- السبت ديسمبر 24, 2011 3:42 pm
#45633
مؤشرات الحرب الباردة الجديدة
السفير د. عبد الله الأشعل
تبدو مؤشرات الحرب الباردة الجديدة بين الصين والولايات المتحدة، ولكن الكثير من المراقبين يترددون حتى الآن في اعتبار هذه المؤشرات كافية لافتراض وجود هذه الحرب. ويبدو أن هذا التردد يرجع إلى ثلاثة عوامل: أولها، هو هدوء الصين وسكوتها وعدم رغبتها في أي مواجهة مع واشنطن، والعامل الثاني، هو تناقض الموقف الأمريكي بين التأكيد على انتهاء مرحلة القطب الواحد وبين التسليم بأن العالم يتجه فعلاً إلى ثنائية قطبية أو تعدد الأقطاب. أما العامل الثالث، فهو القياس على نموذج الحرب الباردة التقليدية.
فبعد انتهاء الحرب الباردة ساد الاعتقاد بأن الولايات المتحدة هي القطب الأوحد، وبلغ هذا الاعتقاد درجة التطرف فيما ظنه فوكوياما نهاية التاريخ الاقتصادي والسياسي والفكري. وفي بداية القرن الحادي والعشرين، كانت التطورات في روسيا قد أذنت برغبة روسيا في العودة إلى الساحة الدولية، وتوازى معه بداية ظهور علني للصين وبعض الدول الإقليمية، مما يبرر الحديث عن إصلاح النظام الدولي والأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن، كما برر الحديث عن أقطاب جديدة وحرب باردة جديدة ولكنها من نوع خاص.
وقد انحصرت هذه الموجة خلال العقد الأول من هذا القرن، وبدأت تظهر للباحثين بعض المؤشرات الواضحة على أن النظام الدولي يتجه إلى صورة تقريبية للمشهد الدولي.
ولا شك في أن القراءة الصحيحة للمشهد الدولي هي المدخل السليم لتحديد الآثار التي يدفع بها هذا المشهد إلى العالم العربي في عصر ترابطت آثاره وتلاحمت أجزاؤه في جميع المجالات، وهو ما كشفت عنه كافة التطورات المالية والاقتصادية والسياسية، بحيث أصبح الازدهار في جانب مؤدياً إلى آثار مماثلة في الجوانب الأخرى.
وتحت كل هذا الركام من التحولات والتطورات يظهر المشهد الراهن تراجع القوى الأمريكية، وتمدد الظاهرة الصينية، بحيث بدأت القوتان الأمريكية والصينية تدخلان بالفعل في مرحلة التماس بل والتعارض في المصالح بعد أن شهد العالم خلال العقد الأول من هذا القرن تناغماً واضحاً في اقتسام المصالح على حساب المبادئ، وهو ما انعكس في سلسلة طويلة من قرارات مجلس الأمن. وفى هذه اللحظة يبدو أن الصين قررت أن تواجه الولايات المتحدة في عدد من الملفات حتى تشعرها بقيمة السكوت الصيني، واتسم الموقف الصيني بدرجة مترددة من الرغبة في الانتقام في لحظة تصعد واشنطن فيها بشكل واضح ضد إيران وتريد أن تترجم موقفها في قرار من مجلس الأمن، ولحسن حظ إيران أن الصين المستفزة من إصرار أوباما على لقاء الدالاي لاما مما يدفع بكين إلى استخدام الفيتو في مجلس الأمن لصالح إيران.
يبدو أن مجمل الصورة تتجه إلى شكل من أشكال الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة، رغم أن الصين لا تتمنى ذلك، و رغم أنها تتقدم على مساحات واسعة على خريطة العالم أكبر من معدل التراجع الأمريكي في البيئة الدولية، ولذلك فسوف يشهد العالم خلال العقد الثاني من هذا القرن حرباً باردة حقيقية بين العملاقين عندما يقف التراجع الأمريكي عند نقطة تلتقي عندها طموحات الصين وهى نقطة مثالية في مشروعات البلدين، وعندها سوف تسهل دراسة الآثار المترتبة على هذا الوضع بالنسبة للعالم العربي.
