- السبت ديسمبر 24, 2011 8:01 pm
#45772
ولد لسيليا دي لا سيرنا وإرنستو غيفارا لينش ارنستو تشي غيفارا يوم 14 يونيو 1928 في روساريو في بالأرجنتين، وهو الأكبر بين خمسة أطفال في عائلة من أصول إيرلندية وأسبانية باسكية.[1] يظهر اسمه القانوني (ارنستو تشي غيفارا) نسبة إلى ألقاب والديه في بعض الأحيان مع إضافة دي لا سيرنا أو لينش له.
في إسقاط الصوء على طبيعة تشي "الغير مستقرة" ذكر والده أن "أول شيء يمكن أن نلاحظه هو أن ابني يجرى في عروقة دماء المتمردين الايرلنديين." [2] نمى في وقت مبكر جدا من الحياة أرنستيتو (كما كان يسمى غيفارا حينذاك) شعور التعاطف مع "الفقراء".[3] بحكم نشأته في أسرة ذات الميول اليسارية كان غيفارا يتعامل مع طائفة واسعة من وجهات النظر السياسية، حتى في الوقت الذي كان فيه صبياً كان والده مؤيد قوي للجمهوريين من الحرب الأهلية الإسبانية وغالبا ما استضاف العديد من اللقائات بين قدامى المحاربين في منزل غيفارا.[4]
بالرغم من المعاناة من نوبات الربو الحادة التي كان يعانى منها طوال حياته، إلا أن غيفارا برع كرياضي وتمتع بالسباحة ولعب كرة القدم والجولف والرماية، بل أصبح أيضاً يقود الدرجات ولا يعرف الكلل ولا الملل.[5][6] كان لاعباً متعطشاً في اتحاد الرجبي ويلعب في خط النصف لجامعة بوينس آيرس في الفريق الأول الخامس عشر.[7] أثناء لعبه للركبي اكتسب لقب "فوزر" اختصارا "لفوريبوندو" التي تعني بالعربية (المشتعل) واسم عائلة والدته دي لا سيرنا، لأسلوبه العدواني في اللعب.[8] لقبوه زملائه في المدرسة أيضا "تشانكو والتي تعني بالعربية (الخنزير) لأنه نادراً ما كان يستحم، وكان يرتدى بفخر قميص "الأسبوع".
غيفارا في عام 1951 في عمر 22 عاما.
تعلم غيفارا الشطرنج من والده، وبدأ في المشاركة في البطولات المحلية حين بلغ من العمر 12 عاماً, خلال فترة المراهقة وطوال حياته كان غيفارا متحمساً للشعر، وخصوصاً للشاعر لبابلو نيرودا وجون كيتس وأنطونيو ماتشادو وفيديريكو غارسيا لوركا وغابرييلا ميسترال، سيزار فاييخو، والت ويتمان.[9] وكان يمكنه اقتباس ابيات من الشعر لروديارد كبلنغ وأيضاً لخوسيه هيرنانديزعن ظهر قلب.[9] كان منزل غيفارا يحتوى على أكثر من 3.000 كتاب وهذا ما سمح لغيفارا بأن يكون قارئ متحمس وانتقائي، حيث اهتم بالقراءة عن كارل ماركس ووليم فوكنر وأندريه جيد واميليو سالجارى وجولز فيرن.[10] إضافة إلى ذلك كان غيفارا يتمتع بقراءة أعمال جواهر لال نهرو وفرانز كافكا وألبير كامو وفلاديمير لينين وجان بول سارتر، وكذلك أناتول فرانس، فريدريك إنجلز، ويلز، وروبرت فروست.
