب سياسي واحد وهو الحزب الحاكم كما هو الحال في الدول الاشتراكية وبعض الدول النامية فإن تأثيره في السياسة الخارجية يصبح قوياً جداً بل أن الأحزاب السياسية في الدول ذات الحزب الواحد هي التي تلعب الدور البارز في صنع السياسة الخارجية وفقاً لعقيدة الحزب السياسية.

كذلك يعتمد دور الحرب في صنع السياسة الخارجية على الانضباط داخل الحزب ووضوح عقيدته السياسية، وهنا نجد أن كلاً من بريطانيا وأمريكا تعتبر دولاً ديمقراطية وتأخذ بنظام تعدد الأحزاب. إلا أن دور الأحزاب فيها في صنع السياسة الخارجية يختلف اختلافاً جذرياً.

ففي أمريكا تتميز الأحزاب السياسية الكبيرة (الجمهوري والديمقراطي) بعدم الاهتمام بالجانب العقائدي وبقلة الانضباط السياسي. . . ونتيجة لهذا. . . فإن مواقفها تجاه القضايا الخارجية عادة ما تكون غامضة وعامة وتتسم بالتردد والحذر. . . ونتيجة لفقدان الانضباط الحزبي أصبح تحديد مواقف سياسية عامة للحزب يخلص لها الأعضاء أمراً غير ممكن.

وعلى خلاف الأحزاب الأمريكية تتميز الأحزاب البريطانية بوضوح الخط العقائدي الفاصل بينها، وبالانضباط الحزبي. فمن حيث العقيدة السياسية هناك وضوح تام في الاختلافات بين سياسات حزب العمال وحزب المحافظين. كما أن أعضاء الأحزاب سواء في البرلمان أو خارجه مخلصون لقادة الحزب وملتزمون في برنامجه. مثل هذه الأحزاب يكون لها [نسبياً] دور ملموس في توجيه السياسة الخارجية.



جماعات المصالح السياسية: Political Interest Groups
وتعرف . . . [كذلك] بجماعات الضغط لأنها تستخدم الضغط كوسيلة لحمل رجال السياسة على اتخاذ قرارات لصالحها. ولقد برزت جماعات المصالح . . . كعامل هام ومؤثر في كل من السياسة الداخلية والخارجية للدولة.

وفي أمريكا أوجدت هجرة الجنسيات المختلفة إليها وتطورها الاقتصادي العديد من الجماعات التي لها مصالح خارجية مختلفة وأحياناً تكون متعارضة مما عقد عملية اختيار القرار في السياسة الخارجية الأمريكية وحد من القدرة على حشد الرأي العام الأمريكي لدعم القرار بعد اتخاذه.

فيوجد في أمريكا جماعات مصالح دينية وأبرزها جماعات المصالح اليهودية والتي لها مصالح سياسية خارجية مختلفة عن بقية الجماعات. وتتمثل مصلحة اليهود بدعم أمريكا المستمر وغير المحدود لإسرائيل وتقليل الدعم الأمريكي للعرب مهما كان تواضعه وقلة مفعولة.

واليهود رغم قلة عددهم مقارنة بإجمالي سكان الولايات المتحدة حيث لا يتجاوز نسبة 3% من إجمالي السكان إلا أنهم مجموعة منظمة لها نفوذ على الوسائل ذات التأثير الفعال في المجتمع الأمريكي مثل الصحافة، والتعليم العالي، والسياسة مما اتاح لها قدرة التحرك لتعبئة الرأي العام لأمريكي لصالحها خصوصاً أيام الانتخابات وبالذات رئاسة الجمهورية.

ونتيجة لهذه القدرة لليهود أصبح ليس بإمكان صناع القرارات الأمريكية تجاهل رغبات جماعات المصالح اليهودية في أي سياسة أمريكية تجاه الشرق الأوسط.

وبالإضافة إلى جماعات المصالح الدينية توجد جماعات المصالح الاقتصادية والمالية وأهمها الشركات عبر القومية (العالمية) والتي تتمثل بشركات البترول العالمية مثل "شركة شل" وبالبنوك العالمية مثل "بنك أمريكا" و "سيتي بنك".