__________________________________________________ ________
المصدر : صحيفة الإقتصادية الإلكترونية
السبت 06 ربيع الأول 1431 هـ. الموافق 20 فبراير 2010 العدد 5976
http://www.aleqt.com/2010/02/20/article_352234.html
__________________________________________________ __________________________________________________ ______________________
عادت الحرب الباردة لكن بين واشنطن وبيكين 2010-02-10
نفس اللغة الدعائية ونفس المصطلحات العدائية و نفس العبارات المتشنجة ونفس الغيوم المتلبدة عادت تملأ الفضاء السياسي والإعلامي والدبلوماسي ما بين القوتين الأعظم للمرحلة الراهنة: الولايات المتحدة و الصين. وهي ذات الأجواء التي تعودنا عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 حتى انهيار جدار برلين سنة 1989 مابين واشنطن وموسكو. ومن المتوقع و الطبيعي أن تعود الحرب الباردة مع تحول قلب الحراك الدولي من ضفاف المحيط الأطلسي إلى ضفاف المحيط الهادي ومع حلول جمهورية الصين الشعبية محل الاتحاد السوفييتي في منطق الثنائية القطبية الجديدة، وبذلك انتقلت المواجهة الناعمة من مدارها التقليدي الأيديولوجي ما بين غرب ليبرالي و شرق شيوعي إلى مدارها المصلحي الاقتصادي ما بين غرب مهيمن و صين متعملقة.
الأسبوع الماضي سجل على هذا الصعيد أربعة أحداث أو بالأحرى أربع أزمات ما بين الولايات المتحدة والصين:
الحدث الأول هو تعليق الصين لتعاونها العسكري مع أمريكا بسبب بيع واشنطن أسلحة متطورة لدولة جزيرة تايوان بمبلغ 6,5 مليار دولار وهو رغم أنه تنفيذ لصفقة وقعها بوش مع رئيس تايوان السابق فقد توقعت بيكين أن أوباما إما سيلغيها أو سيحورها حينما سمعه الصينيون في بيكين أثناء زيارته للصين في نوفمبر الماضي و لعلهم أصيبوا بنفس المفعول السحري المخدر لخطاب البركة بن الحسين المعسول كما وقع لنا نحن العرب في خطاب القاهرة. و لكن لم يقع شيء من هذا. و تعتبر الصين عن حق بأن طبيعة الأسلحة المباعة لغريمتها المتمردة و "القزمة" لا تبعث على الارتياح لأنها مشكلة من صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ و من كاسحات ألغام بحرية و من مروحيات بلاك هاوك. وهو ما يجعل بيكين تعتقد بأنها أسلحة شبه-هجومية و دبلوماسيا لا تساعد على إقرار جو من الوفاق والتعاون بين أمريكا والصين.
الأزمة الثانية هي نشوب معركة بين محرك غوغل وحكومة الصين. و من الطريف أن تستعمل السيدة هيلاري كلنتون عبارة " الستار الحديدي " لتصف تقوقع الصين داخل حدودها إزاء انتشار شبكة إنترنت و وضعت وزيرة الخارجية الأمريكية المعضلة التي نشبت بين بيكين و محرك غوغل في إطار دبلوماسي مستفز حين وجهت انتقادات لما سمته قمع الصين لحرية التعبير و لجم المدونين واتهمت السلطات الصينية بإرادة توظيف غوغل لفرض الاستبداد، و مصطلح الستار الحديدي هو ذاته الذي ابتدعه ونستون تشرشل في الخمسينيات لنعت امبراطورية الاتحاد السوفييتي. عادت إذن نفس اللغة لتعبر عن وضع جديد نشأ بين قوتين متنافستين لا على مستوى العقيدة السياسية بل على مواقع التجارة العالمية و مواطن التأثير الإستراتيجي التي تساير التوسع الاقتصادي و تعززه. و اعتبرت الصين من خلال افتتاحية يومية الحزب الشيوعي يوم الاثنين الماضي "بأن أمريكا تريد فرض قيمها و ثقافتها على الأمم الأخرى من وراء السعي لإشاعة شبكة النت بدون ضوابط و بلا حدود!" و هذا هو البعد الثقافي و السياسي للحرب الباردة الجديدة.