عندما كبر أصبح يهتم بالقراءة للكتاب من أمريكا اللاتينية مثل هوراسيو كيروغا، سيرو ألجيريا، خورخي إيكازا، روبن داريو، وميغيل استورياس.[11] قام غيفارا بتدوين أفكار العديد من هؤلاء الكتاب في كتاباته الخاصة بخط يده مع مفاهيمه وتعاريفه، وفلسفات المثقفين البارزين من وجهه نظره, وقام أيضا بتأليف اسكتشات تحليلية لبوذا وأرسطو، بجانب دراسته لبرتراند راسل عن المحبة والوطنية، والمجتمع من جاك لندن وفكرة نيتشه عن الموت, فتنت غيفارا أفكار سيغموند فرويد إذا أنه كان يقتبس عنه في مجموعة متنوعة من المواضيع مثل الأحلام والرغبة الجنسية النرجسية وعقدة أوديب.[12] مواضيعه المفضلة في المدرسة شملت الفلسفة والرياضيات والهندسة والعلوم السياسية وعلم الاجتماع والتاريخ وعلم الآثار [13][14]
وفي 13 فبراير شباط عام 1958 نشرت وكالة المخابرات المركزية "السيرة الذاتية والتقرير الشخصي" السريين الذين أشارا إلى أن غيفارا كان يتمتع بخلفية متنوعة من الاهتمامات الأكاديمية والفكر، ووصفته بأنه "قارئ جيد" وعلقت "ان تشي مثقف برغم من كونه من أصل لاتيني ".[15]
[عدل]رحلة الدراجة النارية
غيفارا يصلح دراجته النارية التي استخدمها في رحلته بمرافقة ألبيرتو غرانادو.
دخل غيفارا جامعة بوينس آيرس لدراسة الطب في عام 1948 ولكن في عام 1951 أخذ إجازة لمدة سنة من الدراسات للشروع في رحلة يعبر فيها أمريكا الجنوبية على الدراجة النارية مع صديقه ألبيرتو غرانادو، كان الهدف النهائي يتمثل في قضاء بضعة أسابيع من العمل التطوعي في مستعمرة سان بابلو لمرضى الجذام في البيرو على ضفاف نهر الأمازون, في الطريق إلى ماتشو بيتشو التي تقع عالياً في جبال الأنديز، شعر غيفارا بالذهول لشدة فقر المناطق الريفية النائية، حيث يعمل الفلاحين في قطع صغيرة من الأراضي المملوكة من قبل الملاك الأثرياء.[16] في رحلته أبدى غيفارا اعجابه بالصداقة الحميمية بين أولئك الذين يعيشون في مستعمرات الجذام، قائلا "إنه أعلى أشكال التضامن البشري والولاء الذي ينشأ بين الناس في ظل الوحدة واليأس من هذا القبيل."[16] استخدم غيفارا المذكرات التي اتخذها خلال هذه الرحلة لكتابة كتاب بعنوان يوميات دراجة نارية والذي أصبح أفضل كتاب مبيعاً كما وصفته نيويورك تايمز، [17] الذي نال لاحقاً جائزة في 2004 عن فيلم مقتبس منه يحمل نفس اسم الكتاب.
بحلول نهاية الرحلة وصل غيفارا لاستنتاج بأن أمريكا اللاتينية ليست مجموعة من الدول المنفصلة، ولكن اعتبرها كياناً واحداً يتطلب استراتيجية تحرير على نطاق القارة, مفهومه عن الولايات المتحدة لقارة أمريكا من أصل أسبانى بلا حدود والتي تقاسم تراث لاتيني مشترك كان موضوعاً بارزاً تكرر خلال نشاطاته الثورية لاحقاً, لدى عودته إلى الأرجنتين أكمل دراسته وحصل على شهادة الطب في حزيران / يونيو 1953 مما جعله رسمياً "الدكتور ارنستو تشي غيفارا".[18] لاحظ غيفارا في أنه من خلال أسفاره إلى أمريكا اللاتينية انه وصل إلى استنتاج من وجود"اتصال وثيق بين الفقر والجوع ووالمرض" جنباً إلى جنب مع "عدم القدرة على علاج طفل بسبب عدم وجود المال" و"غيبوبة استفزاز الجوع المستمر والعقاب" التي تؤدي بالأب إلى "قبول فقدان الابن على انه حادث غير مهم". كانت هذه التجارب التي يستشهد بها غيفارا تقنعه بأنه من أجل "مساعدة هؤلاء الناس" إلى انه يحتاج إلى ترك مجال الطب، والنظر في الساحة السياسية للبحث عن الكفاح المسلح.[19]
[عدل]جواتيمالا في حكم أربينز وشركة الفواكه المتحدة
تشي غيفارا بين عامي 1953 و 1956، بما في ذلك زيارته لشمال غواتيمالا، واقامته في المكسيك، ورحلته شرقا بحرا إلى كوبا مع فيديل كاسترو والثوريين الآخرين
غيفارا مع زوجته الأولى هيلدا جاديا في تشيشين إيتزا في رحلة شهر العسل.
