- السبت ديسمبر 24, 2011 8:50 pm
#45779
ماركوس توليوس كيكِرو Marcus Tullius Cicero - شيشرون Cicero -، الكاتب الروماني وخطيب روما المميز، ولد سنة 106 ق.م، صاحب إنتاج ضخم يعتبر نموذجا مرجعيا للتعبير اللاتيني الكلاسيكي وصلنا لحسن الحظ جانب كبير منه، لقد أثارت شخصية شيشرون الكثير من الجدل والتقويمات المتضاربة وخاصة في الجانب السياسي من حياته، فهو تارة مثقف مضيع في وسط سيء، وتارة أخرى ثري إيطالي صاعد في روما، وثالثة انتهازي متقلب و"أداة طيعة في يد الملكية" و"متملق لبومبي ثم سيزار" بحسب ثيودور مومسين وجيروم كاركوبينو، ولكنه أيضا بحسب بيير كريمال الجسر الذي عبره وصلنا جانب من الفلسفة اليونانية.
شيشرون والقانون الطبيعي
بحق يعتبر شيشرون أب الفلسفة السياسية في روما والكاتب السياسي الأول فيها، روما هده المدينة التي تحركها النزعة الالمية وطموحات العضمة والنفوذ، فقد كتب شيشرون كتابين مستوحين من أفلاطون في الجمهورية وفي القوانين كما ترك لنا بحثا في الواجبات، يكمن دوره أساسا في جعل بعض الأفكار اليونانية تتلائم مع نمط التفكير الروماني كما يرى الكثيرون أن عبر شيشرون تم نقل النزعة الإنسانية الأخلاقية والسياسة إلى ارويا الغربية. طور شيشرون في منتصف القرن الأول قبل الميلاد موضوع القانون الطبيعي والذي يجد أصوله عند الرواقيين، يقول عنه شيشرون إنه القانون الحقيقي لأنه مطابق للطبيعة، إنه قانون واحد أبدي هو ذاته في أثينا وفي روما، اليوم وغدا، إن القانون الأسمى هو ذلك المنقوش في طبيعتنا، هذا القانون الطبيعي هو الذي يربط الإنسان بالألوهية، والبشر فيما بينهم، لا القوانين المكتوبة والدساتير، القانون الطبيعي يجلهم ينتمون للمدينة ذاتها، وهذه المدينة ما ي إلا الكون الذي يديره المبدأ الإلهي. يبرز هذا التعارض بين القانون الطبيعي الأبدي الثابت، المندمج مع العقل الإلهي وبين القانون المتغير، الأدنى مرتبة، الذي يطلق عليه الإنسان العادي اسم قانون فجميع الناس متساوين حسب قوانين الطبيعة، جميعهم يمتلكون القدرة العقلية التي يمكن تغذيتها، وهذا ما يسمح للجميع بالتوصل إلى الفضيلة والمعرفة، والعدل أيضا هو شعور زرعته الطبيعة في كل إنسان، وهذا يعني أن ألإنسان إدا لم يبتعد عن طبيعته فإن العدل والمساواة سوف يسودان في الكون أجمع دون حاجة لسلطة أو عنف، لكن الفساد الذي يتألف من العادات السيئة سوف يطغى للأسف على تلك الشعلة الجميلة التي أشعلتها الطبية فينا، وهذا مأزق لم يستطع شيشرون ولا الطبيعيون الإفلات منه. وهو أن الطبيعة إذا كانت جيدة ومساوية وإنسانية أساسا، فمن أين أتى ذلك الفساد وتلك العادات الفاسدة، وعندما تكون الطبيعة قابلة للفساد فإن الفساد يصبح جزءا لا يتجزأ من الطبيعة وتفقد هذه الأخيرة سيادتها. أما الموضوع الأخر الذي طوره شيشرون هو موضوع الشيء العام، فالشئ العام هو شيء الشعب، وبالشعب يجب أن نعني فئة كثيرة العدد من أناس يشتركون بانتمائهم للقانون نفسه وتشاركهم في وحدة المصالح. يشدد شيشرون على المصدر القانوني لتنظيم العلاقات في المجتمع السياسي، ويمكن القول انه جمع إلى الشكل القانوني العميق للفكر الروماني افكارا فلسفية ذات مصدر يوناني، مع فكر شيشرون حل الشعب المتلاحم محل الناس المتحدين سياسيا فقط – عند اليونان – وهذا الشعب يتم تلاحمه عبر صلة حقوقية فهي التي تجعل منه جسما واحدا.له سلطة قانونية سيدة أما عند اليونان فقد كان اتحاد الناس ذا طابع سياسي فقط ويحمل أهدافا مشتركة ومثلا عليا مشتركة، وعند شيشرون سيادة الشعب هذه نجدها في جميع أشكال الحكم، هي التي يجب أن تسود في الملكية الأرستقراطية والأوليغاشية والديمقراطية. هكذا فقط انتقلت السيادة إلى فكرة الحق وأصبح ينظر إلى الحاكم انطلاقا من هذه الرؤية حصريا، يجب أن يفهم الحاكم أي الحاكم، وأيا كان النظام السياسي، انه ممثل للشعب أو للدولة أو المدينة ولن يكون حكمه شرعيا ألا إذا احترم جميع الالتزامات التي القيت على عاتقه، لكن احترام القوانين من قبل الحاكم لا يكفي بحد ذاته بل يتعين أن يضع الحاكم القوانين موضع التطبيق، لأنه هو الحاكم الناطق، أما القانون وحده فهو حاكم أبكم. في هده الأفكار توجد غالبية أسس المفهوم القانوني لسيادة الدولة المعاصرة