الأزمة الثالثة جاءت كتصعيد أمريكي- صيني مشترك وهي تتعلق بإعلان الرئيس الأمريكي نيته استقبال (الدالاي لاما) حين يزور واشنطن. و بيكين لم تتعب و لم يصبها السأم على مدى خمسين عاما منذ مغادرة الزعيم الروحي لوطنه التبت و ضربه في أرض الله لمدة نصف قرن. لا هو يئس من المعارضة السلمية ولا الصين يئست من ملاحقته باللعنات. إن الرجل بثوبه البرتقالي و البني تحول إلى أيقونة روحية ورمز فولكلوري ولم يعد يخيف أحدا. و ما هذه الأزمة سوى عملية تسخين سوء التفاهم و تتعمد واشنطن عاصمة الحرية إثارة الصين كأنها تريد إحراج هذا العملاق الشيوعي الماوي باستقبال رجل دين لا يشكل خطرا على الصين للتأكيد على أن أمريكا تبقى وطن الحريات أمام صين تظل خائفة من (دالاي لاما) يحمل زهرة و عصا يهش بها على شعبه منذ نصف قرن.
المشكلة الرابعة التي تغذي الحرب الباردة هي الخلاف الأمريكي الصيني حول ملف النقد والعملات فوزير الخزانة الأمريكي دعا الصين يوم الخميس الماضي إلى إعادة النظر في قيمة عملتها ( اليووان) في صرفه مع الدولار بينما تصر بيكين على أن عملتها غير قابلة للتعديل وهنا لا بد أن نسجل غضبة الرئيس الأمريكي ذاته حين قال منذ أيام بأن الصين تمارس الحمائية تجاه البضائع الأمريكية بينما تفتح واشنطن الأبواب أمام الصادرات الصينية وفي الأمر مخالفة لتوقيع الصين على معاهدة المنظمة العالمية للتجارة.
*رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس
By: د. أحمد القديدى
__________________________________________________ _
المصدر : صحيفة الشرق القطرية
تاريخ النشر : ٧ مارس ٢٠١٠
http://www.al-sharq.com/articles/more.php?id=181227
السفير د. عبد الله الأشعل
تبدو مؤشرات الحرب الباردة الجديدة بين الصين والولايات المتحدة، ولكن الكثير من المراقبين يترددون حتى الآن في اعتبار هذه المؤشرات كافية لافتراض وجود هذه الحرب. ويبدو أن هذا التردد يرجع إلى ثلاثة عوامل: أولها، هو هدوء الصين وسكوتها وعدم رغبتها في أي مواجهة مع واشنطن، والعامل الثاني، هو تناقض الموقف الأمريكي بين التأكيد على انتهاء مرحلة القطب الواحد وبين التسليم بأن العالم يتجه فعلاً إلى ثنائية قطبية أو تعدد الأقطاب. أما العامل الثالث، فهو القياس على نموذج الحرب الباردة التقليدية.
فبعد انتهاء الحرب الباردة ساد الاعتقاد بأن الولايات المتحدة هي القطب الأوحد، وبلغ هذا الاعتقاد درجة التطرف فيما ظنه فوكوياما نهاية التاريخ الاقتصادي والسياسي والفكري. وفي بداية القرن الحادي والعشرين، كانت التطورات في روسيا قد أذنت برغبة روسيا في العودة إلى الساحة الدولية، وتوازى معه بداية ظهور علني للصين وبعض الدول الإقليمية، مما يبرر الحديث عن إصلاح النظام الدولي والأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن، كما برر الحديث عن أقطاب جديدة وحرب باردة جديدة ولكنها من نوع خاص.
وقد انحصرت هذه الموجة خلال العقد الأول من هذا القرن، وبدأت تظهر للباحثين بعض المؤشرات الواضحة على أن النظام الدولي يتجه إلى صورة تقريبية للمشهد الدولي.
ولا شك في أن القراءة الصحيحة للمشهد الدولي هي المدخل السليم لتحديد الآثار التي يدفع بها هذا المشهد إلى العالم العربي في عصر ترابطت آثاره وتلاحمت أجزاؤه في جميع المجالات، وهو ما كشفت عنه كافة التطورات المالية والاقتصادية والسياسية، بحيث أصبح الازدهار في جانب مؤدياً إلى آثار مماثلة في الجوانب الأخرى.