فهذه الشركات والمؤسسات العالمية لها مصالح منتشرة في مختلف دول العالم وسياسة أمريكا تجاه الدول التي توجد فيها مصالح لتلك الشركات تؤثر إما سلباً أو إيجاباً على مستقبل هذه الشركات ومصالحها الاقتصادية.

فلا شك أن علاقة الشركات الأمريكية مع دول الخليج تتأثر بمواقف أمريكا تجاه القضايا العربية بصفة عامة وتجاه قضايا الخليج بصفة خاصة. لذا نجد أن الشركات الأمريكية ذات المصالح الاقتصادية في الخليج تعمل من أجل التقارب بين العرب وأمريكا وتحاول أن تؤثر على قرارات الحكومة الأمريكية تجاه دول الخليج لتكون أكثر إنصافاً واحتراماً لتلك الدول.

إن هدف الشركات الأمريكية العالمية في مساعيها لإنصاف العرب هو إيجاد مناخ سياسي ملائم يسمح ببقاء مصالحها . . . التجارية في دول الخليج.



وسائل الإعلام: Press
ترجع أهمية وسائل الإعلام كأداة مساهمة في صنع السياسة الخارجية إلى تأثيرها على كل من صناع القرار والرأي العام. إن آراء المواطنين سواء كانوا رسميين أو غير رسميين تشكل نتيجة لملاحظة الأحداث وتفسيرها.

ووسائل الإعلام هي الملاحظ الأول للأحداث الدولية وهي مصدر أساسي لتفسيرها. فبالنسبة لصناع القرار الرسميين تقوم الوسائل الإعلامية من صحافة، وإذاعة، وتلفزيون بدور بارز في توجيههم وإمدادهم بجزء هام من المعلومات التي على أساسها يتخذون القرارات.

وبالإضافة إلى كون الوسائل الإعلامية مصدراً هاماً للمعلومات الداخلية والخارجية فإنه يمكن الاستفادة منها كمؤشر للرأي العام ودليل لمواقف المواطنين تجاه السياسة الخارجية للدولة.

فقد يكتب أحد المسؤولين في الحكومة وباسم مستعار مقالاً صحفياً يدعو فيه لنهج جديد في السياسة الخارجية. والهدف من هذه المقالة هو معرفة ردود فعل المواطنين تجاه هذه السياسة الجديدة قبل الأخذ بها. وردود فعل المواطنين وتعليقاتهم تتولى الصحافة تنظيمها أن لم يكن إعدادها. وبهذا يكون للصحافة دور في صنع القرار الخارجي وتحديد وجهته. ومثل هذا الدور تقوم به الصحافة في الدول الديمقراطية التي تسمح للصحافة بالنقد وإبداء الرأي.

كما أن الصحافة قد تلعب دور الموجه للرأي العام. فمواقف الوسائل الإعلامية من القضايا الدولية كثيراً ما يتقبلها المواطن العادي ويجعلها الأساس لتفسيره للأحداث الدولية. وهذا الدور تقوم به الوسائل الإعلامية في أغلب الدول النامية وفي الدول ذات الإعلام الموجه حيث يكون دور الإعلام إيجاد دعم المواطنين لسياسة الحكومة الخارجية والعمل على رفع الروح المعنوية.



الرأي العام: Public Opinion
يقصد بالرأي العام رأي المواطنين . . . العاديين والذي ترى الحكومة أنه من الحكمة احترامه و أخذه بعين الاعتبار.

والرأي العام كقوة مؤثرة في السياسة الخارجية لم يكن له دور يذكر قبل الحرب العالمية الأولى. إلا أنه مع نهاية الحرب ومع نمو الوعي السياسي للشعوب بدأ الرأي العام ممثلاً برأي القوى العمالية يظهر ويؤثر في مجرى السياسة الداخلية والخارجية للدول.

ويعبر الرأي العام عن نفسه إما من خلال قنوات منظمة مثل الأحزاب، وجماعات المصالح، والوسائل الإعلامية كما هو الحال في الدول الديمقراطية أو يفرض نفسه في شكل مزاج عام ومظاهرات سياسية كما هو الحال في . . . معظم دول العالم الثالث.

وفي السياسة الخارجية، كما هو الحال في السياسة الداخلية، يمارس الرأي العام دوره في عملية صنع القرار بقيامة بدور الداعم لسياسة الحكومة الخارجية أو المناهض لها.