انطلق غيفارا مرة أخرى في يوم 7 يوليو 1953 وهذه المرة إلى بوليفيا وبيرو والإكوادور وبنما وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندوراس والسلفادور, وفي يوم 10 ديسمبر من عام 1953 قبل أن يغادر إلى غواتيمالا أرسل غيفارا خطاب لعمته بياتريس من سان خوسيه في كوستاريكا, في الرسالة تحدث غيفارا عن العبور خلال أملاك شركة الفواكه المتحدة والذي أقنعه بالواقع "الرهيب" للرأسمالية "الاخطبوط".[20] هذا السخط حمل نبره "الرغبة في الانتقام" الذي اعتمد عليه لإخافة المزيد من أقاربه المحافظين واستمر مع غيفارا حتى عندما أقسم على قبر جوزيف ستالين عندما توفى حيث أقسم أنه لن يرتاح حتى "يتم التغلب على هذه الأخطبوطات".[21] وصل غيفارا إلى غواتيمالا في نفس الشهر حيث كان الرئيس خاكوبو أربينيز يرأس حكومة منتخبة ديمقراطياً وكان يحاول من خلال إصلاح الأراضي وغيرها من المبادرات إلى وضع حد لنظام الإقطاع, لإنجاز هذا قام الرئيس أربينز بسن برنامج لإصلاح الاراضى كبير، حيث أن جميع أجزاء الأراضى الغير مستزرعة ذات الحيازات الكبيرة كان من المقرر أن يتم مصادرتها وإعادة توزيعها على الفلاحين المعدمين, أكبر مالك للأراض وواحد من أكثر الملاك تضرراً من هذه الإصلاحات كانت شركة الفواكه المتحدة والتي قامت حكومة أربينز بالفعل بسحب أكثر من 225.000 فدان من ملكيتها.[22] بعد شعوره بالرضا من الطريقه التي اتخذتها هذه الأمة قرر غيفارا أن يستقر في غواتيمالا وذلك "لتهيئة نفسه وإنجاز ما قد يكون ضروريا من أجل أن يصبح ثوريا حقا".[23]
في غواتيمالا سيتي سعى غيفارا للتعرف على هيلدا جاديا أكوستا وهي مواطنة من البيرو تعمل بالاقتصاد والتي كان لديها العديد من المعارف السياسية بوصفها عضواً في التيار اليساري في حزب التحالف الشعبي الثوري (أمريكانا). قامت بتعريف غيفارا على عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في حكومة أربينز, بعد ذلك تعرف غيفارا على مجموعة من المنفيين الكوبيين المرتبطين بفيديل كاسترو عن طريق هجوم 26 يوليو 1953 على ثكنة مونكادا في سانتياغو دي كوبا[24] واكتسب غيفارا لقبه الشهير خلال هذه الفترة نظراً إلى الاستخدام المتكرر للاختصار الأرجنتيني (تشي) وهي كلمة عامية عارضة يتم استخدامها على غرار (الرفيق) أو (صديق).[25]
محاولات غيفارا للحصول على التدريب الطبي لم تكلل بالنجاح ووضعه الاقتصادي في كثير من الأحيان كان يمنعه من هذا, وفي 15 مايو 1954 تم إرسال مجموعة من المشاة المحملين بمدافع سكودا والأسلحة الخفيفة من قبل تشيكوسلوفاكيا الشيوعية لحكومة أربينز حيث وصلت إلى "بويرتو باريوس"، [26][27] نتيجة لذلك قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والجيش بغزو البلاد وتثبيت اليميني الديكتاتوري "كارلوس كاستيو أرماس" في الحكم.