وتحت كل هذا الركام من التحولات والتطورات يظهر المشهد الراهن تراجع القوى الأمريكية، وتمدد الظاهرة الصينية، بحيث بدأت القوتان الأمريكية والصينية تدخلان بالفعل في مرحلة التماس بل والتعارض في المصالح بعد أن شهد العالم خلال العقد الأول من هذا القرن تناغماً واضحاً في اقتسام المصالح على حساب المبادئ، وهو ما انعكس في سلسلة طويلة من قرارات مجلس الأمن. وفى هذه اللحظة يبدو أن الصين قررت أن تواجه الولايات المتحدة في عدد من الملفات حتى تشعرها بقيمة السكوت الصيني، واتسم الموقف الصيني بدرجة مترددة من الرغبة في الانتقام في لحظة تصعد واشنطن فيها بشكل واضح ضد إيران وتريد أن تترجم موقفها في قرار من مجلس الأمن، ولحسن حظ إيران أن الصين المستفزة من إصرار أوباما على لقاء الدالاي لاما مما يدفع بكين إلى استخدام الفيتو في مجلس الأمن لصالح إيران.
يبدو أن مجمل الصورة تتجه إلى شكل من أشكال الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة، رغم أن الصين لا تتمنى ذلك، و رغم أنها تتقدم على مساحات واسعة على خريطة العالم أكبر من معدل التراجع الأمريكي في البيئة الدولية، ولذلك فسوف يشهد العالم خلال العقد الثاني من هذا القرن حرباً باردة حقيقية بين العملاقين عندما يقف التراجع الأمريكي عند نقطة تلتقي عندها طموحات الصين وهى نقطة مثالية في مشروعات البلدين، وعندها سوف تسهل دراسة الآثار المترتبة على هذا الوضع بالنسبة للعالم العربي.
__________________________________________________ ________
المصدر : صحيفة الإقتصادية الإلكترونية
السبت 06 ربيع الأول 1431 هـ. الموافق 20 فبراير 2010 العدد 5976
http://www.aleqt.com/2010/02/20/article_352234.html
__________________________________________________ __________________________________________________ ______________________
عادت الحرب الباردة لكن بين واشنطن وبيكين 2010-02-10
نفس اللغة الدعائية ونفس المصطلحات العدائية و نفس العبارات المتشنجة ونفس الغيوم المتلبدة عادت تملأ الفضاء السياسي والإعلامي والدبلوماسي ما بين القوتين الأعظم للمرحلة الراهنة: الولايات المتحدة و الصين. وهي ذات الأجواء التي تعودنا عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 حتى انهيار جدار برلين سنة 1989 مابين واشنطن وموسكو. ومن المتوقع و الطبيعي أن تعود الحرب الباردة مع تحول قلب الحراك الدولي من ضفاف المحيط الأطلسي إلى ضفاف المحيط الهادي ومع حلول جمهورية الصين الشعبية محل الاتحاد السوفييتي في منطق الثنائية القطبية الجديدة، وبذلك انتقلت المواجهة الناعمة من مدارها التقليدي الأيديولوجي ما بين غرب ليبرالي و شرق شيوعي إلى مدارها المصلحي الاقتصادي ما بين غرب مهيمن و صين متعملقة.
الأسبوع الماضي سجل على هذا الصعيد أربعة أحداث أو بالأحرى أربع أزمات ما بين الولايات المتحدة والصين:
الحدث الأول هو تعليق الصين لتعاونها العسكري مع أمريكا بسبب بيع واشنطن أسلحة متطورة لدولة جزيرة تايوان بمبلغ 6,5 مليار دولار وهو رغم أنه تنفيذ لصفقة وقعها بوش مع رئيس تايوان السابق فقد توقعت بيكين أن أوباما إما سيلغيها أو سيحورها حينما سمعه الصينيون في بيكين أثناء زيارته للصين في نوفمبر الماضي و لعلهم أصيبوا بنفس المفعول السحري المخدر لخطاب البركة بن الحسين المعسول كما وقع لنا نحن العرب في خطاب القاهرة. و لكن لم يقع شيء من هذا. و تعتبر الصين عن حق بأن طبيعة الأسلحة المباعة لغريمتها المتمردة و "القزمة" لا تبعث على الارتياح لأنها مشكلة من صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ و من كاسحات ألغام بحرية و من مروحيات بلاك هاوك. وهو ما يجعل بيكين تعتقد بأنها أسلحة شبه-هجومية و دبلوماسيا لا تساعد على إقرار جو من الوفاق والتعاون بين أمريكا والصين.
