صفحة 1 من 1

دول العالم الثالث والاشتراكيه

مرسل: الأحد ديسمبر 25, 2011 7:43 pm
بواسطة عبدالله المطيري 1
دول العالم الثالث والاشتراكية

لم يكن في إمكان شعوب الدول النامية أن تتخلص من النظام الاستعماري القديم وتظفر بالاستقلال السياسي من دون نهضة ثورية وإيمان قوي يستحوذ على أكثر جماهيرها. وبعد حصول هذه الدول على الاستقلال ظهر التناقض بين جماهير الكادحين والبرجوازية الوطنية المتسلطة والمستغلة. وكان لا بد من توافر طليعة تقود نضال تلك الجماهير الكادحة لتحريرها من تسلط البرجوازية، أي أن يحل النظام الاشتراكي محل نظام الاستغلال الطبقي.

ولا شك في أن ميل شعوب الدول النامية إلى الاشتراكية نابع من الذات، لأنها عانت شكلاً من أشكال الاضطهاد والاستغلال في ظل الإقطاع، وكان الإقطاع قد تأصل في هذه الدول بسبب أحوال الحياة التي تعتمد على الزراعة والاقتصاد الطبيعي، وكان ارتباط الفلاح بالأرض بوجه أو بآخر مصدر الاستغلال الإقطاعي، لذلك كان السعي إلى تبني برامج تهدف إلى تغيير الأسس الحقوقية للملكيات غير المنقولة في هذه الدول لكي تقضي على الاستغلال الناجم عن الملكية الإقطاعية للأرض.

كذلك عانت مجموعة الدول النامية مشاكل اقتصادية واجتماعية كانت تتفاوت درجتها من دولة إلى أخرى، كما كان لهذه الدول طموحات مستقبلية مشتركة تتمثل في تحقيق تنمية شاملة، والقضاء على التخلف والتبعية. أي إن تنوع الأهداف الاقتصادية ـ الاجتماعية واختلاف الطبيعة الطبقية للمؤسسات التي تولت حل هذه المشكلات، وتباين مستوى القوى المنتجة وشكل علاقات الإنتاج السائدة ووظيفتها في كل دولة، هي التي كانت تحدد طبيعة المهمات في كل مرحلة باتجاه الأهداف التنموية لغالبية شعوب هذه الدول.

وقد وضع عدد كبير من البلدان التي تحررت من التبعية الاستعمارية نصب عينيه مهمة بناء مجتمع اشتراكي. وحاولت هذه البلدان تجنب سبيل التطور الرأسمالي واتباع الطريق التي سبق أن سارت عليها البلدان الغربية، أي إنها، بتعبير آخر، رغبت في تحقيق مهمة الانتقال إلى الاشتراكية من دون المرور بالرأسمالية. ويعتقد أنصار الاشتراكية العلمية أن ذلك ممكن بل وضروري أيضاً، ونتيجة للاجتهادات المستندة إلى قاعدة الماركسية اللينينية ظهرت نماذج خاصة انتهجتها بعض النظم الاشتراكية، وخاصة في الصين ويوغسلافية وكوبة وبعض البلدان الأخرى، أخذت في الحسبان خصوصية التكوين الاجتماعي والطبقي ودرجة التطور الاجتماعي والاقتصادي فيها، واعتمدت معطيات موضوعية في بناء تجربتها القومية والوطنية الخاصة.

وثمة قوى سياسية فاعلة في الدول النامية تؤمن بالاشتراكية لاعتقادها بأنها تضمن لشعوبها نمواً مطرداً، وتزايداً مستمراً في الإنتاج المادي والمعنوي، وتآخياً وثيقاً بين أفراد المجتمع. فإذا استثنيت الأحزاب الماركسية اللينينية الموجودة في أكثر الدول النامية، فثمة أحزاب وطنية وقومية كثيرة تؤمن بالاشتراكية، وتعدّها هدفاً رئيساً من أهدافها تسعى لتحقيقه. ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في المادة الرابعة من دستور «حزب البعث العربي الاشتراكي» التي نصت على أنه حزب «اشتراكي يؤمن بأن الاشتراكية ضرورة منبعثة من صميم القومية العربية، لأنها النظام الأمثل الذي يسمح للشعب العربي بتحقيق إمكاناته وتفتح عبقريته على أكمل وجه، فيضمن للأمة نمواً مطرداً في إنتاجها المعنوي والمادي وتآخياً وثيقاً بين أفرادها».

إن التحويل الاشتراكي من وجهة نظر المنظمات والأحزاب والفئات والقوى السياسية التقدمية في الدول النامية، يعني من حيث المبدأ:

ـ تحويل ملكية وسائل الإنتاج الخاصة إلى ملكية اجتماعية.

ـ إلغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.

ـ تعميق المضمون الديمقراطي للاشتراكية.

ـ تربية المواطن تربية اشتراكية وعلمية تخلصه من الأطر والتقاليد الاجتماعية المتخلفة.

ـ تحقيق تنمية شاملة، والقضاء على أسباب التخلف ومظاهره القائمة.

وهذا يعني إقامة نظام اجتماعي جديد يوفر أحوالاً موضوعية، اقتصادية واجتماعية وفكرية وسياسية جديدة تعتق الإنسان من جميع أشكال الاستغلال.

إن التعمق في دراسة نظرية الاشتراكية العلمية، ولاسيما ما يتعلق بإمكان تطبيقها في الواقع، يساعد في تسريع التقدم الاجتماعي ـ الاقتصادي، وإحراز النجاحات على طريق التطور اللارأسمالي في الدول النامية. ومن الضروري تطوير طاقات الجماهير وإمكاناتها ومبادراتها، واشتراك الشعب في حل جميع قضايا الحياة الاجتماعية، كذلك يجب أن يشمل برنامج التحولات الاجتماعية في البلدان النامية إجراءات اقتصادية وسياسية معينة، ولاسيما في مجال تطبيق الإصلاح الزراعي والقضاء على العلاقات الإقطاعية، وإنشاء القطاع العام، وإيجاد جو من التعاون مع القطاع الخاص، وتطوير الديمقراطية، والعمل على رفع مستوى معيشة الجماهير الكادحة مادياً وثقافياً. وإن تطبيق مثل هذا البرنامج يدفع البلدان النامية في طريق التحولات الاشتراكية تدريجياً وبحسب الضرورة الموضوعية اقتصادياً واجتماعياً.