[23] غيفارا كان تواقاً للقتال نيابة عن أربينز بل وانضم إلى الميليشيات المسلحة التي نظمتها الشبيبة الشيوعية لهذا الغرض، ولكنه شعر بالاحباط نتيجة لتقاعس الجماعة عن العمل وسرعان ما عاد إلى مهام الرعاية الطبية, وفي أعقاب الانقلاب تطوع للقتال مرة أخرى، لكن بعد فترة وجيزة لجأ أربينز إلى السفارة المكسيكية ونصح مؤيديه الأجانب بمغادرة البلاد, نداءات غيفارا المتكررة للمقاومة تمت ملاحظتها من قبل مؤيدي الانقلاب، وتم اعلان الرغبة في اغتياله.[28] بعد إلقاء القبض على هيلدا جاديا، سعى غيفارا للحماية داخل القنصلية الأرجنتينية حيث ظل هناك حتى حصل على تصريح الخروج الآمن, بعد ذلك ببضعة اسابيع انطلق في إلى المكسيك.[29] تزوج غيفارا من هيلدا جاديا في المكسيك في سبتمبر من عام 1955.[30]
عملية التدخل للاطاحة بنظام أربينز عززت وجهة نظر غيفارا تجاه الولايات المتحدة باعتبارها القوة الاستعمارية التي من شأنها أن تعارض وتحاول تدمير أي حكومة تسعى لمعالجة عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية المستوطنة في أمريكا اللاتينية وغيرها من البلدان النامية, كان غيفارا على اقتناع بأن تحقيق الماركسية لا يتم إلا من خلال الكفاح المسلح الذي يدافع عنه الشعب المسلح والطريق الوحيد لتصحيح مثل هذه الظروف وذلك بتعزيزها.[31] هيلدا جاديا كتبت في أن "غواتيمالا هي التي أقنعته أخيراً بضرورة الكفاح المسلح، وعلى أخذ زمام المبادرة ضد الامبريالية. عندما حان وقت الرحيل كان هو حينها واثق من هذا
في إسقاط الصوء على طبيعة تشي "الغير مستقرة" ذكر والده أن "أول شيء يمكن أن نلاحظه هو أن ابني يجرى في عروقة دماء المتمردين الايرلنديين." [2] نمى في وقت مبكر جدا من الحياة أرنستيتو (كما كان يسمى غيفارا حينذاك) شعور التعاطف مع "الفقراء".[3] بحكم نشأته في أسرة ذات الميول اليسارية كان غيفارا يتعامل مع طائفة واسعة من وجهات النظر السياسية، حتى في الوقت الذي كان فيه صبياً كان والده مؤيد قوي للجمهوريين من الحرب الأهلية الإسبانية وغالبا ما استضاف العديد من اللقائات بين قدامى المحاربين في منزل غيفارا.[4]
بالرغم من المعاناة من نوبات الربو الحادة التي كان يعانى منها طوال حياته، إلا أن غيفارا برع كرياضي وتمتع بالسباحة ولعب كرة القدم والجولف والرماية، بل أصبح أيضاً يقود الدرجات ولا يعرف الكلل ولا الملل.[5][6] كان لاعباً متعطشاً في اتحاد الرجبي ويلعب في خط النصف لجامعة بوينس آيرس في الفريق الأول الخامس عشر.[7] أثناء لعبه للركبي اكتسب لقب "فوزر" اختصارا "لفوريبوندو" التي تعني بالعربية (المشتعل) واسم عائلة والدته دي لا سيرنا، لأسلوبه العدواني في اللعب.[8] لقبوه زملائه في المدرسة أيضا "تشانكو والتي تعني بالعربية (الخنزير) لأنه نادراً ما كان يستحم، وكان يرتدى بفخر قميص "الأسبوع".
