صفحة 1 من 1

لرسالة الحضارية... للسعودية عولمة الحوار السعودي... من مكة

مرسل: الأحد ديسمبر 25, 2011 8:21 pm
بواسطة راكان المليكي1
الرسالة الحضارية... للسعودية
عولمة الحوار السعودي... من مكة إلى مدريد
د. خالد الشريدة الرسالة الحضارية... للسعودية
عولمة الحوار السعودي... من مكة إلى مدريد
د. خالد الشريدة
نحن في مدريد...

انطلقت شعلة الحوار الحضاري من مهبط الوحي مكة المكرمة... وأوقد بريقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتصل الآن إلى مدريد. هذا الشعور العولمي من القيادة السعودية يبعث برسائل عدة وأبعاد تتجاوز الحصر لما يمكن أن يكون تأثيره على مختلف المستويات سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية..
وحتى دينية بحتة. شهادات عقلاء العالم لم تتواصل وتحيي هذا التوجّه العالمي السعودي لغرس لغة الحوار بين الشعوب والديانات... وتلك في الحقيقة لغة الرسل {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
... يجني على الإسلام من يصور لغة دين الله بأنها لغة
حرب وفتنة وافتراق... وكأنه لا يقرأ ابتداء {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} أو لا يقرأ {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} «8» سورة الممتحنة.
إن أعظم الخلل في تقديري هو استشعار بعض المتعجلين بأن لغة الحوار هي علامة انهزام ولغة تخاذل وتخل عن رأس الإسلام وعموده.. وتلك الشائعة لا تعدو أن تكون جهلاً أو حسداً أو حقداً... لتعطيل مصالح الأمة المسلمة ديناً ودنيا.
... إن المسلم المتعقل لا يمكن أن يعطل فريضة فرضها الله.. لكن المقامات لها مقالات... وحينما تدعو الظروف الشرعية والواقعية لأي مواجهة فإن للساحات رجالاً... لكن هذا لا يلغي بأي حال من الأحوال لغة الحوار كله التي هي في تقديرنا اليوم وفي عالم اليوم بالأخص أقرب إلى استدراك المصالح كلها سواء في نشر رسالة الإسلام الحضارية أو في استكمال مصالحنا الدنيوية.
.. إن غياب لغة الحوار الحضاري الذي تؤسس له مملكة الإنسانية اليوم يحول كل اختلاف فكري أو سياسي أو غيره إلى حرب ساخنة تتجدد أسبابها وشروطها باستمرار حالة الجفاء وغياب فقه الحوار الحضاري.

... من مكة إلى مدريد ومن مدريد إلى بكين.. ومنها إلى موسكو وغيرها كلها محطات ستصل إليها رسالتنا الحضارية التي تؤسس إلى تفاهم وتصالح وتبادل للمشترك البشري الذي بدونه نحرم أنفسنا من أن نحقق أهدافنا أياً كانت كما أشرنا دينية أو دنيوية.

... إن اليوم أحوج ما نكون في قريتنا العالمية إلى هذه المبادرة الحضارية لنوقف مد التلوث الفكري ونحد من ظواهر الغلو العقدي ونحاصر قنوات الانحلال الأخلاقي.
... والدولة الناصحة على حد تعبير أستاذنا د. حسن الهويمل. المستشرفة للمستقبل والمؤمنة بحتمية التحول والتعصرن تتحسس مكامن الخطر ومنتجعات السلامة وتسعى جهدها لتلافي أي خلاف يفضي إلى الصدام المدمّر وهذا في تقديرنا الهدف كله من الرسالة الحضارية للسعودية... إذ تقول من خلال قيادتها ومبادرتها إن زمان الصراع يجب أن ينتهي ولوثات صراعات الحضارات وقادة التأجيج الفكري من غرب وعرب يجب أن ينزاحوا ويزاحوا إلى (مزبلة التأريخ).
... ما أجمل أن يهدأ العالم ويلتقط أنفاسه لينظر بعين المتبصر... كيف يمضي في هذه الحياة ليؤمن معيشة آمنة مؤمنة له ولمن تحت يده.

... ما أجمل أن نفكر بأن الصراعات المتبادلة اليوم لا يمكن أن تعرف معروفاً أو تنكر منكراً... ولذلك كان لسيادة لغة الحوار أولوية في فكر القيادة السعودية... ليقينها بأن كل ما نريد يمكن أن نحققه من خلال رسالة حضارية نحملها للعام كقيادة وشعب بأننا (حضاريون وحواريون). لا صناع توتر وافتراق وتشتت ومن هنا يتأكد ويترسخ للعالم أن (من شذ عن قاعدتنا فليس منا).

إن التوحش المتبادل بين الأمم يضرنا أكثر مما يفيدنا... وواجبنا الشرعي أصلاً يأمرنا بالتواصل الحضاري استجابة لنداء ربنا {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}... إننا نعطّل هذا المعنى حينما نشيع لغة العداء والصراع والكراهية ابتداء.

... إن هذه الألفاظ والاستشهادات الجميلة من عالم الاجتماع الفرنسي المشهور أوجست كونت يمكن أن تغيب أو تغيب في ظل الصراعات... وهي قوله (إن عبقرية الإسلام وقدرته الروحية لا يتناقضان ألبتة مع العقل كما هو الحال في الديانات الأخرى، لأن الإسلام أساساً يتماشى مع واقع الإنسان، كل إنسان بما له من عقيدة مبسطة ومن شعائر عملية مفيدة..).

وهذا المنطق الأوجست كونتي من خلال مبادراتنا ورسالتنا الحضارية نريده أن يصل للعالم... حتى يعلم العالم حقيقتنا.
إن مجمل ما تهدف إليه الرسالة الحضارية للسعودية أن نبني على المشترك بين بني الإنسان وأن تتضح الحقائق ويزول أي التباس أو احتباس من انطباعات غير حقيقية وضالة يوصف أو يوصم بها أي مجتمع أو ثقافة... وذلك كله مدعاة للمنفعة المشتركة التي هي في صالح ومصلحة المجتمع الكوني.
... وإلى هنا يمكن أن نرضى عن أنفسنا بأننا على الأقل أدينا ما للعالم تجاهنا وأقمنا الحجة الحضارية من خلال مبادرتنا التي ولدت في مكة وانطلقت إلى مدريد. وإلى العالم كله هدفنا (أن يستفيد).
لفتة:
(أن نخطئ في العفو خير من أن نخطئ في العقوبة).