شيشرون والقانون الطبيعي
بحق يعتبر شيشرون أب الفلسفة السياسية في روما والكاتب السياسي الأول فيها، روما هده المدينة التي تحركها النزعة الالمية وطموحات العضمة والنفوذ، فقد كتب شيشرون كتابين مستوحين من أفلاطون في الجمهورية وفي القوانين كما ترك لنا بحثا في الواجبات، يكمن دوره أساسا في جعل بعض الأفكار اليونانية تتلائم مع نمط التفكير الروماني كما يرى الكثيرون أن عبر شيشرون تم نقل النزعة الإنسانية الأخلاقية والسياسة إلى ارويا الغربية. طور شيشرون في منتصف القرن الأول قبل الميلاد موضوع القانون الطبيعي والذي يجد أصوله عند الرواقيين، يقول عنه شيشرون إنه القانون الحقيقي لأنه مطابق للطبيعة، إنه قانون واحد أبدي هو ذاته في أثينا وفي روما، اليوم وغدا، إن القانون الأسمى هو ذلك المنقوش في طبيعتنا، هذا القانون الطبيعي هو الذي يربط الإنسان بالألوهية، والبشر فيما بينهم، لا القوانين المكتوبة والدساتير، القانون الطبيعي يجلهم ينتمون للمدينة ذاتها، وهذه المدينة ما ي إلا الكون الذي يديره المبدأ الإلهي. يبرز هذا التعارض بين القانون الطبيعي الأبدي الثابت، المندمج مع العقل الإلهي وبين القانون المتغير، الأدنى مرتبة، الذي يطلق عليه الإنسان العادي اسم قانون فجميع الناس متساوين حسب قوانين الطبيعة، جميعهم يمتلكون القدرة العقلية التي يمكن تغذيتها، وهذا ما يسمح للجميع بالتوصل إلى الفضيلة والمعرفة، والعدل أيضا هو شعور زرعته الطبيعة في كل إنسان، وهذا يعني أن ألإنسان إدا لم يبتعد عن طبيعته فإن العدل والمساواة سوف يسودان في الكون أجمع دون حاجة لسلطة أو عنف، لكن الفساد الذي يتألف من العادات السيئة سوف يطغى للأسف على تلك الشعلة الجميلة التي أشعلتها الطبية فينا، وهذا مأزق لم يستطع شيشرون ولا الطبيعيون الإفلات منه. وهو أن الطبيعة إذا كانت جيدة ومساوية وإنسانية أساسا، فمن أين أتى ذلك الفساد وتلك العادات الفاسدة، وعندما تكون الطبيعة قابلة للفساد فإن الفساد يصبح جزءا لا يتجزأ من الطبيعة وتفقد هذه الأخيرة سيادتها. أما الموضوع الأخر الذي طوره شيشرون هو موضوع الشيء العام، فالشئ العام هو شيء الشعب، وبالشعب يجب أن نعني فئة كثيرة العدد من أناس يشتركون بانتمائهم للقانون نفسه وتشاركهم في وحدة المصالح. يشدد شيشرون على المصدر القانوني لتنظيم العلاقات في المجتمع السياسي، ويمكن القول انه جمع إلى الشكل القانوني العميق للفكر الروماني افكارا فلسفية ذات مصدر يوناني، مع فكر شيشرون حل الشعب المتلاحم محل الناس المتحدين سياسيا فقط – عند اليونان – وهذا الشعب يتم تلاحمه عبر صلة حقوقية فهي التي تجعل منه جسما واحدا.له سلطة قانونية سيدة أما عند اليونان فقد كان اتحاد الناس ذا طابع سياسي فقط ويحمل أهدافا مشتركة ومثلا عليا مشتركة، وعند شيشرون سيادة الشعب هذه نجدها في جميع أشكال الحكم، هي التي يجب أن تسود في الملكية الأرستقراطية والأوليغاشية والديمقراطية. هكذا فقط انتقلت السيادة إلى فكرة الحق وأصبح ينظر إلى الحاكم انطلاقا من هذه الرؤية حصريا، يجب أن يفهم الحاكم أي الحاكم، وأيا كان النظام السياسي، انه ممثل للشعب أو للدولة أو المدينة ولن يكون حكمه شرعيا ألا إذا احترم جميع الالتزامات التي القيت على عاتقه، لكن احترام القوانين من قبل الحاكم لا يكفي بحد ذاته بل يتعين أن يضع الحاكم القوانين موضع التطبيق، لأنه هو الحاكم الناطق، أما القانون وحده فهو حاكم أبكم. في هده الأفكار توجد غالبية أسس المفهوم القانوني لسيادة الدولة المعاصرة