غيفارا في عام 1951 في عمر 22 عاما.
تعلم غيفارا الشطرنج من والده، وبدأ في المشاركة في البطولات المحلية حين بلغ من العمر 12 عاماً, خلال فترة المراهقة وطوال حياته كان غيفارا متحمساً للشعر، وخصوصاً للشاعر لبابلو نيرودا وجون كيتس وأنطونيو ماتشادو وفيديريكو غارسيا لوركا وغابرييلا ميسترال، سيزار فاييخو، والت ويتمان.[9] وكان يمكنه اقتباس ابيات من الشعر لروديارد كبلنغ وأيضاً لخوسيه هيرنانديزعن ظهر قلب.[9] كان منزل غيفارا يحتوى على أكثر من 3.000 كتاب وهذا ما سمح لغيفارا بأن يكون قارئ متحمس وانتقائي، حيث اهتم بالقراءة عن كارل ماركس ووليم فوكنر وأندريه جيد واميليو سالجارى وجولز فيرن.[10] إضافة إلى ذلك كان غيفارا يتمتع بقراءة أعمال جواهر لال نهرو وفرانز كافكا وألبير كامو وفلاديمير لينين وجان بول سارتر، وكذلك أناتول فرانس، فريدريك إنجلز، ويلز، وروبرت فروست.
عندما كبر أصبح يهتم بالقراءة للكتاب من أمريكا اللاتينية مثل هوراسيو كيروغا، سيرو ألجيريا، خورخي إيكازا، روبن داريو، وميغيل استورياس.[11] قام غيفارا بتدوين أفكار العديد من هؤلاء الكتاب في كتاباته الخاصة بخط يده مع مفاهيمه وتعاريفه، وفلسفات المثقفين البارزين من وجهه نظره, وقام أيضا بتأليف اسكتشات تحليلية لبوذا وأرسطو، بجانب دراسته لبرتراند راسل عن المحبة والوطنية، والمجتمع من جاك لندن وفكرة نيتشه عن الموت, فتنت غيفارا أفكار سيغموند فرويد إذا أنه كان يقتبس عنه في مجموعة متنوعة من المواضيع مثل الأحلام والرغبة الجنسية النرجسية وعقدة أوديب.[12] مواضيعه المفضلة في المدرسة شملت الفلسفة والرياضيات والهندسة والعلوم السياسية وعلم الاجتماع والتاريخ وعلم الآثار [13][14]
وفي 13 فبراير شباط عام 1958 نشرت وكالة المخابرات المركزية "السيرة الذاتية والتقرير الشخصي" السريين الذين أشارا إلى أن غيفارا كان يتمتع بخلفية متنوعة من الاهتمامات الأكاديمية والفكر، ووصفته بأنه "قارئ جيد" وعلقت "ان تشي مثقف برغم من كونه من أصل لاتيني ".[15]
[عدل]رحلة الدراجة النارية
غيفارا يصلح دراجته النارية التي استخدمها في رحلته بمرافقة ألبيرتو غرانادو.
دخل غيفارا جامعة بوينس آيرس لدراسة الطب في عام 1948 ولكن في عام 1951 أخذ إجازة لمدة سنة من الدراسات للشروع في رحلة يعبر فيها أمريكا الجنوبية على الدراجة النارية مع صديقه ألبيرتو غرانادو، كان الهدف النهائي يتمثل في قضاء بضعة أسابيع من العمل التطوعي في مستعمرة سان بابلو لمرضى الجذام في البيرو على ضفاف نهر الأمازون, في الطريق إلى ماتشو بيتشو التي تقع عالياً في جبال الأنديز، شعر غيفارا بالذهول لشدة فقر المناطق الريفية النائية، حيث يعمل الفلاحين في قطع صغيرة من الأراضي المملوكة من قبل الملاك الأثرياء.[16] في رحلته أبدى غيفارا اعجابه بالصداقة الحميمية بين أولئك الذين يعيشون في مستعمرات الجذام، قائلا "إنه أعلى أشكال التضامن البشري والولاء الذي ينشأ بين الناس في ظل الوحدة واليأس من هذا القبيل."[16] استخدم غيفارا المذكرات التي اتخذها خلال هذه الرحلة لكتابة كتاب بعنوان يوميات دراجة نارية والذي أصبح أفضل كتاب مبيعاً كما وصفته نيويورك تايمز، [17] الذي نال لاحقاً جائزة في 2004 عن فيلم مقتبس منه يحمل نفس اسم الكتاب.