الأزمة الثانية هي نشوب معركة بين محرك غوغل وحكومة الصين. و من الطريف أن تستعمل السيدة هيلاري كلنتون عبارة " الستار الحديدي " لتصف تقوقع الصين داخل حدودها إزاء انتشار شبكة إنترنت و وضعت وزيرة الخارجية الأمريكية المعضلة التي نشبت بين بيكين و محرك غوغل في إطار دبلوماسي مستفز حين وجهت انتقادات لما سمته قمع الصين لحرية التعبير و لجم المدونين واتهمت السلطات الصينية بإرادة توظيف غوغل لفرض الاستبداد، و مصطلح الستار الحديدي هو ذاته الذي ابتدعه ونستون تشرشل في الخمسينيات لنعت امبراطورية الاتحاد السوفييتي. عادت إذن نفس اللغة لتعبر عن وضع جديد نشأ بين قوتين متنافستين لا على مستوى العقيدة السياسية بل على مواقع التجارة العالمية و مواطن التأثير الإستراتيجي التي تساير التوسع الاقتصادي و تعززه. و اعتبرت الصين من خلال افتتاحية يومية الحزب الشيوعي يوم الاثنين الماضي "بأن أمريكا تريد فرض قيمها و ثقافتها على الأمم الأخرى من وراء السعي لإشاعة شبكة النت بدون ضوابط و بلا حدود!" و هذا هو البعد الثقافي و السياسي للحرب الباردة الجديدة.
الأزمة الثالثة جاءت كتصعيد أمريكي- صيني مشترك وهي تتعلق بإعلان الرئيس الأمريكي نيته استقبال (الدالاي لاما) حين يزور واشنطن. و بيكين لم تتعب و لم يصبها السأم على مدى خمسين عاما منذ مغادرة الزعيم الروحي لوطنه التبت و ضربه في أرض الله لمدة نصف قرن. لا هو يئس من المعارضة السلمية ولا الصين يئست من ملاحقته باللعنات. إن الرجل بثوبه البرتقالي و البني تحول إلى أيقونة روحية ورمز فولكلوري ولم يعد يخيف أحدا. و ما هذه الأزمة سوى عملية تسخين سوء التفاهم و تتعمد واشنطن عاصمة الحرية إثارة الصين كأنها تريد إحراج هذا العملاق الشيوعي الماوي باستقبال رجل دين لا يشكل خطرا على الصين للتأكيد على أن أمريكا تبقى وطن الحريات أمام صين تظل خائفة من (دالاي لاما) يحمل زهرة و عصا يهش بها على شعبه منذ نصف قرن.
المشكلة الرابعة التي تغذي الحرب الباردة هي الخلاف الأمريكي الصيني حول ملف النقد والعملات فوزير الخزانة الأمريكي دعا الصين يوم الخميس الماضي إلى إعادة النظر في قيمة عملتها ( اليووان) في صرفه مع الدولار بينما تصر بيكين على أن عملتها غير قابلة للتعديل وهنا لا بد أن نسجل غضبة الرئيس الأمريكي ذاته حين قال منذ أيام بأن الصين تمارس الحمائية تجاه البضائع الأمريكية بينما تفتح واشنطن الأبواب أمام الصادرات الصينية وفي الأمر مخالفة لتوقيع الصين على معاهدة المنظمة العالمية للتجارة.
*رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس
By: د. أحمد القديدى
__________________________________________________ _
المصدر : صحيفة الشرق القطرية
تاريخ النشر : ٧ مارس ٢٠١٠
http://www.al-sharq.com/articles/more.php?id=181227