بحلول نهاية الرحلة وصل غيفارا لاستنتاج بأن أمريكا اللاتينية ليست مجموعة من الدول المنفصلة، ولكن اعتبرها كياناً واحداً يتطلب استراتيجية تحرير على نطاق القارة, مفهومه عن الولايات المتحدة لقارة أمريكا من أصل أسبانى بلا حدود والتي تقاسم تراث لاتيني مشترك كان موضوعاً بارزاً تكرر خلال نشاطاته الثورية لاحقاً, لدى عودته إلى الأرجنتين أكمل دراسته وحصل على شهادة الطب في حزيران / يونيو 1953 مما جعله رسمياً "الدكتور ارنستو تشي غيفارا".[18] لاحظ غيفارا في أنه من خلال أسفاره إلى أمريكا اللاتينية انه وصل إلى استنتاج من وجود"اتصال وثيق بين الفقر والجوع ووالمرض" جنباً إلى جنب مع "عدم القدرة على علاج طفل بسبب عدم وجود المال" و"غيبوبة استفزاز الجوع المستمر والعقاب" التي تؤدي بالأب إلى "قبول فقدان الابن على انه حادث غير مهم". كانت هذه التجارب التي يستشهد بها غيفارا تقنعه بأنه من أجل "مساعدة هؤلاء الناس" إلى انه يحتاج إلى ترك مجال الطب، والنظر في الساحة السياسية للبحث عن الكفاح المسلح.[19]
[عدل]جواتيمالا في حكم أربينز وشركة الفواكه المتحدة
تشي غيفارا بين عامي 1953 و 1956، بما في ذلك زيارته لشمال غواتيمالا، واقامته في المكسيك، ورحلته شرقا بحرا إلى كوبا مع فيديل كاسترو والثوريين الآخرين
غيفارا مع زوجته الأولى هيلدا جاديا في تشيشين إيتزا في رحلة شهر العسل.
انطلق غيفارا مرة أخرى في يوم 7 يوليو 1953 وهذه المرة إلى بوليفيا وبيرو والإكوادور وبنما وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندوراس والسلفادور, وفي يوم 10 ديسمبر من عام 1953 قبل أن يغادر إلى غواتيمالا أرسل غيفارا خطاب لعمته بياتريس من سان خوسيه في كوستاريكا, في الرسالة تحدث غيفارا عن العبور خلال أملاك شركة الفواكه المتحدة والذي أقنعه بالواقع "الرهيب" للرأسمالية "الاخطبوط".[20] هذا السخط حمل نبره "الرغبة في الانتقام" الذي اعتمد عليه لإخافة المزيد من أقاربه المحافظين واستمر مع غيفارا حتى عندما أقسم على قبر جوزيف ستالين عندما توفى حيث أقسم أنه لن يرتاح حتى "يتم التغلب على هذه الأخطبوطات".[21] وصل غيفارا إلى غواتيمالا في نفس الشهر حيث كان الرئيس خاكوبو أربينيز يرأس حكومة منتخبة ديمقراطياً وكان يحاول من خلال إصلاح الأراضي وغيرها من المبادرات إلى وضع حد لنظام الإقطاع, لإنجاز هذا قام الرئيس أربينز بسن برنامج لإصلاح الاراضى كبير، حيث أن جميع أجزاء الأراضى الغير مستزرعة ذات الحيازات الكبيرة كان من المقرر أن يتم مصادرتها وإعادة توزيعها على الفلاحين المعدمين, أكبر مالك للأراض وواحد من أكثر الملاك تضرراً من هذه الإصلاحات كانت شركة الفواكه المتحدة والتي قامت حكومة أربينز بالفعل بسحب أكثر من 225.000 فدان من ملكيتها.[22] بعد شعوره بالرضا من الطريقه التي اتخذتها هذه الأمة قرر غيفارا أن يستقر في غواتيمالا وذلك "لتهيئة نفسه وإنجاز ما قد يكون ضروريا من أجل أن يصبح ثوريا حقا".[23]
في غواتيمالا سيتي سعى غيفارا للتعرف على هيلدا جاديا أكوستا وهي مواطنة من البيرو تعمل بالاقتصاد والتي كان لديها العديد من المعارف السياسية بوصفها عضواً في التيار اليساري في حزب التحالف الشعبي الثوري (أمريكانا). قامت بتعريف غيفارا على عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في حكومة أربينز, بعد ذلك تعرف غيفارا على مجموعة من المنفيين الكوبيين المرتبطين بفيديل كاسترو عن طريق هجوم 26 يوليو 1953 على ثكنة مونكادا في سانتياغو دي كوبا[24] واكتسب غيفارا لقبه الشهير خلال هذه الفترة نظراً إلى الاستخدام المتكرر للاختصار الأرجنتيني (تشي) وهي كلمة عامية عارضة يتم استخدامها على غرار (الرفيق) أو (صديق).[25]
محاولات غيفارا للحصول على التدريب الطبي لم تكلل بالنجاح ووضعه الاقتصادي في كثير من الأحيان كان يمنعه من هذا, وفي 15 مايو 1954 تم إرسال مجموعة من المشاة المحملين بمدافع سكودا والأسلحة الخفيفة من قبل تشيكوسلوفاكيا الشيوعية لحكومة أربينز حيث وصلت إلى "بويرتو باريوس"، [26][27] نتيجة لذلك قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والجيش بغزو البلاد وتثبيت اليميني الديكتاتوري "كارلوس كاستيو أرماس" في الحكم.[23] غيفارا كان تواقاً للقتال نيابة عن أربينز بل وانضم إلى الميليشيات المسلحة التي نظمتها الشبيبة الشيوعية لهذا الغرض، ولكنه شعر بالاحباط نتيجة لتقاعس الجماعة عن العمل وسرعان ما عاد إلى مهام الرعاية الطبية, وفي أعقاب الانقلاب تطوع للقتال مرة أخرى، لكن بعد فترة وجيزة لجأ أربينز إلى السفارة المكسيكية ونصح مؤيديه الأجانب بمغادرة البلاد, نداءات غيفارا المتكررة للمقاومة تمت ملاحظتها من قبل مؤيدي الانقلاب، وتم اعلان الرغبة في اغتياله.[28] بعد إلقاء القبض على هيلدا جاديا، سعى غيفارا للحماية داخل القنصلية الأرجنتينية حيث ظل هناك حتى حصل على تصريح الخروج الآمن, بعد ذلك ببضعة اسابيع انطلق في إلى المكسيك.[29] تزوج غيفارا من هيلدا جاديا في المكسيك في سبتمبر من عام 1955.[30]
عملية التدخل للاطاحة بنظام أربينز عززت وجهة نظر غيفارا تجاه الولايات المتحدة باعتبارها القوة الاستعمارية التي من شأنها أن تعارض وتحاول تدمير أي حكومة تسعى لمعالجة عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية المستوطنة في أمريكا اللاتينية وغيرها من البلدان النامية, كان غيفارا على اقتناع بأن تحقيق الماركسية لا يتم إلا من خلال الكفاح المسلح الذي يدافع عنه الشعب المسلح والطريق الوحيد لتصحيح مثل هذه الظروف وذلك بتعزيزها.[31] هيلدا جاديا كتبت في أن "غواتيمالا هي التي أقنعته أخيراً بضرورة الكفاح المسلح، وعلى أخذ زمام المبادرة ضد الامبريالية. عندما حان وقت الرحيل كان هو حينها واثق من هذا